جادة روتشيلد، مدينة تل أبيب (Flash90/Miriam Alster)
جادة روتشيلد، مدينة تل أبيب (Flash90/Miriam Alster)

في قلب تل أبيب: جادة روتشيلد

من يريد التعرّف إلى مدينة تل أبيب يافا وفهم المدينة التي تقع على شواطئ البحر المتوسّط، فعليه بالتأكيد أن يتعرف إلى عمودها الفقري، جادة روتشيلد بتنوّعها التاريخي في الماضي والحاضر

تُعرَف جادة روتشيلد كواحدة من الجادات المركزية في مدينة تل أبيب يافا. مَن لم يكُن هُناك؟ ومن لم يمُرّ في المكان؟ الكثير من اللحظات التاريخية في الماضي والكثير من الأحداث السياسية في الحاضر. حوانيت فاخرة، أبراج، متاحف، مقاهٍ ومطاعم، منتشرة في الغالب على طول الجادة الأسطورية.

باوهاوس (Flash90 Yossi zAMIR)
باوهاوس (Flash90 Yossi zAMIR)

تلعب جادة روتشيلد، المدعوّة على اسم البارون إدموند جيمس دي روتشيلد، دورًا رئيسيًّا في التطور الحضاريّ للمدينة، وتقع فيها مواقع هامّة عديدة. الجادة هي القلب الحضاري لتل أبيب، جزء من القلب الاقتصادي لإسرائيل، إذ تشكّل جزءًا من الشوارع الرئيسية في أكبر وأهمّ مركز أعمال في الدولة. وبصفتها هذه، وبصفتها مركز الحيّ الذي سكنه في الماضي عديدون من قادة المدينة وإسرائيل عامّةً، فقد جرت فيها أحداث تاريخية شتّى، بينها الإعلان عن الدولة.

القليل من التاريخ

كانت جادة روتشيلد بين الشوارع الأربعة الأولى في تل أبيب. تم شقّ الطرق على كُثبان رمليّة تمّت تسويتها وجعلُها مستقيمة، وبُنيت على طولها البيوت الأولى في المدينة. كان الخطّ المستقيم الذي أصبح جادة واديًا صغيرًا تصعب تسويته بوسائل ذلك الزمان، تدفقّت إليه مياه كثيرة في الشتاء.‎ ‎لذلك، تقرر ملؤه بالرمال، وإبقاؤه منطقة مفتوحة لا تُبنى البيوت إلّا على أطرافها.

عام 1910، بدأ غرس الأشجار في هذه المنطقة المفتوحة، بهدف تحويل الشارع إلى الجادة الأولى في المدينة. رأى رجال تل أبيب الأوائل في الجادة بداية جادة فاخرة مثل بوليفارات باريس، وهكذا صوّروها للبارون الفرنسي روتشيلد، الذي دُعيت على اسمه الجادة.

والحدث المركزي الذي جرى قرب جادة روتشيلد كان مراسيم الإعلان عن استقلال إسرائيل في 14 أيار 1948 في بيت رئيس البلدية مئير ديزنغوف، الذي سكن في نفس الجادة.

هندسة معماريّة مدنيّة ومواقع تاريخيّة

جادة روتشيلد هي أحد الأماكن المدهشة في تل أبيب، وهي تجذب إليها الكثير من السيّاح، لعدّة أسباب بينها مشاهدة الهندسة المعمارية الفريدة في الشارع. على طول الجادة، ثمة نمطا بناء أساسيّان:‎ ‎

النمط الانتقائي الذي يميّز البيوت الأقدم في بداية الجادة، التي دُعيت أيضًا “بيوت الأحلام”. كان النمط الانتقائي منتشرًا في إسرائيل/ فلسطين في العشرينات، ولبّه هو دمج الهندسة المعمارية الغربية مع أنماط زخرفية من عدد كبير من مصادر الإلهام: اليونان – روما- عصر النهضة، هندسة معماريّة من الشرق الأقصى، وهندسة معماريّة شرق أوسطية قديمة.

باوهاوس (David Katz)
باوهاوس (David Katz)

يُميّز النمط الدولي، المعروف أيضًا “باوهاوس”، معظم البيوت في القسم الشمالي من المدينة. تأثر النمط الدولي في الهندسة المعمارية كثيرًا بمدرسة الحداثة في ألمانيا، وأساسه إلغاء الزخرفة في المباني وتحويلها إلى عمليّة جدًّا، بمعنى أنّ الحاجات الوظيفية للمبنى هي التي تحدّد شكله، لا العكس.

يدعو كثيرون الجادة “متحفًا مفتوحًا” لكونها مسارًا يمكن المشي عبره ونيل انطباع عن “المعروضات المعماريّة” المتنوّعة.

عدا الهندسة المعمارية المذهلة والمباني ذات الأهمية المعمارية البالغة، تحوي الجادة مجموعةً كبيرةً ومُنوَّعة من المواقع والمؤسسات التاريخية:

دارة الاستقلال: دارة مئير ديزنغوف، رئيس البلدية الأول لمدينة تل أبيب يافا، التي أُعلن فيها استقلال إسرائيل عام 1948.

كشك: في سنوات الأربعينات الباكرة، بدأ يعمل في المدينة عدد من الحوانيت الصغيرة لبيع السجائر، الصحف، المشروبات الخفيفة، الوجبات الخفيفة، والساندويشات. بُني الكشك الأول في تل أبيب في نفس الجادة. خلال سنوات، استُخدم بعد الظهر كملتقى لمسنّي المدينة وأطفالها، وكلّ مساء خرج منه أزواج عشّاق للتجوّل في أنحاء المدينة.

الكشك الأول في تل أبيب (David Katz)
الكشك الأول في تل أبيب (David Katz)

أُقيم الكُشك الأول في تل أبيب عام 1910. خلافًا للمقاهي الطنانة في يومنا، لم يطلب سكّان تل أبيب حينذاك أنواعًا شتّى من القهوة، ولم يبدُ المكان شبيهًا بفرع مقهى فاخر. كان هذا مبنًى صغيرًا على شكل مسدّس، قدّم في ذلك الحين خيرة الإنتاج المحلي: مشروبًا غازيًّا حامضًا – حلوًا، عصائر، ومُثلّجات حلوة. عام 1989، هُدم المكان، ولم يبقَ منه أيّ أثر. مؤخرا استُكملت إعادة بنائه، وافتُتح من جديد للجمهور.

متحف “ههغناه”: يقع المتحف في جادة روتشيلد 23، وقد استُخدم المبنى مقرًّا للتنظيم في سنوات نشاطه قبل قيام دولة إسرائيل. يُستعمَل المبنى اليوم كمتحف وأرشيف تاريخي لتنظيم “ههغناه”.

ناطحات سحاب (David Katz)
ناطحات سحاب (David Katz)

ناطحات سحاب: إلى جانب البيوت التاريخية ذات الطوابق القليلة في الجادة، أقيمت في السنوات الأخيرة ناطحات سحاب أيضًا تقع فيها مصالح تجارية كبرى، مصارف، مكاتب محامين، سفارات، وعدد لا يُحصى من المكاتب الحكومية.

مطاعم وأماكن استجمام: على طول الجادة، يمكن العثور على عدد لا يُحصى من المطاعم التي تقدّم تنوّعًا واسعًا من الطعام الدولي، الحانات، النوادي، وطبعًا حوانيت الموضة الفاخرة. بين مباني الحي، يمكن إيجاد عدد غير قليل من بيوت المشاهير، المؤثرين في الرأي العام، الفنانين، المثقفين، والمفكّرين الإسرائيليين.

الجادة كمنبر سياسيّ

استضافت الجادة أيضًا أحداثًا سياسيّة. والحدث الأبرز كان عام 2011 مع اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في إسرائيل. شكّلت جادة روتشيلد، التي مثّلت لسنوات الثراء الاجتماعي البارد والمنفصل لأثرياء إسرائيل، أرضًا خصبة للاحتجاجات الاجتماعية صيف 2011.

