سيزور رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعد شهرين كولومبيا والمكسيك، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس حكومة إسرائيلي في السنوات الأخيرة. تحدّث نتنياهو في الأيام الأخيرة مع قادة المكسيك، كولومبيا، تشيلي والبيرو وحظي بتأييدهم لانضمام إسرائيل إلى “تحالف المحيط الهادئ” بصفة مراقب، وهي منظّمة للدول الموالية لأمريكا في أمريكا اللاتينية.
وتقف إيران مقابل إسرائيل والولايات المتحدة، والتي استثمرت في السنوات الأخيرة موارد كبيرة لتعزيز نفوذها في أمريكا الجنوبية. منذ العام 2005 الذي اختير فيه محمود أحمدي نجاد لرئاسة إيران، افتتحت إيران ستّ سفارات جديدة في أمريكا الجنوبية، وأسست 16 “مركزًا ثقافيًا” في البلدان المختلفة.
وهكذا حاولت إيران تشكيل محور مضاد لأمريكا، والذي كان رأس الحربة فيه الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز. ومن المبكّر الآن القول بأنّ موت شافيز قبل عام وانتهاء مدّة رئاسة أحمدي نجاد قد أضعفت بشكل من الأشكال المحور الإيراني – الفنزويلي الذي يشمل كذلك بوليفيا، نيكاراغوا والإكوادور.
هناك من رأى في مدّ اليد الإيرانية نحو أمريكا الجنوبية محاولة للهروب من الضائقة السياسية التي تكشفت في عهد أحمدي نجاد. وقد اعتمد التقارب بين إيران وفنزويلا على مصلحة اقتصادية واضحة: فكلا الدولتين هما منتجا النفط الرابع والخامس من حيث الحجم في العالم. فضلًا عن ذلك، فقد زادت العلاقات القريبة شبكة الإضرار بأهداف يهودية، وبشكل أساسيّ إزاء المجتمعات الكبيرة في أمريكا الجنوبية. في الماضي، كانت إيران بمساعدة حزب الله وراء عمليّتين إرهابيّتين في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، والتي قتل فيها أكثر من 100 شخص.
دولة أخرى، كانت في الماضي جزءًا مهمّا من المحور الإيراني – الفنزويلي والآن تميل أكثر تجاه الولايات المتحدة وهي البرازيل. فقد اعتبر الرئيس الأسبق، لويز دا سيلفا، أحد أبرز أصدقاء إيران وراء البحر على الإطلاق، بل وقد زار طهران. وقد أصبحت إيران في أيّامه المستورد الأكبر للّحوم من البرازيل، وتضاعفت تقريبًا الصادرات من البرازيل إلى إيران.
ومنذ أن اختيرت ديلما روسيف قبل أربع سنوات غيّرت البرازيل اتّجاهها، مما أدّى بالمسؤولين الإيرانيّين أن يزعموا بأنّ روسيف “دمّرت سنوات من العلاقات الجيّدة بين البلدين”، و”تجاهلت” إنجازات من سبقها في المنصب. والأمر يعكس معضلة روسيف: في السنوات الأخيرة تحاول البرازيل إيجاد توازن بين مصالحها الاقتصادية وبين الرغبة في الحفاظ على ضبط النفس السياسي.
وقد طلب نتنياهو خلال زيارته لكولومبيا والمكسيك إضعاف القبضة الإيرانية عن القارّة، وتحقيق هدف غير مباشر إضافي بصورة تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع المجتمع من أصول إسبانية في الولايات المتحدة. وفي زيارته للولايات المتحدة أيضًا المقرّرة في بداية شهر آذار، سيعمل نتنياهو كثيرًا على تحقيق هذا الهدف حين يزور جنوب كاليفورنيا المأهولة بالكثير من الأمريكيين من أصول إسبانية، وسيعزّز علاقاته معهم.