باروخ جولدشتاين

دور العبادة تشكل هدفا للهجمات الإرهابية الفتاكة (Flash90/AFP)
دور العبادة تشكل هدفا للهجمات الإرهابية الفتاكة (Flash90/AFP)

مجازر في دور العبادة

أصبحت دور العبادة في الولايات المتحدة، مصر، إسرائيل، العراق، وفي أماكن كثيرة حول العالم، هدفا مفضّلا لدى الإرهابيين والمهوسين لتنفيذ "المجازر الدموية". هل هناك تفسير لهذه الظاهرة؟

تحدثت وسائل الإعلام في العالم اليوم (الإثنين) صباحا عن المجزرة البشعة التي حدثت أمس (الأحد) بحق المصلين المسيحيين أثناء صلاة يوم الأحد في تكساس، الولايات الأمريكية.

قُتِل 26 شخصا أثناء هذه الحادثة في الكنيسة، تراوحت أعمار الضحايا بين 5 حتى 72 عاما، ومن بينهم ابنة الكاهن وعمرها 14 عاما. وأصيب 20 شخصا آخر أيضا. لم يتضح الدافع وراء هذه الهجمة البغيضة، لكن قالت الشرطة إن الحديث يجري عن إطلاق نار الأكثر فتكا في الكنيسة في الولايات المتحدة بشكل عام وفي تكساس بشكل خاص.

وأوضحت الجهات الأمريكية المسؤولة عن إنفاذ القانون أن مطلق النار هو رجل عمره 26 عاما يُدعى دوين بطريك كالي، من سكان مدينة مجاورة. ما زالت الأسباب والدوافع (حتى لحظة كتابة هذا المقال) لدى كالي للوصول إلى الكنيسة وهو يرتدي ثوبا أسود ويقرر إطلاق النار، قيد الفحص. رغم هذا، يبدو أنه من السهل في الولايات المتحدة، التي يمكن فيها شراء الأسلحة بسهولة ودون تقييد، على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أن يشنوا عملية قتل بسهولة ويلحقوا ضررا بالكثير من العائلات، المدن الصغيرة والكبيرة على حد سواء.

من الجدير بالذكر أنه في الأول من تشرين الأول هذا العام، حدثت المجزرة الأفظع في تاريخ الولايات المتحدة بعد أن أطلق رجل عمره 64 عاما يدعى سيتفان بادوك، كان مسلحا بأسلحة أوتوماتيكية، النيران من الطابق 32 في الفندق الذي نزل فيه في لاس فيغاس، نحو 22.000 شخص متسببا بقتل 59 شخصا وجرح نحو 600 شخص آخر.

ومقارنة بالحادثة الرهيبة التي حدثت أمس (الأحد)، لم يكن إطلاق النار في لاس فيغاس موجها نحو أي دار عبادة. يتضح من تحقيقات المسؤولين القانونيين في الولايات المتحدة وفي دول أخرى في العالم أن دور العبادة أصبحت هدفا محتملا جدا لعمليات القتل والمجازر. يعرف القتلة سواء كانوا يعانون من مشاكل نفسية أو كانوا إرهابيين ينتمون إلى تيارات ومجموعات إرهابية متطرفة، أن دور العبادة هي نقطة الضعف لدى الكثيرين في العالم، لهذا هم يعملون ضد هذه الأهداف لزيادة حجم الصدمة والإضرار بأكبر عدد من الأشخاص أثناء الصلاة.

ولمزيد الأسف، وقعت أحداث قتل خطيرة ومروعة في دور العبادة في الشرق الأوسط. مؤخرا، في شهر نيسان، غمرت مصر موجة من الإرهاب ضد الكنائس القبطية. يتذكر العالم جيدا كيف نجح منتحر في تفجير نفسه عند مدخل الكاتدرائية القبطية في الإسكندرية، وقتل 18 شخصا وجرح 40 مصليا. في شهر أيار هذا العام، قُتِل 28 مسيحيًّا، على الأقل، أثناء عملية إطلاق النيران على حافلة كانت تنقل مسافرين مسيحيين أقباط من جنوب القاهرة، عشية شهر رمضان. وقد أعلنت داعش مسؤوليتها عن كلا العمليتين الخطيرتين.

مرت إسرائيل أيضا بتجارب صعبة: بتاريخ 18 تشرين الثاني عام 2014 أثناء صلاة الصباح، في إحدى الكنس المركزية في القدس، قتل مسلحان فلسطينيان 6 أشخاص وجرحا 7 آخرين في عملية رهيبة. كان منفذا العملية فلسطينيان من حي جبل المكبّر، وقد دخلا إلى قاعة صلاة مركزية وهما يحملان فؤوسا وبنادق وبدآ بمهاجمة المصلين. لقد توفي الفلسطينيان بعد معركة طويلة دارت بينهما وبين قوات الشرطة التي هرعت إلى المكان.

إحدى الحالات الصادمة التي شهدتها العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في التسعينيات، هي المجزرة الكبيرة ضد المسلمين في المسجد الإبراهيمي في الخليل، التي أسفرت عن مقتل 29 مصليا مسلما على يد المستوطن القاتل باروخ جولدشطاين، طبيب يهودي من سكان كريات أربع المجاورة للخليل. تعتبر هذه المجزرة، العملية الإرهابية اليهودية الأكبر منذ عام 1948. أدت هذه الحادثة إلى ردود فعل جماهيرية صعبة في الشارع الإسرائيلي والفلسطيني على حدِّ سواء، وإلى زيادة العنف، الذي دام عدة أشهر.

هناك الكثير من الحالات في الشرق الأوسط التي يشكل فيها المصلين في المساجد، الكنائس، والكُنس، ودور عبادة أخرى، هدفا للإرهابيين لتنفيذ عمليات تسفر عن وفاة آلاف الأشخاص، وتحدث هذه العمليات لدوافع دينية أو أخرى من خلال تجاهل قدسية هذه الأماكن.

اقرأوا المزيد: 563 كلمة
عرض أقل
الحرم الإبراهيمي في الخليل من الجو (Miriam Alster/FLASH90)
الحرم الإبراهيمي في الخليل من الجو (Miriam Alster/FLASH90)

5 حقائق لا تعرفونها عن الخليل

قبل 21 عاما قتل مستوطن متطرّف 29 مسلما في الحرم الإبراهيمي الواقع على مشارف الخليل، إليكم بعض الحقائق المثيرة للاهتمام حول هذه المدينة المثيرة للجدل

في مثل هذا اليوم، قبل 21 عاما، عام 1994، حدثت “مذبحة الحرم الإبراهيمي”. وصل باروخ جولدشتاين إلى الحرم الإبراهيمي وصلّى مع 12 يهوديّا في “قاعة إبراهيم” في حين صلّى في “قاعة إسحاق” المجاورة نحو 800 مسلم في صلاة فجر يوم الجمعة التي تسبق صوم رمضان. سار جولدشتاين إلى القاعة المجاورة وبواسطة بندقية من نوع “جليل” كانت بحوزته قتل 29 مصلّيا مسلما وجرح 125 منهم. عندما توقّف عن إطلاق النار، نجح المصلّون في السيطرة عليه وقتلوه بواسطة مطفأة الحرائق.

يهودي وفلسطيني يتحدثان خارج الحرم الإبراهيمي في الخليل (صاحب صنعة فلسطيني من مدينة الخليل (Gershon Elinson/Flash90)
يهودي وفلسطيني يتحدثان خارج الحرم الإبراهيمي في الخليل (صاحب صنعة فلسطيني من مدينة الخليل (Gershon Elinson/Flash90)

كان جولدشتاين نفسه من سكان كريات أربع، وهي مستوطنة مجاورة للخليل، والتي كانت دائما مدينة مثيرة للجدل في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

إليكم 5 حقائق مثيرة للاهتمام حول هذه المدينة الفريدة:

1. تعتبر الخليل إحدى أقدم المدن في الشرق الأوسط ومن أقدم مدن العالم المأهولة بالسكّان بشكل مستمرّ تقريبًا منذ العصور القديمة.

2. الخليل هي أعلى مدينة في فلسطين، بارتفاع يبلغ 927 مترًا فوق مستوى سطح البحر.

صاحب صنعة فلسطيني من مدينة الخليل (Gershon Elinson/Flash90)
صاحب صنعة فلسطيني من مدينة الخليل (Gershon Elinson/Flash90)

3. ووفقا للمعتقدات اليهودية والإسلامية، فقد دُفن في الحرم الإبراهيمي في الخليل إبراهيم وسارة، وإسحاق ورفكاه بالإضافة إلى يعقوب وليئة. ولذلك فهي تسمّى في العبرية “مدينة الآباء”، وفي العربية الخليل، على اسم كنية إبراهيم “خليل الله”.‎ ‎

4. يعيش في المدينة اليوم نحو 163,000 فلسطيني. أكثر من 80% من مساحتها تشمل المنطقة H1 التي تقع تحت السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية. يتحكّم الجيش الإسرائيلي ببقيّة المساحة، ويُسمح بدخول الإسرائيليين لـ 3% من مساحة المدينة فقط، والتي يعيش فيها 750 يهوديّا في الحيّ اليهودي، بالإضافة إلى الحرم الإبراهيمي.

5. هناك العديد من البلدات حول العالم تحمل اسم الخليل، الكثير منها في الولايات المتحدة، ومن بينها بلدة في ولاية كونيتيكت، وقرية في ولاية أوهايو، وبلدة في ولاية إنديانا، وبلدة في ولاية كنتاكي، ومدينة في ولاية نبراسكا، وقرية في ولاية إيلينوي، وبلدة في ولاية نيو هامبشاير، وبلدة في ولاية ماين، ومدينة في ولاية شمال داكوتا وقرية في ولاية تكساس.

اقرأوا المزيد: 283 كلمة
عرض أقل