مهرجان الشام (فيسبوك)
مهرجان الشام (فيسبوك)

مهرجان “الشام” في حيفا يستقطب الطهاة العرب والمنتقدين

يثير مهرجان "الشام" المزمع إقامته في منتصف الشهر الجاري في حيفا، اهتماما كبيرا لدى الطهاة العرب واليهود في إسرائيل، وفي الشق الآخر، انتقادات من قبل متابعين فلسطينيين وجزء من الإعلام العربي

03 ديسمبر 2015 | 15:56

تقيم بلدية حيفا، الأسبوع المقبل (8-11 ديسمبر)، مهرجانا خاصا بالمطبخ الشامي، عنوانه مهرجان “الشام” (كيف لا؟)، تتوزع نشاطاته بين تحضير المأكولات الشامية والحديث عن المطبخ الشامي في الماضي والحاضر، وما طرأ عليه من تغييرات في دول المنطقة التي اعتبرت يوما “الشام”. واللافت في هذا المهرجان أنه “نجح” في أمرين، قبل انطلاقه، الأول استقطاب عدد كبير من الطهاة العرب للمشاركة فيه، والثاني إثارة انتقادات في الإعلام الفلسطيني والعربي بادعاء أن المهرجان يندرج تحت محاولات إسرائيل “الاستيلاء على الموروث الشامي والفلسطيني”.

وجاء على صحفة المهرجان في خانة التعريف عنه (الاقتباس كما ظهر في الأصل) “الى جانب القدور الموضوعة على النار التي ستطبخ بها اكلات شعبيه مألوفة وغير مألوفة، ستقام ندوات حوار، ورشات طبخ وعروض موسيقية جميعها مكرسه للثقافة العربية”. ويلاحظ في قائمة الطهاة المشاركين في الحدث، الحضور العربي، ومن الأسماء التي ظهرت: حمودي أبو العافية، بلقيس أبو ربيع، حبيب داود، أسامة دلال، علاء موسى، إلياس مطر، حسام عباس، دخل صفدي وبعد.

مهرجان الشام (فيسبوك)
مهرجان الشام (فيسبوك)

ومن المساهمين العرب البارزين في إنجاح المهرجان، دكتور نوف عثامنة، وهي طاهية معروفة في إسرائيل، اكتسبت شهرتها بعد أن فازت بلقب “ماستر شيف الإسرائيلي، وعدا عن مهاراتها في مجال الطهي، هي حاصلة على لقب دكتوراه في البيولوجيا. ووصفت عثامنة، المسؤولة عن الإدارة الفنية، الحدث، بأنه “جسر” بين الثقافتين، العربية واليهودية، في إسرائيل.

نوف عثامنة، في برنامج الطهي "ماستر شيف" (PR)
نوف عثامنة، في برنامج الطهي “ماستر شيف” (PR)

وقالت في حديث مع الصحيفة الإسرائيلية، “كلكاليست”، المعنية بالشؤون الاقتصادية “لقد شهدنا السنة رقما قياسيا في التعاون العربي – اليهودي في مجال الطبخ، على الرغم من الوضع الأمني الراهن”. وتابعت “وظيفتنا كطهاة أن نظهر أنه بوسعنا أن نعيش على نحو آخر. يمكننا أن نستعمل السكاكين من أجل تحقيق المتعة وصنع الذكريات الإيجابية”.

وإلى جانب اهتمام الطهاة بهذا الحدث المميز، جرّ المهرجان انتقادات من قبل من يرى أنه حدث يندرج ضمن محاولات إسرائيل، الممثلة ببلدية حيفا، “الاستيلاء على الموروث الشامي والفلسطيني”. وبرزت جريدة “السفير” اللبنانية في انتقادها للمهرجان، واصفة إياه “مرحلة “جديدة” في الاستفزاز”.

وأورد المقال الخاص بالمهرجان احتجاجات وتعليقات كتبها فلسطينيون وسوريون ضد المهرجان. وقد ساندت كاتبة المقال هذه الاحتجاجات معتبرة أن أهميتها تكمن في “ضرورة عدم السكوت… وحثّ المشاركين الفلسطينيين في المهرجان على إلغاء مشاركاتهم”.

اقرأوا المزيد: 320 كلمة
عرض أقل
أسرى الدولة الإسلامية في تكريت قبل إعدامهم  (AFP)
أسرى الدولة الإسلامية في تكريت قبل إعدامهم (AFP)

العواقب الاستراتيجية لتفكّك العراق

جميع الدول المجاورة للعراق بما في ذلك الولايات المتحدة تتواجد في ائتلاف غير رسمي، ولكلّ منها أسبابها التي تجعلها متوترة وربما قلقة كثيرًا على ضوء التأثيرات المباشرة وطويلة الأمد للتطوّرات الأخيرة في العراق

إنّ سقوط مدن رئيسية في العراق بيد المتطرّفين السنّة، الذين ينتمون للتنظيم السنّي “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، قد يؤدي إلى تأثيرات تتجاوز حدود تلك الدول. في العراق نفسه، سيتعزّز اتجاه التقسيم الفعلي للبلاد، وهي عملية بدأت مع سقوط نظام صدام حسين في الغزو الأمريكي عام 2003. والكيان المستقلّ لكردستان هو حقيقة ثابتة تعترف بها جميع الجهات الإقليمية. إنّ سيطرة العناصر السنّية على المناطق في وسط العراق قد تؤدّي، إنْ لم تتوقف، إلى إقامة كيان سنّي مستقل حتى الوسط، بحيث يسقط جنوب العراق كثمرة ناضجة في يد إيران. في هذه الحالة، سيتحوّل العراق إلى مصدّر للإرهاب حيث ستستغلّ التنظيمات المختلفة فيه ضعف سوريا لتوسعة نشاطها في الشرق الأوسط.

العواقب الاستراتيجية لتفكّك العراق (AFP)
العواقب الاستراتيجية لتفكّك العراق (AFP)

ومن المفارقة، فجميع الدول المجاورة للعراق بما في ذلك الولايات المتحدة تتواجد في ائتلاف غير رسمي حيث أنّ لكلّ واحدة أسبابها للاهتمام وربّما للكثير من القلق على ضوء التأثيرات المباشرة وطويلة الأمد للتطوّرات الأخيرة في العراق. إنّ إضعاف قبضة الحكومة العراقية المركزية في أجزاء الدولة المختلفة يخدم ربّما المصالح الإيرانية في توسيع نفوذها وإمكانية إنشاء ارتباط برّي للسيطرة الإيرانية مع سوريا وحزب الله. ولكن هذا الانتصار للعناصر السنّية التي لم تعتمد على المساعدة الإيرانية لن يُعتبر إنجازًا في طهران. إنّ احتمال سقوط مدن مهمّة للشيعة كالنجف وكربلاء بيد التنظيم السنّي يبدو في طهران وكأنّه كابوسًا.

جميع الدول المجاورة للعراق بما في ذلك الولايات المتحدة تتواجد في ائتلاف غير رسمي حيث أنّ لكلّ واحدة أسبابها للاهتمام وربّما للكثير من القلق على ضوء التأثيرات المباشرة وطويلة الأمد للتطوّرات الأخيرة في العراق

تنظر تركيا هي أيضًا إلى التطوّرات بقلق حيث أنّ سيطرة العناصر الإرهابية على الأراضي المحاذية لحدودها، تزيد قلقها من نشوء مساحة في الجنوب منها، والتي تمتدّ على أجزاء من سوريا والعراق، من شأنها أن تشكّل مصدر إزعاج للأمن والذي قد يُنشئ حالات تجبر النظام في أنقرة على اتخاذ خطوات عسكرية قد امتنع عنها حتى الآن. ستضطرّ تركيا، مع طابعها المسلم السنّي، إلى متابعة تسلّل العناصر المنتمية إلى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” إلى أراضيها.

وتراقب الأردن أيضًا التطوّرات في العراق بقلق. ولقد أدّت الحرب الأهلية السورية إلى ما يزيد عن مليون لاجئ سوري يبحثون عن مأوى في الأردن. وكذلك، أدّت الحرب في العراق عام 2003 إلى أن يقطع أكثر من نصف مليون مواطن في البلاد الحدود إلى الأردن. رغم أنّ بعضهم قد عاد بعد مرور عدّة سنوات، ولكن الشتات العراقي في الأردن لا يزال تعداده يبلغ أكثر من ربع مليون شخص. وسيزداد الشتات دون شكّ قريبًا على ضوء الهروب الجماعي الذي بدأ من المناطق التي احتِلّتْ من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. ولكن هذه التطوّرات هي مجرّد جزء من عوامل القلق في عمّان. تُنشئ حدود الأردن مع سوريا والعراق ضغطًا كبيرًا على الجيش والأجهزة الأمنية الأردنية. حتى لو استخدم اللاجئون من العراق معبر الكرامة فقط (الوحيد في الحدود المشتركة) واللاجئون من سوريا معبري الرمثا وجابر على الحدود مع سوريا – دون محاولة عبور الحدود – فستجد تلك الأجهزة صعوبة في أن تمنع تمامًا تسلّل الخلايا الخامدة بل والنشطة إلى داخل أراضي المملكة. ومن الجدير ذكره أنّ المعبر في الحدود مع العراق يتواجد في محافظة الأنبار التي حظي تنظيم “الدولة الإسلامية” فيها بنجاحات كبيرة منذ بداية العام 2014. لقد تعاملت السلطات الأردنية حتى الآن بنجاح مع المخاطر الناتجة عن مشاكل داخلية سياسية واقتصادية. من شأن التطوّرات الأخيرة في سوريا والعراق أن تغيّر التوازن الداخلي الراهن.‎ ‎

إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت (AFP)

وتنظر دول الخليج هي أيضًا بقلق إلى التدهور الداخلي في العراق والرسوخ الإقليمي للتنظيمات المتطرّفة التي تفتقد الالتزام بالأنظمة المحافظة على الإطلاق، رغم كونها ذات انتماء ديني سنّي. إنّ إضعاف النظام المركزي في بغداد، رغم كونه شيعيّا في أساسه، والذي سيسمح بحرّية عمل أكبر في الجزء الشمالي من الخليج؛ لن يُمكن قبوله في دول الخليج، التي تعيش بالفعل في محنة على ضوء تراجع المصالح الأمريكية في المنطقة، وسيؤدي إلى قلق. من المبكّر أن نقيّم تأثيرات سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على منشآت النفط الرئيسية في العراق، بما في ذلك منشآت التكرير. قد يؤثّر هذا الأمر مع مرور الوقت على القدرة على تصدير النفط من العراق، وبشكل غير مباشر على استقرار أسعار الطاقة.

ستضطرّ الولايات المتحدة على أخذ دور الريادة، ولكن قبل ذلك ستحتاج إلى اتّخاذ بعض القرارات بخصوص المنطق من وراء تسليح الجيش العراقي بالسلاح المتطوّر

ومن المفارقات، أن ينشأ نوع من التحالف بين الدول التي لديها مصلحة في القضاء على توطيد وجود “الدولة الإسلامية” وهي لا تزال في بدايتها. في العراق نفسه، بدأ تعاون بين القوة العسكرية الكردية، “البشمركة”، مع الجيش العراقي بهدف منع تقدّم قوات “الدولة الإسلامية”. والمسألة الفورية التي تقف أمام الولايات المتحدة هي تسليح الجيش العراقي. إنّ جزء كبير من كمّيات السلاح، هو من صناعة الولايات المتحدة، والذي سقط في الأيام الأخيرة بيد التنظيم؛ ويُطرح السؤال بخصوص الخطر المتعلّق بتسليح الجيش العراقي أو الثوّار “الجيّدين” في سوريا بالأسلحة المتطوّرة.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

تطرّق رئيس الولايات المتحدة أوباما في خطابه في ويست بوينت في 28 أيار عام 2014 طويلا لسؤال القتال بما أسماه الإرهاب الناشئ ليس من القاعدة وإنما من التنظيمات المتفرّعة عن القاعدة والتي لا تخضع للسيطرة المركزية لهذا التنظيم. وأوضح أوباما الذي لم يرفض في خطابه هذا عملية أمريكية من جهة واحدة فيما لو تعرّضت حليفة أمريكا للخطر، وأنشأ شعورًا بأنّه في حالة مثل هذه التي تجري في العراق، سيفضّل العمل مع شركاء آخرين. حظي تنظيم “الدولة الإسلامية” باهتمام واسع في خطاب مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، آن باترسون، الذي جرى في منتدى الولايات المتحدة: العالم الإسلامي في قطر بتاريخ 9 حزيران عام 2014 حيث قالت: “أعتقد أنّنا نستطيع فعل الكثير معًا، أن نحتوي وأن نصدّ التهديد الذي تضعه “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، والطموحات في الشام لإقامة دولة إرهابية غربيّ العراق وشرقيّ سوريا”. وأضافت، على الولايات المتحدة ودول المنطقة أن تعمل معًا للتغلّب على الخلافات وإيجاد حلول مستدامة للتهديد.

مقاتلون من داعش في العراق (AFP)
مقاتلون من داعش في العراق (AFP)

ستضطرّ الولايات المتحدة على أخذ دور الريادة، ولكن قبل ذلك ستحتاج إلى اتّخاذ بعض القرارات بخصوص المنطق من وراء تسليح الجيش العراقي بالسلاح المتطوّر. وهو سؤال صعب ويختلف تمامًا ويرتبط بتفكير إيران بطرق التعامل مع الوضع الجديد في العراق. قد تحاول إيران أن تخرّب الجهود المشتركة إنْ لم تشترك بها بطريقة أو بأخرى، وسترى نفسها جديرة بالحصول على مقابل في المجال النووي وعلى الأقل في كلّ ما يتعلّق بتخفيف العقوبات. إنّ مشاركة إيران، دون علاقة بتصرّف سوريا وتعاونها الوثيق مع حزب الله، تبدو غير ممكنة ومن الواضح من جميع وجهات النظر أن النظرة لإيران في السياق العراقي تنطوي على الكثير من المشاكل. والسؤال المثير للاهتمام هو: هل تمّ طرح الموضوع في المحادثات الثنائية التي أجرتْها الولايات المتحدة وإيران قبل بضعة أيام، أم إنّ هذه المحادثات تطرقت إلى القضية النووية فقط. وأيضًا فإنّ علاقة دول الخليج بتلك القضية غير واضحة، رغم أنّها من الممكن أن ترى في القضية العراقية فرصة أخرى لفحص القدرة على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران.

ليس هناك شك أنّ نوايا قادة  تنظيم “الدولة الإسلامية” وتوطيد تواجده في الأراضي وغيرها، تشكّل تهديدًا أمنيًّا محتملا لإسرائيل

إنجازات “الدولة الإسلامية في العراق والشام” هي علامة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط رغم عدم وجود سابقة مشابهة بشكل تامّ. ولقد سبقها نجاح حزب الله في التحوّل إلى قوة سياسية رائدة في لبنان وسيطرة حماس على غزة. وثمة خطر أن تتحوّل هذه الإنجازات لحالة من التدفّق الدائم لجميع المشاركين المباشرين وأيضًا للولايات المتحدة. ولذلك، هناك قلق في أن تتحوّل هذه الإنجازات إلى نصر باهظ الثمن، فإذا تجنّدت دول المنطقة، تحت قيادة أمريكا، لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” فسيجد مقاتلوه الأكثر حماسة صعوبة في الوقوف ضدّ ما سيوضع في الحملة ضدّهم سواء من ناحية نوعية الأسلحة أو من ناحية الخطوات التي سيتمّ اتّخاذها لقطع أنابيب تمويل هذا التنظيم.‎ ‎

تهتم إسرائيل بطبيعة الحال اهتماما كبيرًا بنجاح الحرب ضدّ إنشاء “الدولة الإسلامية” في أيّ منطقة في الشرق الأوسط. حتى لو كانت جهود التنظيم في هذه المرحلة غير موجّهة ضدّ إسرائيل، فليس هناك شك أنّ نوايا قادة هذا التنظيم وتوطيد تواجده في الأراضي وغيرها، تشكّل تهديدًا أمنيًّا محتملا لإسرائيل.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع معهد أبحاث الأمن القومي ‏INSS‏

اقرأوا المزيد: 1228 كلمة
عرض أقل
جيش الدولة الإسلامية، داعش (AFP)
جيش الدولة الإسلامية، داعش (AFP)

تنّين في الدرج: داعش والحرب على الهلال الخصيب

سقطت الموصل، المدينة الأكبر في شمال العراق، بيد جيش "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وبموجب كل المقاييس، فهي نقطة تحوّل مهمّة في تاريخ المنطقة. هل يستطيع المقاتلون الأكراد أن يوقفوا الجهاديّين السنّة؟

في 9 حزيران عام 2014، قبيل المساء، سقطت الموصل. أثناء كتابة هذه السطور يسيطر جيش “الدولة الإسلامية في العراق والشام” على المدينة الأكبر في شمال العراق. سيطر مقاتلو التنظيم على مكاتب الحكومة في محافظة نينوى العراقية، طردوا رجال الجيش والحكومة من المدينة، ويسيطرون عليها الآن. حتى يتمّ نشر هذا المقال فمن الممكن أن ينجح الجيش العراقي في طردهم، ولكن بموجب كل المقاييس فإنّ هذا الحدث هو نقطة تحوّل مهمّة في تاريخ المنطقة.

يعرف التنظيم الإسلامي المتطرّف عادة بحروف الاختصار: داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام). كانت بداية التنظيم في المعركة الخاصة لرجل القاعدة الضالّ أبو مصعب الزرقاوي ضدّ الشيعة في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي. ومنذ ذلك الحين، مرّ التنظيم بتقلّبات كثيرة، ويتزعّمه اليوم قائد متشدّد يُدعى أبو بكر البغدادي. مع بداية الثورة ضدّ الأسد في سوريا، انضمّ التنظيم إلى قوى المعارضة، وخلال الثورة تصارع مع الممثّل الثاني للقاعدة في سوريا، جبهة النصرة. قرّرت قيادة القاعدة في أعقاب الصراع وقف رعاية داعش، ومنذ ذلك الحين فهو يعمل كتنظيم مستقلّ، حيث أنّ أيديولوجيّته هي: جهادية، تكفيرية وتكره الشيعة، وهي متطرّفة حتّى أكثر من أيديولوجيّة بن لادن. ينفّذ أعضاء التنظيم بشكل متكرّر عمليات إعدام علنية للكفار والخونة، ومنذ مدّة ليست طويلة قاموا بصلب مشتبه بهم بالخيانة.

ممقاتلو داعش في نينوى (ISIL / AFP)
ممقاتلو داعش في نينوى (ISIL / AFP)

تمركز التنظيم في الأشهر الأخيرة بشكل كبير بين حلب في شمال غرب سوريا وبين بغداد في جنوب شرق العراق، أو، بكلمات أخرى؛ تقريبًا في جميع المنطقة العربية بين نهري دجلة والفرات. ويسيطر التنظيم بشكل تامّ أيضًا على مناطق الفلوجة وبعقوبة في العراق، وهكذا أيضًا أجزاء كبيرة في المنطقة الشرقية من سوريا، دير الزور والرقّة. وقد جاءت مهاجمة الموصل في أعقاب عدد من الانتصارات سواء في المنطقة الكردية في شمال سوريا، أو في المدن على طول نهر دجلة في العراق. نجح مقاتلو التنظيم في هذه الفترة بوضع يدهم على مخازن السلاح، الوسائل القتالية والذخائر الحكومية، وإلى جانبها أيضًا موارد مالية وبنكية ومكاتب حكومية.

يعتبر نموّ داعش نموذجًا إضافيًّا لقصر نظر الحكومات في جميع ما يتعلّق بدعم التنظيمات المتطرّفة. في بداية العمل ضدّ الأسد تم دعم التنظيم من قبل جزء كبير من الأنظمة العربية السنّية في شبه الجزيرة العربية، وأيضًا – كما تشير الأدلّة – من قبل الحكومة التركية نفسها، بواسطة تنظيمات وسيطة مختلفة. هذه المرّة أيضًا، نجحت الحكومات في تربية التنّين في الدرج وأن تكتشف – بعد فوات الأوان – أنّه ينفث النار عليها أيضًا.

ولأنّ التحدّيات التي يضعها التنظيم أمام النظام السوري والحكومة العراقية معروفة؛ فإنّ الصراعات الأكثر إثارة للاهتمام هي الدائرة بين التنظيم وتركيا والأكراد. فقد نفّذ أعضاء التنظيم في الأشهر الأخيرة عدّة هجمات ضدّ أهداف على الحدود التركية، ضربوا دوريات الحدود بل ورجال الشرطة، ولكن هُزموا في هجمة عسكرية قصيرة. من المحتمل أن تكون هذه هي إحدى القضايا الرئيسية في النقاش بين أردوغان والرئيس الإيراني روحاني في لقائهما هذا الأسبوع. اضطر أردوغان إلى الاعتراف الآن – مع الأسف الكبير – بأنّه خائف من الدولة المتطرّفة التي تنمو على حدوده، ومتفاجئ من المصالح المشتركة التي يجدها مع روحاني. هناك من يعتقد في أروقة الحكومة في أنقرة بأنّه من المفضّل إزالة معارضة استمرار حكم الأسد، والتنازل عن أحلام الديمقراطية المحافظة بالصغية التركية. فالبديل الجهادي قد يكون أكثر سوءًا.

عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)
عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)

والقصة الكردية هي كذلك مثيرة للفضول. قبل عدّة شهور، ضربت داعش بلدة كردية في سوريا، وفي بداية الأسبوع فجّر انتحاريّون من أعضاء التنظيم أنفسهم في مقارّ لأحزاب كردية في مدينة توز خورماتو. والهجمة على الموصل أيضًا، التي يرى فيها الأكراد إحدى عواصم إقليمهم، هي تحدّ واضح لمنطقة الحكم الذاتي الكردي. ومع تعزيز الثقة بالنفس لدى قادة داعش فسيتطلعون إلى المناطق الكردية أيضًا، التي تتّخذ موقفًا أكثر ليبرالية من الدين، هدفًا للغزو والسيطرة.

ولكن من المرجّح هذه المرّة أن يجد مقاتلو داعش أنفسهم في معركة أكثر صعوبة. لقد راكَمَ الأكراد في الصراعات الطويلة في سوريا، تركيا والعراق سنوات طويلة من التجربة في حرب العصابات والصراعات الجبلية. حتى الآن تتجنّب الحكومة الكردية تفاقُم الصراع، وتأمل بأن تحوّل الحرب في سوريا مركز صراع التنظيم باتجاه دمشق. ولكن الآن، حين اتّضحت الاستراتيجية الجديدة للتنظيم، فنحن نتوقّع أن نرى صراعًا أكثر تصميمًا من قبل الأكراد، وأيضًا من قبل الحكومة العراقية، مع التنظيم المهدّد.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع ‏Can Think‏‏

اقرأوا المزيد: 641 كلمة
عرض أقل