دخلت الحرب الأهلية السورية عامها السادس، ووصل عدد القتلى إلى أكثر من نصف مليون شخص ورغم وقف إطلاق النار، فلا تبدو النهاية قريبة. أما الجيش الإسرائيلي فهو ليس شريكا في هذه الحرب، ورغم كونه مدرّبا وقويّا فليست لديه مصالح في التورّط بالصراع الأكثر دموية مما عرفه الشرق الأوسط في العقود الماضية.
في المحادثة التي أجريناها هذا الأسبوع مع المقدم بسام عليان، نائب قائد اللواء الإقليمي جولان في الجيش الإسرائيلي، كان واضحا أنّه رغم كونه لم يعد يواجه جيشا نظاميا ومهددا في سوريا، فهو لا يشعر بالرضا ولا يشعر أنّ حدود إسرائيل الشمالية أصبحت حدود سلام. يمتدّ القطاع الذي يتزعمه عليان من ملتقى الحدود بين سوريا، الأردن وإسرائيل، وحتى جبل الشيخ في الشمال، وبحسب رأيه فقد تحوّلت هذه المنطقة إلى أرض مهجورة لا يسيطر عليها أحد اليوم.
ينظر عليان، وهو خريج لواء سلاح المشاة غفغاتي، وشقيق غسان عليان الذي كان قائدا على لواء جولاني في حرب غزة صيف 2014 بل وأصيب في القتال، إلى الجهة المقابلة من الحدود بدقّة. يقول: “خلال 40 عاما كان يسود الهدوء على الحدود، وفي السنوات الخمس الأخيرة، لم يعد هذا الهدوء قائما. لمزيد الأسف فقد عانت قواتنا أيضًا من عمليات عدائية، ولكن الحرب تجري بشكل أساسيّ في الجهة المقابلة”.
وفي الوقت الذي يتّهم فيه كل واحد من الطرفين الطرف الآخر بالتعاون مع إسرائيل، يؤكد عليان أنّ الجيش الإسرائيلي لا ينوي المشاركة في لعبة الاتهامات هذه. وأضاف: “من المهم أن نؤكد على أننا لسنا طرفا في هذه الحرب، لم نكن ولن نكون، حتى لو حاولوا جرّنا إلى التورط في هذه الحرب”.
أحد أهم تحديات الجيش الإسرائيلي في هذا الوقت هو محاولة فهم ماذا يقف في الجهة المقابلة من الحدود. في بعض الأحيان تصعب معرفة إذا ما كان المسلّح الذي يُشاهد عبر المناظير يخدم مصالح بشار، أبو محمد الجولاني، أو أبو بكر البغدادي. ويضيف عليان: “هناك عدد غير قليل من التنظيمات، وليس لها عنوان دائما. أنت لا تعلم إذا كانت هذه القوى هي القوى ذاتها التي كانت أمس، أم أنها تغيّرت منذ ذلك الحين”.
ويذكر عليان تحدّيا آخر، وهو دخول ما يسميه “عناصر أجنبية” إلى المنطقة. ويقول: “هذا يلزمنا على أن نعرف كل يوم من يدخل إلى هنا، وما هي قدراته ونواياه”. ورغم أن إسرائيل ليست الآن في مرمى النار المباشر لداعش، فمن غير المستبعد أن يجلب تدهور آخر في الوضع السوري التنظيم إلى الحدود مع إسرائيل.
هل تعتقد أنّ حزب الله ضعيف بسبب الحرب؟ وهل أصبح تهديده ضئلا بسبب الحرب؟
“نحن نعرف هذه المنطقة، وهذا يعني أنّه يمكن النظر إلى حزب الله من منظورين: من جهة، فقد ضعُف وتلقّى ضربات قاسية وفقد مقاتليه وتآكل. ولكن من جهة أخرى يمكنك القول إنّه قد ازداد قوة. لقد أصبح جيشا عملياتيا مع أدلة على أرض الواقع. يقول قادته إنّهم اكتسبوا خبرة، وهم يعتقدون أنّهم في الواقع قد ازدادوا قوة”.
وهناك تحدٍ آخر، لا يقل أهمية عن التحدي العسكري وهو العدد الهائل للاجئين الذين يفرّون من الحرب إلى كل مكان، بما في ذلك إلى الحدود الإسرائيلية. وقد تم الحديث مؤخرا في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إقامة ما يشبه القرية الحقيقية للاجئين السوريين قرب الحدود، في منطقة بلدة ألوني هبشان.
ويؤكد عليان: “هذه حقا ليست قصة جديدة، وقد استمر هذا الوضع عدة سنوات. ففي السنوات الثلاث الأخيرة هناك خيام للاجئين في المنطقة”.
ويضيف: “إن سياسة الجيش والحكومة هي تقديم المساعدة الإنسانية لكل من يطلبها. والجرحى تحديدا هم الذين يحتاجون إلى المساعدة. ولا يأتي طلبها بالضرورة من تلك الخيام (قرب الحدود) لأنّ ليس فيها سكان مقاتلون. ولكن عندما يصل جرحى إلى الحدود، فنحن كجيش أخلاقي لا يمكننا أن نرى على عتبتنا جريحا دون أن ندخله. هذا ما نفعله في السنوات الأخيرة”.
ووفقا لتقديرات عليان فقد استوعبت إسرائيل وعالجت ما لا يقل عن 2,000 جريح سوري.
وفقا لأقوال عليان، فعندما ترى إسرائيل أنّ القتال يقترب من المنطقة الحدودية، تتم زيادة الاستعدادات لاستيعاب الجرحى وعلاجهم. “لدينا جهاز خاص بنا لإجراء الرقابة، ومعرفة من يدخل. ليس من أجل استجوابه، وإنما من أجل منع دخول عناصر معادية. لا نريد أن يدخل جريح يكون إرهابيا انتحاريا أو يُدخل قنبلة يدوية. وعندما يكون الجريح في حالة حرجة، نجري له الفحوصات الضرورية بأكملها”.