بعد أيام من كشف صحيفة هآرتس، عن وجود دولة ثالثة سيتم ترحيل الآرتريين المقيمين في إسرائيل إليها، قالت نائبة الكنيست ميخال روزين (ميرتس)، رئيسة لجنة العمال الأجانب، أن خطة وزير الداخلية، جدعون ساعر، ليست واضحة وأنه حتى تطبق دولة إسرائيل القوانين الدولية وتفحص المتسللين أو المهاجرين الـ 55 ألف الذين يعيشون فيها، لا يمكن البدء بعملية منظمة لحل المشكلة.
وزير الداخلية جدعون ساعر، تسلم مهام منصبه قبل نصف عام، عندما كانت قد توقفت موجة طالبي الهجرة القادمين إلى إسرائيل بشكل غير قانوني عبر الحدود الجنوبية. وهو الآن أمام تحد إشكالي، لكنه ليس مستعجلا: كيف يمكن التعامل مع 55 ألف طالب لجوء أو باحثين عن عمل، كانوا قد دخلوا إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة ويبحثون عن مصدر رزقهم. طالبو اللجوء استقروا في الجنوب (من إيلات وحتى المدن الجنوبية) والكثير منهم استقر في منطقة جنوبي تل أبيب، في منطقة المحطة المركزية. ولكن على الرغم من تدخل الجهات العليا المكلفة من قبل رئيس الحكومة، من خلال شخصية حاجي هداس، دولة إسرائيل تجر أرجلها وتفضل تجاهل المشكلة.
صرح ساعر قبل أيام، خلال نقاش في لجنة الداخلية أنه بعد الأعياد مباشرة ستبدأ عملية ترحيل جماعية للسودانيين والآرتريين، بعد أن نجح حاجي هداس بالتوصل إلى اتفاق مع دولة ثالثة، كما سبق وذكر، أوغندا. حسب القوانين، لا يمكن لإسرائيل إعادة السودانيين والآرتريين إلى موطنهم الأصلي، بسبب الخطر الذي قد يلحق بهم هناك.
يشار إلى أنه تم تركيز غالبية المتسللين السودانيين والآرتريين في المناطق الجنوبية في مدينة تل أبيب وأصبح المكان خلال السنوات الأخيرة يشكل خطرا كبيرا على مواطني المنطقة بسبب ارتفاع حالات الإجرام، العنف، الاغتصاب والسرقة.
في حديث لها مع “المصدر” قالت روزين أنه وفق القانون، “كان يتعيّن على الدولة أن تفحص مع كافة الآرتريين والسودانيين – ماذا كان سبب لجوئهم إلى هنا، وكذلك منحهم مطالبة الحصول على مكانة طالب اللجوء. في أنحاء عديدة من العالم يعترفون بهم كلاجئين سياسيين والكثير من الدول أقر أن آريتريا هي مكان خطير، الأمم المتحدة أعلنت أن آريتريا هي بمثابة كارثة إنسانية. لكن إسرائيل لم تعلن ذلك، نظرا لعلاقتها بتلك الدول. لذاك تعاملت مع الآرتريين الموجودين هنا وكأنهم يستحقون حماية جماعية، ولكنها لم تتحقق من أوضاعهم الخاصة. بخصوص السودان، إسرائيل تعتبر السودان دولة عدوة، ولهذا بالنسبة للمتسللين السودانيين، لا يمكن إعادتهم إلى السودان”.
إذا، في حال لم يكن ممكنا إعادتهم إلى السودان، وبخصوص آريتيريا الدولة تتهرب، ما المشكلة بالحل الأوغندي؟
“الوضع مع أوغندا ليس واضحا. أولا، ربما كانت أوغندا وقّعت على المعاهدة الدولية الخاصة باللاجئين، ولكنها لا تحترم بنود المعاهدة وحال الكثير من اللاجئين هناك هو صعب للغاية. هناك أدلى على أن أوغندا قامت بإعادة بعض اللاجئين لديها إلى موطنهم الأصلي. وعدا ذلك، لا نعرف تفاصيل عن الاتفاقية. هل هناك اتفاقية أصلا؟ هذا ليس واضحا”.
لماذا يتم إخفاء وجود مفاوضات مع أوغندا؟ لماذا كل الأمور تدار سريا؟
“أنا أطرح السؤال ذاته. طلبت من حاجي هداس أن أفهم لماذا ذلك سري ولم يرد عليّ. الشائعات تقول أن هناك أسرار لأن هناك صفقات سلاح خلف ذلك. قال لي أنه لا يستطيع أن يحضر اجتماع اللجنة وأن يكشف عن التفاصيل ولهذا توجهت إلى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، برئاسة أفيغدور ليبرمان، بطلب الاجتماع وسماع فيما إذا كانت هناك تفاصيل عن اتفاقات دعم أمني وبيع أسلحة. من الجدير أن تتمكن الكنيست من أداء عملها ومراقبة مثل هذه العمليات. يمكن أيضا الاستماع للتفاصيل استماعا سريا من خلال اللجنة السرية البديلة. ولكنني تلقيت ردا بأنه بسبب الأحداث في سوريا فإن لجنة الخارجية والأمن لن تعقد اجتماعا طارئا بخصوص موضوع الترحيل”.
حسب اعتقادك، ما الذي يجب فعله بخصوص الـ 55 ألف طالب لجوء؟ لماذا لا نصرح بأن مكانهم هنا بدلا من المماطلة من خلال انتهاج طرق ترحيل مختلفة؟
“لا رغبة لدينا بتوطينهم وإبقائهم هنا بالقوة. دولة إسرائيل وضعت نفسها في مكان غير صحيح وغير لائق. الخطأ الذي ارتكبه أولئك هو فقط أنهم طلبوا حياة أفضل لهم. لم يأتوا إلى هنا لإيذائنا أو لإلحاق الضرر بنا، وتنص معاهدة حماية اللاجئين على أنه لدينا واجب تجاه طالبي اللجوء. حاليا الدولة لم تعطهم أي صفة. من جهة، يُمنع تشغيلهم ولهذا تم التوجه إلى المحكمة العليا لهذا الغرض والدولة قررت أنها لن تطبق قرار منع تشغيلهم. قاموا بتوزيع مستند على أرباب العمل مفادها أنهم لن يطبقوا قانون المنع. في الواقع، لدينا هنا 55 ألف شخص وهم فئة مهملة. لا أحد يطلع على أحوالهم، ماذا حدث لهم وما إذا كانوا لاجئين، لأنهم لم يرغبوا بالتورط مع آريتيريا. بالمقابل، لا يقومون باتخاذ أي إجراءات لاستيعابهم وإتاحة الفرصة لهم لكسب رزقهم”.
هل يجب دعم خطوة نقل قسم منهم من منطقة المحطة المركزية وجنوبي تل أبيب؟
“بالتأكيد، لأنه طالما هم هنا وحتى أن تقرر الدولة ماذا ستفعل بشأنهم، قد يستغرق الأمر سنوات. في هذه الفترة، من يدفع الثمن هم سكان جنوب تل أبيب. وأساسا، المستشار القانوني للحكومة، لن يسمح أبدا بترحيل عشرات آلاف الأشخاص من دون أن نفحص مع كل واحد منهم لنعرف إذا كانوا لاجئين أو مجرد مهاجرين باحثين عن عمل. حاليا، قد يستغرق الأمر سنوات، لذلك يجب التأكد من أنه لديهم ظروف حياتية مناسبة وإيجاد حل لسكان الجنوب الذين يعانون من ذلك، لأن أسهل شيء اليوم هو تحريض فئة ضعيفة ضد فئة ضعيفة أخرى”.