حكمت محكمة ليبية الثلاثاء بالإعدام “رميا بالرصاص” على سيف الإسلام القذافي، أبرز أبناء الديكتاتور الراحل، وثمانية من المقربين منه بعد محاكمة طغت عليها أعمال العنف والانقسامات السياسية.
وأصدرت محكمة “استئناف طرابلس- دائرة الجنايات”، بوسط طرابلس، أحكاما بالإعدام على تسعة مسؤولين سابقين بينهم كذلك البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي، ومدير المخابرات السابق عبد الله السنوسي، وذلك بعد محاكمتهم لدورهم في قمع الانتفاضة التي أسقطت النظام السابق في 2011.
وأعلن القاضي في تلاوة الحكم “إدانة المتهمين سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي والبغدادي المحمودي (…) بما اسند إليهم ومعاقبتهم بالإعدام رميا بالرصاص”.
ودانت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة الأحكام. وقالت ناطقة باسم المفوضية “رافينا شامداساني” في بيان نشر في نيف إن “الأمم المتحدة تعارض استخدام عقوبة الإعدام في كل الظروف. وفي هذه الحالة وبينما معايير محاكمة عادلة لم تتحقق بشكل واضح ندين فرض عقوبة الإعدام”.
وأضافت “تابعنا عن كثب الاعتقال والمحاكمة ولاحظنا أن المعايير الدولية لمحاكمة عادلة لم تتحقق”، مشيرة أيضا إلى أن المحكمة الليبية لم تتمكن من “اثبات المسؤولية الجنائية الفردية للأشخاص المدانين “في جرائم محددة”.
وعبّرت المفوضية عن استيائها أيضا لصعوبة حصول المتهمين على محامين ومعلومات عن إساءة معاملتهم.
وجرت محاكمة 37 من رموز نظام معمر القذافي مثل منهم 29 الثلاثاء أمام المحكمة من بينهم المحمودي والسنوسي.
وأعلن المدعي العام، صديق الصور، أن الأحكام الصادرة اليوم نهائية، لكن أحكام الإعدام تحتاج إلى مصادقة المحكمة العليا عليها ضمن مهلة 60 يوما يحق للدفاع خلالها الطعن بها.
وأصدرت المحكمة الثلاثاء ثمانية أحكام بالسجن المؤبد بينما تراوحت الأحكام الباقية بين السجن 12 سنة وخمس سنوات بدا تنفيذها على الفور.
وأعلنت المحكمة براءة أربعة متهمين بينما أمرت بنقل متهم إلى مصحة عقلية.
وسيف الإسلام محتجز في بلدة الزنتان بجنوب غرب طرابلس منذ توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
والزنتان موالية لقوات الحكومة المعترف بها دوليا في الشرق، ومعارضة للحكومة التي تدير طرابلس منذ الصيف الماضي بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت اسم “فجر ليبيا” ولا تحظى باعتراف المجتمع الدولي.
وعند سؤال المدعي العام الصور حول كيفية تنفيذ الحكم بما يتعلق بسيف الإسلام اكتفى بالقول إن “المحكمة أصدرت الأحكام وهذا عملها فقط”.
وأضاف أن “القضاء في ليبيا بعيد عن التجاذبات السياسية… هناك محكمة عليا واحدة ونائب عام واحد ونتمنى أن يدوم ذلك”.
ومثل المتهمون حليقي الذقن ويرتدون زي السجن الأزرق، بينما كان قسم كبير منهم حليق الرأس داخل قفص الاتهام وجلسوا على كراس خشبية.
وباستثناء السنوسي الذي كان يمازح أحد الحراس، لزم المتهمون الصمت طيلة الجلسة. وعندما بدأ القاضي بتلاوة الحكم انقطع التيار الكهربائي للحظات.
ولم يصدر أي رد فعل عن المتهمين على الأحكام، إلا أن واحدا منهم هتف في نهاية الجلسة “مجرمون، بلطجية، ظلمة” فتم إخراجه من القاعة.
وأصيب متهم آخر بنوبة عصبية فراح يهز رأسه يمينا ويسارا محدقا بالسقف قبل أن يتم اصطحابه أيضا خارج القاعة.
ووقف بين المتهمين رجلا أمن يضعان قبعتين ونظارتين شمسيتين لعدم التعرف عليهما.
وفرضت قوات الأمن طوقا أمنيا مشددا في محيط المحكمة كما أغلقت كل المحال التجارية القريبة منها.
وصرح أحد محامي الدفاع عن السنوسي، ويدعى ابراهيم ابو عائشة لفرانس برس “لم يأتِ شهود اثبات ولم يحضر شهود نفي. لذا فإن عدالة هذه المحاكمة نسبية”.
وأضاف “هناك أربعة آلاف ورقة تحقيق وأربعون ألف مستند (ضمن القضية)… فكيف درست بهذه السرعة؟”.
وسيف الإسلام والسنوسي صدرت بحقهما مذكرتا توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وتصدر هذه الأحكام في وقت تشهد ليبيا صراعا على السلطة منذ إسقاط النظام السابق عام 2011، تسبب بنزاع مسلح قبل عام وبانقسام البلاد بين سلطتين، حكومة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وحكومة مناوئة لها تدير العاصمة منذ آب/أغسطس 2014 بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى “فجر ليبيا”.