تفرق أعوام من الشك المتبادل وندوب عاطفية من الماضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. تشهد التجربة على أن أية محاولة للوصول إلى حل بدءًا بأوسلو ومرورًا بكامب ديفيد عام 2000 ، قد انتهت بانفجار وكارثة.
لذا، ليس عجبًا أن جون كيري، المتفائل الذي لا يكلّ، يرى أن احتمال قبول الطرفين للاتفاق ضئيل جدًا. وعندما لا يؤيد الشعب أمرًا ما، يكون إقناع القادة بالقيام بخطوة تاريخية صعبًا.
يشير الاستطلاع الأخير الذي تم إجراؤه، أن 70% من الفلسطينيين يتوقعون فشل المفاوضات مع إسرائيل. رغم ذلك، يؤيد 33% فقط الانتفاضة المسلحة. الوضع مشابه في الجانب الإسرائيلي: هنالك تشاؤم بما يخص السلام لكنهم لا يريدون المواجهة. يلقي كل طرف مسؤولية عدم الاستعداد على الطرف الآخر مدعيًا “أنهم لا يريدون السلام”. من الصعب إقناع الجمهور باتفاق يتناول مواضيع جوهرية.
تشير معلومات وصلت إلى “المصدر” إلى أن الإحصائيات التي قامت بها جهات أمريكية وأوروبية مؤخرًا إلى أن الإسرائيليين حساسون جدًا بما يتعلق بالنواحي الاقتصادية. هنالك تفسير يجده الإسرائيليون منطقيًّا وهو أن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين سيؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي والانفتاح على العالم العربي، وأما الفشل فسيؤدي إلى انعزال إسرائيل دوليًّا وإلى زيادة المحاولات لمقاطعتها اقتصاديًّا.
لذا، نرى أن هنالك حملة منظمة يقوم بها الأوروبيون والأمريكيون وشخصيات تؤيد الاتفاق في إسرائيل مثل، تسيبي ليفني، يائير لبيد، والرئيس بيريس، بالإضافة إلى جمعيات خاصة حيث نشهد محادثات مكثفة تناقش القضايا الاقتصادية خلال الأسابيع الأخيرة.
نشاهد في معظم مفترقات الطرق في إسرائيل لافتات تناشد نتنياهو إلى قبول مقترحات كيري من أجل إيلاء الاهتمام بغلاء المعيشة. قام وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بمواجهة نتنياهو إعلاميًّا محذرًا إياه من تكثيف مقاطعة إسرائيل في حال عدم الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين: “هنالك تحركات متزايدة حول نزع شرعية ما تقوم به إسرائيل. يجري الحديث عن المقاطعة وسيتفاقم الحديث في حال فشل التوصل إلى اتفاق”. أثارت هذه التصريحات غضب نتنياهو حيث قال: “محاولة فرض المقاطعة على إسرائيل ليست أخلاقية وصادقة، ولن تحقق هدفها، وتجعل الفلسطينيين يتمسكون بموقفهم المعارض وبذلك تضع العثرات أمام صنع السلام. إن تفعيل أي ضغط لن يجعلني أتنازل عن مصالح إسرائيل الأساسية وعن أمن المواطنين الإسرائيليين بشكل خاص. نظرًا لهذه الأسباب لن تحقق التهديدات بمقاطعة إسرائيل هدفها المنشود”.
رجال اعمال يناشدو نتنياهو إلى قبول مقترحات كيري
عبّر كيري بعد ذلك عن معارضته للمقاطعة مدعيًا أن أقواله تم تحريفها، لكن ذلك لم يرض وزراء اليمين في الحكومة الإسرائيلية. ادعى وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت (البيت اليهودي) أن الحديث عن المقاطعة ليس واقعيًّا. عرض بينيت على صفحة الفيسبوك الخاصة به نبأ جاء فيه أن شركتي مايكروسوفت وأمازون العملاقتين الأمريكيتين تنويان إنشاء مراكز تكنولوجية في إسرائيل وكتب: “يوم آخر من المقاطعة..” لإثبات أن الخوف من انعزال إسرائيل الدولي ليس واقعيًّا. يدعي بينيت أن إسرائيل تشكل قوة اقتصادية كبيرة وتنتج سلع يريد العالم شراءها وخصوصًا في مجال الصناعات المتطوّرة ولن يؤثر الصراع مع الفلسطينيين على ذلك.
مركز شركة ميكرسوفت في تال أبيب
لفت حادث آخر الأنظار في المنطقة إلى القضية الاقتصادية وهو واقعة صودا ستريم – مصنع للمشروبات الغازية في المنطقة الصناعية أدوميم (خلف الخط الأخضر)، حيث تعرضت الممثلة سكارليت جوهانسون التي تم اختيارها لترويج المنتج إلى هجوم كبير بسبب عملها، لكنها لم تتراجع عن قرارها.
فلسطيني وإسرائيلية في مصنع صودا ستريم (FLASH 90)
تثبت واقعة صودا ستريم أن من يتضامن مع دولة فلسطين، في الحقيقة، يتضامن مع الفلسطينيين بشكل أقل: يعمل في المصنع 1300 عامل، 500 منهم فلسطينيون من الضفة الغربية والقدس الشرقية، 450 منهم هم إسرائيليون عرب و 350 هم إسرائيليون يهود. يحصل الفلسطينيون على أجر يفوق ضعفين ونصف مما يحصلون عليه لقاء عملهم في مناطق السلطة الفلسطينية ويحصلون أيضا على تأمين صحي وحقوق اجتماعية كاملة ويكن مدير المصنع لهم الاحترام ويحافظ على منحهم حقوقهم. في حال تضرر المصنع سيكون العمال الفلسطينيون أول من يدفع الثمن.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني