حزب العدالة والتنمية

شجار في البرلمان التركي
شجار في البرلمان التركي

لكمات وتعارك: شاهدوا الشجار في البرلمان التركي

ركلات، بصاق، شتائم وتراشق بالأشياء من كل حدب وصوب. نواب البرلمان التركي يتشاجرون فيما بينهم في مشهد عنيف لم يسبق لتركيا مشاهدته

تحولت الأوضاع في تركيا تقريبًا إلى شيء لا يُحتمل. يُحاول رئيس الدولة، رجب طيب أردوغان، والمسؤولين في حزبه، حزب العدالة والتنمية، بكل قوتهم إضعاف المعارضة والحد من حرية الصحافة والتعبير في تركيا.

شارك بعض النواب من حزب العدالة والتنمية في الشجار الذي وقع في البرلمان التركي قبل بضعة أيام وكذلك نواب من الأحزاب الداعمة للأكراد. نشب الشجار على خلفية نقاشات حادة حول قانون يُتيح حجب الحصانة البرلمانية عن أعضاء البرلمان الذين يخرجون بأفكار وآراء مُعارضة ومُحرضة ضد قرارات السلطة الحاكمة. من شأن القانون الجديد أن يُتيح نزع الحصانة عن نواب البرلمان وأن يوفر إمكانية تقديم دعاوى ضدهم وفقًا للقانون.

لقد وُصف مشهد من البصاق، التراشق بالكتب وعبوات الماء، اللكمات والركلات هنا وهناك بصفته أعنف المشاهد التي وقعت حتى الآن في البرلمان التركي.

اقرأوا المزيد: 120 كلمة
عرض أقل
العلم التركي في باحة مسجد الأقصى (AFP)
العلم التركي في باحة مسجد الأقصى (AFP)

القدس بين أنقرة وعمان

تراجع حزب العدالة والتنمية، بزعامة رجب طيب أردوغان، قد يعني تراجع الطموحات التركية في المسجد الأقصى. هذا ما ترجوه، على الأقل، الأردن والسلطة الفلسطينية، في ظل أحداث الشهر الأخير في باحة المسجد

يحظى التراجع الذي حقّقه حزب العدالة والتنمية التركي، بزعامة رجب طيب أردوغان، في الانتخابات التي جرت مطلع هذا الأسبوع، في تركيا، إلى اهتمام متزايد في أروقة الساسة المهتمين بملف القدس، في كل من المملكة الهاشمية الأردنية والسلطة الفلسطينية. فبعيدا عن أبعاد هذا التراجع على الوضع الإقليمي والدولي لتركيا، تساءل كثيرون في الأردن والسلطة الفلسطينية عن تأثير هذا التراجع على الاستثمارات السياسية والاقتصادية الكبيرة، التي كانت تقوم بها تركيا تحت القيادة المطلقة لحزب العدالة والتنمية، في كل من القدس ومناطق السلطة الفلسطينية.

فقد خصصت الحكومات التركية المتتالية بزعامة أردوغان، دعما كبيرا لمدينة القدس، وحاولت الحكومة التركية بزعامة الإسلاميين تعزيز الحضور التركي في المدينة، ثقافيًا وسياسيًا. من الناحية الثقافية، دعمت الحكومة التركية تعليم اللغة التركية في القدس وسائر مناطق الضفة الغربية. فقد تم في الأسابيع والأشهر الأخيرة افتتاح مزيد من المدارس بدعم تركي في احتفالات رسمية، شارك فيها أردوغان بنفسه عبر نظام الفيديو كونفرنس (مؤتمر ينقل بالفيديو). ومن بين هذه المدارس: مدرسة الخليل التركية، مدرسة الصداقة التركية في جنين، مدرسة البيرة التركية للبنات، والمدرسة الفاطمية في نابلس. وقد أعلن نائب رئيس الوزراء التركي السابق، في إحدى هذه الاحتفالات، عن خطة تركية لتعليم اللغة التركية في 32 مدرسة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة؛ في خطوة واضحة من قبل الحكومة التركية لتعزيز الحضور التركي لدى الفلسطينيين، كفاتحة لتعميق التأثير والدور السياسي التركي في القدس والمناطق الفلسطينية.

وتنشط وكالة التعاون والتنسيق التركية، تيكا، التي كانت تعمل تحت أردوغان مباشرة، في القدس وفي مناطق السلطة الفلسطينية لتحديد المشاريع التي تريد تركيا دعمها بين الفلسطينيين. ووضعت أجهزة السلطة الفلسطينية، وكذلك أجهزة الدولة الأردنية، هذا النشاط التركي المتزايد تحت مجهارها، وذلك رغم تبادل التصريحات العلنية بلغة ودية ودبلوماسية بين كل من الأردن والسلطة وبين الحكومة التركية. ففي افتتاح المدارس كان يشارك مسؤولو السلطة الذين قدموا التحية لتركيا لدورها في دعم الفلسطينيين. كما وأعلنت وزارة الأوقاف الأردنية، المسؤولة رسميا من قبل الدولة الأردنية عن الأوقاف في القدس- أعلنت استعدادها لتقديم كل الدعم والتسهيلات للحجاج الأتراك المعنيين بالقدوم إلى القدس وإلى الأقصى.

وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، هايل داود، يحاول شق طريقه في مسجد الأقصى بمساعدة الأمن الفلسطيني (AFP)
وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، هايل داود، يحاول شق طريقه في مسجد الأقصى بمساعدة الأمن الفلسطيني (AFP)

لكن مصادر أردنية وفلسطينية أكدت أن الدعم التركي الثقافي هو جزء من توجّه سياسي تركي أكبر لتعزيز دور تركيا في القدس والمناطق الفلسطينية. فلم تخفَ على أحد اللقاءات التي يقوم بها دبلوماسيون أتراك مع شخصيات فلسطينية في القدس، وفي الضفة الغربية. إذ ترغب تركيا، بوساطة قنصليتها في القدس، في أن تبني شبكة علاقات مع سكان القدس الفلسطينيين، وأن تبني مراكز قوى لها بين بعض عائلات المدينة الكبيرة.

وتعتقد المصادر الأردنية والفلسطينية أن زيارة وزير الشؤون الدينية إلى القدس الشهر الماضي، جاءت في سياق تعميق نفوذ تركيا في المدينة. وشهدت المدينة حدثا تاريخا حين ألقى الوزير التركي، محمد غورماز، خطبة الجمعة في المسجد الأقصى، وهي المرة الأولى منذ قيام الجمهورية التركية المعاصرة، بعد الحرب العالمية الأولى.

وبدا واضحا أن أنصار الحركة الإسلامية، وأنصار حزب التحرير، وكذلك مؤيدي حماس، حاولوا إرساء أجواء احتفالية للخطبة. واعتبر البعض أن عرقلة الجيش الإسرائيلي دخول سيارات بث قام الجانب التركي باستئجارها لبث الخطبة من المسجد الأقصى، أنها جاءت من باب حرص اسرائيل على حفظ الدور الأردني الريادي، ومن باب عدم تعظيم هذا الدور على حساب دور الأردن في كل ما يتعلق بالقدس والأقصى، وفقا للتفاهمات الاسرائيلية – الأردنية، وكذلك وفقا للتفاهمات والاتفاقيات الأردنية – الفلسطينية. فقد كان واضحا أن الزخم الذي حصلت عليه زيارة الوزير التركي لم ترُق إلى مسؤولي الأوقاف، والذين هم من الناحية الرسمية موظفون في وزارة الأوقاف الأردنية. كما وكان واضحا أن هذه الأجواء الاحتفالية لم ترُق لكوادر حركة “فتح”، الذين رأوا كيف، وبواسطة زيارة المسؤول التركي، برز دور أنصار حماس، والحركة الإسلامية في المكان.

ولتكتمل صورة النزاع الأردني – التركي حول القدس والأقصى، جاءت، وبعد أسبوع واحد فقط من زيارة الوزير التركي، زيارة وزير الأوقاف الأردني وقاضي القضاة في المملكة، وما تبعها من اعتداء عليهما، وعلى الوفد المرافق لهم من قبل اولئك الذين احتفلوا قبل أيام فقط، بزيارة المسؤول التركي.

فقد تعرض وزير الأوقاف الأردني، هايل داود، وقاضي القضاة الأردني، الشيخ أحمد هليل، إلى الاعتداء، ومنع الأخير من إلقاء خطبة الجمعة في المكان، ليقوم خطيب الأقصى، الشيخ يوسف ابو سنينة، بإلقاء خطبة جمعة قصيرة، مدتها 4 دقائق فقط، لكي لا يُسجل في التاريخ أنه لم يتم إلقاء خطبة الجمعة في المسجد الأقصى.

وكان واضحا للأردنيين أن من اعتدى على وفدهم، هم نفسهم الذين احتفلوا قبل اسبوع بالوفد التركي، وأن الدوافع واضحة، وهدفها تقديم الدور التركي على الدور الأردني في المكان. هذا ما جعل قضية تراجع حزب العدالة والتنمية في تركيا، محط اهتمام لدى الكثير من الأوساط الأردنية والفلسطينية، وتحديدا تلك الفاعلة في القدس، لما قد يحتويه الأمر من تغيير محتمل في السياسة التركية في القدس، إذا ما فُرض الأمر على أردوغان من قبل شركائه في ائتلاف حكومي جديد، بعد خسارة الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها الحزب.

اقرأوا المزيد: 729 كلمة
عرض أقل
مسيرة فخر في شوارع اسطنبول (AFP)
مسيرة فخر في شوارع اسطنبول (AFP)

أول مثلي يترشح للبرلمان التركي

ضجة في الشارع التُركي لسماع خبر قرار مواطن تركي؛ ناشط اجتماعي بمجال حقوق المثليين، للترشح لمنصب عضو برلمان مع وجود غالبية إسلامية

يُريد باريس سولو (Baris Sulu) ؛البالغ من العمر 37 عامًا، ومُرشح “حزب الشعب الديمقراطي” (HDP, Halklarin Demokratik Partisi)، أن يُحقق إنجازًا تاريخيّا وأن يكون أول مثلي، مُعلن، يُنتخب للبرلمان التركي.

وعد سولو، الذي ينشط بمجال حقوق المثليين منذ 17 سنة، أنه سيُتابع نضاله من أجل حقوق المثليين أيضًا عندما يتم انتخابه للبرلمان التركي المُحافظ.

سيترشح باريس سولو، في الانتخابات القادمة، في الدائرة الانتخابية لمدينة آسكي في شمال البلاد. صرّح سولو، في حديث له مع وكالة الأنباء التركية “الأناضول” بأنه سيقف ضد التمييز، ويُريد أن يُشجع المثليين والمثليات على أن يسلكوا طريقه. “أنا لست شخصًا مثليًّا مختبئًا. أحظى بدعم كبير من عائلتي وصديقي. بدأ مشواري بالسياسة عندما قررت أن أواجه التمييز”، قال مُضيفًا.

https://twitter.com/barissulu/status/582569369022132224

حزب سولو هو حزب ليبرالي، يساري وداعم للأكراد. لدى الحزب حاليًّا 29 مقعدًا من بين 550 في البرلمان التركي، الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية الذي ينضوي تحته الرئيس أردوغان ورئيس الحكومة داوود أوغلو.

عادة، يواجه المثليّون، المثليّات، متحولو الجنس وثنائيي الجنس، في تركيا تحديات قضائية صعبة. النشاط الأحادي الجنسي، ربما، كان قانونيًّا منذ عام 1858 في الإمبراطورية العثمانية وفي تركيا الحديثة، كانت دائمًا مسألة المثلية مسألة مسموحة (1923)، وفق قانون وُضع عند تأسيسها.

إنما على الأزواج المثليين مواجهة صعوبات بيروقراطية، قضائية واجتماعية بسبب عدم تقبلهم في المجتمع التركي المحافظ. يُشار إلى أنه على الرغم من التضييق على متحولي الجنس، مثلاً، لقد تم السماح لهم بتغيير جنسهم منذ عام 1988.

طرأ تراجع كبير، في السنوات الأخيرة التي اعتلى فيها الإسلام المحافظ سدة الحكم؛ برئاسة أردوغان، فيما يتعلق بالتعامل مع المثليين وتحدث أفراد من تلك الفئة، لوسائل إعلام أجنبية، عن التعامل المُهين والعنيف الذي مورس ضدهم.

اقرأوا المزيد: 251 كلمة
عرض أقل
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

هكذا يبدو قصر السلطان أردوغان

91 ألف متر مربع، غرف محصنة تحت الأرض، خنادق ضد الهجمات الكيميائية، "غرفة صامتة" وأنظمة ضد هجمات السايبر

احتفلت تركيا البارحة (الأربعاء) بالذكرى الـ 91 لتأسيس الجمهورية، وبالنسبة لرجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق ورئيس الدولة الحالي، هذا هو التوقيت الأمثل للكشف عن مشروعه العملاق في ضواحي أنقرة: مقر إقامة الرئيس الجديد – القصر الأبيض”. يدور الحديث عن مبنى فاخر جدًا والذي تعرض لانتقادات شديدة من المعارضة التي تدعي أن هذا دليل آخر على طموحات أردوغان الاستبدادية.

رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

يقع مقر الرئيس الجديد في منطقة “التلال الخمس”. نتحدث عن مشروع ضخم يمتد على مساحة نحو 200 ألف متر ويضم 1100 غرفة. وصلت كُلفته إلى نحو 350 مليون دولار ويأتي تصميمه دمجًا بين الطراز الحديث والطراز السجوقي القديم من القرون الوسطى.

وذكرت مصادر إعلامية تركية أن تصميم أحد المكاتب في القصر يشبه تصميم الغرفة الإهليجية في البيت الأبيض في واشنطن.

رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

كان مقر الرئيس سابقًا دائمًا في قصر الرئاسة “كانكايا” في وسط أنقرة. كان ذلك القصر مقر الرئيس التركي منذ تأسيس الجمهورية العصرية على يد مصطفى كمال أتاتورك وكان يُعتبر بالنسبة للكثيرين رمزًا لتاريخ تركيا الحديث كدولة علمانية تقدمية. كان يشكل قصر كانكايا منذ أتاتورك وحتى أردوغان مقر 12 رئيسًا في تركيا. يُعتبر الانتقال إلى قصر جديد دلالة واضحة جدًا على محاولة أردوغان تأسيس “تركيا حديثة”.

يُعتبر القصر الجديد، بنظر المعارضة، دلالة على خيانة أردوغان للنهج العلماني للدولة التركية التي أسسها أتاتورك، الذي اهتم بوجود فصل تام بين الدين والدولة. تتهم المعارضة أردوغان، الذي تم انتخابه رئيسًا لتركيا في شهر آب بعد أن بقي رئيسًا لحكومتها لمدة 10 سنوات، بالقيام بأسلمة الدولة تدريجيًا وتقويض ديمقراطيتها.

نثر أردوغان المزيد من الملح على الجروح، حسب رأي المعارضة، بقراره افتتاح القصر الرئاسي الجديد في الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية، أهم مناسبة بالنسبة للعلمانيين في تركيا. أعلنت الأحزاب الثلاثة المعارضة في البرلمان نيتها مقاطعة هذه المناسبة.

لا يمكن أن نتجاهل أبدًا أن اسم القصر الجديد، “إيك سراي”، يتضمن اسم الحزب الحاكم، “حزب العدالة والتنمية” أو كما يُعرف باختصار AK.

اقرأوا المزيد: 286 كلمة
عرض أقل
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (AFP)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (AFP)

حلم تركيا الشرق أوسطي يتحوّل إلى كابوس

تركيا تدعم الثوّار ضدّ نظام الرئيس بشّار الأسد، تتدخّل في السياسة العراقية وتدعم الأكراد في وجه الحكومة المركزية في بغداد

شكّلت قمّة “حلف الناتو” في ويلز التي استمرت حتى 4 أيلول/سبتمبر، فرصة ذهبية لرئيس الوزراء التركي الجديد أحمد داوود أوغلو. فبعد مرور فترة ظنّت فيها أنقرة أنّ مستقبل تركيا يكمن في الشرق الأوسط فقط، أظهرت الأحداث الأخيرة أهمّية التحالفات الأوروبية للبلاد. وفي ويلز، يستطيع السيد داوود أوغلو البدء في إصلاح هذه العلاقات التي عانت من الإهمال.

منذ تسلّمها السلطة في عام ٢٠٠٢، حوّلت حكومة “حزب العدالة والتنمية” اقتصاد تركيا، وجعلت بذلك البلاد مجتمعاً أغلبيته من الطبقة الوسطى. ويعيش الأتراك اليوم حياةً أفضل من تلك التي عاشوها في أي وقت مضى في التاريخ المعاصر. ويترافق هذا الازدهار الذي لم يسبق له مثيل مع شعور قويّ بالعجرفة لدرجة ظنّ فيها رئيس الوزراء الأسبق والرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، ومستشاره ثمّ وزير خارجيته السابق حتى نهاية آب/أغسطس، أحمد داوود أوغلو، أنّهما يستطيعان بمفردهما إعادة تشكيل الشرق الأوسط.

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (KAYHAN OZER / PRIME MINISTER PRESS OFFICE / AFP)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (KAYHAN OZER / PRIME MINISTER PRESS OFFICE / AFP)

وهكذا، تخلّى “حزب العدالة والتنمية” عن الفكر الكمالي الذي شكّل الأخلاقيّات التأسيسيّة لتركيا. فمصطفى كمال أتاتورك، أوّل رئيس للبلاد، الذي رأى تركيا بلداً أوروبيّاً. وساد اعتقاد في صفوف خلفائه أنّ كون تركيا عضواً في كلّ مؤسسة أوروبية وعبر المحيط الأطلسي، من “حلف شمال الأطلسي” إلى “منظمة التعاون والتنمية”، فقد قُدر لمصير البلاد أن يكون في أوروبا والغرب. لقد ارتبط الأتراك بالشرق الأوسط كما يرتبط الأرجنتيّون بأمريكا اللاتينية. وكما يرى الأرجنتيون أنفسهم أوروبيين وصادف أنّهم يعيشون في أمريكا اللاتينية، رأى الكثيرون من الأتراك أنفسهم كأوروبيّين صادف أنّم يعيشون بالقرب من الشرق الأوسط.

وبصفته كبير الخبراء الاستراتيجيين في سياسة تركيا الخارجية منذ عام ٢٠٠٢، تحدّى أحمد داوود أوغلو هذا النموذج من خلال التلميح بأنّ على تركيا أن تكون “برازيل الشرق الأوسط”، أي أن تتمتّع باقتصاد إقليمي مهيمن قادر على إدارة دفّة الأحداث. ولم تكن تركيا بحاجة إلى حلفاء غربيين في الشرق الأوسط في ظلّ هذا التوجّه الجديد الذي تتبعه.

وقد بدا هذا التحوّل جليّاً في تورّط أنقرة في الحرب السورية، إذ فتحت تركيا حدودها الممتدة على طول ٥١٠ ميلاً لدعم الثوّار ضدّ نظام الرئيس بشّار الأسد. كذلك، تدخّلت تركيا في السياسة العراقية، ودعمت الأكراد في وجه الحكومة المركزية في بغداد. كما دعمت أنقرة الأحزاب التي تدور في فلك جماعة «الإخوان المسلمين» في ليبيا وسوريا ومصر. وقد قامت أنقرة بكلّ ذلك أملاً منها في تحويل هذه المعطيات لكي تصبّ في مصلحة وكالاتها ذات النفوذ في الشرق الأوسط.

إلّا أنّ هذه المناورة قد أسفرت عن نتائج كارثية. فللمرّة الأولى في تاريخها، تورّطت تركيا في الحرب الأهلية الدائرة في بلد مجاور وهو سوريا، ولا ترى نهاية لهذا التورط في الأفق. كما أنّ سياسة أنقرة في دعم الأكراد في العراق قد أتت بنتائج عكسية، إذ جمّدت بغداد العلاقات التجارية التركية مع باقي أنحاء البلاد. وهكذا، وكحدث آخر لا سابقة له، خسرت تركيا جميع طرق وصولها إلى الشرق الأوسط. فحدودها مع العراق وسوريا مغلقة.

الرئيس الإيراني حسن روحاني مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته في تركيا (ADEM ALTAN / AFP)
الرئيس الإيراني حسن روحاني مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته في تركيا (ADEM ALTAN / AFP)

أمّا في مصر، فليست هناك رغبة بتركيا بسبب دعمها لـ جماعة «الإخوان المسلمين». فالمصريّون يلومون أنقرة لعدم بنائها جسوراً مع المجتمع الأوسع. وفي ليبيا وسوريا، قام المتطرّفون بتهميش أعضاء «الجماعة» الذين تدعمهم تركيا. بالإضافة إلى ذلك، إن السعوديين الذين يعملون جاهدين ضدّ «الإخوان المسلمين» في جميع أنحاء المنطقة يكرهون تركيا بسبب دعمها المتعنّت لـ «الجماعة».

وانهارت قاعدة “اللانزاع” القائمة منذ زمن طويل والتي تحكم العلاقات التركية- الفارسية في ظلّ حكومة “حزب العدالة والتنمية”. فتركيا وإيران تجدان نفسيهما اليوم عالقتَان في دوّامة حرب بالوكالة بحكم دعم طهران لنظام الأسد في دمشق وحكومة بغداد، وتهديدها بذلك لمصالح أنقرة الجوهرية في سوريا والعراق. لذا، فباستثناء قطر الموالية لـ «الإخوان المسلمين» وأكراد العراق، تجد أنقرة نفسها من دون أي حلفاء أو وكلاء أو أصدقاء في الشرق الأوسط.

وقد خسرت تركيا أيضاً إسرائيل، بعد أن كانت هذه الأخيرة حليفاً ديمقراطيّاً مهمّاً لها قبل عام ٢٠٠٢، من خلال بنائها علاقات أوثق مع «حماس». وقد أكّد مؤيّدو “حزب العدالة والتنمية” أنّ اعتماد تركيا موقفاً أكثر قسوة تّجاه إسرائيل كان شرّاً لا بدّ منه لكسب تأييد العرب. لكن اليوم، لا العرب ولا إسرائيل هم أصدقاء تركيا.

وتأتي هذه المعطيات في وقت خطر جدّاً، إذ تقوم اليوم دولة إسلامية متطرّفة وخطرة على حدود تركيا، وذلك في العراق وسوريا، التي تشاطر أيديولوجية تنظيم «القاعدة» ومهارات حركة «طالبان» في فنّ الحكم والفكر. وقد وصل بعض هؤلاء الجهاديون إلى سوريا عبر تركيا.

لاجئون سوريون في الحدود السوري التركي (AFP)
لاجئون سوريون في الحدود السوري التركي (AFP)

وقريباً، قد تتحوّل هذه الأزمات المتفاقمة في السياسة الخارجية إلى تحدّيات سياسية داخلية تواجه رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو والرئيس رجب طيب إردوغان و”حزب العدالة والتنمية”. إنّ نجاح تركيا الاقتصادي هو نتيجة لاستقرارها في منطقة غير مستقرّة. ويصل قدر الاستثمار الخارجي المباشر في البلاد الذي حطّم الأرقام القياسية إلى ٥٠ مليار دولار أمريكي سنويّاً، مما يعزز نموّ تركيا ونجاح أحمد داوود أوغلو الانتخابي. لكن مع تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية» لنموّ تركيا، ستنحسر الاستثمارات الدولية، ولن تكون حظوظ رئيس الوزراء داوود أوغلو في الانتخابات البرلمانية لعام ٢٠١٥ مبشّرة بالنجاح.

بيد، بالرغم من أنّ تورّط أنقرة في الشرق الأوسط لم يكن ناجحاً حتّى الآن، إلّا أنّ الأوان قد فات للعودة إلى نموذج الفكر الكمالي القاضي بتجاهل الشرق الأوسط بالكامل. فتركيا هي جزء من واقع الشرق الأوسط والاضطرابات التي يعيشها. وخلال قمّة “حلف الناتو” وبعدها، سيكون رئيس الوزراء داوود أوغلو حذراً في الاستيحاء من قواعد الفكر الكمالي وإعادة تطوير تعاون مناسب مع حلفاء تركيا السابقين وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والأوروبيين للتصدّي لخطر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والمشاكل الشرق أوسطية الأخرى معاً.

نشرت هذه المقالة لأول مرة على موقع معد واشنطن

اقرأوا المزيد: 820 كلمة
عرض أقل
رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان وزعيما حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية (AFP)
رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان وزعيما حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية (AFP)

علاقات تركيا وحماس: ما هي دوافع الأتراك؟

عدا عن التقارب الأيديولوجي بين حماس وحزب العدالة والتنمية، فإن رغبة تركيا في التأثير أكثر على مجريات الأمور في الشرق الأوسط تؤدي إلى تقوية أواصر العلاقات مع حماس. كيف يحدث هذا؟

14 أغسطس 2014 | 17:06

بدأت العلاقات بين تركيا وحماس تتمتّن بدءًا من 2006 بعد أن حظي التنظيم بـ 44% في الانتخابات الفلسطينية العامة. منذئذ تحاول تركيا أن تقوم بعامل وسيط بين حماس والغرب، وخاصة بعد أن استولت حماس على القطاع في عملية عنيفة. ووصلت العلاقات إلى ذروتها بعد “أسطول الحرية لغزة” (مافي مرمرة) الذي أبحر من تركيا في أيار 2010. لماذا تمتن دولة ذات علاقات جيدة مع الغرب علاقاتها مع تنظيم تعتبره الولايات المتحدة ودول أوروبا تنظيمًا إرهابيًّا؟

يبحث مقال لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، نُشر مؤخرًا، هذا السؤال ويستعرض الدوافع. يدعي كاتبو المقال أن دوافع تركيا تتأرجح بين اعتبارات استراتيجية وتقارب أيديولوجي.

في البداية يدعي كاتبو المقال أنه على عكس سياسية تركيا في فترة الحرب الباردة، إذ حاولت حينها أن تنأى بنفسها عن سياسات الشرق الأوسط، فإنها تحاول في الفترة الآنيّة أن تزيد من تأثيرها في الشرق الأوسط. وأُدْرِكَت مقاومة إسرائيل أنها الطريقة الأسهل لجني التأييد الشعبي في العالم العربي.

كذلك، يبدو أن تركيا معنية بتقليص تعلقها الاقتصادي والعسكري بالغرب، لذلك فهي تتحدى سياسة الولايات المتحدة فيما يخص إسرائيل وتحاول إظهار استقلاليّتها. في الحقيقة يمكن رؤية تأكيد تركيا على أن حماس هي عامل سياسي شرعي، وأسلوبَها الاستفزازي الذي تبنته مؤخرًا ضد إسرائيل، أنها وسائل لإظهار سياسة مستقلة.

وسبب آخر يمس بالأيديولوجية المشتركة، وذلك بما أن تنظيم حماس وحزب العدالة والتنمية يعتبران مرتبطين بجماعة “الإخوان المسلمين” العالمية، فيبدو أن هنالك تقاربًا أيديولوجيا بين كليهما. ورغم أن حزب العدالة والتنمية لا يستثني جانبًا فكرة الحكم العلماني، فمن الجلي أن الحزب يظهر تأييدًا للأحزاب الإسلامية الأخرى.

من الواضح أن الحزب معني بالعلاقات مع حماس أكثر منها مع فتح، لأن لديه صعوبة في تقبل المنهج العلماني لفتح.

كذلك، يدعي كاتبو المقال أن تركيا في السنوات الأخيرة تبرز البعد الحضاري، وتؤكد على الحقيقة أنها ترى نفسها مندوبة عن الحضارة الإسلامية، لذلك فهي ملزمة في الدفاع عن المدنيين المسلمين في غزة.

ويشير الكاتبون كذلك إلى أسباب داخلية ويدعون أن أغلب المصوّتين لحزب العدالة والتنمية يحسون أنهم متقربون لعدة جهات عربية إسلامية بسبب مواقفها الدينية المحافظة. كذلك، تحظى القضية الفلسطينية بتأييد واسع في أوساط الجماهير التركية، حتى العلمانية منها.

أحد التفسيرات الداخلية الأخرى هو الجهود التي تبذلها منظمات إسلامية غير حكومية في الدولة، وخاصة منظمة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)‏، وهي ذات تأثير على السياسة التركية. هذه المنظمة التي أقيمت في 1922، على خلفية حرب البوسنة، ترسل إعانة إنسانية لأكثر من 120 دولة. لدى المنظمة ميول إسلامية قوية، وتدعي إسرائيل أن المنظمة هي قسم من شبكة تجنيد الأموال لحماس. لقد تمت ترقية الكثير من مسؤولي التنظيم لمناصب ذات مركز عالٍ في حزب التنمية والعدالة.

اقرأوا المزيد: 391 كلمة
عرض أقل
رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره خلال احتفالات النصر في أنقره عقب فوزه بمنصب رئاسة تركيا وإلى جانبه زوجته أمينة (AFP)
رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره خلال احتفالات النصر في أنقره عقب فوزه بمنصب رئاسة تركيا وإلى جانبه زوجته أمينة (AFP)

10 حقائق عن الرجل القوي لتركيا

على الطريق من رئاسة الحكومة إلى قصر الرسائة، يخطط أردوغان أن يقيم في بلاده حكومة رئاسية على غرار الولايات المتحدة وسيستمر في الحكم من وراء الستار

10 أغسطس 2014 | 14:14

ضمن رجب طيب إردوغان لنفسه، أمس الأحد، مكانا في التاريخ كأول رئيس منتخب انتخابا مباشرا في تركيا حاصدا أكثر من نصف الأصوات. وتحدث كثيرون في تركيا عن أن توقيت الحرب في غزة كان جيدا لأردوغان بسبب آرائه المهاجمة لإسرائيل.

وأشاروا إلى أن شعارات تأييد الفلسطينيين، ولبس الكوفية على الرقبة، والخطاب الحماسي ضدّ “أعداء تركيا” غطت على فشله الإداري في السياسة الخارجية، التي أبعدت تركيا عن مراكز التأثير في الشرق الأوسط، وسببت أزمة في علاقاتها مع مصر والعراق، وزادت التوتر حدّة مع الحكومة الأمريكية.

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

لكن من هو في الحقيقة رجب طيب أردوغان؟ إليكم بعض الحقائق المثيرة عن الرجل الذي نما في تركيا العلمانية وفي العقد الأخير عمل بلا كلل على تقدمها نحو الإسلام الحديث، الذي يدمج بين السياسة الإسلامية، بحياة إسلامية اجتماعية واقتصادية متقدمة تتجه إلى آفاق جديدة، بعد أن رفض الاتحاد الأوروبي مرة بعد مرة طلب تركيا الانضمام إليه:

وُلد رجب طيب أردوغان في تركيا في 26 شباط 1954 وهو رئيس الحكومة الـ 58 لتركيا بدءًا من 14 آذار 2003.

انتُخب في سنة 1976 رئيسًا للفرع الشبابي لحزب الإنقاذ الوطني. سنة 1978 تزوج أمينة، ذات الأصل العربي. مع الأيام سيعتبر زواجه كمثال للدمج بين الطوائف في تركيا.

سنة 1988 حُكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر بعد أن قرأ علنًا قصيدة متطرفة تعارض مبادئ العلمانية في تركيا. من بين كلمات هذه القصيدة، الجملة: “المساجد هي قواعدنا، قبابها خوذاتنا، صروحها سلاحنا، والمؤمنون جنودنا. قضى أردوغان في السجن أربعة أشهر ثم أطلق سراحه.

نائبات عن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب أردوغان، يرتدين الحجاب في البرلمان التركي (AFP)
نائبات عن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب أردوغان، يرتدين الحجاب في البرلمان التركي (AFP)

في الثالث من تشرين الثاني 2002 انتصر “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي (AKP) في الانتخابات برئاسة أردوغان. جاء الانتصار على خلفية الأزمة الاجتماعية، انهيار الاقتصاد في الدولة، وإقالة ملايين العمال من سوق العمل التركية. اضطر أردوغان، الذي حكمت عليه المحكمة سابقًا أنه يُحظر عليه مزاولة منصب جماهيري في أعقاب إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، إلى اختيار بديل له لرئاسة الحكومة حتى انتهاء فترة المنع. لقد قام بتعيين عبد الله غول، نائبه في الحزب، بمنصب رئيس حكومة مؤقت. في نهاية فترة المنع، عُين رئيس للحكومة من جهة حزبه.

أثارت رغبته في الانضمام للاتحاد الأوروبي خلافًا في الرأي بينه وبين الأوروبيين الذين ادعوا أن تركيا تنتهك حقوق الإنسان ومبادئ المساواة.‎ ‎ادُّعي أنها غير ناضجة للانضمام للاتحاد الأوروبي، من بين أمور أخرى، كان تشريع قدّمه أردوغان، الذي عرف زنا المرأة كعمل جنائي، وكذلك معارضة أردوغان لإلغاء القانون الذي يقيّد حرية التعبير عن الرأي في الدولة، ويمنع نشر محتويات تسيئ للقومية التركية.

الاحتجاجات في متنزه تقسيم غازي، تركيا (ويكيبيديا)
الاحتجاجات في متنزه تقسيم غازي، تركيا (ويكيبيديا)

سنة 1974 كتب، أخرج، ومثّل في مسرحية تعرض الشيوعيين واليهود كأساس الشر في العالم. خلال السنوات نسبت لأردوغان العديد من التصريحات اللاسامية. سنة 2008 ادعى أن هناك “إعلامًا عالميًّا تحت سيطرة إسرائيل”. وادعى أيضًا أن إسرائيل من وراء الانقلاب في مصر.

اردوغان ومرسي (AFP)
اردوغان ومرسي (AFP)

بعد تعيينه في منصب رئيس حكومة تركيا، اتخذ أردوغان خطا هجوميًّا ضدّ إسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية لبلاده مع إسرائيل. بعد أسطول غزة (المرمرة) في أيار 2010، وقعت الأزمة الدبلوماسية الأكثر صعوبة منذ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا. سحب أردوغان السفير التركي من تل أبيب وصرح تصريحات حادة ضدّ إسرائيل، على قتل الناشطين الأتراك. طالب أردوغان إسرائيل أن تنفذ ثلاثة أشياء: أن تعتذر عن قتل مواطنيها في الأسطول، أن تدفع التعويضات المالية لعائلات القتلى والجرحى وأن ترفع الحصار عن غزة وتتيح الدخول الحر للأساطيل إلى القطاع.

مؤخرًا، وُضعت علاقات تركيا ومصر على المحك: على خلفية التأييد الذي تبديه مصر مؤخرًا لإسرائيل، ادعى أردوغان أن مصر لا يمكنها أن تمثل وسيطا وأن تعمل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. في أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في منتصف تموز هذه السنة، هاجم أردوغان رئيس مصر المنتخب عبد الفتاح السيسي وادعى أنه استولى على السلطة بطرق غير شرعية.

الأسلحة التي وجدت على متن سفينة المافي مرمرة (IDF Flickr)
الأسلحة التي وجدت على متن سفينة المافي مرمرة (IDF Flickr)

مؤخرًا هدد أردوغان بحجب موقعي اليوتيوب والفيس بوك في تركيا مدعيًا أن معارضيه السياسيين يستخدمون مجاليّ الإنترنت كي يحرضوا الجمهور التركي ضده وينشروا تعاليمهم غير الإسلامية.

أدت المعارضة الجماهيرية ضدّ أردوغان في فضيحة الفساد التي ارتبط بها اسمه واسم مسؤولين رفيعين آخرين في حزبه، إلى إغضابه جدًا. اضطربت تركيا التي كانت في قمة الانتخابات المحلية (آذار 2014)، في تلك الفترة على ضوء العنف ضدّ المتظاهرين في الشوارع. بعد تصريحات أردوغان الحادة، التي أطلَق في قسم منها اسم “إرهابي” على ولد عمره 15 سنة وسمى الصهيونية “جريمة ضدّ الإنسانية”، نشرت رابطة الأطباء التركية بيانًا، عبرت فيها عن “قلقها من وضع أردوغان النفسي”.

اقرأوا المزيد: 653 كلمة
عرض أقل

“على النساء ألا تضحك في الأماكن العامة”

نائب رئيس حكومة تركيا يثير عاصفة حين أعرب عن آراء متزمتة فيما يخص قواعد الاحتشام، وانتقد "الفساد الأخلاقي" الذي استشرى في المجتمع

ما ينبغي على النساء أن يضحكن بصوت عال في الأماكن العامة، أو التحدث كثيرا في الهاتف عن مواضيع خاصة وغير مهمة، هذا ما قاله بولنت أرينك، نائب رئيس حكومة تركيا. لم يتضح إن كان الأمر متعلقا بالحملة الانتخابية الآخذة في الاقتراب ومحاولةٍ للتقرب من الناخبين الإسلاميين، أو أن أرينك قرر حقا أن نفسه اشمأزت من الحداثة في دولته.

إن هذا أم ذاك، فقد كانت النتيجة خطابا غريبا أثار انتقادات عارمة، سواء في تركيا أو العالم كله، والتي وصفته بالمتحيز جنسيا، الشوفيني، والمتطرف.

لقد قال أرنيك هذه الأمور في اجتماع جرى يوم الاثنين الفائت في مدينة بورصة التركية بمناسبة عيد الفطر. أرينك، أحد مؤسسي الحزب التركي الحاكم “التنمية والعدالة”، شكا في كلمته من الانحدار الأخلاقي للمجتمع العصري.

“على الرجل أن يكون خلوقا ولكن النساء ينبغي أن يكُنَّ خلوقات أيضا، يجب أن يعرفن ما هو محتشم وما هو لا”، قال أرنيك في كلمة ألقاها يوم الاثنين، في مقاطعة بورصة الغربية بمناسبة عطلة عيد الفطر الذي يمثل نهاية رمضان”.

ما ينبغي عليها أن تضحك بصوت عال أمام الملأ ويجب أن تحفظ احتشامها في كل وقت”، أضاف.

نائب رئيس الوزراء التركي (AFP)
نائب رئيس الوزراء التركي (AFP)

ثم مضى في استنكار الانحدار الأخلاقي الذي جعل المجتمع يغرق في المخدرات والزنا، وهاجم المسلسلات التركية المشهورة على تشجيعها أسلوبَ حياة انحلالي، في تعليقات اقتبستها وسائل الإعلام والشبكات التركية.

ثم استمر وانتقد الحداثة التي تدمر المجتمع والطبيعة، بل وقلد امرأة تركية تتحدث في الهاتف عن تفاهات، فيما لا يلتقي الناس اليوم بعضهم ببعض ويتحدثون وجها لوجه.

لقد أثارت تعليقاته عاصفة في الشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى بعض التوترات السياسية بينما يستعد أردوغان للترشح في الانتخابات التركية في العاشر من آب.

اقرأوا المزيد: 245 كلمة
عرض أقل
الاحتجاجات في تركيا (ADEM ALTAN / AFP)
الاحتجاجات في تركيا (ADEM ALTAN / AFP)

احتجاجات في تركيا على نتائج الانتخابات والمعارضة تزعم حدوث تلاعب

لم تعلن أي نتائج رسمية حتى الآن لكن الإحصاءات تشير إلى حصول حزب العدالة والتنمية على نحو 44 في المئة في أنحاء البلاد مقابل ما بين 26 و28 في المئة لحزب الشعب الجمهوري المعارض

استخدمت شرطة مكافحة الشغب التركية مدفع مياه اليوم الثلاثاء لتفريق آلاف الأشخاص الذين احتشدوا أمام المجلس الأعلى للانتخابات في العاصمة أنقرة للاحتجاج على نتائج الانتخابات المحلية التي هيمن عليها الحزب الحاكم.

واحتفظ حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء طيب اردوغان بالسيطرة على اكبر مدينتين اسطنبول وأنقرة وزاد حصته من الأصوات على المستوى الوطني في الانتخابات المحلية التي جرت يوم الأحد بالرغم من فضيحة فساد تلاحق حكومته. لكن المعارضة قالت إنها ستطعن على بعض النتائج.

وطالب الحشد باعادة فرز نتائج أنقرة التي شهدت سباقا متقاربا وأخذوا يرددون “طيب لص” و”الشعب معك يا مجلس الانتخابات” قبل ان تتدخل الشرطة.

ولم تعلن أي نتائج رسمية حتى الآن لكن الإحصاءات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية تشير إلى حصول حزب العدالة والتنمية على نحو 44 في المئة في أنحاء البلاد مقابل ما بين 26 و28 في المئة لحزب الشعب الجمهوري المعارض.

وجرت الانتخابات في الدولة المسلمة الوحيدة بحلف شمال الأطلسي وسط صراع شرس على السلطة بين اردوغان ورجل الدين فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة الذي يتهمه اردوغان بتنفيذ حملة قذرة بنشر تسجيلات صوتية مجهولة تزعم ضلوع رئيس الوزراء في فساد.

وينفي اردوغان اتهامه بالفساد وينفي كولن أيضا أي دور في التسجيلات التي تم الحصول عليها من اتصالات حكومية سرية.

وتجمع أنصار المعارضة – وبينهم كثير من الطلاب استجابوا لنداءات على مواقع التواصل الاجتماعي – في المقر الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري المعارض وتناوبوا العمل طوال الليل لفحص أوراق النتائج بحثا عن أي دلالة على حدوث تزوير.

وقال مصطفى ساريجول مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض لرئاسة بلدية اسطنبول والذي هزم في الانتخابات “أيا كانت نتائج الانتخابات فإنها ستدخل بكل أسف تاريخ ديمقراطيتنا كانتخابات مشكوك فيها.” وتابع قوله “سرقة صوت واحد هي علامة سوداء للديمقراطية.”

ووقف اردوغان في شرفة مقر حزب العدالة والتنمية محاطا بأفراد عائلته وألقى كلمة الفوز يوم الأحد وسط هتافات الآلاف من أنصاره الذين أضاءوا السماء بالألعاب النارية.

وشكلت النتيجة خيبة أمل كبيرة لحزب الشعب الجمهوري المعارض برغم أنه زاد حصته من الأصوات لكنه فشل في التخلص من صورته كمعقل للنخبة العلمانية بمعزل عن الواقع الفعلي لحياة غالبية السكان في الدولة المسلمة المحافظة اجتماعيا والبالغ عدد سكانها 77 مليون نسمة.

ويطعن حزب الشعب الجمهوري في نتائج الانتخابات في أنقرة وأيضا في مدينة انطاليا الساحلية الجنوبية التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية بعد أن كانت معقلا تقليديا للمعارضة.

وطالب ساريجول أيضا بإعادة فرز الأصوات في اسطنبول في حين قال منصور يافاس مرشح الحزب المعارض لرئاسة بلدية أنقرة إن الحزب سيلجأ إلى المحكمة الدستورية إذا لزم الأمر.

ورغم الماضي السياسي المضطرب فقد كان ينظر إلى حد بعيد إلى الانتخابات السابقة في تركيا على أنها حرة ونزيهة.

وشابت عملية التصويت في جنوب شرق تركيا أعمال عنف فردية. ويسري في جنوب شرق تركيا وقف لاطلاق النار منذ العام الماضي في اطار جهود لانهاء تمرد المسلحين الأكراد الذي بدأ قبل نحو ثلاثة عقود. ووفقا للنتائج غير الرسمية فقد واصل حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد سيطرته على اقاليم في المنطقة.

وفي يوم الانتخابات قتل ثمانية أشخاص في حادثي تبادل لإطلاق النار منفصلين في قريتين بإقليمي هاتاي وشانلي أورفة في جنوب شرق البلاد قرب الحدود السورية بين أنصار مرشحين متنافسين.

وقالت مصادر أمنية إن شرطة مكافحة الشغب استخدمت الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه لتفريق محتجين أمام مكاتب الحكومة المحلية في منطقة جيلان بينار في جنوب شرق البلاد قرب الحدود السورية اليوم الثلاثاء بعد أن اظهرت النتائج هناك فوز حزب العدالة والتنمية.

وقالت صحيفة حريت إن الاشتباكات اندلعت بسبب شائعات بخصوص حدوث تلاعب شمل حرق أوراق اقتراع. وطعن حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد على النتائج.

وقالت الصحيفة في الوقت نفسه إنه تم العثور على بطاقات اقتراع عليها علامات التأييد لحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية ملقاة في أكياس قمامة في ست مدارس في منطقة فاز فيها حزب العدالة والتنمية في اقليم عثمانية الجنوبي الذي هيمن على باقي مناطقه حزب الحركة القومية.

اقرأوا المزيد: 587 كلمة
عرض أقل
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (KAYHAN OZER / PRIME MINISTER PRESS OFFICE / AFP)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (KAYHAN OZER / PRIME MINISTER PRESS OFFICE / AFP)

أردوغان يعلن الفوز في الإنتخابات المحلية

فازت حزب العدالة والتنمية بما يتراوح بين 44 و45 في المئة من الأصوات. أردوغان: "هذا يوم زفاف تركيا الجديدة. اليوم يوم النصر, 77 مليون شخص متحدون ومعا إخوة"

أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فوزه في الإنتخابات المحلية التي جرت اليوم الأحد والتي تحولت إلى إستفتاء على حكمه وقال إنه “سيدخل عرين” الأعداء الذين إتهموه بالفساد وسربوا أسرار الدولة. وقال إنهم “سيدفعون ثمن ذلك.”

وأدلى أردوغان بهذه التصريحات من إحدى شرف مقر حزب العدالة والتنمية أمام ألاف من أنصاره في الوقت الذي أظهرت فيه النتائج المبكرة فوز حزبه بما يتراوح بين 44 و45 في المئة من الأصوات وحصول حزب الشعب الجمهوري على ما يتراوح بين 23 و28 في المئة.

ويتهم أردوغان فتح الله كولن وهو رجل دين مسلم كان حليفا له ويقيم في الولايات المتحدة بشن حملة تشويه ضده مستخدما شبكة من أنصاره في قوة الشرطة لتلفيق قضية فساد له. وردا على ذلك قام بإستبعاد الآلاف من قوة الشرطة.

وفي الأسبوع الماضي وصلت الأزمة إلى مستوى جديد عندما سجل إجتماع أمني سري على مستوى عال بشأن سوريا وبث على موقع يوتيوب . وينفي كولن أي دور له في هذا التسريب الأمني أو في التحقيق في الفساد.

وقال أردوغان”هذا يوم زفاف تركيا الجديدة. اليوم يوم النصر لتركيا الجديد.. 77 مليون شخص متحدون ومعا إخوة .”

اقرأوا المزيد: 172 كلمة
عرض أقل