عبد الله غول

رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره خلال احتفالات النصر في أنقره عقب فوزه بمنصب رئاسة تركيا وإلى جانبه زوجته أمينة (AFP)
رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره خلال احتفالات النصر في أنقره عقب فوزه بمنصب رئاسة تركيا وإلى جانبه زوجته أمينة (AFP)

10 حقائق عن الرجل القوي لتركيا

على الطريق من رئاسة الحكومة إلى قصر الرسائة، يخطط أردوغان أن يقيم في بلاده حكومة رئاسية على غرار الولايات المتحدة وسيستمر في الحكم من وراء الستار

10 أغسطس 2014 | 14:14

ضمن رجب طيب إردوغان لنفسه، أمس الأحد، مكانا في التاريخ كأول رئيس منتخب انتخابا مباشرا في تركيا حاصدا أكثر من نصف الأصوات. وتحدث كثيرون في تركيا عن أن توقيت الحرب في غزة كان جيدا لأردوغان بسبب آرائه المهاجمة لإسرائيل.

وأشاروا إلى أن شعارات تأييد الفلسطينيين، ولبس الكوفية على الرقبة، والخطاب الحماسي ضدّ “أعداء تركيا” غطت على فشله الإداري في السياسة الخارجية، التي أبعدت تركيا عن مراكز التأثير في الشرق الأوسط، وسببت أزمة في علاقاتها مع مصر والعراق، وزادت التوتر حدّة مع الحكومة الأمريكية.

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

لكن من هو في الحقيقة رجب طيب أردوغان؟ إليكم بعض الحقائق المثيرة عن الرجل الذي نما في تركيا العلمانية وفي العقد الأخير عمل بلا كلل على تقدمها نحو الإسلام الحديث، الذي يدمج بين السياسة الإسلامية، بحياة إسلامية اجتماعية واقتصادية متقدمة تتجه إلى آفاق جديدة، بعد أن رفض الاتحاد الأوروبي مرة بعد مرة طلب تركيا الانضمام إليه:

وُلد رجب طيب أردوغان في تركيا في 26 شباط 1954 وهو رئيس الحكومة الـ 58 لتركيا بدءًا من 14 آذار 2003.

انتُخب في سنة 1976 رئيسًا للفرع الشبابي لحزب الإنقاذ الوطني. سنة 1978 تزوج أمينة، ذات الأصل العربي. مع الأيام سيعتبر زواجه كمثال للدمج بين الطوائف في تركيا.

سنة 1988 حُكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر بعد أن قرأ علنًا قصيدة متطرفة تعارض مبادئ العلمانية في تركيا. من بين كلمات هذه القصيدة، الجملة: “المساجد هي قواعدنا، قبابها خوذاتنا، صروحها سلاحنا، والمؤمنون جنودنا. قضى أردوغان في السجن أربعة أشهر ثم أطلق سراحه.

نائبات عن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب أردوغان، يرتدين الحجاب في البرلمان التركي (AFP)
نائبات عن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب أردوغان، يرتدين الحجاب في البرلمان التركي (AFP)

في الثالث من تشرين الثاني 2002 انتصر “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي (AKP) في الانتخابات برئاسة أردوغان. جاء الانتصار على خلفية الأزمة الاجتماعية، انهيار الاقتصاد في الدولة، وإقالة ملايين العمال من سوق العمل التركية. اضطر أردوغان، الذي حكمت عليه المحكمة سابقًا أنه يُحظر عليه مزاولة منصب جماهيري في أعقاب إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، إلى اختيار بديل له لرئاسة الحكومة حتى انتهاء فترة المنع. لقد قام بتعيين عبد الله غول، نائبه في الحزب، بمنصب رئيس حكومة مؤقت. في نهاية فترة المنع، عُين رئيس للحكومة من جهة حزبه.

أثارت رغبته في الانضمام للاتحاد الأوروبي خلافًا في الرأي بينه وبين الأوروبيين الذين ادعوا أن تركيا تنتهك حقوق الإنسان ومبادئ المساواة.‎ ‎ادُّعي أنها غير ناضجة للانضمام للاتحاد الأوروبي، من بين أمور أخرى، كان تشريع قدّمه أردوغان، الذي عرف زنا المرأة كعمل جنائي، وكذلك معارضة أردوغان لإلغاء القانون الذي يقيّد حرية التعبير عن الرأي في الدولة، ويمنع نشر محتويات تسيئ للقومية التركية.

الاحتجاجات في متنزه تقسيم غازي، تركيا (ويكيبيديا)
الاحتجاجات في متنزه تقسيم غازي، تركيا (ويكيبيديا)

سنة 1974 كتب، أخرج، ومثّل في مسرحية تعرض الشيوعيين واليهود كأساس الشر في العالم. خلال السنوات نسبت لأردوغان العديد من التصريحات اللاسامية. سنة 2008 ادعى أن هناك “إعلامًا عالميًّا تحت سيطرة إسرائيل”. وادعى أيضًا أن إسرائيل من وراء الانقلاب في مصر.

اردوغان ومرسي (AFP)
اردوغان ومرسي (AFP)

بعد تعيينه في منصب رئيس حكومة تركيا، اتخذ أردوغان خطا هجوميًّا ضدّ إسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية لبلاده مع إسرائيل. بعد أسطول غزة (المرمرة) في أيار 2010، وقعت الأزمة الدبلوماسية الأكثر صعوبة منذ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا. سحب أردوغان السفير التركي من تل أبيب وصرح تصريحات حادة ضدّ إسرائيل، على قتل الناشطين الأتراك. طالب أردوغان إسرائيل أن تنفذ ثلاثة أشياء: أن تعتذر عن قتل مواطنيها في الأسطول، أن تدفع التعويضات المالية لعائلات القتلى والجرحى وأن ترفع الحصار عن غزة وتتيح الدخول الحر للأساطيل إلى القطاع.

مؤخرًا، وُضعت علاقات تركيا ومصر على المحك: على خلفية التأييد الذي تبديه مصر مؤخرًا لإسرائيل، ادعى أردوغان أن مصر لا يمكنها أن تمثل وسيطا وأن تعمل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. في أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في منتصف تموز هذه السنة، هاجم أردوغان رئيس مصر المنتخب عبد الفتاح السيسي وادعى أنه استولى على السلطة بطرق غير شرعية.

الأسلحة التي وجدت على متن سفينة المافي مرمرة (IDF Flickr)
الأسلحة التي وجدت على متن سفينة المافي مرمرة (IDF Flickr)

مؤخرًا هدد أردوغان بحجب موقعي اليوتيوب والفيس بوك في تركيا مدعيًا أن معارضيه السياسيين يستخدمون مجاليّ الإنترنت كي يحرضوا الجمهور التركي ضده وينشروا تعاليمهم غير الإسلامية.

أدت المعارضة الجماهيرية ضدّ أردوغان في فضيحة الفساد التي ارتبط بها اسمه واسم مسؤولين رفيعين آخرين في حزبه، إلى إغضابه جدًا. اضطربت تركيا التي كانت في قمة الانتخابات المحلية (آذار 2014)، في تلك الفترة على ضوء العنف ضدّ المتظاهرين في الشوارع. بعد تصريحات أردوغان الحادة، التي أطلَق في قسم منها اسم “إرهابي” على ولد عمره 15 سنة وسمى الصهيونية “جريمة ضدّ الإنسانية”، نشرت رابطة الأطباء التركية بيانًا، عبرت فيها عن “قلقها من وضع أردوغان النفسي”.

اقرأوا المزيد: 653 كلمة
عرض أقل
شعار فيس بوك (AFP)
شعار فيس بوك (AFP)

الرئيس التركي: حظر فيسبوك ويوتيوب مستحيل

بعد ساعات معدودة من تهديد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان باغلاق فيسبوك ويوتيوب قال جول: "اغلاقهما مستحيل"

قال الرئيس التركي عبد الله جول اليوم الجمعة إنه يستحيل حظر فيسبوك ويوتيوب بعد ساعات معدودة من تهديد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان باغلاقهما لمنع خصومه السياسيين من نشر تسجيلات صوتية يقول انها “ملفقة” تزعم وجود فساد داخل دائرته المقربة.

وقال جول للصحفيين حين طلب منه التعليق على تصريحات رئيس وزرائه “اغلاقهما (فيسبوك ويوتيوب) مستحيل” لكنه استطرد انه يمكن للسلطات بموجب قانون جديد صدر مؤخرا ان تمنع الدخول الى مواد على مثل هذه المواقع اذا شكلت انتهاكا للخصوصية.

ويخوض اردوغان صراعا على السلطة مع رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن حليفه السابق الذي يقول رئيس الوزراء التركي انه وراء مجموعة من التسجيلات الصوتية المنشورة على الانترنت.

وقال اردوغان في مقابلة مع القناة التركية (ايه.تي.في) الليلة الماضية “نحن مصممون على ذلك. لن نترك هذه الامة تحت رحمة الفيسبوك واليوتيوب.”

وحين سئل عما اذا كان حظر هذه المواقع واردا في الاجراءات التي يخطط لها رد بالايجاب قائلا “نعم تشملها”.

وصرح اردوغان بأن نشر تلك التسجيلات المزعومة يجيء في اطار حملة للقضاء على مصداقيته. وينفي كولن اي دور له ويرفض مزاعم بانه يستخدم شبكة من مؤيديه للتأثير على تركيا سياسيا

اقرأوا المزيد: 176 كلمة
عرض أقل
اردوغان ومرسي (AFP)
اردوغان ومرسي (AFP)

بعد إسرائيل، تدير مصر أيضًا ظهرها لأردوغان

أزمة صعبة بين تركيا ومصر؛ تقوم مصر بطرد السفير التركي وإعادة سفيرها في تركيا؛ غول: "إن تركيا ومصر تشبهان حبتي بازيلاء في داخل إناء يغلي"

أجرى الناطق بلسان وزارة الخارجية المصري يوم أمس (السبت) مؤتمرا صحفيًا بلغ فيه أن سفير تركيا، حسين بستالي، هو شخصية ليس مرغوبًا بها في مصر، وأنه سيتم طرده إلى بلاده فورًا. السفير المصري في تركيا، الذي أعيد إلى مصر منذ ثلاثة أشهر بهدف “الاستشارة”، حصل على تعيين جديد في وزارة الخارجية، وحتى هذا الوقت لم يتم تعيين أي سفير بديل له.

إن الرسالة للأتراك واضحة – لقد قرر الجنرال عبد الفتاح السيسي أنه لن يتحمل أكثر تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لقد صرح أردوغان يوم الجمعة بأقوال أخرى شديدة اللهجة ضد الحكومة الحالية قائلا: “إني أحترم مرسي جدًا على ظهوره المحترم في المحكمة (دون لباس الأسير)، وأكن له تقديرًا كبيرًا…  لا احترم أبدًا من قام بخطف الرئيس الشرعي لإجراء محكمة مزيّفة ضده”. لقد واصل أردوغان إصراره على أن الإسرائيليين هم من وقفوا وراء إسقاط مرسي.

وكما ذُكر آنفًا، لقد قرر المصريون أن أردوغان قد تجاوز الحد ولم يصمتوا في الرد على أقواله الكريهة. تراجعت العلاقات التي كانت قائمة بين الدولتين، والتي ازدهرت وتقدمت أثناء فترة الإخوان المسلمين. لم تقطع القاهرة في الحقيقة العلاقات مع أنقرة، لكنها “خفضت مستوى التعامل معها”.

“يبدو أن الانفصال المصري-التركي الآن شبيهًا بالتراجع في العلاقات مع إسرائيل”، كتبت هذا الصباح سمدار بيري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، موضحة: “في كلتي الحالتين، تمت إقالة السفراء وتم خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، ويحاول أردوغان تعزيز العلاقات مع التيارات المتطرفة في غزة ويبحث  عن قنوات ليعمل بواسطتها مثل تقديم إمدادات السلاح، التموين والتعاطف لقيادة حماس… أما بالنسبة للنظام الجديد في مصر فالوضع أكثر سوءا: يستغل  أردوغان المكبرات الصوتية للتحريض ضدهم”.

لقد اتهم الناطق بلسان وزارة الخارجية المصرية الأتراك بـ”المحاولات دون توقف للتدخل في القضايا الداخلية الخاصة بنا وهز الثبات”. لقد أراد الرئيس التركي عبدالله جول الرد على الكلام، لكنه بدا وكأنه يكافح حين قال إنه يتم التحدث عن “أزمة عابرة”. لقد قال غول إن “تركيا ومصر شبيهتان بحبتي بازيلاء داخل إناء يغلي”، حيث يشير إلى أن التوتر المرتفع في الشرق الأوسط كله يمس بالعلاقات بين الدولتين بشكل مؤقت فقط. لكن وفق المحللين في إسرائيل، طالما يستمر أردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو بفرض السياسة، ليس من المحتمل أننا سنرى قريبا تقاربا حميما بينهما وبين الجنرال سيسي.

اقرأوا المزيد: 341 كلمة
عرض أقل
رجب طيب أرودغان  (AFP PHOTO/ADEM ALTAN)
رجب طيب أرودغان (AFP PHOTO/ADEM ALTAN)

ضوء أمريكي في نهاية نفق أردوغان

"سلام في البيت، سلام في العالم" هو شعار معروف في تركيا وضعه مؤسس الدولة أتاترك. يتم اقتباسه في أماكن كثيرة في الحيّز الجماهيري التركي، وهو يرمز إلى طموحات تركية السياسية طيلة عقود من الزمن.

في السنوات الأخيرة، لم يعد التطرق التركي يقتصر على البيت والعالم. فقد أضيف إليه الحي أيضا. أردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو وضعا المقولة “صفر مشاكل مع الجيران” كلبنة أساس إضافية في السياسة التركية.

وإذ به، مع انتهاء صيف 2013، لا يوجد لدى تركيا سلام في البيت، ليس لها سلام في العالم، وأما النزاعات مع الجيران فهناك الكثير منها. هذا الأمر يضع مصاعب جمة أمام أردوغان. للمرة الأولى منذ سنوات توليه العشر – يبدو أنه لم يعد زعيما قادرًا على كل شيء في الحلبة السياسية التركية. تصريحات أردوغان في الأشهر الأخيرة تؤكد أنه قد أصبح من الصعب عليه أن يتماشى مع الوضع الجديد. في هذه الأثناء، يأمل في أن يعيد له هجوم أمريكي على سوريا انطلاقته.

الاحتجاج الاجتماعي الذي جرى هذا الصيف في تركيا أظهر إلى أي مدى هناك معارضة لأردوغان بين أوساط قطاعات مختلفة في المجتمَع التركي، والتي ليس بينها أي شيء مشترك. شهد الاحتجاج على تيارات عميقة، من شأنها أن تترك أثرها في المعارك الانتخابية الثلاث التي سيتم إجراؤها في تركيا في السنتين المقبلتين – الانتخابات المحلية في شهر آذار 2014، الانتخابات للرئاسة في صيف 2014 والانتخابات للبرلمان في صيف 2015 (إذا لم يتم تقديم موعدها).

صحيح أن استطلاعات الرأي العام التي أجريت في تركيا مؤخرًا، تظهر أنه لا يوجد حاليًا زعيم معارضة يمكنه أن يقوّض سلطة أردوغان، إلا أن هناك رغبة آخذة بالتزايد بين أوساط الجمهور التركي لوجود حزب جديد يجسد روح الاحتجاج الجماهيري. لقد كانت هناك أسبقية في تركيا لحزب جديد تم تأسيسه قُبيل الانتخابات وجرف كل الأصوات. أردوغان يعرف هذه الأسبقية جيدًا. يجري الحديث عن حزبه هو، الذي تأسس في العام 2001 وحظي بأكثرية ساحقة في البرلمان في انتخابات 2002.

لا توجه إشارات بعد لتكرار هذه الأسبقية، ولكن الجمهور بدأ بالتأكيد يرمق النظر إلى الجوانب ويبحث عن زعماء جدد ليكونوا بديلا. مثل هؤلاء الزعماء يمكن أن ينشأوا من الحلبة المحلية وأن ينتقلوا من هناك إلى الحلبة الوطنية، كما كان أردوغان في البداية رئيسا لبلدية إسطنبول.

المعارضة الجماهيرية لأردوغان لم تقوّض حكمه بعد، ولكنها تمس بقدرته على تطبيق الخطوة الأساسية بكل القوة، التي كان يأمل في تحقيقها في فترة توليه الحالية – تغيير الدستور وتغيير نظام الحكم إلى رئاسي. كان من شأن هذه الخطوة أن تمهد طريق أردوغان في العام 2014 إلى منصب رئيس تركيا. في الجو الجماهيري الذي يحتج على مركزية أردوغان الآخذة بالتزايد، أصبح من الصعب عليه الآن أن يدفع مثل هذه الخطوة قدما، وأن يركّز المزيد من الصلاحيات بين يديه.

إضافة إلى ذلك، يُستشف من استطلاع للرأي العام الذي أجري في شهر آب 2013، أن الجمهور بالذات معني بأن يواصل الرئيس الحالي عبد الله غول، في فترة ولاية إضافية. غول، الذي تصرف باعتدال أيام الاحتجاج الاجتماعي وحاول أن يلعب دور العامل الموحّد، حظي بشعبية كبيرة أكثر من شعبية أردوغان كمرشح للمنصب. إذا لم تكن هناك معارضة من الخارج – يبدو أن معارضة بدأت تنمو لأردوغان من الداخل، وحتى وإن كانت محدودة.

مصاعب أردوغان على الحلبة الداخلية هي جزء فقط من الحكاية. الحلبة الخارجية، التي كانت ملاذ أردوغان في السنوات السابقة، تضع أمامه اليوم تحديات غاية في التعقيد. أردوغان، الذي عمل على إرجاع تركيا إلى مكانة اللاعب الرائد على الحلبة الشرق أوسطية، موجودة اليوم في موقع مثير للمشاكل مقابل كل جارات تركيا تقريبا. حتى أمواج التعاطف العربية التي حملت أردوغان على أجنحتها، بعد المواجهة مع شمعون بيريس في مؤتمر دابوس وبعد انطلاق الربيع العربي، قد تبخرت.

المواجهة بين سوريا وتركيا وبين مصر وتركيا تكاد تصل إلى السماء، في السلطة الفلسطينية ينظرون بتخوف إلى العلاقات الحميمة بين تركيا وحماس، الرئيس العراقي اختار مؤخرًا دعوة رئيس المعارضة التركي، قيليجدار أوغلو، بالذات مؤخرا لزيارة إلى العراق وليس رئيس حكومتها، عملية السلام مع الحركة السرية الكردية تتقدم أبطأ مما كان متوقعًا، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يتم إحرازه بعد. قال أحد الدبلوماسيين من المنطقة مؤخرا أنه لا توجد أي دولة في المنطقة يمكن لأردوغان أن يزورها.

إن تصريحات أردوغان بالنسبة للتطورات في المنطقة هي تصريحات لاذعة وهجومية. هكذا تصرف أيضا حيال الاحتجاج الاجتماعي في بلاده. أردوغان يبحث عن مذنبين، وفي بعض الأحيان يتمادى إلى أماكن مستغربة جدا بهدف العثور عليهم. فلنأخذ على سبيل المثال تصريحاته ضد جهات يهودية تقف خلف الاحتجاج في بلاده، وإسرائيل التي تقف خلف استبدال السلطة في مصر.

داخل كل هذا الفيض، ها هي نقطة ضوء تلوح لأردوغان على شكل المبادرة الأمريكية لإنجاز عمل عسكري في سوريا. منذ بداية الأزمة مع سوريا، أردوغان هو المتحدث الرسمي ضد نظام الأسد. ولكن على ضوء عدم استعداد تركيا المبرر للعمل لوحدها ضد نظام الأسد، لم يكن بإمكان أردوغان أن يفعل الكثير بهدف إسقاط حكم الأسد بشكل فعلي.

سياسة أردوغان السورية بدأت تبدو كفشل وكتعبير عن التراخي، وهو يتوقع خطوة أمريكية ضد سوريا ترجح الكفة مرة أخرى لصالحه، سواء على الحلبة الإقليمية أو على الحلبة السياسية الداخلية. يعبّر أردوغان عن دعم متحمس، استثنائي مقابل كافة ردود الفعل في المجتمع الدولي، لهجوم أمريكي، ويتوقع أن يكون مثل هذا الهجوم أكبر مما هو متوقع وأن يؤدي إلى موجة من الأحداث التي ستؤدي إلى سقوط الأسد.

في هذه الفترة بالذات، تتحول مجالس النواب إلى عامل يصعّب على الزعماء دفع الهجمات العسكرية قدمًا، أما في تركيا فإن التوجه معكوس. في العام 2003 رفض البرلمان التركي طلب الولايات المتحدة الهجوم على العراق من الأراضي التركية. في هذه المرة، وفي الوقت الذي يجتمع فيه الكونغرس الأمريكي للتشاور، أعلنت الزعامة التركية عن ضوء أخضر. أعلنت الزعامة التركية بأنها ستضع قاعدة سلاح الجو إنتشرليك الموجودة في أراضيها تحت تصرف هجوم تشنه قوات حلف شمالي الأطلسي ضد سوريا.

لقد ركزت حملة أردوغان الانتخابية في العام 2011 على المستقبل ووضعت رؤيا طموحة لتركيا للعام 2023 (الاحتفال بمئة عام على تأسيس الجمهورية). لا يمكن لحملة أردوغان الانتخابية التالية أن تتجاهل مشاكل الحاضر. أردوغان بحاجة الآن إلى إنجاز إقليمي يساعده في التغلب على المشاكل الداخلية والخارجية، والولايات المتحدة بالذات هي التي يمكنها أن توفر له هذه البضاعة. ستكون طلقات النار الأمريكية على دمشق بمثابة طلقة افتتاح حملة أردوغان القادمة.

اقرأوا المزيد: 914 كلمة
عرض أقل