ترقية جمال حكروش (في الوسط) من كفركنا لرتبة لواء في الشرطة الإسرائيلية (المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية)
المزيد من أفراد الشرطة العرب لن يحل المشكلة
فتح المزيد من مراكز الشرطة في البلدات العربية لن تأتي بنتائج مثمرة دون تغيير السياسات. سكان المدن العربية هم مواطنون في الدولة، ولا يشكلون تهديدا أمنيا. ولكن عليهم (العرب في إسرائيل) الإجابة عن أسئلة صعبة أيضا
أحد المسلسلات المشهورة في العالم العربي في شهر رمضان هو “باب الحارة”. شخصيات هذا المسلسل السوري الذي يبث في موسمه السابع تتغير طوال الوقت – أما صورة الشرطة المحلية التي تعمل برعاية الانتداب الفرنسي لا زالت على حالها. فالضابط المسؤول في الحي شخص فاسد، ولا يساهم في إرساء أمن المواطنين. لذا بدأ سكان الحي في حل المشاكل بأنفسهم مثل النزاعات وحالات الجريمة الخطيرة، وحتى أنهم يتخلون عن أعمال الشرطة كليا مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى مواجهات ونزاعات.
حدثت حالة شبيهة مؤخرا في كفر قاسم. بات يعاني سكان المدينة في السنوات الماضية من عنف قاس يتضمن إطلاق النيران وأصبحوا مقتنعين أن منظمات الإجرام وعائلات الإجرام مسؤولة عن جزء من حالات القتل في السنوات الماضية. منذ بداية السنة، قُتل سبعة مواطنون من كفر قاسم حيث قتل ستة أشخاص على خلفية جنائية، ولم يتم الإبلاغ عن تحليل ملابسات الحادثة.
مركز الشرطة المحلي في كفر قاسم بعد أعمال الشغب هذا الأسبوع (Flash90/)
كان قتيلان، ناشطين في لجنة الحماية المحلية التي تعمل برعاية البلدية منذ سنوات، وفي السنتين الماضيتين أصبحت نشطة أكثر. يقول نشطاء في اللجنة وفي البلدية إن الحديث يدور عن مجموعة تعمل على ملء الفراغ الذي تركته الشرطة. وفق أقوالهم، تؤدي لجنة الحماية دورا رئيسيا في حل النزاع ومنع العنف. يعتقد سكان كفر قاسم أن هذا النشاط أدى إلى نزاع مع عناصر الإجرام المنظم مما أسفر عن سقوط ضحايا.
سواء كان ضروريا أم لا، تؤكد إقامة اللجنة على نقص الثقة التي يشعر بها سكان المدينة إزاء الشرطة. في كفر قاسم، خلافا للبلدات العربية الأخرى، مركز شرطة محلي. ولكن بدلا من أن يساهم المركز في دب الثقة في نفوس المواطنين، فالنتيجة عكسية تمامًا. تزيد الحادثة التي طرأت في بداية الأسبوع التي قتل فيها حارس في مركز الشرطة أحد سكان المدينة، محمد طه، من الشعور بالنفور.
مراسم تشييع جثمان الشاب محمد طه من كفر قاسم (Flash90)
تعمل شرطة إسرائيل منذ أشهر على تجنيد أفراد شرطة عرب وفتح مراكز شرطة جديدة في البلدات العربية. ظاهريا، يبدو أن هذه الخطوة ضرورية لتحسين الخدمات والأمن ولكن فعليا لا يأتي هذا المشروع بثماره. السبب بسيط: لا يتعين على الشرطة زيادة الموارد فحسب بل عليها تغيير سياستها تجاه المواطنين العرب الذين هم مواطنو الدولة ولا يشكلون تهديدا أمنيا. يجب على الشرطة نشر نتائج محاربة الجريمة المنظمة وإحداث تغيير جذري في تعاملها مع المجتمَع العربي. في الدولة العصرية والعادلة يجب أن تعمل مراكز الشرطة لخدمة الجميع ويحظر أن تعمل مراكز لليهود وأخرى للعرب؛ على هذه المراكز أن تعمل في أرض الواقع وليس بالأقوال فقط.
إلى جانب ذلك، على المجتمع العربي أن يواجه أسئلة صعبة أيضًا، وأن يعرف أن الشرطة تشكل عاملا هاما في مكافحة العنف، وحتى أنها ليست الوحيدة. بات النسيج الاجتماعي قابل للتفكك، وتتجذر الجرائم المنظمة في أجزاء كبيرة من المجتمَع. تنجح منظمات الإجرام في العمل في الكثير من البلدات بسبب نقص الأطر الملائمة للكثير من الشبان والتعليم غير الملائم.
يجب أن تتصدر التربية، الثقافة، الحوار العام، والاستثمار في الجيل الشاب سلم الأفضليات لدى الزعماء المحليين والدينيين. يظل المجال العام الذي لا يتصدر سلم أفضليات الجيل المثقف والمؤثر مشتعلا. إذا فهم كلا الجانبين الرسالة ووجدا عاملا مشتركا عندها يمكن التحدث عن مستقبل متفائل أكثر. وإلا ستشكل الأحداث في كفر قاسم حلقة في مسلسل ينزف دما.
تحولت العطلة الخاصة بثلاث عائلات من عرب إسرائيل في أنطاليا إلى جحيم: أورد موقع واينت الإسرائيلي، “Ynet”، قصة لثلاث عائلات عربيات من الطيبة وكفر قاسم وجلجولية في إسرائيل، وصلت إلى أنطاليا، تركيا، من أجل قضاء عطلة عائلية في أحد فنادقها، إلا أن العطلة تحولت إلى تجربة مهينة بعدما رفض الفندق، “آدم وحواء”، استقبال العائلات لوجود محجبات ورجل ملتحٍ بينها. وتفاجأت العائلات من تعامل ممثلي الفندق معهم، خاصة أنها قامت بحجز غرف لمدة 4 ليالي في الفندق مقابل 7000 شيكل (نحو 1900 دولار).
ولم يفهم أفراد العائلات، في بداية الأمر، السبب وراء رفض استقبالهن، واعتقدوا أن ثمة مشكلة تقنية. لكن دوافع الفندق بدأت تتجلى بعدما اقترح المسؤول عن السياحة في الفندق نقل العائلات إلى فندق آخر. وبعد إصرار العائلات على معرفة السبب وعدم الموافقة على الانتقال أوضح وكيل السفر للعائلات أن رفض الفندق جاء على خلفية وجود منقبات ورجل ملتحٍ في المجموعة، الأمر الذي صدم العائلات.
فندق تركي يرفض استقبال منقبات وملتحٍ من عرب إسرائيل
وأورد الموقع الإسرائيلي أن واحدا من أفراد العائلات قام بتسجيل الوكيل، وينوي مقاضاة الفندق بتهمة العنصرية والتمييز. وقال أشرف أشقر من الطيبة للموقع الإسرائيلي “لن نسكت على ما حصل معنا. لا نصدق أن الفندق لم يقبل استقبالنا لوجود منقبات معنا”.
يذكر أن تركيا شهدت في الأشهر الأخيرة اعتداءات إرهابية عديدة، نسب بعضها إلى تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، وآخر إلى حزب العمال الكردستاني، ويرجح أنها تمر في فترة حافلة بالخوف والشك. لكن الغريب أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يعد رئيسا ذا توجه إسلامي، وفي فترة حكمه ازدادت المظاهر الإسلامية في البلد.
وذكر الموقع الإسرائيلي الذي توجّه للفندق، “آدم وحواء”، من أجل الحصول على تعقيبه على الحادثة، أن الفندق أنكر ما قالته العائلات، موضحا أنه “يستقبل الجميع، متدينين وغير متدينين”.
نصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (ويكيبديا)
ريفلين في كفر قاسم: “جريمة بشعة حدثت هنا”
بعد مرور 58 عامًا على المجزرة التي راح ضحيّتها العشرات من سكان القرية من قبل وحدات الجيش الإسرائيلي، رئيس دولة إسرائيل يرسل رسالة مصالحة: "السكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل"
بعد مرور 58 عامًا على المجزرة التي نفّذتها وحدات حرس الحدود الإسرائيلية في سكّان كفر قاسم، يذهب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين ليطلب من سكان القرية المغفرة والصفح. وذلك بعد أن ذهب سلفه في المنصب، شمعون بيريس، هو أيضًا ليطلب المغفرة من سكان القرية عندما شغل منصب الرئيس.
“اعترفت إسرائيل بالجريمة التي حدثت هنا، واعتذرت عنها بحقّ”
قال ريفلين في كلماته: “إنّ نتائج مجزرة كفر قاسم تلزمنا بمحاسبة أنفسنا. اعترفت إسرائيل بالجريمة التي حدثت هنا، واعتذرت عنها بحقّ. وأنا هنا أقول أيضًا: جريمة بشعة حدثت هنا، ويجب تصحيحها”. واصل ريفلين، الذي منذ استلامه للمنصب اتّخذ خطّا لا لبس فيه ضدّ سياسة التمييز مع السكان العرب في إسرائيل، الخطّ المتسامح.
“السكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل”
وعلى ضوء الاحتكاك المتزايد بين السكان الإسرائيليين والفلسطينيين قال ريفلين: “جئت إلى هنا تحديدًا في هذه الأيام لأمدّ يدي إليكم. ستكون إسرائيل دومًا بيتا لشريحة واسعة من السكان العرب، والسكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل”.
أضاف ريفلين: “علينا أن نقول بصراحة إنّ الجمهور العربي في إسرائيل يعاني منذ سنوات من التمييز في الموارد والميزانيات”. وقال إنّه يأسف أنّ دولة إسرائيل لا تقف ثابتة على مبدأ المساواة بين جميع مواطنيها، العرب واليهود.
“علينا أن نقول بصراحة إنّ الجمهور العربي في إسرائيل يعاني منذ سنوات من التمييز في الموارد والميزانيات”
ومع ذلك، أكّد ريفلين في كلامه أنّ مدّ اليد لعرب إسرائيل لا تعني تنازلا عن كونها وطنا للشعب اليهودي. قال ريفلين: “أنا أدرك أنّ إقامة إسرائيل لم تكن حلما تحقّق بالنسبة للعرب في هذه البلاد، ولكن على الجمهور العربي أن يدرك أنّ إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي”. أضاف ريفلين: “أدعو قيادة المجتمع العربي إلى تحمّل المسؤولية وإسماع صوت واضح ضدّ العنف والإرهاب”.
وترمز مجزرة كفر قاسم التي نُفّذت في 26 تشرين الأول عام 1956، والتي قُتل فيها العشرات من سكّان القرية، إلى نقطة ضعف لدولة إسرائيل مع الأقلية العربية التي تعيش فيها.
اعتقل جنود حرس الحدود في الجيش الإسرائيلي سكان القرية الذين عادوا من عملهم مشيًا أو في السيارات، وأطلقوا النار حتى الموت على 43 منهم، من بينهم 9 نساء و 17 طفلا ومراهقا، وجُرح 13 شخصا. بالإضافة إلى ذلك فقد قُتل داخل القرية نحو أربعة مواطنين آخرين. ويُلحق سكان القرية أيضًا في عداد الضحايا رجلا توفي بسكتة دماغية بسبب موت ابنه في المجزرة، وجنين امرأة حامل قُتلت في المجزرة، فيصلون بذلك إلى 49 ضحية.
أعلن رئيس دولة إسرائيل المنتخب، رؤوفين ريفلين، عن استجابته لطلب أعضاء الكنيست العرب وسيشارك في مراسم ذكرى مجزرة كفر قاسم في شهر تشرين أول القادم. ويتزامن هذا الإعلان مع تصريح ريفلين فور انتخابه رئيسًا قبل يومين، قال فيه، “منذ هذه اللحظة أنا في خدمة الجميع”.
وشدّد ريفلين في الخطاب الذي ألقاه بعد انتخابه، على أنه يرى أهمية كبرى في إعادة الوحدة في دولة إسرائيل، وفي العلاقات بين مختلف المواطنين في إسرائيل – العرب، اليهود، المسيحيين، الدروز وباقي الأقليات المختلفة. وأشار إلى أنه سيركّز على الوحدة رغم الخلافات السياسية حول انتخابه.
استغل عضو الكنيست أحمد الطيبي، وإبراهيم صرصور الذي يسكن في كفر قاسم، تصريح ريفلين وقاما بتحويله إلى تصريح فعلي، عندما قاما بدعوته للمشاركة في مراسم الذكرى لضحايا المجزرة، التي ارتُكبت عام 1956 على يد جنود الجيش الإسرائيلي. وبذلك يبقى ريفلين مخلصًا لأقواله، بعد استجابته للدعوة.
ريفلين مع اعضاء الكنيست العرب ابراهيم صرصور وأحمد الطيبي (Olivier Fitoussi /Flash90)
هناك إجماع واسع في إسرائيل على أن أحداث المجزرة في كفر قاسم تشكّل وصمة عار على تاريخ الشعب الإسرائيلي. كذلك شارك، رئيس الدولة، شمعون بيرس، سابقًا في مراسم إحياء المجزرة فور تولي منصبه. “في الماضي وقعت هنا حادثة قاسية جدًا، ونحن نأسف كثيرًا لوقوعها”، هكذا قال بيريس خلال مراسم استقباله. كذلك، قال الرئيس الأسبق، موشيه كتساف، إن عائلات ضحايا المجزرة يستحقون المعذرة.
لقد أودت هذه المجزرة بحياة نحو 50 شخصًا، كانت أغلبيتهم من سكان القرية الذين لم يكونوا على دراية بفرض منع التجوال في القرية خلال النهار، حيث تم قتلهم جنود حرس الحدود الذين قاموا بترتيبهم في عدة صفوف ومن ثم أطلقوا النار عليهم. وقرر الحاكم الذي تسلم ملف المجزرة بأن الأمر لتنفيذها لم يكن “قانونيًّا أساسًا”، وكان على الجنود رفض تنفيذ هذا الأمر. لكن، رغم ذلك، تمت محاكمة منفذي المجزرة حيث لم تتعد عقوبة السجن بضع سنوات، وتم الإفراج عنهم قبل نهاية محكوميتهم.
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
العرب في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي
نوف عثامنة إسماعيل، الفائزة ببرنامج الطبخ "ماستر شيف" أمس، هي مجرّد عربيّة واحدة من كثيرين نجحوا في الآونة الأخيرة بأسر مشاهدي برامج وقت الذروة الإسرائيلية بسحرِهم. فكيف ينظر إليهم المجتمَع الإسرائيلي، وماذا يمثِّلون؟
وقت حبس الأنفاس – بعد ثوانٍ سيُعرف الفائز بلقب “ماستر شيف”، برنامج الواقع في مجال الطبخ الأكثر مشاهدةً على التلفزيون الإسرائيلي. فجأةً، يحدث الأمر – “نوف، أنتِ “الماستر” القادمة في إسرائيل”، يُعلن أحد الحكّام في البرنامج.
عثامنة (37 عامًا) هي دكتورة في علم الأحياء من باقة الغربية، تعِد، وعيناها مغرورقتان بدموع الفرح، بأنها ستسعى لتحقيق حلمها إنشاء مدرسة للطبخ يرتادها التلاميذ العرب واليهود من جميع أرجاء البلاد لدراسة أسرار الطبخ الشرق أوسطيّ المعاصِر.
رآها مشاهدو البرنامج طيلة حلقات الموسم حائرة في الهوية: عربية، إسرائيلية، تحترم المكان الذي منه أتت والمجتمع الذي تمثّل، لكنها غير مستعدّة لقبول كلّ الإملاءات والقيود التي فرضها ويفرضها المجتمع العربي على المرأة. أوضحت عثامنة نفسها أنّه كان صعبًا عليها مواجهة هويّتها المشطورة إزاء المجتمَع اليهودي الإسرائيلي. فقد كان يهمّها أن تجيد النطق بالعبريّة دون طريقة لفظ مختلفة حتّى لا توسم على أنها من “الأقليات” في المدرسة، كما كان يهمهّا تحصيل إنجازات هامّة في الحياة لتثبت أنها ليست عربيّة تقليدية، تجيد الطبخ، ومكانها المطبخ. ورغم كونها أمًّا لثلاثة أطفال، وحائزة على دكتوراة في الأحياء الدقيقة، فقد كسرت أساطير ومسلّمات اجتماعيّة وخاصّة بالطبخ. فمَن فكّر في وضع سمك في الكبّة؟ وأن يكون لها أيضًا مذاق تابل هنديّ خاصّ؟ ولسببٍ ما، فُتن الحُكّام بسحرها.
السنة الماضية، شاركت سلمى فيومي، عربية متديّنة من كفر قاسم، هي الأخرى في برنامج الواقع “ماستر شيف”، وكادت تخطف المركز الأول، الذي حصل عليه متسابِق آخر نجح في التغلُّب عليها. وتلقّت سلمى عددًا غير قليل من ردود الفعل العنصرية في الإنترنت بادّعاء أنّ وصولها إلى النهائي كان لسبب التمييز المصحِّح.
سلمى فيومي
كان بعض التعليقات المكتوبة حولها في المواقع المختلفة عنصريًّا حقًّا. “هذه الردود لا تفاجئني”، ردّت في مقابلات بعد انتهاء الموسم الماضي من “ماستر شيف”. “تلحق هذه التصريحات الأذى بي، وتغضبني العنصرية دائمًا، لكنّ الناس يدّعون وجود نوعٍ من التفضيل منذ بداية الموسم، وأعلم أنّ هذا ليس أمرًا شخصيًّا. فضلًا عن ذلك، إذا نظرتم إلى نسبة مشاهدة البرنامج والمحبّة التي أجدها في الشارع، تفهمون أنّ هذه الردود تعبّر عن أقليّة. فهي لا تمثّل ما يجري على الأرض. قال لي أشخاص إنهم ظنوا قبل أن يرَوني أنّ العرب لا يجيدون الحديث والتعبير عن أنفسهم، وإنني غيرتُ رأيهم. أنا فخورة بذلك”.
منذ سنوات، يواجه المشاركون العرب في برامج الواقع التعقيد الغريب الذي يرافق مشاركتهم في البرامج الأكثر شعبية في التلفزيون الإسرائيلي. فمن جهة، تراك الدولة كلّها، والشارع يفيض حبًّا. ومن جهة ثانية، ثمة دائمًا أشخاص يجيدون إغاظتهم، لأنهم عرب حصرًا.
“أذكر أنّ البعض قال في الإنترنت إنه لا يحقّ لي أن أغني وأنّ علي الذهاب للغناء في الدول العربية”، تروي مريم طوقان، المشترِكة في الموسم الخامس من برنامج الواقع الموسيقيّ “كوخاف نولاد” (ولادة نجم). وتضيف: “لكنّ هذا لا يثيرني. فهذا لا يساوي شيئًا مقابل الأمور الجيّدة التي حصلتُ عليها من البرنامج”.
توافق فتنة جابر، المشتركة التي وصلت إلى نهائيات “الأخ الأكبر 2” على هذه المقاربة، وتسارع إلى القول: “اتصلت بي نساء من مستوطنة كريات أربع وقلنَ لي إنهن بدأنَ دراسة العربية بسببي، وقالت لي امرأة من بيسان إنها قبل أن تراني لم تستطع أن تسمع عن العرب، أمّا بعد “الأخ الأكبر” فقد أجّرت شقتَها لزوجَين عربيَّين. حتّى إنّ حاخامًا من كندا أتى للقائي. غيّرتُ الكثير، وأشعر بذلك حتى اليوم. فقد ظنّ الناس أنّ المسلمة المتديّنة لا يمكنها أن تبدو مثلي، لكنّ الناس اليوم لديهم نظرة أخرى. ينظرون بشكل مختلف إلى الدين، وإلى آراء العرب وعقليّتهم. من ناحيتي، أظهرتُ أنّ ثمة إمكانية للعيش معًا”.
فتنة جابر
برامج الواقع، كما هو معلوم، تحاول جمع متنافسين من شتّى الخلفيات في بيتٍ واحد، ثمّ تمنحهم الفرصة ليجعلوا واحدهم الآخَر يبدون على حقيقتهم. تساعد مشاركتهم بشكلٍ عامّ على إظهار جوانب إضافية في القوالب التي اعتدنا عليها، وتساعد على إعادة خلق الصُّوَر بطريقة حيويّة. لكنّ ما هو صحيح بالنسبة للمشترك “الشاذّ جنسيًّا”، المشترك من جنس “الشرقيّ الحارّ” أو “التل – أبيبية رفيعة الثقافة”، لا يصحّ بالضرورة على المشاركين العرب. فالبروفسور أمل جمال، رئيس برنامج الإعلام السياسي للمديرين في جامعة تل أبيب، يعتقد أنّ مشاركتهم في برامج الواقع تفعل العكس تمامًا: ترسّخ النظرة النمطيّة.
“إنّ حضورهم في هذه البرامج لا يكسر الأفكار المقولَبة مطلقًا، بل يحافظ عليها، فالدراسات تظهر أنّ العربي في برامج الواقع أمر مثير للضحك لا أكثر. إنه نوعٌ من الحيوانات الأليفة التي تُحضَر لزيادة نسبة المشاهدة”. ويتابع: “لاحِظوا مثلًا، أنه في كلّ برنامج واقع هناك عربي أو عربيّة، شخص واحد لا أكثر. يظهر العرب عادةً كشخصيات متديّنة تتجوّل في المطبخ أو عربيات انفعاليّات. إذا سألتِني، فهذه تتمّة مباشرة للعرض المشوَّه للعرب في الإعلام العامّ، حيث يجري عرضنا كمخالِفين أو عوامل تهديد فقط”.
وعدا واقع تحوّل العنصريّة في السنوات الماضية إلى جزء لا يتجزأ من الواقع ومن المجتمَع الإسرائيلي، تجاه القادمين الجدد، الإثيوبيين، العرب، اليهود، المتدينين، والشاذّين جنسيًّا، فإنّ برامج الواقع تُنتج بشكل طبيعي مشاعر عديدة. فعند وصول أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات إلى النهائي، أو فوزهم باللقب، تتضاعف هذه المشاعر، بحيث يتابع كلّ مشاهِد مع مرشّحه حتى النهاية.
تحوّلت برامج الواقع إلى الملعب شبه الوحيد الذي يُعطى فيه تمثيل للوسط العربي على الشاشة الإسرائيلية. فمشتركون مثل فتنة جابر ورنين بولس (“الأخ الأكبر”)، نسرين غندور (“سرفايفر”)، مريم طوقان (“ولادة نجم”)، فراس حليحل (“المليون”)، ولينا مخول ومنار شهاب (“ذا فويس”)، أدّوا إلى وضع فيه برامج الواقع هي المكان المركزي، شبه الوحيد، الذي يلتقي فيه المشاهد الإسرائيلي الشعب العربي، الذي يعرفه غالبًا عبر تقارير إخبارية في شأن النزاعات والعُنف.
المثير للاهتمام هو معرفة نظرة المجتمع العربي في إسرائيل لظهور شخصيات عربية ومشاركتها في برامج التلفزيون الشهيرة. يظهر استطلاع أجري عام 2013 لصالح الموقع الإخباري الاقتصادي “غلوبس” وموقع الإنترنت العربي “بانيت” أنّ 78% من المتصفِّحين يدعمون مشاركة أبناء المجتمع العربي في مثل هذه البرامج. وهذا اتّجاه معاكس لاستطلاع مماثل أجراه الموقع عام 2009. وينتج من الاستطلاع أيضًا أنّ 63% يعتقدون أنّ المشاركة تؤثر في وجهة نظر المجتمَع بين المشاهِدين عامّة، إذ يذكر 40% أنّ التأثير إيجابي، مقابل 23% يرون التأثير سلبيًّا.
وأظهرت دراسة أخرى أجراها في هذا الشأن المركز المتعدد المجالات في هرتسليا أنّ برامج الواقع التي كان فيها مشترِكون عرب منحتهم إمكانية للظهور ووقتًا جيّدَين، ولكن بنسبة لا تزيد عن نسبتهم بين السكّان (20%)، حتّى في حالة فوز المشترِكين العرب. مع ذلك، غابت لغتهم الأم، اللغة العربية، بشكل كليّ تقريبًا عن الشاشة.
ويظهر أيضًا من الدراسة، التي تطرقت إلى الأعوام 2003 – 2007، أنّ النزاع والهوّة بين اليهود والعرب لم يكونا في مركز البرامج التي فُحصت، ولكن في جميع البرامج كانت لحظات طُرح فيها الموضوع بشكل واضح، بما في ذلك النظرة السلبية للمشترِكين اليهود للمشترِك العربي.
في الوقت الراهن، رغم الدراسات التي تثبت غياب التمثيل المناسب والحقيقي للمجتمع العربي في إسرائيل في الذروة التلفزيونية الإسرائيلية، يبقى فقط الأمل بأن يكون المشترِكون العرب يومًا ما، جزءًا لا يتجزأ من الأحلام، خيبات الأمل، الأحاسيس، وقصص النجاح في المجتمَع الإسرائيلي، بحيث لا يجري إدراجهم في إطار “وسط” و”أقلية” مع جميع الأفكار النمطية المرتبطة بهذَين اللقبَين.
هل وصل مسدّس التقدير الذي منحه الطاغية العراقي إلى كفر قاسم في إسرائيل؟ قامت الشرطة بتوقيف شاب عمره 17 عامًا اشتباهًا به أنّه احتفظ بمسدّس حُفر عليه باللغة العربية “هدية من الرئيس صدام حسين إلى من دافع عن وطنه”. قال الشاب إنّه لا يعلم لمن يعود المسدّس، ولكن الشرطة ستطلب اليوم، الخميس، من المحكمة أن تمدّد اعتقاله لسبعة أيام.
رصدت الشرطة سيارة مشبوهة خلال نشاط قامت بها في كفر قاسم. أمرت الشرطة السائق بالتوقّف جانبًا، ولكنّه قرّر الهرب. قامت الشرطة بمطاردته، ولكنه استمر دون توقّف حتى تم القبض عليه.
المسدس الذي عثر عليه (الشرطة الإسرائيلية)
داخل السيّارة، اكتشف رجال الشرطة الشاب المذعور والمسدّس المخفي. تمّ اعتقال الصبيّ لاشتباهه بارتكاب جرائم مختلفة ومن بينها حيازة سلاح، الهروب من حجز قانوني وعرقلة سير العدالة. وتقول الشرطة يبدو أنّ المسدّس قد مُنح من قبل رئيس العراق السابق الذي أعدم عام 2006. ومع ذلك لا زال من غير الواضح كيف وصل المسدّس إلى كفر قاسم وإلى أيدي الشاب المشتبه به.
لوكا مودريتش (R) من كرواتيا يحارب اللاعب وليد بدير(L) على الكرة (AFP)
وداع أسطورة كرة قدم إسرائيلية
حان الوقت لنقول إلى اللقاء لبدير، الذي تحول إلى مدافع ولاعب وسط بارز، فاز بخمس بطولات وخمس كؤوس دولة، ووفر ذكريات لا يمكن نسيانها لمشجعي كرة القدم في إسرائيل
أحد وعشرون موسمًا، خمس بطولات، خمس كؤوس دولة وحتى مغامرة خلف البحار. اعتزل وليد بدير، لاعب فريق هبوعيل تل أبيب في المواسم الثمانية الماضية، في الصيف الأخير، كرة القدم وخلف تراثا محترما وذكريات كثيرة وجيدة بين أوساط كافة مشجعي كرة القدم في إسرائيل. تم أمس (الأحد)، قبل مباراة افتتاح الموسم بين هبوعيل تل أبيب وأبناء سخنين، إجراء احتفال وداع رسمي ومثير للمشاعر للاعب.
وقد احتفل بدير في شهر آذار المنصرم بعيد ميلاده التاسع والثلاثين. لقد بدأ مسيرته في فريق الشبيبة في هبوعيل كفر قاسم، مسقط رأسه. منذ جيل 14 سنة، استحوذ على اهتمام هبوعيل بيتاح تيكفا، بعد أن تميّز في مباراة بين فريقي الشبيبة في الناديين، ولعب في خط الهجوم. مع مرور السنوات انتقل للعب في خط الوسط الخلفي، وكان معروفًا بأنه معرقل ناجح وكان يبسط النظام في وسط الملعب. وقد ارتقى إلى فريق البالغين في العام 1992، واحتل مكانًا دائما في تشكيلة فريق هبوعيل بيتاح تيكفا، في السنوات السبع التالية، وقد سجل 192 مباراة وأحرز 22 هدفًا. منذ بداية طريقه، كان المشجعون يعتبرونه “لاعبا من كل قلبه”: لاعب ينفذ العمل الأسود عوضًا عن لاعبين آخرين ويقدم كل ما لديه دائمًا. إن دخوله إلى قلوب المشجعين قد زاد فضلا لهدف أحرزه في إحدى مباريات الديربي الأولى التي شارك فيها، أمام مكابي بيتاح تيكفا.
شاهدوا هدف وليد بدير الفتى، في ديربي بيتاح تيكفا:
في العام 1999 فاجأ عالم كرة القدم الإسرائيلية ووقع عقدا مع نادي ويمبلدون من البريمير ليغ، الذي عُرف في تلك السنوات بلاعبيه “الملوّنين” الذين يكادون يصلون إلى حد الجنون. على الرغم من الأداء الجيد الذي أبداه، وتم إشراكه في 21 مباراة، إلا أنه واجه صعوبة في الانخراط في الجو الخشن وقرر العودة إلى إسرائيل في نهاية الموسم ذاته. لقد أبقى ذكرى لمشجعي ويمبلدون على شكل هدف أحرزه في أولد ترافورد أمام مانشستر يونايتد.
مع عودته إلى إسرائيل، انضم إلى صفوف مكابي حيفا، وشكل في السنوات الخمس الأولى عاملاً هامًا في الفريق الذي فاز بأربع بطولات دوري. ناهيك عن النجاح الباهر الذي حققه في الإطار المحلي، كان بدير شريكًا في إحدى الحملات الأوروبية الناجحة التي خاضها فريق إسرائيلي ذات مرة، حيث ارتقت حيفا إلى مرحلة البيوت في دوري الأبطال، وسجلت فيه انتصارات كبيرة على أوليمبياكوس اليوناني ومانشستر سيتي، بنتيجة مشابهة – 3:0. وقد لعب بدير ما مجموعه مئتان واثنتان من المباريات مع الخُضر الحيفاويين، وسجل 44 هدفًا – وهو رصيد جميل جدا بالنسبة للاعب خلفي مهمته الرئيسية هي كبح هجمات الخصم. ويتذكر المشجعون العريقون هدف الـ “وولا” الرائع الذي أحرزه أمام مكابي تل أبيب في موسمه الثاني في النادي، والهدف الذي أحرزه أمام روزنبورغ النرويجية، إذ حاولت حيفا الارتقاء إلى دوري الأبطال للمرة الثانية على التوالي.
شاهدوا بدير يطلق صاروخا عن بُعد ليسكن في الشباك مباشرة:
وهدف كاد يوصله إلى دوري الأبطال:
وفي العام 1997، كانت له أول مباراة بين صفوف منتخب إسرائيل، في مباراة وُدية ضد منتخب بلروس. طيلة عقد كامل كان ركنّا هاما في المنتخب، وحتى أنه لعب أحيانا كمهاجم، كما كان في صباه. سجل 74 مباراة في صفوف المنتخب، في فترة كادت ترتقي فيها إسرائيل إلى المونديال واليورو. لقد ترك بصمته على عدّة أهداف رائعة، وخاصة الرأسيات. كانت أقصى ذرواته حين وصل إلى تصفيات مونديال 2006. وقد استضافت إسرائيل فرنسا، التي وصلت لاحقا إلى نهائي كأس العالم، وبعد تأخر إسرائيل بنتيجة 1:0، في الدقيقة 83، رفع الظهير الأيسر، أدورام كيسي، كرة عرضية مرت فوق رؤوس جميع المدافعين. ركض بدير باتجاه الكرة وضربها برأسه بسرعة فائقة، بطريقها إلى حارس المرمى المشهور، فابيان بارتيز.
شاهدوا رأس وليد الذهبي الرائع:
في العام 2005، أعلن عن انضمامه إلى صفوف هبوعيل تل أبيب، حيث لعب في الفريق في المواسم الثمانية التالية، والتي ودعه مشجعوه أمس بدموع الفرح والحزن – على ما كان وانتهى. بسبب سنه، قرر مدربوه نقله إلى موقع المدافع، حيث يمكنهم هناك استغلال تجربته الكبيرة ورؤيته للّعب، بهدف التعويض عن السرعة في الحركة التي كانت تميزه كلاعب شاب. وقد سجل من هذا الموقع فصلا رائعا في مسيرته، حيث أضاف خلاله إلى خزينة كؤوسه بطولة دوري أخرى وخمس كؤوس دولة. تم تعيينه قائدًا للفريق، وحظي بتقدير كبير لقاء قدراته المهنية وقدراته على القيادة، على أرض الملعب وخارجها.
استمعوا إلى الأغنية التي ألفها مشجعو هبوعيل تل أبيب:
لقد تميزت سنواته في زيّ الحُمر بالنجاح على الحلبة الأوروبية، عندما عزز فريق هبوعيل تل أبيب موقعه وارتقى ثلاث مرات إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي. في العام 2010 أضاف إنجازًا آخر وكان أول لاعب إسرائيلي يشارك في دوري الأبطال بين صفوف ناديين مختلفين. لن تكون مفاجأة، إذًا، أن نعرف أن 91 مباراة له في الأطر الأوروبية تشكل رقمًا قياسيًا إسرائيليًا رائعًا، وهي تُضاف إلى مرتبته الثالثة في قائمة أصحاب الأرقام القياسية في دوري الدرجة العليا في تاريخ الدوري.
شاهدوا الهدف الذي أحرزه بدير في الفوز على خيتافي الإسباني في الدوري الأوروبي:
من المؤكد أن الأوصاف ومقاطع الأفلام القصيرة التي عرضتها أمامكم سوف تعرّفكم على شخصية بدير المميزة: لاعب يبذل جهدا في كل لحظة؛ لاعب كرة قدم ذو ركلة ممتازة خارج منطقة الجزاء ومهارات دفاعية من الدرجة الأولى؛ قائد يصغي إليه كافة اللاعبين ولا يرفع صوته، لا في التدريبات ولا في المباريات؛ شخصية دمثة يطمح إلى الانخراط في تدريب الأولاد والشبيبة، حيث يمكنه هناك أن يساهم بخبرته وأحاسيسه القوية.
لذلك، ليس من المفاجئ حين بدأت أنباء اعتزاله كرة القدم، منذ أكثر من سنة، كان مشجعو فريق هبوعيل تل أبيب ينشدون له: “ابقَ، ابقَ”. وقد بقي موسمًا آخر بالفعل، في أعقاب أناشيد المشجعين، واعتزل بعد أن أكمل 359 مباراة في الفريق، أحرز خلالها 33 هدفًا. وكان مسك ختام مسيرته الكروية مباراة ضد فريقه الأسبق، مكابي حيفا، ولا يمكنه ألا يعتزل بشكل أرقى من هذا الشكل…
شاهدوا المشجعين يتوسلون أمامه كي لا يعتزل:
شاهدوا الهدف الأخير الذي أحرزه بدير، قبل لحظة من اعتزاله كرة القدم: