لقد مر نحو أسبوع تقريبا منذ أن نفذ شاب أمريكي ينتمي إلى اليمين المتطرف عملية دهس ضد نشطاء اليسار في شارلوتسفيل، في فرجينيا، مسفرا عن مقتل وجرح كثيرين، والنفوس ما زالت مستعرة في الولايات المتحدة. لقد أثار الموضوع مجددا نقاشا حول ظاهرة معاداة السامية والنازيين الجدد الذين ينشطون في الولايات المتحدة علنا دون خجل، وكانت الانتقادات موجهة بشكل أساسي ضد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي انتقد “المتطرّفين من كلا الجانبين” في حين أن أحد الجانبين تظاهر معربا عن مظاهر الكراهية والعنف، بينما أعرب الجانب الآخر عن دفع حقوق الإنسان قدما.
ومنذ ذلك الحين شجب ترامب الحادثة بشكل حازم وذلك في أعقاب الانتقاد العارم الذي كان موجها إليه عندما قال “لا مكان للكراهية والعنصرية في أمريكا”، ولكنه تراجع أمس عندما قال “الطرفان مذنبان” متسائلا لماذا لا تُشجب أعمال نشطاء اليسار بل أعمال نشطاء اليمين المتماهي معظمهم مع النازيين الجدد.
وأثارت أقوال ترامب مؤخرا غضبا ودهشة في أوساط حلقات واسعة في الولايات المتحدة، بما فيها الحزب الجمهوري المنتمي إليه ترامب والمتماهي مع اليمين. قال المرشح الجمهوري للرئاسة في عام 2008، جون ماكين، هذه الليلة إنه “لا يمكن الحكم بالتساوي على العنصريين الأمريكيين الذين يعارضون الكراهية والجهل. وعلى الرئيس الاعتراف بهذا”.
https://twitter.com/bakedalaska/status/897561783233159169
بالمقابل، أيد أتباع الحلقات اليمينية أقوال ترامب. وغرد ديفيد ديوك، زعيم “كو كلوكس كلان” سابقا، والمعروف بعنصريته ومعاداته للسامية في توتير: “شكرا لك أيها الرئيس ترامب على صراحتك وجرأتك”.
وأصيب أبناء الجاليات اليهودية في أنحاء الولايات المتحدة بصدمة إثر أقوال ترامب معتبرينها دعما لمعاداة السامية والعنف تجاههم. وتحدث زعيم الجالية اليهودية في شارلوتسفيل كيف أن أبناء الجالية معرضون لتهديدات النازيين الجدد في الواقع، وعليه حراسة الكنيس بشكل خاص وحتى إلغاء المناسبات لأن الشرطة لا تسعى لحماية الجالية اليهودية.
وفي مقابلة معه هذا الأسبوع تحدث الزعيم كيف سار النازيون الجدد يوم السبت الماضي أثناء الصلاة في الكنيس في المدينة في الشارع القريب منه وهتفوا “ها هو الكنيس”، ورفع جزء منهم أعلام عليها صليب معقوف، ووقف بالقرب من الكنيس أفراد من النازيين الجدد وارتدوا زيا خاصا بهم ورفعوا أسلحة.
وتجند الكثير من الأمريكيين في الأسبوع الماضي ضد نشطاء اليمين من النازيين الجدد. واقترح جزء منهم التطوع والمساعدة للحفاظ على الجالية اليهودية، ونشروا صورا للنازيين الجدد الذين شاركوا في المظاهرة في المدينة، وكشفوا عن أسمائهم في شبكات التواصل الاجتماعي ودعوا إلى إقالتهم.
وبالتباين، بشكل مفاجئ، لا تشجب إسرائيل هذه التصرفات أو لم تتطرق إلى أقوال الرئيس ترامب. على ما يبدو، يأتي هذا خشية من المس بالعلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، لا سيما العلاقات الودية بين رئيس الحكومة نتنياهو وترامب، فلم يسرع نتنياهو إلى التطرق إلى الأحداث في شارلوتسفيل يوم السبت الماضي. ولكن أمس (الثلاثاء)، بعد أن شجب ترامب الأحداث بشكل حازم فقط، نشر نتنياهو تغريدة: “أنا مصدوم من مظاهر اللاسامية، النازيين الجدد، والعنصرية. على كل منا معارضتها”.
وبشكل عام، كان من الصعب على اليمين الإسرائيلي شجب أقوال ترامب بشكل حازم. خلافا لوالده، ألغى يائير نتنياهو، نجل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بسخرية الصورة التي نُشرت من مسيرة النازيين الجدد وقال: “هم لا يشكلون خوفا حقيقيا”. في منشور نشره في صفحته على الفيس بوك بالإنجليزية، كتب يائير نتنياهو أنه مقارنة بالمنظمات اليمينية غير الضارة، فإن المنظمات اليسارية التي تظاهرت ضدها “تكره دولة إسرائيل، وأمريكا على ما أظن، وهي مُسيطرة أكثر في الجامعات الأمريكية والحياة العامة”.
وأيد عناصر يمين إسرائيليين آخرين أقوال ترامب. غرد عضو الكنيست أورن حزان اليوم صباحا: “ترامب مُحِق. لا يجوز ممارسة العنف والتطرف أيا كان ويجب شجبها! فلا يهتم المتملقون اليساريون ووسائل الإعلام. فهم يعتقدون أن اليمين في إسرائيل هو المتطرف والعنيف فقط”.
وبالمقابل، أعرب نشطاء اليسار والمركز في إسرائيل عن صدمة من الأقوال، وكذلك من التسامج الذي يبديه عناصر اليمين الإسرائيلي ضد اللاسامية والنازيين الجدد. كما وأعربت وسائل إعلامية كثيرة في إسرائيل عن صدمة من أقوال ترامب، ووصفته بأنه يدعم اللاسامية والنازيين الجدد علنا.