حرب تشرين 1973

سفن سلاح البحرية عام 1979، تصوير مكتب الإعلام الحكومي (GPO)
سفن سلاح البحرية عام 1979، تصوير مكتب الإعلام الحكومي (GPO)

سلاح البحرية حقق انتصارا ‏0:40 في حرب أكتوبر

بدأ سلاح البحرية الإسرائيلي استعدادته للحرب أولا رغم أنه كان يملك ميزانية ضيئلة، ومعدّات حربية قليلة مقارنة بأساطيل العدو. مع إطلاق صفارات الإنذار، حُطمت العشرات من مدمّرات العدو

من وجهة نظر الإسرائيليين، تعد حرب تشرين (1973) صدمة هزت كل أركان إسرائيل. يبلور الفشل الاستخباراتي والأزمة الكبيرة في الثقة بقيادات الدولة، إضافة إلى كثرة الضحايا نسبيا، والحزن الوطني الثقيل، الذاكرة الوطنية الإسرائيلية بشأن الحرب. ولكن لم يكن كل شيء حالك السواد في هذه الحرب؛ كان سلاح البحرية الإسرائيلي أفضلها. يجدر الحديث كثيرا عن دور هذا السلاح الصغير الذي حقق نجاحا في المعركة البحرية والذي تُدرس تكتيكياته في مدارس للاستراتيجيات العسكرية في دول العالم.

سلاح بحري صغير ولكنه ذكي

نتطرق باختصار إلى العلاقة الكبيرة المتعلقة بتطور الأحداث. بعد حرب 1967، التي لم يلعب فيها سلاح البحرية دورا هاما، عانى سلاح البحرية من تقليص كبير في الميزانية. خصصت وزارة الدفاع والجيش أهم الموارد من أجل المجالين البري والجوي، ووصلت ميزانية سلاح البحرية عشية حرب أكتوبر/تشرين إلى %6 فقط من ميزانية الدفاع.

في هذه المرحلة، لم تكن لدى سلاح البحرية مدمّرات، وتم تعطيل غواصتين عن العمل. عرفت قوات سلاح البحرية أنه لا يمكن شراء معدّات باهظة الثمن، لهذا ارتكزت نشاطاتها على تطوير ذاتي لوسائل قتالية ذات تفوّق تكنولوجي، وشراء وسائل بحرية صغيرة وسريعة. كان الافتراض أن في وسع القدرات التكنولوجية الجيدة التفوق على الأفضلية العددية المطلقة لوسائل البحرية التابعة للعدو، وأن شراء معدّات بحرية صغيرة وسريعة، يساهم في تحقيق سيطرة بحرية شاملة.

سلاح البحرية الإسرائيلية عام 1973 (Wikipedia)
سلاح البحرية الإسرائيلية عام 1973 (Wikipedia)

في السنوات التي سبقت الحرب، طوّر سلاح البحرية منظومات وسائل قتالية إلكترونية كثيرة، لمساعدة سفن الصواريخ على مواجهة الصواريخ المصنّعة في السوفييت ذات المدى البعيد أكثر من صواريخ “جبرائيل” الإسرائيلية، المتفوقة بحريا، والمستخدمة في سلاح البحرية المصري. تضمنت التطويرات وسائل كشف، توجيه وتضليل، سمحت للسفن بالتهرّب من رادارات العدو والدخول إلى أعماق البحر، تحريف صواريخ العدو عن مسارها، تقليص المسافة بين السفن، وتحقيق المسافة المثلى لعمل صواريخ “جبرائيل”. كانت طريقة العمل هذه مختلفة تماما عن الجولات الدفاعية في عصر المدمّرات. كان الهدف الاستراتيجي ثوريا.

بالتوازي مع مراحل التطوير والتزوّد بالمعدّات، بدأ سلاح البحرية بتدريبات مكثّفة يوميا، لتذويت طرق القتال الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، بدأت قوات سلاح البحرية بالعمل على برامج قتالية كثيرة لاستخدامها عند الحاجة.

وهكذا، في عام 1973 كان سلاح البحرية صغيرا، ناجعا، سريعا، خبيرا، ومتفوقا تكنولوجيا في الوقت ذاته. وعمل ضد الأسطولين السوري والمصري اللذين كان لديهما 12 غواصة وعشرات سفن الصواريخ، المدمّرات، سفن الطوربيد، والكثير من الوسائل البحرية الأخرى. حظي هذان الأسطولان بأفضلية هامة في عدد الوسائل القتالية وحجمها.

اللحظة الحقيقية: صافرات الإنذار في حرب أكتوبر 1973

في الأيام التي سبقت الحرب، وصلت معلومات كثيرة حول الاستعدادات المصرية والسورية. تلقت المنظومات الاستخباراتية العسكرية الإسرائيلية معلومات شبيهة، ولكن التحليلات كانت مختلفة؛ استنتجت منظومة الاستخبارات في سلاح البحرية الإسرائيلي أن الحرب باتت قريبة جدا. رغم أن كل محاولات رئيس الاستخبارات لإقناع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بهذه التقديرات قد باءت بالفشل، فإن حقيقة كون جهاز الاستخبارات في سلاح البحرية الإسرائيلي مستقلا نسبيا سمحت له باتخاذ قرارات مستقلة. بعد أن تلقى ضابط سلاح البحرية، اللواء بنيامين تلم، التقديرات الاستخباراتية لسلاح البحرية، أمر بالاستعداد الشامل لكل سيناريوهات محتملة.

عمليا، بدأ سلاح البحرية بالاستعداد للحرب خلال 48 ساعة قبل سائر قوات الجيش. ألغيت كل العطل، وجُهّزت كل وسائل البحرية للقتال. قبل يومين من نشوب الحرب، أجريت تدريبات شاملة على طرق القتال التكتيكية التي طورها سلاح البحرية طيلة سنوات. في صباح يوم الحرب، بدأ سلاح البحرية الإسرائيلي بعد أن كانت لديه وحدات وسفن جاهزة بإرسالها لبدء عملها. في الساعة الثانية ظهرا، أطلِقت صفارات الإنذار في أنحاء البلاد؛ بعد مرور ثلاث ساعات فقط من تلك اللحظة، أي في الساعة الخامسة بعد الظهر، حقق سلاح البحرية انتشارا واسعا وكان مستعدا للحرب. بعد اندلاع المعارك، كان سلاح البحرية جاهزا أكثر من أية قوات أخرى في الجيش الإسرائيلي بشكل ملحوظ.

اللواء بنيامين تلم (في الجهة اليسرى)، وهو يهنئ طاقم سفينة الصواريخ قبل إبحارها، عام 1973، تصوير: كودكود تساهوف
اللواء بنيامين تلم (في الجهة اليسرى)، وهو يهنئ طاقم سفينة الصواريخ قبل إبحارها، عام 1973، تصوير: كودكود تساهوف

وفق وجهة نظر هيئة الأركان العامة، لم يشكل سلاح البحرية ذراعا قتالية. كان عليه حماية التنقل البحري الحر من إسرائيل وإليها، والدفاع عن موانئ البلاد وشواطئها من هجمات العدو. رغم هذه الأهداف الدفاعية، قرر ضابط سلاح البحرية إنجاز مهام هجومية. عرّفت قوات سلاح البحرية الهدف المركزي كالتالي: تدمير شامل للوسائل البحرية، السورية والمصرية، في عمق مياههما الإقليمية قدر المستطاع، وأقرب ما يمكن من الموانئ والقواعد العسكرية.

معارك في الشمال والجنوب!

اندلع الهجوم الإسرائيلي في جوف الليل، عندما كان بالإمكان استغلال كل عوامل المفاجئة والتضليل. عملت القوات البحرية في جبهتي القتال المصرية والسورية. في الليل بين السادس والسابع من تشرين الأول، اندلعت معركة اللاذقية ضد الأسطول السوري، ومعركة بورت سعيد ضد الأسطول المصري. انتصر سلاح البحرية الإسرائيلي في كلا المعركتين. للمرة الأولى، في معركة اللاذقية استُخدمت سفن الصواريخ، وتم تدريسها في مدرسة الاستراتيجيات البحرية في أماكن كثيرة في العالم. وللمرة الأولى، أصبحت صواريخ بحر – بحر عاملا مركزيا في ميدان القتال البحري، بدلا من الدبابات والوسائل القتالية الأخرى. دُمّرت في هذه المعركة خمس سفن صواريخ سورية. لم تلحق خسائر بالقوات الإسرائيلية.

بعد المعارك الأولى، خشي الأسطولان المصري والسوري من المبادرة الهجومية حتى نهاية الحرب. طُلبت من الغواصات المصرية التي خرجت لتنفيذ حصار بحري على إسرائيل العودة إلى قواعدها والدفاع عن الشواطئ المصرية من هجمات سلاح الجو البحري الإسرائيلي. كانت مسارات التنقل البحرية في البحر المتوسط مفتوحة، ولم تتعرض شواطئ إسرائيل لخطر الهجوم من قبل أسطول العدو. ولكن اعتقد سلاح البحرية أنه بهدف الانتصار عليه تدمير كل أسطول العدو. وبالمناسبة، لم يطلب هذا السلاح الذي أدرك الصعوبات والضغط الكبير في كل الحلبات القتالية البرية، أية مساعدة جوية طيلة الحرب، فيما عدا في الليلة الأولى.

“مطاردة الأعداء ومحاربتهم والعودة بعد القضاء عليهم”

منذ الليلة الثانية، لم يعد سلاح البحرية يوزع قواته، فركّزها في جبهة واحدة، وأهمل الجبهة الأخرى نسبيا. بهذه الطريقة، نجح هذا السلاح في تحقيق أفضلية عددية نسبية. في غضون أيام قليلة من القتال العنيف، رسا جزء كبير من سفن الأسطولين البحريين المصري والسوري في أعماق البحر. غُمر معظمها في المعارك البحرية، وأصيبت بقية السفن في الموانئ التي لحقت بها خسائر من قبل سفن سلاح البحرية.

تابع سلاح البحرية قتاله بعد أن حقق سيطرة بحرية تامة ضامنا مسارات التنقل البحرية من إسرائيل وإليها مفتوحة. بعد أن بدأ السوريون باستخدام صواريخ أرض – أرض، ضرب سلاح البحرية أهداف البنى البرية. من بين مواقع أخرى، هاجم محطة وقود في ميناء بانياس السوري، مُلحقا خللا في تزويد الكهرباء والوقود في كل سوريا، بما في ذلك في الجبهة القتالية. تابع سلاح البحرية خطه القتالي مهاجما أهداف كثيرة على الشواطئ؛ تضررت ثكنات، قواعد عسكرية، بطاريات صواريخ، ومدفعيات كثيرة على يد صواريخ سفنه.

كانت نتائج الحرب البحرية مفاجئة. خسر سلاح البحرية ثلاثة من مقاتليه، ولم تغرق أية سفينة حربية في المعارك الكثيرة. بالمقابل، خسر العدو عشرات الوسائل القتالية والمقاتلين.

يبدو أن المعركة البحرية في حرب تشرين قد حُسمت 0:40+

مقاتلو سلاح البحرية الغسرائيلية عام 1973ط تصوير وزارة الدفاع الإسرائيلية
مقاتلو سلاح البحرية الغسرائيلية عام 1973ط تصوير وزارة الدفاع الإسرائيلية

حقق سلاح البحرية إنجازا آخر إضافة إلى الهدوء التام في شواطئ البلاد وهو ضمان عمل مسارات تزويد المعدّات والتجارة البحرية في قلب البحر المتوسط. بفضل هذا الإنجاز نقلت الولايات المتحدة أثناء الحرب وسائل قتالية وأسلحة كثيرة. سُميت هذه الخطوة في إسرائيلي خطأ: “القطار الجوي” وذلك لأنه في الواقع وصل %95 من إرساليات القطار “الجوي” عبر البحر. اشترط الأمريكان مرور سفن بضاعتهم بالسيطرة الإسرائيلية في البحر المتوسط. لولا سلاح البحرية، مَن كان في وسعه أن يعرف إذا كانت ستصل الأسلحة إلى هدفها وتساعد المقاتلين، وكيف كانت ستنتهي الحرب.

إخفاقات القادة السياسيين عرقلة تحقيق النجاح

رغم هذه النجاحات، لم يعمل القادة العسكريون والسياسيون في إسرائيل على توسيع الإنجازات. علاوة على ذلك يتضح أن اتخاذ القرارات من قبل المسؤولين أدى إلى فشل ذريع لم يحظ باهتمام حتى الآن.

فبعد اندلاع الحرب، أعلنت مصر عن إغلاق مسارات الإبحار من إسرائيل وإليها. عمل معظم الأسطول المصري والسوري على تحقيق هذا الهدف. لم يكن الإعلان المصري استثنائيا؛ فهناك منطق استراتيجي كبير وراء الحصار. في حال لم يحصل العدو على معدّات لن يستطيع المحاربة لوقت طويل، فستُسحم المعركة. كما ذُكر آنفا، فإن انتصار إسرائيل البحري المصيري منع فرض الحصار وأبقى مسارات نقل البضاعة من إسرائيل وإليها مفتوحة.

بتاريخ 8 تشرين الأول، وهو اليوم الثالث من الحرب، أعلن موشيه ديان في جلسة الحكومة أنه من المتوقع أن تتعرض إسرائيل لدمار. وبالفعل، نجح الجيش الإسرائيلي في الصمود في جزء من المواقع العكسرية ولكنه انسحب في معظم الجبهات. لحقت خسائر فادحة بسلاح الجو وكان الوضع سيئا. ولكن في هذه المرحلة، كان في وسع سلاح البحرية فرض حصار على مسارات التنقل البحرية المصرية، وكانت هذه الخطوة ضرورية للرد على المحاولة المصرية لفرض حصار بحري على إسرائيل، وهامة استراتيجيا أيضا.

ولكن لمزيد الدهشة، لم تعلن إسرائيل عن حصار بحري ضد أعدائها، ولم يعمل سلاح البحرية وفق أوامر عليا ضد سفن التجارة. دخلت سفن سوفيتية محمّلة بوسائل قتالية بحرية إلى الشواطئ السورية والمصرية بسهولة، رغم أنه كان في وسع سلاح البحرية الإسرائيلية منعها ببساطة. أثناء الحرب، نُقِل من الاتحاد السوفيتي إلى مصر وسوريا 65 ألف طن من المعدّات القتالية ونُقل 50 ألف طن منها بحرا. وحدث ذلك في الوقت الذي منعت فيه مصر حاويات نفط إسرائيلة من العبور عبر البحر الأحمر سعيا لفرض الحصار على إسرائيل. بالمناسبة، ظل هذا الحصار البحري مفروضا حتى نهاية الحرب.

كانت الدوافع الإسرائيلية لعدم فرض الحصار البحري هو الخوف من اشتباكات سياسية مع الحكم السوفيتي. إنه ادعاء مشكوك فيه – الخوف من التعرض لاشتباكات دبلوماسية مع دولة تساعد بشكل فعال على إبادة إسرائيل، يشير إلى عدم مسؤولية تام. من الصعب أن نجد أمثلة على مر التاريخ سمح فيها الجيش لخصومه بالتسلح أثناء الحرب بينما كان في وسعه منعه. على مر الزمن، شكلت السيطرة على مسارات التنقل هدفا استراتيجيا هاما وبداية لحسم المعركة. كانت الجيوش مستعدة للتضحية كثيرا دائما للسيطرة على مسارات التنقل أو تعطيل عملها. كانت السكك الحديدية، والطرق الرئيسية هدفا تفجيريا وموقع احتلال في كل الحروبات. استثمر الأسطول الألماني القوي أثناء الحرب العالمية الثانية كل قدراته في إغراق سفن تزويد معدّات إنجليزية أرسِلت لمساعدة الروس. أدى الحصار الألماني على بريطانيا تقريبًا إلى تدهورها تقريبا.

استخلاص العبر

تتحدث نتائج الحرب البحرية الكثيرة في حرب تشرين عن نفسها. تجنّب اللا مبالاة عشية الحرب. القوات والاستراتجيات المتفوقة. تطوير التكنولوجيات المتقدمة. روتين التدريبات المكثّف. صنعت كل هذه العوامل الفارق. لا يُحدد حجم وعدد المقاتلين مصير المعركة بل النوعية والنجاعة القتالية تحديدا في أحيان كثيرة.

ولكن الأهم هو أن الدفاع الجيد هو الهجوم، ويبدو أن المبادرة الهجومية والعمل المتواصل لمحاربة العدو، اللذين شلا تماما أية مبادرة سورية ومصرية، كانا العبرة المركزية التي يجدر استخلاصها في هذه الأيام. أثناء الحرب، وصلت إلى هيئة أركان الجيش تقارير عن وجود سفن صواريخ إسرائيلية أمام اللاذقية في المنطقة البعيدة من شمال سوريا. عندها اتصل رئيس الأركان، دافيد إليعزر، فورا بضابط سلاح البحرية اللواء تلم، وسأله: “ماذا تفعلون في اللاذقية؟”، فأجابه: “نحمي شواطئ الدولة”.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع ميدا

اقرأوا المزيد: 1599 كلمة
عرض أقل
البروفيسور آفي عوري (لقطة شاشة)
البروفيسور آفي عوري (لقطة شاشة)

هكذا أنقذ ضابط مصري مجهول حياة جندي إسرائيلي

في تشرين الأول عام 1973 تم أسر الإسرائيلي، آفي عوري، من قبل جنود مصريين في سيناء ولكن قبل لحظة من إطلاق النار عليه حتى الموت، نجح ضابط مصري في إنقاذ حياته وقدم له ماء ليشرب. بعد ذلك نجا مرتين على الأقل

بتاريخ 10 تشرين الأول عام 1973 أنقذ ضابط مصري حياة آفي عوري، طبيب إسرائيلي خدم في سيناء أثناء الحرب. شارك عوري قصته في مقال شخصي نُشر اليوم (الإثنَين) في صحيفة “هآرتس”. “بعد مرور أربعة أيام دون أن أنام، وبينما كنت متعبا، جائعا وعطشا، وتنفست بصعوبة، وكانت من حولي جثامين لإسرائيليين ومصريين، خرجت للمرة الأولى منذ بدء الحرب بحثا عن الماء، الأشخاص، أو عن حظي”. كما يقول.

كان عوري يخدم في نقطة عسكرية على ضفاف قناة السويس التي تم تفجيرها قبل يومين من ذلك، وقُتل كل من كان في هذه النقطة. عندما خرج من منطقة النقطة العسكرية، مرت بالقرب منه سيارة كان فيها جنود مصريون. فنزلوا من السيارة، اصطفوا في صف، وشهّروا سلاحهم صوبه. ولكن قبل لحظة من إطلاق النار صوبه وقتله، وصلت سيارة جيب وفيها ضابط مصري. “فكرت في تلك اللحظة في كل الخمسة وعشرين عاما التي مضت من عمري وشعرت بإخفاق بشكل أساسيّ حول ما لم أقم به”، يقول روعي. وفجأة وصل ضابط وأمر بعدم استخدام الأسلحة ضدي.

اقترب الضابط من عوري وطلب منه بصراخ ألا يتحرك. قال عوري للضابط باللغة العربية بصوت خافت “أريد أن أشرب الماء”. من دون أن يقترب الضابط من عوري نقل له وعاء فيه ماء ليشرب، وعندما شرب عوري كل الماء سأل بالعربية: “وبعدين؟”، فطلب الضابط من الجنود المزيد من الماء. هكذا أنقذ الضابط حياة عوري في المرة الأولى. ولكن فجأة بدأت حملة تفجيرات، لذلك نقل الضابط وسائقه عوري وركضوا مع كل الجنود المصريين عودة إلى النقطة العسكرية التي تم تفجيرها سابقا واختبأوا في منطقة بين جثث الجنود الإسرائيليين.

عندما دارت فوضى حاول عوري أن يسأل الضابط متحدثا بالإنجليزية والقليل من العربية والفرنسية، مستخدما لغة الجسد بشكل أساسي، عما حدث. فأخبره الضابط أن الجنود معنيون بقتله. فلم يندهش من ذلك وأعرب الضابط أيضا عن عدم دهشته. نقل الضابط وسائقه في ظل التفجيرات عوري إلى سيارة الجيب وفروا من المنطقة. هكذا تم إنقاذ عوري ثانية.

آفي عوري يعود إلى إسرائيل في إطار صفقة تبادل الأسرى
آفي عوري يعود إلى إسرائيل في إطار صفقة تبادل الأسرى

تمت تغطية عيني عوري ورُبطت يديه ونُقل إلى منطقة عسكريّة مصرية. شاهد من حوله ضبّاط وجنود مصريين وتم إلقائه إلى داخل حفرة. تم التحقيق معه، واضطر إلى إثبات أنه ليس طيار هبط مؤخرا بل هو طبيب كان في الموقع منذ التفجيرات، قبل يومين من ذلك. بعد ذلك نُقِل عوري إلى منطقة قناة السويس ومن هناك اجتازها بواسطة قارب زودياك. عندما حاول الانتقال من السفينة إلى خارج القناة سقط إلى داخل الماء بسبب ضعفه، وشعر أنه على وشك الغرق. ولكن فجأة شعر بأيدي تشده من شعره، وتم إخراجه من القناة. تم إنقاذ حياته للمرة الثالثة.

اختتم البروفيسور عوري قصة حياته قائلا: مَن هو الضابط الذي أنقذ حياتي؟ لماذا بذل جهوده لإنقاذي؟ لا يعرف عوري حتى يومنا هذا السبب. في فيلم فيديو يروي فيه قصة حياته، يطلب عوري نقل رسالة إلى الجنود الإسرائيليين: “إذا سقط أسير في أيدينا، وليس من المهم إذا كان فلسطينيا، سوريا، لبنانيا، مصريا أو أردنيّا. فيصبح أسيرا. فلا تنسوا هذا”، قال قاصدا أن لديهم فرصة في إنقاذ حياة الأسير مثلما أنقذ الضابط المصري حياته.

وقع البروفيسور عوري في الأسر المصري لمدة أكثر من شهر، وعاد إلى إسرائيل في إطار صفقة تبادل الأسرى في تشرين الثاني عام 1973، إذ عاد فيها إلى إسرائيل 242 جنديا، وأعادت إسرائيل 8372 جنديا مصريا.

اقرأوا المزيد: 495 كلمة
عرض أقل
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)
    طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)
    طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)
    طائرات سلاح الجو الإسرائيلي (IDF Flickr)

بالصور: الطائرات الحربية لسلاح الجو الإسرائيلي

قُبَيل وصول طائرات ‏F-35‎‏ الأكثر تقدما إلى إسرائيل، إليكم لمحة نادرة عن تاريخ الطائرات الإسرائيلية التي شاركت في الحروب مع الدول العربية

الأربعينات

بوينغ B-17

بوينغ B-17
بوينغ B-17

خدمت منذ تأسيس دولة إسرائيل حتى نهاية الخمسينات. يشكّل بدء العمل بهذه الطائرة حدثا خصوصيا في تاريخ سلاح الجوّ الإسرائيلي، لأنها كانت المرة الأولى التي يتبنى فيها سلاح الجوّ طائرة.

في حرب 1948، استُخدمت للإغارة من ارتفاع عالٍ على غزّة، رفح، الجليل، ومطار العريش. وفي حرب 1956، عملت طائرتان للإغارة ليلا في قطاع غزّة وسيناء.

توقفت عمل الطائرات العملياتي وقتيًّا عام 1954، ولكنّ اثنتَين منها عادتا إلى العمل قُبَيل اندلاع حرب 1956. توقف عمل هذه الطائرات نهائيًّا عام 1958.

بريستول بوفايتر (‏Bristol Beaufighter‏)

بريستول بوفايتر (‏Bristol Beaufighter‏)
بريستول بوفايتر (‏Bristol Beaufighter‏)

اكتشف المكلّف بشراء الطائرات في الجيش الإسرائيلي صاحبَ ورشة قرب لندن، كان مستعدًّا لبيع ست طائرات بوفايتر، اشتراها من مخلّفات الحرب. طلب الرجل 1500 جنيه إسترليني مقابل الطائرات ونفقات التصليحات.

من أجل تمويه الصفقة، اشتُريت الطائرات باسم طيّار يُدعى ديكسون، خدم سابقًا في نتيجة بحث الصور عن سلاح الجو الملكي البريطاني. وبعد جهد جهيد، أُحضرت 4 طائرات فقط (تحطّمت الطائرة الخامسة في طريقها إلى إسرائيل، فيما صودرت السادسة)، إذ كان يجب تهريبها من بريطانيا إلى إسرائيل.

عام 1949، بعد انتهاء حرب 1948، توقفت خدمة بوفايتر.

هافيلاند موسكيتو (‏Havilland Mosquito‏)

هافيلاند موسكيتو (‏Havilland Mosquito‏)
هافيلاند موسكيتو (‏Havilland Mosquito‏)

بُعيد حرب 1948، اشتُريت طائرة موسكيتو واحدة في كندا، لكنها فُقدت في طريقها إلى إسرائيل فوق البحر. وفي 17 شباط 1951، تم التوقيع على اتّفاق لشراء 59 طائرة موسكيتو من بقايا الجيش الفرنسي. جرى ترميم شامل للطائرات في فرنسا، قبل أن تصل إلى إسرائيل في 11 حزيران 1951.

بين أهداف أول سرب طائرات من طراز موسكيتو كان الهجوم ومساعدة القوات الأرضية نهارا وليلا.

ورغم أنه تبين أنّ الموسكيتو طائرة إشكالية من حيث الطيران والصيانة، وأنها تعرّضت لحوادث، فإنها تُعتبَر ناجحة من حيث القدرات الهجومية ووزن القنابل التي يمكنها حملها.

كان الهدف الثابت للطائرة شرم الشيخ، التي هوجمت لمدّة أربعة أيام. وبعد انتهاء حرب 1956 بأسبوعَين، فُكّك سرب الطائرات كاملًا، لتنتهي رواية الموسكيتو في سلاح الجو الإسرائيلي.

‎‎
بي-51 موستانج (P-51 Mustang)

بي-51 موستانج (P-51 Mustang)
بي-51 موستانج (P-51 Mustang)

هُرّبت طائرات موستانج إلى إسرائيل من الولايات المتحدة، عقب حظر بيع السلاح إلى الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط الذي فرضته الإدارة الأمريكية، إذ فُكّكت الطائرات ورُزمت في صناديق.

ولم تُؤهَّل سوى طائرتَين للطيران العملياتي أثناء حرب 1948.

في 5 نيسان 1951، شُغّلت أربع طائرات موستانج من “سرب الطيران الحربي الأول” من أجل قصف مركز الشرطة السورية في الحمة.

كانت الطائرات الأولى التي اجتازت الحدود في اليوم الأول لحرب 1956 طائرات موستانج، انطلقت للمشاركة في عملية قطع أسلاك الهاتف في سيناء. كان هدف قطع الأسلاك التشويش على الاتصالات بين وحدات الجيش المصري.

عام 1957، كانت هناك 34 طائرة موستانج في القوات الجوية الإسرائيلية، استُخدمت بشكل أساسي بهدف التأهب وتعزيز القوات في وقت الطوارئ. وفي كانون الثاني 1961، تمّ الاستغناء عن خدمات الموستانج نهائيًّا.

سبِيتفاير (Spitfire)

سبِيتفاير (Spitfire)
سبِيتفاير (Spitfire)

رُكّبت طائرة سبِيتفاير الأولى لسلاح الجوّ عام 1948 من قطَع طائرات بريطانية مختلفة، تركها سلاح الجو الملكي البريطاني في البلاد. استُخدمت الطائرة في مهامّ استخبارات جوية. بعد ذلك، رُكّبت طائرة أخرى، هذه المرة من مخلّفات طائرة مصرية، أُسقطت من مضادّ للطائرات، أثناء هجومها في 15 أيار 1948.

أمّا الغالبية الساحقة لطائرات سبيِتفاير في سلاح الجوّ الإسرائيلي فقد اشتُريت من تشيكوسلوفاكيا وإيطاليا.

في الخمسينات، توزّعت الطائرات على ثلاثة أسراب، واستُخدمت لمرافقة طائرات قصف ومهامّ استخبارية. في المعارك الجوية التي أُديرت خلال حرب 1948، أسقطت طائرات سبيِتفاير نحو 12 طائرة.

بيعت طائرات سبيِتفاير عام 1954 إلى بورما. أمّا بعض الطائرات فأُبقيت في إسرائيل بمبادرة من الرئيس الأسبق عيزر فايتسمان. اثنتان منها موجودة اليوم في متحف سلاح الجو، وإحداهما لا تزال صالحة للطيران. وهي إحدى طائرات سبيِتفاير القليلة في العالم التي لا تزال صالحة للطيران.

الخمسينات

غلوستر ميتيور (Gloster Meteor)

غلوستر ميتيور (Gloster Meteor)
غلوستر ميتيور (Gloster Meteor)

منذ بداية الخمسينات، بدأت القوات الجوية في عدة بلدان عربية، لا سيّما مصر، تتزوّد بطائرات حربية نفاثة من طراز فامباير (‏Vampire‏) وميتيور. منحهم ذلك أفضلية على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

أدت هذه الخطوة بالحكومة الإسرائيلية إلى المصادقة في تشرين الثاني 1952 على شراء الطائرات النفاثة الأولى لسلاح الجو الإسرائيلي. توجّهت وفود إسرائيلية إلى بلدان عديدة: الولايات المتحدة، بلجيكا، بريطانيا، إيطاليا، والنروج، لكنها رفضت جميعًا.‎

فقط في نهاية 1952، وافقت بريطانيا على بيع طائرات ميتيور نفّاثة إلى إسرائيل، وزوّدت في المقابل طائرات مشابهة إلى مصر وسوريا أيضًا.

في 1 شباط 1953، تمّ التوقيع على صفقة شراء 11 طائرة ميتيور نفّاثة من طراز ‏F8‎‏، طائرة حربية ذات مقعد واحد، وأربع طائرات من طراز ‏T7‎‏، طائرة ذات مقعدَين، مُعدّة للتدريبات.

في 17 حزيران 1953، وصلت أول طائرتَي ميتيور من طراز T-7، دُعيتا “سوفاه” و”ساعر”، بقيادة طيّارَين بريطانيَّين.

لم تدشّن الطائرتان عهد الطائرات النفاثة في سلاح الجو فحسب، بل أيضًا “سرب الطائرات النفاثة الأول”، الذي أُنشئ قبل 10 أيام من وصول الطائرات إلى إسرائيل.

وفي أيلول 1955، سُجّل في صفحات تاريخ سلاح الجوّ “إسقاط الطائرة النفاثة” الأول في الشرق الأوسط ففي المعركة الجوية، أُسقطت طائرتا فامباير مصريتان، اخترقتا الأجواء الإسرائيلية.

قبل يومَين من اندلاع حرب 1956، في 27 تشرين الأول، نشر سرب ميتيور طائراته ورافق جزءًا لا بأس به من العمليات الجوية للجيش الإسرائيلي أثناء الحرب.

وفي 28 تشرين الأول 1956، انطلق طيارون إسرائيليون في مهمة سرية، كُشف النقاب عنها بعد 33 عامًا، وعُرفت بعملية “الديك”. كان الهدف إسقاط طائرة مصرية، كان يُفترَض أن تُقلّ رئيس أركان الجيش المصري وضبّاطا بارزين آخرين – بهدف التوقيع على تحالف دفاعي مع الأردن وسوريا. بعد جهود مكثفة، نجح الطيار الإسرائيلي في إسقاط الطائرة، ولاقى كلّ ركابها حتفهم. ولكن تبيّن بعد ذلك أنّ رئيس الأركان المصري بقي في دمشق. انتهت خدمة طائرات ميتيور في سلاح الجو نهاية 1964.

طائرة أوراغان (Ouragan)

طائرة أوراغان (Ouragan)
طائرة أوراغان (Ouragan)

بدأت مفاوضات شراء طائرات أوراغان من فرنسا منذ عام 1950، لكنّ الحكومة الفرنسية رفضت أن تبيع إسرائيل الطائرات إثر معارضة بريطانية. فقط بعد خمس سنوات، في 6 تشرين الأول 1955، خرجت الصفقة إلى حيز التنفيذ.

نُقلت إلى إسرائيل أول 12 طائرة أوراغان. في السنة نفسها، اشتُريت من فرنسا 12 طائرة أوراغان إضافية، وحصل سلاح الجو على ست أخرى عشية حرب 1956. بعد الحرب، اشتُريت 45 طائرة أخرى من بقايا سلاح الجو الفرنسي. وبقيت هذه الطائرات، الجديرة بالثقة والتي يسهل استخدامها وصيانتها، في خدمة سلاح الجو حتى 1973.

في 12 نيسان 1956، اخترقت الأجواء الإسرائيلية طائرتا فامباير مصريتان. أُرسل طيار إسرائيلي شاب وعديم الخبرة إلى منطقة وادي الرمان (جرن رامون). فقام بإطلاق النار باتجاه إحدى الطائرتَين المصريتَين. أصابت الطلقات جناح الطائرة، التي بدأت بالاشتعال وهبطت هبوطًا اضطراريًّا. سقط الطيار المصري أسيرًا في إسرائيل، وأُعيد إلى مصر في إطار صفقة تبادل أسرى في نهاية حرب 1956.

طائرة ميستير

طائرة ميستير
طائرة ميستير

عام 1955، طرأ تغيّر مُقلق في توازن القوى في الشرق الأوسط، لصالح القوات الجوية العربية. ففي أيلول 1955، زوّدت تشيكوسلوفاكيا كميات كبيرة من السلاح السوفياتي من أنواع مختلفة – مئات طائرات ميغ من أنواع مختلفة. كان نسبة الطائرات الحربية النفاثة أربعا مقابل واحد لصالح مصر (نحو 200 لمصر مقابل 50 لإسرائيل). وكان الفارق في الجودة مشكلة إضافية.

فطائرات ميتيور وأوراغان التي في حوزة إسرائيل كانت أقلّ جودة بشكلٍ ملحوظ من طائرات ميغ-15، فكم بالأحرى من طائرات ميغ-17 التي تمتلكها مصر. استنادًا إلى ذلك، ضغطت إسرائيل كثيرًا على فرنسا لتزويدها بطائرات حربية جديدة. عرضت فرنسا أن تبيع إسرائيل طائرات ميستير 2، لكنّ وفدًا إسرائيليًّا قدّم تقارير سلبية حول ميستير 2. فقرّر قائد سلاح الجو حينذاك الاستغناء عن طائرات ميستير، وطلب شراء الطائرات الحربية الفرنسية الأكثر تقدّمًا في تلك الفترة – ميستير ‏IVA‏.

تغيّر موقف فرنسا في أواخر 1956. فقد وصلت إلى السلطة عقب الانتخابات الفرنسية حكومة اشتراكية. كانت مصلحة فرنسا تعزيز القوة العسكرية الإسرائيلية من أجل الإضرار بمصر. وكان ذلك بسبب التعاون المصري مع جبهة التحرير في الجزائر، وكذلك طموح مصر للسيطرة التامة على قناة السويس.

وفي آذار 1956، وافق الفرنسيون على التوقيع على صفقة الميستير، التي تزوّد فرنسا بموجبها 12 طائرة ميستير ‏IVA‏ لإسرائيل، وهو ما كان يمكن لسلاح الجو الفرنسي أن يستغني عنه.

في 11 نيسان 1956، انطلقت أول 12 طائرة ميستير إلى البلاد.

في اليوم الأول لحرب 1956، أُرسلت طائرة ميستير واحدة للقيام برحلة استطلاعية، قبل نحو 30 دقيقة من إنزال قوات عسكرية.

خلال حرب 1967، عمل سربا طائرات ميستير IVA، وشاركا في جزء كبير من الهجمات في جميع المناطق، بدءًا من المطارات المصرية في السويس وانتهاءً بهجمات على الجبهة السورية. خلال المعارك، أسقطت طائرات ميستير طائرة ميغ سورية، وطائرة هنتر (‏Hunter‏) أردنية. بالمقابل، أسقطت مضادّات الطيران ثماني طائرات ميستير إسرائيلية في الحرب. بعد حرب الأيام الستة، انتهت خدمة طائرات الميستير في العمليات العسكرية، وانتقلت إلى التدريبات المتقدمة. في شباط 1971، توقفت خدمة هذه الطائرات في سلاح الجو الإسرائيلي.

سوبر ميستير

سوبر ميستير
سوبر ميستير

بعد عامَين من حرب 1956، كانت طائرات ميغ-17 الروسية، وبعدها ميغ-19، طائرات الخط الأول في القوات الجوية المصرية والسورية.

كان اختيار سوبر ميستير ‏B2‎‏ طبيعيًّا ومفهومًا. كانت هذه أول طائرة في سلاح الجو الإسرائيلي زُوّدت بحارق لاحق، كما كانت الأولى التي تخطت سرعة الصوت في الطيران الأفقي.

في كانون الأول ‏1958‏، تمّ شراء 18 طائرة سوبر ميستير. وفي نيسان 1967، عُزّزت أسراب ميستير بـ 24 طائرة إضافية.

في 28 نيسان 1961، اخترقت طائرتا ميغ-17 مصريتان المجال الجوي لإسرائيل، فأُرسلت طائرتا سوبر ميستير لإسقاطهما. أًصيب الطيار المصري بالدوران بسبب المناورات القاسية، وغادر طائرته. سجّل “سرب العقرب” عملية الإسقاط الأولى والأخيرة حتى نهاية حرب 1967، إذ إنّ طائرات الميراج وصلت إلى البلاد عام 1962، وأصبحت طائرات الخط الأول في إسرائيل.

فوتور (‏Vautour‏)

فوتور (‏Vautour‏)
فوتور (‏Vautour‏)

طلبت الحكومة الإسرائيلية من فرنسا طائرات فوتور، لكنّ فرنسا رفضت بيعها لإسرائيل بحجة أنّ تزويدها بها سيُخلّ بتوازن القوى في الشرق الأوسط.

أقنعت إسرائيل الفرنسيين ببيعها الطائرات، ووعدت بعدم استخدامها. أُنجزت الصفقة سرًّا، لأنّ الفرنسيين خافوا من ردود الفعل العالمية على بيعهم سلاحًا هجوميًّا إلى إسرائيل.

هبطت الطائرة الأولى من طراز IIA في البِلاد بتاريخ 1 آب 1957. وكما وُعد الفرنسيون، خُزنت طائرات الفوتور لمدة سنة، مع الحفاظ على السرية القصوى، لكنها كُشفت علنًا في تموز 1958 في طلعة جوية نهارية لسلاح الجوّ الإسرائيلي.

في تشرين الأول 1959، واجهت القوات الجوية الإسرائيلي طائرات ميغ-19 لأول مرة. فقد التقت طائرات الفوتور بـ 4 طائرات ميغ-19 مصرية على الحدود في سيناء. وكانت النتيجة انسحاب طائرات ميغ-19 الأربع.

تمّ الهجوم الأول لطائرات فوتور بتاريخ 16 آذار 1962. شاركت فيه 3 طائرات، هاجمت بطاريات مدفعية سورية فوق بحيرة طبريا. فشلت العملية، لأنّ دقتها لم تكن كبيرة.

أمّا ذروة عمل هذه الطائرات فكانت خلال حرب 1967. حتى ابتداء الحرب، كانت لدى سلاح الجو 20 طائرة قابلة للاستعمال. في 5 حزيران 1967، في الضربة الاستباقية للهجوم، دُمّرت مطارات عديدة للعدوّ، وقامت طائرات الفوتور بهجمات على أهداف بعيدة جدًّا، وذلك بسبب مداها البعيد.

في 7 حزيران 1967، انطلقت طائرات فوتور إلى سيناء والهضبة السورية أيضًا. قامت الطائرات بمهاجمة قوّات مدرّعة في سيناء، ودمّرت بطاريات مضادة للطائرات قرب القناة. وفي الأيام الأخيرة للحرب، ألقت طائرات الفوتور أطنانًا من القنابل على التحصينات السورية، وقامت بالكثير من القنص ضدّ القوات المدرّعة السورية.

الستينات

فانتوم

فانتوم
فانتوم

عام 1956، طلب سلاح الجو الإسرائيلي شراء طائرات فانتوم، الطائرات الحربية الأكثر تقدّمًا في ذلك الحين. رفض الأمريكيون، لكنهم وافقوا على أن يبيعوا إسرائيل طائرات سكاي هوك. وفقط في كانون الثاني 1968، بعد محاولات إقناع مكثفة على أعلى المستويات الدبلوماسية، وافق الأمريكيون على بيع الطائرة لإسرائيل.

في 5 أيلول، وصلت إلى إسرائيل أول أربع طائرات فانتوم. حصل سلاح الجو على الطائرة الحربية الأفضل في العالم آنذاك. كانت الفانتوم أسرع من الميراج، تمكّنت من حمل 6 أضعاف الأسلحة تقريبًا، كانت مزوّدة برادار متقدّم وتنوّع من صواريخ جوّ – جوّ، كما كان مدا طيرانها ضعف الطائرة الفرنسية تقريبًا.

لم يكن أمام أسراب الفانتوم الكثير من الوقت للاستعداد. فقد تطلبت حرب الاستنزاف، التي كانت في ذروتها، من السرب المشاركة في عمليات سلاح الجو في منطقة القناة، وفي الوقت نفسه تدريب طواقم إضافية على منظومة الفانتوم. بعد مجرد أربعة أسابيع من وصول الطائرات إلى البلاد، بدأت بالعمل في سيناء، ضمن العملية الأولى لها. في 22 تشرين الأول 1969، كانت مُقاتِلات الفانتوم قد هاجمت أهدافًا برية، وفي 11 تشرين الثاني 1969 أتمّت الفانتوم إسقاطها الأول في خدمة سلاح الجو الإسرائيلي بإسقاط ميغ-21 مصرية.

وفي تشرين الأول 1986، خلال هجوم دوري في لبنان، أُصيبت طائرة فانتوم في سلاح الجو نتيجة عطل تقني. فاضطُرّ المقاتلان في الطائرة، الطيار الرائد يشاي أفيرام، والملّاح الرائد رون أراد، إلى مغادرة الطائرة. تمّ إنقاذ الرائد أفيرام عبر مروحية كوبرا في عملية جريئة. أمّا رون أراد فقد سقط أسيرًا.

سكاي هوك

سكاي هوك
سكاي هوك

اشترى سلاح الجو الإسرائيلي سكاي هوك عام 1967 إثر الحظر الفرنسي المفروض على إسرائيل، الذي منع تسليم طائرات الميراج J5 الخمسين، التي اشترتها إسرائيل من فرنسا ودفعت ثمنها.

كانت سكاي هوك أول طائرة مقاتلة وافقت الولايات المتحدة على بيعها إلى إسرائيل. دخلت الخدمة عشرات الطائرات من هذا الطراز، وكانت الطائرات الهجومية الرئيسية التي استخدمتها إسرائيل في حرب الاستنزاف.

في بداية 1973، بدأ استخدام طراز إضافي من سكاي هوك، لا يزال يُستخدَم حتى يومنا هذا.

استُخدمت طائرات سكاي هوك من طُرز مختلفة في عمليات الإغارة خلال حرب 1973. نفّذت هذه الطائرات هجمات أيضًا خلال الحرب مع لبنان عام 1982، وأسقطت إحداها طائرة ميغ-17 سورية.

ميراج

ميراج
ميراج

أبدى سلاح الجو الإسرائيلي اهتمامًا شديدًا بتطوير الميراج. وشجّع مصنّعو الطائرة إسرائيل على فحصها. إثر توصيات الفرنسيين وانطباعات رجال سلاح الجو الإسرائيلي، قرّرت إسرائيل عام 1959 شراء طائرات ميراج كردٍّ مناسب على الطائرات التي حصلت عليها مصر وسوريا من الاتحاد السوفياتي.

في كانون الثاني 1961، تمّ الاتفاق على شراء 72 طائرة ميراج. فضلًا عن ذلك، اشتُريت 4 طائرات ميراج ثنائية المقعد.

خُصّصت فترة الاستيعاب الأولى لطائرات ميراج في تدريب الطيارين على مناورات إطلاق صواريخ جو – جو، مهاجمة مطارات، وأمدية جو – أرض.

أسقطت طائرات الميراج طائرة ميغ-21 للمرة الأولى في 14 تموز 1966. وإثر المناوشات المستمرة للسوريين في الحرب على منابع نهر الأردن، تقرّر أن ينفّذ سلاح الجو انتقامًا ويهاجم مخطّط القناة السورية لتحويل منابع الأردن. في نهاية الهجوم، عادت الطائرات إلى إسرائيل، وبقيت تطير فوق صفد. بعد بضع دقائق، أُعطي الأمر بالدخول إلى عمق سوريا، حيث اكتُشفت أربع طائرات ميغ-21 تطير على عُلوّ منخفض من الشرق باتجاه بحيرة طبريا. اقتربت إحدى طائرات الميراج من الميغ، وأطلقت النار من مدى بعيد. في المحاولة الثانية لإطلاق النار، توقفت مدفعياتها، فاضطُرّت إلى نقل المهمة إلى طائرة ميراج أخرى، فاقتربت تلك من الميغ وأصابتها في جناحها، فتمزّق وتحطمت الطائرة. نجح الطيار السوري في مغادرة الطائرة والنجاة.

مع اندلاع حرب 1967، في 5 حزيران، كانت للقوات الجوية الإسرائيلية 65 طائرة ميراج قابلة للاستخدام، شكّلت نحو ثلث القوة الجوية لإسرائيل. فضلًا عن ذلك، شملت قوّة سلاح الجو نحو 140 طائرة أوراغان، ميستير، سوبر ميستير، وفوتور. في موجة الهجوم الأولى، التي انطلقت صباح 5 حزيران، أُطلقت رباعيات من طائرات ميراج لمهاجمة المطارات المصرية. حملت كلّ مقاتِلة ميراج قنبلتَين تزِن كلّ منهما 500 كيلوغرام، ذخيرة كاملة للمدافع الداخلية، وكمية قصوى من الوقود. شارك في الغارة كلّ طائرات الميراج، باستثناء 12 أُبقيت لحماية الأجواء الإسرائيلية.

أثناء حرب 1982، كانت الطائرات أشبه باحتياطي لحماية إسرائيل، لكنها لم تُشارك فعليا في الحرب على لبنان. وفي الوقت نفسه، بدأت خدمة الميراج تتوقف في سلاح الجو الإسرائيلي.

السبعينات

“باز”

"باز"
“باز”

عام 1974، أُقيم طاقم فحص لاختيار طائرة لتحقيق تفوّق جوي. كان يُفترَض بالطائرة المختارة أن تؤمّن الحفاظ على تفوّق سلاح الجو الإسرائيلي على الجيوش العربية لسنوات طويلة. كانت الطائرتان المرشّحتان F14 وF16. ولكن بعد التقصّي، تبيّن أنّ F15 تتفوّق على منافساتها. في وقت لاحق، لُقّبت الطائرة بـ”الصقر”. وفي 10 كانون الأول 1976، وصلت الطائرات الأولى إلى إسرائيل. يُشار إلى أنّ هبوط هذه الطائرات مساء الجمعة، بعد ابتداء السبت، أدّى إلى سقوط الحكومة.

أسقطت طائرات “الصقر” خلال خدمتها في سلاح الجو الإسرائيلي 40 طائرة، جميعها لسلاح الجو السوري.

في 7 حزيران 1981، رافقت طائرات F15 طائرات F16 الثماني التي هاجمت المفاعل النووي في العراق. كانت هذه الطائرات تهدف إلى حماية الطائرات المهاجمة من طائرات العدوّ.

في تشرين الأول 1993، حصل سلاح الجو الإسرائيلي على 25 طائرة F-15‎ من مخلّفات سلاح الجو الأمريكي.

شاركت طائرات “الصقر” المحسّنة بشكل فاعل في حرب لبنان الثانية التي اندلعت عام 2006، في عملية “الرصاص المسكوب” عام 2008، وعملية “عمود السحاب” عام 2012.

كفير

كفير
كفير

تسلّم سلاح الجو الإسرائيلي أوّل طائرات كفير(الشبل) في 14 نيسان 1975.

كان فرصتها الأولى لإثبات نفسها في 9 تشرين الثاني 1977. فقد أُرسلت طائرات كفير لمهاجمة تل عزية، قاعدة تدريبات لتنظيمات إرهابية في لبنان، وأتمت مهمتها بنجاح شديد. قامت طائرة كفير أيضًا بإسقاط إثر مناوشات جوية في أجواء لبنان عام 1979. لم يكتفِ السوريون بالقوات البرية، بل كان لهم حضور في الجوّ أيضًا. لم يكن مفرّ إثر طلعاتهم الجوية من معركة جوية أولى بدأت في 27 حزيران. في ذلك اليوم، انطلقت طائرات F-15‎ وكفير لحماية طائرات أخرى، هاجمت أهدافًا لتنظيمات إرهابية. وفي المعركة التي حصلت، أُسقطت خمس طائرات ميغ-21، وسُجّل أول إسقاط للطائرة – الإسقاط الوحيد حتّى الآن.

نجحت “كفير” في الخارج أيضًا. فقد بيعت الطائرة إلى عدد من الدول، حتى إنها أُجّرت للبحرية الأمريكية.

نيشر

نيشر
نيشر

هبطت أوّل طائرة نيشر (النسر) في إسرائيل في أيار 1971. لدى اندلاع الحرب في تشرين الأول 1973، كان في خدمة سلاح الجو نحو 40 طائرة نيشر. ورغم أنّ هدفها الأساسي كان المهام الهجومي، فقد استُخدمت طائرات نيشر في الحرب لمهامّ جوية – جوية بالأساس. قرّرت قيادة سلاح الجو تخصيص طائرات فانتوم، سكاي هوك، و”ساعر” للهجوم على أهداف برية، مقابل إلقاء مسؤولية إدارة المعارك الجوية مع طائرات العدوّ على طائرات ميراج ونيشر، بهدف تحقيق تفوّق جوي فوق أراضي المعارك.

وفق الإحصاءات المنشورة، دارت 117 معركة جوية خلال حرب 1973 (65 في الأجواء السورية و52 في الأجواء المصرية). سقطت 227 طائرة للعدوّ في تلك المعارك، مقابل ستّ طائرات إسرائيلية.

بيعت طائرات نيشر للأرجنتين، واستُخدمت بشدّة في العمليات ضدّ البريطانيين خلال حرب فوكلاند.

الثمانينات

“نيتس” (الصقر)

"نيتس" (الصقر)
“نيتس” (الصقر)

بدأ سلاح الجو يُبدي اهتمامًا بطائرة F-16‎ وهي لمّا تزَل في مراحل التطوير. وبدأت الاتصالات الأولى لشراء الطائرة في أيلول 1975، إثر لقاء عُقد في البنتاجون بقيادة وزير الدفاع حينذاك، شمعون بيرس. وافقت الولايات المتحدة على بيع 150 طائرة F16 في نهاية المطاف، تسلّم سلاح الجو 75 طائرة‏‎.‎

في 14 شباط 1978، أعلنت الإدارة الأمريكية عن صفقات لبيع أسلحة إلى إسرائيل، مصر، والمملكة العربية السعودية، اشتملت على بيع 75 طائرة F-16 و8F-15 إلى سلاح الجو الإسرائيلي، في صفقة بحجم 1.9 مليار دولار. كان يُفترَض أن تحصل إسرائيل على الطائرات منتصف عام 1981. إثر سقوط نظام الشاه في إيران وصعود الخميني إلى الحُكم، أٌلغي تزويد 160 طائرة F-16 إلى إيران. اقترحت الولايات المتحدة على إسرائيل أن تحصل على الطائرات قبل الموعد المخطّط له بـ 16 شهرًا.

في 7 حزيران 1981، هاجمت ثماني طائرات F16، ترافقها ستّ طائرات F15 المفاعل النووي العراقي “أوسيريس” قبل وقت قصير من تشغيله.

بعد ذلك، شاركت طائرات F-16 بشكل فاعل في حرب لبنان الثانية التي اندلعت عام 2006، في عملية “الرصاص المسكوب” عام 2008، وعملية “عمود السحاب” عام 2012.

التسعينات

“راعم”

"راعم"
“راعم”

في شهر كانون الثاني 1994، اختيرت F-15E لتكون الطائرة المقاتِلة المستقبلية لسلاح الجوّ، بعد منافسة طويلة مع F-18 وF-16.‎ ‎قرّر سلاح الجو شراء 21 طائرة بسعر أقلّ من مليارَي دولار بقليل. الاسم العبري لهذه الطائرات هو “راعم” (رعد). عام 1995، وافق رئيس الحكومة ووزير الدفاع، إسحق رابين، على شراء أربع طائرات إضافية.

وفي 9 كانون الثاني 1998، هبطت في إسرائيل طائرات “الرعد” الأولى.

اقرأوا المزيد: 2843 كلمة
عرض أقل
5‏ حقائق عن التعاون بين الأردن وإسرائيل (AFP)
5‏ حقائق عن التعاون بين الأردن وإسرائيل (AFP)

5‏ حقائق عن التعاون بين الأردن وإسرائيل

صحيح أن الطيّار الأردنيّ الذي زار إسرائيل قال: "التحقتُ بالجيش لمحاربة إسرائيل لا لزيارتها"، ولكن لن يُغيّر طيّار واحد حقيقة أن جذور التعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية وبين إسرائيل أعمق من جذور النزاع

حتى هذا الأسبوع، لم يعرف أي شخص عن مجدي الصمادي وعن أهميته، ولكن يتحوّل الأشخاص أحيانا من كونهم مجهولي الهوية إطلاقا ليصبحوا “أبطال الساعة” وهذا ما حدث  للصمادي حين رفض زيارة إسرائيل في إطار التعاون الأمني بين البلدين. ولكن لن يُغيّر رفض طيّار واحد حقيقة المصالح الأمنية المشتركة بين إسرائيل والأردن والتي تفوق تصرف طيّار أي كان. نعرض عليكم خمس حقائق ربما لم تعرفوها عن التعاون بين إسرائيل والأردن.

  1. لقد سبقت المصالح المشتركة بين إسرائيل وبين الأردن اتفاق السلام كثيرا والذي وُقّع بين البلدين عام 1994. ففي الواقع، كانت بدايتها قبل عام 1948. وفي عام 1919، وقّع زعيم الحركة الصهيونية، حاييم وايزمان، والأمير فيصل، شقيق الملك عبد الله، ملك المملكة الهاشمية، على اتفاق تعاون بين الصهيونية وبين العرب في الشرق الأوسط. عام 1947، التقى الملك عبد الله ذاته مرتين، بغولدا مئير. وأما الملك حسين فقد التقى بزعماء إسرائيليين كثيرا، وهناك تعاون هادئ حتى أثناء سنوات العداء.
  2. تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، قبل نحو سنة في احتفال لذكرى 20 عاما على توقيع اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل، وتطرق إلى العلاقات الوطيدة بين البلدين وكأنها “حلف سري”، وهذا وفق تقرير الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان. يعتقد ميلمان أن التعاون بين البلدين يظهر أولا في حقيقة أن هناك أعداء لكلا البلدين: المسلحين الفلسطينيين، والعناصر الجهادية المتطرفة. خلال عشرات السنوات، نظرت إسرائيل إلى الأردن نظرة حاجز بينها وبين جيش صدام حسين، ولكن اليوم أصبح الأردن حاجزا بين إسرائيل وبين تهديد داعش والقاعدة.
  3. لقد عمل الملك حسين بحكمة عندما رفض رفضا تاما المشاركة في الهجوم المصري والسوري على إسرائيل في شهر تشرين الأول عام 1973. إضافة إلى ذلك، فقبل نحو أسبوعين من اندلاع المعارك، في 25 أيلول عام 1973، وصل الملك حسين إلى تل أبيب وقال لرئيسة الحكومة، غولدا مئير، إن مصر وسوريا تخططان للهجوم.
  4. لأسباب واضحة، لم يفتخر الأردن علنا أبدا بتلك المصالح المشتركة بينه وبين إسرائيل ولكن لم ينكرها غالبا. في عام ‏2005‏ صرح رئيس الحكومة فيصل الفايز أمام البرلمان الأردني قائلا: “إنني مستعد للتعامل مع الشيطان وليس مع إسرائيل فقط إذا كان في ذلك مصلحة الأردن”.
  5. واليوم أيضا، تؤمن جهات أمنية إسرائيلية بالتعاون مع جهات أمنية أردنية. وقبل بضع سنوات، عندما أطلقت قنبلة صاروخية من سيناء وأصابت منطقة العقبة، قال ضابط إسرائيلي كبير: “إن التعاون الأمني بين إسرائيل والأردن هو مثمر ورائع. ليس لديّ شك أنه خلال وقت قصير ستضح الحقائق”.
اقرأوا المزيد: 363 كلمة
عرض أقل
الجيش الإسرائيلي يُودّع طائرة السكاي هوك (IDF)
الجيش الإسرائيلي يُودّع طائرة السكاي هوك (IDF)

الجيش الإسرائيلي يُودّع طائرة السكاي هوك

الجيش الإسرائيلي يعلن أن طائرة السكاي هوك الملقبة بـ "النسر"، والتي كانت معروفة جيدا لدى جيشي مصر وسوريا بسبب الأضرار الجسيمة التي ألحقتها بهما، تنهي خدمتها الفعلية

ودع الجيش الإسرائيلي اليوم نهائيًّا طائرات السكاي هوك الملقبة بـ  “النسر”، وذلك بعد 50 سنة تقريبا من الخدمة. وقد أقيمت بمناسبة الوداع مراسيم تمت بحضور قائد سلاح الجو، اللواء أمير إشل، وآخرين ذوي رتب عالية في سلاح الجو.

وقال قائد سلاح الجو، إشل: “سجل مقاتلو “النسر” فصولا فاخرة في تاريخ الحرب الجوية. وقد كان العديد من إنجازات سلاح الجو نتيجة الدمج بين الطائرة الصغيرة وعظمة طياريها”، وأضاف أيضا، “هذه هي نهاية فصل كان مثالا ورمزا للمهنية، الإصرار والإخلاص، ومصدر قوة سلاح الجو بأكمله”.

قائد سلاح الجو ايشل في طائرة السكاي هوك (IDF)
قائد سلاح الجو ايشل في طائرة السكاي هوك (IDF)

وصلت طائرات السكاي هوك الأولى إلى سلاح الجو في نهاية سنة 1967 وكانت أول الطائرات الحربية التي بيعت لإسرائيل من الولايات المتحدة. تم تطوير نوع خاص من هذه الطائرات لصالح الجيش الإسرائيلي وقد استُخدمت كطائرة الهجوم الأساسية للجيش في حرب الاستنزاف، وأيضا في حرب تشرين عام 1973.

تكبدت طائرات السكاي هوك العديد من الخسائر الجسيمة من جيشي مصر وسوريا واللذين أسقطا 53 طائرة منها، وقتلا وأسرا عشرات الطيارين الإسرائيليين. شاركت هذه الطائرات فيما بعد أيضا في حرب لبنان ومعارك أخرى ضد حزب الله اللبناني.

لقد استُخدمت طائرة السكاي هوك خلال أيامها الأخيرة في الجيش الإسرائيلي بشكل أساسي لإلقاء المنشورات في سماء قطاع غزة. هكذا كان في المعارك الكبيرة الثلاث التي جرت في غزة في السنوات الأخيرة، ولا سيما، في عملية  “الجرف الصامد” في صيف سنة 2014. وفي الأوقات التي لم تكن أوقات الطوارئ استخدمت مجموعة الطائرات لتدريب طياري الحرب.

الجيش الإسرائيلي يُودّع طائرة السكاي هوك (IDF)
الجيش الإسرائيلي يُودّع طائرة السكاي هوك (IDF)

 

اقرأوا المزيد: 218 كلمة
عرض أقل
للواء ارييل شارون مع موشيه دايان عام 1973 (AFP)
للواء ارييل شارون مع موشيه دايان عام 1973 (AFP)

إسرائيل لم تنسَ تشرين عام 1973 وأرئيل شارون

كما في كلّ عام، يُعتبر عيدُ الغفران اليهوديّ فُرصة للإسرائيليّين لتذكُّرِ الحرب وكشفِ تفاصيلَ جديدة من الأرشيف. هل كان أرئيل شارون بطلَ الحرب، أم عاصيا للأوامر الموجّهة له؟

تُشير الصحف الإسرائيليّة في كل عام، إبان عيد الغفران اليهوديّ، إلى تلك الحرب؛ حرب تشرين الأول سنة 1973 التي اندلعت يومَ العيد، في هجمة مُباغِتة ومُقَّررة من قبل الجيشين المصري والسوري. ينشر كلَّ عام أرشيف الجيش الإسرائيليّ إفصاحاتٍ جديدة حُظِرَ نشرها فيما سبق.

نشرَ الأرشيف هذا العام رسائلَ الجنرال شموئيل غونين، الذي لُقّبَ بلقب “جوروديش”، والذي اعتُبِرَ البطلَ المأساويّ للحرب. كان جوروديش قائدَ لواء الجنوب، وقائدَ الجبهة المصرية. حوّل فشلُ صدّ الهجمة المصرية في السادس من تشرين الأول عام 1973، إلى جانب الحقيقة بأنّ شارون قد قادَ القوّات التي عبرت قناة السويس المصريّة واحتلت مساحات غربَا لها، غونينَ إلى رمز للفشل الإسرائيليّ، وشارونَ إلى رمز للانتعاش والتعافي الإسرائيليّ.

الجنرال شموئيل غونين (شمال) في أيام حرب 1973 (AFP)
الجنرال شموئيل غونين (شمال) في أيام حرب 1973 (AFP)

كُشف في رسالة من غونين إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ دافيد إلعازار، والتي سُمح بنشرها في الأمس، بأنّ غونين قد طالب بالتحقيق مع أرئيل شارون كونه عصى الأوامر الموجّهة له. أشارَ غونين إلى أنّه قد طلبَ مرّتين وقتَ الحرب إقالةَ الجنرال شارون. وفقا لكلامه، فإنّ تجاوز شارون صلاحياته كانَ خرقا للانضباط ولقيم الجيش.

فصّلَ غونين كيفَ عصى شارون الأوامر الصادرة له حول مكان تسديد الهجوم، المناطق التي يجب الانسحاب منها والقوات التي يجب تعزيزها. وفي مرحلة مُعيّنة أبلغَ شارونُ غونينَ بأنّ المهمة العسكرية المفروضة عليه قد أُتِمّت، في حين لم يبدأ بتنفيذها حتّى على أرض الواقع. وفي حالة أخرى، يَذكرُ غونين كيف أمرَ شارون بوقف الهجوم، أما شارون فكذب عليه واسترسل بشنّ الهجمات. في الواقع، يدّعي غونين بأنّ شارون قد تصرّف كما طابَ له، دونَ تولي أية مسؤولية.

قيل في الرسالة التي وُجّهت لرئيس الأركان إلعازار: “التفاصيل التي ذُكرت فيما سبق ما هيّ إلا حلقات في سلسلة طويلة من خرق الأوامر والانضباط من قِبل اللواء شارون، الأمر الذي ألحق الضرر بالمعنويات دونَ أدنى شك”.

ومع ذلك، تُناقض هذه الأمور تصوّرات الجمهور لشارون الذي اعتُبر بطلَ حرب، والشخصَ الذي أنقذ الجيش الإسرائيليّ. أشارَ كل واحد من رؤساء الدولة، في المدائح وقتَ وفاة شارون في كانون الثاني عام 2014، إلى دور شارون الحاسم والمصيريّ في المعارك.

اقرأوا المزيد: 307 كلمة
عرض أقل
(MOHAMMED ABED / AFP)
(MOHAMMED ABED / AFP)

الأمم المتحدة لن تكون مفتاح الفرج للفلسطينيين

كان يُفترض بالقرارات 194، 242 و 338، أن تدفع بالقضية الفلسطينية نحو التسوية، لكن ذلك لم يحصل. يُعلمنا التاريخ أن محاولة اعتماد الفلسطينيين على الأمم المتحدة هي خطأ

لقد فاجأت خيبة الأمل التي أصابت السلطة الوطنيّة الفلسطينية من مجلس الأمن كثيرين ظنوا أن محاولة إحراز الأغلبية لصالح الاستقلال الفلسطيني ستنجح.

من المفهوم أن القرار لم يكن لينجح بأي حال بسبب استخدام أمريكا حق النقض، لكن يبدو أنه ما للفلسطينيين من سبب يدعوهم ليدركوا أن الفشل الدبلوماسي كارثة. كما أن نجاح الفلسطينيين سابقا في الأمم المتحدة لم يحرز أي إنجاز يُذكر يمكن له أن يقدم استقلالهم، حتى وإن كانت الأمم المتحدة قد تبنت القرار،  فإن الدفعُ بهدفهم قدُما لم يكن مؤكدا.

فيما يبدو، اتخذ مجلس الأمن منذ بداية طريقه تقريبا سلسلة قرارات كان ينبغي لها أن تُحسّن حال الفلسطينيين، لكنها حقيقةً لم تثمر أي نتيجة فعلية.

في كانون الأول، اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 194 التاريخيّ، الذي كان المحاولة الأولى لحل النزاع الإسرائيلي العربي بعد حرب استقلال إسرائيل. الأصل في نشر قرار 194 كان بفضل البند 11، المتعلق بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي وُجدت خلال الحرب، وهي معضلة تحوّلت مع مرور السنين إلى الدعوى المركزية للفلسطينيين في نضالهم ضد إسرائيل. أما قيمةُ القرار، تفسيره والدلالات المترتبة عليه فقد بقيت محل خلاف ونظر.

يقضي نص القرار بأنه “يسمح للاجئين الذين يريدون العودة إلى منازلهم والحياة بسلام مع جيرانهم بأن يعودوا في أقرب فرصة عملية ممكنة. لأولئك الذين يفضلون أن لا يفعلوا، ستُدفع لهم مقابل أملاكهم تعويضات حسب معايير القضاء الدولية”.

ادعت جهات عربية أن هذا القرار يقضي بأن للفلسطينيين الحق في تطبيق حقّ العودة. أما إسرائيل، المعارضة البتّةَ لعودة اللاجئين وأعقابهم، فتدعي أنه وحتى اليوم بما أن الحديث لا يدور عن لاجئين معنيين “بالعيش بسلام مع جيرانهم” الإسرائيليين، فينبغي حل هذه المشكلة بدفع التعويضات.

سواء أكان هذا أم ذاك، حتى اليوم لم يفضِ القرار 194 إلى أي تقدم أيّا يكنْ في وضع اللاجئين. كذلك فشلت بنود القرار الأخرى التي انهمكت في إقامة لجنة مصالحة بين إسرائيل والدول العربية، لأن الدول العربية أصرّت على رفض الاعتراف بإسرائيل والتصالح معها.

طفل فلسطيني أمام مقر الأونروا في قطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)
طفل فلسطيني أمام مقر الأونروا في قطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)

بعد 19 عاما ، في أعقاب حرب 1967 تلقى مجلس الأمن القرار الأهم فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي العربي، وهو القرار 242. دعا القرار، الذي اتُخذ بهدف إحلال “السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط”، إلى إنهاء القتال، إيجاد حل لمشكلة اللاجئين، الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة في الضفة، قطاع غزة، سيناء والجولان، وإلى تأمين سلامتها الحدودية واستقلالها السياسي مثلها مثل باقي دول المنطقة.

لكل جانب كانت نقاطه القوية والضعيفة في أعقاب هذا القرار. لقد رحب الجانب العربي بطلب الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي احتلتها، ويستعمله لحد اليوم، لكن لم يكن مستعدا للموافقة موافقة كاملة على “تأمين السلامة الحدودية لإسرائيل”، التي كانت الدول العربية تطمح للقضاء عليها. لقد سُرَّت إسرائيل بعد الاعتراف بكامل الدولة الجغرافي، لكنها لم ترد الانسحاب من المناطق التي احتلتها.

مع ذلك، أظهرت مصر، الأردن وإسرائيل موافقتها الفورية تقريبا على المبادرة. أبدت سوريا موافقتها أيضا في فترة حكم حافظ الأسد. لقد تحفظت فتح من القرار الذي لم يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، لكنها  بعد ذلك وافقت عليه.

تدعي إسرائيل إلى اليوم أن القرار يتحدث عن الانسحاب من قسم من المناطق التي احتلتها، وليس عن كلها. كان هذا القرار أصل المباحثات التي أدّت لانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء وتوقيع معاهدة السلام بينها وبين مصر. لكن رغم تنازل إسرائيل عن مطالبها الحدودية في الضفة الغربية، لم ينجح الفلسطينيون في استغلال القرار كأصل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

مناحم بيجن وانور السادات (GPO)
مناحم بيجن وانور السادات (GPO)

خلال حرب 1973 أصدر مجلس الأمن قرارين آخرَيْن: 338 و 339 واللذان طالبا بوقف إطلاق النار الفوري بين إسرائيل ومصر وتطبيق القرار 242 نهائيا. رغم القرار 338، استمر الإسرائيليون والمصريون بالقتال حتى بعد صدوره، مما اضطُرّ المجلس لاتخاذ قرار آخر. لكنّ هذه القراراتِ كلَّها لم تؤدِّ إلى إنهاء القتال بين مصر وإسرائيل وطبعا لم تُحسّن من وضع الفلسطينيين.

اقرأوا المزيد: 558 كلمة
عرض أقل
سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)
سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)

السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة يتهم العالم: “أنتم منافقون”

رون بروسور يتحدث بلهجة لاذعة في نقاش لذكرى برنامج تقسيم أرض إسرائيل موجهًا جُل غضبه نحو الاتحاد الأوروبي "العالم يمنح شرعية لمن يطلب إبادتنا، وأنتم لم تقفوا إلى جانبنا أبدًا"

تلفظات لاذعة ضدّ إسرائيل في الاجتماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة وردود فعل غاضبة من قبل سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، رون بروسور. في النقاش السنوي لذكرى تاريخ قرار الأمم المتحدة منذ عام 1947 (29 تشرين الثاني) لتقسيم أرض إسرائيل (فلسطين) لدولتين، خطب السفير بروسور خطابًا “أتهم”.‏ النقاش الذي تم إجراؤه قبل موعده بعدة أيام، تمت المصادقة فيه على عدد من القرارات الموالية لفلسطين، وكانت الخطابات لاذعة بشكل خاص إثر التوتر في القدس والضفة الغربية، وغياب عملية السلام في المنظور القريب.

“أتهمكم بالتملق”، استهل بروسور. أتهمكم بأنكم تتطلبون من إسرائيل أن تستوفي معايير غير التي تعمل بموجبها أية دولة أخرى. أتهمكم بضريبة كلامية على دعم إسرائيل بحقها بالحفاظ على نفسها، ولكن عمليًّا تتجاهلون ذلك إطلاقًا. أنتم تمنحون شرعية لمن يطلب إبادتنا. تعالوا لنعترف بالحقيقة – لم يتطرق النزاع أبدًا إلى إقامة دولة فلسطينية. تطرق دائمًا بمنح شرعية بوجود دولة يهودية”.

يُسمِع سنويًّا الاتحاد الأوروبي موقفًا موحدًا حول النزاع، ولكن هذه المرة قررت السويد إرسال نائبة وزيرة الخارجية للنقاش – بعد وقت قصير من إعلانها عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. هاجم بروسور النائبة بحدة وكذلك سائر دول الاتحاد: “أنتم دول أوروبا، لم تقفوا إلى جانبنا أبدًا. نحن لسنا متفاجئين لأنكم لا تقفوا إلى جانبنا هذه المرة أيضًا. هناك دول واحدة تدعمنا دائمًا، وهي الولايات المتحدة. لقد فشلتم في سنوات الأربعينيات، وكذلك عندما صمدت إسرائيل لوحدها في المعركة عام 1973، وأنتم تفشلون اليوم في المساعدة للحفاظ على أمن إسرائيل أيضًا. يمنح كل برلمان أوروبي يعترف بالدولة الفلسطينية للفلسطينيين جائزة على شكل دولة، ويدير ظهره للسلام”.

“من بين 193 علمًا في الأمم المتحدة، ستجدون علمًا واحدًا فقط يحمل نجمة داود. هناك دولة واحدة فقط صغيرة وتابعة للشعب اليهودي، ولكن هناك العديد من الدول التي تعتقد أن الحديث يدور عن علم واحد أكثر مما ينبغي. لا يُدار هذا النقاش من أجل السلام أو الشعب الفلسطيني؛ وهدفه واحد – منح منصة للنضال ضد إسرائيل”، أضاف السفير.‏

وفي وقت باكر، قال سكرتير الأمم المتحدة، بان كي مون، إن فشل المجتمع الدولي في دفع حل سياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني قدُمًا يجعل حكومات وبرلمانات تعمل بنفسها للاعتراف بالدولة الفلسطينية. حسب تعبيره، قد تزداد هذه الموجة. قال الرئيس الفلسطيني، أبو مازن، في بيان تمت قرأته إنه “يُثني على أن التغييرات في الرأي العام في الغرب وصلت إلى مستويات سياسية”. كما وأشار إلى اعتراف السويد ودعم برلمان بريطانيا، إيرلندا، إسبانيا، وكذلك التصويت المرتقب في فرنسا ودول أوروبية أخرى.

اقرأوا المزيد: 373 كلمة
عرض أقل

مبادرة إسرائيلية جديدة: يوم السلام

بينما لا يزال الإسرائيليون والفلسطينيون يعانون من صدمة الحرب الأخيرة في غزة، بدأت تظهر دلالات الانتفاضة الثالثة في القدس، وبينما لا أحد، تقريبًا، يكلّف نفسه عناء التحدث عن الذكرى السنوية الـ 20 لمعاهدة السلام التاريخية الموقعة بين الأردن وإسرائيل، يُسمع في إسرائيل صوتٌ مختلفٌ، لا يزال خافتًا مؤقتًا، يحاول، رغم كل شيء، التحدث عن الأمل

تعرفوا على داليا شاحم (35 عامًا)، محامية وأم شابة، تحاول أن تحتفي بـ “يوم السلام” – يوم واحد في العام مخصص لفكرة السلام والتصالح بين الشعوب. حتى أن شاحم قامت بتسجيل واحدة من الأغاني المشهورة باللغة العبرية “يا الله، يا الله” بتوزيع عربي. انتشرت مبادرتها حاليًا على الفيس بوك وفي مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن كثيرين أبدوا اهتمامهم بالمشروع.

ذكرت شاحم في حديث لها لموقع المصدر عن مصدر المشروع، الذي سيعتبره كثيرون في إسرائيل مشروعًا ساذجًا.

قالت شاحم: “خطرت لي فكرة الاحتفاء بيوم السلام خلال فصل الصيف، وقت الحرب على غزة، جنوب إسرائيل”. “كان من الواضح أن عنف الحرب أدى إلى يقظة لدى الكثير من الأشخاص، الذين ليسوا بالضرورة نشطاء سياسيين، ولكنهم سئموا من دائرة التحريض، الجهل والقمع المتناهية تلك. خطر لي بأنه لخسارة كبيرة أن نتذكر الحديث عن السلام وأن نطالب بالسلام بينما صوت المدافع يدوي. نتعامل مع السلام بالأوقات الأخرى كأمر مفهوم ضمنًا ونتوقع أن يهتم به شخص آخر بدلاً منا. هذا شبيه جدًا بتعاملنا مع كوكب الأرض والموارد الطبيعية – نتذكر بأنه علينا أن نحافظ عليها فقط عندما تقل تلك الموارد أو عند انتشار التلوث”.

“فكرة تكريس يوم للسلام هي ليست فكرة ابتكرتها أنا – هنالك يوم للسلام العالمي والذي جاء أيضًا نتيجة مبادرة شخصية وتحول إلى تنظيم وحركة عالمية (International Peace Day, 21/9). ولكن، هذه أول مبادرة من نوعها في نطاقنا المحلي، على ما أعتقد. لذا كان من الهام بالنسبة لي أن أختار تاريخًا تكون له أهمية محلية – 20 عامًا على توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن. اكتشفت أيضًا لاحقًا أن تاريخ الـ 26 من تشرين الأول هو التاريخ الذي انتهت فيه حرب تشرين”.

إيتسحاق رابين، العاهل الأردني الملك حسين والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في حفل توقيع اتفاقيات السلام (Nati ShohatFlash90)
إيتسحاق رابين، العاهل الأردني الملك حسين والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في حفل توقيع اتفاقيات السلام (Nati ShohatFlash90)

المئات انضموا

فكرة المشروع ليست فكرة منظمة ما أو حزب سياسي بل تأتي من الأسفل: “ربما أنشأت وحدي صفحة الفيس بوك، بعد أن استشرت عددًا من الأصدقاء المقربين، ولكن بعد أيام من إطلاق الصفحة انضم إليها مئات الأشخاص، وبعضهم حتى وجدوا طرقًا لجعل يوم السلام هذا خاصًا بهم – بدأوا بكتابة مقالات، تنظيم لقاءات صغيرة، اقتراح طرق خاصة للاحتفاء بهذا اليوم. أنا واثقة من أننا قبل الذكرى القادمة ليوم السلام سنكون قد أصبحنا مجموعة كبيرة، متنوعة وأكثر تنظيمًا وسيتم الاحتفاء بيوم السلام على نطاق أوسع”.

سؤال: أليس التوقيت غريبًا بعض الشيء بعد أشهر من الحرب في غزة، وفي حين تظهر دلالات انتفاضة جديدة في القدس؟

واحدة من مشاكلنا الكبيرة، برأيي، في إسرائيل، في فلسطين وفي المنطقة بأكملها هي أنه دائمًا يبدو أن الوقت الآن ليس هو الوقت الملائم للسلام. إما أن نكون في ذروة موجات عنف أو بين تلك الموجات. ينبع هذا أيضًا من الفهم الخاطئ بأن السلام هو غياب الحرب، وبأننا نستطيع التحدث عن السلام فقط حين لا تكون هناك حرب. ولكن هذه فكرة تخلد ذاتها: إن انتظرنا انتهاء الحرب لنتمكن من التحدث عن المستقبل الذي نريد العيش فيه سنبقى عالقين في هذا الواقع الذي لا يُطاق لفترة طويلة بعد. لأنه ما من وقت جيد للتحدث عن السلام، أصبحنا لا نعرف ما هي ماهية السلام، ما عاد بإمكاننا أن نتخيل حياةً يعم فيها السلام.

داليا شاحم "إن انتظرنا انتهاء الحرب لنتمكن من التحدث عن المستقبل الذي نريد العيش فيه سنبقى عالقين في هذا الواقع الذي لا يُطاق لفترة طويلة بعد."
داليا شاحم “إن انتظرنا انتهاء الحرب لنتمكن من التحدث عن المستقبل الذي نريد العيش فيه سنبقى عالقين في هذا الواقع الذي لا يُطاق لفترة طويلة بعد.”

ولكن الحقيقة هي أنه إلى جانب الحرب، وكل تلك الصعوبات وذلك الموت، دائمًا هناك سلام، وتعاون، وحياة. يقوم الكثير من الأشخاص، من كل المنطقة، دائمًا بفعل أشياء، لا تدفع فقط نحو تحقيق السلام مستقبلاً بل أمور تخلقه في الحاضر، بحيث يقومون ببناء جسور اجتماعية، ثقافية، تجارية، مهنية – علاقات بين الأشخاص، علاقات تتجاوز حدود الأديان والعقائد. علينا التوقف للحظة لتأمل تلك الجسور والاعتراف بها، لكي نكتسب الدعم منها، ولنعرف كيف نحافظ عليها وكيف نطورها.

سؤال: يبدو أنه، منذ التسعينات، لا يستخدم الإسرائيليون والفلسطينيون ، بمن فيهم أولئك الذين يدعمون التسوية، كلمة سلامكثيرًا، فلماذا من المهم بالنسبة لك أن تغيري ذلك وألم يكن من الأفضل استخدام مصطلح عملي أكثر؟

تحوّلت كلمة سلام بالفعل إلى كلمة فظة – من المحرج قولها. تمامًا كما تحوّل مصطلح “رقيق القلب” في المجتمع الإسرائيلي إلى مصطلح مخجل، والادعاء الرئيسي الذي يوجهه اليمين ضد اليسار اليهودي هو أننا “ساذجين” إن كنا نعتقد بأنه يمكننا الوثوق بالعرب. تحوّلنا جميعًا إلى أشخاص ساخرين وقساة القلب وغير مكترثين – وهذا ليس في صالحنا. حين أقول “نحن” أقصد بهذا كل الأشخاص الذين يعتقدون أنه يجب أن يكون ويمكن أن يكون هنا الوضع هنا أفضل، نحن الذين لسنا مستعدين لتقبل الوضع الذي فيه مواردنا في المنطقة يتم حرقها بسبب حرب الحدود ولم يتبق مال ولا وقت للتعليم، للثقافة، للازدهار. هؤلاء ما أقصدهم بقولي “نحن” – المحبون للسلام. وإن حاولنا فقط التحدث بالمصطلحات البراغماتية والقتالية الموجودة لدى الجانب الآخر، ذلك الجانب الذي يؤمن بالتقسيم، بالترويع ، وبقوة السلاح، لن ننجح أبدًا. هناك مكان للنقاشات البراغماتية ومناهضة الاحتلال والقمع، ولكن ليس هناك تناقض بين هذا وبين الحاجة للتحدث عن السلام. إن أردنا مستقبلاً آخر علينا أن نسميه باسمه – مستقبل السلام: أن نعيد لهذه الكلمة معناها ومكانتها.

حمامة بيضاء (Thinkstock)
حمامة بيضاء (Thinkstock)

وها هنا فكرة أُخرى: بالعبرية والعربية كلمة “سلام” هي كلمة نلقيها كتحية على كل من نصادفه في طريقنا. الصلاة من أجل السلام واردة في كل نصوص الصلوات اليهودية وكلمة سلام مشتقة أيضًا من جذر كلمة “إسلام”. السلام مزروع عميقًا في جذور اللغتين اللتين ننطق بهما. لماذا عسانا نخجل من هذه الكلمة؟ لماذا عسانا نخفيها؟

سؤال: ما هي الأهمية الرمزية لهذه الأغنية تحديدًا ولماذا كان من المهم بالنسبة لك تسجيلها بالعربية؟

أغنية “يا الله، يا الله” المعروفة أيضًا باسم “مشوار إلى قيساريا” كتبتها حانا سينش، شابة يهودية وُلدت في هنغاريا، وهربت من أوروبا، من هول النازيين، إلى فلسطين الانتدابية. تطوعت في سلاح المظليين في الجيش البريطاني وتم القبض عليها خلال تنفيذها لإحدى العمليات وتم إعدامها قبل أيام من انتهاء الحرب. كتبت الأغنية وهي على شاطئ البحر المتوسط بعد أن وصلت إلى البلاد أنباء المجازر المريعة التي تحدث في أوروبا.

تعرف غالبية الإسرائيليين هذه الأغنية على أنها أغنية ذكرى لأرواح ضحايا الهولوكوست، ولكنني دائمًا ما كنت أتواصل مع كلمات التفاؤل التي فيها وفكرت بها على أنها أغنية صلاة، وحانا سينش بالنسبة لي هي مناضلة من أجل الحرية أكثر من كونها ضحية حرب.

فكرة ترجمة الأغنية للعربية كانت فكرة أمي – فيرا – التي وُلدت في العراق، وعادت مؤخرًا لتعلم لغتها الأم واختارت أن تترجم هذه الأغنية، التي تحبها جدًا ، للعربية والتي تغنيها دائمًا وهي ذاهبة إلى البحر (3 مرات في الأسبوع على الأقل). شعرت بانسجام مع هذه الفكرة وتحديدًا خلال الصيف الأخير، حين كنت مع ابني الصغير على شاطئ البحر. فكرت بأولئك الأمهات في غزة اللواتي لا يمكنهن الذهاب مع أبنائهن إلى البحر، إلى شواطئ البحر هناك، الشواطئ الخالية من الناس حيث الأمواج تروح وتجيء على صدى دوي مدافع لا ينتهي. وفكرت أيضًا كما أن هذا البحر وهذه السماء مشتركة بيننا جميعنا، هكذا أيضًا الصلاة حيث نتمكن من تربية أولادنا بأمان، بهدوء، بأمل وحب – هي أيضًا صلاة مشتركة. هذا ما جاءت ترجمة الأغنية لتعبّر عنه.

اقرأوا المزيد: 1037 كلمة
عرض أقل
حرب أكتوبر 1973 (GPO)
حرب أكتوبر 1973 (GPO)

“أنذرْنا، وشعبة الاستخبارات لم تستجب”

سمحت المنظومة الأمنية الإسرائيلية بنشر شهادات من اللجنة الإسرائيلية التي حققت في حرب أكتوبر 1973

05 أكتوبر 2014 | 16:12

41 سنة منذ حرب تشرين 1973 (حرب أكتوبر)، سمح أرشيف الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية الإسرائيلية بنشر شهادات لضباط أمام لجنة أغرنات، وهي لجنة التحقيق الحكومية التي أقيمت في إسرائيل مع انتهاء الحرب بهدف فحص الفشل في تحضيرات الجيش الإسرائيلي للحرب والمعلومات التي حصل عليها قبل أيام من الحرب.

شهادة العقيد يوئيل بن بورات، قائد وحدة 848 التي عملت على جمع المخابرات بالإشارات (SIGINT)، مثيرة للاهتمام. لقد تطرق بن بورات إلى تحركات الجيوش المصرية والسورية نحو الحدود الإسرائيلية قبل الحرب، ورغم ذلك لم يكن هناك تحذيرًا من وقوع الحرب.

ادعى بن بورات أنه قد قدّر هذه التحركات كتحضير للهجوم، لكن رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية اعتقد أن الأمر مجرد تمرين وليس تحضيرًا للهجوم. وقد جرت مقابلة مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وأبلغه بأن الأمر مجرد تمرين. في الشهادة أمام اللجنة، تحدث بن بورات عن محادثته مع رئيس الاستخبارات قبل الحرب “أنا أقبل التقديرات حول التقصي بخصوص مصر بأن هذا تمرين” قال له بن بورات “لكن بما أنني مسؤول، فأطلب منك السماح بتجنيد 100 حتى 150 جنديًّا احتياطيا، لتحسين الجاهزية وللتأكد أن الأمر حقًا مجرد تمرين”. قوبل طلب بورات بالرفض المطلق.

خلال شهادته، اتهم بن بورات الرتبة غير العالية للمتنصتين الذين يخدمون في الوحدة. “نحن في قمة التناقص في الكيف والكم في عدد الأشخاص الذي يعرفون العربية السليمة”.

لقد شرح بن بورات أنه في سنوات الخمسين كان يصل أناس كثيرون إلى إسرائيل من الدول العربيّة، وكانت لغتهم العربية اللغة الأم. بالمُقابل، في سنوات الـ 70‏ كان الأمر يتعلق بجنود تعلموا العربية في المدرسة، ولم يكن مستواهم عاليًّا.

لقد نبّه إلى أن وزارة التربية يجب أن تهيئ جنودًا أكثر يتكلمون العربية، وتحدث عن برنامج قائم، في إطاره هناك محاولة لأخذ فتيان من عائلات في ضائقة تتحدث العربية، وتجهيزهم للوظيفة حتى قبل تجنيدهم للجيش، وقد “فشلت المحاولة، لأننا حصلنا على أناس عربيتهم جيدة لكن ذكاءهم منخفض، طاعتهم منخفضة وهمتهم منخفضة”.

حتى اليوم، يدور النقاش في إسرائيل، حول المذنب وذلك أن الجيش الإسرائيلي لم يقدّر أن الجيوش العربية تنوي شنّ الحرب. ادعت الرتبة الأرفع أنها لم تحصل على أي تحذير من شعبة الاستخبارات، فيما ادعى سلاح المخابرات أن الاستخبارات التي نقلها قد “علقت” في طريقها للرتب الأرفع مستوى. لقد اعتُبرت الحرب مباغتة لإسرائيل تمامًا، ورغم النصر العسكري فقد أضرت كثيرًا بالمعنويات الإسرائيلية.

اقرأوا المزيد: 350 كلمة
عرض أقل