تعدت الصدامات التي اندلعت البارحة (الأربعاء)، بعد العثور على جثة الشاب العربي محمد أبو خضر، نطاق جموع الغاضبين وقوات الشرطة. عايش عدد من الصحفيين الذين تواجدوا في المكان تلك الصدامات على جلدهم.
تعرض مصوران للإصابة برصاصتين مطاطيتين طائشتين، إحداهما هي مصوّرة موقع “والاه” الإخباري، التي تم نقلها إلى المستشفى وهي تنزف. تم احتجاز صحفيّين آخرين، وهما مراسلي الشؤون العربية غال برغر من صوت إسرائيل وإيليئور ليفي من موقع ynet ، على يد ملثمين وتعرضت حياتهما لخطر حقيقي.
تحدث برغر على صفحته على الفيس بوك عن تلك التجربة، والتي حسب رأيه كانت أخطر تجربة مر بها منذ عشر سنوات خلال عمله في الضفة الغربية. حاول بارغر وليفي الانتقال من جانب تواجد قوات الأمن والاقتراب من المتظاهرين، لكن تفاجأ الاثنان عند زقاق ضيق بعشرة أشخاص ملثمين.
“من أنتما، صرخ أحدهم بوجهنا بينما كان يحمل صخرة بيده.” كتب باغر في صفحته على الفيس بوك. “قمنا بالرد عليه مرتين بالعربية وقلنا “صحفيان”. لم يصدقوا واعتقدوا أننا من المستعربين. راح شخص آخر، كان يقف بجانبه، يصرخ قائلاً “يهود؟”، ومن ثم راح يصرخ “يهود”!!! خلال ثوانٍ، قاموا بفصلنا عن بعضنا، أنا وزميلي. أنا أدخلوني إلى باحة مجاورة. وأخذوا إيليانور إلى زاوية أخرى. وحينها انقطع التواصل البصري بيننا. “ارفع يديك”، قال لي بالعربية، ذلك الملثم الذي يحمل حجرًا بيده. بدأ هو ورفاقه بتفتيشي بشكل عدواني. من ثم قاموا بالتحقق من كل البطاقات التي معي. طلبوا بطريقة مخيفة جدًا أن أُثبت أنني لست مستعرباً، بل صحفي. وفقط حين أظهرت لهم بطاقة الصحافة التي أصدرتها لي السلطة الفلسطينية، قرروا “إطلاق سراحنا” وتركونا نمضي قدمًا. وعندها شعرت بارتياح شديد”.
قال الصحفي المتمرس بأن هذه هي أول مرة يشعر فيها بخطر حقيقي يهدد حياته وكان قد عايش العنف والغضب عن قرب. قال أيضًا “أن ذلك محبط. حيث أن وظيفته كمراسل للشؤون الفلسطينية تأتي من أجل إيصال صوت الطرف الآخر، وصورة الأوضاع في الطرف الآخر، شيء محبط أن نواجه ردة فعل كهذه في الشارع. ربما لا يحدث هذا دائمًا، ولا غالبًا حتى. إنما هذا يحدث، وهذا حدث، وهذا سيحدث، لا بد أنها تجربة مروّعة”. وفي الختام كتب: “في هذه المنطقة، لا توجد حصانة للصحفيين. ومن الطرفين. هذا أمر عرفته من قبل، اليوم اتضح لي الأمر أكثر وحسب”.
تعرّض قبل شهر ونصف، في شهر أيار الماضي، الصحفي المخضرم آفي ساخروف من موقع “والاه” لوضع مشابه في رام الله وقال إنه على الرغم من أنه قام في الماضي بتغطية مظاهرات في غزة وأجرى لقاءات مع مسلحين في قلب غزة، إلا أنه لم يسبق أن رأى أمرًا كهذا. “وجدت نفسي في لحظات بين عشرات الملثمين الذين لوحوا بقبضات أياديهم.” قال حينها. “كاد الأمر أن ينتهي بعملية ضرب حتى الموت”. جدير بالذكر أنه فيما يخص تلك الحادثة تمت عملية الاعتداء رغم معرفتهم أنهم صحفيون، بينما في حالتنا هذه أخلوا سبيل الشخصين بعد التأكد من أنهما صحفيين فعلاً.