الإحتجاجات الشعبية في إسرائيل 2011 (Flash90/Liron Almog)
الإحتجاجات الشعبية في إسرائيل 2011 (Flash90/Liron Almog)

حدثَ الحدث المفاجئ والهام جدًّا حين قررت دفني ليف، من قوّاد الاحتجاجات الاجتماعيّة، العمل ضدّ غلاء المعيشة وضائقة السكن في إسرائيل. فبعد أن لاقت صعوبة في دفع أجرة شقة، قررت نصب خيمة في الجادة تحديدًا كإشارة على الانتفاض والتعبير عن الاشمئزاز من عجز الأزواج الشبان عن استئجار شقة، ناهيك عن شرائها. وامتدّ الأمر كالنار في الهشيم، إذ بدأ بالوصول إلى الجادة العديد من الشبّان، وامتلأ الشارع بمئات الخيام والشبان الذين احتجُّوا على عجز الحكومة الإسرائيلية عن حلّ الأزمة. وكانت ذروة الاحتجاج المسيرات على طول الشوارع الرئيسية في تل أبيب، إذ بلغ عدد المشاركين في المسيرات أكثر من 400 ألف (5% من عدد سكّان إسرائيل).

معارض فنية على طول الجادة (Flash90\ Roni Schutzer)
معارض فنية على طول الجادة (Flash90\ Roni Schutzer)

تستمرّ الجادة هذه الأيام في جذب الصادر والوارد إليها: السيّاح، المحليين، الشبان المعتادين على الاستجمام فيها، المحتجين على أنواعهم، الشبان، الشابات، الأولاد، وحتى كبار السن. هي باختصار جادة دون توقُّف…

اقرأوا المزيد: 810 كلمة
عرض أقل
نجل الرئيس المصري المعزول، عبد الله محمد مرسي (AFP)
نجل الرئيس المصري المعزول، عبد الله محمد مرسي (AFP)

اتهام نجل مرسي بحيازة الحشيش يشعل مواقع التواصل الاجتماعي

رغم إطلاق سراح عبد الله مرسي، ابن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ففي مصر لم يفوّتوا فرصة للسخرية منه ومن أبيه وإغراق الشبكات الاجتماعية بالتعليقات.

04 مارس 2014 | 15:02

مآزق مرسي لا تنتهي: ذكرت صحيفة “المصري اليوم” يوم السبت الماضي (1.3) بأنّه قد تمّ اعتقال نجل الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، بتهمة حيازة الحشيش. وقد أدى الأمر إلى إحراج كبير لمرسي الإسلامي، لأنّ الإسلام يحظر استخدام المخدّرات.

ووفقًا للتقرير، فقد اعتقلت الأجهزة الأمنية في مصر الابن الأصغر للرئيس المعزول مرسي، عبد الله، إلى جانب شخص آخر في مدينة القيلوبية القريبة من القاهرة. وقد تمّ إلقاء القبض عليهما حين كانا جالسَين وعُثر معهما على سجائر تحتوي على المخدّرات.

لدى مرسي خمسة أولاد، بعضهم اشتهر في السنة والنصف الأخيرة. نجله الأكبر هو أحمد؛ طبيب في السعودية، ولديه نجل آخر وهو أسامة؛ محام، والنجل الأصغر عبد الله (19) وهو طالب في الثانوية.

محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي (AFP)
محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي (AFP)

في يوم الأحد (02.03)، تم إطلاق سراح عبد الله مرسي، كما أفادت مصادر قضائية‏‎.‎‏ وأوضحت هذه المصادر أنه أخلي سبيله هو وصديقه الذي أوقف معه بانتظار ظهور نتائج تحاليل البول والدم التي أجريت لهما‏‎.‎‏

ولكن الشبكة لم تتوقف عن إثارة الكلام حول الحالة المؤسفة. سعى متصفّحون مصريّون كثيرون في مصر إلى التعبير عن آرائهم حول عبد الله، وحول والده وحركة الإخوان المسلمين، والتي – بحسب رأي الكثيرين – احتالت على الشعب المصري في محاولاتها لسرقة الثورة والسير بمصر إلى الدمار.

اقترح معلّقون أن يتم تأسيس حركة جديدة تُدعى “حركة المسطولين ضدّ الانقلاب”، ودعوا ساخرين إلى مظاهرات من أجل دعم الإفراج عن نجل مرسي. ولم يتردّد متصفّحون آخرون في القول: “لا عجب أن يستخدم الابن الحشيش، فعلى ما يبدو أنّ والده كذلك استخدم موادّ كتلك، بحسب خطبه المليئة بالهلوسة”. أشار الأشخاص الأكثر جدّية إلى أنّ “الإخوان المسلمين كذبوا على الشعب المصري، وأثبتوا مجدّدًا بأنّهم يقومون بأعمال محظورة دينيًّا”.

جمعت التعليقات الساخرة مؤيدي ثورة ‏30‏ حزيران (يونيو) ومن يعتبرونها انقلابًا.‎

شككت “نانسي صليب” وهي ناشطة قبطية على “تويتر”، بالمعلومات التي وردت في إعلان وزارة الداخلية، وكتبت “يعني أكيد أنا لا بحب مرسي ولا بطيق ابنه بس موضوع سيجارتين الحشيش ده محتاج الواحد يشرب له سيجارتين حشيش عشان يصدقه”.

‎”‎بيج فارو” قال في تعليق له: “لو صحت التهمة، فيها ايه لما ابن مرسي بيشرب حشيش؟ بيعمل زي ما ملايين المصريين بيعملوا‎.”‎

وجاء في تغريدة “أشرف الديب”: “مش مستبعد أن ابن مرسي ممكن يحشش وبرضو ممكن تكون تلفيق، عموما مافيش حاجة بعيدة اليومين دول من بعد تحويل الايدز لكفته‏‎”.‎‏

صورة تستهزء من لافتة رابعة العداوية
صورة تستهزء من لافتة رابعة العداوية

وعلق “الريس حزنان” قائلا: “عاجل .. أنباء أن ابن مرسي خليفة المسلمين يؤسس حركة حشاشون ضد الانقلاب‏‎”.‎‏

وسخر الناشط “محسن صبري” من الخبر معلقًا،” هو احنا لو أجرينا تحليل مخدرات لابن مرسي وللضابط الذي قبض عليه، مين فيهم الي حيتحبس بتهمه تعاطى المخدرات؟‎”.‎

وكتب “وليد الشيخ” تغريدة قال فيها هذه النكتة، أن حشيش ابن مرسي دليلا قاطعا بأن جماعة الإخوان، ليست جماعة إرهابية .وأنها جماعة ليبرالية‎”.‎

وكتب “محمد معوض”: “الولا عبدالله ابن محمد مرسي طلع حشاش، حشاش ضد الانقلاب”.

ومن الجدير ذكره أنّ سوق الحشيش المصري كان في ذروته في فترة حكم الرئيس الراحل، أنور السادات، والذي عرف بأنّه أحد عشّاق المخدّرات. وقد وصف المواطنون من كبار السنّ في مصر تلك الفترة، بين 1970 – 1981، بأنّها “العهد الذهبي” لجميع المدخّنين. واليوم، يتجاوز تدخين الحشيش الحدود الطبقية في البلاد ويمكن شراء أوراق لفّ تقريبًا في كلّ كشك أو بقالة، رغم أنّ تبغ السجائر باهظ الثمن جدًّا، ويمكن الحصول عليه في متاجر قليلة فقط.

على الأقلّ، منذ بداية العقد الحالي، يستورد معظم الحشيش المصري من المغرب عن طريق السودان، فالحدود هناك مفتوحة أكثر من الحدود مع ليبيا. عام 2010، وعلى خلفية سلسلة من العمليات الناجحة للقوات الأمنية المصرية التي عملت على القضاء على انتشار الحشيش في الدولة، وجد مستخدمي الحشيش أنفسهم في أزمة على ضوء تناقص كمية المخدّرات. ألقى النقص الكبير في مصر آثاره على إسرائيل كذلك، والتي هُرّبت إليها كمّيات كبيرة من المخدّرات في الماضي من خلال الحدود المصرية.

اقرأوا المزيد: 569 كلمة
عرض أقل