حضر اسم الأسير الفلسطيني الأشهر في السجن الإسرائيلي، مروان البرغوثي، مطلع الشهر الجاري بقوة في الشارع الفلسطيني، بعدما تصدر قائمة الشخصيات الفتحاوية في اللجنة المركزية لحركة فتح، أعلى لجنة قيادية في الحركة، وعلت الأصوات داخل الحركة وفي الشارع الفلسطيني التي طالبت الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تعيين البرغوثي نائبا له. وكل هذا والرجل يقبع في السجن الإسرائيلي ل5 مؤبدات و40 عاما أخرى منذ عام 2002. ما هو سر نجاحه؟
تظهر استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة مرة بعد مرة أن شعبية مروان البرغوثي لدى الفلسطينيين لا تتراجع، ورغم وجوده خلف القضبان إلا أن صوته لا يزال مسموعا بقوة في الخارج، في فلسطين ودول العالم. ولولا قرينته، فدوى البرغوثي، المحامية النشيطة، لكان صوته خفت تماما.
فقد أصبحت فدوى مشهورة، واسمها مرادف لاسم مروان البرغوثي، وحين يدور الحديث عن واحد يذكر الثاني حتما.
تعيش في ظل مروان؟
تكتب فدوى في رسالة نشرت العام الماضي، في ذكرى مرور 14 عامًا على اعتقال البرغوثي: “عندما وقعت في حب مروان كنت في الإعدادي وكان هو ربما لم يكمل الثانوي وقد ولد كلانا في قرية كوبر (رام الله)”. وتتابع أنها منذ أن وقعت في حبه لم يعد تراودها خواطر الحياة من دونه، رغم التحذيرات التي سمعتها من عائلتها ومنه شخصيا بأن الارتباط به لن يخلو من المتاعب خاصة بعدما سجن البرغوثي في إسرائيل لمدة 5 سنوات، بين العامين 1978 و 1983.
ويظهر أحيانا خلال المقابلات التي تجريها فدوى مع وسائل الإعلام العربية أن محور الحديث معها هو مروان البرغوثي وأحواله في السجن وعلاقته بالعائلة، وليست هي وحياتها ومن تكون، وتظهر وكأنها متحدثة مروان البرغوثي، تتكتم على عنائها وتقوم بوظيفتها على أحسن وجه.
لكن نتائج الانتخابات التي أفزها المؤتمر السابع، تبرهن أن فدوى بنت لنفسها مقاما في حركة فتح، فقد حققت فوزا سياسيا كبيرا، وانتخبت عضو في المجلس الثوري للحركة. ويتحدث مسؤولون فلسطينيون عنها أنها مناضلة نشيطة قوية، تخدم القضية الفلسطينية بإخلاص، وقد استطاعت عبر حملتها الخاصة بمروان البرغوثي رفع قضية الأسرى جميعا في العالم.
وكانت فدوى قد أعلنت خلال العام الجاري عن ترشح زوجها لرئاسة عباس رغم أنه خلف القضبان، ودار الحديث عن أن السياسي الفلسطيني المعروف صائب عريقات يدعم ترشيحه. وقالت خلال الشهر الجاري إن الرئيس عباس اتصل بها ليبلغها أن زوجها حصل على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية، أعلى لجنة قيادية في الحركة.
زوجة “نيلسون منديلا” الفلسطيني
تقول فدوى في مقابلاتها إنها “تدافع عن قضية عادلة، وقد زارت نحو 50 دولة، والتقت رؤساء دول، وبرلمانيين، ومناضلين رافعة راية مروان البرغوثي، ومطالبة بإطلاق سراحه”. وهي المحرك وراء حملة منحه جائزة “نوبل” للسلام، في تجربة مشابهة لتجربة القائد الوطني الجنوب أفريقي نلسون مانديلا.
وتكتبت فدوى أن مروان هو من أقنعها بدراسة الحقوق، رغم أنها كانت على وشك انهاء دراسة الرياضيات. وربما كان يعلم آنذاك أنه سيكون لها دور في الدفاع عن قضيته، ومواصلة النضال حينما يدخل السجن المؤبد.
وعدا عن الدور الذي تقوم به في الخارج، تهتم فدوى على وضع زوجها في صورة الأوضاع في فلسطين، والبقاء على ذكر اسمه في كل مناسبة وعدم خفتان صوته أبدا.
ورغم الأمل الذي تبثه فدوى، إلا أن تحرير البرغوثي من السجن الإسرائيلي شبه مستحيل. فبالنسبة لإسرائيل، البرغوثي متورط بقتل 5 إسرائيليين. ووصفه القضاة الإسرائيليين بأنه قاد العمليات الإرهابية خلال ترأسه “التنظيم” و “كتائب شهداء الأقصى”، وكان العقل المدبر وراء موجة الإرهاب التي قتلت العشرات من الإسرائيليين.
أم لعائلة
وفدوى ليست فقط محامية دفاع عن زوجها مروان البرغوثي، فهي حين تعود إلى بيتها بعيدا عن نشاطها السياسي، أم ل4 أولاد. وحين تُسأل في المقابلات الإعلامية عن أصعب ما تواجه في حياتها فترد أنه حرمان أطفالها من دور الأب.
وتقول فدوى أن أشد اللحظات صعوبة عليها هي حين تستمع إلى شكاوى أبنائها عن غياب الأب من العائلة. وتروي في رسالة شخصية أنها وضعت أولادها جميعا بغياب مروان، فإما كان في السجن أو الاعتقال الإداري أو المنفى، قبل دخول السجن المؤبد عام 2002.
وهي تقول إن العائلة تفعل مونتاج للصور العائلة ليظهر فيها مروان، وتحافظ على الصلة معه عبر الرسائل التي ينقلها له محاميه وينقلها معه للعائلة.
وحين تسأل إن كانت تريد مروان أن يصبح رئيسا؟ تجيب “أريد مروان الزوج، الشريك الحبيب. نصفي بعيد وغائب. أرجو أن يرجع للأولاد”. لكنها لا تنسى أبدا دورها الوطني فتكمل “لكنه سيستجيب إلى نداء الشعب الفلسطيني دائما”.