الحرب العراقية – الإيرانية

جندي من الحرس الثوري الإيراني (AFP)
جندي من الحرس الثوري الإيراني (AFP)

نظرة خاطفة إلى أعماق التدخّل الإيراني في سوريا

جندي إيراني من الحرس الثوري الذي يعمل في سوريا يجري مؤخرًا مقابلة، توفّر لمحة نادرة عمّا يحدث ميدانيًّا وتكشف عن تفاصيل كثيرة يحاول النظام إخفاءها

“يبلغ تعداد قوات حفظ النظام الإيراني في سوريا نحو 7,000 حتى 8,000 جندي حيث يتقاضى كل جندي 1,500 دولار شهريًّا. وتعود القوات إلى إيران مرة واحدة كل ثلاثة حتى أربعة أشهر لعطلة مدتها شهر، وتتلقّى أسرة كل شهيد منحة بقيمة 25 ألف دولار” – هذا هو جزء فقط من التفاصيل الحصرية التي صرح بها جندي من الحرس الثوري الذي لم يُكشف عن اسمه، في مقابلة أجريت معه قبل نحو شهر للصحيفة اليومية “كيهان”؛ وهي صحيفة إيرانية معارضة تصدر في لندن ومعروفة بمصداقيّتها بشكل عام. ورغم أهميتها، فلم تحظَ المقابلة بأي اهتمام في الإعلام الغربي.

تنضم هذه المقابلة إلى المعلومات الكثيرة التي نُشرت مؤخرا في الإعلام الإيراني المعارض حول العمل العسكري الإيراني في سوريا. وتجدر الإشارة إلى التذكير أنّ مصداقية وسائل الإعلام الإيرانية كثيرا ما تكون موضع شك، ولذا يجب التعامل مع هذه المعلومات بحذر. وما زال هذا التقرير، حتى لو كان جزء كبير منه غير موثوقا، ومقارنته مع مصادر خارجية تشير إلى أن هذا ما حدث، يسلّط الكثير من الضوء تحديدا على النقاط نفسها التي يطمح النظام الإيراني في إخفائها، ويكشف ما وراء الكواليس في القتال الإيراني في سوريا.

“المدافعون عن الأراضي المقدّسة”

تشييع جثمان مقاتل إيراني لقى حتفه في سوريا (AFP)
تشييع جثمان مقاتل إيراني لقى حتفه في سوريا (AFP)

يكرّر مسؤولو النظام الإيراني التأكيد أنّ طهران لا تشارك في المعارك ضدّ داعش، جبهة النصرة وسائر المتمردين السوريين. في نظرهم، فإنّ طهران ترسل فقط مستشارين وترشد القوات المقاتلة. إنّ الاستراتيجية التي تقف خلف هذه المحاولة في إخفاء مشاركة إيران في القتال هي الرغبة في تجنب المواجهة الإقليمية الشيعية – السنية. إن مواجهة كهذه، ستضع المعسكر الشيعي في موقف سيّء لكونه أقلية في العالم الإسلامي.

ومع ذلك، فالحقائق في الواقع تشير إلى غير ذلك. ففي الأشهر الأخيرة، تقود إيران معركة برية واسعة في سوريا بهدف تحرير أراضٍ مهمة سُلبت من يد نظام الأسد. بل إنّ الإعلام الإيراني يبث التقارير بشكل ثابت حول سقوط جنود إيرانيين – ضباط كبار إلى جانب قوى ثانوية – بالإضافة إلى متطوّعين، إلى جانب عناصر الميليشيات الشيعية العراقية، الأفغانية والباكستانية، المدعومة من قبل قوات قدس التابعة للحرس الثوري. تُدعى هذه المجموعة في الإعلام الإيراني “مدافعان حرم”، أي “المدافعون عن الأماكن المقدسة”. وذلك رغم أنهم يُقتلون في حلب وفي سائر نقاط القتال في سوريا، البعيدة عن قبر زينب في دمشق، والذين يُستدعون من أجل الدفاع عنه.

يبلغ تعداد قوات حفظ النظام الإيراني في سوريا نحو 7,000 حتى 8,000 جندي حيث يتقاضى كل جندي 1,500 دولار شهريًّا

هكذا يتحدث الجندي عن تفاصيل حول نقاط تجنيد المتطوعين في معسكرات الحرس الثوري:

“أعلن الحرس الثوري بأنّ لديه فقط مستشارون [في سوريا] ولكن الأمر ليس كذلك. إذا دخلتَ سرّا إلى المعسكرات الرئيسية للحرس الثوري سترى أنّ هناك لافتات مثبّتة بشكل علني لتسجيل المتطوعين من جميع صفوف التنظيمات وجميع الشرائح العمرية للانضمام إلى قوات المدافعين عن الأماكن المقدسة”.

وكما تسرّب في الإعلام الغربي، فقد أجرى قائد قوات قدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، قائد عمليات الحرس الثوري خارج إيران والمسؤول عن الكفاح من أجل إنقاذ الأسد، في تموز الماضي زيارة إلى موسكو، حيث التقى هناك بمسؤولين روس ومن بينهم بوتين وتناقشوا حول وضع المعارك في سوريا. وفقا لهذه التقارير، فقد كانت الزيارة مَعلَمًا حاسما في قرار بوتين بإطلاق قوة عسكرية إلى سوريا والمشاركة بشكل فاعل في المعارك. لقد نفت طهران بشدّة هذه الزيارة على مدى أشهر طويلة، وفي كانون الأول 2015، عندما شعرت بأنّ الأجواء الدولية تسمح بذلك على ضوء تصاعد عمليات داعش في الغرب، اعترفت بحدوثها. وقد أكّد جندي الحرس الثوري في المقابلة المبرّر الذي وقف خلف زيارة سليماني إلى موسكو، موضحا أنّ الاعتبارات العملية التي تقف خلف زيادة القوات الروسية والإيرانية في سوريا هي مساعدة الجيش السوري المنهار وغير المدرّب في حرب العصابات:

“وقد زار قاسم سليماني قبل ثلاثة حتى أربعة أشهر روسيا، والتقى هناك بمسؤولين عسكريين وبعض المسؤولين السياسيين الروس. تطمح روسيا وإيران أيضا إلى بقاء بشار الأسد في الحكم. ومع ذلك، فإنّ استمرار الحرب قد قلّص من الموارد المالية لنظام الأسد. من جهة، بسبب كمية الخسائر الكبيرة في الجيش السوري، فهو غير قادر على الاستمرار في الحرب لوحده. وهناك العديد من التقارير التي تقول إنّ الجيش السوري يعاني من استنزاف شديد لقوات حفظ النظام الخاصة به. ومن جهة أخرى، هناك مشكلة أكبر وهي أنّ قوات داعش والجيش السوري الحرّ بالإضافة إلى جبهة النصرة قد راكمت خبرة كافية ولم يُدخل أفرادها أنفسهم بعد في حروب تقليدية ومباشرة، وإنما يضربون القوات الداعمة للأسد بطريقة [حرب] العصابات. بهذا الشكل قُيّدت أيدي الأسد لأنّ مجال العمل الذي هو على دراية به هو المواجهة المباشرة وليس [حرب] العصابات”.

من بين المتطوعين، تجري قوات الحرس الثوري عملية بحث دقيقة وترسلهم إلى سوريا بعد التدريب. على المتطوعين أن يجتازوا [التدريبات لمدة] نحو 45 يوما في عدة ثكنات داخل طهران، بالإضافة إلى تدريبات حصرية في ثكنات بلبنان وسوريا

“خرج الكثير من الجنود من سوريا مع عائلتهم. وهناك مجموعة أخرى [من الجنود] أخرَج أفرادها أسرهم من سوريا وبقوا وحدهم في البلاد ليقاتلوا. وقد أدى النقص في القدرات العسكرية إلى دعم روسيا للأسد جوّا وبواسطة طائرات حربية وصواريخ بعيدة المدى، وعزّزت إيران قواتها البرية لتعويض جيش بشار الأسد. ومن أجل ذلك، بالإضافة إلى الضباط الكبار، فقد أُرسِلت [من إيران] إلى سوريا أيضًا قوات متوسطة المستوى وضباط صغار. تبقى تلك القوات المُرسَلة في سوريا لنحو ثلاثة حتى أربعة أشهر وتحصل على عطلة [في إيران] مدتها ما يقارب الشهر”.

منظومة تجنيد مشحّمة

الجنرال قاسم سليماني المسؤول الكبير في قوات حرس الثورة الاسلامية (AFP)
الجنرال قاسم سليماني المسؤول الكبير في قوات حرس الثورة الاسلامية (AFP)

في أعقاب الخسائر التي تلقتها إيران في المعارك بسوريا، شكّك باحثون غربيون بخصوص قدرة القوات الإيرانية العسكرية في سوريا. وقد صرح جندي الحرس الثوري في المقابلة عن تفاصيل جديدة حول طريقة التجنيد والتدريب للمتطوعين، والتي تشمل أيضا تدريبات في سوريا ولبنان، بطبيعة الحال بالتعاون مع حزب الله:

“في بعض الاحتفالات والمؤتمرات الدينية تُوزّع منشورات تدعو إلى التسجيل للدفاع عن الأماكن المقدسة. وفي بعض المساجد يستقبلون المتطوعين. إنه مجرد أمر رمزي. ومن بين المتطوعين، تجري قوات الحرس الثوري عملية بحث دقيقة وترسلهم إلى سوريا بعد التدريب. على المتطوعين أن يجتازوا [التدريبات لمدة] نحو 45 يوما في عدة ثكنات داخل طهران كثكنة أمين المؤمنين، بالإضافة إلى تدريبات حصرية في ثكنات بلبنان وسوريا. يكون بعض الدروس نظريا، مثل تعليم اللغة العربية والتعرّف على جغرافية سوريا ومناطق الصراع. توافق القيادة العامة للحرس الثوري، والتي تنسّق مع مكتب القائد [خامنئي] على تسجيل جميع الأشخاص المرسَلين، بل والمتطوعين. وقد ذهب العديد من الأشخاص إلى سوريا أيضا دون أن يخدموا [مطلقا] في الحرس الثوري وهم يقاتلون هناك”.

رغم النفي الإيراني حول المشاركة الفاعلة في المعارك بسوريا، ففي مواقع هامشية في الإعلام الإيراني تنتشر أخبار يُدعى فيها الشعب إلى التسجيل لصالح الانضمام إلى “المدافعين عن الأماكن المقدسة” (انظروا إلى الصورة على اليسار). في الاستمارات، يُطلب من الراغبين في الانضمام ملء المعلومات الشخصية وإبقاء سبل التواصل من أجل مشاركتهم في المعارك بسوريا.

مدافعان حرم
مدافعان حرم

وأضاف جندي الحرس الثوري موضحا في المقابلة أنّه فقط جزء من المتطوعين الراغبين في الانضمام إلى القتال في سوريا يتم قبولهم ويجتازون عملية التدريب السرية، حيث يأتي معظمهم من قوات الباسيج (وهي ميليشيا شبه عسكرية). وإلى جانبهم، هناك متطوعون آخرون تم رفضهم ولكن رغم ذلك يأتون إلى مراكز القتال ويُقاتلون دون إعلام أسرهم بشيء عن مصيرهم:

إذن، في الواقع فقط قوات حصرية يتم إرسالها إلى سوريا؟

“نعم. الأشخاص الذين يتم إرسالهم من قبل الحرس الثوري، رغم أنهم يعملون هناك [أي في سوريا] باسم سرّي، فإنّ ملفهم الكامل [الذي يشمل] اسمهم، معلومات تاريخ إرسالهم، بالإضافة إلى الراتب ونوع المهمة يكون في إيران”.

من هم هؤلاء الأشخاص؟ من أي أطر يأتون؟

“إنهم أعضاء الباسيج، الذين يؤمنون أنّ عليهم أن يخدموا جيش الإسلام هناك. يتوجه الكثيرون منهم من أجل التسجيل وكي يتم إرسالهم طوعا، ولكن ليس لدينا تجنيد عام. [فقط] قسم يتم قبوله وكان هناك أيضًا من قدِم [إلى سوريا] عن طريق تركيا ولبنان. بطبيعة الحال فإنّ الانضمام بهذه الطريقة إلى القوات التي تحارب داعش والنصرة صعب جدّا، ولا يتم قبول بعضهم ولذلك يضطرون إلى العودة [إلى إيران]”.

هل هؤلاء الذين يتطوّعون بشكل حرّ للقتال في سوريا يحصلون على أجور من مصدر ما؟

“لا، فإن الحرس الثوري يدفع فقط أجور المدافعين عن الأماكن المقدسة. وتذهب البقية إلى هناك على أساس إيمانها فقط. يُقتل الكثير منهم ولا تعرف أسرهم شيئا عن مصيرهم…”.

معركة باهظة الثمن

شركة الطيران الإيرانية ماهان إير (AFP)
شركة الطيران الإيرانية ماهان إير (AFP)

في الأيام التي يتساءل فيها الكثيرون إلى أين سيُوجّه النظام الإيراني الأموال والأرباح التي سيحصل عليها نتيجة صفقة النووي وإزالة العقوبات، من المُستحسن الإصغاء إلى أقوال الجندي الإيراني حول النفقات المالية التي يدفعها النظام الإيراني الإسلامي لصالح مشاركته المباشرة في المعارك بسوريا. بالإضافة إلى ذلك، يبلغ تعداد القوة الإيرانية في سوريا حتى ثمانية آلاف جندي، أي أربعة أضعاف التقديرات من قبل دوائر أمنية كبيرة في الغرب والتي تُقدّر أن عدد تلك القوات هو ألفي جندي على الأكثر. وفي هذا الشأن يُوضح الجندي:

“يبلغ الأجر الشهري [للمقاتل الإيراني في سوريا] 1,500 دولار في الشهر، وتُقدّم المزايا بحسب الحالة…”. لقد كلّف الوجود الإيراني في سوريا ثمنا باهظا. في المتوسط، فإنّ نحو 7 إلى 8 آلاف من القوات الإيرانية تشارك في الحرب بسوريا، حيث يحصل كل واحد من القوات، على الأقل، على أجر شهري يصل نحو 5-6 ملايين تومان (نحو 1,700 دولار). أضف إلى هذه القائمة المساعدات الطبية، المساعدات الغذائية، الدعم اللوجستي، المساعدة في النقل ونفقات أخرى كثيرة. كل واحد من قوات “المدافعين عن الأماكن المقدسة” والذي يُخاطر بنفسه يحصل على ما يقارب 45 إلى 90 مليون تومان، (نحو 25 ألف دولار). بالإضافة إلى ذلك تُقدّم قوات قدس أموالا لكتيبة الفاطميين – الأفغان والباكستانيين. يكلفنا نقل الجثث والجرحى أيضا نفقات مالية والتي تفرضها علينا الحرب في سوريا… أصبح إرسال القوات إلى سوريا موضع التندّر في أوساط الأصدقاء في الحرس الثوري وهكذا اعتيد على القول مازحين لكل من يعاني من نقص مالي ويشكو من أجره: “مع الاحترام، إلى الأماكن المقدسة” [أي اذهب إلى سوريا ودافع عن الأماكن المقدسة]”.

وإلى جانب المكافآت المالية، تبذل القيادة الإيرانية جهودا دعائية كبيرة من أجل تنمية القوات الإيرانية وتشجيع إرسالها إلى سوريا وزيادة الدافعية في أوساط القوات الإيرانية المقاتلة. في هذا الإطار، صرّح مسؤولون في النظام أنّ الاستشهاد في الدفاع عن الأماكن المقدسة في سوريا والعراق يمنح المتوفى مكانة أعلى أيضا من المكانة التي حظي بها شهداء الحرب الإيرانية – العراقية (1980-1988). لذلك، عندما سُئل إذا ما كان الدافع وراء انضمام المتطوعين إلى المعارك في سوريا أيديولوجيا أم اقتصاديا، قال الجندي إنّ الكثيرين يقومون بذلك بدافع إيمانهم وليس لدوافع مالية:

تشييع جثمان مقاتل إيراني لقى حتفه في سوريا (AFP)
تشييع جثمان مقاتل إيراني لقى حتفه في سوريا (AFP)

“من الصعب أن نقدّر ما الذي يدفع الناس إلى الدفاع عن الأماكن المقدسة. شخصيًّا، أعتقد أنّهم ينضمّون إلى الحرب لأسباب مالية، ولكن ربما يكون ذلك مؤثرا بدرجة ما. في الواقع فإنّ هؤلاء الذين يشاركون في [الحرب] يفعلون ذلك بدافع الإيمان…”.

كان أحد الموضوعات الأخرى التي طُرحت في النقاش خلال المقابلة هو طرق نقل قوات الحرس الثوري من إيران إلى سوريا. لقد أثير مؤخرا نقاش في الولايات المتحدة حول شركة الطيران الإيرانية “ماهان إير”، ولماذا لا تعمل الإدارة الأمريكية ضدّها. الشركة مشمولة في القائمة السوداء من العقوبات الأمريكية منذ العام 2013، رغم أنها تنقل قوات الحرس الثوري من إيران إلى سوريا. وفي المقابل تسمح شركات آسيوية وأوروبية لهذه الشركة بالعمل كالمعتاد، رغم أنها في الواقع تعمل في خدمة الحرس الثوري كشركة طيران عسكرية بكل معنى الكلمة. وهكذا تم التوضيح في المقابلة:

أين يجري داخل إيران التسجيل للإرسال [إلى سوريا]؟

“إمّا عن طريق الحرس الثوري، حيث تكون عملية التجنيد هناك غير علنية، وإما أن يخرجوا إلى النجف وإلى سوريا بشكل حرّ. أولئك الذين يخرجون مباشرة [إلى سوريا] يجب أن يكون بحوزتهم جواز سفر وتأشيرة دخول إلى سوريا، وعددهم قليل لأنّ عدد المعارك كبير إلى درجة أنّ الرحلات الجوية إلى سوريا قد تقلص”.

كيف يتم نقل الوسائل القتالية؟

يبلغ الأجر الشهري [للمقاتل الإيراني في سوريا] 1,500 دولار في الشهر

“لا يتم نقل وسائل قتاليّة كثيرة من إيران إلى سوريا. ويتم نقل الأسلحة شبه الثقيلة والثقيلة بواسطة طائرات. فلا شيء تقريبا يُرسل برّا. يتم بعض عمليات النقل بواسطة السفن عن طريق الخليج العربي، والبقية عن طريق الرحلات الجوية”.

هل هي رحلات جوية عسكريّة؟

“كلا، معظم ما يتم إرساله يتم عن طريق مطار الإمام الخميني، طائرات تابعة لشركة الطيران ماهان [إير]”.

ولكن ماهان إير هي شركة خاصة، أليس كذلك؟

“نعم، ولكن بالنسبة لهم هذا لا يهمّ. إذا كانت رحلة جوية عادية إلى سوريا والتي تشمل مسافرين [مدنيين] فلا يُرسل من خلالها عتاد عسكري ولكن أحيانا يقوم الحرس الثوري برحلات جوية مستأجرة”.

ألا يوجد بديل وفق التعبير الفرنسي لـ “جزمات على الأرض”؟

على ما يبدو، فقد كان يفترض أن يوفّر الغطاء الجوي الروسي والمشاركة الإيرانية في المعارك للجيش السوري ولحزب الله تفوّقا على أعدائهم في نقاط المواجهة، والتسبب بالتحرير السريع للأراضي التي سُلبت من نظام الأسد. ولكن الجندي الإيراني أشار في المقابلة إلى نقص في القوات البرية، وعدم قدرة قوات حفظ النظام الحالية على التعامل مع كثرة المهام، التطورات التي تجرّ بحسب زعمه إلى استمرار المعارك وتأخير تحرير الأراضي المحتلة. بحسب كلامه، عندما يتم تحرير مناطق من أيدي داعش وجبهة النصرة، تُحتل من جديد من قبلهما بسبب النقص في قوة برّية سورية أو موالية لسوريا كي تسيطر على الأرض:

“صحيح أن روسيا توفر دعما جوّيا فعالا ولكن المهام المتقدّمة وتحرير الأراضي يجب أن تتم عن طريق قوات برية… بعض قوات الأسد منتشرة داخل المدن ومسؤولة عن حماية المراكز الإدارية، الأجهزة ومعسكرات الجيش، وبعضها مسؤول عن حماية المنشآت الحساسة كالمطارات، معامل التكرير، محطات الكهرباء والسدود. من جهة أخرى، من أجل تحقيق تقدّم وتحرير الأراضي يجب أن يكون هناك ما يكفي من القوات البرية ولكنها مشغولة في عدة جبهات. لهذا السبب فإنّ تحرير الأراضي يحدث ببطء. إنّ تركّز القوات في عدّة محاور يؤدي إلى استمرار المعارك، وإلى احتلال الأراضي مجدّدا من قبل داعش أو جبهة النصرة”.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدا

اقرأوا المزيد: 2064 كلمة
عرض أقل
إيران تكرم ذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة "إيرنا")
إيران تكرم ذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة "إيرنا")

إيران تكرّم ذكرى الضحايا اليهود

الأخوة الشيعية - اليهودية في طهران؟ تم هذا الأسبوع تدشين نصب تذكاري لذكرى اليهود الذين قُتلوا في الحرب الإيرانية - العراقية

18 ديسمبر 2014 | 17:47

بادرة حُسن نيّة استثنائية ليهود إيران. العداء الذي يشعر به الإيرانيون تجاه النظام الإسرائيلي يجعلهم يؤكدون على دعمهم لليهود الفُرس الذين ظلّوا موالين للجمهورية الإسلامية. في مراسيم هي الأولى من نوعها أقيمت هذا الأسبوع في طهران، دشّنت السلطات الإيرانية نصبا تذكاريا جديدا للجنود اليهود الإيرانيين الذين ضحوا بحياتهم في الحرب الإيرانية – العراقية، والتي جرت بين عاميّ 1980 – 1988.

وفقا للصور التي نشرت في وكالة “إيرنا”، أقيم النصب داخل مقبرة اليهود في طهران والتي دُفن فيها قتلى المعارك. كُتبت على النصب التذكاري الكلمات العبرية “شالوم عولام” والتي تعني سلام العالمي.

تعتبر الجالية اليهودية الإيرانية من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، وقد تم تأسيسها قرابة القرن الخامس قبل الميلاد. ووفقا للتقاليد اليهودية، فقد تأسست مدينة أصفهان من قبل اليهود المنفيين. وفقا للتقديرات، يعيش في إيران اليوم نحو 8,700 يهودي. بالإضافة إلى ذلك، هناك جاليات إسلامية وبهائية معروفة بكونها من أسلاف اليهود الفُرس الذين بدّلوا دينهم.

منذ إقامة دولة إسرائيل، وخاصة منذ الثورة الإسلامية عام 1979 ترك إيران عشرات الآلاف من اليهود. وتعيش اليوم في إسرائيل جالية من عشرات آلاف اليهود الفُرس، وفي الولايات المتحدة أيضًا هناك تجمّعان كبيران للجاليات اليهودية الفارسية، في منطقة نيويورك ولوس أنجلوس.

إيران تعتز بذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة "إيرنا")
إيران تعتز بذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة “إيرنا”)
إيران تعتز بذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة "إيرنا")
إيران تعتز بذكرى الضحايا اليهود (موقع وكالة “إيرنا”)
اقرأوا المزيد: 182 كلمة
عرض أقل
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)

الدولة الإسلامية واللغز الإيراني

تشير الأحداث الماضية ومؤشرات الوقت الراهن إلى أن الجيش الإيراني سيمتنع عن شن حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبالتالي فإن الضحايا الشيعية ستزداد ارتفاعا في الشرق الأوسط

لقد قام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بذبح آلاف الشيعة في العراق وسوريا، حتى الآن، وسيطر على إقليم مماثل بمساحته لبريطانيا. أما بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي اغتنمها، فتحوّله إلى التنظيم الإرهابي الأغنى في العالم. إن إعجاب عشرات آلاف الشباب من دول الشرق الأوسط وخارجه بهذا التنظيم، الانخراط في القبائل السنية في العراق وسوريا والفكر السني المتطرف- لذلك، كان من المفترض لكل هذه الأمور حث الجيش الإيراني على شن حملة عسكرية شاملة على الفور. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تحفز إيران، القوة الشيعية العظمى في العالم، بعض كتائبها لاجتثاث تنظيم الدولة الإسلامية من جذوره؟

هددت قيادات سياسية وعسكرية إيرانية، مرارا، أن تستخدم قوتها أمام تنظيم الدولة الإسلامية بسبب “أعمال الذبح بحق الشيعة وتدمير المساجد”. لم يكن لهذه التصريحات أي صدى على أرض الواقع: لكن قامت إيران بإرسال وحدات من الحرس الثوري للدّفاع عن مواقع مقدسة للشيعة، وقد مدّت الجيوش العراقية والسورية بالأسلحة، لكنها تستبعد استخدامها “لكافة قوتها”. إضافة إلى ذلك، فإن عمليات الذبح بحق المسلمين الشيعة، والأقليات الأخرى، ما زالت مستمرة ولم تتوقف بعد، وهذا الخطر يتهدد المناطق الحدودية الإيرانية مع العراق.

إيران، التي تهدف إلى أن تصبح زعيمة العالم الإسلامي، وعلى الأقل العالم الإسلامي الشيعي، لا تستغل فرصة استعداد تنظيم الدولة الإسلامية لاجتياحها، من أجل إنقاذ حلفائها الأكثر أهمية في الشرق الأوسط- سوريا والعراق. ولو فعلت ذلك، لأسعدت القوى الغربية، التي تبغي منع أية تعقيدات عسكرية إضافية في مستنقع الشرق الأوسط. التفت الطوائف الشيعية، من لبنان حتى الخليج الفارسي، حول إيران تحت ما يسمى المواجهة السنية- الشيعية الأكثر احتداما في عصرنا الحاضر، وكان يمكن للنظام، الذي يعاني من انخفاض شعبيته، أن يحارب هذا التنظيم حتى يجعل الجمهور يلتف حوله من جديد. وإضافة إلى ذلك، إنَّ الدخول في معركة مفتوحة وشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنه أن يمنح إيران فرصة ذهبية من أجل استقرار موقف حلفائها في العراق وسوريا، ولمساعدتهم لسحق التمرد المستمر ضدهم، حيث دفعت إيران، إثر ذلك، ثمنا باهضا بعد مقتل الكثير من الجنود والمتطوعين، وكذلك الأمر بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي يصعب على النظام الاقتصادي الإيراني أن يتحمل كلفتها.

ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية  ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)
ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)

يمكن فهم الأزمة الإيرانية من خلال عاملين اثنين. الأول، منذ انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979، تصادمت كل المصالح الثورية والوطنية مع بعضها البعض، وتغلبت المصالح الوطنية. فهذا ما حصل في الصراع بين أرمينيا المسيحية وأذريبجان الشيعية (1988-1994) في معركة بسبب منطقة “نغورينو-كارباغ”، التابعة للمنطقة التي تسيطر عليها أذريبجان، المسكونة من قبل الأرمن، في حين قامت إيران بدعم الأرمن بصرف النظر عن موت آلاف الشيعة في الصراع (المستمر لغاية اليوم). خشيت إيران من أن يقوم الأذربيجانيون الإيرانيون، والذين يمثلون 20% من عدد أفرادها، بالاتحاد مع أصدقائهم الموجودين خلف الحدود. أضف إلى ذلك العصيان الشيعي ضد صدام حسين في بداية سنوات الـ 90 من القرن الماضي. بالرغم من ذبح ما يقارب ربع مليون شيعي عراقي وتدمير أكثر المواقع قدسية للشيعة، فإن إيران لم تحرك ساكنا من أجل مساعدة الشيعة، من منطلق أن الاهتمام الذي تصبو إليه هو اهتمام قومي في الدرجة الأولى وهو إقامة الدولة بعد الحرب الطويلة التي خاضتها ضد العراق (1980-1988) وقد كان ذلك بالنسبة لها أهم من الاهتمام الديني. ومن هنا، يمكن أن نستنتج أن إيران لن تقبل أن تضع اهتمامها الديني في الأولوية على حساب اهتمامها الوطني.

كما ويمكن تفسير معضلة إيران في عدم تدخلها عسكريا ضد الدولة الإسلامية من خلال الصراع المستمر بين إيران والمملكة السعودية. التدخل العسكري الإيراني من خلال حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنها أن تخلق صراعا على التنافس من أجل السيطرة في مناطق الشرق الأوسط بين الدولتين، ويمكن أن تؤدي إلى نشر قوات إيرانية- عراقية مشتركة على الحدود الغربية للمملكة السعودية، من أجل منع تسلل آلاف الجهاديين السعوديين وكذلك منع تهريب السلاح إلى العراق، ومن هناك إلى سوريا. هذه القوات العسكرية، من شأنها أن تهدد السعوديين، ويمكنها أن تضطر إلى تدهور الحرب بين الدولتين إلى مواجهة عسكرية مباشرة.أثبتت إيران، في الماضي، أنها استطاعت أن تتجنب، قدر المستطاع، مما يمكن أن يجرها إلى الدخول في حرب كهذه، إلّا أنها تبارك العمل عبر وكلاء لها مثل حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن وحماس في المنطقة.

في الختام، ليس منطقيا أن تشن إيران حملة عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، انطلاقا من الأحداث الماضية والاعتبارات الحالية في الوقت الراهن، وكذلك فإن الضحايا الشيعية، في الشرق الأوسط، سترتفع حصيلتها. ومن المفارقات أن تتلاقى المواقف المختلفة في الشرق الأوسط، حيث أن القوة الشيعية المعادية للغرب، تفضل، ولو لم يكن قرارها علانية، أن تقوم القوى الغربية الكافرة بإنقاذ حلفائها والشيعة. ومن هنا نلحظ أن الفكر والواقع السياسي سيصطدمان مع بعضهما البعض حتى ينتصر الأخير في النهاية.

نُشر هذا المقال، لأول مرة، في موقع “Can Think”

اقرأوا المزيد: 714 كلمة
عرض أقل
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)

رجل الظلال الإيراني

يقف اليوم، عامل البناء سابقًا قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، ومن أنشأ إمبراطورية إرهاب عالمية، في واجهة الصراع مع داعش في محاولة منه لفرض سيطرة إيرانية على العراق. من هو أكثر الشخصيات غموضًا في الشرق الأوسط؟

لفترة قريبة، كان يُعتبر التعاون بين الولايات المتحدة وإيران، في أي موضوع، وكأنه مشهد من فيلم هوليودي غير ناجح. إلا أنه مع سيطرة داعش على مناطق واسعة مما كانت يومًا العراق، وخوفًا من احتمال أن اجتياح ذلك التنظيم الإسلامي المتطرف بغداد، يبدو هذا السيناريو ممكنًا أكثر من أي وقت مضى.

وإن تحقق مثل هذا التعاون، سيكون قاسم سليماني أحد الشخصيات الأساسية في التعاون، وهو قائد فيلق القدس الإيراني، الرجل الغامض، وأحد الأشخاص الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

من أنت، قاسم سليماني؟

وُلد قاسم سليماني عام 1957 لعائلة إيرانية فقيرة من محافظة كرمان جنوب إيران. عمل في شبابه بمجال البناء، وفي أواخر العشرينات من عمره انضم إلى صفوف الحرس الثوري خلال الحرب العراقية – الإيرانية، التي اندلعت في ثمانينات القرن العشرين.

http://www.youtube.com/watch?v=zJ7exPRrb4w

جمع سليماني طوال سنوات تلك الحرب، التي دامت لثماني سنوات، خبرة عسكرية كبيرة وقيادية. تم نقله مع انتهاء الحرب إلى الحدود الإيرانية – الأفغانية وهناك تسلم مهمة مكافحة تهريب المخدرات.

أُعجب القادة العسكريون الذين تعاملوا مع سليماني من شخصيته القوية وقدراته، وبعد أن اعتلى سلم الرتب تم تعيينه قائدًا لفيلق القدس المهيب عام 1998، بدل وزير الدفاع الحالي أحمد وحيدي.

فيلق القدس

فيلق القدس هو القوة الإيرانية الخاصة التابعة للحرس الثوري والمسؤولة، من بين أشياء أخرى، عن تنفيذ كل العمليات السرية خارج أراضيها. من بين مهام هذا الفيلق: جمع المعلومات، تنفيذ عمليات خاصة، تهريب الأسلحة ونشاطات سياسية. يُطلب من هذه القوة، في الواقع، تنفيذ كل العمليات التي يحتاجها الحرس الثوري للوقاية من الأعداء ومن ضمنهم إسرائيل.

تعاظم نشاط فيلق القدس، وتحديدًا عملياته التخريبية، وأصبحت أكثر فاعلية تحديدًا بعد الحرب مع العراق. وتُشير تقديرات جهات غربية إلى أن الفيلق يضم آلاف العملاء، معظمهم من الإيرانيين، والذين يتميّزون بولائهم الشديد لإيران. تقدر أجهزة المخابرات الغربية أيضًا أن أشد العمليات الدموية التي ارتكبها فيلق القدس كانت التفجير المريع الذي هز مبنى الجالية اليهودية في بوينس آيرس عام 1994 والتي قُتل فيها 85 شخصًا.

وكما أسلفنا، عام 1998، تم تعيين سليماني قائدًا لفيلق القدس ومن خلاله أصبح من الشخصيات القوية في إيران. يُعتبر سليماني جماهيريًا بطلاً في إيران بعد أن دافع عن البلاد ضدّ الاجتياح العراقي في الثمانينات، كما وحارب تجار المخدرات في التسعينات والآن سيكون الرجل الذي سيحميها من داعش.

هناك من يدعي، من ناحية سياسة، بأن سليماني هو الرجل الأول في إيران، بينما حسن روحاني هو ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب. ولاء سليماني للقائد الإيراني، آية الله خامنئي، هو ولاء تام حتى أن الأخير وصفه في مناسبة ما بأنه “شهيد حي”.

وكان سليماني قد جمع قوته تلك من “خلف الظلال”. لا يظهر أبدًا على وسائل الإعلام، وكانت المرات القليلة التي ظهر فيها علنيًّا خلال جنازات جنود الحرس الثوري الذين يُقتلون في سوريا.

الرئيس الإيراني حسن روحاني. ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب? (AFP PHOTO / IRANIAN PRESIDENCY WEBSITE)
الرئيس الإيراني حسن روحاني. ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب? (AFP PHOTO / IRANIAN PRESIDENCY WEBSITE)

قائد قوات الأسد في سوريا

والسبب وراء مقتل أفراد من الحرث الثوري في سوريا هو أن عددًا كبيرًا منهم يحارب في سوريا إلى جانب حزب الله وجيش الرئيس السوري بشار الأسد، ضدّ المتمردين. بدأ ذلك التعاون، حسب تقديرات جهات غربية، في اللقاء الذي جرى نهاية العام 2011 بين سليماني والأسد في القصر الرئاسي، والذي توسل خلاله الرئيس بالحصول على المساعدة.

جمع سليماني الكثير من الشيعة من اليمن، لبنان، العراق وأفغانستان والذين عبّروا عن رغبتهم بالمحاربة لتحقيق الأهداف التي يؤمنون بها، دربهم وأهلهم ليكونوا مقاتلين في  الحرس الثوري. تم إرسال هؤلاء المقاتلين، إضافة لأفراد من النخبة في الحرس الثوري، للقتال إلى جانب حزب الله وإلى جانب قوات الأسد كجزء من “الائتلاف” الذي أسسه سليماني في سوريا ضدّ الثوار. يمكن أن نعزو الفضل في الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات الأسد وحلفاؤها في أرجاء سوريا، والحفاظ على كرسي الأسد، إلى “سليماني”.

الرئيس السوري بشار الأسد. الرئيس توسل بالحصول على مساعدة سليماني (AFP PHOTO / HO / SANA)
الرئيس السوري بشار الأسد. الرئيس توسل بالحصول على مساعدة سليماني (AFP PHOTO / HO / SANA)

ولا عجب أبدًا بأن سليماني نجح بتوحيد القوات بشكل جيد، لأن حزب الله ذاته يعتمد على فيلق القدس وعلى توجيهات سليماني. يقوم فيلق القدس بتمويل جزء كبير من عمليات حزب الله، كما ويقوم بتهريب وسائل قتالية له وحتى أنه يقوم بتدريب الكثير من مقاتلي حزب الله في معسكرات تدريب في إيران، بتوجيه مباشر من سليماني.

وكما هي الحال في سوريا، ثمة تأثير كبير لسليماني أيضًا على عمليات مسلحة في غزة، وخاصة بعد الانقلاب الذي خاضته حماس عام 2007 والسيطرة عليها.  فيلق القدس هو الذي يقوم، وبشكل خاص، بتدريب الكثير من الناشطين من قطاع غزة، والذين ليسوا جميعًا من منتسبي حماس.

ضحايا الحرب الأهلية في سوريا (AFP)
ضحايا الحرب الأهلية في سوريا (AFP)

سليماني والأمريكيون

وكما ذكرنا، ركزت أجهزة المخابرات الغربية، وعلى رأسها  وكالة المخابرات الأمريكية، على ذلك الرجل منذ سنوات طويلة، إلا أن علاقتها بذلك الرجل الملفت تغيّرت على مدى السنين. وقالت شائعات  سادت في أوساط جهات الحكم العليا في أمريكا إنه تم وضع سليماني في الماضي عدة مرات “في مرمى” القوات الأمريكية، والذي كان بالإمكان تصفيته، إلا أنهم آثروا في النهاية ألا يفعلوا ذلك.

عند وقوع أحداث 11.9 اقترحت إيران على الولايات المتحدة تعاونًا عسكريًّا في العراق. وتمخضت عن اقتراح إيران ذلك لقاءات وعلاقات مباشرة بين الطرفين، ومثّل إيران في تلك اللقاءات سليماني ذاته والذي كما هو متوقع صافح المسؤولين الذين اجتمع بهم.

لم تستمر علاقة الود تلك بين سليماني والمسؤولين الأمريكيين، بعد أن قام رئيس الولايات المتحدة السابق بوش بوضع إيران ضمن “محور الشر” الشهير، وقطع كل الاتصالات مع النظام الثيوقراطي (الديني). بعد فترة قصيرة من ذلك، “تصدر” سليماني قائمة الأشخاص الذين تُمنع وزارة المالية الأمريكية من التعامل التجاري معهم وفي آذار من العام 2007 ورد اسمه في قرار الأمم المتحدة  رقم 1747 والذي فيه تم فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي.

وتحول سليماني، بدءًا من هذه النقطة إلى عدوٍ للغرب. ومثال جيد على ذلك كان عام 2007 عندما بعث سليماني رسالة متبجحة لواحدٍ من ضباط قوات التحالف في العراق يقول فيها: “عليك أن تعرف بأنني أنا، قاسم سليماني، المسؤول عن سياسة إيران في العراق، لبنان، غزة وأفغانستان”.

تعزو إسرائيل،  الولايات المتحدة وأجهزة مخابرات غربية عديدة، لفيلق القدس القيام بعمليات تخريبية كثيرة ضدّ أهداف غربية. وحسب الادعاءات فإن فيلق القدس هو الذي يقف وراء العمليات الإرهابية في دلهي ووراء محاولات التفجير في بانكوك وفي تبليسي التي وقعت عام 2012، وكذلك عدد من التفجيرات التي وقعت مؤخرًا في كينيا، نيجيريا وأذربيجان.

العملية الإرهابية في دلهي (AFP)
العملية الإرهابية في دلهي (AFP)

يقف أيضًا فيلق القدس، إضافة إلى ذلك، وراء محاولات اغتيال سياسيين غربيين حول العالم، وعلى رأسها محاولة الاغتيال الفاشلة للسفير الأمريكي في السعودية. تم على إثر هذه المحاولة، التي نُسبت مباشرة لسليماني، وضع اسمه في قائمة الإرهاب العالمية الخاصة بالولايات المتحدة.

سليماني:في واجهة الصراع مع داعش

وعلى الرغم من العلاقات السيئة بين سليماني والغرب، بقيادة الولايات المتحدة، هو أيضًا الذي يقود جبهة المواجهة لوقف زحف داعش. ليس هناك من رجل يسيطر على الأمور في العراق أكثر من سليماني، الذي حظي حتى بلقب “قنصل إيران في العراق”، بعد زياراته العديدة إلى بغداد.

يعمل فيلق القدس منذ سنوات ضدّ القوات السنية العاملة في العراق، حتى أن هذا النشاط أدى بقادة سنيين إلى دمج قواتهم مع داعش وإعطاء تلك الحرب صبغة سنية – شيعية. على إثر ذلك، زاد تأثير سليماني على الميلشيات الشيعية في العراق، ويمكن القول، وإن لم يكن بشكل جازم، بأن غالبية تلك الميلشيات تخضع له وتتبع أوامره.

قاسم سليماني في العراق
قاسم سليماني في العراق

وترى الولايات المتحدة، التي أسقطت حكم صدام حسين في العراق، أنها المسؤولة عن عدم انهيار العراق ومسؤولة تجاه إبقائه مستقرًا. إن محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،  بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا.

وربما لن يكون هناك ملجأ بالنسبة للأمريكيين، الذين يدركون تمامًا تأثير فيلق القدس في العراق، من التوجه للإيرانيين وطلب مساعدتهم. تتم مثل هذه اللقاءات بالفعل، وفق ما تتداوله تصريحات إعلامية، يا للسخرية، على هامش المحادثات المتعلقة ببرنامج إيران النووي في فيينا.

وربما مستقبل العراق يكون رهنًا بتلك المحادثات بين إيران والولايات المتحدة. وأثبت سليماني في سوريا، رغم أن الحرب لم تحسم بعد هناك، بأنه يستطيع بلورة قوة ائتلافية محاربة. إلا أنه قيل وبشكل واضح ، في الولايات المتحدة حيث لا ينكرون تلك الاتصالات مع إيران، بأنهم لن يوافقوا على لقاء سليماني بشكل مباشر.

في إسرائيل، هناك شك بانتهاج الولايات المتحدة لهذه الاستراتيجية. وقد صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بوضوح رفضه لأي تعاون أمريكي – إيراني وقال إنه عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. يقولون في إسرائيل إن الإيرانيين الذين يعملون من أجل مصلحتهم فقط وهي/ بشكل أساسي، تحويل العراق وسوريا إلى مناطق خاضعة تمامًا للتأثير الإيراني وفرض سيطرتهم في الشرق الأوسط. فإن سليماني هو الرجل الذي سيحقق لإيران هذا الإنجاز.

رئيس الحكومة الإسرائيلية, بنيامين نتنياهو. عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. (Amos Ben gershom/GPO/FLASH90)
رئيس الحكومة الإسرائيلية, بنيامين نتنياهو. عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. (Amos Ben gershom/GPO/FLASH90)
اقرأوا المزيد: 1251 كلمة
عرض أقل
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)

رجل الظلال الإيراني

يقف اليوم، عامل البناء سابقًا قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، ومن أنشأ إمبراطورية إرهاب عالمية، في واجهة الصراع مع داعش في محاولة منه لفرض سيطرة إيرانية على العراق. من هو أكثر الشخصيات غموضًا في الشرق الأوسط؟

لفترة قريبة، كان يُعتبر التعاون بين الولايات المتحدة وإيران، في أي موضوع، وكأنه مشهد من فيلم هوليودي غير ناجح. إلا أنه مع سيطرة داعش على مناطق واسعة مما كانت يومًا العراق، وخوفًا من احتمال أن اجتياح ذلك التنظيم الإسلامي المتطرف بغداد، يبدو هذا السيناريو ممكنًا أكثر من أي وقت مضى.

وإن تحقق مثل هذا التعاون، سيكون قاسم سليماني أحد الشخصيات الأساسية في التعاون، وهو قائد فيلق القدس الإيراني، الرجل الغامض، وأحد الأشخاص الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

من أنت، قاسم سليماني؟

وُلد قاسم سليماني عام 1957 لعائلة إيرانية فقيرة من محافظة كرمان جنوب إيران. عمل في شبابه بمجال البناء، وفي أواخر العشرينات من عمره انضم إلى صفوف الحرس الثوري خلال الحرب العراقية – الإيرانية، التي اندلعت في ثمانينات القرن العشرين.

جمع سليماني طوال سنوات تلك الحرب، التي دامت لثماني سنوات، خبرة عسكرية كبيرة وقيادية. تم نقله مع انتهاء الحرب إلى الحدود الإيرانية – الأفغانية وهناك تسلم مهمة مكافحة تهريب المخدرات.

قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (Wikipedia)

أُعجب القادة العسكريون الذين تعاملوا مع سليماني من شخصيته القوية وقدراته، وبعد أن اعتلى سلم الرتب تم تعيينه قائدًا لفيلق القدس المهيب عام 1998، بدل وزير الدفاع الحالي أحمد وحيدي.

فيلق القدس

فيلق القدس هو القوة الإيرانية الخاصة التابعة للحرس الثوري والمسؤولة، من بين أشياء أخرى، عن تنفيذ كل العمليات السرية خارج أراضيها. من بين مهام هذا الفيلق: جمع المعلومات، تنفيذ عمليات خاصة، تهريب الأسلحة ونشاطات سياسية. يُطلب من هذه القوة، في الواقع، تنفيذ كل العمليات التي يحتاجها الحرس الثوري للوقاية من الأعداء ومن ضمنهم إسرائيل.

تعاظم نشاط فيلق القدس، وتحديدًا عملياته التخريبية، وأصبحت أكثر فاعلية تحديدًا بعد الحرب مع العراق. وتُشير تقديرات جهات غربية إلى أن الفيلق يضم آلاف العملاء، معظمهم من الإيرانيين، والذين يتميّزون بولائهم الشديد لإيران. تقدر أجهزة المخابرات الغربية أيضًا أن أشد العمليات الدموية التي ارتكبها فيلق القدس كانت التفجير المريع الذي هز مبنى الجالية اليهودية في بوينس آيرس عام 1994 والتي قُتل فيها 85 شخصًا.

وكما أسلفنا، عام 1998، تم تعيين سليماني قائدًا لفيلق القدس ومن خلاله أصبح من الشخصيات القوية في إيران. يُعتبر سليماني جماهيريًا بطلاً في إيران بعد أن دافع عن البلاد ضدّ الاجتياح العراقي في الثمانينات، كما وحارب تجار المخدرات في التسعينات والآن سيكون الرجل الذي سيحميها من داعش.

هناك من يدعي، من ناحية سياسة، بأن سليماني هو الرجل الأول في إيران، بينما حسن روحاني هو ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب. ولاء سليماني للقائد الإيراني، آية الله خامنئي، هو ولاء تام حتى أن الأخير وصفه في مناسبة ما بأنه “شهيد حي”.

وكان سليماني قد جمع قوته تلك من “خلف الظلال”. لا يظهر أبدًا على وسائل الإعلام، وكانت المرات القليلة التي ظهر فيها علنيًّا خلال جنازات جنود الحرس الثوري الذين يُقتلون في سوريا.

الرئيس الإيراني حسن روحاني. ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب? (AFP PHOTO / IRANIAN PRESIDENCY WEBSITE)
الرئيس الإيراني حسن روحاني. ليس إلا وجه إيران تجاه الغرب? (AFP PHOTO / IRANIAN PRESIDENCY WEBSITE)

قائد قوات الأسد في سوريا

والسبب وراء مقتل أفراد من الحرث الثوري في سوريا هو أن عددًا كبيرًا منهم يحارب في سوريا إلى جانب حزب الله وجيش الرئيس السوري بشار الأسد، ضدّ المتمردين. بدأ ذلك التعاون، حسب تقديرات جهات غربية، في اللقاء الذي جرى نهاية العام 2011 بين سليماني والأسد في القصر الرئاسي، والذي توسل خلاله الرئيس بالحصول على المساعدة.

جمع سليماني الكثير من الشيعة من اليمن، لبنان، العراق وأفغانستان والذين عبّروا عن رغبتهم بالمحاربة لتحقيق الأهداف التي يؤمنون بها، دربهم وأهلهم ليكونوا مقاتلين في  الحرس الثوري. تم إرسال هؤلاء المقاتلين، إضافة لأفراد من النخبة في الحرس الثوري، للقتال إلى جانب حزب الله وإلى جانب قوات الأسد كجزء من “الائتلاف” الذي أسسه سليماني في سوريا ضدّ الثوار. يمكن أن نعزو الفضل في الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات الأسد وحلفاؤها في أرجاء سوريا، والحفاظ على كرسي الأسد، إلى “سليماني”.

الرئيس السوري بشار الأسد. الرئيس توسل بالحصول على مساعدة سليماني (AFP PHOTO / HO / SANA)
الرئيس السوري بشار الأسد. الرئيس توسل بالحصول على مساعدة سليماني (AFP PHOTO / HO / SANA)

ولا عجب أبدًا بأن سليماني نجح بتوحيد القوات بشكل جيد، لأن حزب الله ذاته يعتمد على فيلق القدس وعلى توجيهات سليماني. يقوم فيلق القدس بتمويل جزء كبير من عمليات حزب الله، كما ويقوم بتهريب وسائل قتالية له وحتى أنه يقوم بتدريب الكثير من مقاتلي حزب الله في معسكرات تدريب في إيران، بتوجيه مباشر من سليماني.

وكما هي الحال في سوريا، ثمة تأثير كبير لسليماني أيضًا على عمليات مسلحة في غزة، وخاصة بعد الانقلاب الذي خاضته حماس عام 2007 والسيطرة عليها.  فيلق القدس هو الذي يقوم، وبشكل خاص، بتدريب الكثير من الناشطين من قطاع غزة، والذين ليسوا جميعًا من منتسبي حماس.

ضحايا الحرب الأهلية في سوريا (AFP)
ضحايا الحرب الأهلية في سوريا (AFP)

سليماني والأمريكيون

وكما ذكرنا، ركزت أجهزة المخابرات الغربية، وعلى رأسها  وكالة المخابرات الأمريكية، على ذلك الرجل منذ سنوات طويلة، إلا أن علاقتها بذلك الرجل الملفت تغيّرت على مدى السنين. وقالت شائعات  سادت في أوساط جهات الحكم العليا في أمريكا إنه تم وضع سليماني في الماضي عدة مرات “في مرمى” القوات الأمريكية، والذي كان بالإمكان تصفيته، إلا أنهم آثروا في النهاية ألا يفعلوا ذلك.

عند وقوع أحداث 11.9 اقترحت إيران على الولايات المتحدة تعاونًا عسكريًّا في العراق. وتمخضت عن اقتراح إيران ذلك لقاءات وعلاقات مباشرة بين الطرفين، ومثّل إيران في تلك اللقاءات سليماني ذاته والذي كما هو متوقع صافح المسؤولين الذين اجتمع بهم.

لم تستمر علاقة الود تلك بين سليماني والمسؤولين الأمريكيين، بعد أن قام رئيس الولايات المتحدة السابق بوش بوضع إيران ضمن “محور الشر” الشهير، وقطع كل الاتصالات مع النظام الثيوقراطي (الديني). بعد فترة قصيرة من ذلك، “تصدر” سليماني قائمة الأشخاص الذين تُمنع وزارة المالية الأمريكية من التعامل التجاري معهم وفي آذار من العام 2007 ورد اسمه في قرار الأمم المتحدة  رقم 1747 والذي فيه تم فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي.

وتحول سليماني، بدءًا من هذه النقطة إلى عدوٍ للغرب. ومثال جيد على ذلك كان عام 2007 عندما بعث سليماني رسالة متبجحة لواحدٍ من ضباط قوات التحالف في العراق يقول فيها: “عليك أن تعرف بأنني أنا، قاسم سليماني، المسؤول عن سياسة إيران في العراق، لبنان، غزة وأفغانستان”.

تعزو إسرائيل،  الولايات المتحدة وأجهزة مخابرات غربية عديدة، لفيلق القدس القيام بعمليات تخريبية كثيرة ضدّ أهداف غربية. وحسب الادعاءات فإن فيلق القدس هو الذي يقف وراء العمليات الإرهابية في دلهي ووراء محاولات التفجير في بانكوك وفي تبليسي التي وقعت عام 2012، وكذلك عدد من التفجيرات التي وقعت مؤخرًا في كينيا، نيجيريا وأذربيجان.

العملية الإرهابية في دلهي (AFP)
العملية الإرهابية في دلهي (AFP)

يقف أيضًا فيلق القدس، إضافة إلى ذلك، وراء محاولات اغتيال سياسيين غربيين حول العالم، وعلى رأسها محاولة الاغتيال الفاشلة للسفير الأمريكي في السعودية. تم على إثر هذه المحاولة، التي نُسبت مباشرة لسليماني، وضع اسمه في قائمة الإرهاب العالمية الخاصة بالولايات المتحدة.

سليماني:في واجهة الصراع مع داعش

وعلى الرغم من العلاقات السيئة بين سليماني والغرب، بقيادة الولايات المتحدة، هو أيضًا الذي يقود جبهة المواجهة لوقف زحف داعش. ليس هناك من رجل يسيطر على الأمور في العراق أكثر من سليماني، الذي حظي حتى بلقب “قنصل إيران في العراق”، بعد زياراته العديدة إلى بغداد.

يعمل فيلق القدس منذ سنوات ضدّ القوات السنية العاملة في العراق، حتى أن هذا النشاط أدى بقادة سنيين إلى دمج قواتهم مع داعش وإعطاء تلك الحرب صبغة سنية – شيعية. على إثر ذلك، زاد تأثير سليماني على الميلشيات الشيعية في العراق، ويمكن القول، وإن لم يكن بشكل جازم، بأن غالبية تلك الميلشيات تخضع له وتتبع أوامره.

وترى الولايات المتحدة، التي أسقطت حكم صدام حسين في العراق، أنها المسؤولة عن عدم انهيار العراق ومسؤولة تجاه إبقائه مستقرًا. إن محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،  بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا.

. إن محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،  بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا (AFP)
إن محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا (AFP)

وربما لن يكون هناك ملجأ بالنسبة للأمريكيين، الذين يدركون تمامًا تأثير فيلق القدس في العراق، من التوجه للإيرانيين وطلب مساعدتهم. تتم مثل هذه اللقاءات بالفعل، وفق ما تتداوله تصريحات إعلامية، يا للسخرية، على هامش المحادثات المتعلقة ببرنامج إيران النووي في فيينا.

وربما مستقبل العراق يكون رهنًا بتلك المحادثات بين إيران والولايات المتحدة. وأثبت سليماني في سوريا، رغم أن الحرب لم تحسم بعد هناك، بأنه يستطيع بلورة قوة ائتلافية محاربة. إلا أنه قيل وبشكل واضح ، في الولايات المتحدة حيث لا ينكرون تلك الاتصالات مع إيران، بأنهم لن يوافقوا على لقاء سليماني بشكل مباشر.

في إسرائيل، هناك شك بانتهاج الولايات المتحدة لهذه الاستراتيجية. وقد صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بوضوح رفضه لأي تعاون أمريكي – إيراني وقال إنه عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. يقولون في إسرائيل إن الإيرانيين الذين يعملون من أجل مصلحتهم فقط وهي/ بشكل أساسي، تحويل العراق وسوريا إلى مناطق خاضعة تمامًا للتأثير الإيراني وفرض سيطرتهم في الشرق الأوسط. فإن سليماني هو الرجل الذي سيحقق لإيران هذا الإنجاز.

رئيس الحكومة الإسرائيلية, بنيامين نتنياهو. عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. (Amos Ben gershom/GPO/FLASH90)
رئيس الحكومة الإسرائيلية, بنيامين نتنياهو. عندما يقتتل طرفان شريران لا حاجة لمساعدة أي طرف. (Amos Ben gershom/GPO/FLASH90)
اقرأوا المزيد: 1251 كلمة
عرض أقل