بدأت تقارير أولية بالتقاطر في بداية الأسبوع حول أنّ إسرائيل والولايات المتحدة أصبحتا قريبتين جدا من التوصل إلى اتفاق حول المساعدة الأمنية التي ستحصل عليها إسرائيل بين عامي 2018-2027. هذا ما يظهر أيضًا من كلام رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الكنيست ومن البيانات التي ينشرها مكتبه في الأيام الأخيرة.
سيلتقي مسؤول نيابة عن نتنياهو بفريق من النظراء في البيت الأبيض من أجل مناقشة قضية المساعدة. يترأس الفريق الأمريكي رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس.
وقد بدأت المفاوضات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول اتفاق المساعدات الأمنية الجديد، تواجه صعوبات على خلفية الفجوات الكبيرة بين الجانبَين بخصوص حجم المنحة التي ستحصل عليها إسرائيل كل عام. وهناك من بين أسباب الخلاف، اعتزام الأمريكيين زيادة المساعدة العسكرية بنحو 400 مليون دولار للسنة الواحدة فقط، وذلك بخلاف التوقّع الإسرائيلي للحصول على زيادة أكبر تصل إلى مليار وحتى ملياري دولار في السنة.
كما هو معلوم، فقد وقّعت إسرائيل والولايات المتّحدة على اتفاق التزم الأمريكيون في إطاره بتقديم مساعدة مالية تبلغ نحو 30 مليار دولار على مدى 10 سنوات، أي ثلاثة مليارات دولار في السنة بالمعدّل. ستنتهي صلاحية اتفاق المساعدة الأمنية الحالي في نهاية 2018. منذ شهر تشرين الثاني عام 2015، في أعقاب اللقاء بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض، بدأت المفاوضات بين الفريق الإسرائيلي والأمريكي حول صياغة اتفاق مساعدة أمنية جديد للعقد القادم، يُعرّف حجم المنحة التي ستحصل عليها إسرائيل كل عام حتى نهاية عام 2028.
رئيسة مجلس الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس في لقاء مع نتنياهو (AFP)
وهناك خلاف آخر بقي كما يبدو دون حلّ حتّى الآن، هو السؤال إذا ما كانت هناك أجزاء من المساعدة ستوجّه للصناعة في إسرائيل أم فقط للشراء من الصناعة الأمنية الأمريكية. ترغب الولايات المتحدة في تغيير النظام القائم، الذي يسمح للجيش الإسرائيلي بإنفاق نحو 40% من المساعدات مقابل شراء المعدّات من الصناعة الأمنية في إسرائيل وكذلك مقابل شراء الوقود.
في إطار اتفاقات المساعدة الأمنية التي وقّعت عليها إسرائيل والولايات المتّحدة بدءًا من الثمانينات، تمت صياغة البند التالي: “الشراء من خارج الولايات المتحدة” – وفي إطاره يُسمح لإسرائيل بتحويل 26.4% من المساعدة الأمريكية السنوية من الدولارات إلى الشواقل واستغلال ذلك لشراء معدّات من الصناعة الأمنية في إسرائيل بدلا من الصناعة الأمنية في الولايات المتحدة. وهكذا تموّل الولايات المتحدة بذلك في الواقع الصناعة الأمنية في إسرائيل لما يقارب الثلاثة عقود بمئات ملايين الدولارات كل عام.
حتى الآن تمكّنت إسرائيل من إنفاق نحو 800 مليون دولار كل عام مقابل الشراء بالشواقل من الصناعة الأمنية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك تنفق إسرائيل في السنوات الأخيرة نحو 13% من المساعدة الأمريكية السنوية، وهو مبلغ يصل إلى 400 مليون دولار، مقابل شراء الوقود لصالح الجيش الإسرائيلي، وخصوصا وقود الطائرات. إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يمكنها استخدام أموال المساعدة الأمريكية لهاتين الحاجتين.
منظومة القبة الحديدية (Uri Lenz Flash90)
ويوضح مسؤولون أمريكيون مطلعون على تفاصيل المساعدة العسكرية من الولايات المتحدة لإسرائيل أنّ المنطق الكامن خلف الاتفاقات السابقة كان يهدف إلى مساعدة إسرائيل على تطوير صناعة عسكرية وأمنية قوية ومتطوّرة. ولكن في السنوات الأخيرة طرأت تغييرات كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي نما، وعلى قدرات الصناعات الأمنية الإسرائيلية التي صُنفت إسرائيل بفضلها في قائمة أكبر 10 مصدّري أسلحة في العالم. لقد تم تحقيق الهدف الأصلي من الاتفاقات السابقة ولذلك تعتقد الولايات المتحدة أنّه من الضروري إعادة التفكير بخصوص استخدام إسرائيل لأموال المساعدة الأمريكية من أجل الشراء من الصناعة الأمنية الإسرائيلية.
وأوضحت سوزان رايس أنّ إدارة أوباما مستعدة للتوقيع على اتفاق مساعدة يتضمّن منحة مالية بحجم غير مسبوق وأيضًا التزاما طويل الأمد لتمويل برنامج الدفاع الصاروخي في إسرائيل. وتوضح رايس بين حين وآخر للجانب الإسرائيلي ولأعضاء الكونغرس الأمريكي، أنّ اتفاق المساعدة الذي تقترحه الولايات المتحدة على إسرائيل سيكون أكبر منحة قدّمتها الولايات المتحدة لدولة ما في يوم من الأيام. “يتضمّن اقتراحنا على إسرائيل زيادة أساس ميزانية المساعدة العسكرية للدول الأجنبية – والتي تُموّل منها أيضًا المساعدة المقدمة لإسرائيل في هذه السنوات. تتلقّى إسرائيل اليوم فعليا أكثر من 50% من مجموع المساعدات العسكرية الأمريكية للدول في أنحاء العالم. إنّ الحزمة التي نقترحها ستزيد بشكل أكبر من الحصّة التي ستحصل عليها إسرائيل من مساعداتنا لكل دول العالم”، كما أشارت رايس مؤخرا في رسالة كتبتها للكونغرس.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني