اليهود الشكناز

عائلات يمنية لدى قدومها إلى إسرائيل (GPO)
عائلات يمنية لدى قدومها إلى إسرائيل (GPO)

نهاية قضية اختطاف أطفال اليمن؟

هل المؤسسة الإسرائيلية مسؤولة عن اختطاف الرضّع اليمنيين الذين قدِموا إلى إسرائيل في سنواتها الأولى؟ وهل سيكون بالإمكان قريبا التوصل إلى المواد السرية بخصوص مئات الأطفال المختطفين؟

كانت السيدة إلياهو، التي هاجرت من العراق إلى إسرائيل، في المراحل المتقدّمة من الحمل عندما أصيبت في حريق عام 1952. مكثت في المستشفى لفترة طويلة حفاظا على جنينها. في أحد أيام مكوثها في المستشفى، وعندما كانت تحت تأثير تخدير، تمّ توليدها ولكن عندما استردت وعيها علمت أنّ مولودها قد مات، ولم ترَ جثّته. في ولادتها التالية، في المستشفى ذاته، شاهدت طفلا حيّا يبكي، كانت قد ولدته والدته عندما كانت تخضع للتخدير، ولكن قد تم إعطاؤه لامرأة ترتدي ملابس عادية، وليست واحدة من الطاقم الطبي. قيل لوالدته إنّ طفلها مات. حينها أدركت إلياهو، أنّها ليست الوحيدة.

هذه مجرّد قصة واحدة من مئات القصص، التي تظهر في أرشيف جديد فُتح حول قضية اختطاف أطفال اليمن، والتي حدثت في إسرائيل بين عامي 1948-1956.

في هذه الأيام وفي أعقاب ضغوط شعبية استثنائية وعودة قضية أطفال اليمن إلى جدول الأعمال العام في إسرائيل، من المتوقع أن توافق الحكومة على كشف نتائج لجنة التحقيق الرسمية من العام 2001 في شأن قضية اختفاء مئات الأطفال.

القضية

عائلات يمنية لدى قدومها إلى إسرائيل (GPO)
عائلات يمنية لدى قدومها إلى إسرائيل (GPO)

في السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل بدأ الكثير من المهاجرين من دول الشرق الأوسط بالقدوم إلى إسرائيل. أهملت مؤسسات الدولة التي كانت لا تزال في مراحلها الأولى، أكثر من مرة تسجيل السكان. نُقِل الرضّع الذين وُلدوا في تلك السنوات للاستشفاء إما في المخيمات أو في المستشفيات، وقيل لأهلهم إنّهم ماتوا ودُفنوا، ولكن يشكك الكثير من الأهل وآخرين بتلك الادعاءات ويدعون أنّ الأطفال قد أُخِذوا منهم. خلال السنين كُشف عن عدة حالات أُخِذَ الأطفال فيها للتبني دون علم الأهل. وقال بعض الأشخاص من المنظومة أيضًا، مثل أطباء وممرضات، إنّهم يشكّكون أن يكون الأطفال قد أُخِذوا دون إذن.

منذ الستينيات جرت مظاهرات كثيرة شارك فيها عشرات الأزواج من الأهالي الذين طالبوا بمعرفة قصة اختفاء أطفالهم، وخصوصا بعد أن حصل الأطفال على تعليمات للتجنيد إلى الجيش الإسرائيلي. أدت تلك المظاهرات عام 1967 إلى إقامة لجنة التحقيق الأولى في الموضوع. وجدت اللجنة أن معظم الأطفال الذين اختفوا قد ماتوا، اثنان منهما تم تبنّيهما وتم تعريف البقية كـ “مفقدوين”.

قررت لجنة فحص أخرى، أقيمت عام 1988، أيضا أنّ معظم الأطفال ماتوا، رغم أنّه في عشرات الحالات لم يتم العثور على توثيق لدفنهم. تم تحديد مصير عشرات آخرين كغير معروف. اعتقد الكثير من الأهالي من أصول يمنية خلال كل تلك السنوات أنّ الأطفال الذين تم اختطافهم، قد بيعوا وتم استخدام الأموال التي دُفعت مقابلهم لصالح الدولة في سنواتها الأولى.

أين اختفى الأطفال؟

عائلة يمنية لدى قدومها الى إسرائيل (GPO)
عائلة يمنية لدى قدومها الى إسرائيل (GPO)

بحسب كلام جمعيات وشخصيات عامة كثيرة بحثت في القضية وحصلت على شهادات من الكثير من الأهالي الذين مروا بهذه التجربة المروّعة، دون الحصول على إجابات من السلطات، فإن أكثر من 1,700 طفل قد اختفوا حتى عام 1952. نحو ثلثي الأطفال الذين اختفوا كانوا من أصول يمنية، وغالبية الثلث المتبقي من الأطفال كانوا يهودا هاجروا من دول في الشرق الأوسط، ونحو 30 طفلا ممن اختفوا كانوا من أصول أوروبية أو أمريكية. بسبب حساسية الموضوع للأطفال والأهالي، تم الكشف عن بعض الحالات فقط بعد عشرات السنين من الظاهرة، وبعض الأسر غير مستعد للظهور في العلن.

كانت هناك 3 نظريات رئيسية بخصوص مصير الأطفال:

تم اختطاف الأطفال بشكل مؤسسي، من أجل توفير أطفال لأزواج أشكناز وضيوف من خارج البلاد. فحصت لجان عديدة هذا الاعتقاد ولكنه ألغيَ، وهو أيضًا غير مقبول من قبل غالبية من يطالبون بإعادة التحقيق في القضية.

تعتقد نظرية أخرى أنّه حدثت فعلا حالات تبني غير قانونية دون علم الأهل، ولكنها ليست خطة مؤسسية وإنما ظاهرة أديرت في قنوات موازية، بفضل غض الطرف واللامبالاة المؤسسية، ومن خلال أجواء ثقافية اعتبرت حالات التبني هذه مساعدة للطفل الذي جاء من أسرة متخلفة.

وفقا لنظرية ثالثة لم تُتخذ أية خطوة أبدا وقد مات معظم الأطفال، باستثناء حالات قليلة حدثت فيها أخطاء بشرية وبلبلة. هذا الاعتقاد مقبول من قبل كل لجان التحقيق التي أجريت حتى الآن. وجدت لجنة التحقيق الرسمية 69 حالة لم يتم فيها العثور على أدلة أنّ الأطفال قد ماتوا وبحسبها فهي تطرح إمكانية “التسليم بهدف التبنّي في بعض الأحيان”.

نهاية الصمت والعار

عائلات يهودية يمنية لدى وصولها الى إسرائيل (GPO)
عائلات يهودية يمنية لدى وصولها الى إسرائيل (GPO)

كما يبدو لا يمكن التخلي عن هذه القصة إلى الأبد. إنّ مشاعر العار والذنب التي أدت إلى الصمت خلال سنوات طويلة، آخذة في التلاشي. يتطرق الأولاد والأحفاد إلى القصص، يوثّقون أهاليهم وأجدادهم.
بل إن يوم الوعي السنوي لاختطاف أطفال اليمن ينشئ مجتمعا من عشرات أبناء الأسر والمختطفين.

وهناك تطرق قانوني آخر. حتى الآن لم تقدّم أية أسرة دعوى قضائية ضدّ دولة إسرائيل أو مؤسساتها حول اختطاف الأطفال، أو حتى بسبب دفنهم سرّا. ولكن هناك اليوم أسر تعيد النظر في تقديم دعاوى قضائية في إسرائيل. مؤخرًا توجهت شخصيات عامة، إلى المستشار القضائي للحكومة طالبة فتح الأرشيفات والبروتوكولات المتعلقة بالقضية. إذا رُفِض طلبها، فهي تعتزم تقديم التماس إلى المحكمة العليا.

إن اختبار استجابة المؤسسة لفتح الأرشيف سيكون مثيرا للاهتمام، حيث إنّ الأرشيف، الذي يعرض أدلة على اختطاف ممنهج للأطفال، هو لائحة اتهام خطيرة ضد الدولة. في تموز 2016، عيّن رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الوزير من حزبه، تساحي هنغبي، من أجل فحص موضوع إزالة الحصانة عن البروتوكولات والوثائق السرية في القضية. بعد فترة قصيرة من بداية الفحص، قال هنغبي إنّ مئات الأطفال قد سُرِقوا عمدًا وفي مرحلة متأخرة أكثر أوضح أنّ ليس هناك أي سبب لمنع الجمهور من رؤية المواد بخصوص هذه القضية وسيوصي الحكومة بالكشف عنها.

إذا اعترفت دولة إسرائيل بقضية اختطاف الأطفال الشرقيين من قبل مؤسسة أشكنازية، سيكون هناك قبول لرواية شرقية لا يمكن تجاهلها أو نفيها. جريمة تأسست على عنصرية واضحة. وستغيّر هذه القصة موازين القوى تماما.

اقرأوا المزيد: 826 كلمة
عرض أقل
بعض أثرياء إسرائيل ()Flash90Michal Fattal
بعض أثرياء إسرائيل ()Flash90Michal Fattal

كم يربح الإسرائيليون الأغنياء شهريًّا؟

إن احتمال أن يكون شخص غنيا بشكل بارز في إسرائيل يتطلب أن يكون رجلا، يهوديا - شكنازيّا، تعلم ما لا يقل عن 15 سنة تعليمية ويسكن في إحدى مدن المركز

إن الدرجة المئينية العليا هي نسبة واحدة من كافة الأشخاص الذين يربحون في الشهر الواحد أكثر من كل الـ 99% الأشخاص الآخرين.

وفق تقرير جديد لوزارة المالية الإسرائيلية لعام 2015، فإن معدل الربح الشهري للأشخاص المُصنّفين في الدرجة المئينية العليا يصل إلى نحو 114 ألف دولار شهريًّا – أي نحو مليون و-368 دولار سنويا.

ويدور الحديث عن مبلغ يعادل 50 ضعفا من متوسط الأجور الشهرية في سوق العمل الإسرائيلي، الذي يُعادل نحو 2375 دولارا شهريا.

تجدر الإشارة إلى أن غالبية أرباح الأغنياء في إسرائيل، الذين يحتلون الدرجة المئينية العليا، ليست ناتجة عن العمل، بل هي حصيلة الاستثمارات المالية، تأجير الأملاك المختلفة، التوفيرات المالية والأموال المودعة. حسب التقرير، فإن نسبة أرباح الأغنياء (ليسوا أجيرين غالبًا، من مداخيل ليست من مِلك، أو من أملاك مالية أو أرباح مالية تصل إلى 27%؛ ونسبتها في الشريحة العُشرية العليا إلى 48%، أما نسبتها في الدرجة المئينية العليا فهي 80%.

طبيعيا، يدور الحديث عن مجموعة صغيرة جدا. ومع ذلك لفهم مدى الثراء أجرينا حسابا كم يتعين على الإسرائيلي المتوسط أن يربح ليُصنف في الدرجة المئينية العليا مقارنةً بأبناء جيله الآخرين.

الدرجة المئينية العليا هي مجموعة تتضمن ما مجموعه 4,400 شخص فقط، من بين شريحة سكانية تعدادها نحو 500 ألف شخص مستقل في الدولة، بما في ذلك المدراء الكبار في الاقتصاد (نحو 11%) وأصحاب الثروة الكبار، الذين تصل أرباح جزء منهم إلى مئات آلاف الدولارات. ويشكل الرجال 81% من هذه الشريحة.

مجمع تجاري خم وسط مدينة تل ابيب (Flash90\Miriam Alster)
مجمع تجاري خم وسط مدينة تل ابيب (Flash90\Miriam Alster)

تثير هذه الأرقام إحباطا لأنه يبدو أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين لن تنجح في الانضمام إلى هذه المجموعة الصغيرة. إلا أنه هناك درجة مئينية عليا يمكن أن ينضم عدد غير قليل من الأجيرين الإسرائيليين إليها. يتضح أنه، بين أوساط الأجيرين أيضا هنالك درجة مئينية عليا، وحسب تقرير وزارة المالية الإسرائيلية، من أجل الانتماء إليها يجب كسب ما يعادل نحو 18 ألف دولار شهريًّا – 8 أضعاف معدل الأجور والرواتب في السوق الإسرائيلية.

يصل عدد الأجيرين في السوق الإسرائيلية اليوم إلى نحو 3.1 مليون، من بينهم نحو 29 ألف أجير من المنتمين للدرجة المئينية العليا. بالمناسبة، هنالك تمييز سلبي تجاه النساء، في هذا الوسط أيضاً. على الرغم من أنهن يشكّلن نصف القوى العاملة الأجيرة في السوق الإسرائيلية، فهن يكسبن نحو 1900 دولار شهريا بينما يحصل الرجال على نحو 2800 دولار شهريًا من كافة الأعمار.

وفقًا لبيانات وزارة المالية، فإن معدل الأجور للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15حتى 24 عاما في إسرائيل هو نحو 750 دولارًا شهريا. سينضم الأشخاص الذين أعمارهم 22 أو 24 عاما، ويكسبون 6000 دولار شهريا، إلى الدرجة المئينية العليا الخاصة بفئتهم العمرية.

إضافةً إلى ذلك، نحو 46% من الذين ينتمون إلى الدرجة المئينية العليا، تتراوح أعمارهم بين 60 حتى 69 عاما. من بينهم %2 فقط تتراوح أعمارهم بين 20 حتى 24 عاما، و- 5% تتراوح أعمارهم بين 25 حتى 34 عاما.

اقرأوا المزيد: 428 كلمة
عرض أقل
نتنياهو مكسيكي ؟
نتنياهو مكسيكي ؟

الشبكة تسخر من ادعاء نتنياهو أنه شرقي

رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، يكشف أنه شرقي أيضًا، ومتصفحو الشبكة في إسرائيل لا يتوقفون عن الضحك عند سماع هذا التصريح

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس (الثلاثاء)، خلال مراسم افتتاح جناح جديد في متحف الشعب اليهودي في الشتات بتل أبيب إنه من أصل شرقي أيضًا.

وقال نتنياهو الذي يُعتبر “شكنازيا محضا”، من أصول غربية، أن جزءًا من شجرة عائلته ينتمي إلى اليهود الشرقيين.

كيف أوضح ذلك؟ “أخي، عيدو، هو كاتب وطبيب”، قال نتنياهو. “توجه إليه باحثون يبحثون في مجال علم الأنساب باستخدام فحص الحمض النووي. ادعوا في أطروحتهم أن يهود ليتوانيا ونحن ننتمي إلى عائلة ليتوانية، تشمل أساس من اليهود الشرقيين”.

ومن البديهي أن الإسرائيليين لم يبقوا لا مبالين عند سماع حديث نتنياهو “غير الواقعي” ولذلك بدأوا فورا بتحميل الصور وتبادل النكات والسخرية على حساب رئيس الوزراء.

كتب أحد المعلقين في فيس بوك: “نتنياهو شرقي، وكان جده وريث ملك المغرب”.

نتنياهو شرقي ؟
نتنياهو شرقي ؟

وضع معلق آخر صورة شاب غريب الأطوار وذي ملامح مشوهة بعد أن علم أن نتنياهو شرقي.

غرد معلق إسرائيلي آخر على تويتر “لا، أصبح يكذب الآن الحمض النووي الخاص بنتنياهو أيضا”.

رفعت معلقة أخرى صورة مصارع ثيران وثور تحت عنوان نتنياهو ” أنا من أصل إسباني”.

نتنياهو إسباني ؟
نتنياهو إسباني ؟

قررت متصفحة إسرائيلية أخرى إلباس نتنياهو لباسًا مكسيكيًا وادعت أنه قد يقول في المستقبل إنه من أصل مكسيكي.

نتنياهو مكسيكي ؟
نتنياهو مكسيكي ؟
اقرأوا المزيد: 175 كلمة
عرض أقل
فرقة مشروع رفيفو
فرقة مشروع رفيفو

عودة الحفلة الشرقية

أثار تسويق الموسيقى الشرقية شوقا إلى المصادر التي نشأت منها: الحفلات المنزلية هي الحدث الاجتماعي الأكثر تأثيرا اليوم في الموسيقى الشرقية في إسرائيل

لم يعد ذلك مشهدا نادرا أن نرى مجموعة من الرجال (اليمنيين غالبا)، في أعمار مختلفة، يجلسون على أريكة، يتناولون المكسرات، يدخّن بعضهم النرجيلة، يمضغ بعضهم القات، ويمسك بعضهم كأس ويسكي أو فودكا في يده. تُعزف في الخلفية موسيقى شرقية ذات طابع حنين إلى الماضي. أصبحت الحفلة المنتدى الثابت للعائلات الشرقية الكثيرة في إسرائيل، والتي سئمت من تسويق الموسيقى الشرقية وتبحث عن الحنين إلى الماضي من خلال الأغاني العائلية والذكريات من دور الآباء في المغرب، اليمن أو الجزائر.

عودة الحفلة الشرقية
عودة الحفلة الشرقية

يعرف الجميع هذه العادة من البيت، من الوالدين والأجداد، وقد عادوا إليها في الثلاثينات أو الأربعينات من حياتهم. بدأ هذا الاتجاه الموسيقيّ الاجتماعي تحديدا قبل نحو أربع سنوات، من قبل أبناء لوالدين هاجروا من اليمن. وقد نشأ أحد المشاريع الموسيقية الأكثر تأثيرا اليوم في الموسيقى الإسرائيلية أثناء اللقاءات الاجتماعية – الأسرية ويسمى “مشروع رفيفو”. لقد قرر ثلاثة إخوة من مهاجري اليمن تصوير الحفلات الخاصة بهم وبأصدقائهم ورفعها على يوتيوب. سعى “مشروع رفيفو” إلى تجديد أغاني الموسيقى الشرقية والمتوسطية من السبعينات والثمانينات. كانت الأفلام التي تم رفعها للمرة الأولى عام 2012 متواضعة، وكان التحرير بسيطا، وهناك تجمع أيضا الأهل والأصدقاء حول مائدة مليئة بالقات، المكسرات، الكحول، والنراجيل. كان لكل واحد من الإخوة مهمة، فهناك من قاد الأغنية العامة وهناك من عزف وكذلك مَن اهتم بدب الحماس بين الحضور. وهكذا انطلق في الواقع مشروع اجتماعي سيغيّر رُوَيدًا رُوَيدًا الموسيقى الشرقية ويعيدها إلى حضن الأسر الإسرائيلية.

جاءت مقاطع الفيديو إلى يوتيوب في الوقت المناسب. وقد حظيت بمشاهدات سريعا. لقد رأى الناس النموذج الذي عرفوه منذ الخمسينات، وهي السنوات الأولى لقيام دولة إسرائيل التي قدِم إليها المهاجرون الأوائل من البلدان العربية، وأحضروا معهم تراثهم الثقافي الغني. ازدهر نجاح “مشروع رفيفو” وأشار إليه نقاد الموسيقى الشرقية المسوّقة باعتباره “بديلا ذا جودة” للبوب المتوسطي ومنذ ذلك الحين أقام الأخوة الحفلات في كل مكان ممكن.

عودة إلى الجذور

https://www.facebook.com/osimsamieah/videos/764470416987421/

“مشروع رفيفو” هو أحد الانعكاسات لمحاولة العودة إلى جذور الموسيقى الشرقية. وهي الموسيقى التي ازدهرت في الحفلات المنزلية، على الأسطح، في الساحات، في الجلسات الليلية الطويلة حول المائدة، من خلال الاهتمام التلقائي بالموسيقى من مصادر مختلفة: يمنية، يونانية، تركية، عربية، كردية، ومغربية. لم تتميز هذه الحفلات بالتعريف الموسيقيّ وإنما بالإطار الاجتماعي الجديد الذي تشكّل في الأحياء وكشف الموسيقى الإسرائيلية على أنغام جديدة. جرت اللحظات المؤسسة لهذا النوع في السبعينات، في حفلات “كرم اليمنيين”، وهو حي المهاجرين من اليمن الأكثر شهرة في تل أبيب. وُلد المطرب المتوسطي في تلك السنوات بعيدا عن المؤسسة الشكنازية (الشكناز هم المهاجرون اليهود من البلدان الأوروبية)، التي سيطرت على الثقافة الإسرائيلية، وبقي بعيدا عنها لسنوات طويلة بعد ذلك.

إن العملية التي جرت على مر السنين – بدءا من الكاسيتات التي حظيت بشعبية كبيرة في المحطة المركزية في تل أبيب والتجاهل التام من الإعلام، مرورا بـ “غيتوات” الموسيقى الشرقية وصولا إلى انطلاق إيال جولان وسريت حداد والتحول إلى تيار مركزي- قد غيّرت وجه هذه الموسيقى. وقد أثار هذا التغيير الاشتياق – الذي انعكس في عودة الحفلات، أو بشكل أكثر دقة بالطلب المتزايد عليها، أيضا في أوساط الجيل الذي وُلد بعد أيام مجدها.

الحفلات تتألق على الشاشات الكبيرة

عودة الحفلة الشرقية
عودة الحفلة الشرقية

يمكن أن نجد المشهد الذي وصفناه في بداية المقال عن الأصدقاء وأفراد الأسرة حول طاولات مليئة بكل ما هو جيد، آلات العزف والميكروفونات التي تنتقل من يد مطرب إلى آخر في التلفزيون أيضًا. يتعارض برنامج “جمعة سعيدة” الذي يتم بثه في هذه الأيام في التلفزيون الإسرائيلي مع كل ما هو مألوف اليوم في الشاشة الصغيرة وفي الصناعة التي تدور حولها. نرى مجددا مشهد الرجال والنساء والأطفال ذاته وهم يجلسون حول المائدة، يشربون، ويأكلون وبشكل أساسي يغنون ويرقصون على أنغام الموسيقى الشرقية. يتم بثّ البرنامج في أيام الجمعة في ساعات الظهيرة الباكرة. إنه البرنامج الأكثر نجاحا في القناة 24 الإسرائيلية، كما يقول منتجوه.

في هذه الأيام يتم تصوير البرنامج في أحد المطاعم العربية الأكثر شهرة في مدينة يافا وهو مطعم “حج كحيل”. يأتي الجمهور قبل البثّ والمكان مفتوح لكل من يرغب في المجيء والاستمتاع بالمأكولات والمشروبات الجيدة والموسيقى الحنينية. إنه بثّ حيّ لمدة نحو أربع ساعات. تتألف المجموعة من مائدة يجلس حولها مقدّم البرنامج والمطربون. توضع على المائدة السلطات وسائر أنواع المأكولات والمشروبات.

عودة الحفلة الشرقية
عودة الحفلة الشرقية

يوضح منتجو البرنامج أنّ الهدف من البرنامج هو ألا يكون برنامجا تلفزيونيا، بل أن يضع المشاهدون البرنامج في الخلفية وهم ينظفون المنزل، يطبخون أو يقومون بترتيبات أخرى في البيت. تهدف الموسيقى القادمة من التلفزيون إلى ترفيه الوقت في المنزل، ولا سيما، في أيام الجمعة التي تعتبر من الأيام الأكثر أسرية وقداسة في إسرائيل.

الموسيقى الشرقية تكافح من أجل مكانتها في الثقافة الإسرائيلية

إن الصراع على أصالة الموسيقى الشرقية هو صراع دوري. كل عدة سنوات يُطرح النقاش مجددا حول مكانة الثقافة الشرقية في إسرائيل. هل تم تسويقها؟ هل هي مكملة لتفرد الموسيقى العربية الكلاسيكية؟ ألم تتحول إلى غربية أكثر؟ هل من المفضل أساسا أن تكون تيارا سائدا في الثقافة الإسرائيلية؟

لا شكّ، أن الجمهور الإسرائيلي في أيامنا يريد الاستماع إلى شيء أقرب إلى البوب الغربي. أحد أسباب هذه الرغبة هو أن النغمة العربية الأصيلة تعتبر بالنسبة للمستمعين الإسرائيليين ، اليوم أيضًا، نغمة العدوّ. لقد اضطرت الثقافة اليهودية الشرقية دائما إلى مواجهة هذا التوتر، بين جوهرها العربي وبين القومية اليهودية التي تعيش صراعا ضدّ القومية العربية.

وبين صراع وآخر تعود هذه المشاهد إلى الأسر التي تجتمع في أمسيات يوم الجمعة حول مائدة الطعام، القات، النرجيلة، الويسكي، الميكروفونات، الدربكات، الدفوف وغيرها والتي تذكّر الجميع بأنّ سحر الشرق لا يزال محفوظا في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 826 كلمة
عرض أقل
الثقافة الشرقية تُناضل من أجل مكانتها في المُجتمع الإسرائيلي (Facebook)
الثقافة الشرقية تُناضل من أجل مكانتها في المُجتمع الإسرائيلي (Facebook)

الثقافة الشرقية تُناضل من أجل مكانتها في المُجتمع الإسرائيلي

الشرقيون في إسرائيل يناضلون من أجل إدخال الموسيقى والثقافة الشرقية، العربية في المشهد الثقافي الإسرائيلي. وما هو مكان العرب في إسرائيل من كل هذا النضال؟

من يُريد أن يفهم المُجتمع الإسرائيلي أو على الأقل جزءًا من تعقيداته، عليه أن يُلاحظ الفجوة الثقافية بين الذين تعود أُصولهم إلى الدول الشرقية – وبين الذين تعود أُصولهم إلى دول أوروبا (الشكناز).

عام 2015، كان هو العام الذي وصل فيه الصراع طويل السنوات، بخصوص الهيمنة الثقافية وتعريف من هو إسرائيلي، إلى ذروته عندما فاز حزب الليكود (الذي يحظى بتأييد غالبية الشرقيين) بالحكم ثانية. تم تعيين نائبة الكنيست ميري ريغيف (من حزب الليكود)، التي هي بحد ذاتها شخصية مُعقّدة ومن أصول شرقية، كوزيرة للثقافة ووعدت بتنفيذ مهمات كثيرة. والأهم من بينها: زيادة نسبة تمثيل الثقافة الشرقية في وسائل الإعلام الاجتماعية الإسرائيلية.

ميري ريغف في حائط البراق (Hadas ParushFlash90)
ميري ريغف في حائط البراق (Hadas ParushFlash90)

عمومًا، تنعكس الثقافة الشعبية في أي مُجتمع، من بين وسائط عديدة، من خلال المُحتوى الذي يعرضه التلفزيون الخاص بالمُجتمع. في إسرائيل، عندما ننظر إلى التمثيل، من خلال الشخصيات التي تظهر على الشاشة، يمكن أن نلاحظ اختلافا جوهريَّا. تم استبدال الهيمنة المعروفة لشخصية الشكنازيّ الأسطوري، الشمالي، أبيض البشرة، من الكيبوتس أو من شمال تل أبيب، ببرامج كثيرة تحمل شخصية الإسرائيلي الشرقي القادم من أطراف البلاد، أو بشخصية تحمل “صفات شرقية” والتي أصبحت أكثر شيوعًا ومحبوبة ومطلوبة جدًا.

الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)
الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)

تشغل الجهود التي تبذلها ميري ريغيف بال الإسرائيليين في هذه الأيام، ويدور الحديث عن الجهود المُتعلقة بإدخال المزيد من الموسيقى الشرقية ضمن برامج أشهر محطة إذاعية إسرائيلية والنضال الذي يخوضه منتجو التلفزيون من أجل تخصيص حيز مُساوٍ بين الثقافة الشرقية والغربية.

ومن جهة، يدّعي مُنتجون شرقيون أن هناك تمييز كبير بقبولهم، بالإجماع، في الثقافة الإسرائيلية العامة، ومن جهة أُخرى، هناك ادعاءات ضدهم تقول إن أعمالهم تبعد سنوات ضوئية عن الثقافة الشرقية الأصيلة وأن ما يُنتجونه لا يتعدى كونه “ثقافة سريعة وتافهة”، لا تحترم تُراثهم.

المطربة الشرقية، مايا بوسكيلا (Facebook)
المطربة الشرقية، مايا بوسكيلا (Facebook)

لا شك أن دعم الثقافة الشرقية هام جدًا لخلق ذلك الاختلاف الاجتماعي وجسر الهوة الاجتماعية في إسرائيل. ولا شك أن هذه حاجة مُلحة من شأنها أن تُحرك عملية لا مثيل لها – استعدادا لاحتواء كل فئات المُجتمع وخلق شعور من المشاركة، الانتماء، الاكتراث والتقدير الذاتي. سيخدم دعم الثقافة الشرقية، وترويجها، ليس فقط المواطنين الشرقيين والشرقيات في الدولة، بل أيضًا غالبية فئة الشكنازيين المُهيمنة بحيث ستحظى بتوسيع تناغم الحوار الاجتماعي – الثقافي الخاص بها.

https://www.youtube.com/watch?v=kFV_K_fMiQI

ومن وجهة نظر شخصية، من خلال مُعطيات نُشرت هذا العام ضمن مُداولات لجنة التربية، الثقافة والرياضة في الكنيست، في موضوع الثقافة العربية وتمثيلها في الحيز الجماهيري اتضح أن الاستثمار في الثقافة العربية يصل إلى نسبة 3% فقط، من ميزانية الثقافة عمومًا. وطالما أننا نتحدث عن المساواة فأعتقد أن الثقافة العربية الغنية جدًا تستحق مكانًا مُحترمًا ضمن فُسيفساء المُجتمع الإسرائيلي.

اقرأوا المزيد: 387 كلمة
عرض أقل
ابو مازن يستقبل مندوبين إسرائيليين عن طائفة اليهود الشرفيين في رام الله (facebook)
ابو مازن يستقبل مندوبين إسرائيليين عن طائفة اليهود الشرفيين في رام الله (facebook)

لقاء مفاجئ بين رئيس السلطة الفلسطينية ومجموعة من الإسرائيليين الشرقيين

اجتمع محمود عباس في المقاطعة بممثلين إسرائيليين من أبناء الطوائف الشرقية في إطار مبادرة جديدة.. "حاولنا تحقيق السلام مع الشكناز وفشلنا. والآن نحن نحاول الحديث مع الشرقيين" قال الرئيس

التقى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمس بمجموعة من الممثّلين الإسرائيليين من حركة “القوس الديمقراطي الشرقي”. كانت الزيارة نتيجة لتوجّه من قبل المكتب الفلسطيني للعلاقات مع المجتمَع الإسرائيلي، وهو مكتب يعني بتعزيز الحوار والعمل المشترك مع مجموعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي.

تحدثت أورلي نوي، وهي ناشطة سياسية إسرائيلية حضرت في اللقاء وتناضل منذ زمن طويل ضدّ قمع ثقافة الشرق إلى هامش الخطاب الإسرائيلي، للصحيفة الإلكترونية الإسرائيلية “محادثة محلية” حول كيف بدأ كل شيء: “قبل نحو شهرين اتصل بي الدكتور زياد درويش، وهو صحفي فلسطيني وعضو في اللجنة الفلسطينية للعلاقات مع المجتمع الإسرائيلي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة محمد المدني. “نحن نريد أن نبدأ في عملية حوار مع المجتمع الشرقي في إسرائيل”، كما قال. “تعالي للقاء مع المدني”.

استجابت نوي لذلك والتقت بالمدني الذي بدأ حديثه قائلا: “أريد أن أنقل لكم رسالة مباشرة من الرئيس. حاولنا تحقيق السلام مع الشكناز وفشلنا. والآن نحن نحاول الحديث مع الشرقيين”.

القيادة الفلسطينية ليست غافلة عن الخطاب الطائفي الذي يطفو في كثير من الأحيان ويثير التوترات في دولة إسرائيل. فالمسؤلون يعرفون جيّدا الهجرات الشرقية المختلفة والتاريخ الشرقي في البلاد ويرون إمكانية تعزيز الحوار مع الشرقيين.

ابو مازن يستقبل الناشطة اليسارية أورتال بن ديان في رام الله (facebook)
ابو مازن يستقبل الناشطة اليسارية أورتال بن ديان في رام الله (facebook)

كان الطريق من لقاء نوي مع المدني في فندق في القدس الشرقية إلى اللقاء مع رئيس السلطة محمود عباس بنفسه أمس في المقاطعة برام الله قصيرا.

وقد حضرت أورتال بن ديان، وهي ناشطة يسارية شرقية نسوية وشخصية إسرائيلية معروفة، هي أيضًا للزيارة وكتبت في صفحتها الفيس بوك: “في إطار الزيارة، التقينا بالرئيس أبي مازن وأعربنا عن صدمتنا وإدانة شديدة لقتل سعد وعلي دوابشه في قرية دوما. وأعرب أبو مازن أمامنا عن أمله في تجديد المفاوضات السياسية، ووقف العنف من كلا الطرفين، وأمله بحياة من السلام والعدالة. استقبلنا أبو مازن ومسؤولون آخرون التقينا بهم باحترام وتقدير.

أعجبت بأنّ يد أبو مازن ممدودة للسلام، شجاع وصادق، وذلك بخلاف تشويه صورته التي يرسمها به نتنياهو وسياسيون آخرون من اليمين. هناك شريك”. وأضافت قائلة: “أكّد في المحادثة على أنّه يرى الإمكانية الكامنة في العلاقة الثقافية والتاريخية القائمة بين الشرقيين والعرب معربا عن أمله بأنّ يشكّل الشرقيّون جسرا للعدالة، السلام ووقف سفك الدماء”.

حركة “القوس الديمقراطي الشرقي”، والتي شارك أعضاؤها في زيارة المقاطعة، هي حركة إسرائيلية تأسست من قبل نساء ورجال من أبناء الجيل الثاني والثالث من يهود الدول العربية والشرق. تعمل الحركة على القضاء على الآراء المسبقة واقتلاع الصور النمطية من جذورها، والتي بحسب الحركة توجّه المؤسسات التعليمية والثقافية في دولة إسرائيل. وتعارض الحركة أيضًا الطريقة التي تتعامل فيها النخبة الثقافية في إسرائيل مع الثقافة الشرقية في دولة إسرائيل والمهاجرين من الدول الشرقية.

اقرأوا المزيد: 391 كلمة
عرض أقل
مؤيدو حزب الليكود في إسرائيل (Noam Moskowitz)
مؤيدو حزب الليكود في إسرائيل (Noam Moskowitz)

العنصرية في إسرائيل تنفجر بعد الانتخابات

تصريحات عنصرية لفنّانين وأكاديميين خاب أملهم من فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات وفتحوا من جديد أحد الجروح التي تقسّم المجتمع الإسرائيلي: الصدع بين يهود أوروبا ويهود دول الإسلام

لدى معرفة نتائج الانتخابات في إسرائيل، كان هناك الكثيرون ممّن خاب أملهم بها. ورغم أنه كان يبدو أن بنيامين نتنياهو في طريقه إلى إخلاء ديوان رئيس الحكومة لصالح يتسحاق هرتسوغ، فقد فاجأ نتنياهو الجميع وحقّق فوزا كاسحا. لكن كان هناك من رفض قبول حكم الشعب.

أثبتت التصريحات أنّ العنصرية بين اليهود في إسرائيل وبين بعضهم البعض، بين القادمين من الدول الأوروبية والقادمين من الدول الإسلامية، لا تزال قائمة.

على مدى سنوات قام في إسرائيل تمييز ضدّ اليهود الذين تعود أصولهم إلى الدول الإسلامية. في أعقاب سنوات من التمييز وعدم المساواة في توزيع الموارد، فهؤلاء اليهود يكسبون مالا أقل، ولا يحصلون على تعليم جامعي مثل اليهود من أصول أوروبية.

البروفيسور الإسرائيلي أمير حتسروني: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”

اليهود “الشرقيون”، القادمون من العراق، المغرب، مصر، اليمن وإيران، معروفون في إسرائيل بكون الممارسات الدينية اليهودية أقرب إلى قلوبهم. فمن المعتاد في مجتمعهم احترام رأي الحاخامات والتردّد على الكُنس بشكل أكبر. وليس الأمر كذلك لدى اليهود القادمين من أوروبا، “الشكناز”، والذين معظمهم ليس متديّنا.

السياسي  الذي حاول استخدام هذا الصدع هو رئيس حزب شاس أرييه درعي، وهو يهودي متديّن من مواليد المغرب، وقد انطلق بحملة “شرقي يصوّت لشرقي”. في أفلامه الدعائية، انتقد درعي قائلا: “المكان الوحيد الذي فيه شرقيون أكثر من الشكناز (أي اليهود من أصول أوروبية) هو السجون”.

أريه درعي (Isaac Harari,  FLASH90)
أريه درعي (Isaac Harari, FLASH90)

أثبتت نتائج الانتخابات أنّ الغالبية الساحقة من اليهود من أصول شرقية قد صوّتوا لأحزاب اليمين، وساهموا بأن يتم – بخلاف التوقعات – انتخاب نتنياهو من جديد لرئاسة الحكومة. وقد غضب الكثير من الإسرائيليين من أصول أوروبية بسبب ذلك.

الكاتبة ألونا كمحي: “اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم”

بعد نشر النتائج فورا، كتبت إحدى أبرز الكاتبات في إسرائيل، ألونا كمحي: “لكل شعب هناك السلطة التي تناسبه. فليحيا الغباء والشرّ، اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم. الموت فقط هو الذي سينقذكم من أنفسكم”. بعد مرور بعض الوقت قامت بحذف المنشور، واعتذرت على كلامها الجريء.

ارتبطت تصريحات كمحي مع التصريحات القاسية التي قالها الفنان الإسرائيلي يائير جربوز قبل بضعة أيام من الانتخابات، والتي أدان فيها مؤيّدي نتنياهو لكونهم “يقبّلون التمائم”، أي إنهم يؤمنون بمعتقدات بدائية ومتخلّفة مقارنة بأنصار هرتسوغ.

بالإضافة إليهم، فقد تكلّم أيضًا الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشاع سوبول بشكل مهين عن أنصار نتنياهو ووصفهم بأنهم “مقبّلي عضادات الباب”، وهو وصف انتقاصي لليهود التقليديين.

ولكن ذروة العنصرية، سُجّلت في مقابلة لبروفيسور إسرائيلي اسمه أمير حتسروني، باحث في الإعلام، في القناة الثانية الإسرائيلية. تمّت دعوة حتسروني إلى هناك في أعقاب تصريحات جريئة كتبها في صفحته الفيس بوك عن اليهود الشرقيين، حيث قال فيها إنّ دولة إسرائيل أخطأت حين سمحت لهم بالهجرة إليها من الدول العربيّة، فأنشأت بذلك طبقة كبيرة من السكان المتخلّفين.

كانت التصريحات التي قالها حتسروني في المقابلة، والتي تجادل فيها مع إسرائيلية ولد والداها في المغرب، سيّئة بنفس القدر. قال حتسروني للمرأة: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”. في أعقاب هذه التصريحات تمّ طرد حتسروني من الأستوديو من قبل مقدّمي البرنامج المصدومين. ومن الواضح الآن للجميع في إسرائيل أنه سوى العنصرية التي تلوّث العلاقات بين اليهود والعرب، تنتشر عنصرية أيضًا داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 481 كلمة
عرض أقل
كنيس الغريبة، تونس
كنيس الغريبة، تونس

11 صورة جميلة لما تبقّى من المعابد اليهوديّة في العالم الإسلامي

لطالما كانت المعتقدات الدينية خلف أبرز التحف المعماريّة حول العالَم

في اليهودية، يعدو المجمع (الكنيس) كونه مجرّد مبنى؛ فهو عنوان رئيسي ومؤسسة تعبّر عن الهوية والتقاليد اليهودية، التي تتجسّد في النسيج الاجتماعي للمجتمعات اليهودية.

كانت هذه المجامع في الماضي منتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشكّلة مقرًّا لمجتمعات يهوديّة مزدهرة، يعود تاريخ بعضها إلى الأزمنة القديمة. لكنّ هذه الأعداد أخذت في التناقص منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 وحرب الأيام الستة عام 1967 جرّاء الاضطهاد والهجرات المتلاحقة، مخلّفةً بضعة آلاف من اليهود فقط في العالم العربي. ولا يزال بالإمكان العثور على قلّة من اليهود في دوَل ذات أكثرية إسلامية، كمصر، لبنان، إيران، وتونس.

إلى جانب تلك الجاليات، تنتصب المجامع القليلة المتبقية كشاهدٍ على ما كان يومًا مجتمعاتٍ يهودية مزدهرة في البلدان الإسلامية، مزوّدةً إيّانا بلمحة عن الهوية العربية – اليهودية الفريدة في الشرق الأوسط.

أعددنا لكم لائحة ببعض أبهى المجامع والهياكل في الدول ذات الأكثرية الإسلامية في الشرق الأوسط، من إيران إلى المغرب:

إلياهو هنفي (إيليا النبي)، سفاردي، مصر

إلياهو هنفي (إيليا النبي)، سفاردي، مصر
إلياهو هنفي (إيليا النبي)، سفاردي، مصر

هذا المجمع السفاردي (اليهود الشرقيون) ذو الأعوام المئة والخمسين في الإسكندرية، مصر، هو أحد أكبر المجامع اليهودية في الشرق الأوسط، متباهيًا بأعمدته الرخامية الإيطالية الشاهقة، ومتّسعًا لأكثر من 700 شخص، مقدّمًا لنا لمحة فريدة عمّا كان يومًا مجتمعًا يهوديًّا نابضًا بالحياة في ذروته.

المجمع الأشكنازي، تركيا

المجمع الأشكنازي، تركيا
المجمع الأشكنازي، تركيا

دُشّن هذا المجمع الأشكنازي (يهود أوروبا)، الذي صمّمه المهندس المعماريّ الإيطالي جابرييل تيديشي، عام 1900 في إسطنبول، تركيا، للمهاجرين اليهود من بولندا ومقدونية. نُقشت على التابوت الخشبي الأسود، الذي أُحضر من كييف، حروف عبراية. هذا الكنيس هو المجمع الأشكنازي الوحيد في البلاد.

صلاة الفاسيين، المغرب

صلاة الفاسيين، المغرب
صلاة الفاسيين، المغرب

أُعيد أوائل العام الماضي افتتاح هذا المجمع الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر في مدينة فاس المغربية، إحدى أقدم مدن العصور الوسطى في العالم. وجاءت إعادة الافتتاح بعد عامَين من مشروع ترميم وتجديد. إنه دليل على “غنى وتنوّع المكوّنات الروحية والتراث الأصيل للمملكة المغربية”، على حدّ تعبير الملك المغربي محمد السادس.

شاعر هشمايم، مصر

شاعر هشمايم، مصر
شاعر هشمايم، مصر

أحد أكبر المعابد اليهودية في مصر هو مجمع “شاعر هشمايم”، الذي يعني اسمه “بوّابة السماء”. جرى بناؤه عام 1905، وهو معروف أيضًا بمعبد شارع عدلي و”معبد الإسماعيلية”. يشبه الفنّ المعماريّ لهذا المعبد ذاك الذي للمعابد المصرية القديمة، وتزيّن نقوش زهور اللوتس والنباتات جدرانه الخارجية.

معبد بيت إيل، المغرب

معبد بيت إيل، المغرب
معبد بيت إيل، المغرب

معبد بيت إيل في الدار البيضاء، المغرب، هو أحد أكبر المجامع اليهودية في المملكة، وهو المركز الديني والاجتماعي لسكّان المدينة اليهود.

نيفي شالوم، تركيا

نيفي شالوم، تركيا
نيفي شالوم، تركيا

يعود تاريخ “نيفي شالوم”، الذي يعني اسمه “واحة السلام”، إلى ثلاثينات القرن العشرين، وهو أكبر معابد إسطنبول اليهودية. للأسف، استهدفت هذا المعبدَ هجماتٌ وحشية لمتطرفين معادين لليهودية في العقود الأخيرة.

ماجين أبراهام، لُبنان

ماجين أبراهام، لُبنان
ماجين أبراهام، لُبنان

هذا المبنى هو آخِر ما تبقّى من المعابد اليهوديّة في بيروت، لبنان. بعد مغادرة آخر رجل دين يهودي عام 1975، تعرّض الكنيس لأضرار بنيوية شديدة خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين عامَي 1975 و1990. مع ذلك، بدأت أعمال الترميم عام 2009، وجرت إعادة الجزء الداخلي إلى حالته السابقة، مع جدران زرقاء سماويّة ونوافذ على شكل قناطر.

الغريبة، تونس

الغريبة، تونس
الغريبة، تونس

يُعتقَد أنّ معبد الغريبة في الجمهورية التونسية، على بُعد 500 كيلومتر عن تونس العاصمة، يعود تاريخه إلى ما قبل 1900 عام، ما يجعله أقدم المجامع اليهودية في إفريقيا. استضاف المعبد في العام الماضي مئات اليهود من أوروبا، إسرائيل، وإفريقيا في رحلة حجّ استغرقت ثلاثة أيّام، وتمّت برعاية الشرطة التونسية المسلَّحة.

كنيس جرجيس، تونس

كنيس جرجيس، تونس
كنيس جرجيس، تونس

هذا المجمع الجاثم في جرجيس، تونس، هو موطن جالية يهوديّة يُقدَّر عددها بمئة شخص. وكان قد سبق لهذا المعبد الذي بُني القرن الماضي أن كان مقرًّا لجالية يناهز عددها الألف. عام 1982، أُحرِق هذا الكنيس بُعَيد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وأُتلفت أدراج التوراة التابعة للجالية، قبل أن يجري ترميم المبنى.

كنيس بول الشوبي، إيران

كنيس بول الشوبي، إيران
كنيس بول الشوبي، إيران

يشمل سكّان إيران الخمسة والسبعون مليونًا عشرين ألف يهودي، يشكّلون أكبر جالية يهودية في الشرق الأوسط خارج إسرائيل. معبد بول الشوبي موجود في العاصمة الإيرانية طهران.

بن عزرا، مصر

بن عزرا، مصر
بن عزرا، مصر

لم يكن معبد بن عزرا في القاهرة، مصر، مجرّد مركز هامّ للصلاة والاحتفال ليهود مصر منذ القرن العاشر. فقد كان المعبد، الذي غالبًا ما يُشار إليه باسم معبد الجنيزة، الموقع الذي اكتُشفت فيه في القرن التاسع عشر الجنيزة القاهريّة، المُعتبَرة “أهمّ مصدر لفهم الحياة اليوميّة الدينيّة، الاجتماعيّة، والثقافية في حوض البحر المتوسّط خلال القُرون الوُسطى”. وفق الأسطورة المحليّة، بُني المجمع في المكان نفسه الذي وُجد فيه موسى على ضفّة نهر النيل.

نُشرت المقالة أوّلًا في موقع Mic.com

اقرأوا المزيد: 645 كلمة
عرض أقل
هنالك فجوات كبيرة بين الشرائح المختلفة في إسرائيل (Flash90)
هنالك فجوات كبيرة بين الشرائح المختلفة في إسرائيل (Flash90)

الفروق الاجتماعية بين اليهود الشرقيين والشكناز في إسرائيل تتفاقم

الفروق الاقتصادية في إسرائيل لم تنتهِ بعد: متوسط دخل الشكناز أكثر بـ 42% من متوسط الدخل العام، بينما متوسط دخل اليهود الشرقيين هو أكثر بـ 9% فقط. متوسط دخل النساء هو 66% فقط من متوسط دخل الرجال.

يبيّن تقرير أعده مركز أدفا عن الوضع الاجتماعي، تم نشره صباح اليوم (الأربعاء) أنّ هنالك فجوات كبيرة بين الشرائح المختلفة في إسرائيل. يبيّن التقرير الفوارق بين اليهود الشرقيين والشكناز، وبينهم وبين والعرب بشكل خاص، وكذلك بين الرجال والنساء.

يعتمد التقرير على معلومات من عام 2012 ويبيّن أن متوسط الدخل الشهري لدى الأجيرين المدنيّين الشكناز (مواليد إسرائيل لأب من أصل أوروبي أو أمريكي) أكثر بـ 42% من متوسط الدخل العام للأجيرين المدنيّين. بالمقابل، متوسط الدخل لدى الأجيرين اليهود الشرقيين من سكّان المُدن (مواليد إسرائيل لأب من أصل آسيوي أو إفريقي) أعلى بـ 9% من متوسط الدخل العام. أمّا وضع العرب فهو الأسوأ على الإطلاق، حيث يبقى متوسط دخل سكّان المدن العربيّة أقل بـ 34% من متوسط الدخل العام.

ويعرض التقرير صورة مزدوجة للمجتمع الإسرائيلي. حيث نرى في الجهة الأولى شريحة متعلمة تعيش حياة مرهفة وغنية بفضل الاقتصاد المتطور الذي يوفر الكثير من أماكن العمل، التي توفر دخلا عاليا وجهاز تعليم عالٍ متقدِّم، يوفر تأهيلا مناسبا لتلك الوظائف.

أما في الجهة الأخرى، فنجد شريحة تواجه صعوبات في الوصول إلى مؤسسات التعليم العالي، لذا لا تتمكن هذه الشريحة من الوصول إلى الرفاه الاقتصادي الذي تعيشه الشريحة الأولى.

تعيش كلّ شريحة في بلدات خاصّة بها. فالشريحة الأولى تقطن في مناطق تحتوي على نسبة عالية من الأشخاص الذين يتم قبولهم في الجامعات، وعلى نسبة عالية من ذوي الدخل المرتفع ونسبة بطالة شبه معدومة. أما المناطق التي تعيش بها الشريحة الأخرى، فتحتوي على نسبة تحصيل علمي منخفضة جدا، فيما تصل نسبة البطالة اللي نحو نصف العائلات، وحتّى الذين يعملون بالكاد يجنون مالًا يكفيهم لتدبّر أمرهم، بل أقل من ذلك أحيانًا.

الفروق الشاسعة بين الوسطَين العربي واليهودي واضحة في كل المستويات الإجتماغية والإفتصادية (Flash90/Tomer Neuberg)
الفروق الشاسعة بين الوسطَين العربي واليهودي واضحة في كل المستويات الإجتماغية والإفتصادية (Flash90/Tomer Neuberg)

تتميّز المجموعتان المتناقضتان الواحدة عن الأخرى في جميع المعايير الاقتصادية – الاجتماعية، ولكن ليس فيها فقط. فهناك فوارق عرقية واضحة وحادة، إذ إنّ ترتيب المناطق وفقا لنسبة طالبي العمل فيها يضع المناطق العربية جميعها تقريبا في أسفل القائمة بنسبة بطالة تصل إلى العشرات. بالمقابل، لا تتخطّى نسبة البطالة الـ 5% في معظم البلدات اليهودية.

وتتّسع الفروق بشكل أكبر بين الرجال والنساء. فوفقًا للتقرير، بلغت نسبة متوسط الدخل الشهري لدى النساء خلال عام 2012 نحو 66% من متوسط الدخل الشهري لدى الرجال، فيما أجر الساعة الواحدة هو 84.9% من أجر الرجال. ويظهر الفارق في الدخل الشهري بشكل أكبر لأن نساء كثيرات يعملن بدوام جزئي أو مؤقت. مقارنة بأجر الساعة في دول العالم الأخرى، تقع إسرائيل، التي يبلغ فيها معدّل الفارق بين أجر الرجال والنساء 16.3%، في الوسط بين الدول التي يبلغ فيها الفارق أكثر من 20%، وبين تلك التي يبلغ فيها الفارق أقل من 10%.

عندما ننظر إلى هذه المعطيات، نرى أنه ليس من الغريب أن مؤشّر جيني (مقياس عدم المساواة في الدخل) في إسرائيل هو من بين الأعلى في دول منظمة التعاوُن الاقتصادي والتنمية (OECD). وفقا للتقرير، احتلت إسرائيل المرتبة الخامسة بين 35 دولة عام 2010 حيث وصل مؤشّر جيني إلى 0.376.

الفروق الشاسعة بين الوسطَين العربي واليهودي واضحة في مستوى التحصيل العلمي أيضًا. ففي السنة الدراسيّة 2011 / 2012، درس 13.8% ممن يبلغون 20 – 29 عاما في إسرائيل في مؤسسات أكاديمية مختلفة (جامعة أو كلية). بلغت النسبة نفسها لدى من يبلغون 20 – 29 في المناطق العربية 7.5%فقط. أمّا في مدن التطوير، فبلغت النسبة 13.4%، مقابل 21.8% في البلدات ذات الوضع الاقتصادي الجيّد.

ألقى مركز أدفا المسؤولية على سياسة الرفاه والضرائب التي تعمل بها الحكومة. ويدّعي مُعدّو التقرير أن حكومة إسرائيل اختارت خلال العقد الأخير أن تقوم بإضعاف الأنظمة الحكومية التي تحافظ على المساواة في التعليم والبنية التحتية والصحة وفرص العمل، فيمال قامت بالمقابل بتخفيض الضرائب المفروضة على شريحة رجال الأعمال، التي لم تستخدم أرباحها بشكل كافٍ لتوفير المزيد من أماكن العمل، وقامت بالمقابل بتوسيع استثماراتها خارج البلاد.

اقرأوا المزيد: 565 كلمة
عرض أقل
احتجاجات اجتماعية في تل أبيب 2011 (Flash90/Gili Yaari)
احتجاجات اجتماعية في تل أبيب 2011 (Flash90/Gili Yaari)

“الشعب يريد عدالة اجتماعية”

والمطربون أيضًا: دون علاقة بالأسلوب الموسيقي، فإنّ الأغاني الاحتجاجية حاضرة في إسرائيل تقريبًا منذ البداية. عن التمييز ضد اليهود من أصول إفريقية وآسيوية، التحرش الجنسي بالنساء، والتضييق والصعوبات التي يواجهها الفقراء.

تحدثّت معظم الأغاني التي تطّرقت إليها المدوّنة حتى الآن عن مواضيع شخصية، مثل الحب والتعامل مع الصعوبات، أو عرضت ميّزات حضارية ثقافية مثل تجربة دودو طوباز في الحفاظ على التراث المجيد الذي بدأه جده في العراق. ومع ذلك، فإن نطاق الموسيقى الإسرائيلية الواسع غطّى مجالات إضافية عديدة، سنحاول عرضها في الأسابيع القادمة. سوف نبدأ، بعد إذنكم، باستعراض أغاني الاحتجاج الاجتماعي العبرية، من الماضي البعيد، مرورًا بالماضي الأقرب، ووصولًا إلى الحاضر.

إذا كان المواطنون قد ركّزوا في فترة إنشاء الدولة على البناء والتنمية، فقد بدأت تظهر انقسامات عدّة بدءًا من الستينات على خلفية التصادُم الاجتماعي. هي ذاتها الانقسامات التي عكستها الموسيقى في أغانٍ عدّة من طرازات أساليب مختلفة – روك، هيب هوب، وموسيقى شرق أوسطية. على سبيل المثال، عكس الاحتجاج في نصوص اليهود الشرقيين (الذين قدموا من دول عربية و/أو إسلاميّة)، منذ سنوات الدولة الأولى، الإحساس بالقمع الذي تعرضوا له مِن قِبل اليهود الذين قدموا من أوروبا، الشكناز، الذين قادوا الحكم آنذاك. وقد كتب يوسف (جو) عمر، من كبار الشعراء الذين عرفتهم دولة إسرائيل، عن التفاوت في فرص العمل حسب العِرق، لكنه لم يلاقِ أصداءً كبيرة.

استمعوا لجو عمر وهو يتكلّم عن التمييز في أغنيته “لشكات عفوداه” (مكتب العمل):

خطّت الموسيقى الشرق أوسطية، في السبعينات والثمانينات، أولى خطواتها نحو التيار الثقافي المركزي في إسرائيل. فعلى الجانب الآخر من الأغاني التي أطلقها مطربون من الصف الأول، أمثال زوهر أرجوف وحاييم موشيه، أدّت الأغاني البارزة في هذا الجانر (الجنس الموسيقي) إلى اشتهار المغنين الذين غنّوها. بهذه الطريقة، تصدّر الوعي العامّ مغنون مثل نيسيم سروسي (“أشليوت” / أوهام) وإيلي لوزون (“إيزو مديناه” / أية دولة). صحيح أنّ الإيقاعات فرِحة، الصوت “بشوش”، وعزف الكمان يغطي عليه القرع على الطبول، لكنّ هذه الأمور تزيد من التأثير، وتشدّد على البُعد بين الكلمات والواقع.

أصغوا إلى إيلي لوزون يثور غيظًا في أغنيته “إيزو مديناه؟” (أية دولة؟):

ويمكن العثور على احتجاج آخر، أكثر حميميّةً إلى حدٍّ ما، في أغنية إيتي أنكري، “مليونيم” (ملايين). تعرض الأغنية مجموعة من الأغاني “الشخصية”، التي تصف التعايُش اليومي مع الفقر والعوَز. تتحدث أغنية “مليونيم” (ملايين) عن تعامُل أمّ متوحّدة صغيرة السن مع المكتب الحكومي المعني بمصادرة الأملاك، الذي يُصادِر من قِبل الحكومة كافة ممتلكاتها لصالح البنك. هذه الأغنية أيضًا، بشكل مشابه للأغاني السابقة المعروضة، تعرض كلماتٍ لاذعة على خلفيّة لحن مرِح.

استمعوا إلى صوت إيتي أنكري الرقيق في الأغنية الحزينة “مليونيم” (ملايين):

لنعُد إلى الاحتجاج الجماعيّ أكثر. ففي السبعينات، وصف شلومو أرتسي، في أغنيته “بتؤوم كام أدام” (فجأةً، ظهر إنسان)، كيف تتحول الضائقة الاقتصادية إلى شخصيّة، وتجعل الفرد يخرج ويناضل من أجل مجتمع أكثر عدلًا. كذلك تعكس أغنية شالوم حانوخ، “محاكيم لمشيَّاح” (ننتظرُ المسيح)، التي صدرت على خلفيّة الأزمة الاقتصادية القاسية في الثمانينات في إسرائيل، الصعوبةً والحاجة إلى النضال في وجه الفساد الذي تفشّى في السلطة، التي كانت تنتظر حلًّا عجائبيًّا. في التسعينات، تحدّث بيري سحاروف في أغنيةٍ له عن تحوُّل المواطنين إلى قطيع من العبيد المطيعين لا يحتجّ على الأذى الذي يلحق به.

في التسعينات، ظهر في إسرائيل جنس موسيقي جديد، الراب (وقريبه، الهيب هوب)، لتظهر معه موجة جديدة من أغاني الاحتجاج، التي ارتكزت على الوصفة الأمريكية مع توابل محلية. كانت فرقة “هداجْنَحاش” (السمكة – الحيّة) أوّل من نجح في نقل الرسالة إلى المركز مع أغانٍ تناولت شؤونَا عديدة، بدءًا من العنف والقَتل في الشوارع، مرورًا بِالفجوات الاقتصادية الهائلة بين المديرين العامّين والعمّال البسطاء، وانتهاءً بالعنف ضدّ النساء على أساس جنسيّ. نال الموضوع الأخير دفعًا كبيرًا جدًّا بفضل أغنية الجوقة “أف إيحاد” (لا أحد)، التي رثت لامبالاة المجتمع تجاه الملاحقات الجنسيّة، وكون الأمر عُرفًا اجتماعيًّا عفنًا يجب تغييره من أساسه.

استمعوا إلى النقد اللاذع لبيري سحاروف في أغنية “عفاديم” (عبيد):

استمعوا إلى أغنية الاحتجاج القوية لفرقة “هداجنحاش” (السمكة – الحيّة)، “أف إيحاد” (لا أحد):

وبشكل طفيف جدًّا، رغم أنّ هذا الموضوع يستحقّ أن يُخصَّص له تقرير منفرد، سنتطرّق إلى الأغنية الاحتجاجية لدى المجتمَع العربي في إسرائيل. سنتحدّث لاحقًا عن الاحتجاج على النزاع اليهودي – الفلسطيني، لكنّ بين العرب مواطني إسرائيل ثمة مشاعر ظُلم ورغبة في التقدُّم، من ناحية اقتصادية، حضارية، وتربويّة. غنّى تامر نفار، مغني راب عربي إسرائيلي، منفردًا وبرفقة فرقته “دام”، عن الرغبة في رؤية مستقبل أفضل، أفضل من الواقع المشوَّه.

استمعوا إلى أغنية “تغيير المستقبل” لتامر نفار:

اقرأوا المزيد: 644 كلمة
عرض أقل