أدرك الفلسطينيون، في وقت متأخر جدا، أن علاقاتهم مع إدارة ترامب قد تدهورت تدهورا كبيرا. في إطار محاولات بائسة تقريبا للرد على الادعاءات الإسرائيلية وادعاءات الإدارة الأمريكية التي تشير إلى أن الفلسطينيين يرفضون صنع السلام وليسوا مستعدين للمشاركة في المفاوضات، ألقى الرئيس الفلسطيني، عباس، أمس، خطابا في مجلس الأمن الدولي تحدث فيه عن المرات الكثيرة التي أدار فيها مفاوضات مع الإسرائيليين، معلنا أن الفلسطينيين لم يقولوا “لا” أبدا حول عملية سياسية وحتى أنه عرض خطة سلام فلسطينية جديدة (أو خطة تمت إعادة كتابتها، يعود ذلك إلى كيفية النظر إليها).
أهم ما جاء في خطة أبو مازن هو عقد مؤتمر دولي من أجل السلام، خلال هذا العام (لئلا تكون الإدارة الأمريكية، التي يعرّفها الفلسطينيون بصفتها متحيزة لإسرائيل منذ الإعلان عن قرار ترامب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مسؤولة عن إدارة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين)، والمطالبة بأن تستند إدارة المفاوضات إلى قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية (التي يطالب عباس بموجبها التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أولا ومن ثم تطبيع العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس العكس)، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، وتكون مدينة مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث (في مستهل خطابه، شدد عباس على أنه يحترم الديانة اليهودية، ويبدو أن ذلك جاء تعبيرا عن ادعاءات اللاسامية). كما وطالب بتجميد قرار ترامب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس حتى التوصل إلى اتفاق، وعدم إيقاف المساعدات للأونروا، مهددا أنه في حال لم يتلقَ ستة ملايين “لاجئ”، وفق تسميته، المساعدات، فقد يمارسون الإرهاب أو يهاجرون إلى أوروبا.
خلال خطابه، كان يبدو أبو مازن متأثرا ومتعبا. يبدو أنه يتعرض لضغط كبير. تهدف الخطوات الفلسطينية إلى صياغة الحوار مجددا، وربما إلى جذب اهتمام رئيس الولايات المتحدة المعروف بأنه تصل إليه المعلومات بشكل أساسيّ من العناوين الرئيسية، وربما سينظر إلى الأمور نظرة مختلفة عندما يقرأ العنوان “مبادَرة سلام فلسطينية”.