فورين بوليسي

مقاتلو داعش يأسرون الطيار الأردني معاذ الكساسبة
مقاتلو داعش يأسرون الطيار الأردني معاذ الكساسبة

هل يمكن إنقاذ حياة آخر أسرى موجودين في قبضة داعش؟

ماذا على الدول، التي تم اختطاف مواطنيها على يد تنظيم داعش، العمل من أجل إعادتهم سالمين إلى بيوتهم، دون أن تعيش التجربة التي عاشها الأردن مع إعدام الطيار الأردني، الكساسبة

يتم التشاور في الأردن بخصوص شن حرب برية محدودة ضد داعش كردٍ على قتل الطيار مُعاذ الكساسبة، هذا ما قاله مصدر في الحكومة لصحيفة “عرب اليوم”. ستتم مناقشة الفكرة، وفقًا للتقرير، من قبل الملك ومسؤولين في الجيش. يُفكر الأردن، وفقًا للمصدر، بشن هجوم صاعق على التنظيم، ومن ثم بلورة استراتيجية جديدة مع شركائه في التحالف ضد التنظيم بقيادة الولايات المتحدة. حتى أن وسائل الإعلام الأردنية أوردت بأن الملك من المتوقع أن يُشارك شخصيًا بالغارات الجوية على معاقل داعش في المثلث الحدودي بين الأردن – العراق وسوريا.

حتى أن أوباما قد أعلن هذا الأسبوع أن التنظيم الإرهابي قام بأسر مواطنة أمريكية وبأن الولايات المتحدة تفعل كل ما بوسعها من أجل الحفاظ على حياة الشابة، البالغة 26 عامًا، التي لم يتم بعد الكشف عن هويتها. وفقًا للمعلومات التي تنقلها السلطات الأمريكية بين الحين والآخر لوسائل الإعلام، ما زالت الشابة على قيد الحياة، وهذا استنادًا لمعلومات استخباراتية وصلت إلى وكالة المخابرات الأمريكية قبل أسبوعين.

ساجدة الريشاوي ومعاذ الكساسبة (AFP)
ساجدة الريشاوي ومعاذ الكساسبة (AFP)

وقد أوردت، هذا الأسبوع، مجلة “Foreign Policy” (السياسة الخارجية) خبرًا مفاده أن إدارة أوباما منقسمة بخصوص طريقة إدارة التفاوض مع الدولة الإسلامية، التي تسيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا وتحتجز أسرى من الولايات المتحدة، بريطانيا، اليابان ودول أخرى. كان بمقدور الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا الحفاظ على حياة أسراهم بدفع مبالغ تُقدّر بملايين الدولارات للتنظيم. قامت الحكومة الأردنية، في هذه الأثناء، بسابقة إذ وافقت علنيةً على طلبات الدولة الإسلامية بأنها ستُطلق سراح إرهابية من أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في المملكة كجزء من التفاوض على تبادل الأسرى إلا أن هذه المفاوضات أيضًا باءت بالفشل الذريع بعد نشر الفيديو المروع لإعدام الكساسبة. كان رد الفعل الفوري للأردن هو إعدام الإرهابية العراقية في الليلة ذاتها.

https://www.youtube.com/watch?v=Aedf46CBBRI

لم يترك فشل المحاولات الأردنية للتفاوض مع الدولة الإسلامية أمام الولايات المُتحدة الكثير من الإمكانيات الحقيقية للتفاوض. لم يُظهر مسلحو داعش، إلى هذا الحين، أي استعداد لتفاوض جاد بمعنى طلب فدية مقابل إطلاق سراح الأسيرة الأمريكية. كانت أول فدية طلبها تنظيم داعش لتحرير الصحفي الأمريكي جيميس بولي (الذي قُتل أيضًا على يد التنظيم) كبيرة، بمبلغ 132,500,000 $. رفضت الولايات المتحدة، في حينه، المساومة مع التنظيم على أساس واضح تنتهجه الولايات المتحدة وهو عدم التفاوض مع مُنظمات إرهابية.

https://www.youtube.com/watch?v=S0OrQ2xEBYg

يمكن لأوباما، في هذه اللحظات، أن يُصلي فقط لأن يختار تنظيم الدولة الإسلامية أن يُطلق سراح الأسيرة الأمريكية كحسن نية، كجزء من محاولات التنظيم تخفيف الغضب الكبير ضده الذي جاء بعد إعدام الطيار. يمكن لقطر أن تساهم في الاتفاق بين الولايات المتحدة وداعش، إلا أن هذا الاحتمال أيضًا لا يبدو معقولاً في هذه المرحلة.

توقع مسؤولون أمنيون، في حديثهم مع مجلة “Foreign Policy” بأن الوضع الراهن يترك مصير المواطنة الأمريكية في أيدي الوحدات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي. يجب أن تستند عملية إنقاذ من هذا النوع على معلومات استخباراتية دقيقة، أفراد ميدانيين يمكنهم تحديد مكان احتجازها وأجهزة مراقبة وتنصت استخباراتية. ولا تزال مسألة ترتيب عملية إنقاذ من هذا النوع عملية خطيرة واحتمال نجاحها ضعيف جدًا. توقع ضابط أمريكي سابق بأنه حتى بوجود معلومات استخباراتية دقيقة بخصوص مكان احتجاز المرأة، فإن احتمال نجاح مهمة الإنقاذ سيكون “أقل من 50%”.

بلراك أوباما وجون كيري (AFP)
بلراك أوباما وجون كيري (AFP)

لا يمكن التوقع بشكل تام، نتيجة لمحاولات الاختطاف وعمليات الإعدام البشعة لأسرى تنظيم داعش، كيف يمكن التفاوض مع تنظيم لا يترك طرف خيط لأي تفكير منطقي حول كيفية رده على محاولات التفاوض أو محاولات الإنقاذ أو الاستجابة لمطالبه. إن كان يُفكر الأردن بالقيام بعملية برية محدودة ضد داعش وعدم الاكتفاء بتوجيه غارات جوية ربما تكون تلك بادرة تفكير جديد بمسألة المواجهة القادمة ضد داعش وعمليات الاختطاف والإعدام العلنية التي يُعدها.

اقرأوا المزيد: 544 كلمة
عرض أقل
بلراك أوباما وجون كيري (AFP)
بلراك أوباما وجون كيري (AFP)

لماذا فشلت المحادثات مع إيران؟

اعتقد أوباما وكيري أن روحاني وظريف متشوقان لهذه الصفقة، وأن الظروف الاقتصادية ستجبرهما على التوقيع على الاتفاقية، ولكنهما أصيبا بفشل وخيبة أمل أخرى لسياستهما الخارجية

إن مماطلة المفاوضات حول الشأن النووي مع إيران هي فشل آخر للسياسة الخارجية لأوباما وكيري. بعد سلسلة من خيبات الأمل لسياسة أوباما الخارجية في كل ما يتعلق بأعمال العنف الروسي، استقواء تنظيم الدولة الإسلامية، الموقف المتذبذب تجاه قضية الانقلاب في مصر، وعدم القدرة على التوصل لتحسن في عملية السلام الإسرائيلي-الفلسطيني، تأمل كيري أن يكون باستطاعته أن يقدم للعالم اتفاقية من شأنها أن توقف الخطة النووية لإيران، وتلغي العقوبة الاقتصادية الواقعة عليها، وتفتح اقتصادها أمام الأسواق الغربية.

ولكن البارحة تبيّن أن الفجوات بين الجانبين ما زالت كبيرة وتمنع حدوث مثل هذه الاتفاقية. وتم تمديد الاتفاقية المرحلية لنصف سنة أخرى، ما يجعل العقوبات الاقتصادية الواقعة على إيران على ما هي عليه. أهارون ميلر، الذي كان مستشارا لوزراء الخارجية الأمريكية منذ سنوات السبعينيات للقرن العشرين، أوضح في مقالة كتبها في مجلة “فورين بوليسي” أهم الأمور التي جعلت الولايات المتحدة تفشل للوصول إلى اتفاقية.

اعتقد كيري وأوباما أن وضع إيران الحالي يسمح بإجراء اتفاقية تاريخية تُوقف المشروع النووي الإيراني، واعتقدا أن قادة إيران معنيون بالتوقيع على اتفاقية كهذه

بحسب أقوال ميلر، كان يؤمن كيري وأوباما بأربعة أمور باطلة جعلتهما يعتقدان أن اتفاقية من هذا النوع قابلة للحصول على أرض الواقع. باختصار، اعتقد الاثنان أن وضع إيران الحالي يسمح بإجراء اتفاقية تاريخية تُوقف المشروع النووي الإيراني، واعتقدا أن قادة إيران معنيون بالتوقيع على اتفاقية كهذه، وأن لديهما الحق والسلطة في فرض هذه الاتفاقية. يقول ميلر إن هذه الافتراضات التي افترضها قادة أمريكا قادتهم إلى الفشل.

طالما أن السلطة مرهونة بيد خمينئي، ليست هناك قيمة لمدى اعتدال روحاني وظريف

أولا، يشرح ميلر أن حسن الظن الأمريكي برئيس إيران، حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف كان مبالغا ومفرطا. صحيح أن الاثنين هما شخصان معتدلان، يقول ميلر، ولكن يجب ألا نستنتج من ذلك أن لهما القوة والسلطة لعمل اتفاقية تقضي بوقف المشروع النووي الإيراني. فإن كامل السلطة والقوة الإيرانية، كما هو متوقع في مثل هذه الدولة الاستبدادية، تقع في يد القائد الروحي علي خمينئي. وطالما أن السلطة مرهونة بيد خمينئي، ليست هناك قيمة لمدى اعتدال روحاني وظريف.

الرئيس الإيراني حسن روحاني (ATTA KENARE / AFP)
الرئيس الإيراني حسن روحاني (ATTA KENARE / AFP)

ثانيا، اعتقد أوباما وكيري اعتقادا خاطئا أن إيران متلهفة للوصول إلى اتفاقية، وأن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها تخنقها كثيرا. “بالتأكيد”، يقول ميلر، “ولكن إلى أي مدى تحتاج إيران اتفاقية من هذا النوع”. يقول إن “إيران أبدت قدرة عالية جدا لمواجهة الضغط الاقتصادي والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. هذه المفاوضات صحيح أنها أتت بإيران إلى طاولة المفاوضات، ولكن هذا لا يفيد أن العقوبات ستُلزمها إلى التوقيع على الاتفاقية”.

بحسب أٌقواله، أدت التجارة مع الصين وروسيا إلى تحسن نسبي في الاقتصاد الإيراني، ولذلك فالافتراض الأمريكي بأن الوضع الاقتصادي الصعب سيدفع بالإيرانيين للتوقيع على الاتفاقية هو افتراض خاطئ.

ميلر: “الحقيقة هي أن إيران تعلم ما تريد بالضبط: أن تدخر ما تستطيع من قدرتها لتطوير السلاح النووي، وأن تحرر نفسها من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها قدر الإمكان”

ثالثا، يعتقد ميلر أن الأمريكيين بالغوا في تصديق المقولة القائلة “المصالح أهم من الشرف الذاتي”. قد يكون ذلك صحيحا، يقول ميلر، ولكنه يذكّرنا أن خمينئي دائما كان يذكر موضوع الشرف والفخر الإيراني عندما كان يتحدث عن المشروع النووي. حتى الآن، أبعدت مبادئ خمينئي وقيمه المتعلقة بالشرف الذاتي والفخر، إلى جانب إيمانه القوي بالعقيدة الشيعية، المصالح المادية للاقتصاد الإيراني.

آية الله علي خامنئي  (AFP)
آية الله علي خامنئي (AFP)

وفي النهاية يقول ميلر أخطأ أوباما وكيري عندما اعتقدا أن بمقدورهما إيجاد أرضية مشتركة مع الإيرانيين، للوصول إلى حل وسط فيما يخص المصالح الإيرانية والمصالح الأمريكية. لم يقدّرا جيدا تمسّك الإيرانيين بأهدافهم، وعدم استعدادهم للتنازل.

يشرح ميلر: “الحقيقة هي أن إيران تعلم ما تريد بالضبط: أن تدخر ما تستطيع من قدرتها لتطوير السلاح النووي، وأن تحرر نفسها من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها قدر الإمكان”. ويُجمل ميلر قائلا إنّ “هذا هو السبب الذي يجعلها غير قادرة بعد على التنازل والوصول إلى حل وسط للتوقيع على الاتفاقية”. بحسب أقواله، لن يتم التوصل إلى حل حتى بعد التمديد لستة أشهر أخرى.

اقرأوا المزيد: 586 كلمة
عرض أقل
طفل سوري في حلب (AFP)
طفل سوري في حلب (AFP)

لمَ هذه الصعوبة في منع الشبان من الانضمام لداعش؟

تفشل برامج العون التي تهتم بالشباب في الدول التي يدور فيها الصراع، حيث تنجح في ذلك المنظمات المتطرفة، وذلك بإعطائهم أملا بالتغيير الاجتماعي، الحياة الكريمة ومعنى للحياة

08 نوفمبر 2014 | 11:34

يلغي شارون موريس في مقاله في ” فورين بوليسي” الإجابة النمطية عن السبب الذي يجعل شبانا كثيرين ينضمون للتنظيمات المتطرّفة، أنهم على الأغلب شبان فقراء وبسطاء، نجحت التنظيمات في خداعهم بقليل من المال، ولو قدم الغرب لهؤلاء المال والعمل، فلن ينضووا تحت لواء المتطرفين. ويدعي موريس أن تلك التنظيمات تعرض شيئا آخر لجيل الشباب، لا علاقة له بالمال والعمل، وهو الوعد بتغيير المجتمع الذي يمنعهم عن التقدم ويمنح حياتهم معنى.

حسب موريس، لدى أولئك الشباب، المنضمين للدولة الإسلامية، والشباب، وطالبان وغيرها، طموحات تشبه طموحات الشباب الذين نزلوا للشارع في القاهرة ووول ستريت وغيرها، إنهم يريدون أن يقولوا للجيل القديم لقد سئمنا. يريدون تغيير العالم، محاربة الظلم، وتحدي الوضع القائم.

من ناحية الكاتب، ما دامت الأولوية لتنظيمات العون هي إيجاد عمل للشباب وإبقائهم في المدارس، فإن الهدف الحقيقي سيتم تفويته، لأنها تتجاهل الجانب العاطفي لهؤلاء الشباب. بل إن نفس البرامج في بعض الدول تساهم في ترسيخ الحواجز الاجتماعيّة التي يواجهها هؤلاء الشباب كما في باكستان.

طفل في سوريا يحمل مسدس في حلب (AFP)
طفل في سوريا يحمل مسدس في حلب (AFP)

في حالات كثيرة والتي يتلقى بها شاب مالا أو عملا “وضيعا” مثل جمع النفايات، ترميم البيوت، تنظيف مجاري الصرف، يزداد الشعور بالإحباط، لأنه يدرك أنْ لا أمل له في التقدم في الطبقات الاجتماعية، ويمكن للمجتمع الدولي أن يعطيه فقط المال لكن لا يمكنه أن يغيّر واقعه الاجتماعي العسير.

بالمقابل، تنجح التنظيمات الإرهابية، مثل الشباب، والدولة الإسلامية، في مخاطبة “قلوب” هؤلاء الشباب، بمنحهم أملا، يمكن به إحداث تغيير اجتماعيّ ولذا يزداد احتمال تجنيدهم.

لقد ذكر الكاتب أيضا أن “القوانين الاجتماعيّة” في المجتمعات التي يقع فيها العنف المتواصل تختلف إطلاقًا عن مجتمع لا يتعرض لنفس المستوى من العنف، لذا فإن التبرعات المالية لا تستجيب لمطالب مثل “بناء الثقة من جديد” بالمجتمع، أو منحهم وسائل لمواجهة الإحباط والتخويف.

يستنتج الكاتب أن على برامج العون كي تنافس التنظيمات المتطرفة أن تكون أفضل إدراكا لما يريد الشباب. لقد كتب: “منح مال أو إيجاد عمل للشاب على المدى القصير حل بسيط، لكن الأكثر تعقيدا هو دمج شبان أذكياء وطموحين يعانون اليأس من حكومتهم أو من الفساد المؤسسي، أو الحواجز الاجتماعية”.

حسب رأي الكاتب، يجب أن تتعلم تنظيمات عون الشباب من جبهة النصرة، وبوكو حرام كيف تنجحان في مخاطبة قلوب الشبّان. كلاهما يمنح الشبان هدفا، مستقبلا أفضل وحماسة، أما الأولى فتعدهم ببعض الأموال.

اقرأوا المزيد: 343 كلمة
عرض أقل