في نهاية الأسبوع الماضي، لحقت حادثة خطيرة بإسرائيل، بعد أن توفي تسعة شبان جرفتهم مياه الفياضانات القوية أثناء رحلة في جنوب البلاد. كان الشبان الضحايا التسعة، من بينهم تسع فتيات وشاب واحد في رحلة أقيمت في إطار إحدى الدورات التحضيرية المعروفة في إسرائيل استعدادا للخدمة العسكرية. أثار الموضوع جدلا عارما حول أهمية هذه الدورات، التي تشجع عددا قليلا من الشبان الإسرائيليين الذين يتم اختيارهم بدقة، على تأجيل الالتحاق بالخدمة العسكرية واجتياز تحضير طويل استعدادا لها.
في السنوات الأخيرة، ازداد عدد الدورات التحضيرية العسكرية وعدد طلابها. يعمل في إسرائيل أكثر من 50 دورة تحضيرية للخدمة العسكرية، ويعد معظمهما مؤسّسات عريقة، لهذا يحاول شبان كثيرون الانضمام إليها، وهناك منافسة كبيرة على عدد المقاعد. تموّل الدولة هذه الدورات، ويتم اختيار الشبان المعنيين بالالتحاق بها ضمن عملية تصنيف دقيقة قبل إنهاء الدراسة الثانوية.
تشجع وزارة التربية والثقافة الإسرائيلية بالتعاون مع الجيش ووزارة الأمن الشبان على الانضمام إلى هذه الدورات التحضيرية، لأنها ترفع عدد الشبان الذين ينضمون إلى الخدمة العسكرية في وظائف قتالية. يؤجل الكثير من الشبان الذين ينضمون إلى هذه الدورات الخدمة العسكرية لمدة سنة أكثر من أصدقائهم الذين يخدمون في الجيش.
أثارت حادثة الفيضانات التي وقعت في الأسبوع الماضي انتقادات ضد إقامة الدورات التحضيرية العسكرية الإسرائيلية، من بين أسباب أخرى، لأن الدولة هي التي تمولها وليس الطلاب. يدعي الكثيرون أن هذه الدورات ليست ضرورية إطلاقًا، موضحين أن لا داعي للتحضير للخدمة العسكرية، وأن شبانا كثيرين يجتازون الخدمة دون أن ينضموا إلى هذه الدورات. إضافة إلى ذلك، هناك من يدعي أن الطلب الكبير على هذه الدورات يلحق ضررا تحديدا بالشبان من الفئات السكانية المستضعفة والفقيرة وأنها تشكل مصدر تمييز. هناك ادعاء آخر وهو أن هذه الدورات تشكل جزءا من غسل الدماغ الجماعي الذي يشجع على اتباع السياسة العسكرية الإسرائيلية.
من بين الأسئلة المطروحة، هناك تساؤلات ما الذي يدفع الشبان الإسرائيليون الذين يبدأون بالتعلم في الجامعة والعمل في وقت متأخر نسبيا بعد إنهاء الخدمة العسكرية الطويلة التي تصل مدتها إلى سنتين حتى ثلاث، إلى تأجيل التجنّد لسنة أخرى والانضمام إلى الدورات التحضيرية العسكرية؟ هناك لدى الكثير من الشبان الذين يتلعمون في هذه الدورات دافع ورغبة في زيادة احتمالاتهم للحصول على وظيفة هامة وعريقة في الجيش الإسرائيلي. يجري الحديث عن شبان لديهم رغبة قوية في الخدمة العسكرية، وهم يعتقدون أن هذه الدورات تساعدهم على الانخراط في وظائف رئيسية في الجيش وتؤهلهم للخدمة في دورات الضباط والقيادة في الجيش.
هناك سبب محتمل آخر وهو رغبة هؤلاء الشبان في الانضمام لهذه الدورات بسبب نقص استعدادهم النفسي للخدمة في سن صغيرة. يتيح الالتحاق بهذه الدورة للشبان تأجيل الخدمة لمدة سنة، ما يوفر لهم إمكانية الاستعداد جسمانيا ونفسيا، التغلب على الصعوبات، بناء هويتهم، واتخاذ قرار حول الوظيفة التي يرغبون في شغلها في الجيش.