واصل المسلحون الاسلاميون المتطرفون الخميس تقدمهم باتجاه العاصمة بغداد وذلك بعد ان استولوا على مناطق واسعة في شمال غرب العراق من جيش نظامي مستمر في التقهقر، في حين قالت الولايات المتحدة انها لا تستبعد اي خيار لوقف هذا الزحف.
وخشية زحف المسلحين المتطرفين على مدينة كركوك، اغتنمت قوات البشمركة الكردية الفرصة وبسطت للمرة الاولى سيطرتها بشكل كامل على المدينة النفطية المتنازع عليها منذ سنوات بين الحكومة المركزية وسلطات اقليم كردستان العراق.
وازاء الفوضى التي غرق فيها العراق منذ ان تم الاستيلاء الثلاثاء على الموصل، ثاني كبرى مدن البلاد، ومحافظتها نينوى ومناطق في محافظتي كركوك وصلاح الدين المجاورتين، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان فريقه للأمن القومي يدرس “كافة الخيارات”.
وقال اوباما “نحن نعمل بلا كلل لتحديد كيفية تقديم المساعدة الأنجع (للسلطات العراقية). لا استبعد اي خيار”، دون المزيد من التوضيح.
ولئن جددت الادارة الاميركية التأكيد على انه من غير الوارد ارسال قوات على الارض، فان مسؤولا اميركيا اشار الى احتمال غارات لطائرات بدون طيار.
من جانبه دان مجلس الامن الدولي الخميس كل الاعمال الارهابية التي يشهدها العراق داعيا كل الفرقاء العراقيين للبدء بحوار وطني عاجل.
وعلى مدى ساعتين عقد أعضاء المجلس الخمسة عشر مشاورات مغلقة في مقر المجلس في نيويورك، استمعوا خلالها بالخصوص الى عرض بشأن الوضع في هذا البلد من مبعوث الامم المتحدة الى العراق نيكولاي مالدينوف الذي تحدث اليهم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة.
وفي ختام الاجتماع عبر المجلس بإجماع اعضائه عن دعمه الكامل للحكومة والشعب العراقيين في تصديهما لمقاتلي تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش). وقال السفير الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس لشهر حزيران/يونيو ان “هذه مناسبة استثنائية لان تكون هناك بداية جديدة عبر اطلاق حوار وطني مفتوح وعبر حل المسائل المتعددة” العالقة.
واكد تشوركين على وجوب “بذل جهود مكثفة لاطلاق هذا الحوار”.
ودعا مجلس الامن ايضا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي الى مساعدة بعثة الامم المتحدة في العراق على تلبية الاحتياجات الانسانية الناجمة عن الاوضاع الراهنة.
وبحسب تشوركين فان اعضاء المجلس ال15 دانوا “كل الاعمال الارهابية والمتطرفة” التي ارتكبت في العراق، ولكنهم حذروا من انه يتعين على بغداد ان تعالج في آن معا العديد من الملفات المعقدة السياسية والاجتماعية والطائفية والنفطية.
واضاف ان “الامر الاكثر اهمية حالا هو التوصل الى اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية لكي تتمكن من ان تقف سويا وبفعالية في وجه الارهابيين”.
وفي لندن اقر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان قوات الامن “انهارت” في الموصل لكن الان “نسعى الى طرد هؤلاء الارهابيين خارج مدننا الرئيسية”.
وشن الجيش غارات جوية على تكريت كبرى مدن محافظة صلاح الدين التي سقطت الاربعاء بايدي المسلحين المتطرفين، بحسب شهود.
وفي تسجيل صوتي الاربعاء دعا ابو محمد العدناني احد قادة داعش المتمردين الى “الزحف على بغداد”.
وتمكنت مجموعات من المسلحين من السيطرة مساء الخميس على ناحيتي السعدية وجلولاء الرئيسيتين في محافظة ديالى العراقية، بحسب ما افادت مصادر امنية وعسكرية وكالة فرانس برس.
واوضح ضابط برتبة عقيد في الشرطة وضابط برتبة مقدم في الجيش ان المسلحين دخلوا الناحيتين المتنازع عليهما بين العرب والاكراد والواقعتين شمال بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) وبسطوا سيطرتهم عليهما بعدما غادرتهما قوات الجيش والشرطة.
وتقع هاتان الناحيتان على بعد نحو 80 كلم من مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى التي تسكنها غالبية من السنة، والتي لا تبعد سوى 65 كلم عن شمال شرق العاصمة بغداد.
وفي وقت سابق من اليوم، تمكن مقاتلو تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” من احكام قبضتهم على ثلاث قرى قريبة من ناحية العظيم الواقعة عند الحدود بين محافظتي ديالى وصلاح الدين.
ولم تؤكد المصادر الامنية والعسكرية الجهة التي ينتمي اليها المسلحون لكن تنظيم “الدولة الاسلامية” اعلن على حسابه الخاص بديالى على موقع تويتر سيطرته على الناحيتين، متحدثا عن اشتباكات يخوضها في ناحية المقدادية القريبة.
وتسود العاصمة العراقية منذ يومين اجواء من التوتر والترقب، وسط حالة من الصدمة والذهول جراء الانهيار السريع للقوات الحكومية في محافظتي نينوى وصلاح الدين، حيث بدت شوارع العاصمة اليوم اقل ازدحاما مما تكون عليه عادة، بينما فضل بعض اصحاب المحلات البقاء في منازلهم.
وقال ابو علاء (54 عاما) “هناك احساس بين الناس انه تم التخلي عنهم وانهم بلا حماية”.
وتبنت داعش الاعتداءات التي استهدفت شيعة الاربعاء وخلفت اكثر من 30 قتيلا ببغداد، واعلنت انها ستنفذ هجمات اخرى.
وازاء تقهقر الجيش الذي لم تتمكن السلطات واقعيا من اعادة بنائه منذ الاطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين في 2003، دعا رئيس الوزراء نوري المالكي كافة القبائل الى تشكيل وحدات متطوعين لمحاربة المتمردين.
وفي تجسيد للأزمة السياسية التي تشل البلاد منذ اشهر تم الغاء جلسة البرلمان التي كان يفترض ان تعلن حالة الطوارئ، بسبب عدم اكتمال النصاب.
وعلاوة على سيطرته على مناطق الشمال فإن داعش، الذي تعتبره الولايات المتحدة احد التنظيمات “الاخطر في العالم”، يسيطر منذ كانون الثاني/يناير على محافظة الانبار (غرب).
وفي الموصل لا يزال المتمردون يحتجزون حوالى خمسين تركيا اخذوا رهائن في القنصلية التركية اضافة الى 31 سائقا تركيا.
وفر حوالى نصف مليون من سكان الموصل من منازلهم خوفا على حياتهم.
وقتل المصور الصحافي الكردي كامران نجم ابراهيم الخميس خلال اشتباكات غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) بين قوات البشمركة ومسلحين من “الدولة الاسلامية في العراق والشام” اصيب فيها ايضا 14 من عناصر الامن الاكراد، وفقا لمصدر امني. وكامران أول اعلامي يقتل في العراق منذ بدء هجوم تنظيم “الدولة الاسلامية” المباغت الثلاثاء.
ونجا الوزير الكردي المكلف بالبشمركة جعفر مصطفى من اعتداء اوقع قتيلا.
وداعش التي تضم العديد من المقاتلين الاجانب ، تلقى، بحسب محللين، دعما من قبائل مناهضة للحكومة وبعض الدعم من الاقلية العربية السنية التي تعتبر نفسها مهمشة من السلطة التي يسيطر عليها العرب الشيعة والاكراد السنة.
وقال المحلل رياض قهوجي ان بين عشرة آلاف و15 الف مقاتل اسلامي متطرف ينتشرون في شمال العراق.
وتسللت داعش من الحدود مع سوريا حيث تسيطر على مناطق واسعة من محافظة دير الزور (شمال شرق سوريا).
وفي ردود الفعل الخارجية اعتبرت روسيا ان التطورات الاخيرة في العراق تترجم “الفشل التام” للغزو الاميركي للعراق في 2003.
وفي طهران، اكد الرئيس الايراني حسن روحاني ان ايران “ستكافح عنف وارهاب” المتمردين الاسلاميين المتطرفين ، من دون ان يذكر تفاصيل عن التحركات التي قد تقوم بها ايران لدعم جارتها ذات الغالبية الشيعية.
كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان “انا قلق جدا من الوضع في العراق. فتقدم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام يشكل خطرا كبيرا على وحدة وسيادة الدولة العراقية اللتين تتمسك بهما فرنسا”.
واضاف ان تقدم المسلحين الاسلاميين امام جيش متقهقر “يشكل خطرا كبيرا على استقرار المنطقة بمجملها”.
وأجلت شركات اميركية موظفيها من مناطق تقع شمالي بغداد الى العاصمة بسبب الخوف من وقوع تلك المناطق في ايدي داعش.
وفي نيويورك وعلى خلفية التصعيد في العراق، قفز سعر برميل النفط المرجعي الخفيف تسليم تموز/يوليو الى 106,53 دولارات، اعلى مستوى له منذ 18 ايلول/سبتمبر 2013 لدى اقفال جلسة التداول، مسجلا قفزة من 2,13 دولار في سوق نيويورك (نايمكس).
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني