عملية عاصفة الحزم

زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الى السعودية ولقاءه بالعاههل السعودي سلمان بن عبد العزيز ()
زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الى السعودية ولقاءه بالعاههل السعودي سلمان بن عبد العزيز ()

زيارة وداع للرئيس أوباما إلى حقل الألغام السعودي

اتفاقية النووي مع إيران تمس كثيرًا بالعلاقات الجيدة بين السعودية وواشنطن. على خلفية زيارة رئيس الولايات المُتحدة المتوقعة إلى المملكة، يُدرك السعوديون أنه ما من بديل للتحالف مع الأمريكيين

رُبما كان الرئيس أوباما قد قرر أن يفتتح جولة الوداع في الشرق الأوسط بزيارة السعودية، ولكن رصدت عناوين الصحف في المملكة مُحمد بن سلمان، ابن ملك السعودية، الذي طمأن المواطنين القلقين أن تسعيرة الماء الجديدة “حُددت بشكل غير مُرضٍ ولهذا ستُصحح”. إن كان هناك ما يثير قلق السعوديين فهو التوقعات الاقتصادية السلبية العاصفة التي تستند إلى انخفاض سعر النفط، فشل مؤتمر الدوحة الذي كان مُخصصًا لخفض مُعدل إنتاج النفط بهدف رفع سعره في السوق العالمية، والحرب المُستمرة في اليمن، التي وصلت المفاوضات لحلها إلى طريق مسدود.

تشكل زيارة أوباما في هذه المرحلة على الأغلب “ضررا بيئيا”، وعلى المملكة احترام أوباما وفق آداب التصرف- ولكن من المُفضل أن يكون الضيف مُستعدًا أيضًا لنيل “حمام ماء بارد”. ارتكب أوباما، بحسب رأي المملكة، عدة أخطاء سياسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وطالت الأخطاء، بشكل غير مُناسب وغير منطقي، تحديدًا من تعتبر الولايات المُتحدة كحليف أساسي لها في العالم.

الأمير محمد بن سلمان (AFP)
الأمير محمد بن سلمان (AFP)

من الصعب تحديد المكان والزمان اللذين وقع فيهما الشرخ بين البلدين. هناك من يعزو بداية الغضب السعودي إلى موقف واشنطن من الرئيس المصري السابق مُبارك والتخلي عنه في ثورة كانون الثاني 2011، ويتهم آخرون أوباما بتقاعسه فيما يتعلق بالمجزرة الحاصلة في سوريا، ولاحقًا إلى تنازلاته الكثيرة أمام الضغوطات الروسية. إنما لا شك أن ذروة التحول كانت في اتفاقية النووي مع إيران. تمسكت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية بموقفين مُختلفين، بل فيه نوع من المعاداة. ضحى أوباما، وفق أقوال السعوديين، بسوريا أيضا من أجل إيران. بينما حاول الرئيس إقناعهم أن هذه الاتفاقية ستؤدي إلى فترة طويلة من الهدوء.

ما أخاف السعودية أكثر من التهديد المُتمثل بالنووي الإيراني هو المكانة الجديدة التي يُتوقع أن تحظى بها إيران نتيجة هذه الاتفاقية. حاولت السعودية إفشال هذا الاتفاق، أو جعل إيران تُقدم تنازلات أُخرى كبديل. فزادت من إنتاج النفط وتسببت بهبوط حاد بالأسعار. كان الهدف من ذلك هو ممارسة ضغط اقتصادي ضد إيران وروسيا، مما يجعل إيران تتنازل في موضوع النووي وأن تقبل روسيا الموقف السعودي فيما يخص مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. ولكن لم ينفع ذلك الضغط، وتعاني السعودية اليوم من صعوبات اقتصادية، ما أدى، من بين أمور أخرى، إلى رفع تسعيرة الماء كثيرا، كجزء من تقليص الدعم الحكومي الذي تنوي تطبيقه. بالمقابل، تحولت إيران، إلى وجهة للشركات العالمية والدول الغربية. وما زالت تُمارس تأثيرها في سوريا ولبنان. تُحَجّم العلاقات القوية بين إيران والعراق، ودعم إيران للحوثيين في اليمن، من مكانة السعودية في المنطقة.

لم تُضف تصريحات أوباما لـ “أتلانتيك”، التي قال فيها إن “على السعوديين أن يتعلموا تقاسم المنطقة مع الإيرانيين”، الراحة للملك السعودي المريض أساسًا. وثمة صعوبة أخرى، وهي عدم قدرة واشنطن على دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والآن أصبح يحوم حول السعودية شبح الدعوى القضائية التي ستُرفع ضدها بتهمة وجود علاقة بين السعودية وهجمات 11 أيلول. هددت السعودية، بشكل غير مسبوق، بأنها سوف تسحب أصولها البنكية من الولايات المُتحدة، التي تُقدر بنحو 750 مليار دولار، إذا سمحت الإدارة الأمريكية بمُحاكمتها في قضية الهجمات. وقد حدث حقا تباعد كبير بين البلدين منذ أن سمح الرئيس بوش لمواطنين سعوديين، من بينهم أفراد من عائلة بن لادن، بالهرب من الولايات المُتحدة في الأيام الأولى من الهجمات.

هجمات 11 أيلول 2001 (AFP)
هجمات 11 أيلول 2001 (AFP)

يعرف السعوديون جيدًا، على الرغم من قائمة الشكاوى الطويلة، أنه ليس هناك بديل لواشنطن. على الرغم من محاولات روسيا من التقرب إلا أنها ليست بديلاً. وكذلك لعدة أسباب ومن بينها أن روسيا تُعتبر حليفة إيران، كون الجيش السعودي مبني على أساس بنى تحتية أمريكية وأوروبية، وعدم وجود تقارب أيديولوجي بين البلدين أيضا. في البحث عن حليف استراتيجي لمواجهة التأثير الإيراني فإن واشنطن هي العنوان وليس موسكو.

هذا التوقيت أيضًا ليس توقيتا جيدا لإحداث تغييرات استراتيجية كبيرة. الملك سلمان، ابن 80 عامًا مريضٌ وتتزايد التقارير المُتعلقة بحالة تعرضه للخرف. تدور في الباحة الخلفية في المملكة رحى صراع خفي على السلطة بين ابنه مُحمد وبين ولي العهد، الأمير محمد بن نايف. كلاهما من الداعمين للتحالف مع أمريكا وهما قلقان على سلامة أمريكا في حال فاز دونالد ترامب بالرئاسة. ليس هذا وقت مُناسب للتعامل اللامبالي مع أوباما. ولكن لن يرغب هذا الثلاثي في الاكتفاء بتصريحات علنية تؤكد على الالتزامات الأمريكية. بل سيطالب بتأمين مُستقبل العلاقات – سواء كان هذا التأكيد من خلال التحالف العسكري الرسمي أو من خلال اتفاقيات طويلة الأمد، التي لا يُمكن لأي رئيس أمريكي التهرب منها، وإن كان يكره العرب والمُسلمين مثل ترامب. مُقارنة بفترات سابقة، وخاصة في عهد جورج بوش الأب، جورج بوش الابن، والملك عبد الله في السعودية – ربما كان البلدان مُندمجان معا، والقلق بخصوص مكانتهما في المنطقة لا يسمح لهما أن يتنازلا عن بعضهما، ولكن يبدو أن الغراء الضروري الذي يربط العلاقات بينهما، آخذ بالتلاشي.

تم نشر هذا المقال التحليلي لأول مرة في صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 720 كلمة
عرض أقل
دام عز المملكة السعودية
دام عز المملكة السعودية

#الموت_لال_سعود يكتسح النت ومؤيدو العائلة المالكة يردون

مُتصفحون سعوديون ينشرون هاشتاغا داعما للعائلة الوهابية المالكة، كرد فعل غاضب على هاشتاغ ضد العائلة وخطواتها الاستراتيجية في الساحة المُشتعلة في الشرق الأوسط

ليس سرًا أن العائلة السعودية المالكة تجذب إليها، في الآونة الأخيرة الكثير من النار. وتأتي النار من كل حدب وصوب. إن الإيرانيين ليسوا راضين عن التدخل المُتزايد للعائلة السعودية المالكة في الحرب الأهلية السورية. كذلك ناشطو حقوق الإنسان ليسوا راضين عن الزيادة المُقلقة في عمليات الإعدام، التي يُوقّع عليها زعماء البلاد، القيود الاجتماعية ضد النساء والتعذيب الشديد ضد المثليّين. ويمقت نظام الأسد الدعم الذي يُقدمه الملك آل سعود للمُتمردين السوريين، كما أن جزءا من اليمنيين غير راضين عن الغارات الجوية التي تنفذها طائرات مملكة آل سعود ضد أهداف كثيرة في اليمن.

لقد نُشر هاشتاغ جديد في الأيام الأخيرة #الموت_لال_سعود”، ونجح في زعزعة عالم الكثيرين في العالم العربي. يتهم مُعارضو الوهابيين السعوديين بالوضع السيء الذي آلت إليه حال الوطن العربي والإسلامي، وبالتعامل بوجهين وبالفساد. وقد طالب الكثيرون أيضا اتخاذ خطوات جادة ضد العائلة وعزلها عن الحكم.

من بين الردود الغاضبة، على تويتر، يُمكن الاطلاع على هذه الردود الغاضبة التي تنعت أفراد العائلة، وتحديدًا الملك ووزير الدفاع السعودي، بصفات مُخجلة مثل خنازير وأبناء قردة:

https://twitter.com/Sammoha11235724/status/674123149643014144

https://twitter.com/Sammoha11235724/status/666329656954593280

https://twitter.com/AnisHanianis1/status/674017341299146754

https://twitter.com/Sammoha11235724/status/673929562145845250

ولكن مؤيدي العائلة المالكة لم يقفوا مكتوفي الأيدي ونشروا هاشتاغ داعم لعائلة آل سعود تحت عنوان #كلنا_ال_سعود”.

وقد أكد مؤيدو العائلة المالكة الجهد الذي يبذله السعوديون من أجل طرد الكفار الإيرانيين والشيعة من بلاد المُسلمين وحجم الدعم الاقتصادي الذي تُقدّمه السعودية والدعم العسكري والإنساني؛ إلى دول المنطقة، ومن بينها سوريا واليمن.

وقد نشر المؤيدون صورًا كثيرة تُثني على الملك سلمان وعلى الاستراتيجية، طويلة الأمد، التي وضعتها الدولة للتعامل مع الأزمات التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي:

https://twitter.com/baeed0/status/674130216831328257

اقرأوا المزيد: 232 كلمة
عرض أقل
يمينون يتفقدون الاضرار في حي النهضة في صنعاء بعد غارات للتحالف 6 سبتمبر 2015 (AFP)
يمينون يتفقدون الاضرار في حي النهضة في صنعاء بعد غارات للتحالف 6 سبتمبر 2015 (AFP)

دول خليجية بينها قطر تنشر قوات إضافية على الأرض في اليمن

تأتي هذه التعزيزات الهامة في أعقاب مقتل 60 جنديا من دول التحالف، بينهم 45 جنديا من الإمارات لوحدها، يوم الجمعة في هجوم بصاروخ نسب إلى المتمردين

أرسلت دول خليجية، لاسيما السعودية وقطر، الآلاف من الجنود الإضافيين المزودين بالأسلحة الثقيلة، إلى الأرض في اليمن لمحاربة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على أجزاء من البلاد، بحسب ما أفادت وسائل أعلام الاثنين.

ولم يصدر تأكيد رسمي من السلطات في الدول المعنية، إلا أن الصحف أكدت أن التعزيزات قد أرسلت بشكل أساسي إلى محافظة مأرب شرق صنعاء، حيث تدور اشتباكات عنيفة ومحورية مع الحوثيين.

وذكرت قناة الجزيرة القطرية أن الف جندي قطري وصلوا الأحد إلى اليمن مع مئتي مدرعة عبر منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية. وهي أول انتشار معلن لقوات قطرية في اليمن.

وتشارك قطر في حملة الضربات الجوية التي اطلقها التحالف الذي تقوده السعودية منذ اذار/مارس الماضي ضد المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وبشكل متزامن، نشرت السعودية الاحد في مأرب قوات نخبة بحسب صحيفة الشرق الاوسط، وقد نشرت هذه المعلومة ايضا وكالة أنباء الإمارات.

وذكرت مصادر عسكرية في مأرب ان الف جندي سعودي وصلوا إلى المحافظة مع عدد من الدبابات والمدرعات.

وتأتي هذه التعزيزات الهامة في أعقاب مقتل 60 جنديا من دول التحالف، بينهم 45 جنديا من الإمارات لوحدها، يوم الجمعة في هجوم بصاروخ نسب إلى المتمردين.

وبحسب الجزيرة، فان التعزيزات العسكرية الجديدة ترفع عديد قوات التحالف على الأرض في اليمن إلى عشرة الاف رجل.

اقرأوا المزيد: 195 كلمة
عرض أقل
توافق المصالح الإسرائيلية والسعودية في الشأن الإيراني ؟
توافق المصالح الإسرائيلية والسعودية في الشأن الإيراني ؟

العرب وإسرائيل: تحالف الضرورة

نمت كل الظروف لفتح صفحة جديدة بين الدول العربية السنية المعتدلة وإسرائيل لمواجهة خطرين استراتيجيين وهما: إيران والتطرف الإسلامي

ما الذي يمكن أن يدفع صحافياً لبنانياً إلى أن يكتب باسم مستعار عندما يناقش أهمية ارتباط إسرائيل مع جيرانها العرب بعلاقات طبيعية؟ ربما يبدو السؤال غريباً من حيث طبيعته، خصوصاً أن لبنان دولة عُرفت بتاريخها العريق في حرية الصحافة والرأي، إلا أن ما عُرف عن لبنان سابقاً قد لا يبدو حقيقياً اليوم في ظل الهيمنة الأمنية الإستخبارية لحزب الله على الساحة المحلية.

الجواب الطبيعي هو أن الخوف الذي يفرضه الحزب، وهو أبرز أذرعة الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، يجعل الأصوات الراغبة في المناداة بالانفتاح على إسرائيل تعيد حساباتها أكثر من مرة خصوصاً في ظل ما تعرّض له صحافيون لبنانيون وقادة رأي من عمليات اغتيال وخطف نجح بعضها وفشل بعضها الآخر، لمجرد انتقادهم الدور السوري في الساحة اللبنانية، فسيكون مصير أي صحافي يريد المطالبة بالإنفتاح على إسرائيل أسوأ.

وانطلاقاً من نص مقدمة الدستور الذي يؤكد أن لبنان عربي الهوية والإنتماء، لا بد من البحث عن مصلحة لبنان وشعبه ضمن المصلحة العربية العليا، خصوصاً في ظل التطورات والمتغيرات التي فُرضت على الساحة الدولية بطريقة أو بأخرى من خلال تمرير الاتفاق النووي الإيراني الغربي.

وبغض النظر عن البيانات الدبلوماسية الصادرة عن دول عربية والمرحّبة بالاتفاق إلا أن المناخ العام السائد في أروقة السياسة وخصوصاً الخليجية منها ينطوي على قلق كبير ليس لناحية إمكان حصول إيران على سلاح نووي يهدد أمن المنطقة برمتها، بل من حيث أن هذا الاتفاق قد يفتح، من حيث التفاهمات التي أنتجته وهي بطبيعة الحال غير مكتوبة، الباب أمام إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة أكثر فأكثر، ليس عبر الميليشيات المسلّحة هذه المرة إنما عبر استنادها إلى تفاهمات مع الغرب.

وبطبيعة الحال فإن آخر ما يطمح إليه العرب عموماً ودول الخليج خصوصاً هو رؤية ترسيخ للنفوذ الإيراني بمباركة غربية خفيّة. قبل أسابيع حاولت السعودية إرسال رسالة سمّتها “عاصفة الحزم” ومفادها أن المملكة لن تسكت على وصول التهديد الإيراني المباشر إلى حديقتها الخلفية في اليمن، وأنها مستعدة لاستعمال القوة حيث يتطلب الأمر. الواضح أن الغرب والولايات المتحدة أهملا الرسالة ولم يتعاملا معها باهتمام كبير، سوى من باب ضمان استقرار أمن إمدادات النفط، ولذلك يبدو أن الرياض غرقت في المستنقع اليمني، الذي لن يكون الخروج منه سهلاً.

كان مثيرا لاهتمام المراقبين السياسيين اللقاء الذي نظمه “معهد العلاقات الخارجية” (Council Of Foreign Relations ) في واشنطن بين الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي و دوري غولد، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي. البعض قرأ هذا اللقاء بأنه رسالة جديدة وإن كانت غير رسمية، لكن الأرجح أن لقاءات من هذا النوع لا تُجريها شخصيات سعودية من دون مباركة خفية من مكان ما في النظام.

وانطلاقاً من هنا، تبدو كل الظروف ملائمة لفتح صفحة جديدة بين الدول العربية السنية المعتدلة وإسرائيل لمواجهة خطرين استراتيجيين يهددان الاعتدال السني العربي والوجود الإسرائيلي بالدرجة ذاتها، وهما إيران والتطرف الإسلامي.

في الماضي وقف نظام صدّام حسين سداً منيعاً في وجه تمدد الطموح الإيراني، ونجح في إرهاق النظام الناشئ في إيران قبل أن تنتهي الأمور في العراق إلى ما انتهت إليه ما فتح مسرح المنطقة على مصراعيه أمام التمدد الإيراني المستفيد من وجود إمتداداته الميليشياوية في المنطقة وأبرزها حزب الله في لبنان.

أغلب الظن أن عرب الاعتدال السني، الذين لا يجيدون مواجهة المخططات الميليشياوية بأنفسهم، لن يجدوا في هذه الأيام نظاماً كنظام صدام يدافع عن مصالحهم في وجه إيران وأطماعها، أو يقضي على التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” والنماذج المنبثقة عنها.

والأكيد أيضاً أن إسرائيل التي تستشعر الخطر ذاته من وجود حزب الله الذي تزيد قوته يوماً بعد يوم سواء من حيث زيادة حجم ترسانته، أو من حيث اكتساب عناصره الخبرات القتالية من مشاركتهم في المعارك في سوريا، تجمعها بالعرب مصالح لا تقف عند حدود مواجهة مشروع إيران والتطرف في المنطقة بل تتعداها إلى فتح أسواق تجارية وسياحية ومصرفية تحتاجها لتحسين وضعها الاقتصادي، كما أن العرب أنفسهم يحتاجون إلى استقطاب التقدم التكنولوجي الإسرائيلي والإفادة منه في ظل تأخرهم في أكثر من مجال.

يستطيع عرب الاعتدال السني وإسرائيل شبك مصالحهم للانطلاق إلى مستقبل تنتهي فيه هيمنة إيران وقوى التطرف على دول المنطقة. ومن شأن طرح حل عادل ونهائي للملف الفلسطيني أن يكون مدخلاً لهذه الشراكة العربية ـ الإسرائيلية، التي ستحصل عاجلاً أم آجلاً.

يمكن للطرفين تحويل كل الظروف القائمة إلى فرصة تولّد في هذا الجزء من العالم قوة كبيرة اقتصاديا وعسكرياً، والأهم أنها توجه رسالة إلى كل القوى العالمية بأن هذا التحالف قادر ببنيته الذاتية أن يقف ليواجه من دون الحاجة إلى السند الأميركي الذي فقده العرب وإسرائيل، على حدٍ سواء، في عهد الرئيس باراك أوباما.

فقط عند حصول هذه الشراكة العربية الإسرائيلية سأستطيع كصحافي لبناني أن أكسر طوق الخوف وأن أعبّر عن وجهة نظري بإسمي الحقيقي لأني حينها سأحيا في بلد يتمتع بالحرية فعلاً لا قولاً، ومن دون أن أخاف من سيارة مفخخة أو طلقات رصاص تنهي حياتي، أو من شر يهدد مستقبل أولادي.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع منتدى فكرة

اقرأوا المزيد: 735 كلمة
عرض أقل
ميناء جدة الاسلامي (AFP)
ميناء جدة الاسلامي (AFP)

السعودية ستسجل عجزا ضخما في ميزانيتها، بحسب صندوق النقد

اعلن صندوق النقد الدولي انه من المتوقع ان تسجل السعودية عجزا ضخما يساوي 20% من اجمالي الناتج المحلي بسبب الانخفاض الكبير في اسعار الخام

وقالت مجموعة من خبراء الصندوق في اعقاب زيارة الى المملكة انه “من المتوقع ان يبقى الانفاق الحكومي عند مستويات مرتفعة … فيما انخفضت عائدات النفط”.

واضاف الفريق “نتيجة لذلك، يتوقع خبراء صندوق النقد ان تسجل الحكومة عجزا بقيمة حوالى 20% من الناتج المحلي في 2015”.

ولم يشر فريق صندوق النقد الى الكلفة المالية المرتفعة لمشاركة السعودية في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية ولقيادتها تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في الوسط، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يشرفان على عملية "عاصفة الحزم" (Twitter)
وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في الوسط، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يشرفان على عملية “عاصفة الحزم” (Twitter)

وتبلغ قيمة العجز المتوقع 130 مليار دولار اذ ان توقعات الصندوق لإجمالي الناتج المحلي للسعودية في 2015 هي 649 مليار دولار.

وقال الصندوق ان انخفاض اسعار النفط كان له تأثير كبير على الدخل، الا ان تأثيره على باقي القطاعات الاقتصادية ظل محدودا حتى الآن بفضل الانفاق الحكومي القوي.

وتوقع صندوق النقد ان تسجل السعودية نموا بنسبة 3,5% هذه السنة، اي نفس نسبة النمو التي سجلت في 2014، الا ان النمو سيتباطأ الى 2,7% في 2016.

مواجهات بين قوات موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقوات ثورية حوثية (AFP)
مواجهات بين قوات موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقوات ثورية حوثية (AFP)

وانخفضت اسعار النفط من 115 دولارا للبرميل قبل سنة الى 46 دولارا مطلع 2015، الا ان الاسعار تحسنت نسبيا وبلغت مستوى 65 دولارا للبرميل تقريبا حاليا.

وتشكل عائدات النفط 90% من اجمالي العائدات العامة في السعودية التي تضخ يوميا 10,3 مليون برميل من الخام وهي اكبر مصدر للنفط في العالم.

اقرأوا المزيد: 188 كلمة
عرض أقل
الزعيم العراقي الشيعي، مقتدى الصدر (AFP)
الزعيم العراقي الشيعي، مقتدى الصدر (AFP)

وجوه مقتدى الصدر العديدة

مقتدى الصدر هو إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرًا اليوم في بلاد الرافدين، ومن المتوقع أن يلعب دورا رئيسيا في مواصلة الصراع السنّي - الشيعي في الشرق الأوسط

اشتدّت، في الشهر الأخير، “الحرب الباردة” في الشرق الأوسط بين إيران والمملكة العربية السعودية. في معظم الحالات في الماضي، فضّلت كلتا القوّتين الإقليميّتين، بشكل أساسيّ، جذب الخيوط من وراء الكواليس، ولكن التدخّل السعودي المباشر في اليمن أشار إلى صعود درجة في التوتّر بين الدولتين. قد تؤثر خطوات السعودية على مراكز أخرى في الصراع الطائفي مثل العراق سوريا، والكرة الآن بيد طهران.

وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في الوسط، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يشرفان على عملية "عاصفة الحزم" (Twitter)
وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في الوسط، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يشرفان على عملية “عاصفة الحزم” (Twitter)

كجزء من التأثير الهائل للإيرانيين في العراق، فهم يحتفظون بتأثيرهم على لاعب مهمّ جدّا؛ وهو القائد ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي عاد مؤخرا إلى الواجهة خلال الحرب ضدّ داعش. حاز الصدر على أوصاف عديدة خلال السنين: رجل الدين المتطرّف الذي يشجّع العنف، مناضل من أجل الحرية ومقاوم واضح للاحتلال الأجنبي، وطني براغماتي بل و “متوّج الملوك” في العراق. على أية حال، يُعتبر مقتدى الصدر إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا اليوم في بلاد الرافدين، ومن المتوقع أن يلعب دورا رئيسيا لاحقا في الصراع السنّي – الشيعي في الشرق الأوسط.

من هو مقتدى الصدر؟

الزعيم العراقي الشيعي، مقتدى الصدر (AFP)
الزعيم العراقي الشيعي، مقتدى الصدر (AFP)

وُلد مقتدى الصدر عام 1973 في مدينة النجف الشيعية جنوب وسط العراق. مقتدى الصدر هو سليل أسرة محترمة في العالم الشيعي والتي تشمل شخصيات مثل “محيي الشيعة” في لبنان، رجل الدين موسى الصدر. اضطُهدت عائلة الصدر كثيرا من قبل نظام صدام حسين: فقد قُتل والد مقتدى – آية الله محمد صديق الصدر، وزوج والدته آية الله محمد باقر الصدر، بسبب خوف صدام من تأثيرهما الكبير على السكان الشيعة في العراق. ومع ذلك، تمتّع مقتدى الصدر بدعم شعبي واسع في أوساط المجتمع الشيعي وذلك بسبب الحركة السياسية “الصدرية” وشبكات الرعاية الاجتماعية التي أسّستها عائلته على مرّ السنين.

تأثيره في الساحة العراقية

في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003 ازدادت شعبية مقتدى الصدر وأصبح إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا في الحرب بالعراق. بعد إسقاط نظام صدام حسين، أقام الصدر ميليشيا مُسلّحة وقوية اسمها “جيش المهدي” واستغل مكانته كرجل دين ذي نسب من أجل التصريح ضدّ الاحتلال الأمريكي. في إحدى مقولاته الأكثر شهرة قال الصدر: “كان صدام حسين الثعبان الأصغر، ولكن أمريكا هي الثعبان الأكبر”. خلال تلك الفترة، حظي الصدر بدعم مالي ولوجستي واسع من إيران، وبدءًا من عام 2004، لم يتردّد في تشغيل الميليشيا التي يقودها، “جيش المهدي”، ضدّ القوات المختلفة للتحالف الدولي. أكسبتْ تلك العمليات الصدرَ شعبية كبيرة في أوساط الشعب العراقي وجعلته رمزًا لمقاومة الاحتلال الأجنبي.

ومع ذلك، فبالنسبة للولايات المتحدة والحكومة العراقية يُعتبر الصدر واعظا متطرّفا وعنيفا، ليس أقل خطورة من تنظيم “القاعدة في العراق”. وفي أعقاب التغيير الاستراتيجي للولايات المتحدة في العراق عام 2007، والذي عززت الولايات المتحدة أيضًا في إطاره قواتها في العراق بعشرات آلاف الجنود، هرب الصدر إلى إيران عندما شنّت جيوش الولايات المتحدة والعراق عملية مشتركة ضدّ “جيش المهدي”. بعد معارك طاحنة وخسائر فادحة، وفي أعقاب تسوية بينه وبين الحكومة العراقية بوساطة إيران، أعلن الصدر في شهر آب عام 2008 عن تفكيك الميليشيا وتحويلها إلى منظّمة رعاية اجتماعية بحتة.

https://www.youtube.com/watch?v=Lv08Xg5tlZg

بين عاميّ 2007-2010، كرّس الصدر وقته للدراسة الدينية في إيران من أجل أن يحظى بلقب آية الله الذي سيمنحه تأثيرا أوسع. وفي المقابل، شاركت للمرة الأولى “الحركة الصدرية” في انتخابات البرلمان العراقي عام 2010 وحظيت بنجاح كبير عندما حصدت 39 مقعدًا. بعد أن أعرب عن دعمه لنوري المالكي في منصب رئيس الحكومة، تم تتويج الصدر من قبل الباحثين بلقب “متوّج الملوك” في العراق بسبب قوته السياسية الكبيرة.

وفي أعقاب إقامة حكومة المالكي الثانية في شهر كانون الثاني عام 2011، عاد الصدر من المنفى إلى مسقط رأسه في النجف واستُقبل بترحيب وابتهاج من قبل الجماهير في المدينة. ومع انسحاب القوات الأمريكية الأخيرة من العراق في كانون الأول عام 2011، بدأ الصدر في تشكيل خطّ أكثر اعتدالا وبدأ بالتصريح بمصطلحات “العراق الديمقراطي” و “سيادة القانون”، وبرز تغيير في نهج الصدر مقارنة بالواعظ الشاب صاحب الخطاب المنفّر في السنوات السابقة. قال بعض المحلّلين بأنّ التغيير في نهج الصدر نابع من كونه قد طمح إلى التصالح مع عناصر القوة الأخرى في العراق وإنشاء إجماع وطني حوله وليس فقط من الطائفة الشيعية. وقدّر كثيرون بأنّ الصدر “يهيئ الأرضية” ليصبح رئيس حكومة في يوم من الأيام. ولذلك فوجئ الكثيرون عندما أعلن الصدر بشكل مفاجئ في شباط عام 2014، قبل شهرين من الانتخابات البرلمانية، بأنّه سيستقيل فورا عن الحياة السياسية وأنّه ليست هناك أية هيئة سياسية تمثّله أو تمثّل عائلته. وهكذا، بعد ست سنوات من تفكيك “جيش المهدي”، اختفى الصدر من الخطاب السياسي في العراق. ولكن ليس لوقت طويل.

عودة الصدر إلى الساحة العراقية

هل بعد انتهاء الحرب في العراق سيندمج الصدر بشكل نهائي في النظام السياسي كزعيم عراقي (AFP)
هل بعد انتهاء الحرب في العراق سيندمج الصدر بشكل نهائي في النظام السياسي كزعيم عراقي (AFP)

في شهر حزيران عام 2014، بعد يوم واحد من سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش، أعلن الصدر عن إقامة “سرايا السلام”، وهو تجسّد جديد لـ “جيش المهدي” الذي تم تفكيكه عام 2008، وذلك من أجل إيقاف تمدّد داعش. في نفس اليوم، توجّه إلى الشوارع 10000 من مقاتلي الميليشيا في عرض قوة مثير للإعجاب في حيّ الصدر الشيعي في بغداد، والذي سُمّي على اسم والد مقتدى. انضمّت الميليشيا إلى تنظيم أعلى للميليشيات الشيعية تحت مُسمى “الحشد الشعبي”، والذي تأسس بشكل خاصّ من أجل مواجهة تهديد داعش. في شهر أيلول عام 2014، أعلن الناطق باسم “سرايا السلام” فعليّا بأنّ التنظيم قد قتل 30 مقاتلا من داعش قرب مدينة أمرلي شرقي العراق. وبالمناسبة، لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يُقاتل فيها الصدر التنظيم السنّي المتطرّف، فإنّ داعش أيضًا هي تحوّل عن “القاعدة في العراق”، والتي قاتلت “جيش المهدي” خلال الحرب الأهلية بين عاميّ 2006-2007.

في شهر آذار عام 2015، شاركت “سرايا السلام” التابعة للصدر في القتال من أجل تحرير المدينة الشمالية تكريت، مكان ولادة صدام حسين. انضمّت ميليشيا الصدر إلى تحالف أوسع يشمل قوات الجيش العراقي؛ بقية الميليشيات الشيعية المشاركة في “الحشد الشعبي”؛ قوات “قدس” الإيرانية؛ ومن المفارقات: قوات سلاح الجو الأمريكي بل ومقاتلين من العشائر السنّية التي ضاقت ذرعًا بتعامل داعش مع السكان المحلّيّين. قال الناطق باسم التنظيم إنّهم يعملون “من أجل مساعدة مجتمع من المسلمين ومساعدة الشعب العراقي”. بعد عدة أسابيع من القتال الشرس، ذُكر في 12 نيسان بأنّ داعش انسحبت من المدينة وبأنّ قوات التحالف قد طهّرت آخر جيوب المقاومة.

ذو وجهين؟

رغم التعاون مع المقاتلين السنة، هناك تقارير عن مجازر وحرق منازل نفّذتها الميليشيات الشيعية في القرى السنّية حول تكريت. واستمرارا للخطاب “الوطني” الذي استخدمه الصدر في السنوات الماضية، لقد أدان الأعمال العدائية ضدّ السكان السنّة وأعلن بأنّ “سرايا السلام” لم تُشارك فيها. وفي تصريح مشابه في شهر شباط عام 2015، دعا الصدر اثنتين من الميليشيات الشيعية المتنافسة إلى تعليق عمليّاتهما في أعقاب اغتيال شيخ سنّي في بغداد. بشكل متناقض، قال الصدر بعد تلك الحادثة: “ما حدث يُثبت أنّ العراق لا يُعاني فقط من عوامل خارجية وإنما من ميليشيات مُلحدة. تعمل هاتان الجهتان على تقويض الحكومة العراقية وتشكّلان تهديدا أمنيا على البلاد”. تشير جميع هذه التصريحات على الأوجه المتعددة للصدر: فهو من جهة يقف على رأس ميليشيا طائفية ومن جهة أخرى يعرض نفسه كزعيم وطني وبراغماتي ويطمح لقيادة عموم الشعب العراقي بمختلف تنوعاته وطوائفه.

https://www.youtube.com/watch?v=3U9pvWU3lp0

والآن مع الانتصار في تكريت هناك علامات استفهام كثيرة حول مستقبل مقتدى الصدر المتقلّب. هل بعد انتهاء الحرب في العراق سيندمج الصدر بشكل نهائي في النظام السياسي كزعيم وطني وسيفكّك أو يدمج الميليشيا الخاصة به مع قوات الأمن العراقية؟ أم إنّ الأحداث في اليمن ستؤدي إلى عودة الصدر الطائفي والمتطرّف للقتال في إحدى الدول في المنطقة؟

في الماضي شاركت عدة ميليشيات شيعية من العراق (مثل حزب الله من لبنان وبدعم إيراني) في القتال بسوريا إلى جانب جيش بشار الأسد. ومن بينها، كان هناك أيضا أعضاء من “جيش المهدي” سابقا والذين اعترفوا بأنّهم قاتلوا من أجل الدفاع عن الأماكن الشيعية المقدّسة في سوريا. وكذلك من الجدير بالذكر بأنّ مركز سكن الشيعة هو في جنوب العراق، على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود السعودية الشمالية. إذا حدث تدهور إقليمي بسبب الحرب في اليمن، فإنّ “سرايا السلام” قد تُستخدم كوكيل القوة التابع لإيران للتحرّش بالحدود السعودية.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ‏Near East‏

اقرأوا المزيد: 1193 كلمة
عرض أقل
العاهل السعودي الملك سلمان (AFP)
العاهل السعودي الملك سلمان (AFP)

هل تستطيع السعودية أن تقود العالم العربي نحو السلام؟

هل الملك سلمان بن عبد العزيز ملتزم بالسلام الإقليمي في انحاء الشرق الأوسط ؟ وهل السعوديون مستعدون لقيادة مثل هذا الجهد؟

يمكن للأشخاص المنطقيين ألا يوافقوا على الحكمة وراء قرار المملكة العربية السعودية للتدخل في اليمن. بيد أن هذا التدخل أثبت أنه يمكن للرياض، وعندما تتعرض للتهديد، أن توظف سلطتها العسكرية والسياسية والدينية والمالية لحث حلفائها من الدول العربية والإسلامية على خوض نزاع مسلح.

الخطوة التي اتخذتها المملكة تبعث برسالة قوية مفادها أن المملكة لا تقف مكتوفة الأيدي عندما يتعلق الأمر بالأمن. ولكن هل الملك سلمان بن عبد العزيز ملتزم أيضًا بالسلام الإقليمي على نطاق أوسع؟ وهل السعوديون مستعدون لقيادة مثل هذا الجهد؟

بالنسبة إلى حملتها العسكرية في اليمن، حشدت السعودية ستة دول من أعضاء مجلس التعاون الخليجي الأعضاء باستثناء عُمان، إلى جانب الأردن ومصر والمغرب. فالموقف السعودي واضح: الحوثيون هم عملاء إيران ويعملون على تعزيز مصالح طهران وطموحاتها في مجال النفوذ السعودي. وقد أودت الحملة الجوية بحياة 1,000 يمني على الأقل، مع عدد أكبر من اليمنيين الجرحى والنازحين، فيما دمر جزءٌ كبير من البنية التحتية للبلاد. وقد بررت المملكة عملها هذا كردٍ لازمٍ على السلوك الخبيث الذي تعتمده إيران وعملاؤها في اليمن.

يُذكر أن التحول الأساسي الجاري في المنطقة يطرح العديد من التحديات، مثل الانقسامات الطائفية والعرقية والإثنية وانتشار الإرهاب وانهيار الدول. ردًا على ذلك، أنفقت المملكة العربية السعودية 80 مليار دولار على الأقل على الأسلحة في العام 2014، ومن المرجح أنه تنفق أكثر من ذلك في العام 2015. إلا أن المملكة ودول عربية أخرى قد تكون مخطئة إذا كانت تعتقد أن الحل العسكري هو الحل الوحيد للحد من الاضطرابات.

اعتبر العديد من المراقبين أن الدول العربية السنيّة ترى إيران وحزب الله، وليس إسرائيل، على أنهما العدو. بالتالي يجب ألا يبقى التعاون مع إسرائيل لكبح النفوذ الإيراني في المنطقة أمرًا يشوبه الغموض ويحرم التطرق إليه. فإنه ليس بالسر في واشنطن أن المملكة العربية السعودية وإسرائيل تشعران بالقلق بشكل مماثل بشأن اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران لا يعالج مطامع ايران الإقليمية. فقرار إسرائيل حضور مؤتمر معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الذي بدأ في 27 نيسان/إبريل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد غياب دام عشرين عامًا، هو مؤشر واضح على أن إسرائيل تريد حوارًا أكثر انفتاحًا مع الدول العربية الرئيسية.

بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فإن قمة كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما توفر فرصة ممتازة لإظهار اهتمام حقيقي في الدبلوماسية الإستراتيجية. لذا ينبغي أن تحضر هذه الدول المؤتمر وفي جعبتها أفكار بنّاءة ومتماسكة حول إستراتيجية تشمل إسرائيل كشريك في احتواء إيران. وفي حال أضفى العرب الطابع المؤسساتي إلى ما يفعلونه بالفعل مع تل أبيب سرًا ستكون تلك خطوة سليمة وشجاعة. تتوقع دول الخليج من الولايات المتحدة تزويدها بالاطمئنان الأمني الحقيقي، ومن المرجح أن التكنولوجيا وأنظمة الأسلحة المتقدمة هي من بين الأشياء التي تطمح للحصول عليها من واشنطن. ولكن بغض النظر عن الطلب، لن تسمح له الولايات المتحدة بأن يقوض التفوق العسكري النوعي الذي تتمتع به إسرائيل. لذا ينبغي أن يكون هذا الشرط حافزًا قويًا للمملكة العربية السعودية للمشاركة في عملية تطبيع حقيقية مع إسرائيل، تعود بالفائدة على تل أبيب والرياض على حد سواء.

كيف يمكن للمملكة العربية السعودية وإسرائيل مواصلة التعاون المفتوح؟ مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود التي تبذلها المملكة لبناء تحالف في اليمن، يمكنها دعم حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال عزمها تنشيط مبادرة السلام العربية التي أطلقتها في العام 2002. ومن شأن التوقيع على المبادرة أن يسمح للمملكة وللدول العربية الأخرى بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبالتالي حرمان الإيرانيين من مصدر رئيسي للنفوذ بين العرب السنّة وتمهيد الطريق للتعاون الإقليمي الفعّال لمواجهة إيران. بالطبع، سيحتاج السعوديون إلى التأكد من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعد لتقديم ما يستحق اتخاذ هذه الخطوة.

تطرح الفوضى الحالية في الشرق الأوسط مخاطر كبرى، ولكنها أيضًا تشكل فرصة غير مسبوقة لإعادة التراصف الجيوسياسي، علمًا أن المملكة العربية السعودية مستعدة لقيادة مثل هذا التراصف. هنا تبرز العديد من الأسباب التي تدعو للشك، ولكن من يدري؟ لقد ظهر قائد سعودي جديد على الساحة، هو وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ويبدو أنه على استعداد لتحمل المخاطر.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع منتدى فكرة

اقرأوا المزيد: 621 كلمة
عرض أقل
الملك سلمان مستقبلا اوباما في قصر عرقة بالرياض  (AFP)
الملك سلمان مستقبلا اوباما في قصر عرقة بالرياض (AFP)

إلغاء سفر ملك السعودية إلى الولايات المتحدة: بطاقة صفراء للرئيس أوباما

لا تهدف الخطوة الدبلوماسية للملك سلمان إلى الإشارة لقطع العلاقات مع الولايات المتحدة، وإنما للتوضيح بأنّ السعودية تطلب سياسة أمريكية صارمة في القضايا الرئيسية التي يدور عليها الخلاف: إيران وسوريا

“الملك سلمان مشغول بتطبيق وقف إطلاق النار في اليمن، وفي الرقابة على المساعدات الإنسانية للبلاد، ولذلك فهو لا يستطيع الذهاب إلى اجتماع القمة في كامب ديفيد” – هكذا أوضح، أو برّر، وزير الخارجية السعودية، عادل الجبيّر، قرار الملك سلمان المفاجئ في التغيّب عن قمّة رؤساء دول الخليج مع الرئيس باراك أوباما.‎ ‎

لا شكّ أن قضية اليمن ووقف إطلاق النار الذي يُفترض أن يسمح بدخول شحنات الإغاثة أكثر أهمية، ولكن لدى المملكة السعودية ما يكفي من المسؤولين الذين يمكنهم مراقبة العملية في اليمن، بدءًا من وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، الذي هو أيضًا نجل الملك، مرورا بولي العهد الأمير محمد بن نايف وسائر كبار القادة. ولكن يبدو أن الملك سلمان سعى إلى نقل رسالة واضحة إلى الرئيس أوباما بأنّه في اللحظة الأخيرة، وعلى الرغم من إعلان البيت الأبيض الذي أكّد حضوره، فقد ألغى مشاركته. يمكن أن نقول، إنّ السعودية لا تنوي مواصلة الاستماع إلى التفسير، الاعتذار، الإقناع أو الاعتذار على لسان الرئيس الأمريكي، وهي تطلب موقفا وسياسة أمريكية صارمة، ليس أقل من تلك التي أظهرتها السعودية عندما بدأت الحرب ضدّ الحوثيين في اليمن.‎ ‎

لا تهدف الخطوة الدبلوماسية العلنية للملك السعودي إلى التهديد أو الإشارة إلى قطع العلاقات مع الولايات المتحدة؛ فالسعودية لا تبحث عن بديل للعلاقات مع الدولة العظمى، وإنما إملاء سياسات. هناك موضوعان رئيسيّان يشكّلان الخلاف بين الرياض وواشنطن: إيران وسوريا. تطلب السعودية في كلا الموضوعين ليس ضمانات وتصريحات تهدئة أمريكية فحسب وإنما عملا حقيقيا.

تستعدّ السعودية قبيل التوقيع على الاتّفاق النوويّ مع إيران.‎ ‎الخشية المباشرة لدى السعودية ليست من احتمال أن تطوّر إيران سلاحا نوويّا وإنما من المكانة الاستراتيجية الجديدة التي يمكن للاتفاق أن يمنحها لإيران. ستستطيع إيران التي ستحظى بشرعية دولية ليس فقط التنافس مع السعودية على الحصة في سوق النفط، وإنما قد تنضم أيضًا إلى طاولة المفاوضات التي تُعالج الصراعات الإقليمية. حيث تمسك إيران بثلاثة مفاتيح استراتيجية: أحدها في سوريا (ولبنان)، والثاني في العراق والثالث في اليمن.

وقد عرض وزراء خارجية دول الخليج الذين التقوا بوزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، في باريس في نهاية الأسبوع، أمامه أفكارا واقتراحات للعمل المشترك في اليمن وفي سوريا، حيث إنّ الهدف في اليمن هو طرد الحوثيين من جميع مؤسسات الحكم وإعادتهم إلى مكانهم كأقلية سيتم إشراكها في إعادة إعمار اليمن، ولكن ليس كقادة للبلاد يفتحون سدّ النفوذ أمام إيران.

في سوريا فإنّ موقف الملك سلمان واضح: لا يمكن للرئيس السوري الأسد أن يبقى جزءًا من الحلّ ولن يكون نظامه جزءًا من المفاوضات على الحلّ السياسي. فضلًا عن ذلك، تطالب السعودية ومعها دول الخليج بإقامة مناطق عازلة في شمال سوريا، لتمويل وتسليح جميع الميليشيات (ما عدا داعش) بما في ذلك جبهة النصرة التابعة للقاعدة بشرط أن تنبذ ولاءها للقاعدة. وبذلك، ترفض السعودية وجاراتها الموقف المصري الذي يجب بحسبه أن يكون الأسد جزءًا من الحلّ وتنتقد الموقف المتردّد لواشنطن التي قلّصت من نطاق مساعداتها للميليشيات.

نجحت السعودية أيضًا في ضمّ تركيا إلى التكتّل العربي الذي أقامته، وترى كلتا الدولتين متّفقتين ضرورة الإطاحة بالأسد وعدم الاكتفاء بالقتال ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية فقط.

اقتراح آخر هو إقامة حلف دفاع بين الولايات المتحدة ودول الخليج، بحيث يكون واضحا لإيران أنّه يقف أمامها حلف عسكري فعال، يمكنه أن يعمل كما تعمل هي في اليمن، وليس مجرّد توافق غير ملزم للحدّ من نفوذ إيران.

مقابل هذه الطلبات ما زالت واشنطن متردّدة. يستلزم حلف دفاع كهذا موافقة الكونغرس الأمريكي والذي من غير المؤكد أن يدعمه. ولكن أيضًا الرئيس ليس متحمّسا للتوقيع على حلف كهذا والذي قد يورّط الولايات المتحدة في صراعات عنيفة في المنطقة، تحديدًا عندما تشير سياسته إلى الابتعاد عن أي تدخّل كهذا.

الرسالة السعودية موجّهة وفقا لذلك إلى تجنيد واشنطن في خارطة الطريق التي يرسمها الملك سلمان، ودفع أوباما إلى الحسم وعدم التخلي عن الولايات المتحدة. فضلًا عن ذلك، فقد أعلن الملك سلمان بأنّه سيكون مستعدّا للاجتماع بالرئيس أوباما “في موعد متأخر أكثر”، لم يذكره، وسيكون متعلّقا بالإجابات التي سيتلقّاها ممثّلو دول الخليج في الاجتماع في يومي الأربعاء والخميس.

في نفس الوقت، هناك في دول الخليج من أوضح بأنّ امتناع الملك عن السفر إلى الولايات المتحدة نابع من حالته الصحية والنفسية، حيث إنّ الملك الذي يعاني من جلطة دماغية، ويبدو أيضًا من ظواهر مرض الزهايمر، يخشى من الحرج الذي ستتسبّب به له في الاجتماع.

قال أحد المدوّنين السعوديين المشهورين والذي يُظهر دراية كبيرة بما يحدث في البلاط الملكي السعودي، إنّ حاكم الكويت، صباح الأحمد الصباح، صديق الملك المقرّب، هو الذي نصحه بالامتناع عن السفر. ولكن حتى لو كان هذا السبب صحيحا، فقد كان بإمكان الملك أن يعلن مسبقا بأنّه لا ينوي السفر وبالتأكيد ليس إلغاء الزيارة في اللحظة الأخيرة.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 712 كلمة
عرض أقل
مقاتل من القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في جعدن بمحافظة مأرب شرق صنعاء، في 6 ايار/مايو 2015  (اف ب/ارشيف)
مقاتل من القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في جعدن بمحافظة مأرب شرق صنعاء، في 6 ايار/مايو 2015 (اف ب/ارشيف)

الحوثيون يعلنون اسقاط طائرة للتحالف

قالت قناة المسيرة التابعة للحوثيين ان "مضادات القبائل" اسقطت الطائرة في منطقة وادي النشور في صعدة، معقل الحوثيين في شمال اليمن

أعلن المتمردون الحوثيون الاثنين اسقاط طائرة حربية تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية ضدهم في اليمن، وذلك بعد ان اكد المغرب فقدان احدى مقاتلاته خلال مهمة في هذا البلد.

وقالت قناة المسيرة التابعة للحوثيين ان “مضادات القبائل” اسقطت الطائرة في منطقة وادي النشور في صعدة، معقل الحوثيين في شمال اليمن، كما بثت القناة صورا لمسلحين يحتفلون بالقرب من حطام طائرة.

اقرأوا المزيد: 58 كلمة
عرض أقل
المتحدث باسم التحالف العربي السعودي، العميد أحمد عسيري (AFP)
المتحدث باسم التحالف العربي السعودي، العميد أحمد عسيري (AFP)

عسيري: الحوثيون سيدفعون الثمن لمهاجمتهم السعودية

قامت الميلشيات الحوثية أمس بقصف منطقة نجران السعودية دون سقوط خسائر في أول تحرك حوثي ضد السعودية مما يبعد الطرفين عن وقف إطلاق النار

08 مايو 2015 | 09:18

أعلنت السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن مساء الخميس أن الحوثيين ارتكبوا “أهم أخطائهم” وسيدفعون الثمن بعد قصف مناطق في المملكة.

وقال المتحدث باسم التحالف العميد أحمد عسيري للصحافيين إن “المعادلة اختلفت (…) لكن المواجهة أصبحت تستهدف السعودية. سوف يختلف أسلوب التعامل مع المليشيات الحوثية التي ارتكبت أحد أهم أخطائها خلال الفترات الماضية”.

وأكد أن “الاعتداء لم يكن له هدف عسكري بل كان يستهدف المواطن السعودي والمساكن حيث أن هدفه القتل لمجرد القتل”.

وأضاف عسيري ان التحالف والقوات السعودية ستتخذ “الإجراءات التي تكون كفيلة بردع هذا العمل سواء بالنسبة للأشخاص الذين خططوا لهذا العمل أو المواقع التي انطلقت منها هذه العمليات والمدن التي تؤوي قادة من نفذوا هذا وخططوا له”.

وكان التلفزيون السعودي الرسمي أكد نقلا عن الدفاع المدني أن قذائف جديدة سقطت على منطقة نجران دون اي يؤدي ذلك الى خسائر.

وتابع أن القذائف التي اطلقت من الجانب اليمني للحدود سقطت على مناطق “غير مأهولة” ولم تسفر عن أضرار بالأرواح أو عن أضرار مادية.

وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد قال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي في الرياض، إن السعودية وافقت على وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام لأسباب إنسانية لكن الهجوم الحوثي قد يغيّر الحسابات السعودية.

اقرأوا المزيد: 186 كلمة
عرض أقل