المطرب دودو طاسا عاد مؤخرا من نيويورك، حيث شارك في جولة عروض للفرقة البريطانية، راديوهيد، و”سخّن” هناك أجواء العروض قبل صعود الفرقة للمنصة، وإلى جانب هذا الإنجاز الكبير مع فرقة الروك العظيمة، عاد طاسا مع كليب جديد صوّر هناك لكنه بعديا عن موسيقى الروك الثقيلة لراديوهيد.
فقد انتج طاسا كليبا جديدا اسمه “فريد” في لفتة للمطرب العربي القدير، فريد الأطرش. وقال الفنان ذائع الصيت في إسرائيل إن العمل الفني الأخير جاء بعد أيام من الإصغاء للموسيقى العربية الكلاسيكية، وخاصة لأغاني المطرب الشهير، فريد الأطرش، وأعماله الفنية في مصر.
“أنا أرتاح أكثر للموسيقى الشرقية العربية والموسيقى التي تحتوي على ألحان شرقية، لأنها تعيدني إلى الطفولة وإلى البيت الذي نشأت به.. حين أسمع شيئا جميلا في العربي أشعر أن ذلك يخترقني أكثر من موسيقى الروك”.
والمستمع للكليب طبعا لن يشعر بأن العمل يشابه فن فريد الأطرش، لكن اسم فريد ومعزفة الأغنية التي تقول “اعزف على طول.. اعزف يا فريد، يلا.. اعزف اعزف اعزف” حاضرة بقوة في الكليب.
يجدر الذكر أن لطاسا باعا طويلا من الأعمال الفنية ذات الطابع الشرقي، وقد أصبحت السمة الغالبة لأعماله الفنية الخلط بين الألحان الغربية والشرقية. فهو يقول إن الألحان الشرقية أتت من منزل جده حيث نشأ، والذي كان في الماضي مطربا معروفا اسمه داود الكويتي، أما الألحان الغربية فدخلت في تكوينه الفني أيام المراهقة لما بدأ ينكشف إلى أنواع الموسيقى مثل الجاز والروك والإندي وغيرها.
وعن الأغنية التي صدرت قبل وقت قصير في إسرائيل وتحقق رواجا ملفتا، ليس فقط في أوساط محبي الأغاني الشرقية، كتب مراقبون أن طاسا انتج الكليب الأخير الذي يحمل اسم “فريد” دون تفكير عميق في مدى نجاحه وانتشاره لدى معجبيه في إسرائيل، وإنما لإحساس ما في ذاته، ولحبه واحترامه للموسيقى الشرقية.
يعيش اليوم في بغداد 8 يهود فقط، بقية لجالية عريقة تعود جذورها إلى أكثر من 2500 عام. اقرأوا قصة هذه الجالية وتعرفوا إلى 5 إسرائيليين معروفين انحدروا منها
“يهود بابل” – هذا هو اللقب الذي يستخدمه حتّى اليوم كثير من اليهود ذوي الأصل العراقيّ الذين يقطنون في إسرائيل للإشارة إلى أنفسهم. يهود بابل، لا يهود العراق. ليس بلا سبب تفضيلُ عديدين اللقب القديم على اسم الدولة العصرية التي أتَوا منها – فالجالية اليهودية في العراق ذات جذور تاريخية ضاربة في العمق، تصل إلى دمار الهيكل الأول في أورشليم عام 607 قبل الميلاد.
فقد سبا ملك الإمبراطورية البابلية، نبوخذنصر الثاني، اليهود من موطنهم التاريخي إلى بابل البعيدة، حيث نشأت جالية يهودية جديدة ومزدهرة. لم يتوقف يومًا الحنين إلى الموطن، ويتجلى ذلك في المزمور 137، العدد 1: “عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ، هُنَاكَ جَلَسْنَا. بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَمَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ”. لكن في فترةٍ متأخرة أكثر تاريخيًّا، مثل فترة كورش، التي أُجيز فيها لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، بقيت جالية يهود بابل قائمة وكبيرة.
النموّ والازدهار
كانت جالية يهود بابل الأكبر والأكثر ازدهارًا بين الجاليات اليهودية، حتّى حين تشتّت اليهود في كلّ أرجاء المعمورة. فقد كانت الجالية مركزًا تجاريًّا وحضاريًّا مزدهرًا، فضلًا عن كونها مركزًا روحيًّا ودينيَّا ذا أهمية كبرى. تجمّع جميع حكماء الديانة اليهودية بين نهرَي دجلة والفرات، وأقاموا هناك قرونًا. تعاملت الإمبراطورية البارثية التي سيطرت على المنطقة جيّدًا مع اليهود، ومنحتهم حقوقًا بإدارة مستقلّة وحريّة ثقافيّة. في هذه الفترة، بلغ الفِكر اليهودي إحدى ذُراه، في تأليف “التلمود البابلي”. كذلك في السنوات اللاحقة، تحت حُكم الساسانيّين، كان اليهود محميّين من أيّ أذى.
قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)
مع انتشار الإسلام وسيطرة الخلفاء، بدءًا من القرن السابع الميلادي، تحسّن كثيرًا وضع يهود بابل، إذ أصبح للمرة الأولى معظم يهود العالم تحت السيادة نفسها – سيادة الإسلام. لكنّ هذا التعامُل لم يكُن ثابتًا، إذ كان وضع اليهود يعتمد على نظرة الحاكم. ورغم أنّهم نعموا غالبًا بالأمان، لكنهم كانوا تحت تهديد أحكامٍ – مثل حظر الخليفة عُمر بن عبد العزيز في مطلع القرن الثامن أن يلبسوا كالعرب أو أن يعيشوا حياة رفاهية، أو حُكم الخليفة المتوكّل في القرن التاسع، الذي ألزمهم بلبس ثياب خاصّة تكون علامة عار. في فترة الخليفة المأمون، دُعي اليهود “أخبث الأمم”، ودُمّرت مجامع يهودية كثيرة في عهده. في القرون الوسطى، هجر يهود كثيرون بغداد ومحيطها للسكن في الأندلُس، التي أصبحت مركزًا إسلاميًّا مزدهرًا في العالم.
كانت الفترة العثمانية أيضًا فترةً مفعمة بالتقلّبات بالنسبة للجالية في العراق. لكن كلّما ازدادت موجات الدمقرطة، تحسّن وضع اليهود، الذين شكّلوا جزءًا هامًّا من الحياة العامّة والتجاريّة في العراق. عام 1908، حصل جميع يهود العراق على مساواة في الحقوق وحرية دينية كفلها القانون، حتّى إنّ بعضهم أُرسل لتمثيل العراق في البرلمان العُثمانيّ.
كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)
بعد الحرب العالمية الأولى وتتويج فيصل ملكًا على البلاد، تحسّن وضع اليهود أكثر فأكثر. كان وزير المالية الأول للعراق في العصر الحديث يهوديًّا، اسمه حسقيل ساسون . اتّخذ ساسون عددًا من القرارات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العراقي في القرن العشرين، بما فيها تنظيم تصدير النفط إلى بريطانيا. وبشكل عامّ، أضحت أسرة ساسون البغداديّة إمبراطوريّة اقتصاديّة امتدّت من الهند شرقًا حتّى أوروبا غربًا.
أمّا ما زاد شهرة يهود العراق أكثر من أيّ شيء آخر في العصر الحديث فهو موسيقاهم. فقد اشتُهر الكثير من اليهود بفضل مواهبهم الموسيقيّة، وفي مسابقة الموسيقى في العالم العربي التي أُقيمت في القاهرة في الأربعينات، فاز الوفد العراقي، الذي تألّف من موسيقيين يهود ومُطرب مسلم واحد. ويُذكَر بشكل خاصّ صالح وداود الكويتي، اللذان أنشآ فرقة الإذاعة الموسيقية الوطنية في العراق، حتّى إنهما غنّيا في حفل تنصيب الملك فيصل الثاني.
التدهوُر والمغادَرة
حدث التدهوُر الأكبر في وضع يهود العراق مع صعود النازيين في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين. فقد عملت السفارة الألمانية في بغداد بوقًا لرسائل لاساميّة أدّت تدريجًا إلى تغيّر نظرة العراقيين المسلمين إلى إخوتهم اليهود. فعام 1934، فُصل عشرات الموظَّفين اليهود من وزارة الاقتصاد، عام 1935 فُرضت قيود على عدد اليهود في المدارس، وعام 1938 أُقفلت صحيفة “الحصاد”، لسان حال يهود العراق.
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
وكانت الذروة عام 1941، بعد فشل الانقلاب الذي قاده رشيد عالي الكيلاني، الذي سعى إلى طرد البريطانيّين وإنشاء سُلطة ذات رعاية ألمانية – نازيّة. في تلك السنة، حدث ما يُعرف بالفرهود – المجزرة الأكبر بحقّ يهود العراق. في إطار الاضطرابات، قُتل 179 يهوديًّا، أصيب 2118، تيتّم 242 طفلًا، وسُلب الكثير من الممتلكات. وصل عدد الأشخاص الذين نُهبت ممتلكاتُهم إلى 50 ألفًا، ودُفن الضحايا في مقبرة جماعيّة في بغداد.
كانت النتيجة المباشرة للمجزرة تعزيز قوة الصهيونية، والإدراك أنّ فلسطين (أرض إسرائيل) وحدها تشكّل ملاذًا آمنًا ليهود العراق. فاقم إنشاء دولة إسرائيل ونتائج حرب العام 1948 أكثر وأكثر التوتر بين اليهود والمسلمين في العراق. فاليهود الذين اشتُبه في ممارستهم نشاطاتٍ صهيونية قُبض عليهم، احتُجزوا، وعُذِّبوا.
عام 1950، سنّت الحكومة العراقية قانونًا يسري مفعوله لعامٍ واحد، أتاح لليهود الخروج من البلاد شرطَ تنازُلهم عن جنسيّتهم العراقية. أُتيح لكلّ يهودي يبلغ عشر سنوات وما فوق أن يأخذ معه مبلغًا محدَّدًا من المال وبضعة أغراض. أمّا الممتلكات التي خلّفوها وراءهم فكان يمكنهم بيعها بمبالغ ضئيلة.
نتيجة ذلك، أطلقت دولة إسرائيل عملية باسم “عزرا ونحميا” تهدف إلى إحضار أكبر عددٍ ممكن من يهود العراق إلى البلاد. وكلّما زاد تدفّق اليهود الذين غادروا العراق، ازدادت مضايقات اليهود، حتّى إنّ البعض منهم فقد حياته.
عائلة يهودية عراقية
منذ 1949 حتّى 1951، فرّ 104 آلاف يهودي من العراق ضمن عمليات “عزرا ونحميا”، و20 ألفًا آخرون هُرِّبوا عبر إيران. وهكذا، تقلّصت الجالية التي بلغت ذروة من 150 ألف شخص عام 1947، إلى مجرّد 6 آلاف بعد عام 1951. أمّا الموجة الثانية من الهجرة فحدثت إثر ارتقاء حزب البعث السلطة عام 1968، إذ هاجر نحو ألف يهودي آخرين إلى إسرائيل. اليوم، يعيش في بغداد عددٌ ضئيل من اليهود، كما يبدو مجرّد ثمانية.
جمّدت السلطات العراقية الممتلكات الكثيرة لليهود الذين هجروا البلاد. ويُقدَّر أنّ قيمة الممتلكات كانت تبلغ نحو 30 مليون دولار في الخمسينات. أمّا بقيمة اليوم، فيمكن القول إنّ يهود العراق تركوا وراءهم ممتلكاتٍ تُقدَّر قيمتها بـ 290 مليون دولار.
خمسة إسرائيليّين – عراقيين عليكم أن تتعرفوا إليهم
عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
بدءًا من الخمسينات، ازدهرت جماعة يهود بابل في دولة إسرائيل. لم تكُن صعوبات الاستيعاب في الدولة الفتيّة بسيطة، وكان عليهم أن يناضلوا للحفاظ على هويّتهم الفريدة مقابل يهود أوروبا الشرقية، الذين رأوا فيهم ممثّلين أقل قيمة للحضارة العربية. لم تقدِّر السلطات الإسرائيلية الممتلكات الكثيرة والغنى الحضاري الذي تركوه وراءهم في بغداد والبصرة، ولم يتمكّن يهود العراق من إيجاد مكانة لهم بين سائر المهاجرين: المهاجرين من أوروبا الشرقية من جهة، والمهاجرين من شمال إفريقية من جهة أُخرى.
لكن كلّما مّرت السنون، تعرّف الشعب الإسرائيلي إلى أهمية وإسهامات المهاجرين من العراق، ووصل بعضٌ منهم إلى مواقع مركزيّة في السياسة، الثقافة، والمجال المهنيّ في إسرائيل. إليكم خمسة عراقيين يهود إسرائيليين، عليكم أن تتعرّفوا إليهم:
الحاخام عوفاديا يوسف – وُلد عام 1920 في بغداد باسم “عوفاديا عوفاديا”، وأصبح مع الوقت الزعيم الديني دون منازع لجميع يهود الشرق في إسرائيل. وضع الحاخام، الذي اعتُبر معجزة دينيّة منذ طفولته، أولى مؤلفاته الدينية في التاسعة من عُمره. يتذكّره كثيرون في إسرائيل بسبب إجازته الفقهيّة لعمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب زلّات لسانه العديدة. فقد قال مثلًا عن أريئيل شارون: “ليُنزل عليه الله – تبارك وتعالى – ضربةً لا يقومُ منها”، ووصف رئيس الحكومة نتنياهو بأنه “عنزة عمياء”.
بنيامين “فؤاد” بن إليعيزر – الطفل الصغير من البَصرة الذي أمسى قائدًا عسكريًّا بارزًا في إسرائيل، وبعد ذلك سياسيًّا شغل عددًا كبيرًا من المناصب الوزارية، وكان صديقًا مقرَّبًا من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. فبعد أن كان وزير الإسكان في حكومة رابين، وزير الدفاع في حكومة شارون، ووزير الصناعة في حكومتَي أولمرت ونتنياهو، تتجه أنظار “فؤاد” الآن إلى المقام الأرفع، إذ يسعى إلى أن يكون أوّل رئيس عراقي لدولة إسرائيل.
دودو طاسا – حفيد داود الكويتي الذي أضحى هو نفسه موسيقيًّا كبيرا ورياديًّا في إسرائيل. يدمج تاسا بين الأسلوب الغربي وبين الموسيقى العراقية التقليدية، ويُذكَر بشكل خاصّ أداؤه لأغنية فوق النخل ، التي اشتُهرت بأداء جدّه. قادت الأغنية إلى ألبوم يعزف فيه تاسا أغاني الكويتيَّين (داود وصالح).
إيلي عمير– الأديب الذي جسّد أفضل من أيّ شخص آخر مشاعر القادِمين من العراق. عبّر كتابه “ديك الفِداء”، الذي كتبه على مدى 13 عامًا، بشكل دقيقٍ عن مصاعب شابّ ذي أصل عراقي يستصعب الوصل بين عالم والدَيه الماضي وبين عالَم رجال الكيبوتز ذوي الأصول الأوروبية، الذي أراد الاندماج فيه. بقيت لغته الأم عربية، وهو حزين للإكراه الثقافي الإسرائيلي، الذي ألزمه بمحو ماضيه. مع السنوات، أضحى عمير ناشطًا في حزب العمل الإسرائيلي.
إيلي يتسفان – كبير الكوميديين الإسرائيليين هو في الواقع من أصل عراقيّ. فرغم أنه وُلد في إسرائيل، والداه كلاهما عراقيّان. سمع يتسفان، أصغر خمسة أبناء، العربية العراقية تصدح في بيته، وأصبح مقلّدًا موهوبًا قادرًا على تمثيل شخصية أيّ إنسان، ولا سيّما شخصيات من العالم العربي. كاد تقليده للرئيس المصري محمد حسني مبارك (الذي أعطى مبارك لهجة مختلطة – مصريّة وعراقيّة) يقود إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – المصريّة.
جمهور المطربة الإسرائيلية ذات الأصول الشرقية ينتظر عودتها إلى اللون الشرقي، فهل تستجيب؟ أم أنها ستبقى في عالمها الخاص، مواصلة خوض تجربة "الروك نرول"، بحثا عن "الحقيقة الفنية"
اشتهرت المطربة الإسرائيلية، نينت طيب، في عام 2003 في برنامج المواهب “نجم يولد”، حين سحرت الجمهور الإسرائيلي بفضل أغنية مشهورة للمطرب الإسرائيلي ذي الجذور الشرقية، زوهر أرغوف. وبعد تتوجيها آنذاك بلقب محبوبة الجماهير، صارت نينت طيب، فتاة مغمورة من مدينة كريات جات، من أشهر المطربات الإسرائيليات. لكن شيئا ما حدث بعد ذلك في حياة نينت، فبعد أن ظن كثيرون أن نينت ستكون النجمة الجديدة للموسيقى الشرقية في إسرائيل، اتجهت هي إلى طريق آخر. فهل تعود نينت إلى أحضان الموسيقى الشرقية
بداية القصة
بعد فترة على تتويجها “محبوبة الجماهير”، حيث كانت نينت مغنية “مطيعة” تسعى إلى إرضاء جماهيرها ولا تريد أن تخرج عن الإجماع الذي تشكل في إسرائيل حول اللون الذي يجب أن تؤديه، اتخذت سيرة نينت المهنية منحى مختلفا، إذ بدأت تبتعد عن عالم الموسيقى الشرقي، خائضة عالم الموسيقى الغربية، وخاصة لون “الروك ن رول” الصاخب.
وفجأة تحوّلت المطربة المحبوبة إلى مغنية مثيرة للجدل، حيث كُتب عنها في إسرائيل، بأنها قررت الابتعاد عن أصلها منذ أن انتقلت إلى “تل أبيب”، ساعية إلى إرضاء نخبة “الأشكناز” التي تسيطر على مشهد الموسيقى في هناك.
https://www.youtube.com/watch?v=oD7H8EDPSZk
وحسب نقاد إسرائيليين، فإن محاولات نينت في الوصول إلى “لون” موسيقي خاص بها، وإن كانت محاولات يجب احترامها والانتباه إليها، باءت بالفشل. والسبب أن “الروك ن رول” الذي قدمته نينت لم يرق للجمهور الإسرائيلي الذي لم ينس يوما أن نينت أبدعت حينما غنت أغنية شرقية.
لكن المطربة الجميلة واصلت في ما تؤمن به، وتعلمت العزف، وقررت خوض تجربة الكتابة. وفي حديثها عن مشاريعها هذه قالت نينت أكثر من مرة أنها تفضل أن تكون صريحة مع نفسها على أن ترضي الجمهور بأغاني شرقية، فقط لأنها من أصل شرقي وغنت مرة أغنية شرقية.
https://www.youtube.com/watch?v=HLeXPmxUffE
لكن علاقة نينت بالجمهور الإسرائيلي اتجهت إلى الأسوأ، ومنذ عام 2007، تخلت نينت عن العروض الموسيقية العامة وأصبحت تقيم حفلات موسيقية صغيرة في أماكن مغلقة وخاصة.
حياتها الشخصية طغت على تلك الفنية
وإلى جانب الموسيقى، أصبحت اهتمامات نينت تزداد وتبتعد عن الموسيقى، فقد قامت بعدة أدوار تمثيلية وظهرت في أفلام ومسرحيات. ومن المعروف أن الشركات الكبرى تنقض على المشاهير من أجل تسويق بضاعتاها، وهكذا أصحبت عارضة أزياء لملابس داخلية للشركة الإسرائيلية “ديلتا”.
وقل الاهتمام بمسيرة نينت الموسيقية وانصب اهتمام الجماهير بحياتها الشخصية، خاصة بعد أن انفصلت عن ممثل مشهور كانت على علاقة طويلة معه. ومن ثم بزواجها، وحبلها، وإنجابها طفلا العام الجاري.
وجاءت مرحلة أخرى للمطربة التي ابتعدت أكثر فأكثر عن أصلها الشرقي، حيث خاضت تجربة الغناء باللغة الإنجليزية. ونال مسعاها هذا إعجاب المطرب العالمي المعروف، روبي وليمز، والذي طلب منها أن تكون المطربة “المحفزة” في عرضه الأخير في إسرائيل.
وردا على الانتقادات التي وجّهت إليها، أنها مغنية تهرب من قدرها، ولا يليق بها اللون الغربي، تقول إن ما يهمها أن تكمل مشوارها الفني وهي مخلصة لذاتها وللفن الذي تؤمن به.
المطربة الإسرائيلية نينت طيب (فيس بوك)
يذكر أن نينت انتخبت عام 2009 وعام 2012 لتمثيل إسرائيل في احتفال جوائز MTV الموسيقية، إلا أنها لم تستطع الوصول إلى النهائيات.
نقطة التحول.. ربما
ثمة دلائل على أن نينت تعود إلى الجذور، فبعد زواجها من فنان هو الآخر من أصول شرقية، حرصت نينت أن يكون حفل زفافها على الأصول المغربية، حيث أدت طقس “الحناء”.
وساهمت أخيرا في مشروع كبير للملحن والمبدع، دودو طاسا، والذي يولي اهتماما كبيرا للموسيقى العراقية. فبعد تردد كبير، قررت نينت أنها تريد أن تشارك في مشروعه الذي يلقى إعجاب الجمهور الإسرائيلي، وللمرة الأولى غنّت المطربة أغنية بالعربية “ذوب وتفطر (يا سليمه)”.
https://www.youtube.com/watch?v=6P1GT0I8cXo
والجميع يتساءل اليوم إن كانت أغنية نينت بالعربية مؤشرا على عودتها إلى جذورها، أم أنها كانت أغنية واحدة ووحيدة وهي لا تتخلى عن ارتباطها “المصطنع” مع الموسيقى الغربية.
المؤكد في قصة نينت، هو أنه، لو قررت استثمار طاقاتها للغناء الشرقي، فأولا سيتنافس عليها كبار الوسط الفني الشرقي في إسرائيل. وثانيا، هي الوحيدة، حسب نقاد في إسرائيل، القادرة على اختراع الموسيقى الشرقية من جديدة في إسرائيل، وبذلك ستتحول إلى المطربة ذات التأثير الأكبر على الموسيقى الإسرائيلية.
أغنية أولى من الألبوم الجديد للمطرب الإسرائيلي، دودو طاسة من أداء المطربة نينت. الأغنية هي جزء من الألبوم الثاني في إطار مشروع يدعى "الكويتيون" لطاسة، والذي يتضمن مشاركات مفاجئة
تتم تأدية أغنية جديدة للمطربة الإسرائيلية الناجحة، نينت طيب، باللغة العربية. تم إنجاز الأغنية في إطار مشروع يُدعى “الكويتيون” وهو للمبدع والمطرب الإسرائيلي، دودو طاسة. يعود دودو طاسة في إطار مشروع “الكويتيون” إلى جزوره العراقية. لقد تم إطلاق الألبوم الأول من المشروع في عام 2011، وتنشر الآن السنون الأولى من الألبوم الثاني للمشروع من أداء المطربة نينت.
دودو طاسة (FLASH90)
يدعى الألبوم الثاني “على الشواطي” وتدعى الأغنية من أداء نينت “ذوب وتفطر” (یا سلیمه). يتم أداء الأغاني بالعربية فقط وتؤدي نينت المهام بنجاح باهر. الموسيقى في الألبومين هي للأخوين صالح وداود الكويتي، جد وأخ جد دودو طاسة، واللذين كانا موسيقيين معروفين في العراق.
مع إطلاق الأغنية “ذوب وتفطر (يا سليمه)” قال طاسة إن كنز الأغاني الذي تركوه وراءهم الأخوين الكويتي هو كنز لا يفنى وأضاف: “كانت السنوات التي تلت إطلاق الألبوم “الكويتيون” مثيرة للاهتمام من جهتي وكان شرف لي أن أستضيف موسيقيين رائعين في الألبوم الجديد وأنا سعيد به”.
تحدثت نينت طيب عن التعاون مع طاسة وقالت إنه من جهتها فهو بمثابة حلم يتحقق لأنها تحب كثيرا الألبوم الأول لدودو في إطار مشروع “الكويتيون” وسمعت عنه كثيرا.
كما وشاركت المطربة الإسرائيلية، ريف كوهين بتسجيل الألبوم الجديد لطاسة وربما سنحظى بسماع أغان من أدائها لاحقا.
كتب مدير قسم البث في محطة الراديو الإسرائيلية إذاعة الجيش، عومر بن روبي، أمس على حسابه في تويتر أنه قد اتصل عدد من الإسرائيليين بمحطة الراديو متذمرين من الأغنية بالعربية لطاسة ونينت والتي يتم بثها في الراديو.
لا يعيش أكثر من ثمانية يهود اليوم في بغداد، لكنهم بقيّة جاليةٍ مجيدة تعود جذورها إلى أكثر من ألفَين وخمسمائة عام؛ وأيضًا: خمسة عراقيين إسرائيليين يجب أن تتعرفوا إليهم
“يهود بابل” – هذا هو اللقب الذي يستخدمه حتّى اليوم كثير من اليهود ذوي الأصل العراقيّ الذين يقطنون في إسرائيل للإشارة إلى أنفسهم. يهود بابل، لا يهود العراق. ليس بلا سبب تفضيلُ عديدين اللقب القديم على اسم الدولة العصرية التي أتَوا منها – فالجالية اليهودية في العراق ذات جذور تاريخية ضاربة في العمق، تصل إلى دمار الهيكل الأول في أورشليم عام 607 قبل الميلاد.
فقد سبا ملك الإمبراطورية البابلية، نبوخذنصر الثاني، اليهود من موطنهم التاريخي إلى بابل البعيدة، حيث نشأت جالية يهودية جديدة ومزدهرة. لم يتوقف يومًا الحنين إلى الموطن، ويتجلى ذلك في المزمور 137، العدد 1: “عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ، هُنَاكَ جَلَسْنَا. بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَمَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ”. لكن في فترةٍ متأخرة أكثر تاريخيًّا، مثل فترة كورش، التي أُجيز فيها لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، بقيت جالية يهود بابل قائمة وكبيرة.
شاهدوا حفل زفاف عراقيًّا يهوديًّا تقليديًّا:
http://youtu.be/Uu5skKgA_PM
النموّ والازدهار
كانت جالية يهود بابل الأكبر والأكثر ازدهارًا بين الجاليات اليهودية، حتّى حين تشتّت اليهود في كلّ أرجاء المعمورة. فقد كانت الجالية مركزًا تجاريًّا وحضاريًّا مزدهرًا، فضلًا عن كونها مركزًا روحيًّا ودينيَّا ذا أهمية كبرى. تجمّع جميع حكماء الديانة اليهودية بين نهرَي دجلة والفرات، وأقاموا هناك قرونًا. تعاملت الإمبراطورية البارثية التي سيطرت على المنطقة جيّدًا مع اليهود، ومنحتهم حقوقًا بإدارة مستقلّة وحريّة ثقافيّة. في هذه الفترة، بلغ الفِكر اليهودي إحدى ذُراه، في تأليف “التلمود البابلي”. كذلك في السنوات اللاحقة، تحت حُكم الساسانيّين، كان اليهود محميّين من أيّ أذى.
قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)
مع انتشار الإسلام وسيطرة الخلفاء، بدءًا من القرن السابع الميلادي، تحسّن كثيرًا وضع يهود بابل، إذ أصبح للمرة الأولى معظم يهود العالم تحت السيادة نفسها – سيادة الإسلام. لكنّ هذا التعامُل لم يكُن ثابتًا، إذ كان وضع اليهود يعتمد على نظرة الحاكم. ورغم أنّهم نعموا غالبًا بالأمان، لكنهم كانوا تحت تهديد أحكامٍ – مثل حظر الخليفة عُمر بن عبد العزيز في مطلع القرن الثامن أن يلبسوا كالعرب أو أن يعيشوا حياة رفاهية، أو حُكم الخليفة المتوكّل في القرن التاسع، الذي ألزمهم بلبس ثياب خاصّة تكون علامة عار. في فترة الخليفة المأمون، دُعي اليهود “أخبث الأمم”، ودُمّرت مجامع يهودية كثيرة في عهده. في القرون الوسطى، هجر يهود كثيرون بغداد ومحيطها للسكن في الأندلُس، التي أصبحت مركزًا إسلاميًّا مزدهرًا في العالم.
كانت الفترة العثمانية أيضًا فترةً مفعمة بالتقلّبات بالنسبة للجالية في العراق. لكن كلّما ازدادت موجات الدمقرطة، تحسّن وضع اليهود، الذين شكّلوا جزءًا هامًّا من الحياة العامّة والتجاريّة في العراق. عام 1908، حصل جميع يهود العراق على مساواة في الحقوق وحرية دينية كفلها القانون، حتّى إنّ بعضهم أُرسل لتمثيل العراق في البرلمان العُثمانيّ.
كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)
بعد الحرب العالمية الأولى وتتويج فيصل ملكًا على البلاد، تحسّن وضع اليهود أكثر فأكثر. كان وزير المالية الأول للعراق في العصر الحديث يهوديًّا، اسمه حسقيل ساسون . اتّخذ ساسون عددًا من القرارات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العراقي في القرن العشرين، بما فيها تنظيم تصدير النفط إلى بريطانيا. وبشكل عامّ، أضحت أسرة ساسون البغداديّة إمبراطوريّة اقتصاديّة امتدّت من الهند شرقًا حتّى أوروبا غربًا.
أمّا ما زاد شهرة يهود العراق أكثر من أيّ شيء آخر في العصر الحديث فهو موسيقاهم. فقد اشتُهر الكثير من اليهود بفضل مواهبهم الموسيقيّة، وفي مسابقة الموسيقى في العالم العربي التي أُقيمت في القاهرة في الأربعينات، فاز الوفد العراقي، الذي تألّف من موسيقيين يهود ومُطرب مسلم واحد. ويُذكَر بشكل خاصّ صالح وداود الكويتي، اللذان أنشآ فرقة الإذاعة الموسيقية الوطنية في العراق، حتّى إنهما غنّيا في حفل تنصيب الملك فيصل الثاني.
التدهوُر والمغادَرة
حدث التدهوُر الأكبر في وضع يهود العراق مع صعود النازيين في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين. فقد عملت السفارة الألمانية في بغداد بوقًا لرسائل لاساميّة أدّت تدريجًا إلى تغيّر نظرة العراقيين المسلمين إلى إخوتهم اليهود. فعام 1934، فُصل عشرات الموظَّفين اليهود من وزارة الاقتصاد، عام 1935 فُرضت قيود على عدد اليهود في المدارس، وعام 1938 أُقفلت صحيفة “الحصاد”، لسان حال يهود العراق.
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
وكانت الذروة عام 1941، بعد فشل الانقلاب الذي قاده رشيد عالي الكيلاني، الذي سعى إلى طرد البريطانيّين وإنشاء سُلطة ذات رعاية ألمانية – نازيّة. في تلك السنة، حدث ما يُعرف بالفرهود – المجزرة الأكبر بحقّ يهود العراق. في إطار الاضطرابات، قُتل 179 يهوديًّا، أصيب 2118، تيتّم 242 طفلًا، وسُلب الكثير من الممتلكات. وصل عدد الأشخاص الذين نُهبت ممتلكاتُهم إلى 50 ألفًا، ودُفن الضحايا في مقبرة جماعيّة في بغداد.
كانت النتيجة المباشرة للمجزرة تعزيز قوة الصهيونية، والإدراك أنّ فلسطين (أرض إسرائيل) وحدها تشكّل ملاذًا آمنًا ليهود العراق. فاقم إنشاء دولة إسرائيل ونتائج حرب العام 1948 أكثر وأكثر التوتر بين اليهود والمسلمين في العراق. فاليهود الذين اشتُبه في ممارستهم نشاطاتٍ صهيونية قُبض عليهم، احتُجزوا، وعُذِّبوا.
عام 1950، سنّت الحكومة العراقية قانونًا يسري مفعوله لعامٍ واحد، أتاح لليهود الخروج من البلاد شرطَ تنازُلهم عن جنسيّتهم العراقية. أُتيح لكلّ يهودي يبلغ عشر سنوات وما فوق أن يأخذ معه مبلغًا محدَّدًا من المال وبضعة أغراض. أمّا الممتلكات التي خلّفوها وراءهم فكان يمكنهم بيعها بمبالغ ضئيلة.
نتيجة ذلك، أطلقت دولة إسرائيل عملية باسم “عزرا ونحميا” تهدف إلى إحضار أكبر عددٍ ممكن من يهود العراق إلى البلاد. وكلّما زاد تدفّق اليهود الذين غادروا العراق، ازدادت مضايقات اليهود، حتّى إنّ البعض منهم فقد حياته.
عائلة يهودية عراقية
منذ 1949 حتّى 1951، فرّ 104 آلاف يهودي من العراق ضمن عمليات “عزرا ونحميا”، و20 ألفًا آخرون هُرِّبوا عبر إيران. وهكذا، تقلّصت الجالية التي بلغت ذروة من 150 ألف شخص عام 1947، إلى مجرّد 6 آلاف بعد عام 1951. أمّا الموجة الثانية من الهجرة فحدثت إثر ارتقاء حزب البعث السلطة عام 1968، إذ هاجر نحو ألف يهودي آخرين إلى إسرائيل. اليوم، يعيش في بغداد عددٌ ضئيل من اليهود، كما يبدو مجرّد ثمانية.
جمّدت السلطات العراقية الممتلكات الكثيرة لليهود الذين هجروا البلاد. ويُقدَّر أنّ قيمة الممتلكات كانت تبلغ نحو 30 مليون دولار في الخمسينات. أمّا بقيمة اليوم، فيمكن القول إنّ يهود العراق تركوا وراءهم ممتلكاتٍ تُقدَّر قيمتها بـ 290 مليون دولار.
خمسة إسرائيليّين – عراقيين عليكم أن تتعرفوا إليهم
عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
بدءًا من الخمسينات، ازدهرت جماعة يهود بابل في دولة إسرائيل. لم تكُن صعوبات الاستيعاب في الدولة الفتيّة بسيطة، وكان عليهم أن يناضلوا للحفاظ على هويّتهم الفريدة مقابل يهود أوروبا الشرقية، الذين رأوا فيهم ممثّلين أقل قيمة للحضارة العربية. لم تقدِّر السلطات الإسرائيلية الممتلكات الكثيرة والغنى الحضاري الذي تركوه وراءهم في بغداد والبصرة، ولم يتمكّن يهود العراق من إيجاد مكانة لهم بين سائر المهاجرين: المهاجرين من أوروبا الشرقية من جهة، والمهاجرين من شمال إفريقية من جهة أُخرى.
لكن كلّما مّرت السنون، تعرّف الشعب الإسرائيلي إلى أهمية وإسهامات المهاجرين من العراق، ووصل بعضٌ منهم إلى مواقع مركزيّة في السياسة، الثقافة، والمجال المهنيّ في إسرائيل. إليكم خمسة عراقيين يهود إسرائيليين، عليكم أن تتعرّفوا إليهم:
الحاخام عوفاديا يوسف – وُلد عام 1920 في بغداد باسم “عوفاديا عوفاديا”، وأصبح مع الوقت الزعيم الديني دون منازع لجميع يهود الشرق في إسرائيل. وضع الحاخام، الذي اعتُبر معجزة دينيّة منذ طفولته، أولى مؤلفاته الدينية في التاسعة من عُمره. يتذكّره كثيرون في إسرائيل بسبب إجازته الفقهيّة لعمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب زلّات لسانه العديدة. فقد قال مثلًا عن أريئيل شارون: “ليُنزل عليه الله – تبارك وتعالى – ضربةً لا يقومُ منها”، ووصف رئيس الحكومة نتنياهو بأنه “عنزة عمياء”.
بنيامين “فؤاد” بن إليعيزر – الطفل الصغير من البَصرة الذي أمسى قائدًا عسكريًّا بارزًا في إسرائيل، وبعد ذلك سياسيًّا شغل عددًا كبيرًا من المناصب الوزارية، وكان صديقًا مقرَّبًا من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. فبعد أن كان وزير الإسكان في حكومة رابين، وزير الدفاع في حكومة شارون، ووزير الصناعة في حكومتَي أولمرت ونتنياهو، تتجه أنظار “فؤاد” الآن إلى المقام الأرفع، إذ يسعى إلى أن يكون أوّل رئيس عراقي لدولة إسرائيل.
دودو طاسا – حفيد داود الكويتي الذي أضحى هو نفسه موسيقيًّا كبيرا ورياديًّا في إسرائيل. يدمج تاسا بين الأسلوب الغربي وبين الموسيقى العراقية التقليدية، ويُذكَر بشكل خاصّ أداؤه لأغنية فوق النخل ، التي اشتُهرت بأداء جدّه. قادت الأغنية إلى ألبوم يعزف فيه تاسا أغاني الكويتيَّين (داود وصالح).
إيلي عمير– الأديب الذي جسّد أفضل من أيّ شخص آخر مشاعر القادِمين من العراق. عبّر كتابه “ديك الفِداء”، الذي كتبه على مدى 13 عامًا، بشكل دقيقٍ عن مصاعب شابّ ذي أصل عراقي يستصعب الوصل بين عالم والدَيه الماضي وبين عالَم رجال الكيبوتز ذوي الأصول الأوروبية، الذي أراد الاندماج فيه. بقيت لغته الأم عربية، وهو حزين للإكراه الثقافي الإسرائيلي، الذي ألزمه بمحو ماضيه. مع السنوات، أضحى عمير ناشطًا في حزب العمل الإسرائيلي.
إيلي يتسفان – كبير الكوميديين الإسرائيليين هو في الواقع من أصل عراقيّ. فرغم أنه وُلد في إسرائيل، والداه كلاهما عراقيّان. سمع يتسفان، أصغر خمسة أبناء، العربية العراقية تصدح في بيته، وأصبح مقلّدًا موهوبًا قادرًا على تمثيل شخصية أيّ إنسان، ولا سيّما شخصيات من العالم العربي. كاد تقليده للرئيس المصري محمد حسني مبارك (الذي أعطى مبارك لهجة مختلطة – مصريّة وعراقيّة) يقود إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – المصريّة.
عزف جدّه أمام الملك فيصل في العراق، وعرف دودو طاسا أنّه ملزَم بالحفاظ على الإرث. بعد 80 سنة، أصدر ألبومًا خاصًّا. اقرأوا عن النتيجة المؤثرة والموسيقي الذي يدمج بين الشرق والغرب
“العودة إلى الجذور” هي ظاهرة آخذة في الازدياد في صناعة الموسيقى في إسرائيل. المزيد من الفنانين – المؤلفين، الملحنين، والمغنّين – يسعَون للعودة إلى أماكن طفولتهم، إلى روائع الأنغام وشذى الروائح، الآلات الموسيقية والأغاني، والحضارة التي أحضرها آباؤهم، أو أجدادهم وجدّاتهم، الذين قدِموا من شبه الجزيرة العربية، شمال إفريقيا، والقارة الأوروبيّة.
أحد هؤلاء الموسيقيين هو دودو طاسا (36 عامًا)، فنان موسيقي متعدد المواهب يتقن الكتابة والأداء، فضلًا عن التوزيع والإخراج. قبل نحو عامَين، رأى ألبومه الأول النور، باسم “دودو طاسا والكويتيان”، إذ تألف من موادّ لجدّ طاسا، داود الكويتي، وأخيه صالح. كان كلاهما موسيقيَّين شهيرَين جدَّا في العراق، في النصف الأول من القرن العشرين، واعتُبرا مقرّبَين من الأسرة المالكة في العراق، في عهد الملكَين فيصل وغازي.
استمعوا إلى دودو طاسا وفرقته يؤديان أغنية قديمة من العراق، “والله عجبني جمالك”:
الألبوم هو ثمرة عمل دؤوب لطاسا، امتدّ أكثر من عقد. فقد جمع موادّ من مصادر لا تُحصى، استمعَ إلى أغانٍ أصلية نجت من قلاقل الزمان والمكان، عمل على إعادة توزيعها، وأخيرًا سجّلها في ستوديو، بالتعاون مع موسيقيين بارزين أمثال يهوديت رفيتس وباري سحاروف. والشخصية الأخرى التي شاركت في الألبوم هي كارميلا تاسا، أم دودو وابنة داود، التي رافقت بصوتها عددًا من الأغاني.
رغم أنّ اللحن الأصلي جرت المحافظة عليه في الأغاني، بشكل خاصّ بفضل الاستخدام الصحيح لآلات وترية منوّعة (العود، مثلًا)، فإنّ المستوى الرفيع للإنتاج الموسيقي يمنحها شعورًا بالحداثة وعمقًا غيرَ عاديّ. ليس مدهِشًا أنّ دودو طاسا تحديدًا نجح في الدمج بين الأسلوب الموسيقي القديم، وبين ستوديو التسجيلات العصري. لكن، لفهم شخصيته، يجدر بنا العودة قليلًا إلى الوراء.
يصعُب التصديق أنّ ألبومه الأول صدر عام 1990، حين كان في الثالثة عشرة من عمره. ينفجر من حنجرته صوتُ عندليب، وبتأثير البيئة التي نشأ فيها، أُنتِج “أوهيف إت هشيريم” (يُحبّ الأغاني) بأسلوب متوسطي. في الحي الذي ترعرع فيه في تل أبيب، حي “هتكفاه، كان نجمًا صاعدًا وصوتًا مطلوبًا. رغم ذلك، رفض أن يواصل الخطّ نفسه، وأصدر ألبومه الثاني بعد عقد، احترفَ خلاله العزفَ والدراسات النظرية لجوانب الموسيقى المختلفة.
نجاح أوّل – منذ الثالثة عشرة في الأغنية الضاربة “أني شار” (أنا أغنّي):
عام 2003، عاد إلى الضوء مجددًا بعد صدور ألبومه الثالث “ميتوخ بحيراه” (طوعًا)، وبفضل مشاركته كعازف في فرقة برنامج حواريّ ناجح. أذاعت المحطات الإذاعية أغانيه دون توقف، وسُمع صوته الرقيق في كلّ مكان. تميّز الألبوم بنغمة “روك” من جهة، وباستخدام آلات نفخ وبانكسارات مفاجئة في صوته كوسيلة تشديد من جهة أخرى.
من ذلك الحين فصاعدًا، أضحى شخصية معروفة في المشهد الموسيقي، أصدر 4 ألبومات خاصة، وأسهم في كتابة، عزف، وإنتاج أغانٍ وألبومات عديدة لفنانين آخرين. أضاف عناصر راي وبوب، اتجه إلى الغناء العبري القديم وتحديث الأغاني، وواصل طريقه الموسيقية الخاصّة. في ألبومه السادس، “بسوف مترجليم لهكول” (في النهاية، نعتاد على كل شيء)، كانت الأغنية “إيزِه يوم” (أي يوم)، التي استضاف فيها عازف الغيتار الشهير، جوني غرينوود، عضو فرقة “راديوهيد” البريطانية.
أصغوا إلى الأغنية الرائعة “إيزه يوم” (أي يوم)، نموذج لـ”الاندماج” الموسيقي الذي رفعه تاسا إلى رتبة الفنّ:
لا يكفّ تاسا عن الإتيان بالمفاجآت. فإلى جانب التعاونات المثيرة، وبعد إصدار الألبوم الذي يشمل أغاني جدّه (وشقيق جدّه)، تفرّغ لمسيرة موسيقية إضافية، كممثل سينمائي. فقد شارك العام الماضي في فيلم “الأغنية الشعبية للربيع الباكي”، إيماءة للموسيقى الشرقية (المتوسطية) ذات الجذور، التي رافقت بلوغ كثيرين من الإسرائيليين. ورغم أنه تلقى المديح على ظهوره المبهِج، يبدو أنه ينوي العودة للتركيز على الموسيقى. وربما، في المستقبل القريب أو البعيد، يقرّر السير على خطى داود، وإصدار ألبوم جديد باللغة العربية. حتّى يحدثّ ذلك، يبقى لنا أن نستمتع بما أصدره حتّى الآن.
وفي النهاية، أنتم مدعوون للتمتّع بأداء دودو تاسا لأغنية “فوق النخل”، أغنية شعبية عراقية: