تتصدر سارة، عقيلة رئيس الحكومة نتنياهو، مركز العاصفة مجددا. فقبل أسبوعين، نُشرت تسجيلات صوتية خطيرة ومحرجة سُمع فيها ابنها، يائير نتنياهو، وهو يشتم ويحتقر النساء عندما كان ثملا في ساعات الليل ويزور مع أصدقائه ناد للتعري في تل أبيب.
سارة نتنياهو “المرأة التي تهمس في أذن رئيس الحكومة” (GPO)
أمس (الأحد)، نُشر تسجيل صوتي لسارة وهي تصرخ بصوت عال على مستشار إعلامي عمل لدى عائلة نتنياهو عام 2009. غضبت السيّدة نتنياهو وفي حديث لها نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية نجحت في إثارة ضجة كبيرة، حيث ادعت أن لقبها بصفتها حاصلة على لقب عامل نفسية لم يُذكر في المقال الذي تطرق إلى عملها التطوعي. وقد رد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على التسجيلات قائلا: “ما زالت مطاردة عائلتي العنيفة، مستمرة”.
تمر عائلة نتنياهو، وعلى رأسها سارة وبنيامين، بفترة صعبة بسبب الهجوم الخطير الذي تتعرض له العائلة في وسائل الإعلام الإسرائيلية والمعارضة في إسرائيل التي تعمل جاهدة للكشف عن قضايا فساد، تحقيقات شرطية، وتوثيقات لعمليات قضائية ضد العائلة. أصبح يسطع اسم سارة، عقيلة نتنياهو، بشكل خاصّ بعد أن جاء في وسائل الإعلام الإسرائيلية في أحيان كثيرة، ومن قبل أشخاص عملوا لديها في الماضي، بأنها تؤثر كثيرا في رئيس الحكومة.
عائلة نتنياهو، من اليمين الى اليسار: يائير، سارة أفنير وبنيامين نتنياهو (GPO)
لم تكن السنوات الماضية في حياة سارة نتنياهو سهلة بالتأكيد. اتهمها موظفون سابقون في مسكن رئيس الحكومة بالتصرّف المهين تجاههم، وتم التحقيق معها باشتباه كونها استخدمت ميزانية المسكن الرسمي لرئيس الحكومة لصيانة منزلها الشخصي.
يصعب التصديق أنّ سارة، قرينة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يمكنها أن تقرر في شأن تنفيذ هجوم على المفاعلات النووية الإيرانية، ميزانية الدولة، أو الإصلاحات في نظام الحكم. لكنّ مقربين من رئيس الحكومة على استعداد أن يُقسموا أنّ الحديث يدور حول امرأة فضولية تتدخل في عدد لا بأس به من قرارات رئيس الحكومة، زوجها بنيامين نتنياهو.
بنيامين نتنياهو وقرينته سارة يحتفلان بعيد الميمونة (FLASH90)
كل إسرائيلي عادي يعترف أنّ شخصية السيدة نتنياهو لا يمكن نسيانها بسهولة. تعرّف الجمهور الإسرائيلي إلى سارة لأول مرة عام 1991 حينما تزوجت بنيامين نتنياهو، بعد طلاقها من زوجها الأول دورون نويبورجر. في انتخابات حزيران 1996، حينما تغلب بنيامين نتنياهو بفارق طفيف على منافسه شمعون بيرس في السباق إلى رئاسة الحكومة، كان يمكن تمييز شخصية سارة في كل عدسة كاميرا.
سارة وراء الكواليس
كان اللقاء الأول للزوجَين نتنياهو في رحلة إل-عال (أكبر شركة طيران إسرائيلية) إلى الولايات المتحدة، حينما كانت سارة تعمل كمضيفة طيران، حيث قامت بخدمة الركاب وزوجها المستقبليّ. ثم تزوّجا عام 1991.
بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في زيارة لسور صين العظيم (GPO/Avi Ohayon)
خلال ولاية بنيامين نتنياهو الأولى كرئيس للحكومة الإسرائيلية، انتشرت تقارير وأخبار لا حصر لها عن تدخل سارة في القرارات المتصلة بتعيينات في ديوان رئيس الحكومة، وعن علاقتها الاستخفافية بعمال بيت رئيس الحكومة. رافقت سارةُ بنيامين في كل حدث إعلامي ورسمي، وكانت شخصية مركزية في الأحداث السياسية والاجتماعية. كانت هذه استراتيجية وقرارا واعيا بعدم تغييب صورة سارة، زوجة رئيس الحكومة. نصح المقربون من بنيامين بإبراز قوة الزوجَين. مع نهاية الولاية الأولى (عام 1999)، فهم مستشارو نتنياهو الإعلاميون أنه من الأفضل أن تعمل سارة وراء الكواليس حتى لا تغطي على شخصية نتنياهو.
حاول بنيامين نتنياهو، في ولايته الثانية في رئاسة الحكومة منذ عام 2009، إدارة الأمور فيما انشغلت سارة في النشاط الاجتماعي والتطوعي، إلى جانب عملها كطبيبة نفسية للأطفال في خدمة بلدية القدس. لكنّ عددا كبيرا جدا من الأشخاص الذين عملوا في الماضي لدى الزوجَين شرحوا أمام الإعلام الإسرائيلي تقنية تأثير سارة على بيبي (بنيامين). ادّعى كثيرون أنه رغم عدم تدخل السيدة نتنياهو المباشر في اتخاذ القرارات الاقتصادية، العسكرية أو السياسية، لكنها تتدخل بالتأكيد في تحديد هوية الأشخاص الذين سيتخذون قرارات هامة جدا، ومصيرية أحيانًا.
ينظر الإعلام والجمهور إلى سارة على أنها “الخاصرة الرخوة” لرئيس الحكومة. في مقابلة مع مجلة “Forbes”-إسرائيل سنة 2015، قال عنصر مقرّب من ديوان رئيس الحكومة أن نتنياهو “واقع تحت تأثيرها بشكل مطلق… سارة هي الخاصرة الرخوة لنتنياهو. يمكنه أن يتعايش مع انتقاد لاذع من كل الأطراف، لكن إن تفوهتَ بالسوء عن سارة – فإنّ هذا يقتله”.
زوجةٌ ذات نفوذ
نتنياهو وسارة في منزلهم في القدس، ولاية نتنياهو الأولى (Yossi Zamir/Flash90)
في آذار عام 2013، نشرت مجلة فوربس-إسرائيل قائمة النساء الأكثر قوة في إسرائيل. بشكل مفاجئ، حلت سارة نتنياهو على رأس قائمة الـ 50، متجاوزة مديرات عامات وسيدات أعمال ناجحات. يتبيّن من تصنيف فوربس أنّ تأثير “السيدة الأولى” ناجم بالأساس عن تدخلها في تعيينات عديدة في محيط رئيس الحكومة. فهي تتدخل على جميع المستويات، الأساسية والثانوية، كما صرّح مصدر مسؤول لفوربس.
السؤال المطروح هو إلى أي حدّ يصل تأثيرها، وإلى أي حد هي شريكة في القرارات في الشؤون السياسية، ربما بشكل غير مباشر، عبر أشخاص يدينون لها بتعيينهم؟ يبدو أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، لكن في حالة واحدة على الأقل – وإن كان ذلك لأسباب متعلقة بالعلاقات العامة – فالجواب واضح. “كانت سارة من أقنعني إقناعا نهائيا بتحرير جلعاد شاليط من الأسر”، اعترف نتنياهو في مقابلة لصحيفة بيلد الألمانية في تشرين الأول 2011. “هي من قالت لي – فكّر في الفتى جلعاد شاليط. فكّر في الفتى في القبو المظلم، دون أمل، دون نور”.
نقد لاذع للفستان وللسرير الزوجي
الزوجان نتنياهو يصلان الى نيو يورك (Flash90/Kobi Gideon)
ولم يوفّر النقد القاسي خزانة ثياب سارة، وهبّت عاصفة إعلامية لا سابق لها حين ارتدت فستانا أسود فاضحا في مراسيم أداء اليمين لحكومة زوجها الثالثة عام 2014. كُتب في صفحات الصحف أن فستان الدانتيل الأسود، الذي تغطي فيه قطعتا قماش سودوان الأماكن التي تُفترض تغطيتها، يمثّل أكثر من أي شيء آخر بلادة أسرة نتنياهو، عدم احترام المكان والمراسيم، والإحساس أنّ القليل جدا من التفكير والتقدير للجمهور الإسرائيلي موجود في أسرة رئيس الحكومة.
في فضيحة إعلامية أخرى (أيار 2013)، تصدر الزوجان نتنياهو العناوين في قضيتَي تكلفة الجناح الفندقي الذي مكثت فيه الأسرة في الزيارة الرسمية الأخيرة إلى شنغهاي، وتحسين ظروف الرحلة الجوية للزوجَين نتنياهو إلى لندن وإضافة سرير زوجي للطائرة، ما كلّف دافعي الضرائب نحو نصف مليون شيكل، في الوقت الذي يريد فيه رئيس الحكومة تمرير موازنة زهيدة للدولة فيها العديد من التقليصات وزيادة ضرائب زيادة كبيرة.
وفي منشور نشرته على الفيس بوك رفيت نؤور، مضيفة طيران سابقة وزميلة سارة نتنياهو في العمل في الثمانينات، وحظي بأكثر من ألفي مشارَكة على الفيس بوك، تروي كيف رفضت سارة دعوة للعشاء بسبب ارتفاع الثمن، وعن الاحتشام والتواضع اللذَين ميّزاها في بداية حياتها “عندما تعرفتُ إليها، كانت تختلف كليا. متواضعة وطيّبة”.
نتنياهو وسارة في طريقهم الى لندن لحضور جنازة تاتشر (GPO/Amos Gershom)
وفي نقد لاذع لنمط حياتها الاستعراضي كتبت نؤور: ” حضرة السيدة نتنياهو، صحيح أنك انتقلتِ للسفر في الدرجة الأولى بدلًا من الخدمة بها، انتقلتِ لجناح فندقي في الطابق الأخير، واستبدلتِ حافلة المضيفين الصاخبة بليموزينات مصفّحة، لكن يبدو لي أنّ ابتسامتك شبه الخجولة، تبدو في السنوات الأخيرة كتشنج ناتج عن ضائقة. أريد أن أصدّق أنكِ ربما، رغم ذلك، تدركين في أعماقك أنه حتى لو قاموا بدعوتك، فإنّ النوم في غرفة تكلّف لليلة واحدة أكثر من كامل ميزانية أسرتَين هو أمر لا أخلاقي”.
تورط عائلة نتنياهو بتصرفات غير لائقة
وتضمن تقرير (عام 2015)، الذي يتعلق بمسألة الإنفاق في مسكن الرئيس، بالأموال التي يتم إنفاقها على أشياء مثل شراء الطعام، الأثاث، الملابس والضيافة. بالمقابل، كُشف النقاب عن تقرير قديم لمراقب الدولة يتعلق بتمويل رحلات نتنياهو إلى خارج البلاد عندما كان يشغل منصب وزير المالية الإسرائيلي، الأمر الذي يُظهر شكًا بوجود سلوك غير أخلاقي وجنائي أيضا. يرد في التقرير ادعاء أن رحلات أفراد عائلة نتنياهو إلى الخارج كان يتم تمويلها من ميزانية وزارة المالية.
ومؤخراً تم التحقيق مع نتنياهو بسبب اتهامات جديدة بحقها حيث أنها تحصلت على أموال، بشكل مخالف للقانون، نتيجة استخدام موارد رئيس الحكومة.
استغلت سارة نتنياهو، حسب الشكوك، القانون الإسرائيلي الذي يُتيح استرجاع العبوات البلاستيكية المستعملة إلى المتاجر، أخذ عربون مالي مقابل كل عبوة. تدور الشكوك حول أن السيدة نتنياهو أخذت مبالغ العربون التي دُفعت مقابل العبوات التي تم شراؤها من ميزانية ديوان رئيس الحكومة. أرجعت السيدة نتنياهو، حسب التقرير، إلى ميزانية الدولة آلاف الشواكل التي تم التحصل عليها بهذه الطريقة. وردًا على ذلك قال مقربون من السيدة نتنياهو إن تلك الأموال لم تذهب إلى جيبها بل كانت تُستخدم لصالح عمال المسكن.
ثرثرة لعينة؟
سارة نتنياهو زوجة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Kobi Gideon / FLASH90)
إلى جانب الادعاءات عن عدوانية سارة وتأثيرها الكبير على نتنياهو، ادعى محللون كثيرون أن قضية الانشغال الزائد بعيوب سارة أو بقدراتها الساحرة هي ثرثرة لعينة في الغالب. وهم يشرحون أنه لو كان كل ما يُكتب ويُروى عن التأثير الظاهري لسارة على بيبي صحيحًا، لما ارتاحت الصحافة والإعلام حتى تخرج زوجة رئيس الحكومة من الصورة العامة.
يذكر كثيرون من معارف سارة نتنياهو المقربين نقاطًا لصالحها، ويدّعون أنها امرأة ذكية، طموحة، ذات ثقة بالنفس، ومثال للأمانة العائلية، تخصّص نشاطها الجماهيري للأولاد والشباب.
منذ تسلمها منصبها، اضطرت إلى التعايش مع موجات كبرى من الكراهية والاحتقار من الإعلام ومِن قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي، ليس أكيدًا أنّ شخصًا ليس ذا روح سمِحة يمكنه تحملها.
سارة نتنياهو هي، بلا ريب، السيدة الأقوى والأكثر تأثيرًا في إسرائيل، حتى إذا وضعنا جانبًا الروايات الأسبوعية في الصحافة عن تصرفاتها.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني