كان من الصعب ألا نلاحظ الاحترام الهائل الذي أعربت عنه، أمس، الجمهورية الفرنسية لفاي. أغلِقت شوارع باريس بمناسبة المراسم المؤثرة، التي كان كل حدث فيها مخططا ومشيرا إلى ثلاث محطات هامة في حياتها: التجارب الصعبة التي مرت بها فاي في معسكر الإبادة أوشفيتس، نشاطاتها التاريخيّة من أجل حقوق النساء، وإيمانها بفكرة الاتحاد الأوروبي الذي يخضع في هذه الأيام إلى الاختبار الأهم منذ إقامته.
كان اسم طيبة الذكر فاي في طفولتها سيمون جاكوب بنيس، وأرسِلت إلى معكسر الإبادة مع عائلتها في سن 17 عاما. شُوهِد أخيها ووالدها في المرة الأخيرة وهما في قطار متجها إلى ليتوانيا، وماتت والدتها إيفون في برغن بلسن قبل تحرير المعسكر في عام 1945. ظل 11 طفلا يهوديا من بين 400 أرسِل إلى المعسكرات على قيد الحياة، ومنهم فاي وأختاها.
ادعت فاي أن الهولوكوست وبقاءها في معسكرات الإبادة جعلاها تؤمن جدا بأهمية الاتحاد الأوروبي. “بعد مرور 60 عاما، ما زالت ترافقها الصور، الروائح، البكاء، الإهانة، والدخان في السماء”، قالت في مقابلة معها في عام 2005. كُتب الرقم الذي وُشِم على ذراعها في أوشفيتس على تابوتها أيضا. وذُكرت في المراسم في باريس صلاة يهودية تدعى “كاديش” (Kaddish) وهي تذكر على أرواح الأموات.
بعد الحرب، عادت فاي إلى فرنسا، وبدأت فيها المرحلة الثانية من سيرة حياتها الرائعة: النضال من أجل حقوق النساء.
عملت فاي وزيرة الصحة في فرنسا بين الأعوام 1979-1974. في هذه الفترة، سمحت باستخدام وسائل منع الحمل، فأصبح استخدامها أسهل. بعد ذلك، كافحت من أجل حق النساء في الإجهاض. وضعت قانونا يدعى قانون Loi Veil، وهو يسمح بالإجهاض، ويعتبر حجر الأساس لحقوق النساء في فرنسا.
بعد ذلك، اختيرت فاي الرئيسة الأولى للبرلمان الأوروبي. تطرق ماكرون أمس إلى الاتحاد الأوروبي، في المراسم أمس، في الفترة التي يجتاز فيها هذا الاتحاد اختبارا خطيرا بعد انسحاب بريطانيا منه.
دُفِنت فاي يوم أمس في مقبرة العظماء “البانتيون” في باريس، وهي المقبرة التي دُفِن فيها كبار الفرنسيين. تجسد فاي التغلب على الشر، النضال من أجل المساواة بين الرجال والنساء، والإيمان بالسلام بين الشعوب.