في الأشهر الأخيرة لم تكف ألوية الجيش الإسرائيلي المنتشرة في أراضي الضفة الغربية عن العمل. أدت موجة العمليات التي خرجت من أراضي الضفة إلى داخل أراضي إسرائيل وإيذاء المواطنين الإسرائيليين، إلى تغيير مبادئ التصوّر العملياتي تغييرا جذريا في أوساط تلك الألوية. تعمل في الضفة ست ألوية ميدانية للجيش الإسرائيلي وتغطي كل أراضيها، ومهمتها الأساسية الآن هي إحباط العمليات.
في محادثة أجراها طاقم هيئة تحرير “المصدر” مع مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي، حصل على معلومات حول العمل العسكري في منطقتي قلقيلية وسلفيت.
“نحن مشغولون في إحباط العمليات جدا”، كما كشف المسؤول، “إنه المبدأ الرائد الذي يشغل كل الألوية كل ليلة. نحن نشهد الآن انخفاضا في حجم عمليات إطلاق النار والدهس التي تنفذ، مقارنة بالأشهر الأخيرة، ولكن لم تقل عمليات الإحباط، وفي مناطق معينة، مازالت مستمرة بقوة أكثر”.
“لم تقل عمليات الإحباط، وفي مناطق معينة، مازالت مستمرة بقوة أكثر” (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
“لقد غيّرنا مؤخرا طرق عملنا، في أعقاب العمليات الأخيرة في الجبهة الداخلية، والتي خرج بعضها من قطاعِنا”، كما قال المسؤول. بخلاف طريقة العمل السابقة لكبح العمليات، والتي ركّزت على منفّذ العملية نفسه، فإنّ التصوّر الجديد يشمل أيضًا البنية التحتيّة الكاملة التي تحيط به وتساعده في تحقيق أهدافه القاتلة. ويُسمّي الجيش الإسرائيلي هذه الطريقة الجديدة “تصوّر الإحباط الموسّع”، والتي توفر تركيزا على مجموعة أصغر من المتهمين ومنع تنفيذ العقوبات على بقية القرية.
والآن هناك لدى القوات في الضفة الغربية ثلاث مراكز عمل رئيسية في منطقة قلقيلية وسلفيت، والتي تأمل من خلالها أن تحبط بنجاح كبير المزيد من العمليات المستقبلية: الأسلحة، التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية (المقيمين بشكل غير قانوني)، وإيقاف الأموال لتمويل العمليات.
“قمنا حتى الآن باكتشاف 27 مخرطة لتصنيع السلاح وأكثر من 200 سلاح” (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
“لاحظنا زيادة كبيرة جدا في عدد الأسلحة ذات التصنيع المحلي في الضفة. كان معظمها مخصصا للدفاع، والصراعات الداخلية بين العشائر الفلسطينية في وقت ما، ولكن في موجة العمليات الأخيرة بدأ استخدامها أيضًا لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل، مثل عملية مجمع سارونا في تل أبيب”، كما قال المسؤول. “أدركنا أن علينا الحدّ من إمكانية الوصول لتصنيع الأسلحة والذخيرة وشرائها”.
وتتم طريقة العمل هذه على النحو التالي: “نصل إلى المصانع. هناك عشرات من هذه المصانع، التي تكون مموّهة كمصانع للحدادة وكراجات بريئة، ولكننا نصل إليها أيضًا. قمنا حتى الآن باكتشاف 27 مخرطة لتصنيع السلاح وأكثر من 200 سلاح. وهذا ارتفاع ذو نسب مئوية كثيرة مقارنة بالسنوات السابقة”.
مخرطة لتصنيع السلاح في الضفة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
إلى جانب الأسلحة، هناك محور مهم آخر تعمل عليه قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهو ظاهرة التسلُّل غير القانوني إلى الأراضي الإسرائيلية. هناك نوعان رئيسيان من المتسللين: هناك أشخاص يدخلون إلى إسرائيل للعمل وكسب الرزق، وبينما يدخل آخرون من أجل تنفيذ العمليات.
“نحن ندرك أن الإرهاب يتم عبر شبكة المتسللين بشكل غير قانوني. أصبحت هذه الظاهرة واسعة الانتشار بشكل ملحوظ مقارنة بما كنا نشهده في الماضي. لذلك، نحن نعتبر تغيير التصوّر الرئيسي هو الانتقال من إحباط المتسلل الفردي، إلى إحباط الشبكة بأكملها”.
“لاحظنا زيادة كبيرة جدا في عدد الأسلحة ذات التصنيع المحلي في الضفة” (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
تتضمن الشبكة عدة مكوّنات بالإضافة إلى المتسلل: السائقين، مرشدي الطريق، ورؤساء الشبكة. “عند مرور عناصر إرهابية، ليس هدفها التسلل من أجل العمل، ونحن نعرف ذلك تماما، فهذا أمر لا يمكننا قبوله”، كما يشرح. “نحن نستثمر اليوم المزيد من الموارد في إحباط الشبكات. نقبض على المزيد من السائقين، ونتعاون من أجل ذلك مع الشرطة الإسرائيلية، حرس الحدود، ومختلف القدرات الاستخباراتية”.
هناك مكوّن آخر في عمليات الإحباط التي تنفذها قوات الجيش الإسرائيلي، وهو إيقاف الأموال التي تموّل العمليات الإرهابية. “نحن نتتبع أموال الإرهاب، وهي الأموال التي يتم في النهاية دفعها للإرهابي أو لأسرته، مقابل تنفيذ العملية. هذه الأموال معدّة للأفراد ذوي “أيدي مضرجة بالدماء” ونحن نعمل على الإمساك بهم”. لم يفصّل المسؤول عن مصادرها، ولكنه أشار إلى أنه في الغالب يتم الإمساك بها في مراحل نقلها داخل الضفة الغربية.
إيقاف الأموال التي تموّل العمليات الإرهابية (المتحدث باسن الجيش الإسرائيلي)
إحدى الظواهر التي نالت اهتمام صانعي السياسات في الجيش الإسرائيلي في موجة العمليات الأخيرة، هي العمليات التي تخرج من الدائرة العائلية ذاتها، “رأينا أنه بشكل أساسيّ فإنّ أقارب العائلة من الدرجة الأولى والثانية، قد عادوا إلى دائرة الإرهاب سريعًا جدّا، وفي وقت أقرب مما توقّعنا، لذلك أصبحنا الآن وكجزء من تصوّر الإحباط ندرس أيضًا العائلة القريبة”.
يهتم الجيش الإسرائيلي الآن، إلى جانب متابعة النشاطات لإحباط العمليات الإرهابية، بالعمل أيضًا من أجل “إعطاء المزيد من التصاريح والفرص الاقتصادية حيث إن هناك رغبة محلية لإخراج القرية من دائرة الإرهاب، مثل بناء الطرق، ملاعب كرة القدم، الحدائق، وبناء المراكز التجارية”. وذلك، بحسب كلامه، “لأنّ أحد معتقداتنا هو أنّه في المناطق التي ليس علينا العمل فيها، هناك حاجة إلى أن نسمح بنسيج حياة سليم”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني