أصدر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تعليماته لتأجيل هدم خمسة مبان غير قانونية في قرية سوسيا الفلسطينية جنوب جبل الخليل. كان يُفترض أن تُهدم المنازل اليوم (الثلاثاء). هذه هي المرة الثالثة التي يؤجل فيها الإخلاء في الأشهر الأخيرة.
يُعتبر هدم المنازل الفلسطينية في قرية سوسيا أحد رموز الصراع الفلسطيني في الضفة الغربية، لهذا مورس على إسرائيل ضغط دولي كبير، لا سيما في الأسابيع الماضية، منعا لهدم المنازل الذي كانت سترافقه تغطية دولية واسعة.
ثمة تقديرات أخرى وراء تأجيل هدم المنازل ومنها زيارة مبعوثي الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ديفيد غريبنلات، وجاريد كوشنير، مستشار الرئيس دونالد ترامب الخاص وصهره، المتوقع إجراؤها في نهاية الأسبوع.
إن توقيت موعد الهدم الذي تم تأجيله حتى موعد غير محدد، حساس من ناحية سياسية أيضا. في الأسبوع الماضي أخلت القوى الأمنية بؤرتين يهوديتين في الضفة الغربية.
جاء على لسان جمعية “رغافيم”، التي ترأست الالتماس في المحكمة الإسرائيلية ضد قرية سوسيا أن نتنياهو “يعرب عن عدم قدرته على التعامل ضد نشاطات السلطة الفلسطينية المكثفة وغير القانونية”.
غرد عضو الكنيست، بتسليئل سموتريتش، من حزب “البيت اليهودي” اليميني غاضبا وكاتبا: “لقد نظرت المحكمة في قضية هذه المباني وأمرت بهدم المباني. ولكن، يؤجل الهدم مرة تلو الأخرى. لقد دُمّرت مبان وأحياء سكنية في مستوطنات إسرائيلية، ولكن نتنياهو يمنح حصانة للعرب لسبب غير واضح. فهذا مثير للغضب”.
يوم الأحد القادم، كان يُفترَض أن يحيي المغني إيهود بناي حفلًا بمشاركة ثمانية عازفين، قرب الكنيس القديم سوسيا جنوب جبل الخليل. في الأيام الماضية، بدأت الحفلة المرتقَبة في إثارة ضجيج بين المعجَبين بالمغنّي. فقد كتب أحد المعجَبين في صفحته على الفيس بوك: “رجاءً، تراجع عن نيتك تسلية سكان مستوطنة سوسيا. أنتَ لا تدعم الحوار بهذه الطريقة، بل تمنح شرعيّة للاستيطان”. نجح ضغط اليساريين على بناي لإلغاء حفله، وأمس مساءً أُعلن أن الحفل المخطّط له قد أُلغي.
قبل الإعلان عن الإلغاء، اختار المقربون من بناي الرد على الموضوع في صفحته على الفيس بوك، قائلين: “إنّ آراء إيهود بناي ضدّ الاحتلال خاصّةً وضدّ المظالم في المجتمَع الإسرائيلي عامّةً، معروفة للجميع، ويجري التعبير عنها في أغانيه، كما عبّر عنها في منابر إعلامية عدّة. مع ذلك، قال إيهود غيرَ مرة إنه لا يقاطع حفلات خارج الخط الأخضر رغم خلافه مع المستوطِنين”. وأضافوا: “بدل المقاطعة والعزل، يبحث عن الحوار، في المكان الذي لا إجماع عليه تحديدًا. ليس هناك أيّ دعم أو تشجيع للأفعال التي تؤدي إلى انعدام العدل، السلب، والغَبن في حفل سوسيا، بل على العكس. إنّ رغبته هي توجيه رسالة مفادها أنّ علينا الاعتراف بالحقوق الأساسية والإنسانيّة لجيراننا”.
طالما كان بناي، ابن عائلة الممثلين والمغنين المعروفة، محسوبًا على اليسار السياسي في إسرائيل. ورغم تقرّبه من الدين في السنوات الأخيرة، فهو لا يزال صوتًا بارزًا ضدّ الحروب، ومع الحلّ السلمي. وقد اختار أن يصف نفسه في موقعه الرسمي بطريقة غامضة نوعًا ما: “لستُ يساريًّا، ولا يمينيًّا، أنا مع حلّ منطقي”.
عام 2008 أيضًا، أثار بناي عاصفة بعد أن قرّر إلغاء مشاركته في حفل جنوب جبل الخليل. وأجاب حينذاك على منتقديه: “لم يُمارَس عليّ أيّ ضغط من التنظيمات اليسارية، أو أية مطاردة. ليس هنا شأن يميني أو يساري. قررتُ هذا القرار غير البسيط بمفردي، بقلب مثقَل وحزين، قبل الحفل بيوم واحد”.
بعد انتشار قرار إلغاء الحفل، أخذ عدد من المعجَبين به يناشدونه التراجع عن قراره، قائلين: “بشكل عام، أقدرك كإنسان، لكنني أظن أنك تجاوزت حدود المنطق والنزاهة في هذه الحالة، وخيبت أملي كثيرا”، كتبت إحدى المعجَبات.
منذ ألبومه الأول، اختار بناي عدم الفصل بين الفن والواقع اليومي، وتطرّق إلى موضوع العمال العرب من غزة، والطرق التي يجب أن يجتازوها بين الحواجز، في أغنية كانت من أبرز نجاحاته. وشرح تقرّبه إلى اليهودية قبل سنوات في مقابلة، قائلًا: “لا شكّ أنّ اغتيال رابين منحني “دفعة”. التفكير أنّ قاتل رابين كان يعتمر “كيباه”، أنه يمثل اليهودية في يومنا، وأنّ اليهودية تحرّض على البغض الوطني – كان يهمّني أن أوضح أنّ هذه ليست اليهوديّة الحقيقية. اليهودية في العُمق هي دين يعتبر السلام قيمة عُليا”.
ويرى بناي الرجوع للدين منسجمًا مع الطموح للسلام، بوصفهما طريقَين يسيران معًا: “ثمة انقسام هنا، حتى داخل اليهودية. قد لا يكون هناك مَن نجري سلامًا معه، وقد لا يكون ممكنًا الانسحاب من الأراضي المحتلّة. لا أفهم في السياسة، ولا في الأمن. ما يهمّني هو النظرة الدينية إلى هذا الأمر، وأظنّ أنّ الفكرة أنه يجب الاستيطان في مستوطَنة ما في الضفة الغربية كجزء من الشريعة اليهودية فكرةٌ خاطئة. لا يمكن التغاضي عن أنّ هناك فلسطينيين هنا”. منذ سنوات، يعزف بناي مع الموسيقيّين العربَّين جورج سمعان وسالم درويش، حتى إنه أجرى حفلًا مشتركًا معهما قبل بضع سنوات.