حمد بن خليفة آل ثاني

بتمويل قطر.. ضباط إسرائيليون يحاضرون عن إسرائيل خارج البلاد

الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (AFP)
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (AFP)

كشف الإعلامي الإسرائيلي باراك رافيد عن تلقي منظمة يهودية أمريكية تعمل لصالح الدعاية الإسرائيلية في خارج البلاد منحة من الحكومة القطرية عبر رجل أعمال يهودي يعمل لدفع مصالح الدوحة في الولايات المتحدة

12 يوليو 2018 | 11:31

كشف المحلل السياسي والمراسل في القناة الإسرائيلية العاشرة، باراك رافيد، أمس الأربعاء، عن أن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي ومسؤولين إسرائيليين، شاركوا في نشاطات منظمة يهودية يمينية اسمها Our Soldiers Speak (جنودنا يتحدثون) في خارج البلاد، رغم حصول هذه المنظمة على تمويل من قطر.

وتعمل المنظمة المذكورة لصالح الدعاية الإسرائيلية خارج البلاد، عبر منح مسؤولين في الجيش والشرطة والحكومة الإسرائيلية منبرا في جامعات ومعاهد بحث خارج البلاد لتوضيح موقف هذه المؤسسات والدفاع عن مصالح إسرائيل.

ضابط إسرائيلي يحاضر في الولايات المتحدة في إطار نشاط لمنظمة “جنودنا يتحدثون” (فيسبوك)

والملفت في القصة أن هذه المنظمة التي يديرها بنجامين أنتوني -يهودي بريطاني قرر القدوم إلى إسرائيل وخدم في الجيش الإسرائيلي- حصلت على تمويل من قطر بمقدار 100 ألف دولار. كيف؟

حسب رافيد الذي وصف القصة بأنها “غريبة”، فقد حصلت المنظمة على منحة من رجل أعمال يهودي أمريكي اسمه جوي اللحام، الذي يعمل في الراهن لصالح دفع مصالح قطر في الولايات المتحدة.

وكشف فحص رافيد أن 3 ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، ومسؤولة كبيرة في وزارة العدل الإسرائيلية، سافروا إلى الولايات المتحدة منذ حصول المنظمة على التبرع من قطر.

وأشار المراسل الإسرائيلي إلى أن الجيش الإسرائيلي، تحديدا وحدة المتحدث باسم الجيش، رونين مانليس، يتعاون باستمرار مع منظمة “جنودنا يتحدثون”، لكنه لم يقدم على فحص الجهات الممولة لهذه المنظمة، لا سيما التمويل من قطر عبر رجل أعمال يهودي، كما ذكر آنفا.

أما مؤسس منظمة “جنودنا يتحدثون”، فقد رد على هذا الكشف في حديث للصحيفة الأمريكية “Jewish week”، قائلا إنه لم يكن يعلم أن التبرع للمنظمة مصدره الحكومة القطرية، وأوضح أنه لن يعيد الأموال وإنما سيستغلها لنشاطات الدعاية لصالح إسرائيل.

وتساءل المراسل الإسرائيلي في معرض تقريره: “لماذا يسافر ضباط الجيش ومسؤولون إسرائيليون إلى خارج البلاد لإلقاء محاضرات في نطاق وظيفتهم على حساب منظمات أجنبية؟ لماذا لا يمول الجيش بنفسه هذه النشاطات إن كانت مهمة بنظره”.

وعن السبب وراء تمويل قطر لمنظمة يهودية أمريكية يمينية، فقال رافيد إنه يعتقد أن قطر تسعى مؤخرا وراء منظمات يهودية أمريكية، لا سيما يمينية، وتغازلها، بهدف التقرب أكثر إلى إدارة ترامب، مع العلم أن هذه المنظمات قادرة على التأثير على الإدارة أكثر من غيرها.

اقرأوا المزيد: 313 كلمة
عرض أقل
الإعلامي المصري عمرو أديب وشعار قناة الجزيرة (AFP)
الإعلامي المصري عمرو أديب وشعار قناة الجزيرة (AFP)

العلاقات المصرية – القطرية تتفجر رسميا وإعلاميا من جديد

مصر تتهم قطر من جديد بدعمها للإرهاب، وتلك ترد باستدعاء سفيرها في القاهرة لمشاورات عاجلة، والإعلام الرسمي المصري يتهم "الجزيرة" بنشر صور مضللة لأطفال زعمت أنهم قُتلوا جراء الضربات المصرية في ليبيا

19 فبراير 2015 | 14:05

يبدو أن الرِهان على عودة المياه إلى مجاريها فيما يتعلق بالعلاقات المصرية – القطرية كان مبكرا، حيث أن تفجر العلاقات بين ليلة وضحاها بين الطرفين، على خلفية الأزمة الليبية، تؤكد عمق الخلاف وعدم الثقة الذي يسود بين النظامين الحاليين في القاهرة والدوحة. وقد يكون استدعاء قطر لسفيرها في القاهرة للتشاور بعد اتهام مصر لقطر بأنها دولة “شاذة” وتدعم الإرهاب، مفاجئا لكثيرين، لكن ملامحه بدأت في المعركة الإعلامية المتواصلة بين “الجزيرة” الإعلام المصري الرسمي.
https://www.youtube.com/watch?v=ZwOARtipfu8

رسميا، نشب الخلاف بين مصر وقطر في الجامعة العربية حين صرّح السفير المصري طارق عادل أن التحفظ القطري على الإجماع العربي المساند لحق مصر في الدفاع عن مواطنيها “ليس مستغربا حيث يؤكد مرة أخرى خروج قطر عن الإجماع العربي.. فإنه بات واضحا أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب”، وعلى هذا علّق السفير القطري سعد بن علي المهندي واصفا الموقف القطري بأنه “موتور” وقد “جانبه الصواب والحكمة”.
https://www.youtube.com/watch?v=EM_cVQPCqmY

وطفت ملامح الخلاف على السطح عبر التغطية الإعلامية في قطر ومصر، فالقناة القطرية “الجزيرة” شدّدت في تقاريرها الصحفية على سقوط عشرات المدنيين في ليبيا بينهم أطفال، في الغارات المصرية الموجهة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، مقترحة كذلك أن مصر تقوم بتصدير مشاكلها الخارجية عبر انشغالها في الأزمة الليبية.

وكانت الجزيرة قد زادت من وتيرة انتقادها للإعلام المصري قائلة إن “حديث الحرب” و “الثأر” يسيطر على برامج الفضائيات المصرية، ومسلطة الضوء على “أقطاب” الإعلامي الرسمي، أحمد موسي، وعمرو أديب، ووائل الإبراشي، الذين أبدوا كثيرا من الحماسة والتحريض على ذهاب مصر إلى حرب خارجية، حتى أن واحدا صرح أن مصر “ستعدم بلدانا كاملة”.

الجزيرة تبث صورا لأطفال تزعم أنهم قضوا في ليبيا جراء الضربات المصرية (الجزيرة)
الجزيرة تبث صورا لأطفال تزعم أنهم قضوا في ليبيا جراء الضربات المصرية (الجزيرة)

وأثارت صور “الجزيرة” لأطفال زعمت أنهم ليبيون أبرياء قتلوا جرّاء الغارات المصرية في ليبيا، غيظ الإعلام المصري الذي اتهم الجزيرة بأنها تنشر صورا قديمة لأطفال قتلى، وأنها “لا تزال مضللة ومشاركة في الجرائم الإرهابية ضد مصر”.

الإعلام المصري يحاول إظهار التشابة بين شعار الجزيرة وشعار قناة الحياة التابعة لتنظيم الدولة (من النت)
الإعلام المصري يحاول إظهار التشابة بين شعار الجزيرة وشعار قناة الحياة التابعة لتنظيم الدولة (من النت)

وذهب الإعلام المصري إلى أبعد حد لكي يثبت أن علاقة الجزيرة بالمنظمات الإرهابية، وكان أبدعهم الإعلامي مصطفي شردي الذي اقترح أن ثمة تشابه كبير بين شعار قناة الجزيرة، وقناة الحياة التي أذاعت عملية ذبح الـ21 مصرياً في ليبيا على يد تنظيم “داعش”.

اقرأوا المزيد: 308 كلمة
عرض أقل
الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)
الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)

تعرّفوا على السيّدة الأولى، الأجمل والأقوى في قطر

شيخة موزا بنت ناصر المسند هي كما يبدو الملكة القطرية الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط، سواء في مجالات الجمال والأزياء أو في مجالات الثروة والاستثمارات الاقتصادية الربحية لدولة قطر

إنّ قصة قطر هي قصة متنوعة. يبرز اسم الدولة الأغنى في الشرق الأوسط مؤخرًا في سياقات جيوسياسية واسعة جدًا. مثل قدرتها على إدارة الإعلام الجديدة بواسطة قناة الأخبار الجزيرة، والتأثير على العمليات الجيوسياسية الواسعة في فضاء الشرق الأوسط المتغير، ورغبتها بأن تصبح إمارة قادرة على كل شيء والعلاقات الواسعة التي تحاول الحفاظ عليها مع الحركات الإسلامية المختلفة مثل الإخوان المسلمين في مصر وحماس في غزة.

مؤخرًا فقط تنازل أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، زوج الشيخة عن منصبه كأمير للدولة الصغيرة والأكثر تأثيرًا في العالم العربي ونقل صولجان الحكم لابن الشيخ والشيخة المشترك، الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني. انتقل مركز الحكم إلى الابن البكر للزوجين ولكن استمرّت الأم بيد عليا في إدارة بعض المشاريع الأكثر شهرة وأهمية في تحريك اقتصاد النفط الهائل للدولة.

الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)
الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)

عرضت قائمة أفضل المرتديات للملابس في مجلة الأزياء المرموقة، ‏Vanity Fiar‏ لعام 2009، موكبًا رائعًا لنساء قويّات، يتواجدن في مواقع السلطة ويؤثّرن عليه عالميًّا. ميشيل أوباما، كارلا بروني ساركوزي والشيخة موزا. في الأماكن الواقعة في أسفل القائمة فقط، تدلّت ممثّلات هوليوود، الضيفات الطبيعيات في قوائم من هذا النوع. كان ذلك دليلا لا يقبل الجدل تقريبًا في أنّ الأزياء وطريقة اللباس تُستخدم كأداة لتعزيز الشخصية وتوطيد القوة السياسية لنساء بارزات في مناصب القوة في العالم.

شيخة موزا بنت ناصر المسند، 55 عامًا، هي اليوم القوة النسوية المحرّكة من وراء دولة قطر الواقعة في الخليج العربي. وهي الزوجة الثانية للشيخ حمد، الحاكم السابق، التي نجحت في جعل ابنها حاكمًا حاليًّا لقطر، رغم أنّ الشيخ حمد كان لديه أبناء آخرون من نسائه الأخريات (المجموع 24 طفل من ثلاثة نساء، 11 ذكور، 13 إناث).

الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)
الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)

موزا، المولودة في قطر، هي امرأة متعلّمة وذات تأثير كبير على رفع مستوى قطر الاقتصادي وصورتها كدولة متطوّرة ومتقدّمة، رغم صورتها في العالم كدولة تضطهد النساء.

تعرّفت موزا على الشيخ حمد خلال دراستها في الجامعة (تحمل البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة قطر) وأصبحت بين يوم وليلة المرأة التي ترافقه في جميع الأحداث السياسية والتمثيلية الأهم على الإطلاق: زيارة غزة، زيارة قصر ملكة إنجلترا وزيارات عمل لدور الأزياء الكبرى في باريس.

هي القوة المحركة وراء الإصلاحات في الجهاز التربوي والمسؤولة، من بين أمور أخرى، على إقامة المدينة التعليمية في قطر وقناة “الجزيرة” للأطفال. فضلًا عن ذلك، فقد اختيرت عام 2007 في المركز الـ 79 في قائمة النساء الأقوى في العالم في مجلة “فوربس”.

الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)
الشيخة موزا بنت ناصر المسند (AFP)

تعتبر موزا أحد أهمّ محرّكات التحديث في قطر ومن بين النساء المسلمات في الشرق الأوسط. “يميل الغرباء للخطأ في ذلك، ولكن النساء في الخليج العربي ناشطات دائمًا، ونحن نعرف عن ذلك من كلام أمّهاتنا وجدّاتنا”، هذا ما قالته موزا في عام 2007 في مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية. “لا أتواجد هنا فقط لأنّني زوجة الأمير، 70% من خرّيجي جامعاتنا هنّ من النساء وهذا ليس من قبيل الصدفة”.

إنّها تطبّق هذه الأجندة أيضًا في طريقة لباسها: حديث، ضيق، ملوّن. على خلفية قواعد اللباس للنساء المسلمات في قطر – التي يسيطر عليها النقاب – تبدو أغطية الرأس الملوّنة التي ترتديها موزا كأشياء جريئة تدعو لتحدّي عادات العالم القديم. تحبّ أن تلائم بين لون البدلة وغطاء الرأس وتنشئ بذلك لنفسها مجموعة متنوعة من المظاهر التي لا يمكن نسيانها، والتي يتمّ تصويرها بشكل ممتاز وتُحفر في الوعي العالمي.

http://instagram.com/p/qyAD8WsTLy/

تعتبر شخصية الشيخة موزا رمزًا لاهتمام ماركات الأزياء الرائدة في العالم المتزايد بالمرأة المسلمة، غالبًا في دول الخليج الغنية. إنّها تجسّد برؤيتها العصرية الليبرالية ومكانتها الرفيعة في قطر الزبونة الأمثل لدور الأزياء مثل شانيل، دونا كاران وغيرها، والتي تتوجه إليها في هذه الأيام بواسطة المجموعات الخاصة، العروض والحملات. يكسب من هذه الحالة كل واحد من الأطراف من خلال التعاون المتزايد. يزيد المصمّمون ودور الأزياء من حصّتهم في السوق بواسطة التوجّه المباشر للعملاء الأثرى في الخليج، في حين أن العملاء يبيّضون صورتهم كمواطنين في دول تتميّز بعدم المساواة بين الجنسين، وهناك من يخاطر ويعبّر عن دعمه لتنظيمات إرهابية (تشير التقديرات إلى أنّ قطر تعطي حماس مساعدة بقيمة 100 مليون دولار كلّ عام).

تعتبر دولة قطر مكانًا صغيرًا ومحظوظا، كما تقول موزا في مقابلاتها الإعلامية. توفّر لها احتياطات النفط والغاز دخلا ممتازًا بقيمة 63 ألف دولار للفرد في السنة، وهو مبلغ يضعها في مقدّمة الدول الأغنى في العالم. تعتبر الدوحة مدينة نابضة بالحياة سماؤها مليئة بالرافعات، بناطحات السحاب البرّاقة، بمراكز التسوّق والفنادق الفخمة. يوفّر الخدمات لسكّان الدولة فريق من العمال الأجانب، الذين يزيد عددهم عن مواطني قطر الـ 250 ألف، الذين جاء أجدادهم من عالم امتشاق الآلئ، بطولات الصقور وسباق الجمال.

ولكن صلة الشيخة موزا بعالم التقدّم، الحداثة والأزياء لا تتلخّص فقط بالملابس التي تختارها لترتديها. في عامي 2011-2012، بدأت شركة الاستثمارات الملكية، التي تعتبر موزا أحد المتحكّمين بها، حملة شراء ضخمة لدور الأزياء، الماركات التجارية والمتاجر.

http://instagram.com/p/oRMP9oMTDC/

في 8 أيار عام 2011 اشترت شركة الاستثمارات في قطر متجر Herrods‏ الإنجليزي بقيمة 1.5 مليار جنيه استرليني، بعد 25 عامًا كان يملكه فيها رجل الأعمال محمد الفايد.

في كانون الثاني عام 2012 اشترى القطريّون 5.2% من شركة المجوهرات Tiffany & Co‏ بقيمة 700 مليون دولار.

في آذار عام 2013 اشتروا السيطرة على شبكة المتجر الفرنسي Printemps، بفروعه الـ 16 وموظّفيه الـ 4,000، مقابل 2 مليار دولار.

في صيف عام 2012 اشترت شركة الاستثمارات الملكية السيطرة الكاملة على دار الأزياء الإيطالية Valentio بقيمة 850 مليون دولار.

والأزياء بطبيعة الحال هي واحدة فقط من قنوات نشاط الشيخة موزا الواسعة. لقد أنشأت صندوق قطر الذي يدعم التعليم للنساء والأطفال ويقدّم منحًا تعليمية للمتفوّقين، من بين أمور أخرى، فإنّ قطر أيضًا هي الراعي لفريق كرة القدم برشلونة.

من المهم أن نفهم بأنّ نشاط موزا الواسع في الاقتصاد القطري وريادة الاستثمارات الأجنبية داخل الدولة الصغيرة هو مثلث: صوَريّ، اقتصادي وسياسي. على المستوى الصوَريّ، فإنّ شراء ماركات أزياء غربية يشير إلى قطر كدولة منفتحة، حديثة وعصرية. على المستوى الاقتصادي، فإنّ قطر تفهم أيضًا الحاجة إلى الجيل القادم الذي نما في البلاد ليستمرّ في الانفتاح على العالم وفي شراء الماركات الغربية. وفي الجانب السياسي، فبواسطة تحقيق السيطرة على شركات الأزياء العالمية، مثل فالنتينو أو هارودز، تعمّق قطر من علاقاتها مع عملائها القدامى، الملوك والشخصيات الرئيسية في النخبة السياسية والاقتصادية في العالم.

اقرأوا المزيد: 927 كلمة
عرض أقل
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني (AFP)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني (AFP)

القنبلة القطرية

دون أن ينتبه أحد، تحوّلت الإمارة العاشقة لكرة القدم إلى العاصمة الإسلامية المتطرّفة، والتي تموّل حماس والطالبان وتدعم استمرار الحرب في الجولة الحالية. وكل ذلك يجري تحت رعاية الإدارة في واشنطن، التي إنْ لم تستيقظ في الوقت، ستفقد كلّ موطئ قدم في الشرق الأوسط

في ظلّ الأحداث القاسية، حدثت حادث غير دبلوماسيّ بشكل جليّ: تحديدًا حين وصل أبو مازن والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى الدوحة لتعزيز جهود وقف إطلاق النار، قال مسؤول قطري كبير لوكالة الأنباء رويترز إنّ الإمارة “لن تضغط على حماس” لتخفّف من مطالبها وتوافق على وقف إطلاق النار.

كان هذا التصريح، الذي أوضح عدم اهتمام قطر بوقف القتال، مجرّد تعبير آخر للمكانة الجديدة للإمارة كإحدى الجهات المتطرّفة والمحرّضة في الشرق الأوسط. تعتبر قطر اليوم المحرّك لعدم الاستقرار في المنطقة، سواء كان ذلك بواسطة الملايين التي تصبّها على المجموعات المتطرّفة أو بواسطة بثّ الجزيرة.

إنّ الأزمة الراهنة، التي تدفع فيها قطر حماس لتعميق القتال، هي قمّة جبل الجليد فقط. تحوّلت الدولة بقيادة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، التي كانت يومًا معتدلة ووجهتها للغرب، إلى قنبلة موقوتة. أهمل آل ثاني – الذي تولّى الحكم قبل عام فقط – سياسة التوازنات التي قادها والده، وهو يستثمر باسم الإسلام ثروة الإمارة الهائلة لتنمية جهات تسعى إلى إشعال الشرق الأوسط بأكمله.

إذا حكمنا من خلال أحداث الأسابيع الأخيرة، فإنّ خطّته تتقدّم بشكل جيّد. وثيقة تأمين أمريكية على خلفية الحرب في غزة، وتقف إسرائيل أمام التحدّي القطري. رغم ذلك، فلا تزال الإدارة الأمريكية نائمة. تعمل إدارة أوباما منذ سنوات بخلاف الديناميكية الشرق أوسطية، وتراهن على اللاعبين الخطأ، تخون الحلفاء، وتتخلى عن رعاتها وتحمي عناصر مدمّرة.

علينا أن نفهم بأنّ قطر واقعة تحت حماية ورعاية أمريكا. وتقف وراء هذه العلاقة الغريبة، كما هو الحال دومًا، مصالح اقتصادية وعسكرية فريدة من نوعها. إنّ تاريخ الفصل الحالي في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وقطر يبدأ منذ عام 1995، حين أسقط الأمير حمد بن خليفة آل ثاني والده وأمسك بحكم الإمارة.

سارع بن خليفة، الذي خشي من انقلاب مضاد تدعمه السعودية وسائر دول الخليج، إلى الأذرع الأمريكية، وأعلن لهم ولاءه المطلق ولم يعارض تدبيرين متطرّفين: قام بعلاقات مع إسرائيل ومكّننا من إقامة مكتب تمثيلي في العاصمة الدوحة، وموّل إنشاء القاعدة الأمريكية “العديد”، غربيّ الدوحة، بمبلغ خيالي من مليارات الدولارات (هذه هي القاعدة الأمريكية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة التي لم يموّل الأمريكيّون إنشاءها).

كان الوجود الأمريكي وبقي وثيقة التأمين للإدارة القطرية، كي لا يغزوا جيرانها أراضيها ويسقطوا حكمها. حين ننظر إلى السلوك القطري، علينا أن نتذكّر بأنّ كلّ يوم يبقى فيه النظام في الدولة فهذا بفضل واشنطن. إلى جانب وثيقة التأمين العسكرية، اشترت قطر لنفسها سلاحًا هجوميًّا فريدًا ممثّلا بشبكة الجزيرة.

كانت الجزيرة مزيجًا من التطرّف الديني، التحريض السياسي والمعايير الصحفية المشروعة، وخصوصًا على نطاق العالم العربي. يكفي أن نشير إلى أنّه من أجل إنشاء الشبكة، اشترت قطر غالبية عمال الـ “بي بي سي” العربية، كي نفهم لماذا تعتبر الجزيرة جسمًا إعلاميًّا جادّا في العديد من الدول الغربية.

أمّا من لم يشتر أبدًا هذه الممارسة فهي دول الخليج. فهي تمنع حتى اليوم فتح بثّ شبكة الجزيرة للأخبار في مجالها. مؤخرًا، بدأت مصر أيضًا بتقييد نشاط الجزيرة بل تمّ الحكم بالسجن على صحفيّين من الشبكة.

ومقابل إنشاء الجزيرة وتوثيق الحلف العسكري مع الولايات المتحدة، منح الأمير حمد بن خليفة للشركات الأمريكية عقود تطوير واستخراج للنفط والغاز، والتي رسّخت الدعم الأمريكي لنظامه. عُرفت قطر في عهد حمد بـ “سياسة التوازنات”: العلاقات مع إسرائيل جنبًا إلى جنب مع دعم حماس، رعاية أمريكية مع علاقات بطالبان، عضوية في مجلس التعاون الخليجي إلى جانب علاقات مع العدوّ رقم واحد: إيران.

الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني المدير العام  لقناة الجزيرة (AFP)
الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني المدير العام لقناة الجزيرة (AFP)

جعل هذا النهج قطر واحدة من أبغض الدول على الزعماء العرب. كرهت مصر مبارك القيادة القطرية، ودعمت سوريا الأسد محاولة للانقلاب من قبل أنصار الأمير المخلوع. كانت الجزيرة ولا تزال من المؤيّدين الأكثر حماسة لحركة الإخوان المسلمين في مصر، وليس من قبيل الصدفة أن يقيم الداعية السنّي المتطرّف، يوسف القرضاوي، في قطر منذ سنوات الستينات.

سنعود للقرضاوي بعد قليل. ساعد الدعم القطري للهيئات والأنظمة المتطرّفة في العالم الإسلامي الإدارة في شرعنة العلاقات الوثيقة بالغرب في أعين الجماهير العربية. وإلا فكيف يمكن تفسير الحقيقة القائلة إنّ مصر تُهاجم كلّ يوم بسبب علاقتها المعقّدة مع واشنطن، بينما في قطر يتجوّل الجنود الأمريكيون وأديرت من أراضيها حرب الخليج (ولا نريد أن نتحدّث عن المليارات من الأموال الإسلامية التي صُرفت لشراء كأس العالم وعلى فرق كرة القدم الأوروبية) ومع ذلك، تعتبر القاهرة هي المتعاونة مع الولايات المتحدة وليس الدوحة.

ولكن قبل عام، صعد تميم بن حمد آل ثاني إلى الحكم، ووضع حدّا للتوازنات. منذ ذلك الحين أصبح التوجه القطري واحدًا. لا جدوى من التوازنات، وبخلاف والده، يعتبر تميم بن حمد آل ثاني مسلمًا متديّنا. يعتبره معارفه أنفسهم متطرّفا. قضى فترة شبابه في أسفار بأنحاء إفريقيا، والتي سعى من خلالها إلى دعوة سكان القارّة الوثنيّين للإسلام. المرجعية الدينية الرئيسية في حياته هي الشيخ المتطرّف القرضاوي.

بتأثير من القرضاوي، لا يرى آل ثاني جدوى كبيرة من التوازنات. وهو داعم متحمّس للإخوان المسلمين، لحماس، ومستعدّ للمواجهة مع مصر حيث إنّ الأخيرة تمنع نقل الأموال من قطر إلى القطاع. في الأيام التي تقطع قطر أيضًا المحادثات مع حماس بسبب دعمها للمعارضة السورية، بقيتْ قطر هي المموّل الوحيد لحماس، والتي تقيم قيادتها في الدوحة. إنّ المساعدة القطرية لغزة غير مخصّصة لبناء البنى التحتية أو الأنظمة التعليمية، وإنما لتمويل متطلّبات الإرهاب الكبيرة.

الشيخ يوسف القرضاوي (ABDULLAH DOMA / AFP)
الشيخ يوسف القرضاوي (ABDULLAH DOMA / AFP)

تشعر إسرائيل الآن بخطيئة إدخال كمّيات كبيرة من الإسمنت إلى القطاع، والتي من المفترض أنّها طُلبت لتنمية وإعادة إعمار غزة، وفي الواقع تمّ استخدامها لتعزيز أنفاق حماس الهجومية. تعتبر قطر أيضًا المصدر الرئيسي لرواتب وميزانية عتاد الجناح العسكري لحركة حماس.

ولنفهم إلى أيّة درجة أدّت قطر إلى تطرّف مواقف حماس، يكفي أن ندرس سلوك الممثّل الإيراني في غزة؛ الجهاد الإسلامي. تحوّلت حركة الجهاد الإسلامي، التي اعتُبرت في الماضي تنظيمًا أكثر تطرّفا، إلى الشخص الراشد المسؤول تقريبًا في غزة، والذي يقدّم مواقف أكثر براغماتية من حماس ويقبل الوساطة المصرية. بل قال زعيم الجهاد الإسلامي علنًا إنّ على مصر أنّ تقود الجهود للتوصّل إلى وقف إطلاق النار.

ولاكن تعترض حماس، بإيحاء من قطر. والذي يسمح بهذا التطرّف هو الولايات المتحدة. ما زالت قطر مرتبطة بوثيقة التأمين الأمريكية. ولكن الولايات المتحدة تجد صعوبة في استيعاب الاضطرابات في الشرق الأوسط، بل وأكثر من ذلك فإنّها تجد صعوبة في الردّ عليها بشكل صحيح وفي الوقت المناسب.

إسماعيل هنية يستقبل حمد بن خليفة ال ثاني في غزة (AFP/POOL/MOHAMMED SALEM)
إسماعيل هنية يستقبل حمد بن خليفة ال ثاني في غزة (AFP/POOL/MOHAMMED SALEM)

 

والنتيجة هي تآكل مستمرّ في الوضع الأمريكي. كشف مصدر مصري أمس الأول عن أنّ وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قد ألغى زيارة أخرى كان من المفترض أن يقوم بها في القاهرة، وأشار إلى أنّ هذه هي المرّة الثانية خلال أقلّ من أسبوع يؤجّل فيها زيارة مقرّرة في اللحظة الأخيرة.

سعتْ أمريكا، التي فقدت المرتكز المصري، إلى أن تكون ذات صلة في الأزمة الحالية، ولكنّ لا أحد – وخصوصًا حماس – يحتاج خدماتها. يقع وقف إطلاق النار في الملعب المصري، وليس في الدوحة ولا في أنقرة. وفي الوقت الراهن يبدو أنّ السيسي لا يرغب بالتدخّل الأمريكي في الأزمة، حتى لو وصل كيري في النهاية إلى المنطقة.

جون كيري ووزير الخارجية القطري خالد العطية (Flickr of the U.S Department)
جون كيري ووزير الخارجية القطري خالد العطية (Flickr of the U.S Department)

يمكننا أن نرى في ذلك جزءًا من عملية إعادة التأهيل التي تمرّرها واشنطن منذ الإطاحة بمرسي. إذا كانت الولايات المتحدة تريد استعادة مكانتها في المنطقة من جديد، فيجب أن تكون الخطوة الأولى هي حلّ المشكلة القطرية. آن الأوان لوضع عقود النفط والغاز جانبًا (هناك بدائل للقاعدة العسكرية).

إنّ قطر ليست الإمارة اللطيفة التي اشترت باريس سان جيرمان أو قميص برشلونة، وإنما عاصمة الإرهاب والتخريب. الدوحة هي المحرّك وراء الهجمات على حلفاء الولايات المتحدة الحقيقيين في المنطقة. وقد أعلنت كلّ من السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة والبحرين عن قطر كدولة تهدّد أمنها.

يقول خبراء في الخليج إنّه سيأتي يوم قريبًا وستفقد السعودية صبرها فترسل إلى قطر لواءً من الجنود، كما فعلت في البحرين، رغم احتجاج واشنطن. وحينها ستقف الولايات المتحدة أمام معضلة حقيقية، ولكن قد يكون ذلك متأخّرًا جدّا. يجب تفكيك القنبلة القطرية الآن.

نشرت المقالة للمرة الأولى في صحيفة معاريف“.

اقرأوا المزيد: 1164 كلمة
عرض أقل
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني (AFP)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني (AFP)

قطر تخسر مكانتها

أمست قطر في السنوات الأخيرة دولة مركزية في الشرق الأوسط وذات تأثير شديد خارجه. لكنّ كل ذلك يمكن أن يتغيّر. أدّت القوة الاقتصادية الهائلة والاستعداد لاستخدامها لأهداف سياسية، إلى جانب ضعف عدد من مراكز القوى الإقليمية جرّاء "الربيع العربي"، إلى إبراز السياسة الخارجية المميّزة للإمارة. تُتيح الدعامة الأمنية الأمريكية النشاط الدبلوماسي للإمارة، إذ تثق بأنّ أمنها مضمون (تستضيف قطر مقر القيادة المركزية الأمريكية، وعلى أرضها قاعدة سلاح الجو الأمريكي الأكبر في الشرق الأوسط). لكنّ قوّة الإمارة ليست غير محدودة. فكثيرون غير راضين عن السياسة الخارجية "المتهوّرة" وعن النشاط العنيف، إن لم نقل الانتهازي، القطري في المنطقة.

يمكن أن يؤثر عدد من التطورات الداخلية والخارجية بشكل سلبي على مكانة قطر. أوّلًا، انتقال السلطة في قطر. ففي حزيران الماضي، وفي خطوة غير مألوفة، نقل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة لابنه، الشيخ تميم، ابن الثالثة والثلاثين، الذي أضحى أصغر زعماء العالم العربي. وثمة مؤشرات إلى أنّ الأمير الجديد ينوي التركيز تدريجيًّا على الشؤون الداخلية ومشاريع التطوير قبل استضافة كأس العالم في كرة القدم عام 2022 – على حساب السياسة الخارجية المبذّرة التي انتهجتها الدولة، والتي بدأت تحصد الانتقاد الداخلي. فثمة من يُطالب في الإمارة (في محادثات مغلقة) أن يُستخدم الثراء الطائل الذي يتمتعون به لتطوير “شوارع في الدوحة، لا في لبنان”.

في السياسة الخارجية، تبيّن أنّ عددًا من رهانات الإمارة كان فاشلًا. فقبل بداية الحرب الأهلية السورية، كانت قطر مقرّبة من النظام السوري. بعد بداية الأحداث في آذار 2011، وظنًّا منهم أنّ أيّام النظام باتت معدودة، أدار آل ثاني ظهرهم لنظام الأقلية العلوية وحليفَيه، حزب الله وإيران، وبدأوا يدعمون المعارضة. أدّى دعم قطر للمتشددين بين الثوار في سوريا (كما سبق أن فعلت في ليبيا) إلى الانتقاد وإلى المسّ بعلاقاتها بالولايات المتحدة، التي تخشى، بشكل مبرّر، من عواقب تعزيز قوة تلك العناصر. مذّاك، خفضت قطر بشكل ملحوظ تدخّلها في الأزمة ودعمها للمتمردين عامةً، لتصبح جارتها الكبرى غربًا، المملكة العربية السعودية، الداعم الأساسي لهم (مثلًا، عُيّن أحمد الجربا، المقرب من السعودية، مؤخرا رئيسًا لائتلاف قوى الثورة في سوريا بدلًا من مصطفى صباغ، المقرب من قطر).

ثمة انتقاد دوليّ متزايد أيضًا للإمارة بعد كشف النقاب عن ظروف عمل العمّال الأجانب على أراضيها (لا سيّما النيباليين والهنود) على خلفية أعمال التطوير استعدادًا لكأس العالم في كرة القدم. فكل سنة، يموت 600 عامل أجنبي في الإمارة. كذلك يمكن أن تمسّ إمكانية نقل البطولة إلى الشتاء بسبب الظروف القاسية في أشهر الصيف في الخليج بهيبة الإمارة، التي ترى أهمية في إجراء البطولة في موعدها الأصلي. اقترحت قطر في السنة الماضية “خدماتها الجيدة” في الاستضافة، وكذلك في التوسُّط في المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان. وعلقت هذه المفاوضات أيضًا عقب إغلاق مكتب طالبان في الدوحة في وقت مبكر من هذا العام، ما مسّ بهيبة الإمارة والقدرة على الاستعانة “بخدماتها” مستقبلًا.

ميّزت قطر صعود الإسلام السياسي، رغمًا عن أنف جيرانها العرب في الخليج، وحاولت كعادتها ركوب الموجة الإسلامية والتحالف مع ممثلها الأبرز – مصر مرسي. كانت علاقات قطر بمصر متوترة عبر السنين. وتُذكَر في هذا السياق كلمات الرئيس المصري الأسبق مبارك، الذي قال: “لماذا عليّ أن أولي اهتمامي دولةً عدد سكانها كفندق صغير في القاهرة؟”. لكنّ شهر العسل الذي طرأ على علاقات قطر – مصر في عهد الإخوان المسلمين انتهى.
فمع سقوط مرسي، خسرت قطر حليفًا مركزيًّا (قدّمت له 8 مليارات دولار قروضًا وهبات) وقدرتها الكبيرة على التأثير في القاهرة، وعبرها في المنطقة. وسعيًا منها لتحسين العلاقات، ولو قليلًا، حاولت قطر، فاشلةً حتى الآن، في أن تقدّم نفسها بعد الانقلاب في مصر على أنها كانت تدعم دائمًا “الشعب المصري”، لا نظامًا بعينه.

لم يتأثر النظام المصري الجديد بهذه الكلمات، فجمّد المحادثات حول استيراد الغاز الطبيعي من الإمارة، أغلق فرع قناة الجزيرة المحلي، سجن صحفيين عملوا فيها، رفض طلب قطر زيادة وتيرة الرحلات الجوية بين القاهرة والدوحة، حتّى إنه أعاد بشكل احتجاجي هبة بقيمة مليارَي دولار أودعت في البنك المركزي المصري وأعطيت للنظام السابق، ما يشهد على عُمق الأزمة وعلى العلاقات المعكّرة بين البلدَين. في نهاية أيلول 2013، أصدرت السلطات المصرية أمر اعتقال بحق الشيخ يوسف القرضاوي، المقيم في قطر والمحسوب على الإخوان المسلمين، بتهمة التحريض على قتل رجال شرطة مصريّين. وخسرت القناة التلفزيونية القطرية الشديدة التأثير بعضًا من سمعتها في قسم كبير من العالم العربي، إثر تغطيتها للأحداث في مصر، تغطية لا تزال تتميز بالانتقاد للنظام العسكري.

وكان لقطر تأثير ما في إسرائيل أيضًا، إذ حافظت على علاقات مفتوحة معها، أشبه بتطبيع فعليّ، على مدى السنوات. لكنّ عملية “الرصاص المسكوب” في غزة عام 2009 وعلاقات قطر بعناصر مثل إيران وحماس (التي قدّم لها الأمير السابق شيكًّا بقيمة 400 مليون دولار في زيارة حظيت بتغطية إعلامية واسعة “اخترقت” الحصار الإسرائيلي على القطاع) أدّت في نهاية المطاف إلى قطع علاقات البلدَين، وهي علاقات تباهت بها الدوحة، وساهمت في فرادتها في المشهد العربي. رغم ذلك، لا تخفي قطر استعدادها لإقامة علاقات علنية مع إسرائيل شرط أن “تبرهن عن جديتها في العملية السياسية”، سقف أكثر انخفاضًا من الشروط التي يضعها العالم العربي لإقامة علاقات علنية مع إسرائيل.

كدولة صغيرة، على قطر أن تميّز المسارات والاتجاهات وأن تسبق جيرانها الأكبر منها في التأقلم معها، حتى تعزّز أجندتها الخاصة، التي تحركها مصلحة البقاء ليس إلّا. فليس غريبًا أنّ الإمارة الصغيرة استنفدت قوتها وحصدت ردّ فعل عكسيًّا واسعًا على الخطّ السياسيّ الذي تبنّته. وسيكون عليها أن تعدّل سياستها الإقليمية عامةً، وفي مصر على وجه الخصوص، إذا كانت تريد الحفاظ على مكانتها في العالم العربي وعلى مقدار من التأثير. ما دام النظام في مصر لم يرسّخ أقدامه، فقد يستصعب الاستغناء كاملًا عن الدعم القطري. لكن إذا استقر الوضع في مصر دون تغيير في العلاقات بين البلدَين، فسيفضّل نظام العسكر في مصر المساعدة السخية التي سارعت إلى تقديمها جارات قطر، منتجات النفط: المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، والكويت.

حتّى بداية الأحداث في سوريا، تميّزت السياسة الخارجية القطرية بالحفاظ على أكبر عدد ممكن من الأبواب مفتوحة، ونسج علاقات مع جميع العناصر في الشرق الأوسط كـ “وثيقة تأمين” من القوى الراديكالية في الإقليم. كان إظهار السياسة المستقلة هذه معاكسًا للحجم الجغرافي لقطر، ونبع عن رغبة قطر في تعزيز أهميتها الإقليمية وحماية الثروات الطبيعية التي بوركت بها.

لعبت الإمارة التي تعُدّ 300 ألف نسمة (فضلًا عمّا يزيد عن مليون عامل أجنبي)، في السنوات الأخيرة في ملعب الكبار، وابتعدت أكثر من اللازم. على ضوء قدراتها الاقتصادية، سيكون صعبًا تجاهلُها لفترة طويلة. لكنّ الضعف (المؤقت؟) للإسلام السياسي في المنطقة قد يجبر الإمارة على التركيز على شؤونها الداخلية، تبني سياسة أكثر حذرًا، وترقّب الفرص. وبالفعل، كانت زيارة تميم الأولى خارج قطر إلى السعودية، كشهادة ربمّا، على محاولة خفض التوتُّر مع الرياض، وربما تبني سياسة خارجية أكثر انضباطًا.

نُشر بالأصل في موقع INSS

اقرأوا المزيد: 941 كلمة
عرض أقل