الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)

الخط الساخن بين بوتين ونتنياهو

خطّ هاتفي أحمر مباشر سيمتدّ بين نتنياهو وبوتين. بالإضافة إلى ذلك، تعزّز إسرائيل علاقاتها أيضًا مع الصين والهند، على خلفية البعد عن الإدارة الأمريكية.

في الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل أنها تُعامَل ببرود من قبل الدول الغربية، والتي ينظّم بعضها حركات احتجاجيّة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، تبذل إسرائيل جهودها في تعميق وتعزيز علاقتها مع دول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم “برهصج” (روسيا، الصين، الهند والبرازيل).

كجزء من تعزيز العلاقات بين إسرائيل وروسيا، أعلنت الحكومة الروسية قبل عدّة أيام بواسطة وسائل إعلامية خاصة بها، على أنّه سيتم في القريب مدّ خطّ هاتفي مشفّر (خط أحمر) ومباشر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقد حدث دفء العلاقات مع روسيا ودول “برهصج” مقابل البرود في العلاقات مع الولايات المتحدة. من المعروف منذ زمن طويل أنّه ليس هناك الكثير من الحبّ بين نتنياهو وبين الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في أفضل الأحوال، وقد أعرب نتنياهو في انتخابات 2012 عن دعمه لخصم أوباما الجمهوري، ميت رومني. وكذلك، فإنّ حقيقة أنّ أوباما لم يذكر المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية في خطاب سياسته الخارجية قبل عدّة أيام، هذه الحقيقة قد تلمّح إلى برود العلاقات بين إسرائيل والإدارة الأمريكية.

أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)
أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)

يعتبر الخط الأحمر بين نتنياهو وبوتين خطوة أخرى نحو دفء العلاقات بين إسرائيل وروسيا. تتلقّى روسيا في هذه الأيام انتقادات من غالبية دول العالم بسبب أعمالها في أوكرانيا، وقد تمّ نبذها من قمّة الدول الصناعية، التي سمّيتْ مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى “G8″، وبعد نبذ روسيا تمّ تغيير اسمها إلى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى “G7”.

الخط الأحمر الأكثر شهرة والذي تستخدمه روسيا هو الخطّ الذي يصل مباشرة بين الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي، وقد تمّ مدّه عام 1963 بعد أزمة الصواريخ في كوبا، والتي كانت ستؤدّي إلى تدمير الإنسانية. بعد ذلك، تمّ مدّ خط أحمر بين الكرملين وفرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا، كوريا الجنوبية ودول أخرى.

ولا عجب أن تبحث روسيا عن حلفاء جدد، وعلى هذه الخلفية تجدر الإشارة إلى أنّ إحدى الدول الوحيدة في العالم التي لم تُدِن غزوَها لشبه جزيرة القرم هي دولة إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فتسود بين بوتين وبين وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي وُلد في الاتّحاد السوفياتي، علاقات جيّدة، وقد كان ليبرمان أحد الدبلوماسيين القليلين في العالم الذين أعلنوا عن أنّ الانتخابات الروسية عام 2011 كانت “نزيهة”.

وكجزء من تدفئة العلاقات، تجري في هذه الأيام محادثات بين ممثّلين إسرائيليين وروس حول إقامة اتفاق تجاري بين كلا الدولتين، والذي من المرتقب أن ينمّي العلاقات التجارية بين الدولتين إلى نطاق 6 مليار دولار حتى عام 2024.

زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو ومفابلته بفلاديمير بوتين الرئيس الروسي (AFP)
زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو ومفابلته بفلاديمير بوتين الرئيس الروسي (AFP)

وسوى المصالح الاقتصادية لإسرائيل في تعزيز علاقاتها مع روسيا، فإنّ إسرائيل قلقة أيضًا من بيع الصواريخ الروسية لسوريا وإيران. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إسرائيل ليست راضية عن الدعم الذي تقدّمه روسيا للبرنامج النووي الإيراني، وستحاول التأثير على السياسة الروسية في هذا المجال.

تعزيز العلاقات مع الهند والصين أيضًا

وكما ذكرنا، فهناك دولتان أخريان من دول “برهصج” القوية اللتان تقوم إسرائيل بتعزيز العلاقات معهما وهما الهند والصين. قبل نحو شهر، فاز نرندرا مودي في انتخابات رئاسة الحكومة، وكان نتنياهو أحد الزعماء الأوائل الذين تواصلوا للمباركة له نتنياهو، على أمل تعزيز العلاقات بين الدولتين.

في السابق، زار مودي إسرائيل  وأيضًا عمل فيها، وتشير التقديرات الأخيرة بأنّه سيعمل على تطوير اتفاقيات تجارية بين إسرائيل والهند بقيمة تصل إلى نحو 15 مليار دولار في السنة، وبالإضافة إلى ذلك ستتمّ صفقات أخرى ذات خلفية عسكرية بين الدولتين. في العام المنصرم فقط، أعلِنَ أنّ شركة إسرائيلية، إلى جانب شركة سويسرية، أنشأتا مصانع لوسائل النقل (‏Semiconductor fabrication plant‏) في الهند بقيمة تصل إلى نحو 10 مليار دولار.

تعزز إسرائيل علاقاتها مع الصين أيضًا، التي يعتبر اقتصادها اقتصاد المستقبل العالمي، مقابل الاقتصاد الأمريكي الذي يزداد عجزًا. لقد زار نتنياهو وأيضًا رئيس الدولة شمعون بيريس الصين مؤخرًا،  وفي الوقت ذاته، زار أيضًا مسؤولين في النظام الصيني إسرائيل في السنوات الأخيرة.

نتنياهو في زيارته الى الصين (Avi Ohayon /GPO)
نتنياهو في زيارته الى الصين (Avi Ohayon /GPO)

تلقّتْ العلاقات التجارية بين الدولتين، التي تُقدّر بـ 10 مليارات دولار في العام، تعزيزًا هائلا قبل أيام حين اشترت شركة حكومية صينية شركة “تنوفا”، والتي تعتبر الشركة الإسرائيلية الرائدة في مجال صناعة الألبان، وذلك في صفقة بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، كانت ستخرج إلى حيّز التنفيذ صفقة صينية ضخمة أخرى، حيث بيعت مجموعة التأمين والتقاعد الأكبر في إسرائيل، “التأمين العام”، إلى الصينيين بقيمة 1.4 مليار دولار، ولكن قررت مؤسسة  “التأمين العام” في اللحظة الأخيرة الانسحاب من عملية البيع.

البرازيل هي الدولة الوحيدة من بين دول “برهصج” التي لم تعزّز إسرائيل علاقاتها معها، ولكن نظرًا إلى التطوّرات الأخيرة فلن يكون مفاجئا إذا تم تفعيل مثل هذه العلاقات. ومع ذلك، فإنّ الخط الأحمر بين بوتين ونتنياهو يشير أكثر ما يشير إلى الاتجاهات والتغييرات في سياسة إسرائيل الخارجية.

اقرأوا المزيد: 684 كلمة
عرض أقل
"صنع في الصين" (Roni Schutzer/Flash90)
"صنع في الصين" (Roni Schutzer/Flash90)

عاصفة في إسرائيل في أعقاب بيع شركة الأغذية الكبرى في البلاد للصين

مخاوف متزايدة في إسرائيل حول مصير قطاع الأغذية الأكبر في إسرائيل بيد الصين. رئيس الموساد السابق يحذّر من العواقب، والشركة الصينية تبعث برسالة مطمئنة

صفقة ضخمة في إسرائيل: شركة “برايتفود” المملوكة من قبل الحكومة الصينية قامت بشراء تنوفا، وهي أكبر شركة للمواد الغذائية في إسرائيل، والتي تُقدّر قيمتها بـ 2.5 مليار دولار. ستكسب كيرن آيفكس، التي تملك تنوفا، أرباحًا صافية بقيمة 1.2 مليار دولار، دون دفع ضرائب. لم تنضمّ شركة “مشكي غرانوت” الإسرائيلية التي تملك 23% من الشركة إلى الصفقة، وقد وقّعت مع الصينيين على الاتفاق الذي يسوّي الإدارة المشتركة للشركة.

إنّ تاريخ “تنوفا”، عملاقة المواد الغذائية الإسرائيلية، متداخل مع تاريخ دولة إسرائيل كلّه. فقد تأسّست عام 1926 كشركة تعاونية من 13 مزرعة لكيبوتسات وقرى تعاونية إسرائيلية. إن المبدأ التوجيهي للشركة هو العمل المنظّم والعبرية، كجزء من النظرة الصهيونية.

مع مرور السنوات، لاءمت تنوفا نفسها مع النموّ في الاقتصاد الإسرائيلي والعالمي، وتتعامل في العشرين سنة الأخيرة  كشركة قابضة ماليًّا. بالإضافة إلى ذلك، تملك تنوفا عقد احتكار لمجال الألبان في إسرائيل. في السنوات الأخيرة، يصل متوسّط الأرباح ربع السنوي إلى نحو 30 مليون دولار؛ معظمها من مبيعاتها في سوق الألبان.

يحذّر الكثيرون في إسرائيل من أنّ بيع الشركة للأيدي الصينية قد يضرّ بالمصالح القومية الإسرائيلية، حيث أنّ شركة “برايتفود” مملوكة للحكومة الصينية نفسها، والآن سيكون معظم سوق المواد الغذائية الإسرائيلي خاضعًا للمصالح الصينية. حذّر رئيس الموساد الإسرائيلي، إفرايم هليفي، قائلا: “تنوفا هي أكبر شركة مواد غذائية في البلاد، ومن الصواب أن تكون شركات المواد الغذائية الكبرى في كلّ البلاد تحت سيطرة جهات محلّية، وليس تحت سيطرة حكومة أجنبية”. أضاف هليفي: “منذ هذه اللحظة لدى الصين ممتلكاتها الخاصة بها، وستستغل هذه الممتلكات لأهدافها الاقتصادية والأمنية”.

وعبّرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، المحسوبة سياسيّا على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، عن دعمها للصفقة. يطمح نتنياهو إلى توسيع العلاقات التجارية بين إسرائيل والصين، ومن المرجّح أنّ هذه الصفقة قد سبّبت له ارتياحًا كبيرًا. كتب المعلّق الاقتصادي للصحيفة، حازي شطرنليخت: “يشكل الاستعداد لدفع المليارات مقابل شركة تنوفا إطراء للاقتصاد الإسرائيلي”. ومع ذلك، فقد انتقد حقيقة أنّ هذه المناورات المالية أدّت إلى عدم جني إسرائيل للأرباح من الضرائب على الصفقة.

اقرأوا المزيد: 305 كلمة
عرض أقل