قبل 3 سنوات تقريبا، لم يسمع أي شخص في إسرائيل عن شفيتا. ولكنها أصبحت نجمة في النت بعد إطلاق كليب لأغنية “كارما بوليس” لفرقة الروك البريطانيّة “راديوهيد” على أنغام وبصمات اللحن العربي الثقيل. في غضون بضعة أيام حظي الكليب على أكثر من مائة ألف مشاهدة في اليوتيوب وآلاف المشاركات في الفيس بوك. كانت ردود الفعل إزائه متباينة بين متحمسين من الفخر العربي الذي يعرضه وبين غاضبين بسبب “تدمير الأغنية”. ولكن سواء كانت ردود الفعل إيجابية أو سلبية، كان من الصعب أن نبقى لا مبالين إزاء الكليب.

فمنذ أن حقق الكليب أكثر من 1.6 مليون مشاهدة، أصبحت شفيتا نجمة ساطعة. نشرت المزيد من الأغاني المقلدة للأغاني الغربية، ومن بينها “ليثيوم” لفرقة نيرفانا، والتي سطع نجمها، وكذلك “you oughta know” للمغنية ألانيس نادين موريسيت، والتي شاركت الكليب أيضا وأثنت على الإنجاز الموسيقي.

تطلق شفيتا كافة الأغاني وفق الشخصية التي رسمتها لنفسها – مطربة عربية تتحدث الإنجليزية بلكنة ثقيلة، تضع الكثير من المكياج، هاوية ملابس براقة والكثير من مجوهرات الذهب، تضع نظارات بارزة، وتمسك عصا للمشي بتصميم مميز. فهي تحب الملذات، استهلاك الكحول وتدخين النرجيلة، ومنفتحة جدا.

ولكن تؤدي ذلك الدور شابة إسرائيلية من أصل أوروبي تدعى روتيم شافي. لقد ابتكرت شخصية شفيتا صدفة، عندما كانت تتعلم في إحدى مدارس الموسيقى المشهورة في إسرائيل، بينما كانت تغني مع أصدقائها أغنية “كارما بوليس”، بأسلوب شرقيّ من أجل المتعة. منذ نجاح الكليب الذي يدور الحديث عنه، بدأت شافي تؤدي دور شخصية شفيتا، أكثر فأكثر، وبنت قصة حياتها حول هذه الشخصية.

المطربة "شفيتا" (صورة من فيسبوك)
المطربة “شفيتا” (صورة من فيسبوك)
المطربة "شفيتا"
المطربة “شفيتا”

ولدت قصة شفيتا، على ما يبدو، في قرية غنية في الخليج العربي، بالقرب من دبي. ترعرعرت فيها حتى سن 4 سنوات، ومن ثم طُردت ووصلت إلى إسرائيل، فأحبتها وقررت البقاء فيها، وطورت سيرة مهنية موسيقية منذ سن صغيرة. شخصية شفيتا منفتحة، مفعمة بالثقة، ومبالغة بشكل أساسيّ. يتجسد ذلك بدءا من الملابس البراقة التي ترتديها وحتى اللهجة العربية المبالغ فيها. فهي تستخدم حرف “غ” في كل مقطع تقريبا، وتظهر لديها صعوبة في لفظ الحرف “ر”.

ولكن رغم كونها شخصية فكاهية ومحبوبة، فهي تثير الكثير من الانتقادات. فإذا لاقت أغنية “كارما بوليس” تأييدا وحماسا في البداية، فمع مرور الوقت بدأ يبدو أن شفيتا تكرر أغانيها المقلدة، ولذلك باتت تفقد من سحرها وتثير الإرهاق في النفوس، لأن الحديث يدور عن تقيلد أغان شبيه. في حين كان الإنجاز للأغنية الأولى جديا ومثيرا للاهتمام، فإن النسخ التي أطلقتها شفيتا لاحقا أصبحت فكاهية أكثر فأكثر، وأقل حداثة.

الانتقاد الأساسي موجه نحو شفيتا من الأشخاص الذين يرغبون في الحفاظ على الثقافة العربية. فرغم أنها تمنح مكانة هامة للموسيقى العربية والشرقية، وتخلق مزيجا مثيرا للاهتمام بين الغرب والشرق، يعتقد الكثيرون أن الموسيقى الخاصة بها “مهينة” وتسخر من الثقافة العربية أكثر مما تحترمها.

ويتهمها آخرون “بالتملك الثقافي”، وهو مصطلح ما قبل الحداثة ينتقد استخدام الغربيون، لا سيّما استخدام الخصائص الثقافية الأجنبية، من دون الانتماء إلى الحضارة ذاتها، ومن دون تعلمها، وإضافة معنى وفحوى إليها، بل بهدف المكسب الشخصي فقط. حقيقة أن روتيم شافي ليست من أصول شرقية تزعج الكثير من منتقديها، الذين يدعون أنها تتبع محاكاة ساخرة للموسيقى العربية، ولا تبدع عملا جيدا تحديدًا. هناك أيضا من يتهمها لأنها لم تنجح في الاشتهار كمطربة “عادية” فقررت أن “تركب موجة” على ذات الشخصية المثيرة والمضحكة بشكل مبالغ.

المطربة "شفيتا" (صورة من فيسبوك)
المطربة “شفيتا” (صورة من فيسبوك)

توضح شافي حازمة أنها تقوم بعملها الموسيقي احتراما وتقديرا للموسيقى العربية، ولكن منذ سنوات لا يمكن سماع رأيها حول الموضوع، لأنها ترفض ببساطة إجراء مقابلات معها حول شخصية شفيتا. مؤخرا بعد أن دخلت شافي عالم الموسيقى المركزي في إسرائيل باتت تظهر كثيرا في برامج استضافة، ويسطع نجمها في إعلانات للحمص الناجح في إسرائيل، إذ تظهر دائما بشخصية شفيتا، باللهجة الإنجليزية بشكل أساسيّ، ومن دون الكشف عن الشابة الحقيقية.

اقرأوا المزيد: 562 كلمة
عرض أقل