يشارك الأطفال في القتال، يطردون من منازلهم، يتعرضون للإصابات والقتل في ظل النيران، ويعانون من صدمات: يعرض تقرير منظمة يونيسف وضع الأطفال السوريين البائس
وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة، استمر شن الهجوم على المدارس، المستشفيات، بساتين الأطفال، المتنزهات، والمنازل كل الوقت من خلال تجاهل قوات نظام بشار الأسد، الثوار، وحلفائها، بشكل قاس قوانين الحرب.
أفادت اليونيسف أن 255 طفلا على الأقل قد قُتلوا في المدارس، وإلى جانب المدارس في العام الماضي، وأن 1.7 مليون شاب لا يتعلمون. جاء في التقرير أيضا أنه لا يمكن استخدام مدرسة من بين ثلاث مدارس في سوريا، وذلك لأن القوات المسلحة قد سيطرت عليها. أصبح 2.3 مليون طفل لاجئين في أنحاء الشرق الأوسط.
أطفال سوريا بين العناء اليومي والموت (AFP)
ويحذر تقرير اليونيسف معربا أن الجيل الشاب في سوريا يواجه مشاكل من حيث تقديم العلاج الطبي، عبودية الأطفال، الزواج المبكّر، والمشاركة في القتال. كذلك، يموت عشرات الأطفال إثر أمراض كان يمكن تجنبها. كما وأشار تقرير منظمة Save the Children في الأسبوع الماضي إلى أن الأطفال السوريين يعانون من “ضغط هائل” ويحاول الكثيرون منهم إلحاق الضرر بأنفسهم والانتحار بسبب المعاناة التي مروا بها أثناء الحرب. وفق التقرير، يفقد جزء من الأطفال القدرة على التكلم.
وقالت منظمة يونيسف إن استخدام الأطفال الجنود بات ظاهرة واسعة الانتشار في سوريا. وفق تقرير المنظمة، فقد جندت منظمات مسلحة ما معدله 851 طفلا سوريّا في السنة الماضية على الأقل – يشكل هذا الرقم ضعفي الرقم في عام 2015.
مقرّ السينتولوجيا في الولايات المتحدة لوس أنجلوس (تصوير Wikipedia، بعد أن تمت معالجتها من قبل موقع "المصدر")
السينتولوجيا ديانة، طائفة أو صناعة مال ضخمة؟
أملاك تكلفتها ثلاثة مليارات دولار، أجر مالي بمبلغ 40 سنتا في الساعة للمؤمن، الكثير من التلاعبات العاطفية، توم كروز وجون ترافولتا. كل ما تريدون معرفته عن السينتولوجيا
على مدى سنوات كانت كنيسة السينتولوجيا (الكنيسة العلموية) محاطة بغطاء كامل من السرية. بل حظي أعضاؤها بالتعرّف على قصة الخلق، الكامنة في أساسها، فقط بعد سنوات من انضمامهم إليها وبعد أن رهنوا لها كل ممتلكاتهم.
بدأ اهتمامي الأول بهذا الدين/ الطائفة يوما ما، قبل 6 سنوات (2010) عندما رأيت رويدا رويدا كيف أنّ مبنى قديما ومذهلا في يافا، المدينة التي وُلدت فيها، قد بدأ حظر استخدامه وإغلاقه بهدف الترميم.
أثارت اللافتة الأولى التي وُضعت في المبنى وأعلنت عن افتتاح مركز السينتولوجيا الأكثر فخامة في أنحاء الشرق الأوسط، دهشة الكثيرين. لم يكن أحد يعلم ما هي السينتولوجيا وكيف نجح أتباع هذه الديانة (أو الطائفة) الصغيرة بشراء مسرح الحمراء (مبنى قديم أقيم عام 1936، وكان يعتبر أحد المسارح الأكثر فخامة في الشرق الاوسط) بقيمة ملايين الدولارات بل وإقامة مركزهم الأكبر في الشرق الأوسط به، بعد صراع قانوني مستمر.
مؤسس الكنيسة، ل. رون هوبارد (Wikipedia)
كلما مرّت السنين، ظهرت علامات سؤال، وتم افتتاح المركز الجديد لاحقا. ألقى المارّة نظرة، من وراء النوافذ العرض الكبيرة للمبنى الرائع، إلى كتب مؤسس الكنيسة، ل. رون هوبارد. نجح ما لا يحصى من الدعوات للمشاركة في محاضرات مجانية في موضوعات الأمومة والأبوة الجيدة، معارضة إباحة المخدّرات، حقوق الإنسان، واستشارات تجارية، في إثارة اهتمام عدد غير قليل من الناس. أثارت تجمعات سنوية شارك فيها عشرات الأشخاص، لديّ رغبة قوية لفهم ماذا يفعلون في المبنى. أضاءت لدي محادثة صغيرة مع صاحب كشك مجاور للمبنى ضوءًا أحمر. “من يأتي إلى هنا تؤخذ منه كل ممتلكاته. فينظر إلى الأشخاص وكأنهم مصدر مال فقط”.
تسببت لي تلك المحادثة الجانبية بالرغبة في البحث عما كُتب عن هذه المؤسسة ومحاولة فهم ما الذي يجعل البشر يؤمنون بدين يُعتقد أنه قبل 75 ألف عام قد وصل إلى الكرة الأرضية كائن فضائي شرير وزرع في البراكين أرواحا من الكائنات الفضائية؟
نظرة إلى السينتولوجيا
مقرّ السينتولوجيا في الولايات المتحدة لوس أنجلوس (تصوير Wikipedia)
السينتولوجيا هي فلسفة ديانة روحية نظرية وعملية (تم تعريفها من قبل الكثيرين كطائفة)، وتأسست عام 1954، وتم تطويرها من قبل كاتب الخيال العلمي الأمريكي، ل. رون هوبارد. يُستخدم الاسم “كنيسة السينتولوجيا” أيضا كاسم عام لشبكة عالمية من المؤسسات الدينية التي أسسها هوبارد من أجل نشر التعاليم، التي عرّفها كدين.
تقترح السينتولوجيا طرق علاج مختلفة، تهدف إلى تحسين قدرات الإنسان ككيان روحي. بذلك، وفقا لادعائها، ترفع أيضا من قدرته على معالجة جسمه عبر مواجهة الأمراض النفسية والوصول إلى مستوى وعي أعلى. لا تستند هذه الادعاءات إلى أساس علمي. عرفت تحقيقات وإعلانات عبر وسائل الإعلام وتحرّيات أجرتها لجان تحقيق في دول مختلفة السينتولوجيا باعتبارها طائفة.
الممثل توم كروز، من أتباع السينتولوجيا (AFP)
تهدف السينتولوجيا، في مراحل متأخرة من التدريب، إلى تخلّص الدماغ والنفس من بقايا تلك الكائنات الفضائية، وجعلها “نقية” (Clear) وهي درجة حققها هوبارد نفسه، وكبار المؤسسة فقط. وفقا للسينتولوجيا فإنّ جميع الأمراض، وخصوصا الأمراض النفسية، هي بقايا من تلك الكائنات الفضائية. ولذلك تشنّ المؤسسة الرسمية والمنظمات المختلفة التابعة لها حربا شاملة ضدّ علماء النفس والأطبّاء النفسيين والأطباء بشكل عام وهي تعتمد طرق علاج خاصة بها، وهناك على الأقل حالة واحدة معروف أنها قد أدت إلى الموت.
بل أشارت لجان تحقيق وبعض التحرّيات إلى استخدام طرق التلاعب النفسي في السينتولوجيا. في ألمانيا، أعلِنَ عن السينتولوجيا باعتبارها “مؤسسة شمولية” وتجري ضدّها حملة عامة واسعة. في إسرائيل، كانت السينتولوجيا إحدى المجموعات التي تم فحصها بعناية لجان عديدة على الرغم من أنه لم تكن ضدّها تعريفات قانونية، مما سمح في نهاية المطاف بإقامة المركز الكبير في يافا.
أساس الاعتقاد
قبل 75 مليون عام قدِم كائن فضائي كبير واسمه زينو (Xenu) إلى الكرة الأرضية. زرع زينو، وفقا لهوبارد، مؤسس الديانة، والذي هو بالصدفة أيضا مؤلف كتب خيال علمي، في البراكين كائنات فضائية وفجّر الجبال بقنابل هيدروجينية. فقُتلت الكائنات الفضائية والتصقت أرواحها حينها بالبشر وما زالت حتى يومنا هذا، ولذلك ينشغل أعضاء السينتولوجيا بطردها في مرحلة متقدّمة من عضويّتهم في الكنيسة.
