الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

العرب في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي

نوف عثامنة إسماعيل، الفائزة ببرنامج الطبخ "ماستر شيف" أمس، هي مجرّد عربيّة واحدة من كثيرين نجحوا في الآونة الأخيرة بأسر مشاهدي برامج وقت الذروة الإسرائيلية بسحرِهم. فكيف ينظر إليهم المجتمَع الإسرائيلي، وماذا يمثِّلون؟

وقت حبس الأنفاس – بعد ثوانٍ سيُعرف الفائز بلقب “ماستر شيف”، برنامج الواقع في مجال الطبخ الأكثر مشاهدةً على التلفزيون الإسرائيلي. فجأةً، يحدث الأمر – “نوف، أنتِ “الماستر” القادمة في إسرائيل”، يُعلن أحد الحكّام في البرنامج.

عثامنة (37 عامًا) هي دكتورة في علم الأحياء من باقة الغربية، تعِد، وعيناها مغرورقتان بدموع الفرح، بأنها ستسعى لتحقيق حلمها إنشاء مدرسة للطبخ يرتادها التلاميذ العرب واليهود من جميع أرجاء البلاد لدراسة أسرار الطبخ الشرق أوسطيّ المعاصِر.

رآها مشاهدو البرنامج طيلة حلقات الموسم حائرة في الهوية: عربية، إسرائيلية، تحترم المكان الذي منه أتت والمجتمع الذي تمثّل، لكنها غير مستعدّة لقبول كلّ الإملاءات والقيود التي فرضها ويفرضها المجتمع العربي على المرأة. أوضحت عثامنة نفسها أنّه كان صعبًا عليها مواجهة هويّتها المشطورة إزاء المجتمَع اليهودي الإسرائيلي. فقد كان يهمّها أن تجيد النطق بالعبريّة دون طريقة لفظ مختلفة حتّى لا توسم على أنها من “الأقليات” في المدرسة، كما كان يهمهّا تحصيل إنجازات هامّة في الحياة لتثبت أنها ليست عربيّة تقليدية، تجيد الطبخ، ومكانها المطبخ. ورغم كونها أمًّا لثلاثة أطفال، وحائزة على دكتوراة في الأحياء الدقيقة، فقد كسرت أساطير ومسلّمات اجتماعيّة وخاصّة بالطبخ. فمَن فكّر في وضع سمك في الكبّة؟ وأن يكون لها أيضًا مذاق تابل هنديّ خاصّ؟ ولسببٍ ما، فُتن الحُكّام بسحرها.

السنة الماضية، شاركت سلمى فيومي، عربية متديّنة من كفر قاسم، هي الأخرى في برنامج الواقع “ماستر شيف”، وكادت تخطف المركز الأول، الذي حصل عليه متسابِق آخر نجح في التغلُّب عليها. وتلقّت سلمى عددًا غير قليل من ردود الفعل العنصرية في الإنترنت بادّعاء أنّ وصولها إلى النهائي كان لسبب التمييز المصحِّح.

سلمى فيومي
سلمى فيومي

كان بعض التعليقات المكتوبة حولها في المواقع المختلفة عنصريًّا حقًّا. “هذه الردود لا تفاجئني”، ردّت في مقابلات بعد انتهاء الموسم الماضي من “ماستر شيف”. “تلحق هذه التصريحات الأذى بي، وتغضبني العنصرية دائمًا، لكنّ الناس يدّعون وجود نوعٍ من التفضيل منذ بداية الموسم، وأعلم أنّ هذا ليس أمرًا شخصيًّا. فضلًا عن ذلك، إذا نظرتم إلى نسبة مشاهدة البرنامج والمحبّة التي أجدها في الشارع، تفهمون أنّ هذه الردود تعبّر عن أقليّة. فهي لا تمثّل ما يجري على الأرض. قال لي أشخاص إنهم ظنوا قبل أن يرَوني أنّ العرب لا يجيدون الحديث والتعبير عن أنفسهم، وإنني غيرتُ رأيهم. أنا فخورة بذلك”.

منذ سنوات، يواجه المشاركون العرب في برامج الواقع التعقيد الغريب الذي يرافق مشاركتهم في البرامج الأكثر شعبية في التلفزيون الإسرائيلي. فمن جهة، تراك الدولة كلّها، والشارع يفيض حبًّا. ومن جهة ثانية، ثمة دائمًا أشخاص يجيدون إغاظتهم، لأنهم عرب حصرًا.

“أذكر أنّ البعض قال في الإنترنت إنه لا يحقّ لي أن أغني وأنّ علي الذهاب للغناء في الدول العربية”، تروي مريم طوقان، المشترِكة في الموسم الخامس من برنامج الواقع الموسيقيّ “كوخاف نولاد” (ولادة نجم). وتضيف: “لكنّ هذا لا يثيرني. فهذا لا يساوي شيئًا مقابل الأمور الجيّدة التي حصلتُ عليها من البرنامج”.

توافق فتنة جابر، المشتركة التي وصلت إلى نهائيات “الأخ الأكبر 2” على هذه المقاربة، وتسارع إلى القول: “اتصلت بي نساء من مستوطنة كريات أربع وقلنَ لي إنهن بدأنَ دراسة العربية بسببي، وقالت لي امرأة من بيسان إنها قبل أن تراني لم تستطع أن تسمع عن العرب، أمّا بعد “الأخ الأكبر” فقد أجّرت شقتَها لزوجَين عربيَّين. حتّى إنّ حاخامًا من كندا أتى للقائي. غيّرتُ الكثير، وأشعر بذلك حتى اليوم. فقد ظنّ الناس أنّ المسلمة المتديّنة لا يمكنها أن تبدو مثلي، لكنّ الناس اليوم لديهم نظرة أخرى. ينظرون بشكل مختلف إلى الدين، وإلى آراء العرب وعقليّتهم. من ناحيتي، أظهرتُ أنّ ثمة إمكانية للعيش معًا”.

فتنة جابر
فتنة جابر

برامج الواقع، كما هو معلوم، تحاول جمع متنافسين من شتّى الخلفيات في بيتٍ واحد، ثمّ تمنحهم الفرصة ليجعلوا واحدهم الآخَر يبدون على حقيقتهم. تساعد مشاركتهم بشكلٍ عامّ على إظهار جوانب إضافية في القوالب التي اعتدنا عليها، وتساعد على إعادة خلق الصُّوَر بطريقة حيويّة. لكنّ ما هو صحيح بالنسبة للمشترك “الشاذّ جنسيًّا”، المشترك من جنس “الشرقيّ الحارّ” أو “التل – أبيبية رفيعة الثقافة”، لا يصحّ بالضرورة على المشاركين العرب. فالبروفسور أمل جمال، رئيس برنامج الإعلام السياسي للمديرين في جامعة تل أبيب، يعتقد أنّ مشاركتهم في برامج الواقع تفعل العكس تمامًا: ترسّخ النظرة النمطيّة.

“إنّ حضورهم في هذه البرامج لا يكسر الأفكار المقولَبة مطلقًا، بل يحافظ عليها، فالدراسات تظهر أنّ العربي في برامج الواقع أمر مثير للضحك لا أكثر. إنه نوعٌ من الحيوانات الأليفة التي تُحضَر لزيادة نسبة المشاهدة”. ويتابع: “لاحِظوا مثلًا، أنه في كلّ برنامج واقع هناك عربي أو عربيّة، شخص واحد لا أكثر. يظهر العرب عادةً كشخصيات متديّنة تتجوّل في المطبخ أو عربيات انفعاليّات. إذا سألتِني، فهذه تتمّة مباشرة للعرض المشوَّه للعرب في الإعلام العامّ، حيث يجري عرضنا كمخالِفين أو عوامل تهديد فقط”.

وعدا واقع تحوّل العنصريّة في السنوات الماضية إلى جزء لا يتجزأ من الواقع ومن المجتمَع الإسرائيلي، تجاه القادمين الجدد، الإثيوبيين، العرب، اليهود، المتدينين، والشاذّين جنسيًّا، فإنّ برامج الواقع تُنتج بشكل طبيعي مشاعر عديدة. فعند وصول أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات إلى النهائي، أو فوزهم باللقب، تتضاعف هذه المشاعر، بحيث يتابع كلّ مشاهِد مع مرشّحه حتى النهاية.

تحوّلت برامج الواقع إلى الملعب شبه الوحيد الذي يُعطى فيه تمثيل للوسط العربي على الشاشة الإسرائيلية. فمشتركون مثل فتنة جابر ورنين بولس (“الأخ الأكبر”)، نسرين غندور (“سرفايفر”)، مريم طوقان (“ولادة نجم”)، فراس حليحل (“المليون”)، ولينا مخول ومنار شهاب (“ذا فويس”)، أدّوا إلى وضع فيه برامج الواقع هي المكان المركزي، شبه الوحيد، الذي يلتقي فيه المشاهد الإسرائيلي الشعب العربي، الذي يعرفه غالبًا عبر تقارير إخبارية في شأن النزاعات والعُنف.

المثير للاهتمام هو معرفة نظرة المجتمع العربي في إسرائيل لظهور شخصيات عربية ومشاركتها في برامج التلفزيون الشهيرة. يظهر استطلاع أجري عام 2013 لصالح الموقع الإخباري الاقتصادي “غلوبس” وموقع الإنترنت العربي “بانيت” أنّ 78% من المتصفِّحين يدعمون مشاركة أبناء المجتمع العربي في مثل هذه البرامج. وهذا اتّجاه معاكس لاستطلاع مماثل أجراه الموقع عام 2009. وينتج من الاستطلاع أيضًا أنّ 63% يعتقدون أنّ المشاركة تؤثر في وجهة نظر المجتمَع بين المشاهِدين عامّة، إذ يذكر 40% أنّ التأثير إيجابي، مقابل 23% يرون التأثير سلبيًّا.

وأظهرت دراسة أخرى أجراها في هذا الشأن المركز المتعدد المجالات في هرتسليا أنّ برامج الواقع التي كان فيها مشترِكون عرب منحتهم إمكانية للظهور ووقتًا جيّدَين، ولكن بنسبة لا تزيد عن نسبتهم بين السكّان (20%)، حتّى في حالة فوز المشترِكين العرب. مع ذلك، غابت لغتهم الأم، اللغة العربية، بشكل كليّ تقريبًا عن الشاشة.

ويظهر أيضًا من الدراسة، التي تطرقت إلى الأعوام 2003 – 2007، أنّ النزاع والهوّة بين اليهود والعرب لم يكونا في مركز البرامج التي فُحصت، ولكن في جميع البرامج كانت لحظات طُرح فيها الموضوع بشكل واضح، بما في ذلك النظرة السلبية للمشترِكين اليهود للمشترِك العربي.

في الوقت الراهن، رغم الدراسات التي تثبت غياب التمثيل المناسب والحقيقي للمجتمع العربي في إسرائيل في الذروة التلفزيونية الإسرائيلية، يبقى فقط الأمل بأن يكون المشترِكون العرب يومًا ما، جزءًا لا يتجزأ من الأحلام، خيبات الأمل، الأحاسيس، وقصص النجاح في المجتمَع الإسرائيلي، بحيث لا يجري إدراجهم في إطار “وسط” و”أقلية” مع جميع الأفكار النمطية المرتبطة بهذَين اللقبَين.

اقرأوا المزيد: 1049 كلمة
عرض أقل
فتنة جابر
فتنة جابر

فتنة جابر

مقابلة مع نجمة "الأخ الأكبر" الإسرائيلي

20 مارس 2012 | 14:56

شارع شينكين بمدينة تل أبيب يعج كعادته بالزوار الذين يتوافدون عليه من جميع البلاد. هذا الشارع أصبح ,على مر السنين, يشكل رمزا للحضارة والحرية خاصة أمام الطبقة الشابة. ومن بين المشاريع التي فتحت هنا, مطعم صغير للحمص لصاحبه أكرم جابر. ولولا شهرة زوجته فتنة جابر لما كان هذا المطعم يختلف عن باقي المطاعم والمحلات التجارية هناك.

فتنة, إبنة مدينة الطيبة إشتهرت مؤخرا بعد مشاركتها الناجحة في برنامج “الأخ الأكبر” الذي بث على القناة الثانية قبل أكثر من عامين. وحسب الموعد بيني وبين النجمة الجديدة صاحبة الحضور الأنيق, لاقيتها في مطعمها, لكنها طلبت مني أن يكون الحوار في مقهى مجاور تملكه إمرأة تبلغ من العمر تسعين عاما, كي تبتعد قليلا عن ضجيج الزبائن في المحل.

لاحظت أن هذه الامرأة محبوبة لدى الجميع. الكثيرون من المارة يلقون عليها التحية وآخرون يحتضنونها ويقبلونها.

لم أكد أبدأ بالمقابلة حتى بدأت الصورة تتضح أمامي … هاتف فتنة جابر بدأ بالرنين … ومن كان على الطرف الآخر من الخط الهاتفي؟ سكرتيرتها ومديرة أعمالها التي تدير شؤونها.

شو فتنة ؟ مبروك … أصبحت إمرأة أعمال !!!

ليس إلى هذا الحد, لكن وبصراحة بعد النجاح الذي حققته في برنامج “الأخ الأكبر” الهاتف لم يتوقف عن الرنين وبدأت العروض تنهال علي من كل حدب وصوب. عدا عن عملي في المطعم وكوني ربة منزل وأم لطفلين. لذلك لا مفر من أن تكون لي من تدير أعمالي خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الجديدة. الحقيقة لم أتوقع أن يأتي يومأ ما وأصبح إمرأة أعمال.

وما هي هذه المشاريع؟ حدثينا عن آخر أعمالك…

خلال الأسابيع الأخيرة, وبعد عمل إستغرق عاما ونصف العام, تم والحمد لله بسلام الإحتفال ببدء تسويق الكتاب الذي يحمل إسمي “من مطبخ فتنة” الذي يضم بين صفحاته وصفات لمأكولات شرقية وعربية. وتتميز هذه المأكولات بثلاثة أمور رئيسة. الأولى, هي أن مكونات هذه الأكلات بمتناول اليد ومتوفرة في جميع المحلات. الأمر الثاني, أن تكلفة إعدادها ملائمة لكل جيب. والأمر الثالث, طبيعة الأكلات, فهي سهلة الإعداد ولذيذة.

كانت لي كذلك مشاركة في ندوات وفعاليات خاصة بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي صادف مؤخرا. بالإضافة إلى مقابلات صحافية, ندوات, محاضرات … .

وهل حقق هذا الكتاب نجاحا أو إقبالا؟

الحمد لله كان الإقبال كبيرا لدرجة أنه حصل على المرتبة الثالثة من حيث المبيعات حسب صحيفة هآرتس.

الكتاب من فكرتك أنت؟

بصراحة لا. لكن كانت هذه نصيحة من بعض الأخصائيين في مجال التسويق. وعلى فكرة, هناك منتوج آخر يحمل إسمي ونصحني به هؤلاء وهو “عطر فتنة”. الأخصائيون قالوا لي إن شخصيتي, وبكل تواضع, تعكس جوانب إيجابية تؤثر إيجابا على الناس.

قمت بتقديم برامج للطبخ على الشاشة, كيف كانت هذه التجربة؟

بعد الخروج من بيت “الأخ الأكبر” تلقيت عروضا كثيرة لخوض أعمال تلفزيونية. وفي نهاية المطاف وقع الإختبار على تقديم برنامج عن الأكل, المطبخ والطبخ. قدمت مثل هذا البرنامج على قناتي الأكل والقناة العاشرة وعلى مدى عامين. والحمد لله كان النجاح كبيرا جدا وهذه الأعمال لاقت إعجاب الكثيرين.

تميزت بالطبخ, كيف بدأت بالطبخ؟

لا تنسى أننا عرب. عاداتنا وتقاليدنا تلزمنا بالقيام بواجبات البيت ومستلزماته. وقضية الطبخ وتحضير الوجبات الرئيسية, لزوجي والأولاد أمر واجب ومهم. في البداية وقبل أن ألد أولادي, عندما كنت أحضر طبخة معينة كنت أستشير أمي عن طريق الهاتف. ومع الوقت تعلمت وتدربت لوحدي. ومشاركتي في برنامج “الأخ الأكبر” أتاحت لي إمكانية التعبير أكثر عن موهبتي وحبي للطبخ.

فتنة جابر
فتنة جابر

من دفع بك إلى المشاركة في برنامج “الأخ الأكبر”؟

أولادي. لور وريف.

كيف فعلوا ذلك ؟

أذكر انه كان يوم جمعة خلال شهر رمضان. كنت أعمل في المطعم. توجهت إلي إحدى الزبائن وسألتني من أنا؟ قلت لها: “إسمي فتنة, أنا وزوجي ندير هذا المطعم”. سألتني إذا كنت قد سمعت عن برنامج “الأخ الأكبر”. فأجبت بأنني سمعت عنه لكنني لم أشاهده إلا مرة أو مرتين. فطلبت مني رقم الهاتف وسألتني هل سأكون مستعدة للمشاركة فيه. قلت لها: “لا, لأنني لا أريد أن أكون في “سجن” لمدة ثلاثة أشهر”. فردت عليَّ قائلة: “أذهبي إلى البيت وفكري في الموضوع وأنا سأكون على إتصال معك”.

وحقا,عدت إلى البيت. وبعد تناول الإفطار بعد يوم شاق من العمل والصيام, عرضت الموضوع على زوجي وأولادي. زوجي أكرم شجعني بأن أشارك مشيرا إلى أنه سيتم إقصائي من المراحل الأولى لكوني عربية. أما الأولاد فأصروا علي بالذهاب مهددين بمقاطعتي إذا لم أذهب. وحقا, إتصلت تلك الإمرأة مرة أخرى في ساعات المساء وطلبت مني أن أقوم بإمتحان شاشة (أوديشين). وبعد إمتحانين من هذا النوع قالوا لي بأنني سأكون من بين المشاركين في البرنامج. ترددت كثيرا ولم أكن متحمسة إلا أن أولادي أصروا مرة أخرى وضغطوا عليَّ وهما اللذان قاما بتجهيز أغراضي. و”هيك صار اللي صار…”

هل فكرت بالمجتمع العربي؟

بالتأكيد فكرت بهذا المجتمع لكن قلت وأكدت لنفسي بأنني لن أقوم بأي عمل من شأنه أن يُغيِّر من طبيعتي ونمط حياتي. لأن عاداتي وتقاليدي ستبقى كما هي ولن أتنازل عنها بل سأحافظ عليها. وهذا ما حدث. وقلت لزوجي بأن هذه الخطوة من شأنها أن تعطيني الفرصة لأوصل رسالتي بطريقتي وهي تغيير التصور المسبق عن العرب. وأضيف لك شيئا ربما لا يعرفه إلا القلائل وهو أنني كنت, والحمد لله, أقوم بأداء الصلاة في بيت “الأخ الأكبر”. لم أسمع ردود فعل غير مريحة من الوسط العربي بل بالعكس لاقيت دعما كبيرا منه بعد المشاركة في البرنامج.

والمجتمع اليهودي؟

لم أتوقع أن أحصل على مكالمات هاتفية داعمة بهذا الكم والمعنى. وصلتني مكالمات هاتفية داعمة ومشجعة من جميع المدن في إسرائيل من كريات شمونة في الشمال وحتى إيلات في الجنوب. قبل حوالي شهر جاء إلى المطعم كاهن يهودي من كندا أراد مقابلتي وقال إنه يريد أن يلتقط صورة معي هو وإبنه. قال إنه يتابع برامجي في القناة العاشرة من كندا. وأكد لي أنني مثال ليس لكل إمرأة في إسرائيل بل في العالم أجمع. وأشار إلى أنه يريد أن يثبت لزوجته بأنه لاقني, لأنه كان العام الماضي في إسرائيل دون أن يتمكن من مقابلتي.

خلال الحديث جاء أكرم, زوج فتنة, وسألها :”شو أعمل بالطبخة ؟”. فأجابته فتنة :”حُط عليها شوية ملح وخفف لهيب النار”. طلبت من أكرم أن ينضم إلينا وسألته: “ما هي الصعوبات التي واجهتها أنت والأولاد خلال مشاركة فتنة في البرنامج؟” فأجاب: ” ليس سهلا أن تغادر المنزل لثلاثة أشهر, لكن أنا والأولاد ندعمها دائما وتربطنا علاقة قوية جدا. وهي تحب المغامرات”. بعد هذه الكلمات القصيرة طلب أكرم المعذرة ليعود إلى المطعم الذي يعج بالزبائن.

يعني من دونك ما بمشي الأكل؟

لا. أكرم أيضا خبير في الطبخ لكن عندما أكون بجواره يحب أن يأخذ بإستشارتي.

إذن من تكون فتنة؟

بالأصل أنا من مدينة الطيبة ولي سبعة إخوة. بعد إنهاء امتحانات التوجيهية-البجروت بنجاح تعلمت الصحافة ومن ثم درست علم البصريات. عملت ستة أعوام في هذا المجال. تعرفت على زوجي أكرم الذي درس علم الإجتماع خلال فترة التعليم في الجامعة العبرية في القدس. تزوجنا ورزقنا بولدين. البنت لور وعمرها ستة عشر عاما تدرس في مدرسة أليانس الفرنسية بحي رمات أبيب بمدينة تل أبيب وإبني ريف البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما يتعلم في مدرسة الجيمينتسيا بمدينة هرتسليا. نسكن في تل أبيب منذ نحو سبعة عشر عاما وهذا هو أيضا عمر مطعم الحمص الذي نملكه في شارع شينكين.

هناك من ينظر إليك بأنك جسرت بين المجتمعين العربي واليهودي. هل تشعرين حقا بهذا الشعور؟

حقا أشعر بذلك. بصراحة, منذ سنوات وأنا أحب أن أقوم بأعمال تحمل طابعا من التعايش. كنت ولا زلت ألقي محاضرات عن التقارب والتسامح بين المجتمعين. والأهم من ذلك أعتقد أن للمطبخ, الأكل والطبخ أهمية كبرى في ذلك.

مجلة “تايم آوت” إختارتك من بين النساء الأكثر أنوثة في إسرائيل. كيف؟

قبل أن تجيب فتنة على هذا السؤال إبتسمت للحظات … لتتبعها ضحكة … ومن ثم لوحظ الحياء على وجهها …

لم نسمع عنك بأنك خجولة…

عندما سمعت عن ذلك خجلت كثيرا. كان صعبا علي الحصول على مثل هذا اللقب. زوج إحدى صديقاتي قال لي”ليش هذه الفضائح” فقلت له لماذا فضيحة, وهل كان هذا بإختياري؟ المجتمع اليهودي أعطى ملاحظات إيجابية وقالوا لي بأنني جميلة جدا … ولا أريد أن أزيد على هذا الموضوع لأن الأمر يخجلني.

ما هي أمنيات فتنة؟

أن أكون أنا وأولادي وزوجي بصحة وسلامة. وأن أواصل مسيرتي على الطريق الصحيح. وآمل بأن أبقى جسرا بين الشعبين العربي واليهودي.

وهواياتك ؟

أحب الرياضة خاصة المشي. أحب السباحة لكن حُرمت من ذلك بسبب المصورين الذين يحاولون إلتقاط صور للمشاهير دون علمهم.

هل فكرت في مجال السياسة؟

توجهوا إلي. لكن لا أحب هذا المجال. ولا أحب الساسة والسياسة.

كلمة أخيرة …

أتمنى بأن يتغيّر الوضع في المنطقة وأن يكون هناك تقارب بين الجميع. وأن ينعم الجميع بالتغيير نحو الأحسن والأفضل. أن يكبر الأولاد على أشياء مفرحة أكثر وأن تنعدم المشاكل في جميع النواحي.

وعلى المستوى الشخصي؟

أن أكمل في المشوار الذي أقوم به.

بعد إنتهائي من اللقاء أصرت فتنة على أن أتذوق من الحمص في المطعم. لن تصدقوا, الطعم لذيذ جدا والفلافل كذلك, ما دفع بي لأسألها:”ما هي المقادير التي توضع على الحمص؟” فأجابت مبتسمة “هذا هو السر وسيبقى هذا السر عندنا فقط”

صحتين وعافية !

اقرأوا المزيد: 1335 كلمة
عرض أقل