ثيودور هرتسل

هرتسل أم غسان.. المهم أن الجميع يضحك

التقليد تفوق على الأصل.. مقاطع الفيديو التي انتشرت لأشخاص يدخلون البث فجأة وينادون "غسان" كلها مبنية على مقطع فيديو لامرأة إسرائيلية قاطعت البث وراحت تنادي "هرتسل"

02 يوليو 2018 | 14:56

الأب الروحي للدولة اليهودية، تيودور هرتسل، الذي حلم بقيام دولة لليهود، لم يحلم أن تقليد لفيديو يحمل اسمه سيحظى بشهرة كبرى في مواقع التواصل العربية: لا يحدث كل يوم أن يتحول مقطع فيديو مضحك لامرأة إسرائيلية إلى مقطع مضحك في العالم العربي، والسبب هذه المرة يعود إلى خطأ. فهناك من سمع أو قرر أن المرأة الإسرائيلية التي قاطعت بثا مباشرا دون علمها وراحت تنادي زوجها “هرتسل”، الاسم “غسان”.

وقصة الفيديو الأصلي تعود إلى عام 2013، حين كان مراسل التلفزيون السويدي ينقل تقريرا عن الانتخابات الإسرائيلية آنذاك، فدخلت الصورة امرأة محتارة وراحت تنادي “هرتسل” قبل أن تنتبه أنها في الصورة وتختفي. ونقل الإعلامي والمصور المادة إلى التلفزيون وتم تخزينه، ومؤخرا تم عرضه في إطار برنامج “هفوات إعلامية” ليحظى بشهرة عالمية.

وبعدها انشر فيديو التقليد بصيغته العربية “غسان” وحقق نجاحا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي العربية. وراح اللبنانيون يطورون المشهد منذ انتشار التقليد الأول، وصار اسم “غسان” يظهر على شاشات التلفزيون، بمقاطع مضحكة، وعلى مواقع التواصل وفي المناسبات، لا تحصى.

وربما التقليد الأنجح كان للمثلتين اللبنانيتين، ماغي أبو غصن وجيسي عبدو، اللتان أعادتا تمثيل المشهد في بيروت، وحققتا نجاحا في مواقع التواصل الاجتماعي. وبعدهما صار نداء “غسان” رائجا.

ونال التقليد لفيديو “هرتسل” إعجاب المواقع الإسرائيلية، فقد كانت معظم التقاليد مضحكة، أما الأمر الذي حيّر الإسرائيليون فكان الاسم الذي ظهر في التقليد، فتساءل بعضهم كيف سمع اللبنانيون اسم “غسان” بدل هرتسل.

لكن هناك من تعامل مع الفيديو المضحك بجدية، ونبّه أن الفيديو الذي صار ظاهرة في لبنان ودول عربية أخرى، مبني على فيديو صوّر في الحائط الغربي في مدينة القدس، وبطله الحقيقي هو “هرتسل”، وهو اسم مؤسس الدولة اليهودية.

وماذا قال هرتسل، الشخصية التي المنادى عليها في الفيديو؟ في مقابلة مع المواقع الإسرائيلية قال إن الفيديو محرج ومخجل وكان يجب ألا يبث أصلا، وتمنى أن يقوم أحد بشطبه من الشبكة. لكن هرتسل حتى لو نجح في إخفاء الفيديو، لن يستطيع إخفاء الصيغة العربية “غسان”، التي دائما ستذكر المشاهدين بالأصل.

اقرأوا المزيد: 300 كلمة
عرض أقل
دافيد بن غوريون (shimoni-illustration.com)
دافيد بن غوريون (shimoni-illustration.com)

كيف كان سيبدو زعماء إسرائيل لو أنهم يعيشون الآن سن الشباب؟

مصمم إسرائيلي "يلبس" شخصيات تاريخية إسرائيلية هامة، بملابس حديثة والنتائج مدهشة

بدأ العمل كنكتة ومن ثم أصبح مبادرة ناجحة أكثر من المتوقع. رسم المصمم الإسرائيلي الشاب، عميت شمعوني، بورتيه لدافيد بن غوريون، رئيس الحكومة الإسرائيلية الأولى، مع نظارات شمس حديثة وشائعة مؤخرا في الموضة في تل أبيب، وكل هذا بهدف التسلية. وضحك من رسمة بن غوريون وهو يرتدي زي شاب وعصري، لدرجة أنه قرر أن يرسم بورتيه لشخصيات تاريخية أخرى، مؤلفا مشروعا يدعى Hipstory.

إسحاق رابين (shimoni-illustration.com)
إسحاق رابين (shimoni-illustration.com)

بعد مرور ثلاث سنوات، في عام 2017، نجح شمعوني في رسم 35 بورتيه لزعماء إسرائيليين وعالميين بأسلوبه المميز. فرسم بورتيه لإسحاق رابين، تيودور هرتسل، أريئيل شارون، غولدا مائير، شمعون بيريس، وللحاخام الإسرائيلي الرئيسي السابق، عوفاديا يوسف أيضا. ولكن بدلا من أن يبيع رسومات البورتيه المسلية بسعر باهظ كما هو معتاد في مجال الفن، طبع شمعوني الرسومات على قمصان، أغطية الهواتف الذكية، وحتى على قواعد الكؤوس، وبدأ ببيعها بسعر رخيص نسبيا.

غولدا مئير (shimoni-illustration.com)
غولدا مئير (shimoni-illustration.com)

حققت تجربة شمعوني نجاحا كبيرا، فلا يهتم الإسرائيليون بعمله الفني فحسب بل المواطنون خارج البلاد أيضا. استعرضت صحف هامة مثل “الجارديان” و “نيو يورك تايمز” المشروع، وبدأ شمعوني بالتوجه إلى جمهور هدف في العالم أيضا. أضاف إلى قائمة رسومات البورتيه شخصيات أيضا مثل أوباما، ترامب، بوتين، كيم جونغ أون، مارتين لوثر كينغ، وتشي جيفارا. وفق أقواله هدفه هو “ابتكار عمل فني متاح أمام الجميع (رخيص)”. مؤخرا، بدأ يطلب رسوماته أشخاص من حول العالم ويبدو أنه نجح في تحقيق حلمه.

تيودور هرتزل (shimoni-illustration.com)
تيودور هرتزل (shimoni-illustration.com)
أرئيل شارون (shimoni-illustration.com)
أرئيل شارون (shimoni-illustration.com)
باراك أوباما (shimoni-illustration.com)
باراك أوباما (shimoni-illustration.com)
فلاديمير بوتين (shimoni-illustration.com)
فلاديمير بوتين (shimoni-illustration.com)
دونالد ترامب (shimoni-illustration.com)
دونالد ترامب (shimoni-illustration.com)
تشي جيفارا (shimoni-illustration.com)
تشي جيفارا (shimoni-illustration.com)
اقرأوا المزيد: 209 كلمة
عرض أقل
ماذا تقصدون عندما تقولون "الصهاينة"؟
ماذا تقصدون عندما تقولون "الصهاينة"؟

ماذا تقصدون عندما تقولون “الصهاينة”؟

سمعتُ الكثير جدا من المرات جملة "نحن نعارض الصهاينة، وليس اليهود". ولكن أكثر من ذلك سمعتُ جملة "يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله"، ومن المُستحسن أن نفحص العلاقة بين الرؤيتين

في كل موجة عنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين تغرق مواقع التواصل الاجتماعي بالكراهية والدعوات للقتل، الطرد والانتقام. وكوني يهوديا إسرائيليا أتحدث العربية، فإنّ الطريق إلى الحوار ستكون أصعب بضعفين في هذه الأوقات. كل تغريدة في تويتر، وكل جملة في فيس بوك تستجيب بزخات من الشتائم وتمنّي الموت، الموت للصهاينة، الموت لليهود، والتوعّد بطرد اليهود من فلسطين، حتى آخر واحد منّا.

ولكن في كل مرة أفتح فيها حسابي على الفيس بوك، ليست الشتائم فقط هي ما ينتظر في الرسائل الواردة، وإنما أيضا الكثير من الفضول، لدى الفلسطينيين الذين يبحثون عن الحوار، ويرغبون بسماع صوت الأشخاص الذين اعتادوا على كرههم. يرغبون بالاستماع إلى ما يعتقده الإسرائيليون حول الفلسطينيين وما هو الحلّ الممكن، حيث إنّه لا أحد – سوى المهوسين وغير المنطقيين – يعتقد أنّ إسرائيل ستزول من الوجود.

ينقل الكثيرون مرارا وتكرارا الحديث الذي يقول: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر‎ :‎يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله”. أولئك الذين يأملون تحقق هذا الكلام هم معادون للسامية لا أكثر ولا أقل، حيث إنهم يتمنون ببساطة القضاء على اليهود – دون أية علاقة بالقضية الفلسطينية.

ويوضح لي آخرون، وهم قلّة، أنّ هناك فرق بين الصهاينة واليهود. “نحن نعارض الصهاينة وليس اليهود”. أولئك هم من يثيرون اهتمامي أكثر، ولكن ماذا يقصدون؟

أدرك هرتسل – في أوروبا التي احتضنت اليهود في يد ورفضتهم في اليد الأخرى – أنّ الحل الوحيد يكمن في رؤية اليهودية كشعب وقومية، وليس كمجرّد طائفة دينية

كيف تطوّرت الصهيونية من داخل اليهودية؟ يعلم الكثيرون بالتأكيد أنّ تيودور هرتسل، الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر، هو أبو الحركة الصهيونية. ولكن يعلم القليل أنّ هرتسل، رغم مظهره اليهودي الواضح، لم يكن يهوديا متديّنا أبدا. عاش هرتسل في ذروة فترة التحرّر، والتي أصبحت حقوق الإنسان فيها والسعي إلى المساواة ذات قيمة مركزية في المجتمع الأوروبي، وآمن بأنّ المساواة في الحقوق هي الحلّ لمشكلة اليهود.

تيودور هرتسل
تيودور هرتسل

ولكن القرن التاسع عشر الذي عاش فيه هرتسل كان قرنا نمت فيه الأيديولوجية القومية. لقد تخلّت الشعوب الأوروبية عن الإمبراطورية العظيمة التي هيمنت على القارة على مدى مئات السنين، وسعت إلى إعادة صياغة خارطة الحدود بحسب طموحاتها القومية. وفي خضمّ هذه اليقظة القومية، صعدت معاداة السامية في العديد من البلدان وازدهرت. شعر الكثير من اليهود أنّهم لا يجدون مكانهم.

لقد صاغت البيئة التي عاش فيها هرتسل رؤيته. من جهة، كان يتوق لأن يكون أوروبيّا وشعر بالانتماء إلى الثقافية الكلاسيكية. ومن جهة أخرى، فقد صُدم من معاداة السامية الأوروبية التي سعت إلى طرد اليهود من أوروبا. أدّت معاداة السامية ضد اليهود بالكثيرين إلى الانغلاق داخل مجتمعاتهم، والتنكّر للعالم الخارجي، وأدت بالكثيرين غيرهم إلى التخلي عن يهوديّتهم ذات آلاف السنين.

وانطلاقا من هذه الضائقة، أدرك هرتسل – في أوروبا التي احتضنت اليهود في يد ورفضتهم في اليد الأخرى – أنّ الحل الوحيد يكمن في رؤية اليهودية كشعب وقومية، وليس كمجرّد طائفة دينية. كما وأدرك أنّ اليهود سيكونون زرعًا غريبا في أوروبا، بغضّ النظر عن الدرجة التي سيحاولون فيها الاندماج. وبناء على ذلك، يتطلّب وجود وطن قومي لليهود.

إنّ رؤية هرتسل هذه، هي أساس الفكرة الصهيونية. الإدراك الذي تبلور هو أنّ الشعب اليهودي هو شعب ككل الشعوب. ويستحقّ هذا الشعب، المطارد والمهزوم والمعزول على مدى آلاف السنين في كل مكان وصل إليه في العالم تقريبًا، وطنا خاصا به. وليس هناك مكان أفضل من البلاد التي يتوق إليها اليهود على جميع الأجيال، وهي أرض إسرائيل، التي تُسمّى أيضًا صهيون.

الملك فيصل بن حسين
الملك فيصل بن حسين

هذه هي النقطة الأساسية في الصهيونية، والمفهوم الأساسي لها. لم يلتفت هرتسل إلى السكان العرب الفلسطينيين. اعتبر مؤسسو الصهيونية إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي هدفًا أعلى. كان هناك من اعتقد من بينهم أنّ السكان العرب لن يشكّلوا عقبة. وكان من حاول التحاور مع قياداتهم، مثل حاييم وايزمان الذي وقّع باسم الحركة الصهيونية على اتفاق مع الأمير فيصل، نجل الشريف حسين بن علي وشقيقه الملك عبد الله، مؤسس المملكة الهاشمية.

ولكن كان هناك زعماء مثل زئيف جابوتنسكي ممّن أدركوا أنّ العرب لن يتخلّوا عن طموحهم بطرد اليهود، حتى يدركوا أنّ الوجود اليهودي في البلاد هو حقيقة قائمة لا يمكن تغييرها.

وإذا كان الأمر كذلك، فما هو قصد الذين يقولون إنهم لا يكرهون اليهود، وإنما الصهاينة فقط؟ لقد اعترف جميع زعماء إسرائيل في الأجيال الأخيرة بالطموح القومي للشعب الفلسطيني. ويوافق رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو على إقامة دولة فلسطينية، إذا كانت الأخيرة ستعيش بجانب دولة إسرائيل وتعترف بها باعتبارها وطنا شرعيًّا للشعب اليهودي. من يصرّح أنّه يكره الصهيونية، فإنّه يسلب الحقّ الشرعي للشعب اليهودي بأن تكون هناك دولة خاصة به ويرسله مجددا إلى التشتّت بين جمع الشعوب، ليختفي بين صفحات كتب التاريخ.

 

اقرأوا المزيد: 706 كلمة
عرض أقل
100,000 إسرائيلي يؤيدون السلام ويعارضون العنف في تل أبيب (Flash90/Tomer Neuberg)
100,000 إسرائيلي يؤيدون السلام ويعارضون العنف في تل أبيب (Flash90/Tomer Neuberg)

لهم عيون ولا يبصرون

إن إمكانية السلام القريب بين دولة إسرائيل والعالم العربي قد لا تتحقق في الفترة القريبة. من يفترض أن إسرائيل يمكنها التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين من خلال الأمم المتحدة مع محمود عباس فهو واهم

“هَلْ يأكل السيف، إلى ما لا نهاية؟”‏ سأل رئيس الحكومة نتنياهو في الأسبوع الماضي في جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. وردت هذه الآية في سفر صموئيل الثاني وأصبحت في الفترة الحديثة كناية عن حرب لا تُرى نهايتها في الأفق. كانت إجابة بنيامين نتنياهو مباشرة وواضحة: “نعم”. ذُهل الكثيرون عندما سمعوا ذلك. هل هذا هو المستقبل الذي يتوقعه لنا؟ أين هو السلام الذي نبحث عنه جميعنا؟

إن تاريخ المشروع الصهيوني مليء بمحاولات التوصّل إلى اتّفاق مع العالم العربي ومع السكان الفلسطينيين. وقد تم التعبير عن هذا الطموح في كتاب “الأرض الجديدة القديمة”، الذي يصف فيه ثيودور هرتسل الدولة اليهودية المستقبلية، التي يعيش فيها اليهود والعرب معًا في سلام.

لم تكن تلك أكثر من أمنية. لم يمتدّ الاتّفاق بين حاييم وايزمان والأمير فيصل في كانون الثاني عام 1919، والذي أكّد على التعاوُن بين الصهاينة والعرب، أكثر من أشهر معدودة. ولم يحظَ أعضاء “تحالف السلام”، الذين كانوا مستعدين للتنازل عن الطموح بإقامة دولة يهودية، باستجابة من الجانب العربي وسيُذكرون في التاريخ كمجموعة صغيرة من الحالمين ذوي النوايا الحسنة.

متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)

لقد دعا جابوتنسكي إلى إقامة “جدار حديدي”، حتى يفهم العرب أنّه ليس هناك احتمال لإلقاء اليهود إلى البحر

وحينها جاءت موافقة الحركة الصهيونية على قرار لجنة بيل عام 1937 لتقسيم فلسطين (أرض إسرائيل) بين اليهود والعرب، والذي رفضه العرب. تكرر هذا السيناريو بعد عشر سنوات من ذلك، عندما صادقت الأمم المتحدة على قرار التقسيم. قبلت الحركة الصهيونية القرار بينما رفضه العرب مجدّدا. في السنوات التي تلت ذلك هاجم العرب إسرائيل أربع مرات – في الأعوام 1948، 1956، 1967 و 1973.

كان زئيف جابوتنسكي الوحيد الذي حذّر منذ العام 1929 من أنه لا ينبغي التوقع من العرب أن يستقبلوا المشروع الصهيوني بأذرع مفتوحة. لقد دعا إلى إقامة “جدار حديدي”، حتى يفهم العرب أنّه ليس هناك احتمال لإلقاء اليهود إلى البحر.

لن يستقرّ الوضع الحالي في الشرق الأوسط  في المستقبَل المنظور

كما توقع جابوتنسكي، تطلّب الأمر استعراضا واضحا لقوة إسرائيل العسكرية من أجل إقناع دولة عربية على التوقيع على اتفاقية سلام. وهذا ما حدث بعد حرب تشرين. بعد 15 عاما من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تم توقيع اتفاق سلام مع الأردن، وكان ذلك اتفاق السلام الأخير بين إسرائيل ودولة عربية. ولم تُتوّج محاولات متكررة للتوصل إلى سلام مع سوريا بالنجاح. لم تؤدّ اتفاقيات أوسلو إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بعد أن رفض ياسر عرفات عروض إيهود باراك.

كانت هناك فترة استمرت لأكثر من ثلاثين عاما، منذ حرب تشرين وحتى الآن، والتي كان فيها “السلام يحوم في الهواء”. لقد انتهت، على الأقل حتى الآن. وقد وصل “الربيع العربي” إلى نهايته.

دمر ظهور القاعدة وداعش وقوة إيران المتزايدة والتي أقسمت على القضاء على إسرائيل، الاضطرابات في العالم العربي، احتمالات توسيع دائرة السلام. إنّ الافتراض الذي يقول إنّه بإمكان إسرائيل في هذه الظروف التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين من خلال المفاوضات مع محمود عباس، الذي لا يتمتع بالقوة والهالة التي كانت لعرفات، والذي تقوم حماس بتقويضه باستمرار، ويمكن أن يمثّل هدفا سهلا لسيطرة داعش – يبدو مجرّد وهم. والآن، يبدو السلام بعيدا جدا وعلى إسرائيل أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات. هذا ما قاله نتنياهو. لن يستقرّ الوضع الحالي في الشرق الأوسط  في المستقبَل المنظور.

أليس هذا واضحا لكل من ينظر إلى الشرق الأوسط؟ هل يمكن أن يكون طموحنا للسلام يعمي عيوننا عن رؤية الواقع؟ هناك آية في سفر إرميا تلائم جميع أولئك الأشخاص الذين يمنعهم طموحهم للسلام عن رؤية الواقع الصعب: “لهم عيون ولا يبصرون”.

نشر هذا المقال لأول مرة على صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 532 كلمة
عرض أقل