يعرض هذه النتائج المنتج الأمريكي، جيبني في فيلمه عن السينتولوجيا (Going Clear: Scientology and the prison of Belief )، الذي أثار ضجة في العالم عام 2015 وكشف عن الأسرار الأكثر عمقا لدى السينتولوجيين. استند الفيلم إلى مقابلات أجراها المنتج مع عشرات الأشخاص الذين كانوا من أتباع تلك الطائفة لسنوات ولكنهم هربوا منها بعد أن اكتشفوا أسرارا مظلمة.
الفيلم الذي كشف كل الأسرار
على مدى أشهر عديدة حاولت الكنيسة السينتولوجية منع عرض الفيلم “السينتولوجيا وسجن الإيمان” ولكن رغم التهديدات بالمقاضاة القضائية والإعلانات السلبية في الإعلام، فقد بُثّ الفيلم (من إنتاج HBO).
ويستند الفيلم، من بين أمور أخرى، إلى تحقيق أجراه الكاتب، لورانس رايت، الذي تحدث مع أكثر من 200 عضو في الكنيسة واستمع إلى شهادات عن الطرق الوحشية الممارسة في معسكر السينتولوجيا المغلق في كاليفورنيا، المسمى “Gold Base”، وعن حياة قادة الكنيسة، ومن بينهم أيضا الممثّلان توم كروز وجون ترافولتا.
يتحدث أعضاء سابقون في الكنيسة في الفيلم كيف يعمل الرجال، النساء وحتى الأطفال في ظروف عبودية في المبنى الموجود على مسافة نحو 160 كيلومترا من لوس أنجلوس ويتعرّضون للإساءة الجسدية والعاطفية، هكذا ذكرت صحف كثيرة مثلما ورد في هذا التقرير في الهافينغتون بوست.
الممثل حون ترافولتا، من أتباع السينتولوجيا (AFP)
زُعم في الماضي ضدّ قادة المنظمة، ومن بينهم زعيم الكنيسة في هذه الأيام، ديفيد ميسكافيدج، أنّه هو الوحيد الذي يمكنه أن يأمر بسجن أو إطلاق سراح الأشخاص من الاعتقال في المبنى.
ويكشف الفيلم تفاصيل عديدة حول هذه الديانة/ الطائفة والتي معظم من سمع عنها يربطها ببساطة بتوم كروز وجون ترافولتا، واللذين هما من ممثّلي السينتولوجيا البارزين. إحدى المعلومات المذهلة التي يكشف عنها الفيلم هي عدد أتباع الكنيسة، التي تقدّر ثروتها بثلاثة مليارات دولار وتمتلك أملاكا ثمينة في العالم كله (بما في ذلك إسرائيل)، تعداد أتباعها هو 50 ألف شخص بالمجمل، في جميع أنحاء العالم، رغم أنّ مؤيّدي هذه الديانة/الطائفة يزعمون أنّ عددهم يصل إلى الملايين.
المقابلة التي قدمها توم كروز لأوبرا وينفري وزعم فيها أنّه كان مسحورا بعد علاج سينتولوجي
نشاط واسع في إسرائيل
في منتصف شهر تشرين الأول نُشر في موقع MAKO الإسرائيلي تحقيق شامل حول نشاط المؤسسة في أنحاء إسرائيل. من غير الواضح حتى اليوم كم هو عدد الأتباع الإسرائيليين للكنيسة ولكن التقديرات تتحدث عن نحو 2000 إلى 3000 مؤمنا.
استطلع التحقيق كيف أنّه بواسطة نشاط اجتماعي أو اقتصادي عادي، كما يبدو، تحاول المؤسسة غرس تعاليم السينتولوجيا. قيل في التقرير إنّ المحاضرات المخصصصة للأهالي أو المبادرين الشباب أو الكفاح ضدّ إباحة المخدرات الخفيفة، تموّلها المؤسسة.
“تتميز هذه المؤسسات بأسماء مثل “الطريق إلى السعادة”، “أكاديمية الأبوين”، “إسرائيل تقول لا للمخدرات” وغيرها. إنها تهتم بموضوعات متنوعة، بدءا من التعليم وحتى الاستشارة الاقتصادية، ولكن أهدافها مماثلة: نشر تعاليم السينتولوجيا، تعزيز أهداف الكنيسة، وتقريب أشخاص آخرين إلى صفوفها. هكذا يعمل في إسرائيل مؤيّدو تلك الطائفة المثيرة للجدل، التي تعمل في العالم منذ عشرات السنين وتقدم نفسها كفلسفة دينية، ولكنها معرّفة من قبل كثيرين كطائفة، بما في ذلك “المركز الإسرائيلي لمتضرري الطوائف”. يعمل بعض تلك المؤسسات بصفتها مؤسسات ليست لأهداف ربحية، فهي تعتمد على التبرعات، وتقدم مؤسسات أخرى للكنيسة نسبة من أرباحها”، هذا ما جاء في التقرير.
مقر السينتولوجيا في مدينة يافا (Wikipedia, Ilan Costica)
في إسرائيل أيضا تحاول كنيسة السينتولوجيا تمثيل قوة ذات نفوذ في الجهاز التربوي، الصحي وفي مجال الأعمال. ذكرتها الشرطة الإسرائيلية في وثيقة كتبتها حول موضوع الطوائف منذ عام 1982، وبعد خمس سنوات من ذلك حذّر تقرير آخر من كونها قد تعزل أعضاءها عن أفراد أسرهم. في السنوات الأخيرة، كلما تعززت الادعاءات في العالم ضدّها، أصبحت تواجه معارضة قوية أكثر في إسرائيل.
أحد الموضوعات التي تحاول المؤسسة أن تكون فاعلة فيها هو موضوع العلاج النفسي والأدوية النفسية التي تقدمها المستشفيات والخدمات الطبية في إسرائيل للأطفال الذين شُخصوا بأنهم يعانون من اضطراب نقص الانتباه. في إسرائيل من الشائع اليوم استخدام الدواء المسمى “ريتالين” وهو دواء يتناوله، بموجب وصفة طبية، الأطفال أو البالغين الذين شُخصوا من قبل أطباء نفسيين مؤهّلين، باعتبارهم يعانون من اضطراب نقص الانتباه.
بالنسبة لأتباع السينتولوجيا، فإنّ الطب النفسي في إسرائيل والعالم هو جذر كل الشرور وأنّه من خلال الأدوية والعلاجات التقليدية، تحاول الدولة إرشاد الوالدين حول كيفية قمع غريزة الحياة لدى الأطفال.
ريتالين (Wikipedia)
“إذا كانت هناك شريحة مجتمعية تحاول السينتولوجيا أن تخترقها بشكل حازم، فهي شريحة رجال الأعمال، والسبب واضح. كتب هوبارد نفسه أنّه من أجل زيادة أرباح الكنيسة عليها أن تبحث عن أعمال تحتاج إلى المساعدة، أن تعرض عليها ورشات مجانية، ومن ثم تلزمها بتخصيص جزء من دخلها للكنيسة. تعمل هذه الطريقة بواسطة “شبكة WISE” (في إسرائيل)، وهي مؤسسة فرعية أخرى للسينتولوجيا” كما كتبت المحققة في التقرير.
صناعة المال
المؤمنون هم مصدر المال. الخلاص، وفقا لهوبارد، لا يأتي مجانا. كان هناك دائما ثمن للتنظيف الداخلي. نقل الكثير من الناس للكنيسة جميع توفيراتهم، فقد أتباعها منازلهم وضحّوا بمستقبل أولادهم تحت اسم الوعد بحياة أفضل.
يقول باحثون خصصوا حياتهم لكشف ما يحدث في السينتولوجيا مثل الباحث، ريك روس، إنّها صناعة تنتج مليارات الدولارات. تشير التقديرات إلى أنّه من أجل الوصول إلى الدرجة ثلاثة من بين ثماني درجات، فعلى المؤمن أن يدفع نحو 400 ألف دولار.
زعيم الكنيسة في هذه الأيام، ديفيد ميسكافيدج (AFP)
من جهة أخرى، هناك آلاف الأشخاص الذين لا يملكون تلك المبالغ ويرغبون في أن يصبحوا جزءًا من الكنيسة. لذلك يوافقون على العمل بوظيفة كاملة، وتخصيص وقتهم للكنيسة آملين أن يتمكّنوا من التقدّم دون دفع تلك المبالغ. فهذه المؤسسة تعمل طوال الوقت على تجنيد الأموال، وتجبي الأموال مقابل كل شيء، وتمتلك عقارات بقيمة مئات ملايين الدولارات.
ولا يسمح المجال هنا بالتوسّع أكثر حول ظاهرة السينتولوجيا والهوس الذي التصق بالكثيرين في العالم في محاولة الكشف عنها والعمل على تقليصها أو اختفائها من العالم. ومع ذلك فهي ديانة/ طائفة نشأت قبل أكثر بقليل من 60 عاما في العقل المحمود لكاتب قصص الخيال العلمي ونجحت رغم صغر حجمها في إثارة العالم وإذهال الكثيرين الذين لا يدركون كيف، رغم كل الشهادات والخفايا الداخلية، كما يبدو، تنجح هذه الديانة/ الطائفة في سحر الآلاف وإبقاء الكثيرين في مؤسساتها.
من بين نحو 46 مليون شخص يعيشون كعبيد في أنحاء العالم، فإنّ ثلثيهم، 30.4 مليون شخص، يعيشون في دول آسيا-المحيط الهادئ، حيث إنّ العدد الأكبر هو في الهند.
وتظهر هذه المعطيات وفق مؤشر العبودية العالمي الذي نُشر الأسبوع الماضي. وفق المؤشّر لعام 2016، والذي يستند إلى مجموعة حقوق الإنسان الأسترالية Walk Free Foundation، فهناك ارتفاعا بنسبة 30% في عدد الأشخاص الذين يعملون عبيدا (من 35.8 مليون عام 2014 إلى 45.8 مليون هذا العام). يعود مصدر ارتفاع هذا المعطى، كما يبدو، إلى أن الدراسة قد أجريت بشكل أكثر شمولا، وليس إلى دخول أشخاص جدد في دائرة العبودية.
والدول التي تقف على رأس القائمة، مع أكبر عدد مطلق من الأشخاص الذين يعيشون في ظروف العبودية الحديثة هي الهند (18.3 مليون)، الصين (3.38 مليون)، باكستان (2.1 مليون)، بنغلادش (1.53 مليون)، وأوزبكستان (1.2 مليون). وفقا للتقرير فإنّ بعض تلك الدول يوفّر موارد بشرية رخيصة لصالح الأسواق الأوروبية الغربية، اليابان، أمريكا الشمالية، وأستراليا. وفقا للدراسة، فإنّ عدد العبيد المقدّر في إسرائيل يصل إلى 11,600.
أنواع العبودية التي تم التعرّف عليها في المؤشر هي العبودية في أعمال السخرة في الأفران، الزراعة، المنسوجات، الأطفال الجنود في أفغانستان، الهند وتايلاند، التسوّل القسري، والعبودية الجنسية. عايش الرجال والنساء العبودية في أعمال السخرة في التصنيع، الزراعة، إنتاج الأغذية، والبناء. وكانت النساء أيضا عرضة للاستغلال الجنسي والزواج القسري.
في الهند لا تزال تُمارس جميع طرق العبودية الحديثة، ومن بينها أيضًا العبودية بين الأجيال، استعباد الأطفال القسري، الاستغلال الجنسي، التسول القسري، التجنيد القسري للمجموعات العسكرية، والزواج القسري. إنها أعمال غير قانونية، تم الإعلان عنها كذلك منذ عدة عقود، ولكنها مستمرة في الازدهار.
قطر تتجاهل ظاهرة العبودية
46 مليون عبد يعيشون في عالمنا (AFP)
وقد أشار صندوق Walk Free Foundation في المؤشّر أيضًا إلى جهود الحكومات في الحدّ من العبودية وعرض بيانات لم تكن مفهومة ضمنا بالضرورة. الدول التي تعارض معارضة شديدة العبودية هي هولندا، الولايات المتحدة، بريطانيا، السويد، أستراليا، البرتغال، كرواتيا وعدة دول أخرى، ولكن فقط لأن هناك بحوزة الدولة موارد، لا يعني أنّها ستتعامل معاملة صحيحة بالضرورة تجاه المجموعات السكانية الضعيفة. إذا قارنا الناتج المحلي الإجمالي، فإنّ دولا مثل قطر، سنغافورة، الكويت، بروناي، هونغ كونغ، السعودية، البحرين، عُمان، اليابان وكوريا الجنوبية، اتخذت وسائل قليلة من أجل القضاء على ظاهرة العبودية الحديثة، رغم الثراء والاستقرار السياسي لديها.
وفي كوريا الشمالية يعيش وفقا للتقديرات، نحو 1.1 مليون مواطن من العبيد (عدد سكان كوريا الشمالية 25.1 مليون). يجعل هذا المعطى الدولة ذات أكبر نسبة من العبيد من بين السكان. رغم ذلك، فإنّها الدولة الوحيدة من بين 25 دولة في آسيا-المحيط الهادئ، وفي العالم في هذا السياق، التي لم تعرّف أي نوع من العبودية باعتباره جنائيا.
شجّع النفط الذي تنعم به دول عربية في الخليج على تدفّق متزايد للعمال الأجانب من شرق آسيا ودول عربية إلى الخليج بدءًا من السبعينيات. يُعتبر هؤلاء العمال في نظر سكان الخليج “الآخر” من الناحية الدينية، الثقافية والعرقية. الكثير منهم هم من المسيحيين، البوذيين وأبناء ديانات وثنية أخرى.
يعمل العمال الأجانب في الخليج في مجالات مختلفة من بينها الهندسة، التعليم، البناء، الخدمة في المنازل والعناية بالأطفال والعجزة. تعمل العاملات الأجنبيات أيضًا كسائقات لدى النساء السعوديات، لأنّ القانون السعودي يحظر على المسلمات قيادة السيارة. يُوقع الأجانب على عقد عمل يكون صالحًا لمدّة ثلاث سنوات فقط (سنتان لعاملات المنازل). لدى انتهاء فترة العمل يحقّ لصاحب العمل أن يقرر تمديد العقد لثلاث سنوات أخرى أو إرسال العامل عائدا إلى موطنه الأصلي. وفقا للقانون في شبه الجزيرة العربية، يمكن للعمال الحصول على خدمة في صناديق المرضى الحكومية مجانا. لا يتضمن القانون بدل النقاهة أو أيام العطلة.
منذ سنوات طويلة يوجّه المجتمع الدولي انتقادات لدول الخليج بسبب تعاملها مع العمال الأجانب، وخصوصا بعد أن تم الكشف عن الظروف القاسية التي يضطرّون للعمل والإقامة فيها. في تقارير لمنظمة العمل الدولية (ILO) ومنظّمات دولية أخرى تم طرح شكاوى لعمال بسبب التعامل العدائي والانتهاكات الفظيعة من قبل أرباب العمل. أحيانا، تشكّل العاملات الأجنبيات، واللواتي يعملن غالبا في الخدمة المنزلية، فريسة سهلة للاغتصاب والاعتداء النفسي والجسدي من قبل أرباب عملهنّ. إنّ القانون الذي يلزم بتسجيل كل عامل أجنبي تحت اسم صاحب عمل محدّد يمنع العامل أيضًا من مغادرة مكان عمله بل والخروج من البلاد دون موافقة صاحب العمل. في الواقع، يُحاكي القانون العادة العربية القديمة في فرض الرعاية على العبيد ويعرّض العمال للاستغلال والأذى من قبل أرباب العمل المحليّين.
كل محاولة لحكومات الخليج في تقييد حصة العمال الأجانب، أو الكشف عن المقيمين غير الشرعيين وإعادتهم لبلادهم الأصلية تنشئ مشكلة في القوى العاملة في جميع قطاعات الاقتصاد. ولكن العمال الأجانب “مسؤولون” أيضًا عن زيادة البطالة، لأنّ أجورهم منخفضة وهم أحيانا أكثر مهارة من القوى العاملة المحلية. فضلا عن ذلك، تخشى الحكومات ورجال الدين في الخليج من تحوّل السكان في بعض الدول إلى أقلية ضئيلة، ويعتبرون هذا الوضع خطرا على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة. واعتاد رجال الدين أيضًا على التحذير من التأثيرات الثقافية للأجانب – ثقافة الترفيه، أماكن العبادة والعادات المسيحية – على المجتمعات التقليدية والمحافظة في شبه الجزيرة العربية.
على خلفية ذلك كلّه، قرّر الفقهاء المحافظون أنّ دخول العمال الأجانب إلى شبه الجزيرة العربية يتناقض مع طلب النبي محمد في تنظيف المنطقة من اليهود، المسيحيين وأبناء الديانات الوثنية. وذهب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله إلى أبعد من ذلك ودعا إلى حظر الصلوات في المنازل وإلى تدمير كل مبنى يُستخدم من قبل العمال الفلبينيين لممارسة الشعائر المسيحية في المملكة العربية السعودية، مهد الإسلام الذي وُلد فيه النبي أيضًا. وقد نُشرت فتواه بعد أن قرّرت السلطات في الكويت المجاورة إعادة بناء الكنائس في أنحاء البلاد من أجل المؤمنين الفلبّينيين.
وردّا على ذلك أكّد الفقهاء المعتدلون على أنّ القرآن والحديث قد أسّسا للعلاقة بين صاحب العمل والعامل قبل أن تُقام منظمات الدفاع عن العمال والأحزاب العمالية في أوروبا بوقت طويل. وفقًا لهؤلاء الفقهاء، فإنّ الدين الإسلامي يدعو إلى العدالة في جميع مجالات الحياة وحقوق الإنسان والعامل وهو الضوء الهادي. فضلا عن ذلك، فإنّ البشر متساوون دون تفريق في الدين، العرق والجنس، السنّ، لون البشرة، سواء كانوا من مواطني البلاد أو عمالا أجانب. كما أمر النبي أتباعه: “لا فضل لعربيّ على أعجميّ، ولا لمسلم على غير مسلم، ولا لأبيض على أسود”.
وذكّر هؤلاء الفقهاء أنّ النبي قد تعامل بأدب مع عماله، وأمر المؤمنين بالتفاوض مع عمالهم حول حجم الأجور والعمل حتى قبل بدايته. بالإضافة إلى ذلك، حرّم النبي على صاحب العمل أن يؤجّل أجر العامل، أن يبيع أو ينقل رجلا حرّا (يعتبر العامل الأجنبي رجلا حرّا) إلى صاحب عمل آخر، وقرّر أنه يجب على صاحب العمل ضمان بيئة عمل آمنة للعامل. لن يكون هناك نموّ في المنظمة إنْ لم تسُدْ العدالة والعلاقات النزيهة بين صاحب العمل وعمّاله، كما حذّر النبي، وكل من يستبدّ بعمّاله لن يحظى برؤية أبواب الجنّة. على هذا الأساس يقرّر الفقهاء المعتدلون أنّه على كل صاحب عمل الحرص على الطعام والشراب، الملابس، التأمين ضدّ الحوادث والتأمين الصحّي لعمّاله، بل والسماح للعمال المسيحيين بالخروج إلى إجازة في عيد الميلاد.
ويكرّس فقهاء شيعة أيضًا اهتمامهم لحقوق العمال الأجانب. عام 2008، نشر السيد محمد حسين فضل الله فتوى دينية تحظر الاعتداء الجسدي أو التحرش الجنسي ضدّ العمال الأجانب في لبنان. قال فضل الله إنّ التعامل السيء ضدّ العمال الأجانب هو علامة على الفوضى الاجتماعية، فشل تربوي وعجز النظام عن إنفاذ القانون في البلاد. بل وحرّم أيضًا بيع أو نقل العمال الأجانب بين أصحاب العمل اللبنانيين، وهي ممارسة تؤدي بهم إلى الانتحار أو إيذاء أنفسهم.
وأوضح فقهاء شيعة وسنّة في فتاوهم أنّ العامل ليس مُلكًا لصاحب العمل وإنما تحت مسؤوليّته، ولذلك فعلى صاحب العمل أن يعتني به. “إنهم مساعدونا”، كما أشار فضل الله. “نحن بحاجة لهم، وأحيانا نعتمد عليهم لأنّهم يقومون بأعمال لا نستطيع القيام بها”.