كان لنساء السياسة الإسرائيلية في العامين الماضيين، أي في فترة حكومة بنيامين نتنياهو المنتهية عهدها في غضون أشهر، دور بارز، إذ أثرن في مجريات الأمور في إسرائيل، إن كان في السياسة الخارجية أو في السياسة الداخلية، مثبتات أن السياسة ليست ساحة متاحة للرجال فقط. ففي الخارج، قامت تسيبي ليفني، السياسية المرموقة، بإدارة ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مدافعة، رغم المصاعب، عن مسيرة السلام لتحقيق حل “الدولتين لشعبين”، وفي الداخل تعالى صوت النائبتين ميري ريغف وأييلت شاكيد، وبرز نشاطهن ذو الطابع اليميني في الكنيست. إليكن قائمة بخمس سياسيات أثّرن وغيّرن:
تسيبي ليفني- سياسية لا تكل ولا تمل
بدا في نهاية الانتخابات الأخيرة في إسرائيل، عام 2013، أن تسيبي ليفني أنهت دورها الريادي في السياسة الإسرائيلية بعدما حاز حزبها الجديد “هتنوعا” (الحركة)، بعد انشقاقاها عن حزب كاديما، على 6 مقاعد فقط. وكتب حينها المحللون الإسرائيليون أن ليفني أصحبت على هامش السياسة الإسرائيلية، وانضمامها إلى حكومة نتنياهو ما هو إلا خطوة بائسة تدل على أن ليفني تريد البقاء في الساحة السياسية بأي ثمن كان، حتى بثمن الجلوس إلى جانب نتنياهو، عدوها اللدود ومن خطف منها حلم رئاسة الحكومة الإسرائيلية في عام 2009.
لكن الأشهر الأخيرة بيّنت غير ذلك، فقد برزت ليفني من خلال منصبها وزيرة العدل، مدافعة عن الديموقراطية الإسرائيلية، ومنتقدة لاذعة لنزوات اليمين السياسي ولمشاريع قوانين تنافي الروح الديموقراطية لإسرائيل أو أخرى تحاول الحد من قوة محكمة العدل العليا. وآخر شهادة لتألق ليفني في عملها جاءت من مستشار الحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، والذي أشاد بعمل ليفني وبحرصها على الحافظ على استقلالية القضاء الإسرائيلي.
يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني مع عاموس يدلين (Flash90)
وعدا عن دورها كوزيرة للعدل، تُعد ليفني واحدة من الشخصيات المركزية في الانتخابات القريبة. فبعد انضمامها إلى حزب العمل والاتفاق مع رئيس حزب “العمل” بوجي هرتسوغ، على تناوب منصب الحكومة في حال فوز الثنائي في الانتخابات، أصبحت تسيبي من قادة عنصرا أساسيا في كتلة اليسار – المركز المتبلورة لصدّ كتلة اليمين – حاريديم والتي يعمل بنيامين نتنياهو على تقويتها.
أييلت شاكيد- حسناء البيت اليهودي
التصق بالنائبة عن حزب البيت اليهودي، أييلت شاكيد، لقبان، الأول أنها حسناء اليمين في إسرائيل، والثاني أنها متطرفة، وهذا اللقب الثاني ترفضه النائبة شاكيد ، قائلة إنها “يمينية، وصاحبة آراء راسخة”. لكن مواقف شاكيد السياسية التي تنسجم مع مواقف حزبها على نحو كبير، تميل إلى التطرف قياسا بطيف التوجهات السياسية في إسرائيل، فهي تشدّد على الهوية اليهودية للدولة على حساب الديموقراطية، ولا تؤمن بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
عضو الكنيست أييلت شاكيد (Hadas Parush/Flash 90)
وكانت شاكيد في عين العاصفة في الأشهر التي سبقت إعلان حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، إثر “قانون القومية” أو قانون يهودية إسرائيل حسب تسمية أخرى، علما أنها واحدة من المبادرات لهذا القانون وأقوى المدافعين عنه. وتعكف النائبة عن البيت اليهودي على دفع القيم اليهودية من خلال عملها البرلماني قدما، لكنها من ناحية أخرى ترأس لجنة برلمانية خاصة بدمج اليهود المتدينين في الجيش الإسرائيلي، مما أقام عليها معارضة من اليهود المتزمتين أيضا.
وتمثل شكيد، أكثر من غيرها، روح حزب “البيت اليهودي” المحسوب على تيار “اليهودية – الصهيونية” في إسرائيل، بحيث أنها تركز على نشاطاتها في مجال التربية وتعمل على زيادة “جرعة” المواد التي تتعلق بتاريخ اليهود في المدارس الإسرائيلية.
وبالنسبة للانتخابات، تشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن عدد مقاعد البيت اليهودي في تزايد وأن الحزب “لا خوف عليه” في الانتخابات القريبة، وتتمتع شاكيد، على غرار حزبها، بشعبية متزايدة في الأوساط الإسرائيلية، خاصة في أوساط المستوطنين، وأغلب الظن أن تتقدم شاكيد في قائمة الحزب المرشحة للكنيست والذي حاز على 12 مقعدا في الانتخابات الأخيرة حيث كانت شاكيد في المكان الخامس.
ستاف شافير- من قلب الاحتجاجات إلى الكنيست
دخلت ستاف شافير، نائبة عن حزب “العمل”، وأصغر السياسيين سنا في الكنسيت الإسرائيلي (29 عاما)، البرلمان الإسرائيلي بعد أن سطع نجمها في صيف 2011، خلال الاحتجاجات الشعبية ضد غلاء المعيشة في إسرائيل. ورغم أنها دخلت السياسة صغيرة، إلا أن نضالها الاجتماعي استمر بقوة كما في الاحتجاجات، محرزة انتصارات عديدة في مجال السكن وحقوق العمال في إسرائيل من خلال التشريع في الكنيست.
ستاف شافير النائبة عن حزب العمل (Noam Revkin Fenton/Flash90)
وتهتم شافير، السياسية الشابة، بأن تتبع أسلوبا خاصا بها لنشر أفكارها السياسية، فقد قامت مؤخرا بإقامة حفل كوميدي ساخر، شمل نكتا كثيرة على حساب السياسيين الإسرائيليين، أمام جمهور من الشباب في تل أبيب. ويتصدر موضوع السكن والشقق في إسرائيل المواضيع الاجتماعية التي تناضل شافير من أجلها، خاصة السكن الخاص بشريحة الشباب التي أصحبت غير قادرة على اقتناء بيت في إسرائيل بسبب غلاء المعيشة.
ماذا ينتظر شافير في انتخابات 2015؟ من المتوقع أن تواصل شافير في رفع الراية الاجتماعية، مشجعة الجيل الصاعد في إسرائيل على خوض السياسة وعدم اخلاء الساحة السياسية للكبار فقط.
ميري ريغف- أسلوب فظ ومثير للجدل
يتعجب كثيرون من الحقيقة أن ميري ريغف، نائبة عن حزب “ليكود”، وإحدى الشخصيات البارزة فيه، بأسلوبها الفظ، كانت في السابق المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي. كيف؟ يسأل هؤلاء، وقع الاختيار على ميري ريغف وهي لا تجيد الديبلوماسية ولا الاعتدال في طرحها للقضايا. فعدا عن آرائها اليمينية البارزة، اشتهرت ميري ريغف بأمرين خلال ولاية الحكومة الأخيرة. الأول، حربها ضد المتسللين الأفارقة في إسرائيل، والثاني، مشاداتها مع أعضاء الكنيست العرب.
ميري ريغف (Flash90/Yonatan Sindel)
وقد تصدرت اللجنة التي ترأستها، لجنة الداخلية التابعة للكنيست، عناوين الصحف الإسرائيلية مرارا وتكرارا، وكان السبب على الأغلب مشادات نشبت بينها وبين النواب العرب في اللجنة. وأبرز هذه المعارك جرت مع النائب أحمد الطيبي الذي دعا ريغف في أكثر من مناسبة إلى أن تتناول “الحبوب المسكنة”، وهي بدورها دعته إلى الذهاب إلى فلسطين إن كانت إسرائيل لا تروق له.
وتدفع ريغف في الحاضر، امتدادا لقانون إسرائيل “دولة يهودية”، مشروع قانون جديد بعنوان “قسم الولاء لدولة إسرائيل” يطالب نواب الكنيست، بما في ذلك العرب، تأدية قسم الولاء لدولة إسرائيل، مما ينذر بنشوب عاصفة جديدة في إسرائيل.
ونشير إلى أن حظوظ ريغف في الانتخابات القادمة ما زالت عالية، خاصة أنها جمعت حولها جمهورا واسعا في حزب ليكود، ونجحت في التقدم في قائمة حزب ليكود لمكان يضمن لها دخول الكنيست.
سارة نتنياهو- زوجة الزعيم
سارة نتنياهو ليست سياسية. لم يخترها أحد لتشغل منصبا سياسيا، لكنها زوجة زعيم كتلة اليمين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وهذا اللقب الأخير يجعلها، بإرادتها، واحدة من النساء اللواتي “تحل وتربط” في السياسة الإسرائيلية.
وينسب محللون في إسرائيل قرارات سياسية هامة يتخذها نتنياهو وتعيينات يقوم بها إلى زوجته سارة. وكثيرا ما كتب في الصحافة الإسرائيلية عن شخصيات انضمت إلى ديوان نتنياهو أو غادرته لأن سارة نتنياهو أعجبت بالشخص أو لم تعجب. وواحد من هؤلاء كان زعيم الحزب اليهودي، نفتالي بينت، الذي غادر مكتب نتنياهو قبل أن يصبح سياسيا “ثقيلا” في السياسة الإسرائيلية، لأن “سارة لم تتحمّله”.
سارة نتنياهو تستقبل رئيس الحكومة اليباني (GPO)
وبعض المحللين ربما يبالغون في القوة التي ينسبونها لسارة، مشيرين إلى أنها تتحكم بنتنياهو كليا، حتى أنها دفعت زوجها لخوض حرب على قطاع غزة. إذن تؤدي سارة نتنياهو دورها السياسي في الكواليس، وغير ذلك فهي تظهر كثيرا إلى جانب زوجها في المناسبات الرسمية مذكرة الجمهور أن “خلف كل زعيم قوي امرأة قوية”.
واتصلت بسارة شكاوى كثيرة من قبل العاملين في بيت نتنياهو، إذ ادعى كثيرون ممن عملوا في بيت سارة أنهم تلقوا منها معاملة سيئة وأنها امرأة تعامل البشر باستعلاء، وتقوم بإهانة كل من لا يعجبها.
أما في ما يتعلق بالانتخابات القادمة، فمصير سارة مقرون بمصير نتنياهو، فإذا بقي هو رئيسا للحكومة فستبقى سارة تتدخل في السياسة الإسرائيلية في الكواليس.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني