من الصعب جدا تجاهل جمال المغنية اليمنية الإسرائيلية، شيران. فمنذ وقت طويل وأنا أتابع أعمالها الموسيقية وتقدمها في الشبكات الاجتماعية وفي منصات المهرجانات الموسيقية الكبرى. وفي الوقت ذاته، ألقي نظرة خاطفة أحيانا وأقرأ التعليقات على كل صورة لها وحدها أو مع زوجها، رون، الذي يُنتج ألبوماتها وينشرها على صفحتها في الفيس بوك، وتُدهشني ردود الفعل الإيجابية التي تحصل عليها من معجبيها في صنعاء، تعز، عدن، وشغدارة. ويقول أحد المعلقين على صفحة شيران على الفيس بوك “ندعوكِ لزيارة صنعاء لكي تغني”، ويقول لها مُعلق آخر “كيف تنجحين في إتقان اللهجة اليمنية جيدا، فصوتك رائع”.
يُدمن على صوت هذه المطربة كل من يسمعها بسرعة. فهي تنجح بصوتها الشجب، أن تجعل مستمعيها من تل أبيب يعودون إلى اللحظات الخاصة بصنعاء، بشوارعها المترّبة، أزقتها الساحرة، رائحة أسواقها المختلفة، والأطعمة غير العادية التي تقدمها الأسر اليهودية القديمة في اليمن، تلك العائلات التي تركت وراءها ثقافة كبيرة وانتقلت للعيش في إسرائيل.
في مقابلة لها معي، قالت لي عن العملية الطويلة التي اكتشفتها عن جذورها اليمنية معربة: “أنا عراقية ويمنية في الوقت ذاته. كان تأثير أفراد عائلتي من العراق واضحا في حياتي. في المقابل، كان تأثير عائلتي من اليمن متواضعا. هناك القليل من القصص التي سمعتها خلال المحادثات الكثيرة مع جدتي. تحدث اليهود اليمنيون الذين جاءوا إلى إسرائيل قليلا، وكشفوا أمورا قليلة، لأنه لم يكن لديهم ما يكشفونه”، قالت لي متحمسة.
لماذا قررتِ العودة إلى أصولكِ اليمنية والغناء بهذه اللغة؟
“أكتب، ألحن، وأغني أغانٍ بالعبرية. تضمن ألبومي الأول أغانٍ باللغة العبرية. عندما بدأت العمل على الألبوم الثاني، قررت التعرّف إلى جذوري اليمنية”، كما تقول.
لقد صدر المشروع “الأفريقي الشرقي”، وفق ما تسميه، في شهر تموز 2015، مع باكورة كليب “Zehere”. “لقد كتبتُ الأغنية ولحنتها، وانضم إليّ موشيه شغادري، الذي ترجم الكتاب إلى اليمنية – العربية”. وهو آخر اليهود اليمنيين الذين قدموا إلى إسرائيل في عام 2013. لقد كُتِب كليب “Zehere” بعد أن تحدثت شيران مع جدتها، شولا، عن أن أختها الصغيرة سارة (زهرة باليمنية) التي أرادت أن تبتعد عن الخيمة والبيئة المعروفة واكتشاف العالم الخارجي وحدث ذلك في تلك الفترة التي وصلوا فيها إلى إسرائيل.
بشكل عام، هناك موسيقى إسرائيلية تسعى إلى العودة إلى الجذور. من المعروف أن إسرائيل دولة فيها العديد من الشعوب، وخلال العقدين الماضيين، بدأ يسطع نجم المغنيين الشرقيين في قائمة الأغاني الأكثر نجاحا وسماعا في الإذاعة والتلفزيون على حدِّ سواء. شيران هي واحدة من العديد من الفنانين الذين يدمجون الموسيقى العربية في أعمالهم، مما يجعلها الأكثر تميّزا، سماعا، ومشاهدة.
ما هي ردود فعل الجمهور اليمني؟
“أحظى بردود فعل وديه وحارة. أتلقى الكثير من الرسائل من اليمنين الذين يطلبون مني أن أسافر إلى اليمن لتقديم عروض موسيقية. لو كان هذا ممكنا، لا شك أني كنت سأسافر. فأنا أعتقد أن الموسيقى تجمع بين الثقافات والبشر. أطمح إلى أن أكتب أغان جيدة، تفرّح القلب وتبعث السعادة في القلوب”.
مَن أثر في أسلوب غنائكِ المميز؟
“كانت المطربة الكبيرة أهوف عوزري، طيبة الذكر، معلمتي الكبيرة، وتعلمت منها كثيرا”. فهي موسيقية، ملحنة، مطربة، ومؤلفة، أثرت في الطرب الإسرائيلي كثيرا. صحيح أن عوزري قد وُلدت في تل أبيب في حي “كرم اليمنيين”، إلا أن والدها قدم إلى إسرائيل من اليمين، وقد وصلت أمها التي أصلها يمنية أيضا إلى إسرائيل من إثيوبيا.
“وصلتُ إلى البلد الحبيب لأتعمل كيفية تطوير صوتي. قالت لي عوزري إنه لا يتعين عليّ التعلم لأني صوت جميل وعلي تعلم كيف أطوره فقط. قبل عامين من وفاتها، كنت أرافقها في حفلاتها وتعلمت منها كثيرا”.
هل تسمعين الموسيقى العربيّة في المنزل؟
“بالتأكيد. كان والدي يسمع هذه الموسيقى في البيت أيضا. نشأت على الأفلام العربية التي كانت تُبث على التلفزيون الإسرائيلي على القناة الأولى، وأنا أسمع أغان لمطربين كثيرين، أم كلثوم، عبد الوهاب، عبد الحليم الحافظ، وبالطبع الموسيقى السوداء، موسيقى السول (Soul)، التي تؤثر بشكل كبير في عملي”.
إضافة إلى الشعر الحديث تهتم شيران بمظهرها الخاص ويبدو أنها تتباهى بإظهار أصولها “اليمنية”. فهي تبرز جذورها اليمنية، ومجوهراتها الشرقية، وأصولها الإفريقية الخاصة التي تمثل الشخصيات البارزة وملكات طرب السول في التسعينيات في الولايات المتحدة.
لو دُعيت للغناء في اليمن، فهل ستلبين هذه الدعوة؟
“بالتأكيد. أنتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر. هذا هو حلمي، فأمنيتي أن أفرّح القلوب وأنشئ علاقة بين الثقافات”.