جنود انصار الله

جماعات داعش في العراق (AFP)
جماعات داعش في العراق (AFP)

مصادر سلاح حماس وداعش

كيف يصل سلاح حماس إلى غزة؟ على ضوء مخزون السلاح الضخم لحماس في غزة والذي يمكّنها من القتال باستمرار منذ نحو شهر، فقد تحوّل سؤال تهريب السلاح، لدى الجيش الإسرائيلي، إلى سؤال مهمّ

هناك أكثر من 550 مليون قطعة سلاح في أنحاء العالم. أي، سلاح واحد لكل 12 شخص على وجه الأرض. السؤال المطروح هو: كيف يتم نشرها في العالم؟ وفي كلّ ما يتعلق بالمواجهة المستمرّة في منطقتنا بين حماس وإسرائيل، كيف – رغم الحصار لقطاع غزة – تستطيع حماس التسلّح بشكل منظّم إلى حدّ ما ولمدّة طويلة.

يكشف تقرير رائع في موقع newindianexpress عن صناعة تهريب الأسلحة في الشرق الأوسط، وعن تورّط أجهزة الاستخبارات في هذه الصناعة، والحقيقة المحزنة للمصالح الاقتصادية الكامنة وراء الحروب في الفناء الخلفي لإسرائيل.

الإرهاب والسلاح العالمي

Weapon map
Weapon map

بدءًا بالمذبحة في شهر أيار وقتل 317 مواطن في قرية على يد بوكو حرام وصولا إلى قتل 700 شخص في تموز خلال 48 ساعة في سوريا على يد مقاتلي داعش، حملات القتل للتنظيمات الإرهابية جميعها تتغذّى بواسطة السوق السوداء العالمية للتجارة بالأسلحة والتي تُدار على ثلثي مساحة خريطة العالم. التركيبة القاتلة للصراع المتصاعد وتوفّر الأسلحة المتطوّرة على نطاق واسع، جميع ذلك جدّد القلق من أن تُزال مناطق معيّنة في العالم عن وجه الأرض.

هناك أكثر من 550 مليون قطعة سلاح في أنحاء العالم. أي، سلاح واحد لكل 12 شخص على وجه الأرض

في السنة الماضية، وبناء على بيانات تنشرها شركة استشارية بريطانية تُدعى Maplecroft، قُتل نحو 18660 شخصًا بواسطة سلاح غير قانوني تمّ شراؤه عن طريق شبكة سرّية استثنائية لتجّار السلاح، سياسيّين، مجرمين، انتهازيّي الحروب وتجّار المخدّرات في جميع أنحاء العالم. وهو عدد يشير إلى ارتفاع بنسبة 30% مقارنة مع السنوات الخمس الأخيرة.

وفقًا لبيانات الشركة، فقد تمّ تسجيل 9471 هجومًا إرهابيًّا في العالم، والتي تساوي 26 عملية إرهابية في اليوم وأكثر من عملية إرهابية واحدة في الساعة الواحدة. يحرص التجار على تزويد المجموعات الإرهابية في النشاط في جميع أنحاء العالم بقيمة 60 مليار دولار، وهذا وفقًا لدراسة World Policy On Arms.

اللاعبون الرئيسيّون

مقاتل مسلح من كتائب عز الدين القسام (Flash90/Abed Rahim Khatib)
مقاتل مسلح من كتائب عز الدين القسام (Flash90/Abed Rahim Khatib)

فارس مناع (‏Fares Manna‏)، هو تاجر أسلحة يمني له علاقة خاصة بالهجمات العنيفة في نيجيريا، غزة، ليبيريا، السودان، ومؤخرًا سوريا والعراق. يعتبر مناع تاجر سلاح خبير في عالم السوق السوداء، وهو المورد الحصري للتنظيمات الإسلامية في الصومال والتي قتلتْ أكثر من 5,000 إنسان في الصومال وكينيا خلال السنوات الأخيرة.

سجل 9471 هجومًا إرهابيًّا في العالم، والتي تساوي 26 عملية إرهابية في اليوم وأكثر من عملية إرهابية واحدة في الساعة الواحدة

يعمل مناع في هذه المهنة منذ 2003، وهو محبوب من قبل التنظيمات الإرهابية بسبب قسوته والسرّية التي يعمل بها. إنّه معتاد على توفير السلاح لجميع الأطراف.

تشكل القيادة السياسية في اليمن حلفًا لمناع، فهي “مقدّسة” جدّا أو “عميقة” والسلاح الذي يتم شراؤه من قبل وزارة الأمن في اليمن، سيصل في نهاية المطاف إلى كتالوجه خلال أسابيع. يتمتع مناع أيضًا بدعم كبير من قبل زعماء اليمن ذوي النفوذ، ورغم حظر نشاطه، فلا يزال يملك شرعية سياسية في البلاد.

إلى جانب مناع، فإنّ عبد الله بن مالي، (Abdullah bin Maeli) وهو عضو برلمان في اليمن، لاعب رئيسي أيضًا في سوق السلاح، والذي قام بتسليح آلاف الإرهابيين الإسلاميين في المنطقة. عضو برلمان آخر في اليمن، جرمان محمد، (Jarman Mohammed) هو أيضًا ناشط في صناعة تهريب الأسلحة في الشرق الأوسط. بالإضافة إليهم هناك John Bredenkamp الذي وُلد في زيمبابوي، وباع أسلحة للعراق وإيران وهو يواصل العمل في المنطقة. هناك آخرون مثل محمد سعيد (‏Mohammed Said‏)، الاسم المستعار ‎ (Atom) ، والذي يخدم عميلا واحدًا خاصّا فحسب. يعتبر “أتوم” (Atom) المورّد الرئيسي للسلاح والذخيرة لحركة الشباب، وهي جماعة جهادية مقرّها في الصومال.

ذراع السلاح الإيراني: تعرّفوا على الحوثيين (Houthis)

حوثيون (Yemen Fox)
حوثيون (Yemen Fox)

لماذا العلاقة بين مناع وتنظيم الحوثيين (Houthis) مهمّة؟ لأنّهما بالنسبة لإسرائيل ذراع لإيران. يعتبر مناع أحد تجار السلاح الأكبر في منطقتنا، ويتيح الحوثيون (Houthis) بالإضافة إلى حزب الله وحماس لإيران من شحن الأسلحة في كلّ الشرق الأوسط بحسب الطلب.

هناك على أقلّ تقدير 10 أسواق سوداء رئيسية للسلاح في العالم، تشتمل على كلّ من: مقديشو في الصومال، اليمن، بغداد، كركوك والبصرة في العراق، لبنان، ليبيا، باكستان وأفغانستان

الحوثيّون هم تنظيم إسلامي شيعي تابع لإيران ويقوده عبد الملك الحوثي (Malek Al Houthi‏). وهم تنظيم سياسي شرعي يتواجد في اليمن منذ سنوات التسعينات تحت اسم الشباب المؤمن (Al Shabab Al Mu’min) وقد تمّ تغيير اسمه للحوثي عام 2004 بعد اغتيال زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي (Hussein Badr Al Din Al Houthi). والزعيم الحالي، عبد الملك (Malek)، هو أخوه. للتنظيم أيضًا ذراع عسكري اسمه أنصار الله (Ansarallah).

وهو يعمل في الواقع كذراع لإيران في اليمن بشكل شبيه بحماس في غزة وحزب الله في لبنان. وفقًا لتقرير من العام 2009، يوفر حزب الله للتنظيم تدريبًا عسكريًّا بإشراف إيران. ويخدم التنظيم إيران أيضًا في صراعات القوة مع السعودية حول السيطرة على الشرق الأوسط وإفريقيا.

أسواق الموت

السودان تعد احدى الدول المصدرة للأسلحة الغير قانونية (AFP)
السودان تعد احدى الدول المصدرة للأسلحة الغير قانونية (AFP)

هناك على أقلّ تقدير 10 أسواق سوداء رئيسية للسلاح في العالم، تشتمل على كلّ من: مقديشو في الصومال، اليمن، بغداد، كركوك والبصرة في العراق، لبنان، ليبيا، باكستان وأفغانستان. وفقًا لمصادر استخباراتية، تتمّ التجارة بمختلف أنواع الأسلحة في تلك الأسواق، بما في ذلك الصواريخ والمدافع المتوفرة في تلك الأسواق والموصولة بمسار توفير دولي لا ينتهي. يرسل تجار السلاح في الصين، الولايات المتحدة، روسيا، كوريا الشمالية وأوروبا الشرقية شحنات الأسلحة، التي تشتمل على: البنادق، الذخائر والصواريخ، بنطاق يبلغ المليارات كلّ عام لمن يدفع السعر الأعلى في الشرق الأوسط عن طريق مسارات موثوقة وقانونية.

طريقة العمل

معظم السلاح، بما في ذلك الصواريخ والدبابات التي تصل في نهاية المطاف إلى السوق السوداء، يتمّ شراؤها قانونيًّا بواسطة شبكة من تجار السلاح المؤهّلين. وفقًا لتقرير الاستخبارات الأمريكية، فيعمل ما لا يقلّ عن 29 تاجرًا كهؤلاء من اليمن وحدها. إنّهم يشترون السلاح باسم وزارة الدفاع اليمنية ولكن بعد وقت قصير من الشراء، يتم نقل قائمة المشتريات إلى المنطقة الرمادية، حيث إنّه تتيح وجود علاقة بين الزعماء السياسيين، قادة الجيش والوسطاء المشبوهين بأخذ 80% من محتوى تلك الشحنات، وفقط 20% تصل في نهاية المطاف إلى مخزون الجيش الرسمي. في وقت لاحق يتمّ تهريب تلك الأسلحة بواسطة شبكة سرّية من شركات النقل، من بينها صاحب سفينة يمنية اسمه أبو إبراهيم (Abu Ibrahim)، إلى غزة، مصر، العراق، أفغانستان وإفريقيا.

تورّط أجهزة الاستخبارات

إنّ أجهزة الاستخبارات العالمية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (‏CIA‏) أيضًا متورّطة في ذلك، وتغرق أيضًا السوق الرمادية بالسلاح العالمي. وإلا فكيف نفسّر على سبيل المثال وجود 20000 صاروخ من نوع Sam-7 (يصل مداه إلى 3500 متر) بيد التنظيم الإرهابي بوكو حرام؟ وصلت تلك الصواريخ إلى الأيدي الخطأ فورًا بعد هجوم الناتو الذي أسقط طاغية ليبيا، معمّر القذافي.

الحكومة الأمريكية تصدّر ما يقرب من ثلث الأسلحة في العالم

تمّ بيع بعض تلك الصواريخ أيضًا لتنظيم داعش في العراق بسعر 7,000 جنيه مصري للقطعة، ممّا يعني أنّه من أجل إسقاط طائرة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، يستخدم الإرهابيون صواريخ كلّفتهم بضعة آلاف من الدولارات. في الواقع، فقد أكّد المسؤولون الأمنيّون أنّ المسلّحين الإسلاميين استخدموا صاروخًا كهذا تمّ شراؤه من ترسانة القذافي من أجل إسقاط مروحيّة عسكرية في شبه جزيرة سيناء في شهر كانون الثاني هذا العام.

مسار تهريب السلاح

نشطاء من حركة حماس يقومون بإطلاق صواريخ (AFP)
نشطاء من حركة حماس يقومون بإطلاق صواريخ (AFP)

يبدو أنّ أوكرانيا ودول أخرى من الاتّحاد السوفياتي سابقًا هي المصدر الأهمّ للسلاح بالنسبة للجماعات المسلّحة في الشرق الأوسط وإفريقيا. يتمّ توزيع الأسلحة من تلك الدول لتلبية الطلب المتزايد في اليمن والسوق السوداء في سوريا. وقد حدّد تقرير أمريكي سرّي للغاية العديد من المدن على شاطئ اليمن الجنوبي كملاجئ محتملة للتهريب أو كمناطق لمرور الأسلحة غير القانونية.

إلى جانب ذلك، فهناك شبكة من مهرّبي المخدّرات والسلاح في بنغازي، ليبيا، والتي هي مركز تجارة الأسلحة غير القانونية ولها شعبية في تقديم خدمات القيمة المضافة كنقل شحنة لنقطة عبور أكثر أمنًا قرب مصر أو الجزائر مقابل بضعة دولارات إضافية.

والمجموعة واسعة: صواريخ، قذائف، RPG، قنابل يدوية، بنادق كلاشينكوف مصنّعة في كوريا الشمالية وألغام.

دور الولايات المتحدة

ليس سرّا أن الحكومة الأمريكية تصدّر ما يقرب من ثلث الأسلحة في العالم. وفقًا لموقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (‏CIA‏)، فقد وفّرت الإدارة الأمريكية 600 طنّ من الأسلحة من بينها لجهات جهادية إسلامية في سوريا، ما يكفي للحفاظ على مساحة مشتعلة في سوريا لعدّة سنوات. تمّ شراء الأسلحة من تجّار يعملون في أوروبا الشرقية ونُقلت إلى سوريا بواسطة وكالة الاستخبارات الأردنية. في وقت لاحق، وصل جزء كبير من الشحنة إلى ترسانة داعش في العراق.

وفي محاولة لصرف انتباه العالم، اتّهمت الحكومة الأمريكية، روسيا، والصين بتوفير السلاح للجهاديين في الشرق الأوسط. وقد تمّ تجديد هذا الاتهام في الشهر الماضي من خلال توجيه إصبع الاتهام للعلاقة بين المسلّحين الناشطين في أوكرانيا والجيش الروسي، بخصوص إسقاط الطائرة الماليزية بواسطة صواريخ Buk التي تمّ توفيرها من قبل روسيا.

التهريب لغزة وحماس

قوات البحرية تقود السفينة "klos c" في طريقها باتجاه ميناء إيلات (IDF Flickr)
قوات البحرية تقود السفينة “klos c” في طريقها باتجاه ميناء إيلات (IDF Flickr)

في نهاية الأمر، تُعدّ وسائل الإعلام العالمية تقارير حول الهجمات على قوافل ومخازن تنفّذها إسرائيل في الظاهر فوق أرض السودان، سوريا أو لبنان. ليس واضحًا دائمًا ما الذي تمّت مهاجمته وأية أضرار حدثت للمخازن المختلفة أو للقوافل المختلفة لأنّ التنظيمات والحكومات في تلك الدول لا ترغب بتوفير معلومات غير ضرورية للإعلام بخصوص علاقاتها بتهريب الأسلحة غير القانونية. كشفت إسرائيل عن عدد من سفن السلاح التي كانت في طريقها إلى غزة.

وحتى ننعش الذاكرة: في آذار عام 2011 أمسكت قوة من الكوماندوز التابعة للسرية 13 وسرية قوارب الصواريخ التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي بالسفينة Victoria. هرّبت السفينة، التي كانت تقع تحت ملكية ألمانية، وسائل قتالية إيرانية عن طريق سوريا وتركيا وكان هدفها حركة حماس في القطاع. تمّ شحن السفينة بداية في ميناء اللاذقية في سوريا بوسائل قتالية إيرانية ممزوجة بسلع مدنية. ومن هناك خرجت إلى ميناء مرسين في تركيا، ثم كانت في طريقها إلى ميناء العريش في مصر وعليها حاويات تمّ فيها تخبئة نحو 50 طنّا من الوسائل القتالية.

أسلحة تابعة لعناصر حماس في نفق دمرته القوات الإسرائيلية (IDF)
أسلحة تابعة لعناصر حماس في نفق دمرته القوات الإسرائيلية (IDF)

وقد تمّ تنفيذ أحدث نموذج تصدّر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم في الخامس من آذار عام 2014. أمسكت وحدة من الكوماندوز البحري التابع للسرية 13 وقوارب الصواريخ التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي بسفينة الشحن ‏KLOS C، التي حاولت أن تهرّب وسائل قتاليّة من إيران، تم تمرير بعضها جوّا كما يبدو من سوريا، وخُصّصت للتنظيمات الفلسطينية الإرهابية في سيناء أو قطاع غزة.

اقرأوا المزيد: 1492 كلمة
عرض أقل
سلفيون في غزة (SAID KHATIB / AFP)
سلفيون في غزة (SAID KHATIB / AFP)

بعد العراق- غزة؟

لا تستطيع حماس السيطرة على إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، التي تخشى تنفيذ حملة شاملة في قطاع غزة، وقد تؤدي نتائجها الكارثية إلى سقوط حماس وارتفاع شأن السلفية الجهادية في القطاع

إن كانت هناك في الماضي مخاوف في الأنظمة الأمنية الإسرائيلية من تعاظم السلفية الجهادية في المناطق الفلسطينية، وفي غزة تحديدًا، فاليوم لا شك أن المخاوف قد صارت واقعا سيئًا. تعمل التنظيمات السلفية في القطاع ما يحلو لها، ولا تعمل بموجب تعليمات حماس وتواصل إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، رغم أنها بذلك تخرق الهدنة وتشكل خطرًا على القطاع، وعلى رأسه حماس، في حال شن حملة من قبل الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.

من ناحية إسرائيل، الوضع معقد ليس  أقل من وضع حماس. وبما أن حماس لا يمكنها أن تسيطر على مجريات الأمور في القطاع، يستمر إطلاق القذائف نحو إسرائيل بلا هوادة منذ ثلاثة أيام متوالية. من جهة، عدم الرد البارز من إسرائيل، يُفهم على أنه ضعف ويقلل من قدرة الردع. ومن جهة أخرى، قد تؤدي حملة كهذه في قطاع غزة إلى انهيار حماس، وبعد ذلك إلى أسوأ ما يمكن أن يحدث: سيطرة الجهاد العالمي المرتبط بالقاعدة على القطاع وامتداد فرع داعش على بُعد خطوة. إسرائيل عالقة بين مطرقة الصواريخ وسندان الجهاد.

تشييع عنصرين سلفيين في غزة
تشييع عنصرين سلفيين في غزة

لقد كتب بعض المحللين والمختصين الإسرائيليين سابقًا أن امتناع حماس والتنظيمات الأخرى عن عمليات إرهابية في السنة الأخيرة يؤدي إلى فرار النشطاء الذين أحبطوا من هذه التنظيمات إلى تنظيمات من التيارات السلفية الجهادية، التي تدعم أعمال العنف المتواصل. بل وأبدى بعض منها خشيته من أن التنظيمات السلفية الجهادية والجهاد العالمي لهم دور مستقبلي أكثر ثقلا في تنفيذ عمليات إرهابية ضدّ إسرائيل. وهذا بالضبط ما تخشاه إسرائيل.

يتم التصعيد في الضفة والقطاع في الأيام الأخيرة، منذ نشر الخبر عن قتل الفتى العربي محمد أبو خضير، الذي حسب النشرات الأخيرة يبدو أنه قُتل بيد إسرائيليين كانتقام على قتل الفتيان الثلاثة الذين خطفتهم حماس في منطقة الخليل، بتعزيز السلفيين في غزة. هذا المقطع، الذي نُشر في تاريخ 1.07.14 في نفس اليوم الذي وجدت فيه جثة الفتى، يوثق رجالا وشبانًا في غزة يمشون في مسيرة تمجّد أبا بكر البغدادي، قائد داعش، والذي يرى في نفسه الخليفة الجديد للمسلمين:

https://www.youtube.com/watch?v=4mPtGWwXA9M&feature=youtu.be

قبل أسبوع، في آخر شهر حزيران، اغتال الجيش الإسرائيلي في مخيم اللاجئين الشاطئ في قطاع غزة ناشطَين أطلقوا قذائف نحو إسرائيل. بعد موتهما سُمح بالنشر أن كليهما كانا تحت لواء التيار السلفي الجهادي وكانا من مؤيدي التنظيم الإرهابي الدولي، داعش. حسب عدة نشرات، عمل كلاهما في القطاع بإطار منظمة “لجان المقاومة الشعبية”. في جنازة الاثنين، رُفعت الأعلام السوداء التي تُميّز جبهة النصرة وداعش، وحسب وكالة الأنباء “حق” نوى كلاهما السفر إلى سوريا للانضمام للمتمردين المقاتلين هناك.

تعزز شهادات أخرى كثيرة المعلومات أن السلفية الجهادية عمّقت سيطرتها على القطاع، والآن أكثر من أي وقت مضى، تهدد حماس. إذًا، ما هي تلك الجماعات الجهادية، التي ترى في القاعدة تنظيمَ الأم لها، وبأبي بكر البغدادي قائدها؟ خمس مجموعات هي الأبرز:

جيش الإسلام الذي يتزعمه ممتاز دغمش، وكانت أولى عملياته العسكرية المشاركة في عملية خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام ‏2006‏. يقع مركز التنظيم في حي صبرا في مركز مدينة غزة، وينتمي غالبية أعضائه إلى عائلة دغمش القوية والأكثر تسليحًا في قطاع غزة. كانت المجموعة في البادية متقاربة من حماس، لكنها ابتعدت عنها بعد معارضة حماس وفتح لنشاطاتها، ومنذ ذلك الوقت اندلعت خصومات بين التنظيمات. في آب 2008 أحاطت قوات الأمن التابعة لحماس في قطاع غزة مسجد ابن تيْمِية في مدينة رفح، التي ألقى فيها خطبة عبد اللطيف موسى، رئيس الفرقة المنتمية للقاعدة في غزة، والذي أعلن أن غزة إمارة إسلامية مخلصة لابن لادن”. في عام 2011 خطف التنظيم ناشطا إيطاليًّا في حركة التكتل العالمية وطلب أن تحرر حماس أحد قواده الذي اعتقل خلال 30 ساعة، وبسب عدم الاستجابة لمطلب التنظيم أعدم الناشط.

جماعات سلفية في قطاع غزة أثناء وقفة احتجاجية ضد بشار الأسد في سوريا وعبد الفتاح السيسي في مصر (FLASH90)
جماعات سلفية في قطاع غزة أثناء وقفة احتجاجية ضد بشار الأسد في سوريا وعبد الفتاح السيسي في مصر (FLASH90)

إلى جانب “جيش الإسلام الأقدم، بدأ يعمل في القطاع تنظيم يُسمى “فتح الإسلام في أرض الرباط”، المنضوي تحت لواء “فتح الإسلام” في لبنان. كذلك، وضع هذا التنظيم نصب عينيه هدفًا وهو العمل على تنفيذ عمليات تخريبية لأهداف إسرائيلية وغربية.

جيش الجلالات – مجموعة أنشأها متطرفون منشقون عن حماس الذين لم يكونوا راضين عن التيار المركزي في حماس. قاعدة التنظيم في مخيم اللاجئين الشاطئ في غزة. قال قائد التنظيم، أبو بكر الأنصاري، في مقابلة في آذار الأخير، إن فكرة القاعدة والجهاد العالمي انتشرت في القطاع وإن لها الآن الآلاف من الناشطين والمؤيدين. أضاف أيضًا أن تنظيمه المكوّن من ست مجموعات توحدت معًا، ويعد ما يقارب 4,000 محارب في قطاع غزة. تقدّر بعض الجهات في حماس أن هناك عشرات الآلاف فقط في التنظيم، بينما تقدر إسرائيل بأن فيه 1,000 مقاتل.

مجلس شورى المجاهدين تأسس عام ‏2012‏ وهو ائتلاف من عدد من التنظيمات والجماعات السلفية الجهادية في غزة وسيناء، وأقامه الشيخ هشام السعيدني، وهو من أصل فلسطيني وعاش في مصر. لقد أودع في سجن حماس منذ مارس 2011، ثم أطلق سراحه  2012، وبعد شهرين اغتالته طيارة إسرائيلية مع نائبه. خَلَف بعده عبد الله الأشقر. يبدو أن التنظيم مكوّن من عدة تنظيمات سلفية مسلحة وقام عبر السنوات بإطلاق قذائف قصيرة المدى نحو إسرائيل، وكذلك أطلق صواريخ جراد إلى إيلات.

عبد اللطيف موسى وانصار "جنود انصار الله" السلفية في رفح (Flash90)
عبد اللطيف موسى وانصار “جنود انصار الله” السلفية في رفح (Flash90)

جماعة التوحيد والجهاد وتُسمى أيضًا “أنصار بيت المقدس”، لم يعرف تاريخ تأسيسها وتنتهج جميعها أفكار عن تنظيم القاعدة، لكن لم يُعلن يومًا عن انتمائها لهذا التنظيم بشكل رسمي وشاركت جميعها في عمليات إطلاق صواريخ وقذائف هاون ضدّ إسرائيل.

جيش الأمة يُعتقد أن زعيمه هو المتحدث باسمه، أبو حفص، وظهرت أولى بياناته التي أعلن فيها عن إطلاق قذائف هاون على مواقع عسكرية إسرائيلية عام ‏2006‏.

يبدو، حقًا، أن الجيش الإسرائيلي أمام تحد معقد. هل ستؤدي عملية واسعة في غزة إلى سقوط حماس وارتفاع شأن قيادة متطرفة من بين السلفيين الجهاديين؟ وإن حصل ذلك، هل يمكن لإسرائيل أن تصل معهم إلى اتفاق وقف إطلاق النار من أي نوع كان؟ هجوم كهذا على غزة، يمكنه حقًا أن يكلف ثمنًا غاليًّا، لكن بالنسبة إلى نتنياهو، فإن ثمن انتقاد جمهور منتخبيه له على تردده ورضوخه لحماس يمكنه أن يكون صعبًا، ليس بأقل من ذلك.

 

اقرأوا المزيد: 888 كلمة
عرض أقل