المنظمة الدولية المضادّة للعبوديّة

عامل بناء يبني امللاعب القطرية لاستضافة العاب كأس العالم 2022 في قطر (AFP)
عامل بناء يبني امللاعب القطرية لاستضافة العاب كأس العالم 2022 في قطر (AFP)

حرب الإسلام ضدّ العبودية المعاصرة

حوار فقهي في عالم الفقه الإسلامي، سواء السنّي أو الشيعي، بين حول حقوق العامل الأجنبي

شجّع النفط الذي تنعم به دول عربية في الخليج على تدفّق متزايد للعمال الأجانب من شرق آسيا ودول عربية إلى الخليج بدءًا من السبعينيات. يُعتبر هؤلاء العمال في نظر سكان الخليج “الآخر” من الناحية الدينية، الثقافية والعرقية. الكثير منهم هم من المسيحيين، البوذيين وأبناء ديانات وثنية أخرى.

يعمل العمال الأجانب في الخليج في مجالات مختلفة من بينها الهندسة، التعليم، البناء، الخدمة في المنازل والعناية بالأطفال والعجزة. تعمل العاملات الأجنبيات أيضًا كسائقات لدى النساء السعوديات، لأنّ القانون السعودي يحظر على المسلمات قيادة السيارة. يُوقع الأجانب على عقد عمل يكون صالحًا لمدّة ثلاث سنوات فقط (سنتان لعاملات المنازل). لدى انتهاء فترة العمل يحقّ لصاحب العمل أن يقرر تمديد العقد لثلاث سنوات أخرى أو إرسال العامل عائدا إلى موطنه الأصلي. وفقا للقانون في شبه الجزيرة العربية، يمكن للعمال الحصول على خدمة في صناديق المرضى الحكومية مجانا. لا يتضمن القانون بدل النقاهة أو أيام العطلة.

منذ سنوات طويلة يوجّه المجتمع الدولي انتقادات لدول الخليج بسبب تعاملها مع العمال الأجانب، وخصوصا بعد أن تم الكشف عن الظروف القاسية التي يضطرّون للعمل والإقامة فيها. في تقارير لمنظمة العمل الدولية (‏ILO‏) ومنظّمات دولية أخرى تم طرح شكاوى لعمال بسبب التعامل العدائي والانتهاكات الفظيعة من قبل أرباب العمل. أحيانا، تشكّل العاملات الأجنبيات، واللواتي يعملن غالبا في الخدمة المنزلية، فريسة سهلة للاغتصاب والاعتداء النفسي والجسدي من قبل أرباب عملهنّ. إنّ القانون الذي يلزم بتسجيل كل عامل أجنبي تحت اسم صاحب عمل محدّد يمنع العامل أيضًا من مغادرة مكان عمله بل والخروج من البلاد دون موافقة صاحب العمل. في الواقع، يُحاكي القانون العادة العربية القديمة في فرض الرعاية على العبيد ويعرّض العمال للاستغلال والأذى من قبل أرباب العمل المحليّين.

كل محاولة لحكومات الخليج في تقييد حصة العمال الأجانب، أو الكشف عن المقيمين غير الشرعيين وإعادتهم لبلادهم الأصلية تنشئ مشكلة في القوى العاملة في جميع قطاعات الاقتصاد. ولكن العمال الأجانب “مسؤولون” أيضًا عن زيادة البطالة، لأنّ أجورهم منخفضة وهم أحيانا أكثر مهارة من القوى العاملة المحلية. فضلا عن ذلك، تخشى الحكومات ورجال الدين في الخليج من تحوّل السكان في بعض الدول إلى أقلية ضئيلة، ويعتبرون هذا الوضع خطرا على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة. واعتاد رجال الدين أيضًا على التحذير من التأثيرات الثقافية للأجانب – ثقافة الترفيه، أماكن العبادة والعادات المسيحية – على المجتمعات التقليدية والمحافظة في شبه الجزيرة العربية.

على خلفية ذلك كلّه، قرّر الفقهاء المحافظون أنّ دخول العمال الأجانب إلى شبه الجزيرة العربية يتناقض مع طلب النبي محمد في تنظيف المنطقة من اليهود، المسيحيين وأبناء الديانات الوثنية. وذهب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله إلى أبعد من ذلك ودعا إلى حظر الصلوات في المنازل وإلى تدمير كل مبنى يُستخدم من قبل العمال الفلبينيين لممارسة الشعائر المسيحية في المملكة العربية السعودية، مهد الإسلام الذي وُلد فيه النبي أيضًا. وقد نُشرت فتواه بعد أن قرّرت السلطات في الكويت المجاورة إعادة بناء الكنائس في أنحاء البلاد من أجل المؤمنين الفلبّينيين.

وردّا على ذلك أكّد الفقهاء المعتدلون على أنّ القرآن والحديث قد أسّسا للعلاقة بين صاحب العمل والعامل قبل أن تُقام منظمات الدفاع عن العمال والأحزاب العمالية في أوروبا بوقت طويل. وفقًا لهؤلاء الفقهاء، فإنّ الدين الإسلامي يدعو إلى العدالة في جميع مجالات الحياة وحقوق الإنسان والعامل وهو الضوء الهادي. فضلا عن ذلك، فإنّ البشر متساوون دون تفريق في الدين، العرق والجنس، السنّ، لون البشرة، سواء كانوا من مواطني البلاد أو عمالا أجانب. كما أمر النبي أتباعه: “لا فضل لعربيّ على أعجميّ، ولا لمسلم على غير مسلم، ولا لأبيض على أسود”.

وذكّر هؤلاء الفقهاء أنّ النبي قد تعامل بأدب مع عماله، وأمر المؤمنين بالتفاوض مع عمالهم حول حجم الأجور والعمل حتى قبل بدايته. بالإضافة إلى ذلك، حرّم النبي على صاحب العمل أن يؤجّل أجر العامل، أن يبيع أو ينقل رجلا حرّا (يعتبر العامل الأجنبي رجلا حرّا) إلى صاحب عمل آخر، وقرّر أنه يجب على صاحب العمل ضمان بيئة عمل آمنة للعامل. لن يكون هناك نموّ في المنظمة إنْ لم تسُدْ العدالة والعلاقات النزيهة بين صاحب العمل وعمّاله، كما حذّر النبي، وكل من يستبدّ بعمّاله لن يحظى برؤية أبواب الجنّة. على هذا الأساس يقرّر الفقهاء المعتدلون أنّه على كل صاحب عمل الحرص على الطعام والشراب، الملابس، التأمين ضدّ الحوادث والتأمين الصحّي لعمّاله، بل والسماح للعمال المسيحيين بالخروج إلى إجازة في عيد الميلاد.

ويكرّس فقهاء شيعة أيضًا اهتمامهم لحقوق العمال الأجانب. عام 2008، نشر السيد محمد حسين فضل الله فتوى دينية تحظر الاعتداء الجسدي أو التحرش الجنسي ضدّ العمال الأجانب في لبنان. قال فضل الله إنّ التعامل السيء ضدّ العمال الأجانب هو علامة على الفوضى الاجتماعية، فشل تربوي وعجز النظام عن إنفاذ القانون في البلاد. بل وحرّم أيضًا بيع أو نقل العمال الأجانب بين أصحاب العمل اللبنانيين، وهي ممارسة تؤدي بهم إلى الانتحار أو إيذاء أنفسهم.

وأوضح فقهاء شيعة وسنّة في فتاوهم أنّ العامل ليس مُلكًا لصاحب العمل وإنما تحت مسؤوليّته، ولذلك فعلى صاحب العمل أن يعتني به. “إنهم مساعدونا”، كما أشار فضل الله. “نحن بحاجة لهم، وأحيانا نعتمد عليهم لأنّهم يقومون بأعمال لا نستطيع القيام بها”.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 772 كلمة
عرض أقل
إيرلندا: الدولة الأفضل في العالم (AFP)
إيرلندا: الدولة الأفضل في العالم (AFP)

إيرلندا: الدولة الأفضل في العالم

في أسفل قائمة مؤشر "الدولة الأفضل": ليبيا والعراق

إيرلندا هي الدولة الأفضل في العالم. هذا ما يقرّره مؤشر “الدولة الأفضل” الذي يقيس ويفحص مساهمة كلّ دولة من أجل الكرة الأرضية والجنس البشري. أوضح القائمون على الدراسة أنّ المؤشر لا يهتمّ: بمدى جودة الحياة في الدول المختلفة، وإنما بالجهد الذي تبذله تلك الدول لمواجهة مشاكل عالمية مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، والعبودية، وتجارة المخدّرات، والفقر، وأزمات الطاقة وغيرها.

فوفقًا للمؤشر، فإنّ معنى “الدولة الجيدة” هو الدولة التي تساهم لصالح الجميع، أو لصالح المشترك العالمي. ولقد أوضح معدّو الدراسة أنّ “مؤشر الدولة الأفضل” يحاول عدم الحكم على الدول وفقًا للأخلاق، وإنما بشكل موضوعي تمامًا؛ وذلك وفقًا لمساهمة هذه الدولة في رفاهية الكرة الأرضية.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

وكما ذكرنا، فإنّ أفضل تصنيف تراكمي هو لصالح إيرلندا. وتحتل المركز الثاني فنلندا، تليها سويسرا، هولندا، نيوزيلندا، السويد، بريطانيا، النرويج، الدنمارك وبلجيكا. وتقع الولايات المتحدة في المركز الواحد والعشرين فقط، بينما تقع إسرائيل في المركز السابع والثلاثين.

وما هي الدول الأقل مساهمة في الرفاه العالمي؟ تقع ليبيا في المركز الأخير، أي في المرتبة 125. وتقع في المراكز التي فوقها فيتنام (124) والعراق (123). وهناك دول أخرى في أسفل القائمة وهي إيران (115)، اليمن (116)، فنزويلا (117)، إندونيسيا (119) وأذربيجان (122).

إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)

الدولة العربية الرائدة من بينها جميعًا هي الأردن، حيث تقع في المركز الـ 50. ويمكننا أن نجد خلفها تونس (56)، المغرب (67)، مصر (68)، لبنان (84)، الإمارات (87)، السعودية (92) والكويت (93).

وفي التقسيم لمجالات مختلفة، فإنّ ترتيب بعض الدول العربية مفاجئ مفاجئة إيجابية. فوُجد أنّ مصر هي الدولة الأكثر مساهمة في العالم من أجل السلام والاستقرار. وتليها دولة عربية أخرى وهي الأردن. وأيضًا، نجد أنّ بريطانيا هي الدولة الرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا. وتحتل إسرائيل في هذا المجال المركز الخامس في العالم. أما في مجال الثقافة، فبلجيكا هي الدولة الرائدة، بينما ألمانيا هي الرائدة في مجال النظام الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، فالدولة الرائدة في مجال المناخ هي آيسلندا، وإيرلندا رائدة في مجال الازدهار والمساواة، بينما إسبانيا هي الرائدة في مجال الصحة.

اقرأوا المزيد: 298 كلمة
عرض أقل
تصميم أحد الملاعب لاستضافة كأس العالم في قطر، استاد الوكرة (Zaha Hadid Architects)
تصميم أحد الملاعب لاستضافة كأس العالم في قطر، استاد الوكرة (Zaha Hadid Architects)

ارتفاع الأصوات الداعية لنقل كأس العالم من قطر

آلاف العمال القتلى، ظروف العمل غير المقبولة، و "العبودية المعاصرة"، تُثير دعواتٍ في أرجاء العالم إلى نقل بطولة كأس العالم التي ستجري بعد ثماني سنوات من الدولة الخليحيّة

 في الوقت الذي يستعدّ فيه العالم لبطولة كأس العالم التي ستُستهَلّ في البرازيل بعد أقل من شهر، تعلو الأصوات في أرجاء العالم، مُطالِبةَ بنقل بطولة كأس العالم التي ستُقام عام 2022 في قطر إلى دولة أخرى. تعود الأسباب الأساسية لهذه الدعوات إلى شبهات حادة بالفساد، إقامة المبارَيات في طقس حار جدًّا في الصيف، وانتهاك حقوق الإنسان للعاملين – وهو السبب الأكثر انتشارًا في الآونة الأخيرة.

فقبل عدة أيام، نُشرت مقالة تحقيقية للقناة الرياضية الأمريكية ESPN، كُشف فيها النقاب عن بعض الأذى الذي أُلحق بحقوق العمال الذين يبنون البنى التحتيّة العملاقة للمونديال. ويشمل ما كُشف ما لا يقلّ عن 184 حالة موت عمّال من النيبال، معظمهم في عشريناتهم وثلاثيناتهم، عُرّفت حالاتُهم رسميًّا بأنها “موت جرّاء نوبة قلبية”، مع شكوكٍ بإخفاء الوقائع الحقيقيّة.

وفق شهاداتٍ جاءت من أماكن أخرى، يعمل العمّال أحيانًا بدرجة حرارة 45 في الظلّ، دون الحصول على معدّات طبيّة، معدّات ملائمة، وأحيانًا دون شُرب. وهم يُسكنون 15 رجلًا في غُرَف صغيرة، دون كهرباء، مياه متدفّقة، تكييف هواء، ومنظومة صرف صحي مناسبة.

يُذكَر أن لا أحد من هؤلاء العمّال قطريّ. فمعظمهم من النيبال، الفيلبين، الهند، وسريلانكا. قطر هي دولة مغمورة بالعمّال الأجانب، ويُقدَّر حاليًّا أنّ مجرّد 12% من سُكّان قطر هم مواطنون، فيما الباقون عمّال أجانب يشكّلون ما لا يقلّ عن 94% من القوى العاملة في الدولة.

وكانت المنظمة الدولية المضادّة للعبوديّة (‏Anti-Slavery International) قد زعمت منذ مدّة قصيرة أنّ ثمة شهاداتٍ متراكمة على أنّ بناء المدرّجات يرافقه عمل قَسريّ. وفق القانون في قطر، العامل هو تحت مسؤولية ربّ العمل التامّة، لا يُسمَح له بتبديل العمل، تغيير العنوان، أو مغادَرة الدولة دون إذن ربّ العمل. ويمكن أن تلائم هذه الظروف تعريف اليونسكو لـ “الأشكال العصريّة من العبوديّة”.

في التقرير التحقيقي، قُدّر أنّ حالات الوفاة مرتبطة بظروف التشغيل السيّئة وظروف الحرارة القُصوى التي يعمل فيها العمّال، وأُلحق التقرير بتقدير مخيف أنه وفق الوتيرة الحاليّة، سيلقى أكثر من 4000 عامل حتفهم حتّى افتتاح المونديال، مع العِلم أنّ العمّال أنجزوا حتّى الآن بناء مدرّج واحد، من أصل المُدرَّجات الـ 12 المخطَّط بناؤها للبُطولة.

قبل بضعة أيّام فقط، اعترف سيب بلاتر، الأمين العام للاتّحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، أنّ قرار إقامة المونديال في الدولة الخليجية كان خطأً، لكنّه برّر رأيه بالخشية الكبيرة مِن إجراء البُطولة في قطر صَيفًا، ربّما لأنه لم يشأ التسبّب بجدال علنيّ. في الوقت الراهن, ترتفع الدعوات لنقل بطولة العالم من قطر، فضلًا عن الدعوات لكُبرى الشركات الراعية، مثل كوكا كولا وأديداس، لعدَم منح رعايتها للبطولة.

اقرأوا المزيد: 379 كلمة
عرض أقل