حركة النهضة

الإحواني، الرئيس المخلوع محمد مرسي خلف القضبان (AFP)
الإحواني، الرئيس المخلوع محمد مرسي خلف القضبان (AFP)

الإخوان المسلمون الجدد: الدولة هي الحل؟

تفكُك الدولة في سوريا، السودان، اليمن، وليبيا يخرج الريح من أشرعة حركة الإخوان المسلمين ويدفعها إلى التجمع داخل حدود الدولة وإظهار المسؤولية

في الآونة الأخيرة يظهر الإسلام السياسي علامات الانزعاج الذاتي. هكذا تسير الأمور في حركة النهضة في تونس، وفي حركة الإخوان المسلمين في مصر والأردن. تبنّت حركة النهضة في مؤتمرها قبل نحو شهر، بعد تردد كبير، اقتراح زعيمها، راشد الغنوشي، وهو قبول مبدأ الفصل بين الدين والدولة. منذ ذلك الحين يدعي زعماء الحركات الإسلامية في دول مجاورة أنّ هذا الفصل قد يحدث في أقاليمهم أيضا.

فازت حركة النهضة في الانتخابات الأولى في تونس بعد الإطاحة بالرئيس بن علي. ورغم أنها دعت أحزابا علمانية للدخول في الحكومة برئاستها، فقد طمحت إلى وضع حدّ للعلمانية في تونس. عرّضَت حكومة الغنوشي نفسها أمام الكثير من النقاد في أعقاب الكشف عن الإكراه الديني، العنف وطغيان الغالبية، بل وحتى اغتيال خلايا إسلامية لزعماء سياسيين يساريين وعلمانيين. فشلت الحكومة في تهدئة الأوضاع وتعزيز الاستقرار، وبالطبع في تنفيذ الكثير من وعودها للمواطنين المتمرّدين.

زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي (AFP)
زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي (AFP)

جاء قرار الحركة حول فصل الدين عن الدولة بعد خسارتها في الانتخابات العامة قبل نحو عام ونصف.‎ تتميز الحكومة الجديدة في تونس في التوجه العلماني والخطاب المؤيد للفصل التام بين الدين والدولة، كما يليق بـ “دولة متحضرة” – هذا هو حال الائتلاف والأحزاب الجديدة والصغيرة التي تصارع الرموز الدينية التي أورثها حكم النهضة قصير الأمد.

فرضت تونس، ذات التاريخ العلماني، وشريحة سكان المدن القوية والطبقة الوسطى الواسعة والثرية، على حركة النهضة أن تتغير وتلائم نفسها مع الواقع الجديد. وقد رفض الشعب التونسيّ، المنظّم في أحزاب وحركات فكرية متنوعة، قبول حركة تسعى إلى إعادة التاريخ إلى الوراء وتطبيق الشريعة، حتى ولو بصيغة منفتحة ومتطورة. أعرب المواطنون عن معارضتهم العنيدة وربطوا بين الإكراه والخطاب الديني الإسلامي وبين المركزية، الفساد والقمع وكل ما سبق ثورة 2011. والآن أصبحت حركة النهضة حزبا كسائر الأحزاب. وعليها أن تقنع المواطنين ليس بقوة الله وعطفه ولا بقدرة الإسلام أن هو الحل، وإنما بقدرتها الذاتية، كلاعب سياسي يخضع للرقابة، قادر على إحداث تغيير حقيقي يلبي حاجة المواطن التونسي الماسّة.

لم تكشف جميع حركات الإسلام السياسي في المنطقة عن عدم وجود علاقة بين الله وبين الإدارة السليمة للاقتصاد والدولة. أصبحت حركة الإخوان المسلمين في الأردن، في هذه الأيام، في قلب العاصفة وهي على شفا الانقسام إلى ثلاث حركات منفصلة. والآن تُمارس ضغوط كبيرة عليها، من الداخل والخارج، لتتماشى مع دستور النظام الهاشمي، وتعمل كحركة وطنية أردنية وأن تقطع علاقتها مع حركات الإخوان المسلمين في المنطقة، ولا سيما مع حماس. تعكس مبادرة “زمزم” ومبادرة “الشراكة والإنقاذ”، والتي يدعي البعض أن النظام الهاشمي يقف خلفهما، أيضا الضغط الداخلي الذي تُمارسه جهات ذات مناصب متوسطة ورفيعة في الحركة للاندماج في السياسة الأردنية اندماجا كاملا. تتجه الحركة نحو الحسم، ووفقا لأحد التفسيرات فستنقسم إلى ثلاث مجموعات: مجموعتان ذواتا سكان تعود جذورهم إلى عبر الأردن، والذين يقبلون قواعد اللعبة التي حدّدها النظام، والمجموعة الثالثة، المرتبطة بحركة حماس الفلسطينية، ستبقى وفية لمبدأ “الإسلام هو الحل”.

مظاهرات جماعة الإخوان في الأردن (AFP)
مظاهرات جماعة الإخوان في الأردن (AFP)

وهناك جدل صاخب أيضًا داخل الحركة الأم للإخوان المسلمين في مصر. وقد أثارت الضغوط الداخلية والخارجية توترا علنيا وكبيرا بين الدوائر التي تحاول تحويلها إلى حركة سياسية تخضع لقوانين الدولة، وبين دوائر وفية للنهج المحافظ والمتشدّد الذي ينادي بتحويل مصر إلى دولة شريعة، كخطوة أولى في الطريق نحو إقامة الخلافة الإسلامية في المنطقة. ومن الواضح أنّه لا ينبغي فصل هذه الضغوط عن حملات الملاحقة وقمع نظام السيسي لحركة الإخوان المسلمين.

أثار السعي نحو سياسة الاستبداد في مصر في سنة حكم الرئيس مرسي مجددا الشعب المصري والنخب الخائفة وأخرج نحو 25 مليون شخص للاحتجاجات في الشارع. إنّ الشعور بالخطر والذي شعر به الأردنيون على ضوء “مناورات” الإخوان المسلمين في المملكة في الأشهر الأولى من الربيع العربي شوّش قدرتها على العمل في المجال السياسي ومع السلطات. ولكن الفظائع التي ضربت المنطقة تركت أيضًا طابعها على هذه الحركة الشرق أوسطية، بعد أن أصبحت بعد الربيع العربيّ وبفضله لاعبا رئيسيا في المنطقة.

للوهلة الأولى، كان يبدو أنّ الإخوان المسلمين يلمسون النقطة الأكثر حساسية في التاريخ العربي. إن تفكُك الدولة في سوريا، السودان، اليمن وليبيا أخرج الريح من أشرعة حركة الإخوان المسلمين ودفعها إلى التجمع داخل حدود الدولة وإظهار المسؤولية. وقد خرج بقية اللاعبين أيضًا، بطبيعة الحال، للدفاع عن مصالحهم على ضوء الفظائع، مع الحرص على إطار الدولة كأساس للسياسة، مما يعارض، على الأقل، أيديولوجيا، نهج الإخوان المسلمين. أثار الظهور التهديدي للإسلام المتطرف العنيف في المنطقة في حركات الإخوان المسلمين أيضًا الحاجة إلى تمييز نفسها عنه من خلال الحوار واستعدادات مختلفة.

يعتقد خبراء عرب يتابعون الإسلام السياسي في الشرق الأوسط أنّ التغييرات في حركة الإخوان المسلمين في المنطقة قد تدلّ على تغييرات عميقة في تطوّرها. ولكن يُمكن اعتبار هذه التغييرات على أنها براغماتية ومطلوبة على ضوء التجربة العملية لتنظيمات الإخوان المسلمين في دول المنطقة. فإنّ اختبار التنظيمات السياسية ليس بكتاباتها وأفكارها وإنما بأفعالها واسقطاتها. يتضح أيضًا أن الحركة الجماهيرية التي تدعي العلاقة مع الله تتصرف كآخر التنظيمات السياسية على الأرض: بداية بالتجربة والخطأ، وأيضا سقوطها وتغييراتها بالتجربة والخطأ.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 749 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

حزب قائد السبسي يعلن فوزه بانتخابات تونس الرئاسية وفريق المرزوقي يعترض

مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي: "قد يحتسب الفارق بين الرجلين بآلاف الاصوات وليس بعشرات أو مئات الالاف من الاصوات. إعلان الفوز فيه خرق للقانون الانتخابي وللسلم الاهلي"

أعلن حزب “نداء تونس” العلماني فوز مؤسسه ورئيسه الباجي قائد السبسي الأحد بالدورة الثانية لانتخابات الرئاسة التونسية التي تنافس فيها مع الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي الذي اعترض فريقه على إعلان فوز السبسي.

وقال  محسن مرزوق القيادي في “نداء تونس” ومدير الحملة الانتخابية للسبسي في تصريحات للصحافيين “بعد غلق مكاتب الاقتراع، المؤشرات التي لدينا تفيد بفوز الاستاذ الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية”.

من ناحيته قال عدنان منصر مدير الحملة الانتخابية لمحمد المنصف المرزوقي في مؤتمر صحافي “لا أساس لما صرح به مسؤول حملة قائد السبسي من أن هناك فوزا واضحا” للأخير.

وأضاف “قد يحتسب الفارق بين الرجلين بآلاف الاصوات وليس بعشرات أو مئات الالاف من الاصوات”.

وقال في تصريح أدلى به لتلفزيون “الحوار التونسي” الخاص “إعلان (نداء تونس) الفوز فيه خرق للقانون الانتخابي وللسلم الاهلي، نحن متمسكون بالنتائج التي ستعلن عنها +الهيئة العليا المستقلة للانتخابات+”.

وقال السبسي في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي “في انتظار النتائج النهائية التي لم تعلن بعد (..) لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر الى كل من ساندنا”.

وأقام أنصار حزب نداء تونس احتفالات أمام مقر الحملة الانتخابية للحزب قرب العاصمة تونس.

من جهته، رفض المرزوقي التعليق على هذا الامر لكنه تحدث في الوقت نفسه عن مؤشرات الى فوزه.

وقال لانصاره الذين تجمعوا امام المقر العام لحملته “ارفض التعليق (…) رغم كل المعطيات والمعلومات التي تفيد اننا فائزون”.

واضاف “ساحترم القانون وساحترم الهيئات المستقلة التي يحق لها وحدها اعلان النتائج”، في اشارة الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

واعلنت الهيئة انها ستبذل ما في وسعها لاعلان النتائج الاثنين علما بان نسبة المشاركة في الدورة الثانية بلغت 59 في المئة في مختلف انحاء تونس.

وكان نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي في 2012 لمواجهة اسلاميي حركة النهضة التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014، فاز بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم 26 تشرين الاول/كانون الاول الماضي فيما حلت حركة النهضة ثانيا.

وتأهل قائد السبسي والمرزوقي الى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على 39,46 بالمئة و33,43 بالمئة من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الاولى التي جرت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وتميزت الحملة الانتخابية للدورة الثانية بحدة في خطاب المرشحين وبالاتهامات المتبادلة ما أجج التوتر وأثار استياء كثير من التونسيين.

فقد وصف السبسي المرزوقي بانه “متطرف” و”خطير” وانه ما كان له بلوغ الدورة الثانية لو لم يصوت له “الاسلاميون” و”السلفيون الجهاديون”. كما قال انه “خرب البلاد” خلال فترة حكم “الترويكا”.

في المقابل اعتبر المرزوقي ان قائد السبسي الذي كان رئيسا للبرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي، وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب “التجمع” الحاكم في عهد الرئيس المخلوع، “يمثّل النظام القديم” وانه “خطر على الديمقراطية وعلى الثورة”.

وجرت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد ايام من توجيه جهاديين في تنظيم “داعش” تهديدات الى تونس ودعوتهم التونسيين الى مقاطعة الانتخابات.

وتبنى هؤلاء الجهاديون في شريط فيديو نشروه على الانترنت مساء الاربعاء الماضي اغتيال المُعارضيْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013 وهددوا بتنفيذ اغتيالات أخرى.

وكانت هذه المرة الاولى التي يتم فيها تبني عمليتي الاغتيال اللتين أدخلتا تونس في أزمة سياسية حادة.

وانتهت الازمة مطلع 2014 باستقالة حكومة “الترويكا” التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية لتحل مكانها حكومة مهدي جمعة .

ونشرت تونس عشرات الالاف من قوات الجيش والشرطة لتأمين الانتخابات.

وبعد الاطاحة بنظام بن علي، خططت جماعات جهادية لتحويل تونس الى “أول إمارة إسلامية في شمال افريقيا” بحسب وزارة الداخلية التونسية.

ومنذ مطلع 2011 قُتِل أكثر من 60 من عناصر الامن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة.

وقبل ساعات من فتح مكاتب الاقتراع، قتل الجيش في منطقة حفّوز من ولاية القيروان (وسط) مسلحا وأوقف ثلاثة آخرين قالت وزارة الدفاع انهم حاولوا مهاجمة عسكريين يحرسون مدرسة داخلها “مواد انتخابية”.

وقال المقدم بلحسن الوسلاتي الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع لفرانس برس ان “يقظة العناصر العسكرية وسرعة رد فعلهم مكنتهم من إحباط العملية التي أسفرت عن مقتل مسلح كانت بحوزته بندقية صيد، والقبض على ثلاثة مشتبه بهم أحدهم مصاب في يده”.

وأضاف ان عسكريا “أصيب بجروح خفيفة في كتفه” خلال صد الهجوم. وتابع ان وزارة الداخلية فتحت تحقيقا في الحادثة لافتا إلى أن “الارهابيين لا يستعملون عادة بنادق الصيد” في هجماتهم.

وهذه أول مرة تجرى انتخابات رئاسة بطريقة ديموقراطية وحرة في تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 رئيسان هما الحبيب بورقيبة (1987/1956) ثم زين العابدين بن علي (2011/1987).

ودأب بورقيبة وبن علي على تزوير نتائج الانتخابات التي جرت في عهديْهما للاستمرار في الحكم.

ومنح دستور تونس الجديد الذي تم إقراره مطلع العام الحالي صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان مقابل صلاحيات محدودة للرئيس.

اقرأوا المزيد: 685 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

انتخابات رئاسية “تاريخية” في تونس واتجاه نحو دورة ثانية بين السبسي والمرزوقي

مدير حملة السبسي: "الباجي قائد السبسي هو بحسب التقديرات الاولية متصدر السباق بفارق كبير وهو ليس بعيدا كثيرا عن ال50%" المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الاولى"

تتجه تونس الى دورة ثانية في انتخاباتها الرئاسية التاريخية التي جرت الاحد والتي سيتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي ورئيس حزب “نداء تونس” الباجي قائد السبسي الذي اعلن معسكره انه يتقدم على منافسه الرئيسي في شكل كبير.

وقال محسن مرزوق مدير حملة السبسي للصحافيين مساء الاحد ان “الباجي قائد السبسي هو بحسب التقديرات الاولية متصدر السباق بفارق كبير” عن اقرب منافسيه الذي لم يسمه، مؤكدا ان السبسي “ليس بعيدا كثيرا عن ال50%” المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الاولى، ولكن “من المرجح اجراء دورة ثانية”.

من جهتها، اعلنت حملة المرزوقي ان الفارق بين مرشحها وزعيم حزب “نداء تونس” ضئيل جدا وسيتافسان بالتالي في دورة ثانية.

وقال مدير الحملة عدنان منصر للصحافيين “في اسوأ الاحوال ستكون النتيجة تعادلا (بين المرزوقي والسبسي) وفي افضلها سنتقدم بنسبة تراوح بين 2 و4% من الاصوات”، مضيفا “سنذهب الى دورة ثانية بفرص كبيرة”.

ومساء الاحد، دعا المرزوقي “كل القوى الديموقراطية” الى التوحد حوله في الدورة الثانية بهدف التغلب على منافسه.

واعلن المرشح اليساري حمة همامي الذي قالت استطلاعات الرأي انه حل في المركز الثالث ان حزبه “الجبهة الشعبية” سيجتمع “في اسرع وقت” لبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية.

وامام هيئة الانتخابات حتى 26 تشرين الثاني/نوفمبر لاعلان النتائج واجراء دورة ثانية محتملة في نهاية كانون الاول/ديسمبر في حال لم يحصل اي من المرشحين المتنافسين على الغالبية المطلقة.

واعلنت الهيئة ان نسبة المشاركة بلغت 64,6 في المئة. واكد رئيسها شفيق صرصار انها نسبة “مشرفة”.

ولم يخف منصر خشيته من عمليات “تزوير” داعيا مراقبي الانتخابات الى اليقظة وقال “على مراقبينا الا يغادروا صناديق الاقتراع الا بعد نهاية عملية الفرز لاننا نتوقع (…) بداية عملية تزوير فعلية”.

وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وبن علي (2011-1987).

وقال مهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي تقود تونس منذ مطلع 2014 وحتى اجراء الانتخابات العامة “هذا يوم تاريخي، إنها أول انتخابات رئاسية في تونس بمعايير ديموقراطية متقدمة”.

وصرح للصحافيين إثر خروجه من مكتب اقتراع بالعاصمة تونس “الانتخابات الرئاسية هي مرحلة من مراحل استكمال المنظومة الديموقراطية المبنية على الاختيار الحر”.

ودعي الى الانتخابات الرئاسية نحو 5،3 ملايين ناخب بينهم 389 ألفا يقيمون بالخارج ويتوزعون على 43 دولة.

وجرت عمليات التصويت داخل تونس في 11 ألف مكتب اقتراع، وتواصلت من الساعة الثامنة (7,00 تغ) حتى الساعة 18,00 (17,00 تغ).

ويعتبر الباجي قائد السبسي (87 عاما) المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية.

والسبسي سياسي مخضرم شغل حقائب وزارية مهمة كالداخلية والخارجية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي.

وقال السبسي بعد وضع بطاقة التصويت في الصندوق بأحد مكاتب الاقتراع في العاصمة تونس “تحيا تونس” وهو شعار حملته الانتخابية.

ويأمل هذا السياسي في ان يسهل فوزه مهمة حزبه في تشكيل حكومة ائتلاف.وحصل نداء تونس على 86 مقعدا من إجمالي 217 من مقاعد البرلمان الجديد، لكن الحزب لا يملك الغالبية (109 مقاعد) التي تمكنه من الحكم بمفرده.

ولم يقدم حزب “حركة النهضة” الاسلامي الذي حكم تونس من نهاية 2011 الى بداية 2014 وحلّ ثانيا في الانتخابات التشريعية بحصوله على 69 مقعدا في البرلمان، مرشحا للانتخابات الرئاسية.

وأعلن الحزب انه لن يدعم اي مرشح وأنه يترك لأتباعه حرية انتخاب رئيس “يشكل ضمانة للديموقراطية”.

ويقول خصوم حركة النهضة إنها تدعم بشكل “غير معلن” المرشح المستقل محمد المنصف المرزوقي، وهو أمر تنفيه الحركة.

وستنهي الانتخابات الرئاسية مرحلة انتقالية استمرت نحو اربعة اعوام في تونس.

وكان “المجلس الوطني التأسيسي” المكلف صياغة الدستور الجديد لتونس، والمنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الاول 2011، انتخب محمد المنصف المرزوقي رئيسا “مؤقتا” للبلاد.

وسيحكم الرئيس الجديد تونس لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع 2014.

ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان اذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.

وفي 2013 اندلعت في تونس ازمة سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الامن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين.

واضطرت الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الى الاستقالة مطلع 2014 وترك مكانها لحكومة غير حزبية لاخراج البلاد من الازمة السياسية.

وتعتبر تونس استثناء في دول “الربيع العربي” التي سقط اغلبها في العنف والفوضى.

اقرأوا المزيد: 660 كلمة
عرض أقل
القاضية كلثوم كنو، المراة الوحيدة المترشحة الى الانتخابات (AFP/FETHI BELAID)
القاضية كلثوم كنو، المراة الوحيدة المترشحة الى الانتخابات (AFP/FETHI BELAID)

تونس تشهد اليوم اول انتخابات رئاسية حرة في تاريخها

يتنافس في هذه الانتخابات 27 مرشحا بينهم الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي والقاضية كلثوم كنو، المراة الوحيدة المترشحة الى الانتخابات

دعي الناخبون في تونس الى الاقتراع اليوم الاحد لانتخاب رئيس لهم للمرة الاولى منذ ثورة 2011 وانجاز عملية انتقال سياسي استمرت حوالى اربع سنوات وافضت الى اقامة مؤسسات منتخبة دائمة.

ويرجح فوز الباجي قائد السبسي (87 عاما) زعيم حزب نداء تونس الذي فاز في الانتخابات التشريعية في 26 تشرين الاول/اكتوبر في الاقتراع الذي نشرت السلطات عشرات الآلاف من الشرطيين والعسكريين لضمان امنه تحسبا لهجمات قد يشنها جهاديون.

ودعي نحو 5,3 ملايين ناخب الى التصويت اعتبارا من الساعة الثامنة الى الساعة 18,00 (7,00 الى 17,00 تغ) بعد الانتخابات التشريعية التي اشادت الاسرة الدولية بطابعها الديموقراطي، في ما يعتبر استثناء في المنطقة حيث تغرق بلدان شهدت احتجاجات في الفوضى والعنف.

وستجرى دورة ثانية في نهاية كانون الاول/ديسمبر اذا لم يحصل اي من المرشحين على الاغلبية المطلقة بينما لدى الهيئة الانتخابية حتى 26 تشرين الثاني/نوفمبر لاعلان النتائج.

وسيتولى الفائز رئاسة تونس لولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

ويتنافس في هذه الانتخابات 27 مرشحا بينهم الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي ووزراء من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واليساري البارز حمة همامي ورجل الاعمال الثري سليم رياحي والقاضية كلثوم كنو، المراة الوحيدة المترشحة الى الانتخابات.

تنافس في هذه الانتخابات 27 مرشحا بينهم الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي ووزراء من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واليساري البارز حمة همامي ورجل الاعمال الثري سليم رياحي والقاضية كلثوم كنو (AFP)
تنافس في هذه الانتخابات 27 مرشحا بينهم الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي ووزراء من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واليساري البارز حمة همامي ورجل الاعمال الثري سليم رياحي والقاضية كلثوم كنو (AFP)

وقد تخلى خمسة منهم عن السباق خلال الحملة لكن اسماءهم ما زالت مدرجة على بطاقات الاقتراع.

ولم يقدم حزب النهضة الذي حكم من نهاية 2011 الى بداية 2014 وحل ثانيا في الانتخابات التشريعية بحصوله على 86 مقعدا من اصل 217 في البرلمان اي مرشح مؤكدا انه يترك حرية الخيار لاتباعه لانتخاب رئيس “يشكل ضمانة للديموقراطية”.

وللمرة الاولى، سيكون باستطاعة التونسيين التصويت بحرية لاختيار رئيس الدولة. فمنذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 وحتى الثورة، عرفت تونس رئيسين فقط هما الحبيب بورقيبة “ابو الاستقلال” الذي خلعه رئيس وزرائه زين العابدين بن علي في تشرين الثاني/نوفمبر 1987.

وبن علي حكم البلاد حتى 14 كانون الثاني/يناير 2011 تاريخ هروبه الى السعودية في اعقاب ثورة عارمة طالبت برحيله.

وبينت استطلاعات للرأي أجريت في وقت سابق ان الباجي قائد السبسي هو الاوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، على الرغم من تقدمه في السن. وقد ركز حملته الانتخابية على “إعادة هيبة الدولة” في خطاب لقي صدى لدى تونسيين كثيرين منهكين من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد منذ 2011.

ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان اذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.ويقول انصار قائد السبسي انه الوحيد الذي تمكن من الوقوف بوجه الاسلاميين لكن خصومه يتهمونه بالسعي الى اعادة انتاج النظام السابق سيما وأن حزبه يضم منتمين سابقين لحزب “التجمع” الحاكم في عهد بن علي.

من جهته، لم يتوقف المرزوقي خلال حملته عن طرح نفسه كسد منيع ضد عودة “السابقين”، مناشدا التونسيين منحه اصواتهم لمواجهة “التهديدات” المحدقة، حسب رأيه، بالحريات التي حصلوا عليها بعد الثورة.

ويأمل قائد السبسي في ان يسهل فوزه مهمة حزبه في تشكيل حكومة ائتلاف اذ ان فوز نداء تونس في الاقتراع لا يكفيه ليحكم بمفرده.

وبينما هزت تونس عمليات اغتيال معارضين في 2013 وهجمات لجماعات جهادية على قوات الامن خصوصا على الحدود الجزائرية، عبرت السلطات عن تفاؤلها في حسن سير الاقتراع.

فقد اكد رئيس الوزراء مهدي جمعة المستقل الذي يشغل هذا المنصب منذ بداية السنة لاخراج تونس من ازمة سياسية عميقة وتنظيم المهل الانتخابية، انه “واثق” من حسن سير الاقتراع، مؤكدا انه سيكون “اكثر ثقة غدا بعد انتهاء عمليات” التصويت.

من جهته، صرح وزير الدفاع غازي الجريبي لوكالة فرانس برس “اتخذنا كل الاحتياطات لتسير الامور بشكل صحيح وبشكل طبيعي كما جرى في الانتخابات التشريعية”.

اقرأوا المزيد: 538 كلمة
عرض أقل
الانتخابات في تونس (AFP)
الانتخابات في تونس (AFP)

تونس: عودة رموز النظام السابق

الاحساس الغلب للانتباه لدى التونسيين هو ان عودة رموز النظام السابق لا تعني عودة النظام السابق بسياساته وشخوصه، فـ"التاريخ يمضي ولا يعود"

يعرف المشهد السياسي التونسي حالة حراك استثنائية، وذلك بمناسبة الإعداد لتنظيم أول استحقاق انتخابي بعد ثورة يناير 2011. وينظر إلى هذا الاستحقاق الانتخابي في الداخل والخارج على أنه سيحدد مستقبل البلاد خلال السنوات القادمة؛ خاصة وأنه يترافق مع حالة ترقب وقلق مجتمعية عامة بسبب الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار. ولعل أبرز ما يميز هذا الحراك التونسي، الذي يشغل المراقبين والمحلّلين الدوليين، هو العودة القوية لرموز ووزراء نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، و هذه العودة أدّت الى بروز تساؤلات حول نجاح التحول الديمقراطي في تونس.

أحدث مشهد عودة منذر الزنايدي، أحد أبرز وزراء النظام السابق، من باريس بعد ثلاثة سنوات من الإقامة بفرنسا، استفزاز وصدمة لدى قطاع واسع من التونسيين حيث أقيم له استقبال “شعبي” في بهو مطار تونس في قرطاج. وقد سبق الإعداد لهذه العودة عبر تهيئة واسعة للرأي العام، كما حضيت باهتمام إعلامي كبير، خاصة بعد أن أعلن الزنايدي عن الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة. و الزنايدي هو خامس شخصية “كبيرة” من فترة حكم بن علي تعلن عن ترشحها. هذا الأمر عمّق “التخوفات” من إمكانية حكم تونس مستقبلا من قبل أحد “رجالات” بن علي، وبالتالي عودة المنظومة القديمة.

على المستوى الشعبي، أثار ترشح وزراء “الصف الأول” في آخر حكومة قبل الثورة، أي الذين شاركوا في كل حكومات بن علي طيلة 23 سنة، العديد من ردود الأفعال بين رافض لعودتهم للحياة السياسية، باعتبارهم جزء من نظام قامت عليه ثورة شعبية، وطرف أخر مؤيد لهذه العودة بل يرى أنها أصبحت ضرورية لإنقاذ البلاد من حالة التردي التي انتهت إليها بعد ثلاثة سنوات ونصف من ثورة 2011. وفي ذلك احتجاج على عجز حكومات ما بعد الثورة عن تأمين حاجيات الناس، وعن إدارة شؤون البلاد والحكم، نظرا لافتقارها للتجربة والكفاءة الضرورية لمثل هذه المهمة، وهو ما برز بالخصوص أثناء فترة حكم الترويكا بزعامة حزب حركة النهضة الإسلامية.

المرشح الباجي قائد السبسي يصوت  (AFP)
المرشح الباجي قائد السبسي يصوت (AFP)

أما على المستوى السياسي، فان عودة رموز نظام ما قبل الثورة كانت في الواقع سابقة لمرحلة الاعداد للانتخابات. فبعد عامين وسبعة أشهر من سقوط النظام، عاد قيادات حزب التجمع الدستوري الحاكم سابقاً إلى الساحة السياسية. فقدّم الوزير الأول السابق لبن علي حامد القروي طلباً رسمياً للحصول على ترخيص لحزب جديد باسم “الحركة الدستورية،” ويشارك الآن في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. كما تنشط أحزاب “دستورية” أخرى يتزعمها رموز ووزراء اشتغلوا مع النظام السابق بل كانوا من أعمدته، على غرار حزب “نداء تونس” بزعامة الباجي قائد السبسي، الذي يعدّ المرشح القوي للرئاسة. إضافة إلى حزب “المبادرة الدستورية” برئاسة وزير الخارجية في عهد بن علي كمال مرجان، الذي له 5 مقاعد في المجلس الوطني التأسيسي.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذه العودة تفسر بتمطيط مسار الانتقال الديمقراطي خلال الفترة الانتقالية، وعجز حكومات ما بعد الثورة عن تأمين احتياجات الناس، ويضاف إليها تفجر مظاهر العنف السياسي الذي تطور إلى إرهاب مسلح مارسته جماعات متشددة في “غفلة” أو “تواطؤ” من “حكم الترويكا” بزعامة “النهضة” الإسلامية. أدى هذا الأمر الى التعجيل بإسقاط حكم الاسلاميين بطريقة سلمية عبر رحيل حكومة الترويكا التي جاءت بها “الحالة الثورية”. ومن أبرز سيمات هذا الواقع الجديد بروز دعوات علنية لعودة رموز النظام القديم.

لكن الاحساس الغالب واللافت للانتباه لدى الجميع، بما فيهم رموز ووزراء النظام السابق، هو أن عودتهم لتصدر المشهد السياسي لا تعني “المصالحة” التي تبقى رهينة “الاعتذار” ثم “المحاسبة” ضمن عدالة انتقالية بعيدة عن التشفي. كما أنها لا تعني عودة النظام السابق بسياساته وشخوصه، فـ”التاريخ يمضي ولا يعود،” كما صرح منذر الزنايدي أحد رموز عهد بن علي، وهو من بين العائدين للمشهد.

هنا، يتوجب على رموز النظام القديم، أن يدركوا جيدا بأن عالم ما بعد “الربيع العربي” تغير والى حد كبير عن شكله القديم، حيث وجدت أشكال جديدة وفاعلة وخارج حيز المؤسسات التقليدية. ولا يمكن الاتكاء على الأساليب القديمة وحدها لإنجاز الشرعية السياسية، أو قياس حجم الرضا الشعبي العام.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع منتدى فكرة

اقرأوا المزيد: 585 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

حزب نداء تونس يقول انه لن يحكم البلاد وحده إثر فوزه بالانتخابات التشريعية

الباجي قائد السبسي: "الناس الذين لديهم افكار غير افكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم اعداء ليسوا اعداءنا بل منافسينا، ولا اتصور انه بامكاننا تحسين الوضع في اقل من سنتين على الاقل"

اعلن حزب نداء تونس العلماني أنه لن يحكم تونس بمفرده بعد فوزه على حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية الحاسمة التي أجريت الاحد وقال مراقبو الاتحاد الاوروبي انها اتسمت ب”الشفافة” و”المصداقية”.

وقال الباجي قائد السبسي رئيس ومؤسس حزب نداء تونس في مقابلة بثها تلفزيون “الحوار” التونسي الخاص الليلة الماضية “أنا لا أتحالف مع أحد وإنما أتعامل حسب الواقع”.

واضاف “اخذنا قرارا قبل الانتخابات بأن نداء تونس لن يحكم وحده حتى لو حصل على الاغلبية المطلقة (…) يجب ان نحكم مع غيرنا (…) مع الاقرب الينا من العائلة الديموقراطية، لكن حسب النتائج”.

وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217).

وأقرت حركة النهضة بناء على تقديراتها الخاصة للنتائج، بحلولها ثانية في الانتخابات خلف نداء تونس الذي اعلن “انتصاره”.

وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لوكالة فرانس برس ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا.

وقال السبسي ان عبارة  “الربيع العربي” هي “اختراع اوروبي”، مضيفا  “ليس هناك ربيع عربي بل بداية ربيع تونسي قد يصبح يوما ما ربيعا عربيا اذا نجح في تونس”

وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على سبعين مقعدا مقابل 80 لنداء تونس. ولم تعلن “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” حتى الان سوى نتائج جزئية لعمليات الاقتراع. ولم يعلن بالتالي حتى الان عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الاحزاب الصغيرة.

وقالت البلجيكية آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي الاثنين في مؤتمر صحفي بتونس ان “الشعب التونسي عزز التزامه الديموقراطي بفضل انتخابات ذات مصداقية وشفافة مكنت التونسيين من مختلف التوجهات السياسية من التصويت بحرية لمجلس تشريعي وفقا لأول دستور ديموقراطي” في البلاد.

وأضافت أويتبروك وهي عضو بالبرلمان الأوروبي “جرت الحملة الانتخابية على نطاق واسع في هدوء وتمكنت القوائم (الانتخابية المترشحة) من تقديم برامجها بحرية، وقد احترمت عموما معايير الحملة الانتخابية التي ثبت أنها معقدة جدا”.

آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي (AFP)
آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي (AFP)

وقال الباجي قائد السبسي في مقابلته مع تلفزيون الحوار التونسي “الناس الذين لديهم افكار غير افكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم اعداء (…) ليسوا اعداءنا بل منافسينا” وذلك في اشارة الى حركة النهضة.

وخلال الحملة الانتخابية لم يستبعد الباجي قائد السبسي التحالف مع حركة النهضة بعد الانتخابات.

وشددت حركة النهضة خلال حملتها الانتخابية على ضرورة “التوافق” بين الاحزاب السياسية في تونس بعد الانتخابات.

أما حزب نداء تونس فقد ركز حملته الانتخابية على ابراز ما اعتبره حصيلة “سلبية” لفترة حكم حركة النهضة التي اتهمها بالتراخي في التعامل مع جماعات سلفية جهادية اتهمتها السلطات باغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في 2013.

والاثنين اعلن حزب نداء تونس فوزه في الانتخابات التشريعية التي سينبثق عنها أول برلمان وحكومة دائمين في تونس منذ أن اطاحت الثورة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية.

ويمنح الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه في 26 كانون الثاني/يناير 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

وأضاف السبسي إن “تونس في حاجة ملحة للخروج من الوضع (الصعب) التي هي فيه (…) لا اتصور انه بامكاننا تحسين الوضع في اقل من سنتين على الاقل (…) لأن الحالة وصلت الى درجة نهائية” من التردي.

ووعد بـ”ارجاع الدولة” و”الاستقرار” الى تونس التي قال انها تمر بوضع “متدن في كل الميادين” متوقعا ان يساعد الغرب بلاده لكن شرط “وقف التيار الارهابي” .

وقال “نحن لم نعد بشي. الشيء الوحيد الذي وعدت به هو ارجاع الدولة التونسية لاني اعتقد ان كثيرا من مشاكلنا الان والوضع المتدني الذي تمر به بلادنا في كل الميادين (…) الامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ناجم عن نقص الدولة، الدولة التونسية لم يبق لها حضور”.

وقال ان عبارة  “الربيع العربي” هي “اختراع اوروبي”، مضيفا  “ليس هناك ربيع عربي بل بداية ربيع تونسي قد يصبح يوما ما ربيعا عربيا اذا نجح في تونس”.

واضاف “لا ينقصنا الا السند الاقتصادي، التعليم معمم عندنا، المراة محررة، الطبقة المتوسطة موجودة لا ينقصنا الا السند الاقتصادي”.

والاثنين هنأ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الباجي قائد السبسي بفوز نداء تونس في الانتخابات.

وتحت عنوان “الروح الرياضية السياسية” قالت يومية “لابريس” التونسية الناطقة بالفرنسية متحدثة عن حركة النهضة إن “الاعتراف بالهزيمة وتهنئة المنافس لا يمكن أن يكون إلا أمرا مريحا ومطمئنا في بلد نجح في انتقاله الديموقراطي”.

راشد الغنوشي: “تونس اليوم رايتها عالية في العالم لأنها البلد الوحيد، الشجرة الوحيدة القائمة في غابة مكسرة في العالم العربي”

وأقام أنصار حركة النهضة تجمعا الليلة الماضية أمام مقر حزبهم احتفالا بـ”العرس الديموقراطي” حضره راشد الغنوشي وعلي العريض الامين العام للحزب الاسلامي. وقال الغنوشي للصحافيين “نهنئ تونس بهذا العرس الديموقراطي الذي بوّأها مرة أخرى موقع الصدارة والقيادة في العالم العربي وجعلها منارة في العالم العربي. نحن نهنئ انفسنا بهذا العرس”.

وخاطب انصار حزبه قائلا “تونس اليوم رايتها عالية في العالم لأنها البلد الوحيد، الشجرة الوحيدة القائمة في غابة مكسرة في العالم العربي”.

وقال علي العريض “نحن ما زلنا اهم ضمانة للحرية والديموقراطية (في تونس) نحن حزب عريق”، بينما هتف أنصار الحزب الذين رفعوا اعلام تونس ورايات حركة النهضة “الشعب مسلم ولا يستسلم” و”أوفياء، أوفياء، لا تجمع لا نداء”.

و”التجمع” هو الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويعتبر الاسلاميون نداء تونس الذي يضم منتمين سابقين لحزب التجمع ويساريين ونقابيين  امتدادا للحزب الحاكم في عهد بن علي.

اقرأوا المزيد: 790 كلمة
عرض أقل
تونسيون ينتمون إلى حزب نداء تونس يهتفون بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية (AFP)
تونسيون ينتمون إلى حزب نداء تونس يهتفون بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية (AFP)

حركة النهضة الاسلامية تقر بهزيمتها في الانتخابات التونسية

اتصل رئيس النهضة راشد الغنوشي برئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بحسب ما اعلنت الاثنين سمية ابنة الغنوشي في تغريدة

أقر حزب النهضة الإسلامي الاثنين بحلول منافسه حزب نداء تونس في المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية التونسية الاحد، وبانه حل ثانيا في هذه الانتخابات الحاسمة في مهد الربيع العربي التي ستمنح تونس اهم مؤسساتها الدائمة اول مجلس شعب في جمهوريتها الثانية.

واتصل رئيس النهضة راشد الغنوشي برئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بحسب ما اعلنت الاثنين سمية ابنة الغنوشي في تغريدة. ونشرت صورة لوالدها يجري اتصالا هاتفيا.

وكان الحزب الاسلامي اقر، بناء على تقديراته الخاصة للنتائج، بان نداء تونس تفوق عليه. وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لفرانس برس ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا.

وأضاف في تصريحات لاذاعة موزاييك التونسية الخاصة “نهنئهم ليس لدينا اي مشكلة في ذلك”.

وبدا حزب نداء تونس الذي يضم خليطا من رموز النظام السابق والوجوه الوسطية واليسارية، واثقا من فوزه.

وكتب على اعلى صفحة الحزب على فيسبوك منذ صباح الاثنين “انتصرنا والحمد لله .. تحيا تونس”. وكان رئيس الحزب قال مساء الاحد ان لديه “مؤشرات ايجابية” على ان حزبه قد يكون “في الطليعة”.

ولم تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حتى الان سوى نتائج جزئية جدا.

ولم يعلن بالتالي حتى الان عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الاحزاب الصغيرة. وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217). وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على 70 مقعدا مقابل 80 لنداء تونس.

ونشرت هيئة الانتخابات مساء الاثنين نتائج جزئية في ولايتين صغيرتين في الجنوب هما توزر وتطاوين (اقل من 80 الف ناخب) وتعتبران من معاقل النهضة الذي حل فيهما في المقدمة.

زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي يدلي بصوته في 26 تشرين الاول/اكتوبر 2014 (AFP)
زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي يدلي بصوته في 26 تشرين الاول/اكتوبر 2014 (AFP)

وقالت الهيئة انها ستنشر باقي النتائج الجزئية تباعا لاحقا.

وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على هيئة الانتخابات إعلان “النتائج الاولية” للانتخابات التشريعية في فترة اقصاها الايام الثلاثة التي تلي الاقتراع أي الخميس.

كما يلزم القانون الهيئة بإعلان “النتائج النهائية” خلال فترة 48 ساعة من اخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الادارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الاولية.

والباجي قائد السبسي احد اقدم السياسيين في تونس حيث كان تولى مسؤوليات منذ الخمسينات في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) ثم في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011). ويعتبر المرشح الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

وقام نداء تونس بحملة شرسة ضد النهضة واصفا اياها بالظلامية وبالتراخي في التصدي للجماعات السلفية المتطرفة ومركزا على ابراز حصيلة تولي الاسلاميين الحكم في تونس منذ نهاية 2011 وحتى بداية 2014.

وشهدت تونس في 2013 سنة عصيبة شهدت تنامي مجموعات اسلامية متطرفة مسلحة واغتيال اثنين من ابرز القيادات المناهضة للنهضة وازمة سياسية حادة.

وفي نهاية مفاوضات مطولة غادر الاسلاميون وحلفاؤهم الحكم وتم تبني دستور الجمهورية الثانية في 26 كانون الثاني/يناير 2014 الذي حدد تنظيم الانتخابات العامة قبل نهاية العام.

لكن نسبة المشاركة في الانتخابات تراجعت كثيرا عن نسبة المشاركة في انتخابات 2011. وبلغت بحسب معطيات مؤقتة 61,8 بالمئة اي نحو 3,1 ملايين ناخب من اكثر من خمسة ملايين ناخب مسجل واكثر من ثمانية ملايين تونسي في سن التصويت.

وصوت في انتخابات 2011 نحو 4,3 ملايين ناخب تونسي.

ومع ذلك عبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات شفيق صرصار عن “ارتياحه الكبير” لنسبة المشاركة بعد حملة انتخابية باهتة تعكس خيبة امل الكثير من التونسيين مع استمرار الفقر والبطالة والتهميش اهم العوامل التي كانت وراء الثورة قبل نحو اربع سنوات.

ورغم مخاوف من حدوث اضطرابات واعمال عنف، فقد جرت الانتخابات دون حوادث تذكر تحت رقابة 80 الف جندي وشرطي.

ويمنح دستور الجمهورية الثانية في تونس منذ استقلالها في 1956، صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

وتهدف الانتخابات التونسية لهذا العام الى تمكين البلاد من مؤسسات مستقرة لولاية من خمس نسوات بعد نحو اربع سنوات من الوضع الانتقالي المتازم سياسيا واقتصاديا وامنيا.

لكن ورغم كل شيء تبقى تونس في اعين المجتمع الدولي والمسؤولين التونسيين، تجسد الامل في نجاح عملية انتقال ديموقراطي في الوقت الذي تغرق فيه معظم دول الربيع العربي في الفوضى والعنف.

واشادت فرنسا بما وصفته بالمحطة “التاريخية” وب “التعلق بالديموقراطية” لدى التونسيين. كما اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما ب “الخطوة المهمة في الانتقال السياسي التاريخي في تونس”.

اقرأوا المزيد: 620 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

هل السبسي هو ماضي تونس أم مستقبلها؟

التخبطات السياسية في مهد الربيع العربي ما زالت تفاجئنا، ونجاح الباجي قائد السبسي يشير إلى تراجع كبير بقوة حركة النهضة

تُعتبر الانتخابات البرلمانية في تونس، التي أُجريت البارحة والانتخابات الرئاسية التي من المزمع أن تبدأ بعد شهر، أهم نقطة تحول في الدولة التي هي مهد الربيع العربي. يبدو أن الثورة التونسية، بعد التقدم الكبير الذي حققه حزب النهضة في الانتخابات السابقة؛ عام 2011 والذي أشار في حينه إلى صعود موجة إسلامية بعد الربيع العربي، تشهد الآن انعطافة حادة أُخرى في طريقها المتعرجة.

كانت نسبة المشاركة الكبيرة بالانتخابات التي وصلت إلى 55% من المعطيات الاستثنائية التي لفتت الانتباه. لا شك أن تحول حزب “نداء تونس” إلى أكبر حزب في البرلمان، متجاوزًا بذلك حزب النهضة، يشير دون شك إلى وجود إحباط متنامِ من طريقة حزب النهضة بإدارة البلاد في السنوات الماضية. تتركز الاتهامات الرئيسية التي توُجه لحزب النهضة في كون أعضاء الحزب عديمي التجربة، وبالضرر الذي تسببت به إدارتهم للاقتصاد التونسي.

حركة نداء تونس هي مجموعة، غريبة بعض الشيء، من الأشخاص. يضم هذا الحزب بين أعضائه سياسيين لديهم أجندات مختلفة ومتناقضة، والقاسم المشترك بينهم هو فقط علمانيتهم

حركة نداء تونس هي مجموعة، غريبة بعض الشيء، من الأشخاص. يضم هذا الحزب بين أعضائه سياسيين لديهم أجندات مختلفة ومتناقضة، والقاسم المشترك بينهم هو فقط علمانيتهم. يمكن أن نجد بينهم من كانوا يومًا الأتباع المخلصين للديكتاتور السابق زين العابدين بن علي، ويمكن أن نرى أشخاصًا ممكن يحملون أجندات اشتراكية ليبرالية – الذين وقفوا معًا ضد أسلمة تونس وحالفهم الفوز هذا الأسبوع. يبدو، على الرغم من ذلك، أنه ليس لديهم الأغلبية وأن عليهم أن يتعاونوا في إطار حكومة ائتلاف.

ربما أن الانتقادات القائلة بعدم وجود خبرة لدى قادة حزب النهضة هو ما يُفسر ذلك الدعم الكبير بقيادة الباجي قائد السبسي، الذي ما يميزه هي خبرته. لا يكفي أن الحديث هو عن قائد عمره 87 عامًا، بل لديه خبرة كرئيس سابق للحكومة الانتقالية عام 2011 وكوزير في حكومة الحبيب بورقيبة. يبدو أن الشعب التونسي يتذكر بشكل إيجابي فترة ولايته كرئيس مؤقت للحكومة خلال عام 2011 لحين وصول حزب النهضة للحكم.

الباجي قائد السبسي يصوت (FADEL SENNA / AFP)
الباجي قائد السبسي يصوت (FADEL SENNA / AFP)

تمتد خبرة الباجي قائد السبسي على طول سنوات عديدة خلال القرن الماضي. بدأ السبسي حياته المهنية كطالب محاماة في باريس في بداية خمسينيات القرن العشرين. ووجد نفسه، عندما عاد إلى تونس، يعمل في أوساط الحزب الحر الدستوري الجديد، وبعد نيل تونس استقلالها عام 1956 أصبح أحد مستشاري الرئيس بورقيبة.

المناصب التي شغلها السبسي لدى النظام التونسي كثيرة ومتنوعة: حتى سنوات الـ 70 شغل منصب مسؤول الحكم المحلي، رئيس إدارة الأمن الوطني، وزير الداخلية، وزير الأمن وسفير تونس في فرنسا.

لم يكن طموحه بتحقيق الديمقراطية في تونس أمرًا خافيًا على أحد. فقد دعا بشكل علني، في عام 1971، بإحداث إصلاحات ديمقراطية في تونس وبعد ذلك استقال من منصبه كسفير في فرنسا عندما لم تتم الاستجابة لنداءاته

إلا أنه على الرغم من ذلك لم يكن طموحه بتحقيق الديمقراطية في تونس أمرًا خافيًا على أحد. فقد دعا بشكل علني، في عام 1971، بإحداث إصلاحات ديمقراطية في تونس وبعد ذلك استقال من منصبه كسفير في فرنسا عندما لم تتم الاستجابة لنداءاته. عاد عام 1981 إلى الحكومة وتم تعيينه وزيرًا للخارجية، ومن ثم سفيرًا في ألمانيا.

الآن، وبعد النتيجة الجيدة في الانتخابات البرلمانية، يبدو الباجي قائد السبسي في نقطة انطلاق جيدة فيما يخص الانتخابات الرئاسية التي ستُقام في نهاية تشرين الثاني. وهذا على الرغم من أن الدستور التونسي الجديد لم يترك الكثير من الصلاحيات لرئيس الدولة والتأثير الكبير سيكون من نصيب رئيس الحكومة.

واجه السبسي خلال الشهر الأخير خلافات مع جهات في حزبه والتي اتهمها بمحاولة إفشال ترشحه للرئاسة ومن المثير أن نرى كيف سيكون تأثير نتائج الانتخابات البرلمانية على الانتخابات الرئاسية. أيًّا كان، يبدو أن هناك في تونس معسكر كبير يُفضل استقرار الحكم السابق على التخبطات الكبيرة التي تحدث خلال السنوات الأربع الأخيرة.

اقرأوا المزيد: 562 كلمة
عرض أقل
مظاهرات في شوارع تونس (AFP)
مظاهرات في شوارع تونس (AFP)

زهرة “الربيع العربي” الوحيدة

فهم راشد الغنوشي، زعيم الحزب الإسلامي في تونس، ما لم يفهمه زملاؤه في مصر: من الأفضل التسوية مع المناوئين العلمانيين بدلا من أن نملي عليهم قواعد اللعبة السياسية

لذلك بإمكان تونس أن تبدأ بمعالجة اقتصادها المدمّر، بينما تئنّ مصر تحت ظلم الحكم العسكري.

“نحن لسنا ملائكة. نحن نريد قوة، ولكننا نعتقد أن الدستور الديمقراطي أهم لتونس”، هذا ما قاله راشد الغنوشي، زعيم الحركة الإسلامية – النهضة، في محاضرة ألقاها بواشنطن خلال جولته في العاصمة الأمريكية.

كان واضحًا من سلسلة الخطابات التي ألقاها في الولايات المتحدة أن الغنوشي ينظر إلى بلاده من زاوية رؤية تاريخية: “يمثّل دستورنا حلم الإصلاحيين الكبار في القرن التاسع عشر، الذين سعوا إلى دمج قيم الإسلام مع قيم الديمقراطية”، تصنع تونس التاريخ، وفقًا للغنوشي، وتنفذ برنامجًا سياسيًّا توقف لأكثر من مئة عام بسبب تدخّل الاستعمار من الخارج والمستبدّين من الداخل. وأهمّ من كلّ شيء، أنها تثبت إمكانية دمج المبادئ الإسلامية مع المبادئ الديمقراطية.

والسبب في أنّ تصريحات الغنوشي مقنعة ليس في الكلمات الظاهرة في الدستور الذي يفخر به وإنما في حقيقة أنّه من أجل الوصول إلى صيغة متفق عليها للدستور، تمكّنت التيارات الإسلامية والعلمانية في تونس من إيجاد حلّ وسط فيما بينها.

السيد راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس (AFP)
السيد راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس (AFP)

والفرق الملحوظ بين تونس ومصر هو أنّ الإسلاميين في تونس أدركوا القيود المفروضة عليهم ووافقوا على التنازل عن مواقع السلطة، مع علمهم بأنّها ستقع في يد ممثّلي التيارات العلمانية. إن التفاهم حول الدستور المتفق عليه، وإنْ كان ليس كافيًا تمامًا بالنسبة للإسلاميين، فهو مهمّ لتونس وللإسلاميين أنفسهم أكثر من بعض البنود التي تعزّز سيطرة الإسلام على الدولة، وهذا هو مصدر القوة لتونس والسبب في أنّ هناك أساس في الواقع لتصريحات الغنوشي. وقد فهم زعماء النهضة جيّدًا بأنّه في النظرة التاريخية، الأهمّ أن تثبت للعالم كلّه بأنّ الإسلام والديمقراطية قادران على التعايش بدلا من الإصرار على قوانين مصدرها القانون الإسلامي التقليدي (الشريعة).

وكما يتناسب مع الاعتبارات العملية التي اتّسمت بها النهضة في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي تحوّلت فيها من حركة إسلامية إلى حزب سياسي واندمجت في الساحة السياسية في تونس، فقد أعلنت النهضة بأنّها لن تطرح مرشّحًا في الانتخابات الرئاسية، وتنازلت بذلك مسبقًا عن موقع القوة الأهمّ في تونس. وذلك بخلاف مصر، حيث أعلن فيها في الشهور الأولى من “الربيع العربي” الحزب الإسلامي الرائد، “الإخوان المسلمون”، تصريحًا مشابهًا – رغم تراجعهم عنه فيما بعد – وفاز الحزب في الانتخابات، وفي نهاية المطاف أيقظ غضب الجماهير وتم عزله من الساحة السياسية بيد الجيش. وسنعلم قريبًا إذا ما كان في نيّة زعماء النهضة أن يقوموا بعملية مماثلة لما قام به “الإخوان المسلمون” في مصر أو إنّهم سيتنازلون فعلا، في الوقت الراهن، عن موقع القوة الأكبر في تونس.

احتفالات في تونس بمناسبة ثلاث سنوات لإطاحة بن علي (AFP)
احتفالات في تونس بمناسبة ثلاث سنوات لإطاحة بن علي (AFP)

يسود الهدوء النسبي في تونس (بالمقارنة مع دول أخرى مرّت بتجربة “الربيع العربي”) وقد اتّضح في الأسبوع الماضي حين أعلن الرئيس منصف المرزوقي، ممثّل التيار العلماني، عن إلغاء حالة الطوارئ في البلاد. ووفقًا للقانون في تونس، فإنّ الإعلان عن حالة الطوارئ يُمكّن السلطات من منع التجمّعات، فرض الرقابة على وسائل الإعلام، إلغاء الفعاليات الفنية بل وحتى تتبّع السيّاح. في السنوات التي سبقت “الربيع العربي” أعلن الرئيس زين العابدين بن علي حالة الطوارئ مرّات عديدة. بعد اندلاع “الربيع العربي” استمرت تونس في حالة الطوارئ بسبب أعمال الشغب والصراع العنيف ضدّ قوى الجهاد. في هذا الأسبوع فحسب، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يثق قادة تونس بأنفسهم جيّدًا بحيث ألغوا حالة الطوارئ وأعادوا الجنود، الذين كانوا يقومون حتى الآن بدوريات في المناطق المدنية، إلى معسكرات الجيش.

وفضلا عن الثقة بالنفس التي تعكسها، فإنّ لهذه الخطوة آثار اقتصادية كبيرة، حيث إنّها إشارة إيجابية للمستثمرين التونسيين بل وحتى المستثمرين من الخارج، وستساعد أيضًا في انتعاش صناعة السياحة؛ وهي مصدر الدخل الرئيسي في اقتصاد البلاد، والذي تضرّر بشدّة في أعقاب “الربيع العربي”. ويدلّ إلغاء حالة الطوارئ على أنّ تونس تستعدّ للخطوة التالية في الانتقال من الدكتاتورية إلى الديموقراطية: التعامل المباشر مع مشاكل الاقتصاد المنهار، وهي القضية المؤلمة في معظم البلدان العربية (في الواقع في جميعها، باستثناء الدول التي تتمتّع بدخل النفط).

يبدو أنّه على الرغم من ارتفاع العنف في تونس عام 2013، وربما بسبب تراكمه في هذا العام بالذات، قرّر زعماء التيارات المختلفة، وعلى رأسهم زعماء الإسلام المعتدل، التنازل لخصومهم السياسيّين عن مواقع القوة والتوصّل إلى تسوية من شأنها أن تحدّد قواعد اللعبة السياسية الديمقراطية الجديدة وأن تتوجه أخيرًا لمعالجة الصعوبات الحقيقية في المجتمع التونسي.

تم نشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 641 كلمة
عرض أقل
احتفالات في تونس بمناسبة ثلاث سنوات لإطاحة بن علي (AFP)
احتفالات في تونس بمناسبة ثلاث سنوات لإطاحة بن علي (AFP)

“ربيع عربي” رغم كل شيء: تونس تتقدم نحو تحقيق الديمقراطية

في الأسابيع الأخيرة يسود انطباع بأن تونس تحقق غاية "الربيع العربي". خلافًا لبقية الدول التي خلعت الحُكام المستبدين في "الربيع العربي" ولكنها بقيت غارقة في حروب أهلية أو عاد ليحكمها النظام العسكري، تمر تونس بعملية ديمقراطية حقيقية

حدث أمر مؤثر واستثنائي مع انتهاء الجدل الذي دارت رحاه في البرلمان التونسي على خلفية الوضع القانوني للنساء في البلاد:  أنشد ممثلو الشعب والجمهور في القاعة معًا النشيد الوطني للبلاد. يبدو أن ذلك كان تحريرًا تلقائيًا للتوتر الذي تراكم طوال الأشهر الأخيرة، بينما خاض إسلاميون وليبراليون صراعًا حول  هوية تونس. منذ مقتل كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، سياسيين ليبراليين ونقاد لاذعين ضد الحركات الإسلامية، يتصارع المعسكران في الشوارع والبرلمان، وكان يبدو للحظات أن تونس أيضًا تقف على حافة هاوية من الشلل السياسي والفوضى الاجتماعية، كما حدث في مصر.

إلا أنه بعد الأشهر القليلة، التي توقفت فيها عملية كتابة الدستور التونسي، عاد المشرّعون إلى اللجنة وتابعوا عملهم. أظهر ذلك الجدل الكثير من الخلافات، ومنها الخلاف حول قانون حرية الضمير، حيث ادعى إسلاميون أن اطلاق مثل هذه الحرية من شأنه أن يتيح للمسلمين تبديل دينهم بأديان أخرى ومثل هذا الأمر يخالف أحكام الشريعة الإسلامية. نشب خلاف آخر أيضًا حول مسألة المساواة بين الرجال والنساء، حيث حاول حزب النهضة، الحزب الإسلامي المعتدل، طرح صيغة تتمحور حول مفهوم “التكامل” بين الجنسين وليس “المساواة”. دفع الاعتراض الشديد الذي أثارته هذه المحاولة في أوساط المعسكر الليبرالي مشرّعي حزب النهضة إلى التراجع عن الصيغ التي تختزل من حقوق النساء.

فاجأ حزب النهضة خصومه عدة مرات باستعداده للتنازل. ليس لأنه أبدى ليونة  فيما يخص التفاوض على بنود الدستور فحسب، بل أيضًا بكل ما يتعلق بالتخلي عن الهيّمنة السياسية. حتى أنه بعد اغتيال شكري بلعيد أصر حمدي جبالي، الذي كان رئيس الحكومة التونسية من قبل حزب النهضة، على الاستقالة. علي العريض، والذي هو أيضًا من حركة النهضة، وكان قد حلّ مكان الجبالي، ولكن قبل نحو أسبوع، في 9 كانون الثاني، استقال هو أيضًا على خلفية وقوع اغتيال سياسي وهو اغتيال محمد البراهيمي عند مدخل بيته وأمام عائلته. دفعت جريمة الاغتيال هذه الكثيرين للادعاء أن حركة النهضة لا تواجه الإسلاميين المتطرفين بجدية، رغم أنه بعد استقالة العريض أثبتت النهضة ثانية بأنها تستمع إلى نبض الشارع التونسي وبأنها لا تريد التمسك بالحكم بأي ثمن.

تونس، الدولة التي أشعلت "الربيع العربي" (AFP)
تونس، الدولة التي أشعلت “الربيع العربي” (AFP)

يمنح التعامل المعتدل لحركة النهضة و التعاون بين المشرّعين الإسلاميين وزملائهم الليبراليين دعمًا للديمقراطية التونسية. إن التقدم الديمقراطي في هذه الدولة هو  نتيجة عاملين أساسيين. الأول هو ليونة التيار البراغماتي بين أوساط الإسلاميين أي حركة النهضة.  رغم أن هذا الحزب خرج من الانتخابات البرلمانية التونسية ولديه الأفضلية، إلا أنه بخلاف نهج “الإخوان المسلمين” في مصر بعد فوزهم بالانتخابات، ظل على اطلاع على الرأي العام في الدولة، وعندما واجه معارضة شديدة على نهجه أو نقد شديد على إدارته السياسية، تنازل وحتى أنه غيّر سياسته. استعداد الحزب للتخلي عن منصب رئاسة الحكومة وإتاحة الفرصة لحكومة تكنوقراطية لتحل محل رئيس الحكومة الذي انتخب من قبله،  يشير إلى أن هذا الحزب يضع في سلم أولوياته تماسك الأمة ومصلحتها.

العامل الثاني لتقدم الديمقراطية في تونس هو الجيش. خلافًا للجيش المصري، المنخرط منذ عشرات السنين في اقتصاد وسياسة الدولة، فإن  الجيش التونسي يبعد  عن هذين المجالين. لذا، ليست لديه مصالح سياسية أو اقتصادية خاصة  ولا يطالب بالحقوق التي طالب بها الجيش المصري – وحصل عليها – عند صياغة الدستور المصري. لم يتدخل الجيش التونسي ولم يصعب الأمور على واضعي الدستور في وقت الأزمة أيضًا.

تقف أمام حكام تونس الكثير من التحديات، وعلى رأسها الاقتصاد. في الواقع، لا يهتم الكثير من المواطنين في الدولة، رجالاً ونساءً على حد سواء،  بتلك التفاصيل  البسيطة في البرلمان المتعلقة بحقوق المرأة والخلافات التي ترافقها؛ إنما ما يقلقهم أكثر هو أنهم لا يملكون ما يكفي من المال للمعيشة، ولإطعام أولادهم والاهتمام بتعليمهم اللائق. غير أن تقدم توسن المستمر، وإن كان بطيئًا، باتجاه الديمقراطية يعطي أملاً بأن حكامها المستقبليين سيواجهون الفساد بشكل حازم وأن تونس ستنجح بالدفع بحركة الاقتصاد وإرساء الحكم. إن نجحوا بذلك، سنشهد نظام حكم واحد على الأقل يتحقق  فيه “الربيع العربي” فعلا.

نشر المقال على موقع Can Think،  والمختص في شؤون الشرق الأوسط. ونضيف أن الموقع “Can Think” هو مشروع مستقل، لا يمت بصلة إلى أي جهة سياسية أو اقتصادية، ويعمل بموجب نموذج اشتراكي. الكُتاب والعاملون في الصحيفة هم أكاديميون، يقدمون تحليلات موضوعية من منظور بحثي.

اقرأوا المزيد: 623 كلمة
عرض أقل