“قُتل أكثر من 1000 شخص، في الوسط العربي، خلال السنوات الـ 15 الأخيرة ونسبة حل لغز تلك القضايا مُنخفضة كثيرا”، هذا ما ادعاه عضو الكنيست العربي، من حزب “ميرتس”، عيساوي فريج، في إحدى المداولات الأساسية التي دارت في العام المنصرم في أروقة الكنيست، حول قضية السلاح غير المُرخص.
يشتكي أعضاء الكنيست العرب، منذ سنين، من أن السلاح غير المُرخص واستخدامه هي آفة تنهش بالمُجتمع العربي من الداخل وأن الجهات الأمنية المُختصة بإنفاذ القانون، الشرطة والمحاكم في إسرائيل، تتساهل بتعاملها مع هذه القضية.
نسبة العنف في المُجتمع العربي مُرتفعة جدًا مُقارنة بتعداد هذا الوسط بالمُجتمع الإسرائيلي عمومًا. “بهدوء، ودون أن يكون لدى غالبية الجمهور الإسرائيلي علمٌ بذلك، أصبح العديد من البلدات العربية في إسرائيل ساحات حرب”، وفقًا لادعاء فريج.
وتصدر هذا الموضوع الهام جدًا، في الأيام الأخيرة، اهتمام المجتمع الإسرائيلي على إثر عملية إطلاق النار التي نفذها مواطن عربي من وادي عارة، نشأت ملحم، في أحد الشوارع الرئيسية في تل أبيب، والتي لاقى خلالها مواطنان إسرائيليان حتفهما وخلّفَت الكثير من الجرحى.
ويتضح من خلال المداولات العديدة في الكنيست والنقاش الجماهيري العام أن قادة المُجتمع العربي في إسرائيل، بما فيهم نواب الكنيست ورؤساء مجالس البلدات العربية الكبيرة، يُحذرون، منذ سنوات، من هذه الظاهرة الخطيرة التي تنطوي على حيازة السلاح غير المُرخص واستخدامه في شوارع المُدن والقرى؛ في شمال وجنوب البلاد. يدعي نواب الكنيست من القائمة العربية المُشتركة أن الشرطة لم تعمل كما يجب لاجتثاث هذه الظاهرة. بالمُقابل، تدّعي الشرطة والأجهزة الأمنية أنها تستثمر الكثير من الجهد لفرض القانون ولكنها تواجه صعوبات كثيرة بسبب مُعارضة المواطنين العرب.
أسلحة غير مرخصة (Flash90)
وقال وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، المسؤول المُباشر عن الشرطة إن “90% من السلاح غير المُرخص في شمال البلاد (المنطقة التي فيها عدد كبير من البلدات العربية) مصدره من الجيش الإسرائيلي”. وفقًا لادعائه، تنتشر الظاهرة التي يبيع فيها الجنود الأسلحة لجهات عربية ومن ثم يُبلّغون عن ضياعها. وفقًا لتصريحه، لا يقتصر الأمر على بيع البنادق فحسب إنما على عبوات ناسفة، قنابل يدوية وأسلحة أُخرى أيضًا. وصرّح أردان أنه بين عامي 2014 و 2015 فُتح 2,500 ملف يتعلق بقضايا الوسائل القتالية.
بشكل عام في المُجتمع العربي، وبخلاف ادعاءات أجهزة تطبيق القانون، يُعارضون بشدة ظاهرة السلاح غير المُرخص الذي يستخدمه الكثير من المُجرمين، تُجار المُخدرات، زعماء عائلات الإجرام ويُستخدم أحيانا لإظهار القوة في بعض المُناسبات السعيدة (إطلاق النار في الأفراح).
في مقالة غير مسبوقة تطرق فيها محمد دراوشة، مُدير مُشارك في مُبادرات صندوق إبراهيم (صندوق يُعنى بدعم مُبادرات في الوسطين العربي واليهودي)، في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، كتب: يتعيّن على السلطات المسؤولة في إسرائيل أن تجمع السلاح لأنه يضر بالوسط ذاته. “من جهتي، أتمنى ألا يكون هناك سلاح في الوسط العربي أبدًا: سواء كان الحديث عن أسلحة مُرخصة أم لا. انزعوا كل تلك الأسلحة من مُجتمعنا، فنحن لا نحتاجها ولا نُريدها”، كتب دراوشة.
وكما قال نائب الكنيست العربي أحمد طيبي، في الجلسة الطارئة للكنيست التي عُقدت لنقاش هذه المسألة “بدأت إسرائيل بالاهتمام بظاهرة السلاح غير المُرخص في الوسط العربي فقط بعد العملية الدامية في شارع “ديزنغوف”. عندما استُخدم سلاح وادي عارة ضد سكانها فلم تسمعوا بذلك. ولكن عندما استُخدم ذلك السلاح في تل أبيب؛ ضد اليهود، انتفضت الدولة بأكملها”.
ودحضت أجهزة تطبيق القانون، من جهتها، ادعاءات قادة المُجتمع العربي مدعية أنها ضاعفت من إجراءاتها لتطبيق القانون في السنوات الأخيرة. تُدرك الجهات الإسرائيلية المسؤولة عن تطبيق القانون أن حجم المُشكلة يحتاج إلى إجراءات تفوق مسألة جمع السلاح لمرة واحدة أو غير ذلك. أفضل حل هو تعاون المُجتمع العربي ومُبادرته لاتخاذ خطوات لنزع السلاح غير القانوني من المُجتمع. يجب مقاومة دخول قوات الشرطة بالقوة إلى البلدات العربية، التي أساسًا تُعتبر جهة مُعادية وتزيد من الاحتكاك ولن تؤدي إلى وضع اليد على كمية كبيرة من الوسائل القتالية الممنوعة. فيما يخص مسألة تسريب السلاح، يتعين على إدارة الجيش أيضا العمل على فرض عقوبات شديدة على من يتاجر بالسلاح في السوق السوداء.
وتصل عائدات الإتجار بالسلاح غير المُرخص، سنويًا، إلى ملايين الدولارات وهذا السوق مُنتعش جدًا في البلدات الواقعة شمال البلاد وفي مناطق انتشار البدو؛ في الجنوب. وتُشير مُعطيات الشرطة الإسرائيلية إلى أن البنادق من نوع “تابور”، “ميكرو تابور” قد باتت صرعة بين تجار الأسلحة. “يُعتبر المُجرم الذي بحوزته بندقية من نوع “ميكرو تابور”، اليوم، شخصية مرموقة في عالم الإجرام. إنها مسألة موضة ويجري الحديث أيضا عن بندقية تستخدمها أهم الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي وتمتاز بدقة عالية جدًا في عمليات الاغتيال”، هذا وفقًا لما صرّح به ضابط شرطة في وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ مُدة ليست بعيدة.
البنادق من نوع “تابور”، “ميكرو تابور” قد باتت صرعة بين تجار الأسلحة
“هذا هو السلاح المُحبب لدى اللصوص اليوم. بندقية “تابور” من النوع الطويل و “الميكرو تابور” هما السلاحان الأكثر طلبًا من قبل عصابات الإجرام والمنظمات الإرهابية في الضفة الغربية. الطلب على هذه البنادق كبير جدًا وسعرها أيضًا يرتفع بالتناسب، وقد يصل سعر البندقية الواحدة إلى 25 ألف دور، وهذا أمر غير مسبوق في الواقع الإسرائيلي”، وفق ما قاله مسؤول في الشرطة.
التحدي الأساسي الذي يقف الآن أمام سلطات القانون والمُجتمع العربي في إسرائيل هو إيجاد مُعادلة تُتيح مسألة جمع السلاح غير القانوني ومنع تسريب سلاح الجيش الإسرائيلي إلى التُجار، من دون خلق المزيد من الاحتكاك بين الأقلية العربية وبين سلطات تطبيق القانون.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني