لجنة أغرنات

حرب أكتوبر 1973 (GPO)
حرب أكتوبر 1973 (GPO)

“أنذرْنا، وشعبة الاستخبارات لم تستجب”

سمحت المنظومة الأمنية الإسرائيلية بنشر شهادات من اللجنة الإسرائيلية التي حققت في حرب أكتوبر 1973

05 أكتوبر 2014 | 16:12

41 سنة منذ حرب تشرين 1973 (حرب أكتوبر)، سمح أرشيف الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية الإسرائيلية بنشر شهادات لضباط أمام لجنة أغرنات، وهي لجنة التحقيق الحكومية التي أقيمت في إسرائيل مع انتهاء الحرب بهدف فحص الفشل في تحضيرات الجيش الإسرائيلي للحرب والمعلومات التي حصل عليها قبل أيام من الحرب.

شهادة العقيد يوئيل بن بورات، قائد وحدة 848 التي عملت على جمع المخابرات بالإشارات (SIGINT)، مثيرة للاهتمام. لقد تطرق بن بورات إلى تحركات الجيوش المصرية والسورية نحو الحدود الإسرائيلية قبل الحرب، ورغم ذلك لم يكن هناك تحذيرًا من وقوع الحرب.

ادعى بن بورات أنه قد قدّر هذه التحركات كتحضير للهجوم، لكن رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية اعتقد أن الأمر مجرد تمرين وليس تحضيرًا للهجوم. وقد جرت مقابلة مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وأبلغه بأن الأمر مجرد تمرين. في الشهادة أمام اللجنة، تحدث بن بورات عن محادثته مع رئيس الاستخبارات قبل الحرب “أنا أقبل التقديرات حول التقصي بخصوص مصر بأن هذا تمرين” قال له بن بورات “لكن بما أنني مسؤول، فأطلب منك السماح بتجنيد 100 حتى 150 جنديًّا احتياطيا، لتحسين الجاهزية وللتأكد أن الأمر حقًا مجرد تمرين”. قوبل طلب بورات بالرفض المطلق.

خلال شهادته، اتهم بن بورات الرتبة غير العالية للمتنصتين الذين يخدمون في الوحدة. “نحن في قمة التناقص في الكيف والكم في عدد الأشخاص الذي يعرفون العربية السليمة”.

لقد شرح بن بورات أنه في سنوات الخمسين كان يصل أناس كثيرون إلى إسرائيل من الدول العربيّة، وكانت لغتهم العربية اللغة الأم. بالمُقابل، في سنوات الـ 70‏ كان الأمر يتعلق بجنود تعلموا العربية في المدرسة، ولم يكن مستواهم عاليًّا.

لقد نبّه إلى أن وزارة التربية يجب أن تهيئ جنودًا أكثر يتكلمون العربية، وتحدث عن برنامج قائم، في إطاره هناك محاولة لأخذ فتيان من عائلات في ضائقة تتحدث العربية، وتجهيزهم للوظيفة حتى قبل تجنيدهم للجيش، وقد “فشلت المحاولة، لأننا حصلنا على أناس عربيتهم جيدة لكن ذكاءهم منخفض، طاعتهم منخفضة وهمتهم منخفضة”.

حتى اليوم، يدور النقاش في إسرائيل، حول المذنب وذلك أن الجيش الإسرائيلي لم يقدّر أن الجيوش العربية تنوي شنّ الحرب. ادعت الرتبة الأرفع أنها لم تحصل على أي تحذير من شعبة الاستخبارات، فيما ادعى سلاح المخابرات أن الاستخبارات التي نقلها قد “علقت” في طريقها للرتب الأرفع مستوى. لقد اعتُبرت الحرب مباغتة لإسرائيل تمامًا، ورغم النصر العسكري فقد أضرت كثيرًا بالمعنويات الإسرائيلية.

اقرأوا المزيد: 350 كلمة
عرض أقل
للواء جولاني, الجيش الإسرائيلي (IDF Flickr)
للواء جولاني, الجيش الإسرائيلي (IDF Flickr)

جولاني: الواء رقم 1 في الجيش الإسرائيلي

التدريب الأكثر قسوة في الجيش، المقاتلون الأكثر حماسة، وإرث قتالي تتضمّن قائد كتيبة رفض الأوامر ومقاتل قاد تمرّدًا؛ كلاهما تلقّيا ميدالية إذن، ما هي المعادلة الرابحة للواء رقم 1 في الجيش الإسرائيلي؟

1973‏، هضبة الجولان. أحد أيام حرب تشرين عام 1973، 14:00 ظهرًا. بدأ الجيش السوري بقصف مخيّمات الجيش الإسرائيلي، الطرقات والمدن. في الساعة 17:00، قدّرت قيادة المنطقة الشمالية بأنّ الكتائب الثلاث المنتشرة على طول القطاع الشمالي في الهضبة – الكتيبة 13 التابعة للواء جولاني، الكتيبة 50 (ناحال) وكتيبة المدرّعات للواء 188 – لن تستطيع إيقاف محاولة الاختراق من قبل الجيش السوري في قطاعهم، وأمروهم بالتخلّي عن مراكزهم. استجابت كتيبة ناحال وكتيبة المدرّعات للأوامر وتراجعت، ولكن قائد كتيبة 13، قرّر عدم التراجع من المواقع والقتال، رغم النقص العددي. بعد ذلك بشهرين، حظي قائد الكتيبة 13 للواء جولاني بتكريم لجنة أغرانات، التي حقّقت في أحداث حرب تشرين عام 1973. تلقى ثلاثة جنود آخرين من لواء جولاني تكريمًا أيضًا.

مقاتل من جولاني خلال تدريب عسكري (IDF Flickr)
مقاتل من جولاني خلال تدريب عسكري (IDF Flickr)

هناك صورة معقّدة للواء جولاني في الجيش. من جهة، هو معروف بصفته لواء وغالبًا ما يقع في مشاكل انضباط ومشاكل تأديبية، بدءًا بتمرّد الرماة وصولا إلى حالات ممارسة العنف ضدّ الفلسطينيين. وعلى العكس، في كلّ مرة يقف الجيش الإسرائيلي أمام مهمّة منوطة بالعزم، العناد والروح القتالية، يميل الضبّاط الكبار إلى تضمين جولاني في الوحدات الأولى. اعتاد أحد قادة الألوية سابقًا في جولاني، على مقارنة اللواء بالكلب روتويللر، حيث يفضّل في الأيام العادية أن يكون مربوطًا بالسلسلة، ولكن في المعركة يفضل أن يكون إلى جانبك.

إذن، من هو اللواء الذي كسر مؤخرًا فقط الرقم القياسي للتجنيد؟ اللواء الذي يراه الكثيرون جيش الشعب الحقيقي؟

جولاني هو اللواء الذي شارك في جميع حروب إسرائيل وفي معظم الحملات الواسعة في جميع المناطق. يوجد لدى اللواء تقاليد كبيرة. “في الشيفرة الوراثية للواء، يتم تنفيذ مهمّة بغضّ النظر عمّا يحدث فعليّا في الواقع. سنفعل كلّ شيء من أجل وضع الراية على الجبل”، هكذا يوضّح ضابط كبير في جولاني، “جميعنا متساوون. ليس من المهمّ من أيّ نقطة بدأنا. جميعنا بشر، هناك شيء إنسانيّ جدًا في الأسلوب وفي الأجواء”.

أقيم لواء جولاني قبل عدّة أشهر من إعلان استقلال دولة إسرائيل (شباط 1948) وشارك في معارك كثيرة: بداية من حرب عام 1948، ضدّ جيوش الأردن، سوريا، لبنان بل والعراق، وأيضًا في حرب عام 1967، حرب تشرين 1973، حرب لبنان الأولى والثانية وحتى خلال الانتفاضتَيْن الفلسطينيّتَين. من بين العمليات المشهورة للوحدة يمكن أن نجد “عملية نوكييف” (1962)، وهي غارة على مواقع سورية في الضفة الشرقية لبحيرة طبريا في أعقاب قصف السوريين للصيّادين والبلدات الإسرائيلية، احتلال جبل الشيخ (1967) وأخذه من يد الجيش السوري، السيطرة على المقاطعة في رام الله وساهم بجهوده في القضاء على ظاهرة الإرهاب التي انتشرت في المدن الرئيسية في إسرائيل خلال سنوات التسعينات.

جولاني يعني إسرائيلي

في لواء جولاني يقومون بالرحلة الأطول في الجيش الإسرائيلي ، 75 كيلومترًا (IDF Flickr)
في لواء جولاني يقومون بالرحلة الأطول في الجيش الإسرائيلي ، 75 كيلومترًا (IDF Flickr)

دخل رئيس الأركان، الجنرال بيني غنتس، قبل عامين، مع تولّيه المنصب، إلى سلسلة التجنيد في القاعدة العسكرية للتجنيد التابعة للواء، والتقى مع المجنّدين الجدد في لواء جولاني وسألهم لماذا اختاروا هذا اللواء؟ قال أحدهم إن شقيقه لم يترك له خيارًا آخر، تحدّث الثاني عن أحد أفراد أسرته الذي أوصاه بذلك، وقال الثالث أنه انضم للواء بدعم من والده. “إن أعطيتكم إمكانية الانتقال للمظليّين من منكم سينتقل؟” هكذا سأل قائد الأركان الجنودَ الجدد ولم يرفع أحد منهم يده. “أنتم تقومون بخطوة ذكيّة. لم يكن هناك حرب لم يكن جولاني فيها. دومًا شارك بحروب عنيفة ودومًا أنجز مهامّه مهما كان الأمر صعبًا. ولذلك، فإنّ اختياركم للخدمة في لواء جولاني هو اختيار جيّد. سيكون صعبًا عليكم، جسديّا، وأحيانا نفسيًّا. وأحيانا ستكون هناك أزمة توقّعات. وأحيانا سيكون الأمر محبطًا، ولكن في نهاية الأمر بالمنظور على الأمد البعيد، فإنّ المسار قد أعدّ من أجل تأهيلكم لمواجهة أيّ مهمّة”.

اللواء رقم 1 في الجيش الإسرائيلي، كسر عام 2011 بيانات التجنيد. في دورة التجنيد تلك، من بين جميع المرشّحين للخدمة الأمنية الذين طلبوا التجنّد في ألوية فرق المشاة، 42.9% منهم طلبوا الخدمة في جولاني. بيانات الطلب على اللواء هي الحلم الجميل لكل قائد لواء في الجيش الإسرائيلي، وحتى الآن لا يوجد تفسير للمعادلة التي جعلته مرغوبًا به إلى هذه الدرجة.

في جولاني هناك 5 كتائب: كتيبة باراك (12)، كتيبة معروفة باحتلالها لتل فاخر في حرب عام 1967، وكذلك اشتركت الكتيبة في المعارك الأقسى في حرب تشرين عام 1973 وخسرت الكثير من جنودها. كتيبة جدعون (13)، كتيبة المتسلّلين (51)، كتيبة الجوز (سوف نتوسّع بالحديث عنها في مقال قادم) وكتيبة الاستطلاع التابعة لجولاني.

يرتدي جنود اللواء قبّعة بنّية مع رمز جندي مشاة ويرتدون أحذية سوداء. يرمز اللون البنّي إلى المقاتلين الأوائل للواء والذين كانوا مزارعين حين تمّ تجنيدهم. علم اللواء مكوّن من الألوان الأخضر والأصفر والذي يرمز إلى أراضي المعركة، في الشمال والجنوب. رمز اللواء الذي وجد على شعار الوحدة هو شجرة زيتون لها جذور عميقة جدًا.

الروح القتالية

جولاني هو اللواء الذي شارك في جميع حروب إسرائيل (IDF Flickr)
جولاني هو اللواء الذي شارك في جميع حروب إسرائيل (IDF Flickr)

ليس سرًّا أن إحدى الوصمات للواء جولاني هي أنّه اللواء الأكثر وحشية في الجيش الإسرائيلي، حيث يميل مقاتلوه إلى التمرّد على المواثيق (والقادة)، وألسنتهم ليست مقيّدة. وينظر كبار الضباط في اللواء إلى النتائج الاجتماعية التي تطرحها وسائل الإعلام بشكل مختلف، حيث يصرّون على أنّ هذه الوصمة بعيدة عن الواقع. إنّ عقيدة الانضباط الجديدة للقائد الجديد للواء تشمل بعض التجديدات: الضابط أو غيره الذين يقفون بانتظام عند مدخل قادة اللواء العسكرية، ويفصحون الترتيب والمظهر؛ ينظّمون لجميع الكتائب كل يوم جمعة، بما في ذلك التدريبات المنتظمة، والتشديد في العقوبة. وتكون النتائج فورية: في المنتصف الأول لعام 2013، كان هناك 150 شكوى من الشرطة العسكرية أقل من العام الماضي، ونسبة صفر لسرقات الأسلحة.

وإذا لم يكن ذلك كافيًا، ففي لواء جولاني يقومون بالرحلة الأطول في الجيش الإسرائيلي والتي طولها 75 كيلومترًا. حين سألوا بعض القادة في اللواء لماذا يحتاجون للمشي لمسافة طويلة إلى هذه الدرجة مع العتاد على الظهر، أوضح لهم قائد اللواء السبب قائلا: من أجل أن يعلم كل جندي أنّه بعد 70 كيلومترًا أيضًا يكون باستطاعته المشي للأمام؛ “حتى لو كان صعبًا، فسيكسر العتاد ظهرك وكلّك مبلّل، فتفهم بأنّه هكذا يتمّ بناء العقل الروح”. كل شخص لا ينجح باجتياز المسار الشاق في لواء جولاني فلن يتحوّل إلى محارب. سيقوم بذلك مرّة بعد مرّة حتى ينجح.

لواء من النمور

"النمر" - ناقلة جنود مدرّعة (IDF Flickr)
“النمر” – ناقلة جنود مدرّعة (IDF Flickr)

اعتبر لواء جولاني بسبب مهمّته ومهنيّته العالية لواء “النمر” للجيش الإسرائيلي. تم تسليم النمر – وهو ناقلة جنود مدرّعة من الأكثر تقدّمًا في العالم – حتى الآن إلى لواء جولاني فقط، وهو ما يميّزه عن باقي الألوية. يسمح “النمر” لقادة جولاني بتحقيق قوة جديدة للمقاتلين بالصورة الأكثر حماية والأفضل على الإطلاق لأرض القرار.

من سيفوز في الحرب القادمة؟

تغيّرت ملامح ساحة المعركة. في الماضي كان للعدوّ مراكز ثقل، وتطلّب الأمر تدمير سلاح الجوّ لديه، الرادارات وبطاريات الصواريخ. ولكنّ العدوّ قد درس البيئة، واليوم لا يوجد لديه مركز ثقل. إنّه يطلق عشرات الآلاف من القذائف صوب إسرائيل، والتي تنتشر في كلّ مكان. “يفهم حزب الله جيّدًا أنّه لا يمكنه الانتصار على الجيش الإسرائيلي”، يوضح ضابط كبير في جولاني، “ولكن تكتيكاته تقول إنّه لا يخسر لأنّه يستطيع دومًا إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل. علينا ألّا ننجرّ إلى هذا الوضع. ندرّب جنودنا على التعامل مع متغيّرات البيئة القتالية، هذا هو سرّ الحرب القادمة، وفي جولاني مستعدّون لها”.

اقرأوا المزيد: 1048 كلمة
عرض أقل
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير  (AFP)
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير (AFP)

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: “يجب منح مصر وسامًا على الغش في الحرب”

في مؤتمر خاص عُقد في تل أبيب، ادعى من شغل في حينه منصب قائد شعبة الاستخبارات العسكرية، إيلي زعيرا، أن وزير الأمن موشيه ديان قد قدّر أن مصر على وشك شن حرب منذ 5 تشرين 1973

إن ذكريات حرب تشرين (6 أكتوبر 1973) محفورة عميقًا في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية، كانكسار أدى إلى نتائج تلك الحرب القاسية. وقد احتفلوا في تل أبيب هذا المساء في مؤتمر خاص تابع لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، بالسنة الـ 40 على مرور الحرب.

كان من بين المتحدثين في المؤتمر، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أثناء حرب تشرين، إيلي زعيرا، الذي كشف وجهًا جديدا لعملية اتخاذ القرار عشية الحرب مدعيًا أن وزير الأمن في حينه، موشيه ديان، كان واعٍ للمفاجئة التي يحضرها السادات قبل أقل من يوم واحد من نشوب الحرب، وأنه كان قلقًا من السؤال كيف يتم تجنيد الاحتياط “توصل ديان في تلك الأيام إلى نفس الاستنتاج تقريبا: المصريون يريدون الهجوم، وهم يريدون أن يكون ذلك مفاجئًا. ليست لدي أية فكرة لماذا اعتقدوا أن الحرب ستبدأ في الغد، في يوم الغفران. الحديث الذي نشأ لم يتمحور حول ما إذا ستنشب حرب، بل كيف يجب تجنيد الاحتياط” ادعى زعيرا.

عبور قنال السويس (Wikimedia)
عبور قنال السويس (Wikimedia)

وادعى زعيرا أيضا أن اللقاء مع وزير الأمن قد تم تحديده بعد تلقي معلومات في ليلة يوم الخميس (4 أكتوبر) حول إخلاء المستشارين الروس، وقام بنقلها على جناح السرعة إلى رئيس الأركان ووزير الأمن. على حد أقوال زعيرا، طلب ديان، كونه كان واثقا من نشوب الحرب، عقد لقاء مع رئيسة الحكومة غولدا مائير. قال فيه لغولدا “إنه يجب تحضير القوات لحرب يوم الغفران”. وأضاف قائلا: “لدينا أنباء باحتمال أكبر وأنباء حول عبور القنال مائة بالمائة’”.

غولدا مئير وموسيه ديان خلال الحرب (Knesset)
غولدا مئير وموسيه ديان خلال الحرب (Knesset)

واعترف زعيرا أيضا قائلا: “يجب أن نمنح مصر وسامًا على الغش في الحرب”، إذ تطرق إلى مسألة تفعيل الوسائل الاستخباراتية الخاصة في الحرب.

وتحدث رئيس الموساد في فترة الحرب، تسفي زمير، هو أيضا في المؤتمر وقال إن أنباء ذات قيمة كانت بحوزة شعبة الاستخبارات العسكرية لم يتم نقلها إلى القادة. “اتضح لي في ذلك الوقت أنه لا توجد في شعبة الاستخبارات العسكرية أي تعاليم تفعيل”، أشار زمير. واتهم: “وصل نبأ استوعبوه، هذا مكتوب في الكتب. من بلد عربي إلى بلد عربي، على يد رجل عسكري، وهو يشرح لماذا يخلي الروس رجالهم من مصر إلى سوريا، ويقول أن هذه حرب. لم يتم نشر هذا النبأ. لقد استغرق أفراد شعبة الاستخبارات العسكرية عشر ساعات ليقرروا كيف ينشرون النبأ. هذا نبأ لا يمكن تأجيله. هذا نبأ تحذير”.

وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)
وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)

وقد روفق النقاش الذي دار في القاعة بين زعيرا وزمير بهتافات مقاطعة من الجمهور الذي كان حاضرا في قاعة المؤتمر. يجدر الذكر أن الشخصيتين الكبيرتين في الاستخبارات آنذاك، زعيرا وزمير، قد تواجدتا للمرة الأولى على نفس المنصة منذ قدّم زعيرا دعوى ضد زمير بالتشهير في العام 2005. وقد جاءت الدعوى بعد أن توجه زمير إلى المستشار القضائي للحكومة، بطلب لفتح تحقيق جنائي ضد زعيرا، الذي كشف في مقابلة أجراها في العام 2004 عن هوية العميل المصري أشرف مروان، الذي حذر من مغبة شن الحرب.

في شهر تموز 2012، أعلن المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين رسميًا عن إقفال ملف التحقيق ضد زعيرا من دون تقديم لائحة اتهام. وقد أقرت لجنة أغرنات، التي حققت في الفشل الاستخباراتي في فترة ما قبل الحرب، أن زعيرا قد فشل في وظيفته، ونتيجة لذلك اعتزل الحياة العسكرية في العام 1974.

اقرأوا المزيد: 476 كلمة
عرض أقل
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير  (AFP)
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير (AFP)

غولدا مئير: “كنا معتادون أن السادات ليس رجلا جديًا”

تصادف هذه الأيام في إسرائيل ذكرى مرور 40 عامًا على حرب تشرين 1973، ويُكشف النقاب عن شهادة رئيسة الحكومة بعد الحرب، وتشرح غولدا مئير أنها لم تجرؤ على معارضة ما حدده الخبراء

ويعتبر الجمهور الإسرائيلي حرب يوم الغفران أو كما تسمى حرب تشرين 1973، تجربة وطنية صدماتية. يرافق الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى المفاجأة والهجوم المصري المفاجئ على إسرائيليين كثيرين من أبناء ذلك الجيل الذين عاصروا الحرب الصعبة.

وقد تم اليوم كشف النقاب عن شهادة رئيسة حكومة إسرائيل في حينه، غولدا مئير، أمام لجنة أغرنات، وهي اللجنة التي تم تعيينها لبحث الفشل الذي أدى إلى المفاجأة ونشوب الحرب.

وتتطرقت رئيسة الحكومة غولدا مئير في شهادتها إلى انعدام وجود تحذير استخباراتي، الفشل في تجنيد الاحتياط وانعدام تجربتها النسبية مقارنة بأفراد الجيش الذين تصدوا لها في النقاشات. وتصف غولدا مئير في شهادتها التي يتم نشرها الآن من أرشيف الجيش الإسرائيلي في وزارة الأمن لذكرى مرور 40 سنة على نشوب الحرب، المعلومات الاستخباراتية التي تلقتها، مخاوفها وأخطاءها في الأيام التي سبقت الحرب. وتروي في شهادتها:

“أعتقد أن عنوان الكارثة التي حدثت لنا عشية يوم الغفران هو الخطأ. كل واحد في مجاله أخطأ قليلا. أنا لا أعتقد أن هناك شخصًا واحدًا يمكنه أن ينهض ويقول لم أخطئ. إذا كان قد أخطأ عن سابق وعي وإدراك، فهذا يعني أنه لم يحلل المعلومات بشكل صحيح، أو أنه أخطأ، لنقل، لأنه لم يجرؤ أمام الخبراء ليقول شيئا لم يقله الخبراء. أنا نفسي على سبيل المثال، ما الذي حدث لي؟ كانوا يعتقدون أنها حمقاء. حسنًا. هذا صحيح بقدر كبير. ولكن ما الذي كان سيحدث لي لو قلت ما شعرت به في تلك الأيام. هذا ليس جيدًا لي، أنا لم أتمكن من الوقوف في مواجهة مع رئيس شعبة الاستخبارات (زعيرا) أو قائد الأركان (دافيد إلعزار)”.

يمكن أن نعرف من شهادة مئير عن مستوى الثقة التامة التي منحتها غولدا للتقييم الخاطئ من قبل رئيس شعبة المخابرات زعيرا، ولذلك لم يقترح أي من أعضاء الحكومة أو قائد الأركان تجنيد الاحتياط حتى اليوم الذي نشبت فيه الحرب وهو أصعب الأمور. تم الكشف أساسا عن حقيقة أن رئيسة حكومة إسرائيل لم تطبق صلاحيتها على وزير الأمن (موشيه ديان) وقائد الأركان.

وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)
وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)

على الرغم من أن مئير قد توفيت منذ 35 سنة، تم الآن فقط اتخاذ قرار بنشر شهادتها، وذلك على الرغم من المطالبات المتكررة طيلة السنوات، وخاصة من قبل العائلات الثكلى، بادعاء أن من حقهم معرفة ما هي المعلومات التي كانت بحوزة المرأة التي رفضت تجنيد جنود الاحتياط، على الرغم من التحذيرات الواضحة حول نشوب الحرب في السادس من تشرين.

وقد ركزت شهادة رئيسة الحكومة على بعض المواضيع التي طُرحت في الأيام ما قبل الحرب – إخراج الخبراء الروس من القاهرة، قدرات السادات على اتخاذ القرار لوحده لشن الحرب، مغادرة رئيس الموساد تسفي زامير إلى لندن للقاء مستعجل مع العميل أشرف مروان، تفعيل الوسائل الخاصة وتجنيد الاحتياط قبل الحرب. فيما يلي أقوالها عن السادات:

“أحدث الأمور الموجودة لدينا هنا هي شعبة المخابرات، خدمات استخباراتية من غير المؤكد إذا كانت دول كثيرة يمكنها منافستها. لقد فعل عبد الناصر في عام 1967 أمورًا غير منطقية، والآن يتواجد في مصر أنور السادات الذي هو أقل مكانة من عبد الناصر، والجميع يقول لنا أن أي منهما لم يقرر لوحده، وها هو السادات قرر لوحده. لقد طرد الروس وهذا لم يكن منطقيًا وعلى الرغم من ذلك فعل الأمر”، قالت غولدا محاولة تعليل التقديرات غير الصحيحة للاستخبارات عشية الحرب.

الرئيس المصري أنور السادات (AFP)
الرئيس المصري أنور السادات (AFP)

ولأن شعبة المخابرات قد قدرت في أيار 1973 أن حربًا لن تنشب وهي لم تنشب بالفعل، تقول رئيسة الحكومة أن مصداقية المؤسسة قد ارتفعت: “كنا معتادون على أن السادات – الآن يمكننا أن نطلب المعذرة منه – ليس شخصًا جديًا، وكانت هنا أحاديث بين أشخاص كثيرين حول مجرد بقائه، كيف يمكن للشعب أن يتحمله، وكانت شعبة المخابرات قد أثبتت نفسها في حينه. كان توارد الأفكار في تلك الأيام مع 1967”.

ثمة وجه آخر مثير للاهتمام في الشهادة وهي المساعدة الأمريكية التي غيّرت مجرى الحرب وأتاحت لإسرائيل، من بين أمور أخرى، أن تمنع حربًا طويلة ومليئة بالخسائر. وهذا ما ترويه مئير في اللجنة بشأن المساعدة الأمريكية، التي شملت 40 طائرة فانتوم و 53 طائرة سكاي هوك “حين طرح قائد الأركان مسألة الضربة المانعة، قلت أن 1973 هي ليست 1967، وفي هذه المرة لن نسامح أنفسنا ولن نحصل على مساعدة عندما سنحتاج إليها. أنا عرفت وأعرف الآن أيضا أنه من الممكن، ربما من المؤكد، أن شباب لم يعودوا بيننا، كان يمكن أن يبقوا على قيد الحياة. ولكنني لا أعرف كم من الشباب كانوا سيسقطون بسبب قلة المعدات. لا يمكنني أن أقول بالتأكيد أن بإمكاني أن أثبت، ولكن فيما عدا هذا التحفظ، يمكنني أن أقول بالتأكيد أن البنتاغون، كما أعرفه، وحسب التصريحات التي كانت لدينا حتى وصلنا إلى “إيرليفت” – لم يكن ليوافق”.

اقرأوا المزيد: 698 كلمة
عرض أقل