
وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي
مقاتلات يحاربن مثل المقاتلين ويحافظن على الحدود، جنود مسلمون صهاينة لا يخجلون من الخدمة العسكرية، والكشف عن أسرار بعض وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي
مقاتلات يحاربن مثل المقاتلين ويحافظن على الحدود، جنود مسلمون صهاينة لا يخجلون من الخدمة العسكرية، والكشف عن أسرار بعض وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي
يستعدّ الجيش الإسرائيليّ لتأمين المياه الإقليمية الإسرائيلية ومنصّات النفط، بُغية حمايتها من المنظمات الإرهابية. ضابط سلاح البحريّة: "نُقدّم ردّا على تهديدات حزب الله"
تُجرى تجهيزات في سلاح البحريّة الإسرائيليّ دفاعاً عن المناطق الإقليمية الخاصة بإسرائيل، وذلك عن طريق تحصين منصّات النفط من التهديدات الغفيرة المٌحتمَلة. تمّ، في إحدى الجولات التي أقيمت من قبل سلاح البحريّة، استعراضُ التهديدات المُختلفة المُمكنة، منها الصواريخ الساحليّة الموجودة مُسبقا بحوزة حزب الله، إلى جانب مُحاولات الاستيلاء على آبار التنقيب أو إلحاق الضرر بها عبر الزوارق السريعة التي تحمل موادّ متفجّرة. وكجزء من هذه التحضيرات، أقيمت مؤخرا وحدة “شايطيت 13” (وحدة الكوماندوز البحري)، إلى جانب التدريبات المكثّفة وغير الاعتياديّة؛ والتي حاكى فيها المُحاربون عمليّة استرجاع إحدى المنصّات من أيدي منظمة إرهابيّة.
يملك سلاح البحريّة الإسرائيلي الكفاءة والقدرة على تحديد وإقصاء صواريخ من أنواع مُختلفة بواسطة صواريخ “باراك” التي تُطلق من السفن الحربيّة. كما وقامت الوحدة “شايطيت 13” قبل بضعةِ أسابيع بالتمرّن على أداء سيناريو عمليّة الاستيلاء على منصة نفط، وذلك كجزء من التدريبات التي حاكَت طريقة استحواذ إحدى الجماعات الإرهابيّة المُسلّحة على نظام من هذا النوع، والذي يعمل به عادةً عشرات الأشخاص. يظهر المُقاتلون المُدجّجون، في صور من مُجريات التدريب، وهم يستردّون السيطرة والإشراف على المنصّة.
ترغب الجهات الأمنية داخل الجيش برؤية المزيد من الشابات في الوحدات القتالية المُتقدمة. أثبتت كتيبة "أسود الأردن" و "الضفادع" البشرية أن بإمكانهما القتال مثل الرجال
زار وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، هذا الأسبوع كتيبة “أسود الأردن” في غور الأردن. تم إطلاع يعلون، خلال الزيارة، على صورة الوضع على الحدود مع الأردن، نشاط الوحدة التي تخدم في غور الأدرن ومواجهة الجيش للتحديات في المنطقة فيما يتعلق بمنع عمليات التسلل والعمليات التخريبية.
“أسود الأردن” هي وحدة مُختارة تضم مُقاتلين ومُقاتلات. تختص الوحدة، التي أُنشئت مؤخرًا، بالقتال في مناطق فيها أبنية، تنفيذ اعتقالات ومواجهة عمليات الإخلال بالنظام.
قال وزير الدفاع يعلون، خلال الزيارة، “يُسعدني أن أرى أن هناك كتيبة أُخرى مُختلطة، وأن ألاحظ هنا وجود تجربة تراكمت من الماضي. هذه الكتيبة هامة فيما يتعلق بالمساواة بالفرص، لأنه، ولطوال سنين، رغبت الكثير من الفتيات بالانضمام للوحدات القتالية، وهنا يُمكن فعل ذلك. من المهم جدًا المُتابعة بهذا المسار. يُسعدني أن أرى المزيد من الشابات يلتحقن بهذه الكتيبة، وعمومًا، في المناصب القيادية. لدينا هنا شابات يمتزن بروح المبادرة العالية وقدرة كبيرة، وقد أثبتت إقامة هذه الكتيبة ذاتها. رأينا في الآونة الأخيرة مُقاتلات اجتزن الاختبارات القتالية، وفعلن ويفعلن ذلك بنجاح كبير وبمهنية عالية”.
تأتي تصريحات يعلون الأخيرة تلك على ضوء محاولات مُتكررة لإقامة المزيد والمزيد من الوحدات المُختلطة بين الجنود والمجندات في وحدات القتال الميداني.
بعد أن تسلمت النساء مراكز هامة في سلاح البحرية ها هن أيضًا يصلن إلى “شايطيت 13”. كشفت مصادر الجيش الإسرائيلي أنه في العام القريب سيتم فتح المجال أمام النساء لشغل مناصب في الطواقم المُتقدمة في “شايطيت 13″، هذا بهدف المساعدة في الوقت المُناسب فيما يخص مجالي الإلكترونية والملاحة. يتطرق القرار الذي تم اتخاذه مؤخرًا لمهام سرية مُتعلقة بالجانب التقني للعمليات، وكذلك تشغيل الوسائل البحرية الخاصة بالوحدة – الآليات التي أصبح بعضها معروفًا بعد عمليتي ” أسطول مرمرة” و “كلوز سي”.
مستندات لوكالة الأمن القومي التابعة للولايات المتحدة والتي قام إدوارد سنودن بتسريبها، تكشف عن أن محمد سليمان الذي كان على علاقة مع إيران وحزب الله تم اغتياله عام 2008 في حملة عسكرية إسرائيلية
تشير مستندات وكالة الأمن القومي التابعة للولايات المتحدة والتي قام إدوارد سنودن بتسريبها إلى أن إسرائيل هي التي اغتالت محمد سليمان، والذي كان المسؤول في نظام الأسد عن العلاقة مع إيران وحزب الله، وكانت له أهميته في المشروع النووي السوري.
نشر موقع الإنترنت الأمريكي The Intercept، اليوم، أن المستندات السرية للاستخبارات الأمريكية تصادق على أن قوات الكوماندوز التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، “شايطت 13” هي التي اغتالت الجنرال السوري سليمان عام 2008.
تم إطلاق النار على سليمان خلال العملية في ظهره وعنقه وكان في ذلك الوقت في حفلة في ساعات المساء في منزله المجاور من شاطئ البحر في طرطوس، وبعد ذلك هربت القوات التي أصابته عبر البحر. هذا هو التصريح الأول حول أنه تم اغتيال سليمان خلال حملة عسكرية إسرائيلية، بعد أن طُرحت في الماضي فرضيات حول أن نزاعا سوريا داخليا بين أوساط المقربين من الأسد قد أدى إلى اغتياله.
وفق أقوال ضباط ثلاثة من المخابرات الأمريكية المقتبسة أقوالهم في التقرير، فإن المعلومات حول الاغتيال قد وصلت إلى أيدي الولايات المتحدة بعد أن تم جمعها بواسطة رصد إشارات اتصال للقوات الإسرائيلية. لم يتم نقل المعلومات إلى الولايات المتحدة نتيجة التعاون الإسرائيلي بل بسبب تجسس الولايات المتحدة على إسرائيل. قال ضابط تم اقتباس أقواله في التقرير: “كانت لدينا إمكانية وصول إلى الاتصال العسكري الإسرائيلي منذ زمن”.
الجيش الإسرائيلي يُقدّر أنه سيُوقف السفن غدًا في ساعات الصباح الباكرة. وحسب التقديرات، فإن الخوف من مواجهة عنيفة بين الجنود والناشطين ضئيلة
لا يزال الأُسطول الأوروبي القادم إلى شواطئ غزة يواصل طريقه في البحر، وبحسب تقديرات المنظومة الأمنية في إسرائيل، فإن التصادم بين جنود سلاح البحرية الإسرائيلي وبين السفن سيكون حوالي الساعة الرابعة فجرًا قرب شواطئ غزة. كما هو معلوم، يتواجد على متن إحدى السفن عضو الكنيست العربي الإسرائيلي باسل غطاس.
أصدر مراسل أخبار القناة الثانية الإسرائيلي تقرير فيما يخص سفينة “مريان”، التي تقود الأُسطول، أنه أثناء محادثات إرشادية بين أوساط الناشطين على متن السفينة قد أصدرت تعليمات واضحة بعدم التصرف بعنف تجاه الجنود، حتى وإن حاول الجنود السيطرة على السفينة.
صحفي إسرائيلي: “إن نجح الأُسطول الجديد في الوصول إلى غزة سيكون جيدًا للجميع”
تقدّر مصادر أخرى في الجيش أن على متن السفينة التي تقّل المواد ليس هناك ناشطون ممن سيتصدون بعنف، وإن حصل ذلك فسيُطلب من مقاتلي وحدة “شايطيت “13 السيطرة على الأسطول وإيقافه بالقوة. قال مصدر عسكري لوسائل الإعلام الإسرائيلية: “سيكون سير وترتيب الأمور بسيطا جدًا”، وأسهب في الشرح. “سيكون هناك توجه رسمي من الجيش الإسرائيلي إلى قائد السفينة التي تقل المواد، وسيُوضَّح له أن هناك إمكانية أن ترسو السفينة في ميناء أشدود، وبعد الفحص الأمني بإمكانه نقل المعدات إلى قطاع غزة. إن رفض، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة على محتويات السفينة وإيقاف الناشطين”.
في هذه الأثناء، دعا صحفي إسرائيلي الجيش الإسرائيلي إلى أن يسمح للأسطول أن يرسو في شواطئ غزة دون أي إزعاج. كتب الصحفي شالوم يروشلمي في عاموده في صحيفة “مكور ريشون” أن التصدي للأسطول بقوة سوف “يُحوّل باسل غطاس إلى بطل”.
وأضاف يروشلمي: “إن نجح الأُسطول الجديد في الوصول إلى غزة، وإنزال مساعدات إنسانية، الكثير من الأطعمة والأغذية، سيكون جيدًا للجميع. تقتضى المصلحة الإسرائيلية برفع مستوى المعيشة في قطاع غزة وعيش المواطن عيشا معقولا”.
"كابوس حزب الله": إليكم لمحة نادرة عن وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، الوحدة التي تواصل نضالها في قتال عنيد ضدّ حزب الله ومؤخرا ضدّ نشطاء حماس في عمق ميدان مدينة غزة
بعد أن كانوا على مدى سنوات مرهبي حزب الله، يمكن اليوم أن نقول إنّ مقاتلي وحدة إيجوز هم مرهبو رجال حماس. الوحدة التي أقيمت لتستخدم تكتيكات حرب العصابات ضدّ التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها حزب الله، تعمل بنفس الطرق ضدّ نشطاء حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني. خلال جولة العنف الأخيرة بين إسرائيل وغزة، شارك جنود وحدة الكوماندوز الخاصة هذه في إحباط جزء من الاختراقات عبر الأنفاق بل وشاركوا لاحقا في الاجتياح البرّي الذي قرّرته الحكومة الإسرائيلية.
عندما أقيمت وحدة إيجوز كان الهدف من ذلك هو إقامة وحدة تفكّر خارج الصندوق، وتعمل ضدّ عدوّ مراوغ بأساليبه. كان قائدها الأول ومؤسسها مقاتل من وحدة “شايطيت 13”، والذي قادها بعد نصف عام من لحظة إقامتها للقضاء على خلية من الإرهابيين في منطقة الحولة. راكَمتْ الوحدة خبرة في الغارات الصغيرة ونصب الكمائن في المناطق المعقّدة والصعبة للعمل، بما في ذلك المناطق الجبلية والمبنية. بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، في شهر أيار عام 2000، كان ثمّة قلق بألا يكون هناك نشاط للوحدة ويتم إغلاقها، ولكن سرعان ما وجدوا أنفسهم ينقلون هذه التكتيكات الخاصة إلى ميدان المواجهة ضدّ الإرهاب الفلسطيني في الضفة الغربية مع اندلاع الانتفاضة الثانية.
وعمّقت الوحدة في السنوات الأخيرة أيضًا معرفتها لغزة. في كانون الثاني عام 2008، اخترقت القطاع فرق من وحدة “إيجوز”. لقد دخلوا أفرادها بعد منتصف الليل، بعد اندماجهم في الميدان ثم قاموا بنصب كمين لخلايا نشطاء حماس والتي أطلقت صواريخ وقذائف هاون تجاه بلدات جنوب إسرائيل. كانت العملية قاتلة وحتى الساعة الواحدة ظهرا تحدث الفلسطينيون عن وجود 15 قتيلا، من بينهم أيضًا نجل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار.
يتغيّرون لأنّ حزب الله يتغيّر
أقيمت وحدة “إيجوز” عام 1995، كجزء من لواء جولاني، وكان هدفها واحد: القتال بتكتيكات حرب العصابات ضدّ تنظيم حزب الله في لبنان. سجّلت الوحدة الخاصة على مدى السنين إنجازات كبيرة. وليس عبثا أن يسمّى مقاتلوها في الجيش الإسرائيلي: “مرهبو حزب الله”. يعتبر رجال الوحدة خبراء في كل ما يتعلّق بأساليب التمويه، القتال في الغابة، القتال في المناطق المبنية، الإقامة المطوّلة في الميدان والتنقّل في الأراضي الطبوغرافية المعقّدة. وقد مُنحت عام 1998 ميدالية رئيس الأركان لعمليّاتها القتالية في لبنان.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، وخصوصا بسبب مشاركة تنظيم حزب الله في القتال بسوريا ضدّ قوات الثوار، راكَمَ مقاتلوها خبرة عمليّاتية كبيرة. استنسخ مقاتلو التنظيم أنماط عمل ناجحة من الجيش السوري، بما في ذلك استخدام الدبابات وناقلات الجنود والعمل في مجموعات كبيرة. وعلى ضوء التغييرات في دورها ووسائل القتال لدى حزب الله، أدرك قادة “إيجوز” بأنّ عليهم هم أيضًا واجب أنّ يغيّروا ويطوّروا أساليب قتال أكثر تقدّما. إحدى الطرق هي التدريب السنوي واسع النطاق لدى الوحدة. تحاكي المناورات حالة حرب حقيقية قدر الإمكان، يتمّ في إطارها تجديد القدرات وملاءمة مستوى التدريب على أساس المعلومات الاستخباراتية حول التغييرات التي قام بها العدوّ.
يبلغ طول مسار الوحدة نحو عام وأربعة أشهر. يخضع جنود الوحدة لتدريبات مختلفة ويكتسبون مهارات عديدة، بما في ذلك في مجال الحرب الصغيرة (الجدول الزمني)، دورة للقفز بالمظلات، التمويه والتدريب الميداني، دورة لمكافحة الإرهاب، القتال في منطقة مبنية، نصب الكمائن وغير ذلك.
يتمّ العديد من التدريبات في مسارات نموذجية لمنطقة شمال إسرائيل، وهناك أيضًا تركيز كبير على التنقّل الدقيق والتنقّل في الظروف الميدانية النموذجية بالنسبة لشمال البلاد.
كانت للوحدة عشرات العمليات الناجحة، ولكن من بين العمليات الأكثر ذكرا، هو الكمين الذي وضعته الوحدة في منطقة سجود (كمين حدث عام 1997 في جنوب لبنان)، وذلك عندما قتلت فرقة من إيجوز من مسافة قصيرة من الكمين أربعة رجال من حزب الله. أحضر الجنود حثث الإرهابيين إلى البلاد، وحينها فقط اتضح أنّ أحد الإرهابيين القتلى هو هادي نصر الله، نجل زعيم حزب الله، حسن نصر الله.
تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة التي تلزم الإناث، وفقًا للقانون، بالانضمام إلى صفوف الجيش تمامًا كما يتم إلزام الرجال، ولا تخجل الإناث من القتال والانضمام إلى صفوف المقاتلين
تلتحق اليوم بصفوف الجيش الإسرائيلي شابات ليؤدين خدمة عسكرية مدتها سنتين كمقاتلات. وسيلتحق القسم الأكبر من الشابات بكتيبة مختلطة، أي يخدم في صفوفها شبان وشابات معا، وتلقب هذه الكتيبة ب “أسود الأردن”، وأخريات سيلتحقن للمرة الأولى بوحدات خاصة في سلاح المدفعية. يذكر أن الجيش الإسرائيلي فتح أبوابه لخدمة البنات في معظم الوظائف، ففي عام 2013، 92% من الوظائف في الجيش الإسرائيلي فُتحت أمام الجنس اللطيف. وكانت نسبة النساء في المنظومة القتالية 4.3%، وهي زيادة بنسبة 1.1% مقارنة مع 2012. إضافة إلى ذلك، 56% من الضباط في الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي هي من النساء.
واستمرارا للمقالين السابقين اللذين كتبنهما حول وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، وحدة “شايطيت 13 “ ووحدة استطلاع هيئة الأركان العامة، يُسعدنا أن نستعرض أمامكم هذه المرة جانبًا أكثر أنوثة وجرأة من حيث الأدوار القتالية، فيها، ويا للغرابة، يبرز فعليًا جيل جديد من المقاتلات.
إناث في خدمة جيش الشعب
تأسس الجيش الإسرائيلي، الذي أقيم في أيار 1948، على روح “جيش الشعب” النابعة من الإيديولوجية العالمية للدولة القومية الحديثة. في آب 1949، أصدر الكنيست “قانون خدمة الأمن”، والذي نظم كل ما يتعلق بتجنيد المجموعات المختلفة وخدماتها العسكرية. وفي المناقشات حول تجنيد المرأة، انقسم الكنيست إلى معسكرين مختلفين: ممثلو الأحزاب العلمانية وقد أوجبوا تجنيد النساء، بينما تصدى ممثلو الأحزاب الدينية لتجنيد النساء تمامًا، ولم يكتفوا بإعفاء النساء المتدينات فقط.
كان التزام القيادة العلمانية بالمساواة بين الجنسين يرجع إلى التصوّر الاشتراكي، والذي رأى في المجتمع الإسرائيلي نموذجًا لمجتمع العدالة والمساواة أيضًا على المستوى الجنساني. ومع ذلك، فإن معظم الدعم لتجنيد الإناث لم يكن مستمدًا من مقولة المساواة في الحقوق، وإنما تأسس على التصوّر الجمهوري للمواطنة. أثبتت “الإناث”، كما قد قيل، بأنهن يستحققن أن يكنّ جنديات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القرار بتجنيد الإناث نشأ لاعتبارات ذرائعية، مثل الاحتياج إلى قوى عاملة، وتم تعزيزه بواسطة الزعم بأن وجود المرأة سيحسّن الروح المعنوية للجنود ومستواهم الأخلاقي.
جيش نسائي؟
إن قرار تجنيد الإناث الإلزامي في إسرائيل لم يغيّر من الطبيعة الذكورية للجيش. فقد ظل الجيش تنظيمًا ذكوريًا، يجسّد الجنس مبدأ رسميًا ومعلنًا فيه. وقد خدمت جميع الإناث (حتى عام 2000)، وخصص لهن فترة مختلفة من الخدمة، ومسارات خدمة منفصلة، والأدوار، وفرص الترقية، والخبرات العسكرية عن الرجال، وذلك اعتمادًا على نموذج الجيش البريطاني.
وتُظهر الدراسة العميقة لتاريخ الخدمة العسكرية للمقاتلات الإسرائيليات، اكتشافات مدهشة حول التغيير الذي حلّ في تجنيد الإناث للجيش وحول الأدوار المتعددة التي شغلنها. القصص عن المقاتلات، الإناث الضباط، الإناث الضباط وهنّ حوامل إذ قاموا بحملة البيريه (وهي حملة شاقة قامت بها الجنديات المقاتلات في الجيش الإسرائيلي، والتي في نهايتها أعطي لهنّ بيريه بلون فريد للفوج أو اللواء)، والإناث برتبة لواء، كل هذه القصص استمرت بالظهور بشكل مدهش.
فعلى سبيل المثال، في “جيش الشعب” الذي أقيم خلال حرب 1948 خدمت نساء ممن أخذن جزءًا من نشاط العمليات بشكل كامل، في ذلك الجيش كانت هناك أدوار قتالية جُعلت للإناث فقط، كالاستخبارات بل والمدفعية.
وقد وُجدت في مجموعات الصور في أرشيف جيش الدفاع الإسرائيلي مواد تشير إلى أن سلاح المدفعية الإسرائيلي في بداية عهده كان مقتصرًا على الإناث في معظمه. وتظهر في الصور النادرة فرق المدفعية الكاملة مكوًنة فقط من الإناث، اللواتي يدرن الموقف دون وجود الذكور وفي حركات بسيطة في الأرجل أطلقن نيران المدفعية صوب قوات العدو. وكانت المدفعية، التي اعتبرت في تلك الأيام جهدًا كبيرًا لإطلاق النار من قبل الجيش الشاب، الصغير وقليل الحيلة، مملكة الإناث. ولا عجب أن سلاح المدفعية هو إحدى المجموعات التي استقبلت الإناث في صفوفها بأذرع مفتوحة مع بداية دمج المرأة في الوحدات الميدانية في السنوات الأخيرة.
وفي العقدين الأخيرين، وجنبًا إلى جنب مع التغييرات الاجتماعية التي حلت بإسرائيل والتغيير في هيئة الجيش، حدث تغيير في الموقف تجاه النساء في الجيش؛ إذ فتحت أمامهنّ الأدوار القتالية، وتم توسيع خيارات التقدم والعمل على إدخال تعديلات من أجل تمكين بيئة خدمة تتيح النجاح. في عام 2000، تم حلّ سلاح المرأة التقليدي وأقيم مكانه في دائرة الأركان العامة جناح تقف على رأسه مستشارة رئيس الأركان لشؤون المرأة.
الجندية التي أحدثت تغييرًا في الجيش
عادة ما يعرف أن الجيوش هي مملكة الرجال وأن هناك أبعاد من التمييز. وقد أدى نضال شجاع قادته إحدى الجنديات إلى تغيير انقلابي في أحد أسلحة الجيش الأكثر أهمية في دولة إسرائيل وهو “سلاح الجو”.
في عام 1994 رغبت جندية احتياط غير معروفة في هندسة الطيران واسمها أليس ميلر أن تكون طيارًا في سلاح الجو، ولكن كانت الدورة في ذلك الوقت مفتوحة أمام الذكور فقط. ناضلت ميلر، وتم قبول توجهها للمحكمة العليا، وحكمت مجموعة موسعة من القضاة أن على الجيش أن يساوي بين حقوق النساء والرجال. على الرغم من ذلك، لم تنجح ميلر في اجتياز تصنيفات دورة الطيران، ولكن منذ ذلك الوقت، حدث تغيير كبير وفي كل عام يتم الإعلان عن المزيد والمزيد من سائقات الطيارات اللواتي يصلن إلى رتب قائد سرب وإلى تجربة طيران من الأرقى في العالم.
وبفضل معركة ميلر فإن عدد النساء سائقات الطيارات اليوم أكثر، المقاتلات، جنديات بحرية، ضباط كبار وتقريبا لا يوجد أي مجموعة عسكرية لا تظهر فيها النساء.
قطط الصحراء
حين نراهنّ في الشارع مع الزي الرسمي، الحذاء العالي، السلاح ودبوس المحارب، ننظر إليهن بإعجاب. مقاتلات كتيبة الكاراكال، اللواتي يمثّلن نحو ثلثي مقاتلي الكتيبة، هن جنديات استثنائيات. يخدمن في كتيبة المشاة الوحيدة في الجيش الإسرائيلي التي تقيم خدمة مشتركة ومساوية بين المقاتلين والمقاتلات. في التدريبات، في الكمائن والمعارك ليس ثمة فرق بين الجنسين. فهنا لا يتحدثون عن “الجنس اللطيف” أو عن “الجنس القوي”.
كتيبة الكاراكال هي كتيبة مشاة مختلطة يخدم فيها مقاتلون ومقاتلات، وقد أخذت اسمها من القط الصحراوي الكاراكال؛ المشهور في منطقة وادي عربة، وقد كانت حقل النشاط الأول الذي عملت فيه الكتيبة. وقد تمت معظم عمليات الكاراكال في منطقة جنوبي إسرائيل مع التركيز على الحدود المصرية، خط التماس، منطقة وادي عربة ومنطقة غور الأردن، وتشمل العمليات الكمائن، الدوريات، الملاحقات، المراقبة، تأمين المناطق السكنية وأنشطة أمنية قائمة لمنع تسلل النشاطات الإرهابية والإرهابيين، ومنع التهريب (المخدرات، السلاح). وقد أمسكت كتيبة الكاراكال بعدد غير قليل من الإرهابيين والتهريبات على الحدود المصرية، وساعدت في نشاطاتها جهاز الشاباك.
في عامي 2007 و2008 حققت الكتيبة نجاحات كثيرة في العمليات، يشمل ذلك منع التسلل في الوقت المناسب، القبض على المتسللين الذين دخلوا إلى الجانب الإسرائيلي، اعتقال التجار واكتشاف مخابئ البضاعة المهربة، القبض على الفلسطينيين والإرهابيين الذين حاولوا التسلل عبر الحدود المصرية وكذلك القبض على اللاجئين والمقيمين غير القانونيين. في عامي 2009 و2010 أمسك مقاتلو ومقاتلات الكتيبة بكميات كبيرة من المخدرات، وكذلك بعملاء مطلوبين للشاباك.
السلاح الأساسي لمقاتلات كتيبة الكاراكال هو البندقية الهجومية، وهي من تطوير إسرائيلي، ومن بين أمور أخرى أيضًا، تستخدم قاذفات القنابل والصواريخ المضادة للدبابات ومدافع “ماج”. وتستخدم سيارات فورد، وسيارات جيب من نوع صوفا وأجهزة الاتصالات والمراقبة المتقدمة، بما في ذلك نظارات الرؤية الليلية.
http://www.youtube.com/watch?v=7VgEy7E-QoQ
إنّ رغبة المرأة الإسرائيلية في أن تكون مقبولة في المسارات القتالية، تكلف ثمنًا طبيًا كبيرًا. ففي كتيبة الكاراكال على سبيل المثال يقدر الخبراء أن معظم الإناث المقاتلات يعانين من مشاكل طبية وبشكل عام الإجهاد وفتوق الديسك. معظم الفتيات لديهن طموحات عالية على وجه الخصوص، ويواجهن الفروق الفسيولوجية الكبيرة بين الرجال والنساء، ولا يتلقين دائما أذنا صاغية وفهما من قبل قادتهن. وغالبًا ما ينظر إليهن على أنهن يبالغن في أحسن الأحوال أو يتظاهرن في أسوأ الأحوال. وتزداد حدة المشاكل عندما تحاول الفتيات كبت المشاكل الجسدية ومواصلة القيام بمهمتهن كمقاتلات، أو حين تتأخر الاستجابة الطبية. حتى بعد إطلاق سراحهن من الخدمة العسكرية، ويواصل الكثير من الفتيات المعاناة من الإصابات التي يتعرضن إليها خلال فترة الخدمة.
وفي الحالتين، فإن النساء المقاتلات يواصلن تحدي النظم التقليدية والمعروفة في الجيش الإسرائيلي، ويرسمن الحقائق على الأرض حيث إنه من الصعب على قادة الجيش أن يتجاهلونهن في المستقبل القريب. وقد ازداد النقاش العام في السنوات الأخيرة حول تحويل جيش الشعب إلى جيش أكثر احترافية وذي أبعاد أصغر، وهنا تصر النساء المقاتلات على أن يكنّ جزءًا لا يتجزّأ من ذلك الجيش الاحترافي وذي الجودة الذي سيحدد المستقبل الأمني لإسرائيل.
صواريخ "ياخونت" السورية، غواصات مصر وتسريب الأسلحة الإيرانية لنصر الله، ليست إلا جزءًا من التهديدات التي تواجه جنود البحرية، وعلى رأسها وحدة الضفادع "السرية 13".
منح رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي “بيني غانتس” وسام التقدير والتميز،هذا الأسبوع، لجنود وحدة الكوماندوز البحري الخاصة “شايطيت 13” تقديرا لدورها في تنفيذ عمليات سرية. وذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن مراسم منح الأوسمة تمت في قاعدة الوحدة بـ- “عتليت” قرب عكا.
ومن بين العمليات التي كشف النقاب عنها قيام الوحدة بمحاولة تسلل على شاطئ السودانية بقطاع غزة بداية الحرب الأخيرة قبل أن تصطدم بمقاتلين من كتائب القسام وسرايا القدس ويصاب 4 من جنودها بجراح. كما نسب للوحدة قيامها بعمليات خاصة أخرى في القطاع لم يكشف النقاب عن طبيعتها في حين أعرب قائد سلاح البحرية الإسرائيلي ” رام روتبرغ” عن عظيم تقديره للعشرات من عمليات الوحدة السرية العابرة للحدود والتي تم تنفيذها في المعارك التي تتوسط الحروب كما قال. وأضاف بأن تلك النشاطات تم تنفيذها بشكل سريع وخاطف في عدة جبهات أظهرت قدرة تخطيط وتنفيذ عالية للوحدة التي عادة ما تحاط تفاصيل عمليات بغطاء من السرية البالغة.
السرية 13
لا يوجد في إسرائيل قصص شعبية حول البحر غير القصص المتعلقة بفُلك نوح وابتلاع السمكة للنبي يونس. رغم ذلك، يفهمون في هيئة الأركان بأن هناك حاجة لتفكير مختلف عن التفكير المعتاد حتى الآن بخصوص كل ما يتعلق بالمياه الإقليمية لدولة إسرائيل. لقد تغيّر المسرح البحري في الشرق الأوسط بشكل كبير منذ الحرب اللبنانية الثانية؛ لقد تعلم سلاح البحرية الدروس، وقام بتحديث مفاهيم المناورة ورفع من مستوى كفاءته، ولكن العدو أيضًا لم يبق في مكانه دون تقدم.
حصلت سوريا على العشرات من صواريخ أرض-بحر من أنواع مختلفة من روسيا، وبنطاقات مختلفة، مع رؤوس حربية بقوى مختلفة، والتي تغطي كل مساحة دولة إسرائيل، وفي مقدمتها صاروخ “ياخونت”. تصاعدت التهديدات حين زادت الخشية بأن يبدأ حزب الله بالحصول على الصواريخ من سوريا، وبناء على افتراض سلاح البحرية: “كل ما لدى إيران انتقل إلى نصر الله”. بالمقابل، تيقظ الشرق الأوسط إزاء الاهتمام الذي يوليه جيش الدفاع الإسرائيلي لسلاح البحرية، وحاول أن ينصب أمامه المتحدين: مصر تتفاوض للحصول على غواصات، في حين أن السعوديين يوقعون صفقة أسلحة والتهديد من البحر يزداد يوميًا.
هذا الوضع الاستراتيجي أعلاه يفهمه جيدا قباطنة سلاح البحرية وخصوصًا المقدم “ج”، قائد وحدة الكوماندوز البحري “السرية 13”.
عن أنشطة وحدة الضفادع
لأولئك الذين لم تتَح لهم الفرصة للتعرف عليهم، فإن “السرية 13” في الواقع هي وحدة نخبة من سلاح البحرية الإسرائيلي، ومن وحدات النخبة في جيش الدفاع الإسرائيلي المتخصصة في مجال المعارك الصغيرة في البحر والشواطئ. لقد كان مجرد الحديث عن وجود هذه الوحدة واسمها الكامل ممنوعا من النشر لسنوات طويلة. خلال عقود من نشاطها، قامت الوحدة بالمئات من الحملات (معظمها في أراضي الدول العربية)، والقليل منها تم السماح بالنشر عنه.
تأسست السرية 13 من أجل أن تكون قوة مهاجمة في مياه دول الأعداء وشواطئها، وذلك من خلال استخدام طرق مختلفة من العمليات العسكرية: الغوص، الإغارة، التخريب، الهبوط بالمظلات، الكمائن والاقتحامات. كانت قبل قيام الدولة، قد نشطت وحدة مماثلة في إطار عمليات “البلماح” (قوات الصدمة، والقوة العسكرية المنتظمة لمنظمة “الهاجاناه”، والتي عملت قبل قيام دولة إسرائيل بين السنوات 1948-1941) وكانت تسمى “الخلية الإرهابية البحرية”. في البداية، نفذت الخلية الإرهابية عمليات بحرية وبرية ضد السفن البريطانية وخلال حرب 1948 حين أضحت الجيوش العربية هدفًا لها، أغرقت الوحدة سفينة الأسلحة العربية “لينو” والتي رست في شواطئ إيطاليا، وقامت بالسيطرة على سفينة أسلحة أخرى اسمها “أرجيرو” وأغرقت سفينة “الأمير فاروق”، وهي السفينة الرائدة في الأسطول المصري.
في تلك السنوات، تم تحديد أساليب العمليات والقتال للوحدة، بإشراف رجل كوماندوز بحري إيطالي اسمه بيورنزو كبريوتي. وبحلول عام 1949 كان هناك عدد من الخلايا الإرهابية التي تعمل معها، والتي توحدت عام 1949 في وحدة واحدة “الكوماندوز البحري”، والتي سمّيت ابتداء من شهر أيار 1952 باسم “السرية 13”. يعود أصل الرقم 13 في اسم الوحدة، بحسب الأسطورة، جاء وفقا لعادات المقاتلين لتناولهم الخمر حتى الثمالة في اليوم الثالث عشر من كل شهر. وكان يوحاي بن نون أول مؤسس وقائد للسرية.
تتميز السرية 13 في قدرتها على الوصول إلى الأهداف من خلال البحر، الغوص، والمعدات فوق مائية وتحت مائية. وتتألف الوحدة من نخبة المقاتلين (والذي يسمون “الضفادع البشرية”) في جيش الدفاع الإسرائيلي. ويدوم مسار تدريبها زمنًا طويلا، ويعتبر من أكثر المسارات صعوبة واحترافية في جيش الدفاع الإسرائيلي. وتقع القاعدة الرئيسية للسرية 13 على شاطئ عتليت جنوبي حيفا. وقام أحد مقاتلي السرية في سنوات الستين بتصميم شعارها، خفاش يرتدي مرساة سلاح البحرية، سيف الجيش ولغم بحري.
يقاتلون من أجل أن يكونوا جزءًا من العمليات السرية في دول الأعداء
شاركت السرية 13 في المئات من عمليات الكوماندوز، والتي بقيت معظمها سرية حتى يومنا هذا. وقد أجبر قادتها في سنواتها الأولى على الصراع من أجل دمجها في حملات ذات أهمية. على الرغم من ذلك، لم تعتبر حرب حزيران (1967) فترة براقة للوحدة. فشلت بعض عمليات السرية، خلال الحرب، وكان هدفها تفجير سفن العدو التي رست في موانئ مصر وسوريا. وخلال إحدى هذه العمليات، التي جرت في ميناء الإسكندرية، تم أسر ستة من مقاتلي الوحدة.
نفذت الوحدة خلال حرب الاستنزاف (1970-1969) عددا من العمليات التي عززت من مكانتها كوحدة نخبة في جيش الدفاع الإسرائيلي. من بين تلك العمليات يمكن الإشارة إلى العملية “بولموس 5″، وهي غارة على المحطة الساحلية المصرية في راس عربية، إلى الشمال من خليج السويس. في هذه العملية، والتي انتهت دون إصابات في صفوف قوات السرية، قُتل 32 جنديا ومقاتل كوماندوز مصريين. وخلال حرب تشرين (1973) وصلت السرية إلى أرقام قياسية عالية، فقد حقق المقاتلون سجلا طويلا من العمليات التي أُغرقت خلالها الدبابات، زوارق الطوربيد، سفن حاملة صواريخ وسفن حراسة مصرية.
في السنوات اللاحقة أجرت الوحدة عملية ضد التنظيمات الإرهابية كقوة عمليات ومساعدة في عمليات الاقتحام في دول الأعداء وكذلك في عمليات بحرية أخرى. ووفقا لمصادر أجنبية، فقد شارك مقاتلو الوحدة في عملية اغتيال أبي جهاد؛ أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية.
في الفترة التي كان فيها جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل في الشريط الأمني على الحدود اللبنانية، كانت السرية نشطة بشكل خاص في عمليات في عمق الأراضي اللبنانية. في 5 أيلول عام 1997، اقتحمت السرية 13 قرية الناصرية جنوب لبنان، وفي وقت تحركها نحو هدفها، تم نصب كمين لها. وقد قُتل أحد عشر مقاتلا من السرية في حادثة تدعى “كارثة السرية”. في أعقاب هذه الواقعة تم تعطيل أنشطة الوحدة لفترة ما. وبعد سنة من الكارثة عقد تنظيم حزب الله وإسرائيل صفقة تبادل، تم خلالها إعادة جثة أحد المقاتلين الذين قتلوا في الكارثة مقابل عشرات المعتقلين والقتلى اللبنانيين، ومعهم جثة هادي نصر الله، نجل قائد حزب الله في ذلك الوقت حسن نصر الله.
خلال انتفاضة الأقصى (2000) تم دمج الوحدة السرية في محاربة المنظمات الإرهابية، وقامت خلال العمليات البحرية بتحقيق إنجازات، إذ تم الاستيلاء على سفن السلاح الفلسطينية “كارين إي” و”سنتوريني”.
المستقبل العاصف: “لا تستهن بالعدو”
قام قائد السرية 13، المقدم “ج”، والذي تم تعيينه فقط قبل عدة أسابيع ليتولى قيادة جنود الكوماندوز البحري، بعدة مقابلات مع الإعلام الإسرائيلي، قال فيها إن معظم العمليات التي تقوم بها الوحدة تتم تحت الرادار، وشدد بأنه يجب عدم الاستهانة بأعداء إسرائيل.
“تتغير السرية بسرعات مختلفة، بين حين وآخر، وذلك تبعًا لمسرح القتال”، هكذا قال قائد السرية. وقال بأن العدو يتغيّر أيضًا. “نحن نرى أعداء متنوعين جدًا، ليس دولة واحدة فقط، ولكنه عدو غير منظم، وهو موزع بين التنظيمات الإرهابية، وهذا يتطلب مننا أن نلائم أنفسنا وفقًا لذلك. نحن نبذل جهدنا دومًا لكي لا نستهين بالعدو، ونعمل على تقييمه كما ينبغي، ونرد ردًا مناسبًا”.
تغيّر بشكل عام النهج المتبع في سلاح البحرية، وفي وحدة السرية 13 بشكل خاص. ووفقا لرؤية قائد سلاح البحرية، اللواء رام روتبرج، فإنه لا يوجد فرق بين أن يكون صاروخ “ياخونت” بيد رئيس سوريا بشار الأسد أو بيد حزب الله. ومن ناحية قباطنة الجبهة الشمالية الإسرائيلية، فإن حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا هما جبهة واحدة، وفي اللحظة التي نترك فيها المياه الإسرائيلية نتعرض للتهديد.
وتم تسجيل التوتر الأكبر في مياه حيفا، حين وقفت بوارج الأسطول الأمريكي قبالة ساحل اللاذقية وطرطوس، ووجهت وفقًا لأوامر رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، صواريخ التوماهوك صوب قواعد السلاح الكيميائي، من أجل تخويف نظام الأسد خلال أزمة الأسلحة الكيميائية الأخيرة. وقد أجرى سلاح البحرية سيناريوهات الاستعداد الأقصى التي سيحاول خلالها الأسد مهاجمة السفن الإسرائيلية بواسطة صواريخ متقدمة. ومنذ ذلك الحين، فإن سلاح البحرية متأهب دومًا.
وإن كان ذلك ليس كافيًا، بسبب دخول تكنولوجيات جديدة إلى الشرق الأوسط، والتي تلزم سلاح المخابرات في البحرية بتجميع المعلومات الحيوية للقوات، من أجل أن تعرف كيف تواجه التهديدات المختلفة في اللحظة الحقيقية. إن الاستخبارات عبارة عن قصة دراماتيكية، هي بداية كل قصة وعملية. وبهدف جمع المعلومات يستخدم سلاح البحرية كذلك رابطة الاستخبارات. كان هناك بعض الخلل في هذا المجال، فقد تم تسجيل إصابة صاروخ الـ C-802 لسفينة “حانيت” التابعة للبحرية الإسرائيلية في الحرب اللبنانية الثانية. إن التعاون مع مؤسسة الاستخبارات يمكّن السرية من توسيع حدود عملياتها أكثر مما يمكن تخيّله.
يفهم سلاح البحرية وعلى وجه الخصوص السرية 13 أن عليهم توفير الحلول للتحديات اليومية بخصوص تأمين الواردات الإسرائيلية عبر البحر. في الواقع فإن 99% من الواردات الإسرائيلية تأتي عن طريق البحر. وتهديد ذلك واضح جدا. وقد قدم قائد سلاح البحرية اللواء رام روتبرج أمام القبطان الأمني عمل هيئة الأركان على خطة دفاعية للممرات الملاحية للسفن التجارية ومنصات الغاز. وقد طلب جيش الدفاع الإسرائيلي أن يتم نقل مسؤولية وسلطة حماية المجال البحري المعروف بـ “المياه الاقتصادية” للجيش. وقد بلغ التقدير المبدئي لقيمة عائدات منصات الغاز 300 مليار دولار. ويطلب سلاح البحرية أقل من 1% من أجل شراء المعدات اللازمة كي يقوم بالتحضير للتهديدات في المنطقة، من بينها الإعداد المناسب للكوماندوز البحري.
كيف يصل سلاح حماس إلى غزة؟ على ضوء مخزون السلاح الضخم لحماس في غزة والذي يمكّنها من القتال باستمرار منذ نحو شهر، فقد تحوّل سؤال تهريب السلاح، لدى الجيش الإسرائيلي، إلى سؤال مهمّ
هناك أكثر من 550 مليون قطعة سلاح في أنحاء العالم. أي، سلاح واحد لكل 12 شخص على وجه الأرض. السؤال المطروح هو: كيف يتم نشرها في العالم؟ وفي كلّ ما يتعلق بالمواجهة المستمرّة في منطقتنا بين حماس وإسرائيل، كيف – رغم الحصار لقطاع غزة – تستطيع حماس التسلّح بشكل منظّم إلى حدّ ما ولمدّة طويلة.
يكشف تقرير رائع في موقع newindianexpress عن صناعة تهريب الأسلحة في الشرق الأوسط، وعن تورّط أجهزة الاستخبارات في هذه الصناعة، والحقيقة المحزنة للمصالح الاقتصادية الكامنة وراء الحروب في الفناء الخلفي لإسرائيل.
الإرهاب والسلاح العالمي
بدءًا بالمذبحة في شهر أيار وقتل 317 مواطن في قرية على يد بوكو حرام وصولا إلى قتل 700 شخص في تموز خلال 48 ساعة في سوريا على يد مقاتلي داعش، حملات القتل للتنظيمات الإرهابية جميعها تتغذّى بواسطة السوق السوداء العالمية للتجارة بالأسلحة والتي تُدار على ثلثي مساحة خريطة العالم. التركيبة القاتلة للصراع المتصاعد وتوفّر الأسلحة المتطوّرة على نطاق واسع، جميع ذلك جدّد القلق من أن تُزال مناطق معيّنة في العالم عن وجه الأرض.
هناك أكثر من 550 مليون قطعة سلاح في أنحاء العالم. أي، سلاح واحد لكل 12 شخص على وجه الأرض
في السنة الماضية، وبناء على بيانات تنشرها شركة استشارية بريطانية تُدعى Maplecroft، قُتل نحو 18660 شخصًا بواسطة سلاح غير قانوني تمّ شراؤه عن طريق شبكة سرّية استثنائية لتجّار السلاح، سياسيّين، مجرمين، انتهازيّي الحروب وتجّار المخدّرات في جميع أنحاء العالم. وهو عدد يشير إلى ارتفاع بنسبة 30% مقارنة مع السنوات الخمس الأخيرة.
وفقًا لبيانات الشركة، فقد تمّ تسجيل 9471 هجومًا إرهابيًّا في العالم، والتي تساوي 26 عملية إرهابية في اليوم وأكثر من عملية إرهابية واحدة في الساعة الواحدة. يحرص التجار على تزويد المجموعات الإرهابية في النشاط في جميع أنحاء العالم بقيمة 60 مليار دولار، وهذا وفقًا لدراسة World Policy On Arms.
اللاعبون الرئيسيّون
فارس مناع (Fares Manna)، هو تاجر أسلحة يمني له علاقة خاصة بالهجمات العنيفة في نيجيريا، غزة، ليبيريا، السودان، ومؤخرًا سوريا والعراق. يعتبر مناع تاجر سلاح خبير في عالم السوق السوداء، وهو المورد الحصري للتنظيمات الإسلامية في الصومال والتي قتلتْ أكثر من 5,000 إنسان في الصومال وكينيا خلال السنوات الأخيرة.
سجل 9471 هجومًا إرهابيًّا في العالم، والتي تساوي 26 عملية إرهابية في اليوم وأكثر من عملية إرهابية واحدة في الساعة الواحدة
يعمل مناع في هذه المهنة منذ 2003، وهو محبوب من قبل التنظيمات الإرهابية بسبب قسوته والسرّية التي يعمل بها. إنّه معتاد على توفير السلاح لجميع الأطراف.
تشكل القيادة السياسية في اليمن حلفًا لمناع، فهي “مقدّسة” جدّا أو “عميقة” والسلاح الذي يتم شراؤه من قبل وزارة الأمن في اليمن، سيصل في نهاية المطاف إلى كتالوجه خلال أسابيع. يتمتع مناع أيضًا بدعم كبير من قبل زعماء اليمن ذوي النفوذ، ورغم حظر نشاطه، فلا يزال يملك شرعية سياسية في البلاد.
إلى جانب مناع، فإنّ عبد الله بن مالي، (Abdullah bin Maeli) وهو عضو برلمان في اليمن، لاعب رئيسي أيضًا في سوق السلاح، والذي قام بتسليح آلاف الإرهابيين الإسلاميين في المنطقة. عضو برلمان آخر في اليمن، جرمان محمد، (Jarman Mohammed) هو أيضًا ناشط في صناعة تهريب الأسلحة في الشرق الأوسط. بالإضافة إليهم هناك John Bredenkamp الذي وُلد في زيمبابوي، وباع أسلحة للعراق وإيران وهو يواصل العمل في المنطقة. هناك آخرون مثل محمد سعيد (Mohammed Said)، الاسم المستعار (Atom) ، والذي يخدم عميلا واحدًا خاصّا فحسب. يعتبر “أتوم” (Atom) المورّد الرئيسي للسلاح والذخيرة لحركة الشباب، وهي جماعة جهادية مقرّها في الصومال.
ذراع السلاح الإيراني: تعرّفوا على الحوثيين (Houthis)
لماذا العلاقة بين مناع وتنظيم الحوثيين (Houthis) مهمّة؟ لأنّهما بالنسبة لإسرائيل ذراع لإيران. يعتبر مناع أحد تجار السلاح الأكبر في منطقتنا، ويتيح الحوثيون (Houthis) بالإضافة إلى حزب الله وحماس لإيران من شحن الأسلحة في كلّ الشرق الأوسط بحسب الطلب.
هناك على أقلّ تقدير 10 أسواق سوداء رئيسية للسلاح في العالم، تشتمل على كلّ من: مقديشو في الصومال، اليمن، بغداد، كركوك والبصرة في العراق، لبنان، ليبيا، باكستان وأفغانستان
الحوثيّون هم تنظيم إسلامي شيعي تابع لإيران ويقوده عبد الملك الحوثي (Malek Al Houthi). وهم تنظيم سياسي شرعي يتواجد في اليمن منذ سنوات التسعينات تحت اسم الشباب المؤمن (Al Shabab Al Mu’min) وقد تمّ تغيير اسمه للحوثي عام 2004 بعد اغتيال زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي (Hussein Badr Al Din Al Houthi). والزعيم الحالي، عبد الملك (Malek)، هو أخوه. للتنظيم أيضًا ذراع عسكري اسمه أنصار الله (Ansarallah).
وهو يعمل في الواقع كذراع لإيران في اليمن بشكل شبيه بحماس في غزة وحزب الله في لبنان. وفقًا لتقرير من العام 2009، يوفر حزب الله للتنظيم تدريبًا عسكريًّا بإشراف إيران. ويخدم التنظيم إيران أيضًا في صراعات القوة مع السعودية حول السيطرة على الشرق الأوسط وإفريقيا.
أسواق الموت
هناك على أقلّ تقدير 10 أسواق سوداء رئيسية للسلاح في العالم، تشتمل على كلّ من: مقديشو في الصومال، اليمن، بغداد، كركوك والبصرة في العراق، لبنان، ليبيا، باكستان وأفغانستان. وفقًا لمصادر استخباراتية، تتمّ التجارة بمختلف أنواع الأسلحة في تلك الأسواق، بما في ذلك الصواريخ والمدافع المتوفرة في تلك الأسواق والموصولة بمسار توفير دولي لا ينتهي. يرسل تجار السلاح في الصين، الولايات المتحدة، روسيا، كوريا الشمالية وأوروبا الشرقية شحنات الأسلحة، التي تشتمل على: البنادق، الذخائر والصواريخ، بنطاق يبلغ المليارات كلّ عام لمن يدفع السعر الأعلى في الشرق الأوسط عن طريق مسارات موثوقة وقانونية.
طريقة العمل
معظم السلاح، بما في ذلك الصواريخ والدبابات التي تصل في نهاية المطاف إلى السوق السوداء، يتمّ شراؤها قانونيًّا بواسطة شبكة من تجار السلاح المؤهّلين. وفقًا لتقرير الاستخبارات الأمريكية، فيعمل ما لا يقلّ عن 29 تاجرًا كهؤلاء من اليمن وحدها. إنّهم يشترون السلاح باسم وزارة الدفاع اليمنية ولكن بعد وقت قصير من الشراء، يتم نقل قائمة المشتريات إلى المنطقة الرمادية، حيث إنّه تتيح وجود علاقة بين الزعماء السياسيين، قادة الجيش والوسطاء المشبوهين بأخذ 80% من محتوى تلك الشحنات، وفقط 20% تصل في نهاية المطاف إلى مخزون الجيش الرسمي. في وقت لاحق يتمّ تهريب تلك الأسلحة بواسطة شبكة سرّية من شركات النقل، من بينها صاحب سفينة يمنية اسمه أبو إبراهيم (Abu Ibrahim)، إلى غزة، مصر، العراق، أفغانستان وإفريقيا.
تورّط أجهزة الاستخبارات
إنّ أجهزة الاستخبارات العالمية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) أيضًا متورّطة في ذلك، وتغرق أيضًا السوق الرمادية بالسلاح العالمي. وإلا فكيف نفسّر على سبيل المثال وجود 20000 صاروخ من نوع Sam-7 (يصل مداه إلى 3500 متر) بيد التنظيم الإرهابي بوكو حرام؟ وصلت تلك الصواريخ إلى الأيدي الخطأ فورًا بعد هجوم الناتو الذي أسقط طاغية ليبيا، معمّر القذافي.
الحكومة الأمريكية تصدّر ما يقرب من ثلث الأسلحة في العالم
تمّ بيع بعض تلك الصواريخ أيضًا لتنظيم داعش في العراق بسعر 7,000 جنيه مصري للقطعة، ممّا يعني أنّه من أجل إسقاط طائرة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، يستخدم الإرهابيون صواريخ كلّفتهم بضعة آلاف من الدولارات. في الواقع، فقد أكّد المسؤولون الأمنيّون أنّ المسلّحين الإسلاميين استخدموا صاروخًا كهذا تمّ شراؤه من ترسانة القذافي من أجل إسقاط مروحيّة عسكرية في شبه جزيرة سيناء في شهر كانون الثاني هذا العام.
مسار تهريب السلاح
يبدو أنّ أوكرانيا ودول أخرى من الاتّحاد السوفياتي سابقًا هي المصدر الأهمّ للسلاح بالنسبة للجماعات المسلّحة في الشرق الأوسط وإفريقيا. يتمّ توزيع الأسلحة من تلك الدول لتلبية الطلب المتزايد في اليمن والسوق السوداء في سوريا. وقد حدّد تقرير أمريكي سرّي للغاية العديد من المدن على شاطئ اليمن الجنوبي كملاجئ محتملة للتهريب أو كمناطق لمرور الأسلحة غير القانونية.
إلى جانب ذلك، فهناك شبكة من مهرّبي المخدّرات والسلاح في بنغازي، ليبيا، والتي هي مركز تجارة الأسلحة غير القانونية ولها شعبية في تقديم خدمات القيمة المضافة كنقل شحنة لنقطة عبور أكثر أمنًا قرب مصر أو الجزائر مقابل بضعة دولارات إضافية.
والمجموعة واسعة: صواريخ، قذائف، RPG، قنابل يدوية، بنادق كلاشينكوف مصنّعة في كوريا الشمالية وألغام.
دور الولايات المتحدة
ليس سرّا أن الحكومة الأمريكية تصدّر ما يقرب من ثلث الأسلحة في العالم. وفقًا لموقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، فقد وفّرت الإدارة الأمريكية 600 طنّ من الأسلحة من بينها لجهات جهادية إسلامية في سوريا، ما يكفي للحفاظ على مساحة مشتعلة في سوريا لعدّة سنوات. تمّ شراء الأسلحة من تجّار يعملون في أوروبا الشرقية ونُقلت إلى سوريا بواسطة وكالة الاستخبارات الأردنية. في وقت لاحق، وصل جزء كبير من الشحنة إلى ترسانة داعش في العراق.
وفي محاولة لصرف انتباه العالم، اتّهمت الحكومة الأمريكية، روسيا، والصين بتوفير السلاح للجهاديين في الشرق الأوسط. وقد تمّ تجديد هذا الاتهام في الشهر الماضي من خلال توجيه إصبع الاتهام للعلاقة بين المسلّحين الناشطين في أوكرانيا والجيش الروسي، بخصوص إسقاط الطائرة الماليزية بواسطة صواريخ Buk التي تمّ توفيرها من قبل روسيا.
التهريب لغزة وحماس
في نهاية الأمر، تُعدّ وسائل الإعلام العالمية تقارير حول الهجمات على قوافل ومخازن تنفّذها إسرائيل في الظاهر فوق أرض السودان، سوريا أو لبنان. ليس واضحًا دائمًا ما الذي تمّت مهاجمته وأية أضرار حدثت للمخازن المختلفة أو للقوافل المختلفة لأنّ التنظيمات والحكومات في تلك الدول لا ترغب بتوفير معلومات غير ضرورية للإعلام بخصوص علاقاتها بتهريب الأسلحة غير القانونية. كشفت إسرائيل عن عدد من سفن السلاح التي كانت في طريقها إلى غزة.
وحتى ننعش الذاكرة: في آذار عام 2011 أمسكت قوة من الكوماندوز التابعة للسرية 13 وسرية قوارب الصواريخ التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي بالسفينة Victoria. هرّبت السفينة، التي كانت تقع تحت ملكية ألمانية، وسائل قتالية إيرانية عن طريق سوريا وتركيا وكان هدفها حركة حماس في القطاع. تمّ شحن السفينة بداية في ميناء اللاذقية في سوريا بوسائل قتالية إيرانية ممزوجة بسلع مدنية. ومن هناك خرجت إلى ميناء مرسين في تركيا، ثم كانت في طريقها إلى ميناء العريش في مصر وعليها حاويات تمّ فيها تخبئة نحو 50 طنّا من الوسائل القتالية.
وقد تمّ تنفيذ أحدث نموذج تصدّر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم في الخامس من آذار عام 2014. أمسكت وحدة من الكوماندوز البحري التابع للسرية 13 وقوارب الصواريخ التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي بسفينة الشحن KLOS C، التي حاولت أن تهرّب وسائل قتاليّة من إيران، تم تمرير بعضها جوّا كما يبدو من سوريا، وخُصّصت للتنظيمات الفلسطينية الإرهابية في سيناء أو قطاع غزة.
في خط واحد مع سرية الأركان العامة ووحدة الكوماندو البحرية المعروفة باسم "شايطيت 13"، تقف شالداغ كواحدة من ثلاث وحدات الكوماندو الاستثنائية والسرّية في الجيش الإسرائيلي. ماذا يفعل رجال الشالداغ التابعون لسلاح الجوّ؟ كل ما يُسمح بالحديث عنه
استمرارًا للاستعراض الخاص الذي نقوم به مرة كلّ عدّة أسابيع حول وحدات خاصة في الجيش الإسرائيلي، نقدّم لكم هذه المرة قصة وحدة شالداغ. ليست معروفة إطلاقًا، ومن خلال القليل الذي يمكن أن نعرفه عنها تظهر صورة سرّية وبالأساس مثيرة للفضول.
وحدة شالداغ هي وحدة كوماندو في سلاح الجوّ الإسرائيلي، نخبوية وسرية، وبالتالي هناك حظر على تفاصيل أهدافها ونشاطاتها خلال السنين. ما يمكن قوله هو أنّ شالداغ تعمل في الهجوم وفي النشاطات الاستخباراتية في العديد من القطاعات، حتى وراء خطوط العدوّ، وأنّ جنودها يشاركون في عمليات خطرة مستخدمين مؤهّلاتهم الجسدية والعقلية، معرفة المنطقة وتشغيل تقنيات القتال المتقدمة.
وتشارك شالداغ بشكل أساسيّ في العمليات الجوية لسلاح الجوّ. ويمكننا أن نفهم نشاطها قليلا من خلال التقارير التي تفيد بأن الوحدة قامت بتأمين “عملية موسى” و”عملية سليمان” لجلب اليهود من إثيوبيا، وشاركت في عمليات الإغاثة الإنسانية في أعقاب كوارث في جميع أنحاء العالم. وقد انكشفت بعض نشاطات الوحدة خلال حرب لبنان الثانية، وذلك حين خلّص فريق الوحدة جثة الميكانيكية المنقولة جوًّا وذلك حين تحطّمت مروحية الهليكوبتر التي كانت تستقلّها في عمق الأراضي اللبنانية. وعلى مرّ السنين، انتشرت شائعات مصدرها صحف أجنبية، تدّعي أن الوحدة شاركت في عملية “أوبرا” لقصف المفاعل النووي العراقي عام 1987.
من المعتاد جعل شالداغ في صفّ واحد مع سرّية الأركان العامة والسرّية 13 (شايطيت 13)، حيث تحظى هذه الوحدات الثلاث بأجود الموارد البشرية، وبمعدّات متطوّرة وقدر كبير من الميزانية. في معظم الحالات فإنّ نشاطات هذه الوحدات الثلاث عمليّاتية وتخترق عميقًا وبعيدًا عن الأراضي الإسرائيلية، في ظروف قاسية وسيناريوهات معقّدة. ويقوم الجيش الإسرائيلي برعايتها كي تتمكّن من تحقيق النتائج العمليّاتية المطلوبة منها.
رمز الوحدة هو طائر الرفراف، سمّيت الوحدة باسمه وهناك من يقول بأنّه تم اتّخاذ الاسم عن اقتباس لديفيد ستارلينج، الذي قال بأنّ وحدته ستهبط على العدوّ كما يهبط الرفراف على فريسته. وستارلينج هو مؤسس الـ SAS البريطاني، والتي تم استمداد سرّية الأركان العامة منها، ووحدة شالداغ بدورها إلهام.
تأسيس الوحدة
تأسست وحدة شالداغ عام 1974، في أعقاب دروس استفيدت من حرب تشرين، الحرب التي لم تكن تعتبر فيها سرّية الأركان العامة وحدة نخبة. عملت الوحدة في بداية طريقها ككتيبة احتياطية لسرّية الأركان العامة. وفقط بعد عدّة سنوات تحوّلت إلى ذراع عمليات مباشرة ومنظّمة لسلاح الجوّ. في قائمة قادة الوحدة على مر السنوات (من القادة الذين يمكن الكشف عنهم)، تتواجد أسماء محاربين جريئين وقادة عظماء، ممّن ترقّوا في الجيش الإسرائيلي لمناصب كبيرة، ومن بينهم: تال روسو، جال هيرش، بيني غنتس، أليك رون، دورون ألموغ وغيورا عنبار.
العملية الأكثر سرّية
عمليات قليلة اشتركت فيها شالداغ يتمّ السماح بنشرها فقط، ويُحظر نشر تفاصيل مهمّتها الرئيسية. مع اندلاع القتال في حرب لبنان الأولى (1982)، عملت شالداغ بواسطة قوّتين رئيسيّتين: الأولى وصلت لمنطقة البقاع في لبنان، التي كان يسيّطر عليها الجيش السوري، وساعدها سلاح الجوّ في تدمير بطاريات صواريخ أرض-جوّ ومدافع مضادّة للطائرات. أما القوة الثانية فقد احتلّت المتحف في بيروت، والذي تحصّن فيه الكثير من الإرهابيين، وشاركت في معارك أخرى داخل المدينة ضدّ مقرّات منظمة التحرير الفلسطينية المحصّنة. قبل معركة المتحف، وجد ضابط الاستخبارات التابع لوحدة لشالداغ تخطيطًا دقيقًا للمبنى في الأرشيف الوطني في بيروت، وبعد ذلك دخل المحاربون في وقت واحد من خلال الفتحات وأغاروا بإطلاق النار والقنابل على الإرهابيين المحصّنين المدهوشين. وصف روسو، الذي كان حينذاك قائدًا لإحدى كتائب الوحدة، في مُقابلة في الماضي قائلا: “وضعنا مادّة متفجّرة على جدار المبنى. ظنّنا أن يُنشئ ذلك ثقبًا في الجدار، ولكننا في الواقع قمنا بتفجير المكتبة الوطنية في بيروت، وهطل عليها وابل من الأوراق. وقد اقتحموا المتحف تحت نيران الـ آر.بي.جي”. أدار محاربو شالداغ المعركة أمام رجال فتح المتوزّعين بين التحف القديمة.
أخذت شالداغ دورًا رئيسيًا في “عملية موسى” لجلب يهود إثيوبيا للبلاد، بين عامين 1984 – 1985. وقد نشطت بشكل كبير في المجال حتى تم الكشف عن العملية في الصحافة الإسرائيلية. في عام 1991 ازداد الوضع سوءًا وقررت دولة إسرائيل بأنه يجب نجدة يهود إثيوبيا وإحضارهم إلى إسرائيل بسرعة. خلال 34 ساعة، تم جلب نحو 14,400 يهودي إلى البلاد في “عملية سليمان”. وقال ضابط سابق في شالداغ في عام 2010: “أذكر أن كل الوحدة كانت مطلعة على العملية. وسمع الجميع عنها وأرادوا المشاركة. واتصل الكثير من جنود الاحتياط وقالوا: “أنا أريد المشاركة أيضًا”. اخترعنا الأدوار والمهامّ من أجل أن يشترك أكبر عدد ممكن. وكان إحساس لدى الجميع بأننا ذاهبون للخروج من مصر”.
ومجدّدًا في قضية لبنان، شاركت الوحدة في عمليات “تصفية الحساب” (1993) و”عناقيد الغضب” (1996). وبعد نشاطها في عملية “عناقيد الغضب”، تحت قيادة جال هيرش (في وقت لاحق كان قائد شعبة الجليل خلال حرب لبنان الثانية)، تلقّت شالداغ ميدالية رئيس الأركان.
وكجزء من الحفاظ على الكفاءة الحالية لفرق القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، تم دمج وحدة شالداغ أيضًا في نشاطات خلال انتفاضة الأقصى. شاركت شالداغ في جزء من العمليات وفي استهدافات كثيرة. من بين أمور أخرى، نفذت الوحدة في تشرين الثاني عام 2000 استهدافًا وقتلت جمال عبد الرازق، قائد كتائب شهداء الأقصى في رفح.
في حرب لبنان الثانية قاتلت شالداغ في عدة عمليات، من بينها عملية “سهل وبسيط” بالتعاون مع سرّية الأركان العامة، والتي تضمّنت اختراقًا لمقرّ حزب الله في مستشفى في بعلبك. جمع محاربو الوحدة المعلومات الاستخباراتية والوسائل القتاليّة الكثيرة، وقتلوا تسعة عشر إرهابيًا واحتجزوا أسرى.
الجميع يعرفون أنّ…
في الواقع لا نعرف عن شالداغ كثيرًا، ونخمّن فقط وفقا للمعلومات التي سمح بنشرها على مرّ السنين. تميل وحدات مثل شالداغ إلى إثارة الخيال، وكونها معروفة بـ “الشقيقة الصغرى لسرّية الأركان العامة”، أمر يضيف الفضول فقط. تعتبر شالداغ واحدة من وحدات الكوماندو المختارة في الجيش الإسرائيلي. في الجيش كلّ وحدة ثالثة يمكن تسميتها “خاصة”، بل إنّ شالداغ (جنبًا إلى جنب مع سرّية الأركان العامة والسرّية 13) تقف فوق الجميع. ماذا يقول ذلك؟ بأن النشاط السرّي الذي تحت أمانتها ظهر وكأنه مهمّ جدّا، وأيضًا كما يليق بمحاربي كوماندو المختارين، فإنّ محاربي شالداغ مزوّدون بمجموعة متنوعة من المؤهلات المطلوبة التي تتجاوز كثيرًا أغراضها المميّزة والمحدّدة. وهذا تحديدًا هو الفرق بين محاربي الكوماندو ومحاربي الوحدات الخاصة؛ فمحاربو الكوماندو مؤهلون تقريبًا لكل أنواع القتال، وبأي صورة، من أجل أن يتمكّنوا من العمل بالشكل الأفضل في جميع الظروف.
يطلق محاربو شالداغ أنفسهم على الوحدة اسم “الكتيبة”. وماذا يقولون عن أنفسهم؟ “حين نموت فسنصل إلى الجنة، لأنّنا كنّا في الجحيم سابقًا”، وهناك أيضًا “الجريء هو من يفوز”، ولكن يبدو أنّ التقليد الأرجح والذي يتبنّونه هو أنّهم “سلالة نادرة، طائر غريب”.