ربما تكون وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف، الشخصية الأكثر تلونا، الأبرز، والأكثر إثارة للجدل في السياسة الإسرائيلية. ففي نهاية الأسبوع الماضي، تصدر اسمها العناوين بعد أن رافقت بعثة رياضية إسرائيلية إلى بطولة الجودو “جراند سلام”، التي أجريت في أبو ظبي. شجعت ريغيف التي انضمت إلى البعثة كضيفة رسمية من قبل اتحاد الجودو العالمي، المتنافسين الإسرائيليين، الذين تنافسوا للمرة الأولى في أبو ظبي وهم يستخدمون شعارات وطنية.
مَن شاهد الصور في النت في نهاية الأسبوع الماضي، كان سيعتقد أن الوزيرة ريغيف هي سفيرة التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي. لقد أجرى كبار المسؤولين في اتحاد الجودو في الإمارات العربية استقبالا حارا لريغيف، وشعر الكثير من الإسرائيليين بفخر، فيما أعرب آخرون عن ردود فعلهم التهكمية. انشترت صورة ريغيف وهي تصافح يد رئيس اتحاد الجودو الإماراتي في مواقع التواصل الاجتماعي سريعا، وقد انتقد بعض المتصحفين محاولات ريغيف لجذب الانتباه، بالمقابل أثنى بعض المتصفحين على نشاطاتها من أجل تقريب القلوب والتطبيع.
تبلغ ريغيف 53 عاما، وأصل والدها من المغرب، أما والدتها فهي من إسبانيا. بدأت ريغيف طريقها السياسية في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في الثمانينات، ثم تقدمت وشغلت منصب المتحدثة باسم الجيش. أثار منصب ريغيف بصفتها المتحدثة باسم الجيش في حرب لبنان الثانية انتقادات في إسرائيل، إذ اعتقد الكثيرون أنها تعمل على “دفع” مكانة الجيش ورئيس هيئة الأركان قدما، وأثارت مقابلاتها معارضة وفق رأيهم.
في عام 2008، انضمت ريغيف إلى حزب الليكود، ومنذ عام 2009، أصحبت تشغل منصب عضوة كنيست نيابة عن هذا الحزب. خلال وقت قصير، أصبحت ريغيف السياسية الأكثر شعبية في الليكود بعد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وهناك من ينسب هذا إلى دعمها “الأعمى” لنتنياهو وزوجته. يذكر معارضو ريغيف في أحيان كثيرة أن إدارتها غير لائقة، وينقصها الأساس الأيدولوجي الحقيقي.
في أيار 2015، عُيّنت ريغيف وزيرة الثقافة والرياضة، ومنذ ذلك الحين أصبحت تتصدر العناوين الرئيسية الإسرائيلية في أحيان قريبة. تسبب منصبها بخلافات بينها وبين فنانين، إذ ادعى جزء منهم أن ريغيف لا تموّل أعمال فنية لا ترغب فيها. في لقاء مع فنانين، ادعت ريغيف أن الليكود حصل على 30 مقعدا، لهذا بصفتها عضوة الليكود هي التي تقرر من يتمتع بميزانية وزراة الثقافة والرياضة. من بين خلافات أخرى، دار خلاف بين ريغيف والممثل العربي، نورمان عيسى، الذي رفض المشاركة في عرض في غور الأردن، لهذا انشترت حملة احتجاجية وقع عليها مئات الأشخاص.
في أيلول 2015، نشرت ريغيف المعايير الخاصة بوزارة التربية والثقافة لتمويل مؤسسات ثقافية. من بين المعايير لعدم التمويل: مَن ينكر وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، من يحرض على العنصرية، العنف والإرهاب، مَن يذكر يوم استقلال إسرائيل كيوم حزن، مَن يرتكب أعمال تلحق ضررا برموز الدولة، مَن يقاطع إسرائيل أو يناشد مقاطعتها.
في الأسبوع الماضي، أثارت ريغيف غضبا لدى فنانين إسرائيليين مرة أخرى، بعد أن صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع قانون “الولاء في الثقافة”. يُفترض أن يلغي مشروع القانون الذي بادرت إليه ريغيف تمويل هيئات ثقافية “تسعى” إلى زعزعة قيم الدولة ورموزها. مثلا، لن تحصل المؤسسات الثقافية التي تمس برموز الدولة أو التي تحتقرها على ميزانيات.
ردا على المصادقة على مشروع قانون “الولاء في الثقافة”، هاجم الممثل نورمان عيسى ريغيف والحكومة قائلا: “هذا العار سيظل خالدا إلى الأبد. لن تنجح ريغيف في إسكات صوت أي شخص كان. يجب على المواطنين المعارضة حتى إلغاء هذا المشروع القذر. تعيدنا ميري إلى الماضي، إلى القوانين المجحفة التي سادت في عصر البريطانين”. كذلك، جرت في تل أبيب، أمس السبت، تظاهرة ضد مشروع القانون الخاص بريغيف، وشارك فيها فنانون إسرائيليون كثيرون، ناشدوا الدولة بإلغاء القانون والامتناع عن تقييد حرية الإبداع والتفكير.