غزة هي دولة فلسطينية. لمزيد من الدقة هي دويلة. صحيح أنه من المفترض أن تُضم إلى منطقة الضفة الغربية بهدف أن تصبحا معا دولة فلسطينية كبيرة – لكن لا يمكن تجاهل أن الحديث يدور عن دولة فلسطينية. كل سكانها هم فلسطينيون – أصر أريئيل شارون على إخراج كل اليهود من القطاع (بموجب خطة الانفصال عن غزة)، ويعتقد معظم الفلسطينيين أن هذا يشكل شرطا لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية. يوجد في غزة حكومة، وجيش، وشرطة، ومحاكم لتحقيق العدل – نوعا ما من العدل. غزة لا تخضع لأي احتلال. إنما هي دولة فلسطينية سيادية.
كانت لدى الفلسطينيين خلال السنوات العشر الأخيرة فرصة لأن يُظهروا للعالم كيف تُدار الدولة الفلسطينية، وكيف تعمل الحكومة الفلسطينية من أجل رفاهية السكان الفلسطينيين تحت حكمها. عمليا فشلت هذه الدولة.
منكم من سيعارضني ويقول: غزة تعيش تحت حصار إسرائيلي. كيف يمكن التقدم في ظل هذه الظروف؟ وجوابي هو: في الحقيقة، لا يوجد حصار محكم لأن مئات الشاحنات تنقل البضاعة والمنتجات إلى غزة يوميا تقريبا، وتعمل إسرائيل على توفير معظم الكهرباء. الفلسطينيون هم المسؤولون عن “الحصار”. لو أن حماس لا تعكف على تهريب الصواريخ إليها وتجميعها -صواريخ معدّة لإطلاق النيران نحو المدن والبلدات الإسرائيلية في أحيان قريبة- كانت ستُلغى كل القيود التي فرضتها إسرائيل منذ زمن. ولو عمل حكام غزة على إقامة علاقات جيدة مع جيرانهم المصريين كان يمكن العبور بحرية عبر الحدود المصرية.
ولكن في ظل الظروف الحالية، ما الذي فعلته حكومة حماس في غزة من أجل السكان الفلسطينيين؟ تدفقت أموال كثيرة من مصادر مختلفة إلى غزة طيلة السنوات، ودُفعت ضرائب مقابل كل ما نجحت حكومة غزة في وضع يدها عليه. استُخدم معظم المال لشراء صواريخ وحفر الأنفاق في الأراضي الإسرائيلية، أو أنه دُفِع للموظفين الفاسدين، بدلا من أن يُستثمر في البناء، التربية، ورفاهية المواطنين. حماس لم تنجح في إقامة دولة فلسطينية، هذا مؤكد. وضع الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية في ظل “الاحتلال” الإسرائيلي أفضل بكثير من وضع السكان في غزة. قبل أن تحصل غزة على استقلالها كان وضعها أفضل مقارنة بوضعها في يومنا هذا.
هناك ادعاء يقول إنه في حال لم يتحسن وضع الفلسطينيين في غزة، فسيُطلق حكامها المزيد من الصواريخ باتجاه إسرائيل. وفق المنطق غير السليم هذا، على إسرائيل أن توفر لغزة الكهرباء وأن تتيح المزيد من نقل البضائع لسكانها. المنطق وراء هذا الادعاء أن هذا سيمنع شن جهوم من غزة على إسرائيل. بكلمات أخرى، يجب إطعام الفريسة لئلا تهاجم. مَن يطالب بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، يُستحسن أن ينظر عن كثب إلى الدولة الفلسطينية القائمة في غزة. هل ستكون الدولة الفلسطينية مغايرة للدولة القائمة في غزة – أم أنها ستكون أسوأ من وجهة نظر إسرائيل؟ يبدو حل “دولتَين لشعبَين” الذي يرفضه محمود عباس أفضل نظريا، ولكن قد يؤدي إلى المزيد من الحروب والمعاناة في المنطقة.
ولكن، ليس الإسرائيليين لوحدهم يجب أن يكونوا قلقين من تداعيات إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية – إنما على الفلسطينيين أيضا أن يسألوا أنفسهم ما مدى فائدة هذه الخطوة بالنسبة لهم. فقد يجدون أنفسهم في وضع أسوأ من وضعهم اليوم. هل هم يريدون حقا أن يتشاطروا مصيرهم مع مصير الفلسطينيين في غزة؟.
الفلسطينيون الذين يؤمنون أن عليهم مهاجمة اليهود بموجب التعاليم الدينية لن يقتنعوا بالمنطق الذي طرحته بالتأكيد. فالفلسطيني من دير أبو مشعل الذي طعن المجندة الإسرائيلية هداس مالكا في باب العامود في القدس، ترك رسالة لوالدته وعدها فيها أنهما سيلتقيان معا في جنة عدن. وربما لأن الدولة الفلسطينية التي قد تقوم لن تكون جنة عدن على الأغلب.
قال مسؤول رفيع المستوى من رام الله اليوم صباحا إلى صحيفة “إسرائيل اليوم” إنه أثناء لقاء جمع الرئيس ترامب ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، الذي أجري وجهًا لوجه في مكتب رئيس السلطة في الموقع الرئاسي في بيت لحم، أوضح ترامب لأبو مازن أنه ينوي قيادة خطوة سياسية تستند إلى مبادرة سلام عربية – سعودية.
ويتضح من أقوال المسؤول الفلسطيني أن الرئيس ترامب أخبر رئيس السلطة الفلسطينية أثناء لقائهما في بيت لحم أنه يبلور خطوة سياسية تستند إلى دفع برنامج إقليمي شامل، في إطار مبادرة السلام العربية أولا.
وفق أقوال المسؤول الفلسطيني التي نُشِرت اليوم صباحا (الخميس) في صحيفة “إسرائيل اليوم”، فقد أكد ترامب لأبو مازن أن الحديث لا يدور عن تنازل عن رؤيا حل الدولتين كأساس لاتفاق سلام مستقبلي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث ستُقام بموجبه دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، بل أن الرئيس الأمريكي معني بفحص إمكانيات أخرى والعمل “خارج المألوف”. من بين هذه الإمكانيات العمل على دفع برنامج سلام عربي – سعوديّ قدما في البداية، ومن ثم بلورة اتفاق مرحلي، يتطرق الجانبان في إطاره إلى سُبل التوصل إلى اتفاق دائم يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة وإعلان كلا الجانبين عن إنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وفق أقوال المسؤول الفلسطيني، تحدث الرئيس ترامب أمام أبو مازن عن أهم أسس البرنامج الذي يبلوره بشكل عامّ ولم يتطرق إلى تفاصيله، إلا أنه وفق أقوال الرئيس، يتضح أن أمريكا معنية بدفع برنامج سلام عربي قدما حيث يبدأ بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية السنية المعتدلة.
زيارة الرئيس الأمريكي ترامب الى المقاطعة في بيت لحم (Flash90)
من ثم، وفق تقدم مبادرة السلام العربية، ستعمل أمريكا على دفع مفاوضات مباشرة ومكثّفة قدما بين إسرائيل والفلسطينيين حيث سيُحدد موعدها مسبقا، وفي إطارها يعمل الجانبان من أجل التوصل إلى حل للقضايا الرئيسية، وأهمها رسم حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، مكانة القدس والأماكن المقدسة، مصير المستوطنات الواقعة خارج البؤر الاستيطانية الكبيرة، حقّ العودة، وغيرها.
حتى الآن، اشترط الفلسطينيون، لا سيما الدول العربيّة المعتدلة الموقّعة على مبادرة السلام العربية، دفع مبادرة شاملة قدما من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعشرات الدول العربيّة والإسلامية بحل القضية الفلسطينية أولا، عودة إسرائيل إلى حدود 67، إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بالتوصل إلى حل عادل لحق العودة وقضايا أخرى معرّفة كقضايا أساسية.
وأوضح ترامب لأبو مازن أن العملية المتبلورة، التي ستبدأ بموجبها السعودية، لا سيما دول الخليج العربي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، تحظى بدعم أولي في الرياض، في دول الخليج العربي، الأردن، ومصر. وقال المسؤول الفلسطيني أيضا إن الحديث يدور عن عملية تستند إلى الاعتراف بشكل أساسي فقط، أي اعتراف السعودية والدول العربية والإسلامية المعتدلة الأخرى بدولة إسرائيل وحقها في الوجود، وليس عن تطبيع العلاقات حتى توقيع اتفاق سلام وإقامة سفارات في إسرائيل والدول العربية.
وأضاف المسؤول الفلسطيني قائلا: “أوضح رئيس السلطة الفلسطينية للرئيس الأمريكي أن الفلسطينيين يعارضون بحزم العملية المتبلورة، ولكن وفق أقوال المسؤول فهذا “أكثر ما أثار قلقا لدى أبو مازن. فالتقارب السري بين إسرائيل والسعودية ودول الخليج العربي، بدعم الإدارة الأمريكية والدول العربية مثل مصر والأردن، لا يساعد على حل القضية الفلسطينية، بل يُبعد أي حل عادل. في غضون ولاية ترامب القصيرة تعلمنا أن كل شيء ممكن من جهته”.
وفق أقوال المسؤول الفلسطيني، لم يتفاجأ أبو مازن من حقيقة أن مصر والأردن أعربتا عن موافقتهما الأولية للعملية، فهما الدولتان الأولتان اللتان وقعتا على اتفاقية سلام مع إسرائيل من دون التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. حتى أن المسؤول أوضح أن دعم الأردن ومصر للبرنامج الذي يبلوره الرئيس ترامب أدى إلى غضب الفلسطينيين، لا سيما تجاه الأردن، وإلى توتر بين رئيس السلطة والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
يعيش نحو مليون وأربعمائة ألف شاب فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهم ليسوا راضين عن وضعهم الاقتصادي، الأمني، والاجتماعي. في حال لم يطرأ تغيير هام حتى عام 2018، فستندلع انتفاضة ثالثة صعبة
يعيش نحو مليون وأربعمائة ألف شاب في عمر 15—29 في يومنا هذا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهم يشكلون 30% من السكان الفلسطينيين. كما هي الحال في سائر الدول العربية، يعاني الفلسطينيون من زيادة سريعة في عدد السكان، تؤدي إلى ضرر بالنمو الاقتصادي.
في الوقت الذي ينشغل فيه زعماء المنطقة في التحضيرات لقمة سلام إقليمية برعاية أمريكية ستُعقد على ما يبدو في الصيف، وينشغل أبو مازن في الحرب اللانهائية ضد معارضيه، تصفية حسابات سياسية، وتحسين علاقاته مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ويكمل يحيى السنوار إجراءات دخوله لمنصبه الجديد ودخول القيادي في حماس، الحركة التي تسيطر على غزة بيد حديدية، وفي الوقت الذي تواصل فيه أجهزة الأمن الإسرائيلية مواجهة العمليات العدائية التي تحدث أحيانا، عمليات الدهس والطعن من قبل الشبان الفلسطينيين، وبينما ما زال السجناء الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يجرون مفاوضات حول شروط اعتقالهم، ويهددون بالإضراب الجماعي عن الطعام بقيادة مروان البرغوثي، هناك شعور عام من الغضب الجماهيري، في الداخل الفلسطينيي، يهدد بالاندلاع في وجه القيادة الفلسطينية وإسرائيل أيضا.
دوار المنارة رام الله (Flash90\Zack Wajsgras)
لفهم العمليات المختلفة التي يمر فيها الجيل الشاب في المجتمَع الفلسطيني (يتطرق المصطلح الشاب إلى الرجال والنساء في عمر 15-29)، جيل المستقبل الفلسطيني، حاولنا رسم خطوطه. حاولنا معرفة ما الذي يهتم به جيل المستقبل، ماذا يؤثر فيه، يحفزه، ممّ سئم، وهل سيشن هذا الجيل في المستقبَل القريب، انتفاضة عامة؟
في محادثة مع الباحثة الإسرائيلية حول المجتمَع الفلسطيني، دكتور رونيت مرزان، حاولنا رسم خطوط جيل المستقبل الفلسطيني. [(تم الحصول على المعطيات بالأرقام التي تظهر هنا من مصادر مختلفة: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أوراد – مركز العالم العربي للبحوث والتنمية، والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PCPSR)].
تدعي دكتور مرزان أن من بين الشبّان (في عمر 15-29)، فإن الشبان الذين يعربون عن غضبهم ضد إسرائيل من خلال عمليات الطعن، الدهس، وإلقاء الحجارة، في عدة مناطق في الضفة الغربية هم شبان عمرهم 15 حتى 19 عاما. وهم يشكلون نحو %40 من إجمالي السكان الشباب.
يؤمن 32% من الشبّان الفلسطينيين أن الاحتلال سيستمر إلى الأبد، على مدى 50 عاما إضافيا على الأقل. بالمقابل، يؤمن %53 أن الاحتلال سينتهي قريبا، خلال 5 حتى 10 سنوات
ثمة ظاهرة أخرى تحدث بين الشبّان في الدول العربيّة وهي الزواج في سن متأخر. هناك 16% من الشبّان (في عمر 15-29) متزوجون مقارنة بـ 41% من الفتيات المتزوجات. تكمن المشكلة المركزية في التكاليف المادية الباهظة للزواج. ثمة معطى آخر هام يشهد على ثقافة هؤلاء الشبان إذ إن %40 ينهون دراستهم الثانوية وتنهي مجموعة ضئيلة جدا، نسبتها %13 التعليم للقب الأول.
استعمال الإنترنت: يستخدم معظم الشبّان الفلسطينيين، 70%، الإنترنت في أحيان قريبة، بالمُقابل فإن %23 من الشبّان يعرفون كيف يتصفحون الإنترنت ولكنهم لا يفعلون ذلك، بالمُقابل، قال %7 فقط إنهم لا يعرفون كيف يتصفحون الإنترنت ولا يستخدمونه.
لا يرى الشباب الفلسطيني أي أفق سياسي (Flash90\Wisam Hashlamoun)
من جهة الضائقة التي يعاني منها الشبّان الفلسطينيون (وفق الاستطلاعات التي نُشرت عام 2016)، ادعى %79 من الشبّان الفلسطينيين أن المشكلة الرئيسية التي يرغبون في حلها هي إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلّة. أعرب %7 فقط أنهم معنيون بتحسين ظروف حياتهم. توضح دكتور مرزان أن إنهاء الاحتلال يعني بالضرورة تحسين وضع الشبان سياسيا، لا سيّما تحسين الوضعَين الاقتصادي والاجتماعي الصعبين. وفي هذا الصدد، يؤمن 32% من الشبّان الفلسطينيين أن الاحتلال سيستمر إلى الأبد، على مدى 50 عاما إضافيا على الأقل. بالمقابل، يؤمن %53 أن الاحتلال سينتهي قريبا، خلال 5 حتى 10 سنوات. إن الاعتقاد أن الاحتلال سينتهي سريعا، أقوى لدى الشبّان في غزة من الشبان في الضفة الغربية، في أوساط نشطاء حمساويين وأشخاص يعرفون أنفسهم متديّنين أكثر.
لماذا لا تندلع انتفاضة شاملة يشارك فيها فلسطينيون كثيرون، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، نقص الأفق السياسي، واستياء الشبان من القيادة الحاليّة في الضفة وقطاع غزة على حدِّ سواء؟
إذا لم تحدث عملية سياسية حتى عام 2018، وبقي وضع الشبّان الفلسطينيين دون تغيير، فإن احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة فلسطينية كبيرة وشاملة كبير جدا (Flash90\Hadas Parush)
تعتقد دكتور مرزان أن حقيقة عدم اندلاع انتفاضة مسلحة كبيرة وشاملة لا تشهد على الوضع الحقيقي للشبّان الفلسطينيين. فهي تعتقد أن هناك غضبا عارما بطيئا ومتواصلا نجح في جذب اهتمام زعماء الدول العربية أيضا.
فإذا لم يأخذ بالحسبان زعماء الدول العربيّة، حتى قبل بضع سنوات، رأي الشبّان الفلسطينيين، لأنهم كانوا مشغولين في ثورات داخلية، ففي الأشهر الماضية طرأ تغيير في وجهة النظر وبدأ الشبان الفلسطينيون يتصدرون سلم أولوياتهم ثانية. إثباتا على ذلك تشير دكتور مرزان إلى عقد مؤتمرات في القاهرة، إسطنبول، طهران، رام الله، والدوحة، للبحث في قضايا ذات صلة بالشبان الفلسطينيين وحقوق الإنسان.
ادعى %79 من الشبّان الفلسطينيين أن المشكلة الرئيسية التي يرغبون في حلها هي إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلّة (Flash90\Hadas Parush)
هناك دور مركزي للشبان الفلسطينيين فيما يحدث في المنطقة، وكلما ازداد غضبهم تزداد احتمالات حدوث مقاومة في الدول العربيّة ثانية. مثلا، كانت انتفاضة الأقصى (عام 2000) تجربة مصممة للشبان العرب، إذ شاركوا بعد مرور عقد في ثورات “الربيع العربي” وكسروا حاجز الخوف من السلطات العربية.
ثمة مثال على عقد مؤتمر للشبان، هو المؤتمر الذي نظمه محمد دحلان في القاهرة تحت شعار “شبابنا شركاؤنا”. عرض دحلان أمام المشاركين في المؤتمر وجهة نظره السياسية التي تتضمن دمجا بين المقاومة، الحل السياسي، والشراكة السياسية في الحلبة الداخلية، مؤكدا على الحاجة إلى الصمود أمام إسرائيل. حتى أن دحلان انتقد سياسة أبو مازن التهميشية بحق الشبّان الفلسطينيين. شارك في المؤتمر نحو 500 شاب وشابة من قطاع غزة، الضفة الغربية، لبنان، وأوروبا، واختُتِم بسلسلة من التوصيات لزيادة مشاركة الشبان في الحياة السياسية: تجنيد الأموال ودعم الأطر الاجتماعية مثل نواد رياضية وحركات كشافية معدة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أيضا؛ التعاون مع منظمات المجتمَع المدني والتربية على التعددية، العمل بموجب القانون، واحترام حرية الفرد.
كان التعاون بين القيادة المصرية، قيادة حماس، ومحمد دحلان من أجل تنظيم المؤتمر، جزءا من الجهود الشاملة لإعادة مكانة مصر بصفتها زعيمة العالَم العربي، ولطرح القضية الفلسطينية على سلم أفضليات الوطن العربي.
تعتقد دكتور مرزان أيضا أنه إذا لم تحدث عملية سياسية حتى عام 2018، وبقي وضع الشبّان الفلسطينيين دون تغيير، فإن احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة فلسطينية كبيرة وشاملة كبير جدا. ستكون هذه الانتفاضة موجهة بشكل أساسي ضد القيادة الفلسطينية، إخفاق الزعماء، ولكن ضد الاحتلال وإسرائيل أيضا.
ما هو الهدف من تهديد الأسرى الفلسطينيين بشن إضراب عن الطعام؟ هل يشكل هذا علامة أخرى على الغضب الجماهيري؟
مروان البرغوثي (Flash90)
تدعي دكتور مرزان أن الأسرى الفلسطينيين يمثلون إشارة لإمكانية اندلاع انتفاضة أو فوضى. فمثلا، قبل اندلاع انتفاضة الأقصى (عام 2000)، شن الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية إضرابا كبيرا عن الطعام وأثاروا فوضى. “يرغب البرغوثي في إشعال المنطقة خارج السجن. من جهته، تم إبعاده قسرا عن الخارطة السياسية الفلسطينية. ويبدو أن الطريق للوصول إلى مركز الأحداث هو عبر إشعال المنطقة”. وتعتقد دكتور مرزان أن المصلحة الإسرائيلية الأولى هي إطلاق سراح البرغوثي وبأسرع وقت، “فإذا بقي مسجونا سيُحدِث ثورة كبيرة خارج السجن. سيدفع هذا الوضع إسرائيل نحو التوصل إلى مفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى لتهدئة النفوس، مثلما حدث حتّى الآن”، تقول دكتور مرزان.
ماذا يحدث الآن؟ هل السنوار هو الرجل الصحيح في الوقت الصحيح؟
القيادي البارز في حركة حماس، يحيى السنوار (Flash90/Abed Rahim Khatib)
تتعرض محاولات حماس لعرض نفسها لاعبا سياسيًّا لصعوبات كثيرة. فقد حظرت نشاط حماس كل من السلطة الفلسطينية، إسرائيل، جزء من الدول العربيّة، والمجتمع المحلي، وفُرِض عليها وعلى مناطق نشاطها حصارا مستمرا، وخاضت مواجهات عسكريّة كثيرة مع إسرائيل. إلا أن التحديات الداخلية، الإقليمية، والدولية تُرغم حماس على متابعة تمسكها بقرارها الاستراتيجي الذي اتخذته عام 2006: أن تكون لاعبا سياسيًّا نشطا وشعبيا في الحلبة الفلسطينية.
إن توقيت اختيار يحيى السنوار قائدا لحماس في قطاع غزة هام جدا لإسرائيل. من المعروف عن السنوار في إسرائيل، أنه قوي وقاس جدا. فتعتقد إسرائيل أنه قد يكون الرجل الصحيح في الوقت الصحيح، فهو قوي وقادر على توجيه غزة نحو مسار بعيد عن الفوضى، اجتثاث عائلات الجريمة التي تسيطر على الأنفاق التي ما زالت قائمة، واجتثاث ظاهرة استخدام المخدّرات المتزايدة. فهو قيادي ذو تأثير كبير في الجناح العسكري في حماس، أقواله مسموعة، وينجح في إدارة الجناح العسكري علنا أيضا. لن تجرؤ كتائب عزّ الدين القسّام على مخالفة تعليماته.
منذ عام 2006، في مقابلة مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، ادعى السنوار أنه لا يعارض التوقيع على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل قد تؤدي إلى هدوء وازدهار في المنطقة. وتؤدي أيضا إلى أن يكون السنوار قادرا على السيطرة بشكل أفضل على الفصائل الجهادية السلفية في قطاع غزة وجعلها معتدلة أكثر. قد يكون من الجيد إذا سمحت له إسرائيل بإكمال عملية سياسية دون أن تسخر منه وتحرجه من خلال شن اغتيالات سياسية. ليس واضحا من المسؤول عن اغتيال مازن فقهاء، ولكن تصعّب حالات كهذه على السنوار. من المتوقع أن يتعرض الشبّان الفلسطينيون في غزة لحالة من فرض قيود أمنية وسياسية أقوى.
مظاهرات في رام الله هذا الأسبوع لتوقيف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والجيش الإسرايلي (AFP)
64% من الفلسطينيين يريدون أن يستقيل أبو مازن
77% من الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة فاسدة ويعتقد نصفهم أنها تشكل عبئا جماهيريا. لو جرت انتخابات في يومنا هذا، كان سيفوز مروان البرغوثي، وسيحظى بدعم %59
وفق استطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، فإن 64% من المستطلَعة آراؤهم معنيون باستقالة رئيس السلطة محمود عباس من منصبه، مقابل %31 من المستطلَعة آراؤهم يرغبون في أن يبقى.
وفقًا للاستطلاع، فإن المرشح الأفضل لدى الفلسطينيين ليكون وريثا لأبو مازن هو مروان البرغوثي، زعيم التنظيم سابقا، الذي يقضي 5 أحكام مؤبدة في السجون الإسرائيلية. لو جرت انتخابات في يومنا هذا، كان سيحظى أبو مازن بدعم 26% فقط، البرغوثي 40%، ومرشح حماس، إسماعيل هنية بدعم 20%. يتضح من الاستطلاع أيضا، لو أن أبو مازن استقال من الحياة السياسية وتنافس كل من البرغوثي وهنية على الرئاسة، كان سيحظى البرغوثي بدعم %59 في حين سيحظى هنية بدعم %36.
أشار الاستطلاع إلى أن وضع حركة فتح سيء. صرح %36 من الفلسطينيين أنهم كانوا سيختارون الحركة لو جرت انتخابات في يومنا هذا. بينما سيختار حماس %30 من المصوتين فقط.
رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (Hadas Parush/Flash90)
يعتقد %77 من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية فاسدة ويعتقد نصفهم أنها تشكل عبئا ويجب تفكيكها.
بالنسبة لأبو مازن، فإن %72 من المستطلَعة آراؤهم يعتقدون أن أبو مازن غير جاد في تهديدات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويشعر %77 من الفلسطينيين محبطين من رد فعله على البناء في المستوطنات.
مروان البرغوثي (Flash90)
في أعقاب تغيير السياسة الأمريكية بالنسبة للمستوطنات، قال %25 من المستطلَعة آراؤهم إنه يجب وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، قال %24 إن الرد يجب يأتي من خلال التوجه إلى مؤسّسات دولية، وقال %20 إن هناك حاجة إلى رد فعل وعمل مسلح.
إن مشاعر الجمهور الفلسطيني منقسمة بشكل متساو حول سؤال “حل الدولتَين لشعبين”: أعرب %51 من المستطلَعة آراؤهم عن معارضتهم للحل، مقابل %47 مؤيد، ولكن قال %60 من المستطلَعة آراؤهم إنهم يعتقدون أنه لم تعد هناك إمكانية لتطبيق هذا الحل بسبب توسيع المستوطنات. أعرب %32 عن دعمهم لحل الدولة الواحدة يعيش فيها اليهود والعرب معا. قال %70 من المشاركون في الاستطلاع إنهم يعتقدون أنه في السنوات الخمس القريبة ستُقام دولة فلسطينية.
كتاب جديد لباحثة إسرائيلية عن ياسر عرفات، يحاول تتبع التغيير الكبير الذي طرأ على خطاب الزعيم الفلسطيني الأشهر في تاريخ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وأدى إلى تحويل النضال التحريضي إلى نضال سياسي
يُفكر كل إسرائيلي تقريبا، كان قد عرف عرفات عن قريب أو بعيد بالتأكيد في الأسئلة التالية: هل وقّع ياسر عرفات على اتفاقية أوسلو ولكن كان ينوي خرقها؟ هل كان يهدف خطابه الديني إلى تحريض أبناء شعبه على الكفاح المسلّح المستمر ضدّ إسرائيل؟ هل ووجه اندلاع الانتفاضة الثانية؟ وهل عرفات، الذي مثّل أكثر من أي شخص الشعب الفلسطيني ونضاله ضدّ إسرائيل بدءًا من الستينات وحتى وفاته، هو فعلا الزعيم الذي قاد التغييرات الكبيرة في موقف العالم وإسرائيل من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني؟
ستكون الإجابات شبه المؤكدة عن هذه الأسئلة الصعبة، سلبية غالبا. في الوعي الإسرائيلي، تجذّر عرفات كشخص كان غير موثوق، مُحرّضا، ومُستخدما كبيرا لكلمة “شهيد” التي كانت تهزّ أركان المجتمع الإسرائيلي.
عرفات لم ينجح في إقامة دولة مستقلة لكنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا يستحق دولة (AFP)
إلى جانب كل ذلك، كُتبت آلاف المقالات وبعض الكتب كمحاولة لفكّ رموز شخصية “سيد فلسطين”. حتى أنه يبدو أنّ جزءا كبيرا من الكتابات الأكاديمية الموجودة حول نشاط “زعيم الشعب الفلسطيني”، قد كُتب باللغة العبرية. كان المتخصصون الإسرائيليون متحمسين لفهم “الرجل غريب الأطوار” الذي كان يضع الكوفية وحريصا على الحديث أحيانا بلغة رفيعة المستوى وفي أحيان أخرى تحدث بلغة الشعب، من جهة كان يضع على خاصرته مسدّسا مُلقما ومن جهة أخرى كان يلوّح باليد الأخرى رافعا غصن زيتون.
ويحاول كتاب جديد، واسمه “ياسر عرفات – خطاب زعيم وحيد” (إصدار راسلينغ)، للباحثة الإسرائيلية، الدكتورة رونيت مرزان (جامعة حيفا)، عرض وجهة نظر جديدة حول خطابات وأحاديث عرفات من أجل فهم نضاله وخطابه الإشكالي، الذي استخدمه بشكل أفضل وربّما لاستخلاص استنتاجات جديدة حول الصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
تحدثنا مع الدكتورة مرزان وحاولنا أن نفهم ماذا تجدّد دراستها في الواقع حول عرفات، من خلال التطرق إلى خطاباته، محادثاته الشخصية مع الزعماء، ومقابلاته مع الإعلام الفلسطيني والعالمي. وتطرقنا في المحادثة أيضًا إلى المجتمع الفلسطيني، وسألناها مَن قد يكون وريثا لأبو مازن، كرئيس للسلطة الفلسطينية.
هل كان عرفات زعيما مُحرّفا أم مُحرّضا؟
“لقد كان عرفات، على الأقل بالنسبة لبعض الإسرائيليين، زعيما فلسطينيا لم يحترم اتفاقية أوسلو وألحق الخراب بشعبه عند اندلاع الانتفاضة الثانية بدءًا من تشرين الأول 2000. يُعتبر عرفات، على أقل تقدير، في نظر الكثيرين من السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين، محرّضاً مسلماً، اهتم بأن يُحرّض الفلسطينيين ويقودهم نحو التصادم العنيف مع إسرائيل في كل مرة قال فيها “على القدس رايحين.. شهداء بالملايين” أو عندما صرخ متحمّسا “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”.
https://www.youtube.com/watch?v=14t0PdaPNhQ
ولكن تُفسر الدكتورة مرزان أقوال عرفات الذي حرص على ذكرها من فوق كل منصة، بشكل آخر.
لماذا يتم الانشغال مجددا بالشخصية الفلسطينية المثيرة للجدل جدا في أوساط الإسرائيليين والعرب؟
“لا شك أن عرفات يعتبر زعيما للثورة الفلسطينية. فيعتبره الفلسطينيون زعيما حصريا، شرعيا، وحيدا من زعماء الشعب الفلسطيني. ورغم أنه لم ينجح في إقامة دولة مستقلة من أجل الشعب الفلسطيني، إلا أنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا معرّفا يستحق دولة.
واليوم عندما أنظر في مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية، ألاحظ الشوق الكبير إليه. يتوق الكثير من الشباب الفلسطينيين إلى التوحيد الذي حرص على رعايته بين الفلسطينيين في رام الله وفي غزة ونابلس، بين الذين يعيشون في القرى والمخيّمات وبين الذين يعيشون في المدن الكبرى. إنّ المجتمَع الفلسطيني مقسّم جدا وما زال يُعتبر عرفات أسطورة رغم أنّه يمكننا أن نسمع بين الفينة والأخرى أيضا أصواتا تعبّر عن اليأس، والتي لا يُطلقها، بالمناسبة، أبناء الجيل الشاب. وإذا أردنا أن نفهم بشكل أفضل المجتمع الفلسطيني والأزمات التي مر بها فلا يمكن تجاهل هذه الشخصية”.
انتفاضة الأقصى عام 2000 (AFP)
وتضيف مرزان قائلة “يتتبع كتابي التغيير الذي طرأ على توجه ياسر عرفات عندما استخدم الرموز الدينية للتحريض وحتى أصبح يستخدم الرموز الإسلامية الواضحة مثل الجهاد، الاستشهاد، صلح الحديبية، وحراسة الأماكن المقدسة في الأقصى، لأغراض تحويل النضال الفلسطيني من الخطاب العنيف والمسلّح إلى الخطاب الذي يعمل على التسوية التاريخية والنضال السياسي تجاه الإسرائيليين”.
أثّرت خمسة أحداث مؤسِّسة، في أنماط الخطاب الوطني – السياسي لدى عرفات: انتفاضة 1987، مؤتمَر مدريد، اتفاقية أوسلو، فشل مؤتمر كامب ديفيد عام 2000، وانتفاضة الأقصى. والسؤال هو ماذا يمكن أن يكون ملائما أكثر للمجتمع الفلسطيني التقليدي – المتديّن، سوى الخطاب الديني، الذي استخدمه عرفات كأداة للتجنيد. سعى أحيانا إلى استخدام خطاب الجهاد والاستشهاد، بهدف تجنيد الفلسطينيين للكفاح المسلّح وفي أحيان أخرى استخدمه من أجل النضال السياسي. “فعلى سبيل المثال عندما تحدث عرفات عن الجهاد، عندما كان في الستينات، السبعينات، الثمانينات في الدول العربيّة، كان يقصد الجهاد العسكري. وبعد اتفاقية أوسلو أوضح لأبناء شعبه، في معسكر الدهيشة للاجئين، أنّ هناك حاجة إلى الانتقال من “الجهاد الأصغر”، والذي هو كما ذكرنا الجهاد المسلّح إلى “الجهاد الأكبر”، أي النضال السياسي وفقا للحديث النبوي. ارتعدت أركان المجتمع الإسرائيلي عندما سمعت كلام عرفات عن الجهاد وأشار إليه الإسرائيليون على أنه لا يمكن الوثوق به واعتبروه شخصا يرغب في طرد جميع الإسرائيليين من أرض الآباء” فحسب، كما تقول مرزان.
مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في البيت الأبيض (AFP)
يدعي الكثير من الإسرائيليين أنّ تطرق عرفات إلى صلح الحديبية في خطاباته، بعد نحو نصف عام من توقيع اتفاقية أوسلو، هو دليل على أنه أراد متابعة الجهاد ولم يقصد حقا تنفيذ الجزء المتعلق به في الاتفاقية. ما رأيك في استخدام مثل هذا الرمز الإسلامي الواضح، هل قصد حقا انتهاك اتفاقه مع الإسرائيليين؟
“يدعي معظم الباحثين الإسرائيليين أنّ عرفات قد غمز الشعب الفلسطيني وسط هذا الخطاب وأنّه أراد أن يقول لشعبه “أوقع على اتفاقية أوسلو ولكني لا أنوي حقا تنفيذها. وأنا أدعي أن عرفات لم يقصد انتهاك اتفاقية أوسلو وإنما أن يضع نفسه كخليفة للنبي محمد، ممّا يعني أنه، مثل النبي محمد، قد أظهر حكمة سياسية ورغم معارضة عمر بن الخطاب لصلح الحديبية، فقد وقع عليه. هكذا ادعى عرفات أنه هو أيضًا، رغم المعارضة الإسلامية، وخصوصا من حماس، والمعارضة الداخلية، في أوساط قيادات صفوف حركة فتح، لاتفاقية أوسلو، فهو كخليفة للنبي محمد، أظهر حكمة سياسية، وقع على اتفاقية أوسلو، وخاطر بنفسه سياسياً. ولكن في الوقت ذاته أوضح أنّه إذا انتهك الإسرائيليون الاتفاق، فلن يلتزم به أيضًا”.
كان الخطاب البطولي الذكوري الذي اعتمده عرفات في مخيّمات اللاجئين، في الدول العربية، في أراضي الضفة الغربية، وقطاع غزة حتى توقيع اتفاقية أوسلو، وهو “سلام الشجعان” كما وصفه، إلى حد كبير أيضًا ردّ فعل على الخطاب البطولي الصهيوني والإسرائيلي. بكلمات أخرى، جاءت أسلمة الصراع كردّ فعل ضدّ تهويده.
وأكثر من ذلك، تدعي الدكتورة مرزان أنّه “عندما قرر ياسر عرفات أنه من المفضّل له التوصل إلى تسوية سياسية، بعد أن أدرك أنّ بقاءه السياسي في خطر، وجد نفسه في الواقع يقف أمام إسحاق رابين. فبينما كان رابين أسطورة إسرائيلية، “سيد الأمن”، هزم الجيوش العربية، وجد ياسر عرفات نفسه، وهو لاجئ قد طُرد من كل دولة عربية قدِم إليها، يقف أمام رابين ويوقع على اتفاقية سلام، تحديدا مع الشخص الذي هزم الجيوش العربية”.
ماذا تعتقدين أنه يحدث اليوم في المجتمع الفلسطيني؟
“إنّ الوصف الأهم، في نظري، اليوم الذي يصف المجتمع الفلسطيني هو “الانهيار”. المجتمع الفلسطيني متصدّع وممزّق ليس فقط بين فتح وحماس وإنما أيضا هناك تصدّعات عميقة أكثر بين أولئك الذين في رام الله وأولئك الذين في نابلس، تصدعات واسعة بين أبناء مخيّمات اللاجئين وبين الذين يسكنون في المدن الكبرى، وهلمّ جرا. تجري عملية مثيرة للاهتمام في المجتمع الفلسطيني: كانت توفر العائلة في المجتمع الفلسطيني الحماية الاقتصادية، الاجتماعية، الأخلاقية، المعنوية، والمادية لأفرادها. رويدا رويدا كلما مرت العائلات بعملية التحضّر، تفكّكت العشائر الكبرى. مع إقامة أجهزة السلطة الفلسطينية تولت السلطة جزءا من هذه الأدوار الرئيسة: الأمن الاقتصادي والمادي. كان يفترض بالدولة الفلسطينية عند إقامتها أن تبني بنى تحتية اقتصادية، توفر للمواطنين أمانا، مسكنا، عملا، وما إلى ذلك… ولكن عندما توقفت الدولة عن توفير الخدمات الأساسية وبدأ يرى الجيل الشاب كيف أن قادة السلطة الفلسطينية والقادة في غزة يسرقون خزينة الدولة، بدأت هذه الأدوار تعود إلى العشائر الفلسطينية. نتيجة لذلك نرى التسليح الهائل في أوساط العائلات الكبرى التي تشتري كميات هائلة من السلاح وتخزّنها من أجل الدفاع عن أفرادها ومصالحهم الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، هناك أيضا انعدام الأفق السياسي وعدم استقرار الأمن الاقتصادي مما سيؤدي إلى احتمال انفجار كبير الأبعاد والذي سيصل، في نهاية المطاف، إلى عتبة إسرائيل”.
إذا لم ينجح أبو مازن، في أن يكون منقذا للوضع، زعيما للفلسطينيين وكابحا للتفكك الشامل في المجتمع الفلسطيني، فمن بحسب رأيكِ يمكن أن يقوم بذلك؟
صورة مروان البرغوثي و ياسر عرفات على لافتة في رام الله (Abed Rahim Khatib Flash 90)
“لا أعلم إذا كان العالم يفهم ماذا يحدث داخل المجتمع الفلسطيني. يدور الحديث عن مجتمع لا ينجح في تنظيم انتخابات للسلطات المحلية. يعيش الفلسطينيون في الواقع، بدءًا من انتهاء الانتفاضة الثانية وبعد ثلاثة جولات من الحرب في غزة، في حالة يأس تام، فمن جهة لا يُرى أفق سياسي ومن جهة أخرى لا ينجح الكفاح المسلّح في إيجاد أي تغيير سياسي أو التعرّف على معاناة الفلسطينيين. أعتقدُ أنّه كان هناك احتمال للتوصل إلى تسوية سياسية مع أبو مازن أكثر من ياسر عرفات ولكن خسر القادة الإسرائيليون هذه الفرصة. تقزّم القيادة الإسرائيلية اليوم أبو مازن، فهو أيضًا في رأيي زعيم غير ذي صلة بالنسبة لقطاعات واسعة من أبناء شعبه. أصبح أبو مازن ضعيف جدا في المجتمع الفلسطيني وفي المجتمع الدولي على حد سواء، لذلك أعتقد أنّ مروان البرغوثي هو الوحيد الذي بإمكانه اليوم توحيد الفلسطينيين وإنقاذ المجتمع الفلسطيني من الفوضى”.
وتدعي الدكتورة مرزان أنّ إسرائيل ستُبدي حكمة إذا أطلقت سراحه من السجن. “مروان البرغوثي هو زعيم أصيل، ورغم أنه ليس مرغوبا به في أوساط الجمهور الإسرائيلي ويده ملطخة بالدماء، ولكنه مقبول تقريبا على جميع الفصائل الفلسطينية، على حماس وعلى الجهاد الإسلامي وهو قادر أيضا على أن يجمع حوله أشلاء المجتمع الفلسطيني. بل إنّه مقبول على زعيمين بارزين جدا في المجتمع الفلسطيني، وهما سلام فياض ومحمد دحلان، ويعتبر أيضًا ليبراليا جدا، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال قراءة كتاباته عن مكانة المرأة الفلسطينية وطريق تمكينها. أعتقد أن مروان يدرك أيضًا أنّه إذا أطلقت إسرائيل سراحه، فإنّ نافذة فرصه ستكون صغيرة ولن يستطيع قيادة الفلسطينيين إلى انتفاضة أخرى. إذا أدركت إسرائيل مكانة البرغوثي، يمكنها أن تمنع جولة العنف القادمة التي ستصل إلى عتبتها”.
نسبة تأييد حل الدولتَين آخذة بالنقصان في أوساط الإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍّ سواء، هذا ما يظهره استطلاع نشره اليوم (الإثنين) المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PSR) في رام الله والمعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
وفقا للاستطلاع فإنّ 51% من الفلسطينيين و 59% من الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتَين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. في أوساط الإسرائيليين فإنّ 53% من اليهود يؤمنون بهذا الحلّ مقابل 87% من عرب إسرائيل الذين يؤيّدونه.
أعرب 39% فقط من الفلسطينيين و 46% من الإسرائيليين (39% من اليهود و90% من العرب) عن تأييدهم لـ “حزمة التسوية”، التي تستند إلى جولات المفاوضات السابقة. اشتملت الحزمة، من بين أمور أخرى، على: إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، انسحاب إسرائيل إلى حدود الخطّ الأخضر (حدود 1967) بما في ذلك تبادل الأراضي كما هو مطلوب، لم شمل الأسرة في إسرائيل لـ 100 ألف لاجئ فلسطيني، أن تكون القدس الغربية عاصمة إسرائيل وبينما تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين بالإضافة إلى إنهاء الصراع ووضع حدّ للمطالب المتبادلة.
وقد وُجد التأييد الأكبر لـ “حزمة التسوية” المقترحة، في أوساط الإسرائيليين اليهود الذين عرّفوا أنفسهم كيساريين أو يساريين معتدلين (84%)، مقارنة بأولئك الذين في الوسط (59%) واليمينيين المعتدلين واليمينيين (18%). في الجانب الفلسطيني فإنّ 57% من ناخبي فتح أيّدوا التسوية، مقابل 25% من ناخبي حماس و 46% من ناخبي الأحزاب الأخرى.
عندما تم سؤالهم عن استعدادهم للاعتراف المتبادل بالهوية القومية لكلا البلدين كجزء من اتفاق السلام، فإنّ معظم الإسرائيليين (64%) وأقلية من بين الفلسطينيين (43%) أيّدوا مثل هذا الاعتراف المتبادل.
كيف يُصنع السلام؟
في أوساط الفلسطينيين 44% فضّلوا مفاوضات متعدّدة الأطراف، بينما فضّل الإسرائيليون (40%) محادثات ثنائية (مفاوضات مباشرة). وإذا تمت محادثات متعددة الأطراف، فإنّ كل من الإسرائيليين (28%) والفلسطينيين (22%) يفضّلون مساعدة منتدى عربي (بمشاركة السعودية، مصر والأردن). بقية الأطر الأخرى – محادثات بقيادة أمريكية (إسرائيليون – 26%، فلسطينيون – 8%)، محادثات بقيادة الاتحاد الأوروبي (إسرائيليون – 7%، فلسطينيون – 20%)، أو بقيادة الأمم المتحدة (إسرائيليون – 12%، فلسطينيون – 22%) مقبولة أكثر على طرف واحد ولكن ليس على الطرف الآخر.
هل يثق الإسرائيليون بالفلسطينيين؟ والعكس؟
يشعر الفلسطينيون والإسرائيليون بثقة قليلة تجاه بعضهم البعض. يعتقد 89% من الفلسطينيين أنّه لا ينبغي الثقة بالإسرائيليين وكذلك يعتقد 68% من الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين.
في السياق نفسه، فإنّ 54% من الفلسطينيين يعتقدون أنّ هدف إسرائيل هو توسيع حدودها، وضمّ جميع الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر وطرد جميع الفلسطينيين من هناك. ويعتقد 27% أنّ هدف إسرائيل هو ضمّ الضفة الغربية ولكن عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقا سياسية.
في أوساط الإسرائيليين فإنّ 35% (40% من اليهود و 8% من العرب) يعتقدون أنّ الطموح الأساسي للفلسطينيين هو احتلال دولة إسرائيل والقضاء على الغالبية اليهودية، 19% يعتقدون أنّ طموح الفلسطينيين هو احتلال كل دولة إسرائيل. ومع ذلك، فإنّ 12% فقط من الإسرائيليين قالوا إنّ هدف إسرائيل هو ضمّ الضفة الغربية وطرد الفلسطينيين المقيمين هناك.
10% من الفلسطينيين فقط قالوا إنّ الطموح الفلسطيني الأهم هو احتلال دولة إسرائيل والقضاء على الغالبية اليهودية. 65% من الإسرائيليين قالوا إنّهم يخافون من الفلسطينيين. في المقابل أشار 54% من الفلسطينيين تحديدا أنّهم لا يخافون من الإسرائيليين.
ويمثّل كل الذين أجريتْ معهم مقابلات من كلا العيّنتين عيّنة تمثيلية للسكان البالغين والتي تشمل أشخاصا من سنّ 18 فما فوق. من أجل الاستطلاع تم إجراء مقابلة مع 1,270 فلسطيني و 1,184 إسرائيلي.
أدار نائب رئيس الكنيست، عضو الكنيست أحمد الطيبي، من القائمة العربية المشتركة، جلسة الكنيست في ساعة متأخرة من الليل قبل يومين.
عندما دعا الطيبي عضو الكنيست يوسف جبارين، ليلقي خطابا، توجه إليه بالعربية، وعندها شكر جبارين الطيبي، بالعربية أيضا، ومن ثم توجه لإلقاء خطابه أمام الهيئة العامة بالعربية. ولكن عندما بدأ بالتحدث لاحظ فورا الحضور في الجلسة وقال (بالعبرية) – في الحقيقة، أنظر إلى المشاركين وألاحظ أغلبية عربية، ربما يكون من المجدي التحدث بالعربية.
وقد استغل الطيبي الذي ترأس الجلسة الملاحظة التي أبداها جبارين، وصرح بحس فكاهي: “أيها المشاركون سننتقل الآن إلى التصويت، من يؤيد إقامة دولة فلسطينية؟”.
ذُكرت الأقوال بطبيعة الحال بحس فكاهي، وتمت مشاركة هذا المقطع في مواقع التواصل الاجتماعي وحظيت بعدد كبير من اللايكات وردود الفعل، كان جزء منها من المتصفحين الإسرائيليين والذين فكروا تحديدا أن هذه فكرة جيدة للتصويت حول قرار تأييد إقامة دولة فلسطينية في الكنيست، وربما يمكن أخيرا حل النزاع…. شاهدوا المقطع:
خلال محاضرة ألقاها كلينتون أمام ناخبين في نيو جيرزي، الولايات المتحدة، في إطار الحملة الانتخابية لزوجته هيلاري، شارك المستمعين بما حدث من وراء الكواليس عندما حاول تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأجاب عن أسئلة الجمهور.
قال كلينتون إنه قدم للفلسطينيين عرضا سخيا جدا مفاده أنهم سيحصلون على “كل غزة، 96-97% من الضفة الغربية، وأراضي كتعويض في إسرائيل، وأيما يشاءون”. ولم يُقبل عرضه هذا، ولكن حسب أقواله كانت هناك ظروف مؤاتية وقتئذ: “عندما كان سلام فياض رئيس السلطة الفلسطينية في الضفة كان هناك تعاون مع الولايات المتحدة من كل الدول الغربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل لقاء الاعتراف بدولة فلسطين”.
وردا على انتقاد الجمهور حول اختيار هيلاري للاعتراف بإسرائيل وبدعمها لها قال إن هذا ليس “اتفاقا مع حكومة إسرائيل على كل شيء، وليس تظاهرا وكأن الأبرياء لا يموتون، وليس تظاهرا أن الأولاد الفلسطينيين لا يموتون أكثر من الأولاد الإسرائيليين.
الزوجان بيل وهيلاري كلينتون (AFP)
من جانب آخر، انتقد كلينتون بشدة طريقة عمل حماس وقت الحرب على غزة في عام 2014 وزعم أنها هي المسؤولة عن وفاة الكثير من الأبرياء: “عندما قرر عناصر في حماس إطلاق الصواريخ على إسرائيل اتخذوا مقرا لهم في المشافي والمدارس – في مناطق مأهولة بالسكان. وقد حاولوا وضع إسرائيل أمام موقف كان عليها فيه الاختيار بين عدم الدفاع عن نفسها أو قتل الأبرياء. إنهم بارعون بهذا، أذكياء، ويفعلون ذلك منذ زمن طويل”. وأضاف كلينتون أن “تولي أمر حكومة حماس وأصحاب الصواريخ الجاهزة” لا يعني تولي أمر المواطنين الفلسطينيين.
وأشار كلينتون فيما يخص جمود العملية السياسية بين إسرائيل وفلسطين إلى أن هيلاري “هي التي حثت على المقابلات الثلاث الشخصية الوحيدة والمباشرة بين رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس محمود عباس، وهذا يتجاوز إنجازات أي شخص آخر على مدار السنوات الثمانية الأخيرة”.
هيلاري كلينتون مع نتنياهو وعباس (Flash90)
“يتحمل الجميع في الشرق الأوسط المسؤولية” اعترف كلينتون، “ولكن لن نتمكن أبدا من تحقيق أي تغيير جذري في الشرق الأوسط دون أن يفكر الإسرائيليون أنه يهمنا إذا كانوا أحياء أو أموات، وبهذا تكون لدينا فرصة لمتابعة تحريك عملية السلام”.
أوباما يحاول مجدّدا تحذير الإسرائيليين من التخاذل السياسي
توجّه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمس مباشرة إلى الشعب الإسرائيلي من خلال مقابلة في القناة الثانية وقال إنّ إسرائيل تفقد مصداقيّتها في القضية الفلسطينية "في المستقبل، ستجد الولايات المتحدة صعوبة في الدفاع عن إسرائيل في الأمم المتحدة"
أكّد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمس في مقابلة مع الصحفية إيلانا ديان في برنامج “عوفداه” (الواقع) على القناة الثانية، أنّه على ضوء الجمود في عملية السلام والشروط الكثيرة التي يضعها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في كل ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، فإنّ الولايات المتحدة ستجد صعوبة في الاستمرار بالدفاع عن إسرائيل في مواجهة المبادرات الأوروبية لتعزيز القرارات ضدّها في الأمم المتحدة. وألمح أوباما بذلك إلى احتمال ألا تفرض الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) على المبادرة الفرنسية لتمرير قرار في القضية الإسرائيلية – الفلسطينية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأشار أوباما خلال المقابلة إلى أنّ تصريحات نتنياهو ضدّ الدولة الفلسطينية قبل الانتخابات كانت من ذلك النوع الذي لا يُمكن إنكاره. بحسب كلامه، فإنّ توضيحات نتنياهو بعد الانتخابات رغم أنها تضمّنت قولا إنّ هناك احتمال لإقامة دولة فلسطينية، ولكنها بدت كمحاولة للعودة إلى الوضع الراهن.
وبدا الرئيس خلال المقابلة منهكا، زعيم سئم من المحاولات الفاشلة في تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مجدّدا “أشعر بالقلق بشكل أقل من علاقتي مع نتنياهو، أشعر بالقلق إزاء سياسة تتحرّك بدافع الخوف ومن أن يؤدي ذلك إلى فقدان قيم إسرائيل الأساسية، والتي أعجبتُ بها عندما كنت شابّا”. ومع ذلك، كرّر أوباما مجدّدا التزامه الأمني تجاه إسرائيل وقال إنّه لن يكون هناك ضرر على العلاقات الأمنية مع إسرائيل.
كما وأوضح أنّه وبحسب تقديره سيكون من الصعب في الوضع الحالي تحقيق “اتفاق إطاري” بين إسرائيل والفلسطينيين. “لا أعتقد أنّه من المحتمل أن نخرج من كامب ديفيد أو من أي مكان آخر بينما يمسك الواحد يد الآخر”، كما ذكر.
بعد بثّ البرنامج، تلقّى وزراء الحكومة ونوّاب الوزراء أوامر من سكرتارية حكومة نتنياهو بعدم إجراء مقابلات وعدم الردّ بأية وسيلة على المقابلة التي قدّمها الرئيس أوباما.
المُدافعة عن الاتّفاق النوويّ مع إيران
وزير الخارجية كيري يلتقي بنظيره الإيراني ظريف (Flickr U.S. State Department)
وعن الاتفاق المتشكّل مع إيران قال أوباما: “قبل انتخابي للرئاسة، تقدّمت إيران من بضع مئات من أجهزة الطرد المركزي بحوزتها إلى الآلاف. ومن المعروف لدينا أنّ زمن الاختراق للقنبلة والذي يمكن لإيران الوصول إليه، هو مسألة بضعة أشهر اليوم بدلا من سنوات. استخدمنا العقوبات من النوع الأكثر كفاءة على إيران والتي أدت بها إلى فقدان عقد من النموّ الاقتصادي”. وتطرّق أوباما إلى المشكّكين وقال إنّه قد ثبت أخيرا بما لا شكّ فيه أنّ الإيرانيين “استوفوا جميع بنود الاتفاق”.
أستمتع بمحادثاتي مع نتنياهو
أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (GPO)
وتطرق أوباما طويلا إلى علاقته برئيس الحكومة، وأعرب عن انتقاداته لخطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي في شهر آذار الماضي، والذي تم تنسيقه دون إعلام البيت الأبيض. “لو كنت سآتي إلى الكنيست دون التنسيق مع رئيس الحكومة، أو لو أجريت مفاوضات مع زعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، لأنشأ ذلك شعورا بخرق العادات المتبعة”.
وقال الرئيس أيضًا إنّه يستمتع في لقاءاته مع نتنياهو: “عندما أكون مع بيبي، يكون لدينا محادثات جيّدة. إنها صعبة، وتُجرى بعدوانية، ولكنّني أستمتع بالمبارزة معه. العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر عمقًا من أي زعيم واحد أو حكومة معيّنة، ولن يتغيّر ذلك”.
هرتسوغ: المقابلة مع أوباما تشير إلى أزمة خطيرة
يتسحاق (بوجي) هرتسوغ رئيس “المعسكر الصهيوني” (Miriam Alster/FLASH90)
تطرّق زعيم المعارضة، عضو الكنيست يتسحاق هرتسوغ، صباح اليوم (الأربعاء) في مكالمة مع إذاعة الجيش إلى مقابلة أوباما قائلا: “إنّها مقابلة مهمّة لصديق لإسرائيل يحرص على أمنها”، قال هرتسوغ وأضاف: “إنه يقول أمورا تزعجني جدّا ولدينا مشكلة. على مدى عشرات السنين، لم نكن في وضع فيه رئيس أمريكي لا يلتقي برئيس الحكومة ويتحدث إلى مواطني إسرائيل في مقابلة تلفزيونية. القضية الإيرانية هي تحدّ وطني من الدرجة الأولى، ولكن من أجل محاربة هذا البرنامج يجب التحدّث مع الأمريكيين وليس إهانتهم”.
الرئيس الأمريكي أوباما يلتقي برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في البيت الأبيض (The White House Flickr)
تراجع أمريكي ملحوظ في دعم قيام دولة فلسطينية
استطلاع جديد أجرته "واشنطن بوست" وشبكة التلفزة الأمريكية ABC، أظهر أن 50% تقريبًا ممن تم استطلاع آرائهم يعترضون على الطريقة التي يُدير فيها أوباما العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل
أظهر بحث جديد أجرته صحيفة “واشنطن بوست” ووكالة ABC للأنباء أن دعم الأمريكيين لحل الدولتين لشعبين وصل إلى نسبة متدنية جدًا: فقط 39% يدعمون قيام دولة فلسطينية، مقابل 58% في عام 1998.
أظهر الاستطلاع أيضًا أن دعم حل الدولتين لشعبين، كحل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كان الأقل نسبة خلال العشرين سنة الأخيرة، لدى الشعب الأمريكي.
لا تزال نسبة الذين تم سؤالهم وأجابوا أنهم يؤيدون حل الدولتين، 39%، وهي أعلى من نسبة الذين اعترضوا عليها، ونسبتهم 36%، والذين أعربوا عن رفضهم لقيام دولة فلسطينية بشكل تام.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة (AFP)
تأتي نتيجة هذا الاستطلاع في وقت حرج للغاية بالنسبة للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، حيث أخذ الدعم الأمريكي لإسرائيل منحى حزبي وتحوّلت لتقتصر على الجمهوريين. أظهر تقسيم الاستطلاع، حسب الانتماء الحزبي، أن 33% من الديمقراطيين و 50% من الجمهوريين يعارضون قيام دولة فلسطينية. 41% من الديمقراطيين و 31% من الجمهوريين يدعمون قيام مثل هذه الدولة.
كشف التقرير عن أن هناك 44% من الأمريكيين غير راضين عن الطريقة التي يُدير بها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة. 37% أبدوا رضاهم عن ذلك.
إلا أن الاستطلاع أظهر أيضًا أن 50% تقريبًا ممن تم استطلاع آرائهم يعترضون على الطريقة التي يُدير فيها رئيسهم، باراك أوباما، علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل. 38% فقط منهم راضون عن إدارة أوباما للعلاقات مع إسرائيل.
ووجد الاستطلاع، فيما يخص سؤال النووي الإيراني، أن غالبية الأمريكيين يدعمون الاتفاق المحتمل مع إيران. كان السؤال: “هل ستدعم توقيع اتفاق مع إيران، يرفع العقوبات الاقتصادية عنها لقاء القيود التي ستقبل بها بخصوص مشروعها النووي، بشكل يجعل من الصعب عليها تصنيع سلاح نووي، أم ترفض مثل هذا الاتفاق”؟ أعرب 59% ممن طالهم الاستطلاع أنهم سيدعمون مثل هذا الاتفاق، و 31% أعلنوا رفضهم لمثل ذلك.