هذا الأسبوع، شاركنا في جولة في الحي الإسلامي في القدس، التي جرت بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، وسمعنا عن تقاليد العيد التي تمر بين الأجيال. في ساعات المساء، التقينا بمجموعة مؤلفة من نحو 20 إسرائيليا في البلدة القديمة في القدس، ومع زياد خطاب، صاحب حانوت لبيع المشروبات الخاصة بعيد رمضان، الذي استضاف المجموعة في منزله وقدم لها وجبة تقليدية متحدثا عن تقاليد العيد. تحدث زياد الذي يستضيف في منزله مجموعات إسرائيلية في أحيان قريبة، عن حياة عائلته في القدس على مر السنوات.
جرت الجولة المميزة في إطار مشروع “من قلب الأعياد”، الذي يهدف إلى الاحتفال بالاختلاف بين الثقافات بين الطوائف المختلفة في القدس. المشروع الذي أقامه قبل نحو عامين ثلاثة ناشطون من القدس، معد لكل سكان المدينة والزوار أملا منه في خلق فرصة للتعرف إلى العادات، التقاليد، والأعياد الخاصة بالطوائف المختلفة في المدينة، ضمن الاحتفالات الكثيرة والثروة الثقافية التي تميز المدينة.
منذ بداية المشروع، يُجرى سنويا مهرجان بدءا من عيد “سجد” الإثيوبي في شهر تشرين الثاني وحتى عيد “رأس السنة الجديدة” لدى الروس (Novy God)، في نهاية شهر كانون الأول. في إطار المشروع يجري مواطنو المدينة جولات إرشادية في أحياء المدينة، ويستضيفون في منازلهم عائلات مختلفة بمناسبة أعيادهم. وفق أقوال المبادرين إلى المشروع، تهدف هذه الاحتفالات إلى خلق لقاء مباشر بين الطوائف المختلفة في القدس، وتشجيع التعارف الجيد بينها.
“القدس هي حجر ماس يجب الحفاظ عليه”، قال نير كوهين، أحد المبادرين إلى المشروع. “في أعقاب المشروع، اكتشفت معلومات جنونية، والتقيت أشخاصا لم أعرفهم سابقا، مثل أبناء الطائفة اليهودية القرائية والمتدينين من الطوائف المختلفة”، قال. قبل نحو عامين، في شهر كانون الأول 2016، أقام نير المشروع مع طالي يسياه، وعنبال هلبرين، في إطار النشاطات الاجتماعية المقدسية. “قبل أسبوع من عيدي الميلاد والحانوكاه، في الدقيقة الـ 90، تساءلنا كيف يمكن ألا يُجرى أي احتفال خاص احتفالا بالعيدين اللذين يصادفان في الأسبوع ذاته. فكرنا أن هذه هي فرصة جيدة للاحتفال بهما معا، وعندها اكتشفنا أن في هذه الفترة يصادف عيد لكل طائفة مختلفة في كل أسبوع”.
هكذا بدأ نير، طالي، وعنبال، في اللحظة الأخيرة ودون أن تكون لديهم الموارد، بالتحضير لإجراء لقاءات في منازل عائلات مختلفة في القدس. “شعرنا أن لدينا فرصة أن يزور الأفراد عائلات لا يمكنهم زيارتها خارج إطار هذا المشروع”، قال نير. “شعرنا أن هذه هي فرصة لفتح المنازل، القلوب، وإجراء لقاء مباشر، يتيح نقاشا سياسيا أقل، واجتماعيا أكثر، ومثيرا للاهتمام”.
قال نير الذي عاش في إنجلترا في إطار بعثة عمل، إنه تعرف إلى الاحتفالات الثقافية المختلفة عندما عاش في لندن. “إذا تم النظر حتى الآن إلى الاختلاف الثقافي بشكل سلبي تحديدا، فنحن ننظر إليه نظرة إيجابية، ونظرة نعمة وليست نقمة”. وفق أقواله، كان الطلب على النشاطات المختلفة كبيرا منذ البداية. “رغبنا في الاحتفال بالاختلاف، وإظهار كيف يمكن أن يساهم للأفضل. وصل أشخاص أكثر من المتوقع يوميا”.
في ظل النجاح الباهر، قرر الناشطون الثلاثة توسيع نشاطاتهم في السنة القادمة وتكريس الاهتمام لكل عيد بحد ذاته، إجراء جولات، وإقامة ورشات عمل وعروض في فترة كل عيد. “في عيد الحانوكاه، أجرينا جولات لطلاب جامعيين من القدس الشرقية في حي نحلاؤت. لقد تذوقوا السوفغنية (وهي عجينة اسفنجية شبيهة بالعوامة لكنها كبيرة ومقلية بالزيت العميق، يتناولها اليهود في عيد الحانوكاه) للمرة الأولى، وأحبوا مذاقها”، قال نير.
كما تحدث نير عن ردود الفعل المؤثرة التي يتلقاها الناشطون. وفق أقواله، قال له أشخاص كثيرون شاركوا في الجولات وورشات العمل إنهم تمتعوا بهذه التجربة، التي غيّرت تفكيرهم. “في الاحتفال الذي جرى في بيت حنانيا، قال لنا المشاركون في النشاطات إن هذه هي المرة الأولى التي يسمعون فيها شخصا يتحدث عن قصة حياته دون ذكر هويته”.
يخطط الآن نشطاء “من قلب الأعياد”، لإجراء احتفالات في عيدي الحانوكاه والميلاد التي ستبدأ في الأسبوع القادم.