الروهينغيا في مخيمات اللجوء (AFP)
الروهينغيا في مخيمات اللجوء (AFP)

إسرائيل تقترح تقديم مساعدات إنسانية إلى الروهينغيا عبر بنغلاديش

اقترحت إسرائيل تقديم مساعدات إنسانية إلى الروهينغيا الذين يفرون من المجزرة في ميانمار، ولكن اقتراحها لاقى رفضا لأن "المساعدات الإسرائيلية تعد نقطة حساسة"

توجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية سرا إلى بنغلاديش، وهي دولة مسلمة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مقترحة عليها تقديم مساعدات إنسانية كبيرة لعشرات آلاف اللاجئين المسلمين من الروهينغيا الذين فروا من قبضة الجيش في ميانمار.

وفقا لما ورد اليوم، الخميس، صباحا في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد شكرت بنغلاديش إسرائيل على الاقتراح، لكنها أعلنت أنها لن تتمكن من الحصول على مساعدات إسرائيلية بسبب الحساسية المنوطة بذلك. ويشار أيضا إلى أن وزارة الخارجية تدرس حاليا طرقا أخرى لتقديم المساعدة إلى الروهينغيا الذين ما زالوا في ميانمار في معسكرات الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى.

في السنة الماضية، هاجم جيش ميانمار قبيلة الروهينغيا، وهي أقلية مسلمة تعيش في الدولة البوذية، ووفقا لما ذكرته تقارير مختلفة فقد قُتِل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، وهرب 655 ألف آخرين الى بنغلاديش المجاورة.

ويقدّر أن ميانمار ارتكبت إبادة جماعية أو تطهيرا عرقيا ضد أبناء الروهينغيا. تصل إلى الغرب تقارير مروّعة عن ارتكاب الجيش في ميانمار أعمالا فظيعة، اغتصاب النساء والفتيات أمام أزواجهن وأطفالهن وإخوانهن، وتنفيذ مجازر بحق المدنيين. يعامل سكان ميانمار الروهينغيا كغزاة مسلمين ويتهمونهم بهجمات الإرهابية.

الروهينغيا في مخيمات اللجوء (AFP)

تسليح قوات ميانمار بأسلحة إسرائيلية

وعلى الرغم من الاقتراح السخي الذي قدّمته وزارة الخارجية الإسرائيلية للأقلية من الروهينغنا، التي أصبحت الآن تعيش في بنغلاديش في مخيمات اللاجئين، فمن المعروف أيضا أن دولة إسرائيل باعت أسلحة للنظام الوحشي في ميانمار منذ سنوات.

وعلى الرغم من إزالة العقوبات الاقتصادية، إلا أن الولايات المتحدة حظرت بيع الأسلحة لميانمار، وكذلك الاتحاد الأوروبي. ولكن، رفضت الصين وروسيا الانضمام إلى هذه الخطوة، لهذا ما زال بإمكان نظام الحكم في ميانمار التجارة بالأسلحة وإسرائيل شريكة في بيع الأسلحة له أيضا.

مثلا، في عام 1997، فازت شركة الأسلحة الإسرائيلية “إلبيت” بمناقصة لتطوير 36 طائرة عسكرية في ميانمار، وباعتها صواريخ جو – جو إسرائيلية أيضا. وفي عام 1998، اشترت ميانمار من إسرائيل 16 مدفعية من طراز 155 ملمتر.

وتشير النتائج إلى أن قوات الأمن في ميانمار مسؤولة عن جرائم الحرب، وكانت الجرائم الإنسانية ضد الروهينغيا معروفة منذ عام 2014. لقد كان رئيس المجلس العسكري، مين أونغ هالينغ، والجنرال البارز، أيه ماونغ ماونغ متهمين بتلك الأعمال المروعة. بالمناسبة، التقى كلاهما بتاريخ 30 أيلول 2015 برئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، ورئيس الأركان، غادي أيزنكوت، وكبار المسؤولين الإسرائيليين الآخرين. لقد سعت إسرائيل إلى إبداء التواضع فيما يتعلق بهذه الزيارة إلا أن رئيس المجلس العسكري، مين أونغ هالينغ، نشر في صفحته على الفيس بوك كل ما حققه في زيارته إلى إسرائيل. فقد تحدث عن أنه جرت محادثات لشراء معدّات عسكريّة وعن إرشاد قواته إضافة إلى شراء سفن حربية. كما أجرى زيارة إلى المنطقة الصناعة الجوية، ومصانع الأسلحة المتقدمة “إلبيت” و “إلتا”.

اقرأوا المزيد: 401 كلمة
عرض أقل
البروفسور ويليام شاباس (Facebook)
البروفسور ويليام شاباس (Facebook)

هجوم إسرائيلي ضدّ رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة

رئيس لجنة الأمم المتحدة التي ستحقق بظروف العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، البروفيسور وليام شاباس، يرد على الهجوم الذي تعرض له بالقول: "سأكون نزيهًا وسأتوصل لاستنتاجات"

أبلغت منظمة حقول الإنسان التابعة للأمم المتحدة في بيان لها في بداية الأسبوع (الإثنين) عن طاقم لجنة التحقيق الدولية التي قامت بتشكيلها بغرض التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب على غزة.

سيترأس الطاقم وليام شاباس، أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان وهو من أصول كندية. أشار مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أنه على الرغم من محاولات إسرائيل التأثير على مسار تشكيل اللجنة، فقد جاءت التشكيلة النهائية إشكالية جدًا وغير متوازنة.

بدأت إسرائيل، بعد أقل من ساعة على نشر بيان التعيينات، بمحاولة لنزع الشرعية عن أعضاء اللجنة. أبلغ رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، بالتزامن مع تبني فكرة إقامة لجنة التحقيق الدولية، بأن منظمة حقوق الإنسان تحوّلت منذ زمن لمنظمة لحماية حقوق الإرهابيين وإلى منظمة معروفة نتائج تحقيقاتها مسبقًا.

قال شاباس في تصريحات له لوسائل إعلام إسرائيلية إنه “مثل الجميع، لدي وجهات نظر بخصوص أمور عديدة تخص مستقبل إسرائيل وفلسطين، وطرق تحقيق السلام والعدل. لا يعني هذا أنني لا أستطيع تقدير الحقائق والتوصل لاستنتاجات قانونية دقيقة ونزيهة”.

ركز شاباس في عمله الأكاديمي على مجال الإبادات الجماعية. معروف عنه انتقاده الشديد لإسرائيل، هاجم بشدة عملية “الرصاص المصبوب” (2008) وأثنى على تقرير لجنة غولدستون التي تم تشكيلها من قبل منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد انتهاء العملية العسكرية. قال شاباس بعد صدور التقرير إن رئيس اللجنة ريتشارد ستون يجب أن يحصل على جائزة نوبل للسلام.

سبق أن طالب شاباس في الماضي بضرورة محاكمة نتنياهو والرئيس السابق شمعون بيريس في المحكمة الدولية في لاهاي. قال شاباس خلال مؤتمر عُقد السنة الماضية في نيويورك إن “ما كنت أتوق لأن يحدث هو أن يجلس نتنياهو على مقعد المتهمين في المحكمة الجنائية الدولية”.

يشار إلى أن المهمة التي أُوكِلت للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تتركز أساسًا على التحقيق بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ولا يأخذ بالحسبان الجرائم التي ارتكبتها حماس ضدّ مواطني إسرائيل والتعرض للأبرياء جراء إطلاق الصواريخ المكثّف على البلدات المأهولة بالسكان.

سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)
سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)

توقع السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، رون بروسور، في مقابلة لوسائل إعلام إسرائيلية، بأن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة “شاباس”. شكك بروسور بشرعية اللجنة وقال “إن تشكيل لجنة تحقيق برئاسة شاباس تمامًا مثل دعوة داعش لتنظيم أسبوع عن التسامح في الأمم المتحدة”.

رد البروفيسور شاباس على السؤال الذي طرحته عليه وسائل إعلام إسرائيلية وهو إن كان يعتبر حركة حماس منظمة إرهابية حيث قال “لا أعتقد أنه من المناسب أن أطلق مثل هذه التصريحات في هذا الوقت، علي أن ألتقي بأعضاء اللجنة الآخرين ونخرج بتقرير واضح. لا أنوي إطلاق تصريحات الآن، بل فقط عند صدور البيان”.

حاليًا، التأثير العالمي؛ بعد العملية العسكرية، لا يتوقف عند المظاهرات الحاشدة التي انطلقت بكل العالم ولا بتزايد الأعمال المعادية للسامية ضدّ اليهود – بل أيضًا تعدى ذلك إلى المجال الدبلوماسي. وأبلغت الحكومة البريطانية البارحة أنها ستعلق إصدار 12 تصريحًا لتصدير معدّات قتالية لإسرائيل – وعلى الأغلب قطع غيار للدبابات، الطائرات والرادارات – إن جددت إسرائيل العملية العسكرية في غزة.

اقرأوا المزيد: 445 كلمة
عرض أقل
نازحون يزيديون يفرون من القتال (AFP)
نازحون يزيديون يفرون من القتال (AFP)

من هم اليزيديون الذين يذبحهم مقاتلو داعش؟

بدأت أبعاد التطهير العرقي الذي يقوم به مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" ضدّ أبناء الأقلية اليزيدية في شمال - غرب العراق تطفو على السطح، ولكن من هم اليزيديون؟

قال الوزير العراقي لحقوق الإنسان، محمد شيعة السوداني، أمس (الأحد) إنّ هناك على أقلّ تقدير 500 جثّة لليزيديّين عُثر عليها في مقابر جماعية. وحسب أقواله، فلدى الحكومة العراقية أدلة تفيد بأنّ هناك نساء وأطفال من المقتولين دُفِنوا أحياء. وأضاف أنّه وفقًا للتقديرات فهناك ما لا يقلّ عن 300 امرأة من اليزيديات تمّ اختطافهن وتحوّلنَ إلى إماء.

وإلى جانب هذه الفظائع من قبل “الدولة الإسلامية” ذُكر أنّ مقاتلين أكراد نجحوا في إنقاذ نحو 20 ألف من بين 40 ألف لاجئ يزيدي حوصروا في الجبال شمال العراق في الأيام الأخيرة. بدأ اللاجئون بالتدفّق عائدين إلى الأراضي العراقية، بعد أن اجتازوا رحلة شديدة الخطورة عن طريق الأراضي السورية.

عائلة يزيدية تفر هرباً من القتال (AFP)
عائلة يزيدية تفر هرباً من القتال (AFP)

إذًا فمن هم اليزيديّون؟ إليكم بعض الحقائق حول هذه الأقلية التي تُضرب في الأيام الأخيرة من قبل الجهاديين السُنة:

اليزيديون هم أتباع ديانة شرق أوسطية ذات جذور قديمة. جميع أبناء الديانة اليزيدية هم من الأكراد، ويعيش معظمهم حول الموصل وسنجار في العراق. هناك أيضًا مجموعات في سوريا، تركيا، إيران، جورجيا وأرمينيا. ويُقدّر العدد الإجمالي لليزيديّين بنحو 800,000 إلى مليون.

ويدّعي الكثير من الباحثين بأنّ اسم اليزيديّين جاء من اسم الخليفة من الأسرة الأموية، يزيد الأول ابن معاوية. وقد اعتُبر هذا الخليفة في نظر اليزيديّين تجسيدًا للشخصية الإلهية، ويُسمّى “سلطان عازي”.

تعتبر الثقافة اليزيدية ثقافة كردية ويتحدّث معظمهم اللغة الكردية، “الكورمانجي”. ويتحدث القليل منهم أيضًا العربية نظرًا لقربهم وعيشهم في ظلّ دول عربية مثل العراق وسوريا.

تمزج الديانة اليزيدية نفسها عددًا من المؤثرات: المصطلحات الدينية متأثرة بالصوفية، لا سيّما بمفاهيمها الصوفية، ولكن معظم الميثولوجيا اليزيدية ليست إسلامية وتذكّرنا نظرتهم للوجود بدرجة كبيرة بالديانات الفارسية القديمة.

مشايخ يزيديون (AFP)
مشايخ يزيديون (AFP)

في صورة العالم عند اليزيديين، خلق الله العالم وهو الآن تحت إشراف سبعة من الملائكة الذين يسمّون “السبعة الأخفياء”. أكبرهم هو “الملَك طاووس”، وهو المقابل للشيطان في الديانات الأخرى. يؤمن اليزيديون أن الملَك طاووس ليس مصدر الشرّ، ولكنّ مصدر الشرّ يكمن في قلب الإنسان.

ويختلف المعتقد اليزيدي بخصوص خلق الإنسان عن الإسلام، النصرانية واليهودية. فهم يعتقدون أنّ الله خلق الملَك طاووس من نوره الذاتي، ثم بعد ذلك سائر الملائكة الذين أمروا بجلب التراب والأرض من البلاد لبناء جسم الإنسان. وحينها نفخ الله في الإنسان روح الحياة وأمر جميع الملائكة بالسجود للإنسان. أطاعه جميع الملائكة باستثناء الملَك طاووس الذي رفض الرضوخ أمام من خُلق من تراب، بينما هو مخلوق من نور الله. بخلاف المعتقد الإسلامي الذي بحسبه فإنّ إبليس لعين، ففي المعتقد اليزيدي أثنى الله على طاووس، جعله نائبًا له ورئيس بقية الملائكة.

يتزوّج اليزيديّون من امرأة واحدة في معظمهم، على الرغم من أن الشخصيات البارزة قد تتزوج بأكثر من امرأة. يُعمّد الأطفال عند ولادتهم والختان شائع وإنْ لم يكن إلزاميًّا. يُدفن الموتى في قبور مخروطية بعد وفاتهم مع وضع الأيدي بشكل صليب على الصدر.

معبد لالش - موقع مقدس لدى اليزيديين يقع في منطقة جبلية قرب عين سفني حوالي 60كم شمال غرب مدينة الموصل (AFP)
معبد لالش – موقع مقدس لدى اليزيديين يقع في منطقة جبلية قرب عين سفني حوالي 60كم شمال غرب مدينة الموصل (AFP)

لا يتزوج اليزيديّون من الأكراد من غير اليزيديين ولا يقبلون المتحوّلين إلى ديانتهم. العقاب الأكثر خطورة في مجتمعهم هو المقاطعة، ممّا يعني الطرد من الدين وإهدار دم المقاطَع.

هناك تقسيم طبقي صارم في المجتمع اليزيدي وبحسبه فإنّ أبناء الطبقة الأدنى هم المزارعون والرعاة الذين يحرُم عليهم معرفة القراءة والكتابة. طبقة رجال الدين هي صاحبة هذه المعرفة وتنقسم إلى قيادة دينية (المشايخ) وقيادة مدنية (الأمراء). لا يُسمح بالانتقال من طبقة لأخرى.

لأنّ الديانة اليزيدية غير معروفة للأجانب وبسبب تعريف الملَك طاووس بالشيطان؛ فإنّ الكثيرين في العالم العربي والغرب يعتقدون وينظرون إلى هذه الأقلية الدينية باعتبارها “عبدة الشيطان” ولذلك فإنّ عناصر تنظيم الدولة الإسلامية يسفكون دماءهم.

اقرأوا المزيد: 515 كلمة
عرض أقل
عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)
عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)

منذ بداية عملية “الجرف الصامد”: 3 أضعاف القتلى في سوريا والعراق

في العراق، ينفّذ عناصر "الدولة الإسلامية" تطهيرًا عرقيّا للمسيحيين دون عراقيل. يتمتّع الأسد في سوريا بهدوء صناعي، حيث قُتل خلال عشرة أيام ما لا يقلّ عن 1,700 شخص. منذ بداية عملية "الجرف الصامد" قُتل في الدولتين فقط أكثر من 3,000 شخص

بينما تستمر الحرب بين إسرائيل وحماس، تكرّس الكثير من الجهات طاقتها ووقتها لإحصاء عدد القتلى في قطاع غزة. في الوقت الراهن، يسير الجهاد في شوارع الشرق الأوسط كالمعتاد.

تطهير إثني

كما هو معلوم، فبعد احتلال الموصل من قبل عناصر داعش، أعلن قائد التنظيم الجهادي، أبو بكر البغدادي، عن إقامة خلافة إسلامية في المدينة. كانت آثار ذلك الإعلان تدميرية تجاه السكان المسيحيين في الموصل. حتى يوم السبت الأخير أجبر المسيحيون على أخذ قرار من بين ثلاثة خيارات سيّئة بشكل خاصّ وضعت أمامهم: تحويل دينهم للإسلام، دفع جزية أو الجلاء عن المدينة. وإلا، كما أوضح البغدادي زعيم داعش، “فلن يحجبنا عن المسيحيين إلا السيف”.

هناك عدة عائلات مسيحية كانت قد طلبت التفاوض مع عناصر داعش حول سوء المرسوم، والتي طُلب منها من قبل رؤساء الكنائس في المدينة أن تهرب طالما أن أرواحهم ما زالت تمكنهم من ذلك. كان عدد السكّان المسيحيين في الموصل عشية حرب الخليج الثانية نحو 100 ألف شخص، ولكنها أخذت بالهبوط منذ ذلك الوقت. حين تم احتلال المدينة من قبل داعش بقي في المدينة نحو 5,000 مسيحي فقط. “ببساطة إنّه أمر صادم”، كما قال رئيس الكنيسة الكاثوليكية في الموصل، البطريرك لويس ساكو. “هرب الناس ولا يحملون سوى ملابسهم. عشنا في هذه المدينة على مدى آلاف السنين وفجأة يأتي كلّ أنواع الأجانب ليقتلعونا من منازلنا”.

إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)

يُضاف طرد المسيحيين من الموصل إلى سلسلة من الأحداث الأخرى التي تشير إلى مدى تسامح عناصر داعش تجاه معتقدات ومشاعر الآخرين. على سبيل المثال، في يوم الجمعة الأخير فقط فجّر عناصر التنظيم المتطرّف قبر النبي يونس في محافظة نينوى والمجاورة للموصل، وأزالوا بذلك 2,800 عام من التاريخ. ولكن ليس للمسيحيين واليهود أن يشعروا بالتمييز ضدّهم، فقد قامت عناصر داعش السنة قبل نحو أسبوعَين بعمل مشابه أيضًا لستة مساجد للشيعة في المنطقة. هناك جانب حساس أيضًا للتنظيم المتطرّف: كلّف عناصره أنفسهم عناء التأكيد على أنّ تفجير القبور والمساجد حدث “فقط بعد أن تم تحذير المواطنين في المنطقة بالابتعاد عن المكان”.

الأرقام تتحدّث عن نفسها

حتى نتعرّف على الأرقام: وفقًا لبيانات منظمة “إحصاء الجثث في العراق”، التي بدأت عملها مع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، فإنّ عدد المواطنين الذين قُتلوا منذ الثامن من تموز، مع بداية عملية “الجرف الصامد”، حتى اليوم يصل إلى 1,164 شخص. في تلك الفترة، قُتل في سوريا والعراق معًا 3,169 من الرجال، النساء والأطفال؛ وهم ثلاثة أضعاف القتلى في غزة وإسرائيل. وليس مستبعدًا أن يكون عدد المفقودين أكبر، حيث أنّ بيانات القتلى تؤخذ من منظمات حقوق الإنسان، التي لا تتواجد تحديدًا في مناطق القتال.

لاجئون سوريون في حمص (AFP)
لاجئون سوريون في حمص (AFP)

إنّ صورة الدماء في غزة، التي تُبثّ دون توقف عبر الشبكات الإعلامية الأجنبية، تمنح جنود بشار الأسد ومقاتلي داعش هدوءًا صناعيّا تامّا تقريبًا، وهم يستغلّونه بشكل جيّد. لدى انتهاء 28 ساعة من القتال بين الجيش السوري التابع للأسد وبين جهاديي داعش حول السيطرة على حقل الغاز بحمص، تم إحصاء أكثر من 700 جثّة في يوم الإثنين الماضي؛ وهو عدد القتلى الأكبر في حادث قتال منفرد منذ بدء القتال في سوريا في آذار 2011. وتذكر منظمة مراقبة حقوق الإنسان السورية أنّ معظم القتلى في المعارك هم من المدنيّين، ولكن بحسب رجال المنظمة: “لا يمكننا أن نعرف أبدًا العدد الدقيق للقتلى”.

شكّلت معركة حمص نقطة الذروة في الأيام العشرة الأكثر دموية في الحرب الأهلية السورية، بين 15 و 25 تموز، والتي قُتل فيها نحو 1,700 شخص. عمومًا، منذ 8 تموز، بداية عملية “الجرف الصامد” في غزة، قُتل في سوريا ما لا يقلّ عن 2,005 شخص، ومنذ بداية الحرب الأهلية، قبل أكثر من ثلاث سنوات، فقد أكثر من 170 ألف شخص حياتهم. إلى جانب الكمّ الهائل من القتل، تستمر أيضًا الأعمال الوحشية، على صورة قطع رؤوس جنود جيش الأسد من قبل عناصر داعش يوم السبت الأخير.

العالم يلتزم الصمت

إنّ تجاهل التصعيد في سوريا، في أعقاب القتال بغزة، يظهر للعين بشكل صارخ، حيث يدخل في هذه القضية أيضًا الأكاديميّون وكبار الصحفيين في الغرب. “إنّ عودة الصراع العربي-الإسرائيلي إلى دائرة الضوء، تضع بشار الأسد في منطقة الراحة بالنسبة له”، كما يقول الدكتور نديم شهادي، الذي شغل في السابق منصب رئيس قسم الدراسات اللبنانية في جامعة أكسفورد ويعمل اليوم كباحث في تشاتام هاوس – المعهد الملكي للشؤون الدولية. يضيف الدكتور شهادي قائلا: “ليس صدفة أن تصل الصواريخ التي أطلقتها حماس من إيران، مرورًا بسوريا. يحاول نظام الأسد في كلّ لحظة إشعال الصراع مع إسرائيل لصرف انتباه العالم عن أفعاله. وكمفاجأة للأسد، فقد فشلت محاولاته فشلا ذريعًا. لم تعد تلك الحيل القديمة تعمل على الشعب السوري”.

اليسار الإسرائيلي خلال مظاهرة عارمة في تل أبيب ضد العنف في غزة (Flash90/Yossi Aloni)
اليسار الإسرائيلي خلال مظاهرة عارمة في تل أبيب ضد العنف في غزة (Flash90/Yossi Aloni)

ويُفسّر إيان بلاك، رئيس مكتب شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الغارديان البريطانية – وهي صحيفة غير معروفة بمودّتها الكبيرة لإسرائيل – لماذا لا يقرأ المتظاهرون في الساحات في باريس ولندن أسماء أطفال سوريا المذبوحين. “أكثر سهولة أن نتحدّث عمّا يحدث في غزة”، كما يقرّر بلاك. “تعطى تأشيرات دخول الصحفيّين إلى سوريا بشكل تعسّفي، وإعداد التقارير من مراكز قوة قوات الثوّار السوريين، بقرب الحدود التركية، أمر خطير جدّا. في غزة هناك بنية تحتية بشرية واقتصادية تمكّن الشبكات الأجنبية من البثّ دون خوف على حياتهم”.

وهناك من يعتقد أنّ الغرب لم يكن بحاجة إلى الحرب في غزة من أجل تجاهل المجازر التي تحدث في سوريا. “سألتني ابنتي البالغة من العمر 10 أعوام: لماذا نسي الجميع سوريا حين بدأت الحرب في غزة؟”، غرّدت ناشطة ليبية. “أجبتها بأسف: “لقد نسوا سوريا فعلا منذ زمن”.

أصدقاء الإسلام المتطرّف

فضلا عن القتل الجماعي وتحطيم المواقع التاريخية، فقد أصدرت داعش في يوم الجمعة الأخير تعليمات لجميع نساء الخلافة الإسلامية بأن يغطين أنفسهنّ بغطاء من الرأس إلى أخمص القدمين، وسوى ذلك سيلحق بهن ضررًا. وتقول داعش إنّها تعليمات قد تُفسّر كمتطرّفة، ولذلك تكلّفوا عناء تفسير المنطق الذي يقف من ورائها. “لا تمسّ هذه التعليمات بحرّية المرأة”، كما جاء في الإعلان الرسمي للتنظيم. “إنّ هدفها هو ألا تشعر النساء بالابتذال والمهانة، بسبب ثقافة الرعاية الذاتية والانشغال المبالغ به باللباس”. فضلا عن ذلك، تكلّف الإسلاميون المتطرّفون نفي التقرير الذي يتحدث عن أنّهم أمروا كما يُزعم أربعة ملايين امرأة عراقية تعيش تحت سلطتهم.

لاجئون سوريون (AFP)
لاجئون سوريون (AFP)

وبسبب التعبيرات النسوية والإنسانية لعناصر داعش، فربّما وجد الأشخاص الذين رفعوا في ميدان رابين لافتات “اليهود والعرب يرفضون أن يكونوا أعداء” قبل لحظات من إطلاق صاروخ تجاههم من قبل حماس، وجدوا أخيرًا الشريك الذين تمنّوه طوال السنين.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع Mida

اقرأوا المزيد: 952 كلمة
عرض أقل
بشار الأسد (AFP)
بشار الأسد (AFP)

هل توجّه الأسد لليبرمان طالبًا عدم إحباط دولة علوية؟

الغارديان البريطانية: "الأسد توجه، عبر شخصية سياسية معروفة، إلى ليبرمان طالبًا ألا تُحبط إسرائيل إقامة دولة علويّة".

نشرت صحيفة The Guardian ‎‏ البريطانية بدايةَ الأسبوع تقريرًا عن استمرار القتال العنيف في سوريا، وعن خشية الطائفة السنية هناك من تطهير إثني يخطَط له نظام الأسد، لتحقيق برنامج لإقامة دولة علويّة، إذا سقط نظامه وتفككت الدولة إلى كيانات صغيرة.

ويبرز في التقرير بشكل خاص نبأٌ يتحدث عن إرسال الأسد مبعوثا إلى أفيغدور ليبرمان، رئيس لجنة الخارجية والأمن، ووزير الخارجية السابق، طالبًا ألا تحبط إسرائيل مخططا لإقامة دولة علوية في المستقبل، ما قد يتطلب نقل سكان إلى هضبة الجولان.

ويقتبس التقرير عن مصدر لم يذكر اسمه أنّ الأسد توجه نهاية السنة الماضية، عبر شخصية سياسية معروفة، رفض الكشف عنها، إلى ليبرمان طالبًا منه أن يدرس طلبًا بعدم إحباط مخطط مستقبلي لإقامة دولة علوية في حال تفككت سوريا إلى كيانات إثنية.

يتبيّن من التقرير أيضًا أنّ “ليبرمان لم يصدّ الاقتراح، لكنه طلب معلومات تتعلق بمصير الطيّار المفقود رون أراد (طيّار حربي في سلاح الجو الإسرائيلي أسرته حركة “أمل” اللبنانية في لبنان في 16 تشرين الأول 1986، وهو في عداد المفقودين مُذَاك)، عن الجنود المفقودين الثلاثة من معركة سلطان يعقوب عام 1982، وعن جثة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أُعدم في دمشق عام 1965″.

أفيغدور ليبرمان (Yonatan Sindel/Flash90)
أفيغدور ليبرمان (Yonatan Sindel/Flash90)

جدير بالذكر أن التقرير لم يذكر اسم المصدر أو اسم الدبلوماسي الذي كان شريكًا كما يبدو في الوساطة بين الأسد وليبرمان. في مكتب ليبرمان، رفضوا التطرق للتقرير.

إلى ذلك، حذّر أمس (الثلاثاء) رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء أفيف كوخافي، في خطابه في انتهاء مراسيم دورة ضباط الاستخبارات من الخطر المتمثل من جهة سوريا التي وصفها بأنها “مركز للجهاد العالمي”. وقال كوخافي إنّ سوريا تجذب إليها آلاف ناشطي الجهاد العالمي ومتشددين إسلاميين من المنطقة والعالم، يقومون بتثبيت أقدامهم فيها.

وحسب قوله، فإن هدف هؤلاء المتشددين ليس إسقاط الأسد فحسب، بل أيضًا تحقيق رؤية دولة الشريعة الإسلامية. “على عتبة بابنا، ينشأ مركز للجهاد العالمي، على نطاق واسع، يمكن أن يؤثر ليس في سوريا فحسب، وليس على حدود دولة إسرائيل فحسب، بل أيضًا على لبنان، الأردن، وسيناء، ويمكن أن ينعكس على المنطقة كلها”، كما قال.

اقرأوا المزيد: 307 كلمة
عرض أقل