بدأ الفلسطينيون الخميس معركة دبلوماسية جديدة بعد توقيع طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية غداة رفض مشروع قرارهم في مجلس الامن الدولي، في خطوة نددت بها واشنطن واسرائيل.
ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الاربعاء على طلب الانضمام الى المحكمة مما سيتيح ملاحقة مسؤولين اسرائيليين امام القضاء الدولي، بالاضافة الى 20 طلبا للانضمام الى منظمات واتفاقيات دولية.
وكان الفلسطينيون هددوا بالانضمام الى هذه الاتفاقيات في حال رفض مشروع القرار الذي قدموه الى مجلس الامن وتضمن العمل على تسوية مع اسرائيل خلال سنة على ان يتم الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية بحلول نهاية العام 2017. ولم يعتمد مشروع القرار في مجلس الامن لانه لم يحصل سوى على ثمانية اصوات بينما المطلوب تسعة.
من جهته، حض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس المحكمة الجنائية الدولية على رفض طلب الفلسطينيين الانضمام اليها معتبرا ان السلطة الفلسطينية ليست دولة بل “كيان” مرتبط بمنظمة “ارهابية”.
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو (AFP)
وقال نتانياهو في بيان “نتوقع من المحكمة الجنائية الدولية ان ترفض في شكل قاطع الطلب الفلسطيني المنافق بالانضمام اليها، لان السلطة الفلسطينية ليست دولة بل كيان متحالف مع تنظيم ارهابي هو حركة حماس التي ترتكب جرائم حرب”.
واضاف “دولة اسرائيل هي دولة قانون ولديها جيش اخلاقي يحافظ على جميع القوانين الدولية”.
وجاءت تصريحات نتانياهو في اجتماع عقده في مقر وزارة الدفاع في تل ابيب لبحث الرد الاسرائيلي على الطلب الفلسطيني.
من جهتها، اعتبرت حركة حماس الخميس توقيع عباس طلب الانضمام الى المحكمة خطوة “في الاتجاه الصحيح”.
وافادت في بيان تلقته فرانس برس انها “خطوة في الاتجاه الصحيح بحاجة لوضعها في اطار سياسة عامة وبرنامج وطني مشترك”.
الناطق باسم حماس، سامي أبو زهري (AFP)
واعلنت وزارة الخارجية الاميركية الاربعاء ان الولايات المتحدة “تعارض بشدة” الطلب الفلسطيني، واصفة الخطوة ب”التطور غير البناء”.
وقالت الخارجية الاميركية في بيان باسم المتحدث باسمها جيفري راثكي بعيد توقيع عباس “نحن منزعجون جدا من خطوة الفلسطينيين اليوم بشأن المحكمة الجنائية الدولية”.
وحصل الفلسطينيون في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 على صفة دولة غير عضو في الامم المتحدة ما يمنحهم الحق بالانضمام الى سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية بينها معاهدة روما التي انشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.
وقام كبير المفاوضين صائب عريقات، في مقر الرئاسة في رام الله، بتسليم الصكوك لنائب المنسق الخاص للامم المتحدة جيمس راولي، بما فيها صك الانضمام الى ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.
واكد عريقات ان “ملف الاستيطان هو الاساسي فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية (…) وفلسطين ملتزمة بتغيير قوانينها” مع ما وقعه عباس من صكوك معاهدات ومواثيق.
وقال للصحافيين “اسرائيل اعتبرت ذهابنا إلى مجلس الامن عدوانا عليها، لكننا نمارس حقا حضاريا قانونيا (…) من يخشى المحكمة الجنائية الدولية عليه أن يكف عن جرائمه”.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع المفاوض الفلسطيني صائب عريقات (Issam Rimawi/Flash90)
واضاف ان “الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا من اغتيالات واستيطان وهدم وعدوان على غزة لن تسقط بالتقادم، ومن يرتكب جرائم عليه أن يتحمل عواقب”.
وأكد عريقات ان الفلسطينيين “لن يسمحوا باستمرار الوضع على ما هو عليه، فاذا كانت إسرائيل تعتقد انها ستستمر باحتلالها بدون كلفة والسلطة الفلسطينية بدون سلطة، وان تبقي قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني فهي مخطئة تماما”.
واكد معلقون اسرائيليون الخميس انه رغم عدم التصويت على مشروع القرار في الامم المتحدة الذي يعد “انجازا دبلوماسيا” لاسرائيل، فان عباس لجأ الى “خياره النووي” بتوقيع طلب الانضمام للجنائية الدولية.
ونقلت صحيفة يديعوت احرونوت عن مسؤولين كبار ان خطوة عباس تظهر ان الفلسطينيين “أعلنوا حربا دبلوماسية” على الدولة العبرية.
وقال خبير القانون الدولي دانيل ريزنير للصحيفة ان “نية الفلسطينيين الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية تعد عملا عدائيا”.
واكد المعلق عاموس يادلين ان هذا “يفتح مسرحا جديدا من الحرب بين اسرائيل والفلسطينيين”.
وقال “اسرائيل تواجه مخاطر اكبر من الجهود الدبلوماسية التي قامت بها السلطة الفلسطينية في اوروبا والامم المتحدة، والتي ستؤدي الى معركة دبلوماسية كبيرة في عام 2015”.
جلسة لمجلس الامن في نيويورك (AFP)
ونال مشروع القرار الفلسطيني ثمانية اصوات فيما كان يلزم تسعة اصوات من اصل اصوات الدول الاعضاء ال15 في المجلس من اجل اعتماده، شرط عدم استخدام اي من الدول الدائمة العضوية الفيتو.
وصوتت مع المشروع فرنسا والصين وروسيا من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، فيما صوتت ضده الولايات المتحدة وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
وبحسب مصادر دبلوماسية فان نيجيريا التي كان من المفترض ان تصوت الى جانب القرار عدلت عن موقفها في اللحظة الاخيرة واختارت الامتناع عن التصويت.
واستدعت اسرائيل سفير فرنسا لدى تل ابيب للاحتجاج على التصويت الفرنسي قائلة بانها “تشعر بخيبة امل وحيرة” من دعم باريس لمشروع القانون.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني