الثورة الإسلامية

إسرائيل قوى المياه العظمى في العالم (Flash90/Moshe Shai)
إسرائيل قوى المياه العظمى في العالم (Flash90/Moshe Shai)

كيف أصبحت إسرائيل قوى المياه العظمى في العالم؟

منذ الخمسينيات وحتى اليوم، تُحسّن المعرفة الإسرائيلية في مجال المياه حياة مئات الملايين، تساعد دولا ضخمة مثل الهند، الصين، وإيران قبل الثورة، وتخترق أسوار العزلة السياسية

“يُعتبر الجفاف في كاليفورنيا بداية أزمة مياه عالمية خطيرة للغاية فقط. لم يعد بالإمكان أن نجلس عاجزين” – هذه هي رسالة سيث سيجال، رجل أعمال يهودي أمريكي قرر مواجهة التحدي والبحث في الموضوع. في كتابه الذي نشره مؤخرا تحت عنوان ” “لتكن هناك مياه: الحل الإسرائيلي للعالم الذي يتعطش للمياه” (Let There Be Water: Israel’s Solution for a Water-Starved World)، يصف سيجال أسباب نقص المياه وآثارها. ويصف أيضا مُفّصلا كيف نجحت إسرائيل، وهي دولة صغيرة وجديدة ذات مناخ صحراوي، في أن تصبح ما يصفه الخبراء اليوم “أكبر دولة عظمى في مجال المياه في العالم”.

في أحد فصول الكتاب، والذي نُشر في موقع ميدا الإسرائيلي، حكى قصة إسرائيل وعلاقاتها مع جاراتها القريبات في ظلّ العُزلة الدولية، وكيف نجحت في استغلال إنجازاتها في مجال تكنولوجيا تنقية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، لفتح نوافذ دبلوماسية صغيرة في طريق الخروج من العُزلة.

تقنيات لمنع جفاف البحيرات الطبيعية (Flash90/Moshe Shai)
تقنيات لمنع جفاف البحيرات الطبيعية (Flash90/Moshe Shai)

بحسب سيجال “هناك عدد قليل من الدول التي عانت من عُزلة دبلوماسيّة متطرفة مثل إسرائيل. كردّ فعل على ذلك، استخدمت إسرائيل العلوم العملية التي اكتسبتها في مجال المياه من أجل إيجاد مخرج من العُزلة، وفي أحيان كثيرة ساعدتها على فتح أو تعزيز العلاقات مع دول أخرى. من خلال مشاركة إسرائيل خبرتها والتكنولوجيا الخاصة بها مع الآخرين جعلت المياه وسيلة مهمة لإنشاء علاقات دبلوماسيّة وتجارية، وفي نفس الوقت حسّنت من حالة قطاع المياه في دول مختلفة في أنحاء العالم”.

بنو البشر مسؤولون

يقول سيجال إنّ الناس قد اعتادوا على عزو الأزمة في المياه إلى التغيير المناخي، ولكن الحقيقة هي أنّ هناك أسباب كثيرة أخرى، من بينها أيضًا النموّ السكاني ونموّ الطبقة الوسطى. تستهلك هذه الطبقة كميات كبيرة من الماء، وكذلك أيضًا من الغذاء والكهرباء، والتي من أجل تنميتها وإنتاجها هناك حاجة لكميات كبيرة من المياه. وهناك سبب آخر وهو أن البشر يلوّثون مجمّعات المياه القائمة. وثمة سبب ثالث، وهو البُنى التحتية للمياه والتي هي في الغالب قديمة، مُتداعية، وتُدار بطريقة سيّئة. إنّ كمية المياه التي يتم فقدانها بسبب التسرّبات من الصعب تصوّرها: في الولايات المتحدة يصل الرقم إلى 30%، في دبلن بإيرلندا إلى 40%، وهناك كميات كبيرة جدا في الهند.

حلّ أزمة المياه العالمية القادمة: إيقاف التهاون

بحسب سيجال فإنّه سيتم الشعور بالنقص الخطير في المياه بعد 10 أعوام، أو 20 عاما كحدّ أقصى. ويطرح عدة نماذج من العالم ومن بينها وفرة المياه التي كانت في ساو باولو، المدينة الأكبر في البرازيل، والآن أصبح هناك عدد غير قليل من “لاجئي المياه” الذين يغادرونها بحثا عن خزانات مياه متاحة ونظيفة. تقع شيكاغو على بحيرة ميشيغان ولذلك ربما من المتوقع ألا تعاني من نقص في المياه، ولكنها تفقد كل عام 35% من مياهها عقب التسريبات في البُنى التحتية.

من خلال مشاركة إسرائيل خبرتها والتكنولوجيا الخاصة بها مع الآخرين جعلت المياه وسيلة مهمة لإنشاء علاقات دبلوماسيّة وتجارية (Flash90/Chen Leopold)
من خلال مشاركة إسرائيل خبرتها والتكنولوجيا الخاصة بها مع الآخرين جعلت المياه وسيلة مهمة لإنشاء علاقات دبلوماسيّة وتجارية (Flash90/Chen Leopold)

يوضح سيجال أنّ الخبراء في صناعة المياه العالمية قد أدركوا أنّ إسرائيل تدير بكفاءة صناعة المياه وأنّه من المُستحسن استشارتها من أجل العثور على حلّ عاجل قبل أن تحدث الكارثة المأسوية.

يوجد لدى إسرائيل منظومة إدارة المياه الأفضل والأكثر تطوّرا في العالم: إنها تعيد تكرير المياه، تُحلّي مياه البحر المالحة، تستغل مياه الفيضانات، تثقّف السكان حول الاستخدام السليم، تحسّن من استخدام المياه في الصناعة والزراعة، تستثمر في العثور على التسريبات، وتُقلل من فقدان المياه من خط الأنابيب داخل المُدن وخارجها، وما شابه.

وصرّح سيجال انّ عدد السكان في إسرائيل قد ازداد بعشرة أضعاف، وازداد الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بسبعين ضعفا، وفي المقابل انخفض هطول الأمطار بنسبة 50%. رغم كل ذلك، لدى إسرائيل اليوم كمية مياه أكثر مما كان لديها عام 1948. “إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لن تُواجه أزمة المياه”.

الدبلوماسية المائية

إسرائيل تدير بكفاءة صناعة المياه (Eli Israel)
إسرائيل تدير بكفاءة صناعة المياه (Eli Israel)

صاغ سيجال هذا المصطلخ في كتابه ليشرح ظاهرة قامت بها إسرائيل من خلال استخدام تكنولوجيا المياه من أجل تعزيز الإنجازات السياسية الدبلوماسية.

لقد نجحت في استغلال معرفتها في مجال المياه من أجل فتح الأبواب في دول عديدة، وخصوصا في دول العالم الثالث. في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة بطرق مختلفة إقامة علاقات دبلوماسيّة مع الصين، نجحت إسرائيل في القيام بذلك من خلال مشاركة معرفتها في مجال المياه.

في أواخر تشرين الثاني 2014، أعلنت لجنة إسرائيلية – صينية أنّ مدينة شوغوانغ، وهي مدينة فيها ما يزيد عن مليون مواطن بقليل وتقع على مسافة نحو 500 كيلومتر جنوب – شرق بكين، ستكون المدينة الأولى التي سيتم فيها اختبار علاقات الصين وإسرائيل في مجال المياه. وبالإضافة إلى حجم السكان، فإنّ المدينة والمنطقة المحيطة بها تضع تحدّيات عديدة في موضوع المياه، وبناء على ذلك كان اختيار إسرائيل اختيارا طبيعيا. من المُرتقب أن يهتم المشروع بتنقية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، وأيضا بالانتقال إلى استخدام الريّ ذي الكفاءة في المزارع الكثيرة التي تحيط بالمدينة. بل ستكون هناك حاجة إلى الحرص على تنقية خاصة للمياه في المصانع وفي مصنع الورق المجاور. ستستخدم مجموعة من 15 حتى 20 شركة إسرائيلية التكنولوجيا الإسرائيلية من أجل المساعدة على تفكير جديد حول استخدام المياه في المدينة، وتخطيط نظام المياه فيها من جديد.

إسرائيل تهرع لمساعدة إيران

مصادر مياه طبيعية في إيران (AFP)
مصادر مياه طبيعية في إيران (AFP)

لا يعلم الكثيرون ذلك، ولكن مجال المياه كان أحد المواضيع الرئيسية التي تعاونت فيه إسرائيل وإيران معا. حتى الثورة الإسلامية عام 1979، شاركت إسرائيل كثيرا في إدارة قطاع المياه الخاص بإيران. عمل الكثير من المهندسين الإسرائيليين فيه. وتقول الطرفة عن آية الله أنّه منذ الثورة فإنّ قطاع المياه الإيراني قد تدهور ليصبح القطاع الذي يدار بأسوأ طريقة في العالم. لا تصل المياه إلى معظم المناطق، وحتى تلك التي تصلها تكون ملوّثة.

وفقا لتقرير في موقع “المونيتور”، توقّع مستشار حكومي إيراني مؤخرا أنّه قد يصل عدد الإيرانيين الذين سيضطرّون إلى مغادرة منازلهم بسبب النقص في المياه إلى 50 مليون – نحو 70% من مجموع سكان البلاد.

يقول سيجال في كتابه إنّه كانت في بلاد فارس القديمة منظومة ريّ متطوّرة، عملت بقوة الجاذبية. تم حفْر مهاوي عمودية تُسمّى “الفقارات” كانت ذات انحدار طفيف من مصادر المياه الواقعة تحت الأرض إلى الحقول. عام 1962 ضرب زلزال قوي محافظة قزوين، الواقعة على مسافة نحو 150 كيلومترًا شمال – غرب طهران. توفي في تلك الكارثة أكثر من 20 ألف إيراني، دُمّرت 300 قرية، ودُمّرت شبكة قنوات المياه، التي حُفرت منذ أكثر من 2,700 عام قبل ذلك. يوجد في قزوين سهل شاسع استُخدمت أرضه للزراعة وزُرعت الفواكه والخضار لصالح سكان طهران والمناطق الأبعد. بعد الزلزال، لم يعد هناك مياه للريّ لدى المزارعين.

في تلك الفترة كان للشاه علاقات سرية مع إسرائيل. خشيت إيران من بعض الدول العربية، واعتقدت أنّ إسرائيل يمكنها أن تكون قوة مضادّة مهمّة. وقد أعجِب الشاه أيضًا من إنجازات إسرائيل العلمية في مجالات الزراعة والمياه، وكذلك، ويا للمفارقة، بنجاحها في المجال النووي. توجّه الشاه عام 1960 إلى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، كي ترسل إلى إيران خبراء يمكنهم تقديم المشورة لها. وبموافقته أُرسِل إلى بلاده ثلاثة فنيّين إسرائيليين. عندما ضرب الزلزال قزوين، كان الشاه قد علم أنّ لدى إسرائيل معرفة متطوّرة في تخطيط قطاعات المياه وفي العثور على مصادر مياه جديدة.

وبسبب حالة الطوارئ قيل لإسرائيل إنّها مدعوة لإرسال مهندسي المياه إلى قزوين من أجل أن يفحصوا إذا ما كان بالإمكان إعادة بناء قنوات الفقارات. وقد تبين من فحص دقيق أنّ القنوات تضرّرت إلى درجة أنه لم تكن هناك جدوى اقتصادية من إصلاحها. على أية حال، يبدو أنّ منظومة الريّ التي كانت مثالية في العهود القديمة لم تعد ملائمة للزراعة في العصر الحديث. نجح الإسرائيليون في إقناع مسؤولي الحكومة الإيرانيين والمزارعين بالتخلي عن الفقارات التي انهارت، والسماح لهم بحفر آبار عميقة من النوع الذي كان معتادا حفره في إسرائيل. سرعان ما بدأت العلاقات الإيران والإسرائيلية في مجال المياه بالازدهار.

"إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لن تُواجه أزمة المياه" (Flash90/Moshe Shai)
“إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لن تُواجه أزمة المياه” (Flash90/Moshe Shai)

وبعد فترة قصيرة من بدء حفر الآبار في قزوين، تلقّى مهندسو المياه الإسرائيليين من مستضيفيهم الإيرانيين إجابة إيجابية على طلبهم بأن يتم السماح لهم بتعليم المزارعين المحليّين كيفية زيادة الإنتاج، واستخدام نسبة أقل من المياه من أجل ذلك. تشعّبت علاقاتهم مع المزارعين الإيرانيين، وقد قدّموا لهم الآن المشورة أيضًا بخصوص المحاصيل التي يجدر بهم زراعتها، ووجهوهم حول الطريقة الصحيحة لتسويقها. لقد صادف معظم السكان المحليون في منطقة قزوين المهندسين الإسرائيليين، الذين لم يخفِ أي منهم معلومات حول دولته أو دينه.

شجّع الشاه البعثات الإسرائيلية من المجالات العلمية الأخرى على زيارة إيران، بل وأرسل ضباطا وعلماء إيرانيين إلى إسرائيل. قضى بعض الخبراء الإيرانيين فترات طويلة في إسرائيل من أجل تعلّم تقنيات إسرائيلية متقدّمة. وهكذا تعزّزت العلاقات التجارية والسياسية بين البلدين وتشعّبت حتى الثورة الإسلامية عام 1979.

شركات ناشئة إسرائيلية في مجال المياه

وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، فقد تطوّر في العقد الأخير في إسرائيل ما لا يقلّ عن 200 شركة ناشئة متعلقة بتكنولوجيا المياه. ارتفعت صادرات هذه التقنيات في السنوات الثماني الأخيرة بنسبة تزيد عن 20%، وقد وصلت اليوم إلى نحو 2.2 مليار دولار في العام. عام 2006 اتُخذ قرار حكومي بزيادة حجم الصادرات إلى 10 مليار دولار حتى عام 2020.

وبحسب سيجال يتعيّز على حكومة إسرائيل أن تُخصص المزيد من الموارد البشرية والميزانيات لصالح تسويق هذه التقنيات. عندما تم تأسيس الـ “نيو تك” (البرنامج الحكومي لتعزيز تقنيات المياه والطاقة في وزارة الاقتصاد) فقط، بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية في مجال المياه 700 مليون دولار. ومقد وصل حجمها اليوم إلى ثلاثة أضعاف ذلك. “يوجد لدى إسرائيل منتَج جيّد، فقط يجب معرفة كيفية تسويقه”، كما يقول سيجال.

اقرأوا المزيد: 1381 كلمة
عرض أقل
Mash Donalds
Mash Donalds

سيلٌ كثيف من الهامبرغر الأمريكي

سوى الاعتبارات الاقتصادية، فالخشية هي من التأثير الثقافي الغربي الذي سيشجّع ثقافة الاستهلاك في إيران، وخصوصا لدى الجيل الشاب

في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 توقفت شبكة الوجبات السريعة الأكبر في العالم، ماكدونالز، عن عملها في إيران، ومنذ ذلك الحين اضطرّ سكان البلاد على الاكتفاء بالتقليد المحلّي للشبكة الأمريكية، مثل شبكة مطاعم “مش-دونالد” التي بدأت بالعمل في المدن الرئيسية في جميع أنحاء البلاد في التسعينيات.

في الشهر الماضي، بعد أيام معدودة من التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والغرب، ذُكر أن ماكدونالز ترغب بالحصول على رخصة لافتتاح فروع لها في إيران. رغم الإنكار من جانب ماكدونالز سارعت إيران على الردّ على هذه الإشاعات. صرّح رئيس رابطة تجار الأغذية في طهران أنّه إذا كانت الشبكة الأمريكية ترغب بالعمل في إيران فعليها الحصول على موافقة على ذلك من السلطات الإدارية ووزارة الإرشاد الإسلامي. وقال رئيس الإدارة العامة للغذاء والدواء إنّ عمل الشبكة مشروط بالحصول على رخصة من وزارة الصحة وبالحرص على أحكام الذبح الإسلامية.

ولكن يبدو أنّ المنزعجين الأساسيين من عودة ماكدونالز إلى إيران هم رجال المؤسسة الدينية والمحافظة، الذين عبّر بعضهم عن معارضته الشديدة لدخول “رمز الثقافة الأمريكية” إلى إيران. وذكر رجل الدين المحافظ والكبير، رضا تقوي، الذي يترأس مجلس وضع سياسات خطباء الجمعة في المساجد، أنّ أمريكا لا تزال العدوّ رقم واحد لإيران وتأسف بأنّ الإيرانيين يرغبون بافتتاح فروع لماكدونالز في البلاد قبل أن يتوضّح مستقبل الاتفاق النووي.

وهاجمت الصحيفة اليومية المحافظة “كيهان” بشدّة الإعلام الإصلاحي الذي يشيع، بحسب زعمها، أنباء عن هامبرغر وشيبس من صناعة ماكدونالز من أجل تحويل انتباه الرأي العام عن وعود الحكومة بحلول لجميع مشاكل إيران بفضل الاتفاق النووي. وأكّد موقع، “مشرق نيوز”، من جهته، على معارضة المرشد الأعلى، علي خامنئي، لاختراق الشركات الغربية لإيران، والتي تهدف إلى تعزيز ثقافة الاستهلاك الغربية وتدمير الثقافة الإيرانية. وبشكل مشابه لاعتماد اللباس الغربي، الذي قد يؤدي إلى تغيير سلوكي، فإنّ اعتماد الطعام الغربي أيضًا قد يؤدي بالتدريج إلى تغيّر سلوك الشباب. وذكر الموقع أنّ خامنئي قد أصدر في الماضي فتوى ضدّ استيراد منتجات الاستهلاك الغربية إلى إيران ومنع دخول ماكدونالز إلى إيران.

هامبورغر ماكدونالز (AFP)
هامبورغر ماكدونالز (AFP)

وقال موقع محافظ آخر إنّه لا يمكن أن ننظر إلى نية ماكدونالز بافتتاح فروع لها في إيران كقضية اقتصادية بحتة. ويثبت تاريخ الشبكة، وتاريخ شبكات أمريكية أخرى مثل كوكا كولا، بأنّ هدفها هو تعزيز الأمركة في العالم ونشر أسلوب الحياة الأمريكي والقيم الثقافية الغربية من أجل ترسيخ الهيمنة الأمريكية على العالم. وذكر الموقع أنّه في الماضي حاولت الولايات المتحدة استخدام ماكدونالز وبناطيل الجينز من أجل إقناع الرأي العام في الاتحاد السوفياتي بترك الشيوعية واعتماد القيم الغربية. وأبعد من ذلك، زعم الموقع بأنّ ماكدونالز تدعم دولة إسرائيل، من بين أمور أخرى، بواسطة استثمار الأموال في المؤسسات الصهيونية.

وردّت الصحيفة الإصلاحية “قانون” على مزاعم المحافظين بهجاء ساخر. لقد حاول الإصلاحيين فعلا، كما جاء في الصحيفة، على مدى سنوات أن يعبّروا عن معارضتهم السياسية بواسطة دعم العجّة مع البصل، بيتزا الثوم وشرائح اللحم. ولذلك يجب على المواطنين التظاهر أمام اتحاد أصحاب المطاعم احتجاجا على هذا “المشروع الأمريكي” وتناول أطباق فارسية أصيلة، مثل أسياخ الكباب. وفي مواقع التواصل الاجتماعي كانت التعليقات مختلطة، وإلى جانب توقع تغيير الفلافل بماكدونالز كان هناك من زعم أنّ الطعام الإيراني المحلي أفضل بكثير من الأطعمة المصنّعة بجودة منخفضة والتي تنتجها الشبكة. وفي أعقاب هذه العاصمة أعلن نائب وزير الصناعة الإيراني، مجتبى خوسرو تاج، أنّه لم يتم تقديم أي طلب من قبل الشبكة لتجديد نشاطها في إيران، ومن ثمّ فإنّها لم تُمنح أية موافقة من قبل السلطات.

وتشير ردود الفعل الشديدة على الدخول المحتمل لماكدونالز إلى إيران إلى القلق في أوساط المؤسسة الدينية المحافظة من الآثار المتوقعة لتجديد نشاط الشركات الغربية في إيران. إلى جانب القلق من التأثيرات الاقتصادية للأعمال التجارية الأجنبية على التجار ورجال الأعمال المحليّين، فإن أساس هذا القلق هو من الاختراق الثقافي الغربي الذي سيترافق مع الاختراق الاقتصادي. من المفترض أن يزيد هذا الاختراق من تأثير ثقافة الاستهلاك الغربية على المجتمع الإيراني، وخصوصا على أبناء الجيل الشاب، وتسريع عمليات التغيير الاجتماعي الذي قد تشكّل خطورة، في نظر النظام، على استقراره على المدى البعيد.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 613 كلمة
عرض أقل
  • مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)
    مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)
  • الرئيس بوتين يهدي نظيره المصري بندقية كلاشنكوف (Twitter)
    الرئيس بوتين يهدي نظيره المصري بندقية كلاشنكوف (Twitter)
  • منتجات إسرائيلية (FLash90/Nati Shohat)
    منتجات إسرائيلية (FLash90/Nati Shohat)
  • مايلي سايرس (AFP)
    مايلي سايرس (AFP)
  • 50 Shades Of Grey
    50 Shades Of Grey

الأسبوع في 5 صور

قبل نهاية الأسبوع اخترنا لكم الصور التي كانت متصدّرة للاهتمام الإخباري في العالم: الذكرى السنوية للثورة الإيرانية، بوتين يزور مصر ومايلي سايرس تلهب عالم الجنس

13 فبراير 2015 | 11:04

الدولة الشيعية

مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)
مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)

لا شكّ أن الحدث الذي شغل الإيرانيين هذا الأسبوع هو الذكرى السنوية للثورة الإسلامية في إيران، والتي تمّ الاحتفال بها يوم الأربعاء (11.2). وقد احتفلت إيران بدءًا من الأول من شباط، بذكرى مرور 36 عاما على الثورة الإسلامية والتي غيّرت من النقيض إلى النقيض طبيعة الدولة وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط. والموضوع الأكثر أهمية ممّا يميل الإيرانيون للإشارة إليه في السنوات الأخيرة هو التفرّد الشيعي الذي تمنحه الدولة للحياة اليومية: بدءًا من النظام القضائي، والحكومة بل وطبيعة المفاوضات النووية التي يجريها قادة البلاد هذه الأيام مع القوى العظمى بقيادة الولايات المتحدة.

بوتين يزور مصر

الرئيس بوتين يهدي نظيره المصري بندقية كلاشنكوف (Twitter)
الرئيس بوتين يهدي نظيره المصري بندقية كلاشنكوف (Twitter)

وصل هذا الأسبوع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في زيارة من عدّة أيام إلى أرض النيل، مصر. ارتدت القاهرة ملابس العيد ورحبت جميع الشوارع بهذه الزيارة. كان هذا توقيتا مهمّا ومثيرا للإعجاب طلبه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، كإشارة للإدارة الأمريكية التي أهملت – بحسب رأيه – مصر ومكافحتها للإرهاب في سيناء وصراع البقاء الاقتصادي. والصورة القوية من الزيارة والتي انطبعت في ذاكرة المصريين هي عندما قدّم بوتين للسيسي هدية بصورة بندقية كلاشينكوف. وقّع بوتين مع السيسي على عدد من الصفقات للتعاون الاقتصادي بل ووعد بمساعدة مصر في إقامة مفاعل نووي لأغراض مدنية.

الفلسطينيون يقاطعون إسرائيل

منتجات إسرائيلية (FLash90/Nati Shohat)
منتجات إسرائيلية (FLash90/Nati Shohat)

في خطوة لم يسبق لها مثيل أعلن الفلسطينيون أنّه بدءًا من يوم الأربعاء الأخير، سيتمّ حظر إدخال منتجات 6 شركات إسرائيلية عملاقة إلى الأراضي الفلسطينية. وقد تم اتخاذ هذه الخطوة الكبيرة ردّا على العقوبات المالية وتجميد أموال الضرائب الفلسطينية التي فرضتها إسرائيل على السلطة الفلسطينية في أعقاب توقيع الفلسطينيين على معاهدة روما، والتي تمهّد لانضمامهم إلى المحكمة الدولية في لاهاي. ومن الجدير ذكره أنّها خطوة استثنائية في حدّتها، ومن المتوقع أن تضرّ بالاقتصاد الإسرائيلي بملايين كثيرة، وهي تمثّل تردّيا آخر في العلاقات الهشّة من قبل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

مايلي سايرس وعالم الجنس

مايلي سايرس (AFP)
مايلي سايرس (AFP)

رغم بدئها لحياتها المهنية بوصفها نجمة أطفال بريئة، غيّرت مايلي سايرس اتجاهها وهي معروفة اليوم كواحدة من نجمات الموسيقى الأكثر استفزازية في العالم. وإذا كانت وفرة عروضها الكاشفة غير كافية، فإنّها “تصعد إلى مستوى جديد”. ستشارك النجمة ابنة الاثنين وعشرين عامة قريبًا في مهرجان الإباحية في نيويورك. أرسلت سايرس مقطع فيديو قصير من بطولتها، “‏Tongue Tied‏” (“لسان مربوط”) من أجل المشاركة في المهرجان، بل ويبدو أنّها ستقدّم إحدى الجوائز فيه. تظهر المطربة في مقطع الفيديو وحدها وهي شبه عارية تماما، تفرك نفسها بسائل أسود، مربوطة بأسلوب سادي – مازوخي، وفي الخلفية يُسمع صوت موسيقى بوب.

50 ظلّا للرمادي – المنتجات

50 Shades Of Grey
50 Shades Of Grey

الفيلم الجنسي والأكثر جدلا هذا العام يتزايد عرضه في شاشات العرض في جميع أنحاء العالم. وبعض عرض الكثير من المشاهد المثيرة من الفيلم، حان الوقت لدى رجال الأعمال لقطع اشتراك ولإطلاق مجموعة متنوعة من المنتجات ذات الصلة. بدءًا من أصفاد مثيرة جنسيّا، قمصان، كؤوس وحتى الملابس الداخلية والألعاب المخصّصة للكبار فقط.

اقرأوا المزيد: 426 كلمة
عرض أقل
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)

الجنرال سليماني يتوقع “نهاية قريبة” لتنظيم الدولة الاسلامية

نقلت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء عن سليمان قوله في احتفال بمناسبة الذكرى ال 36 للثورة الاسلامية "نظرا للهزائم الساحقة لداعش والمجموعات الارهابية الاخرى في العراق وسوريا فمن المؤكد ان نهايتهم اصبحت قريبة"

قال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني انه يتوقع “نهاية قريبة” لتنظيم الدولة الاسلامية، بحسب ما ذكرته وسيلة اعلام ايرانية الخميس.

ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء عن سليمان قوله في احتفال بمناسبة الذكرى ال 36 للثورة الاسلامية “نظرا للهزائم الساحقة لداعش والمجموعات الارهابية الاخرى في العراق وسوريا فمن المؤكد ان نهايتهم اصبحت قريبة”.

وياتي الظهور الاعلاني النادر لسليماني اثناء القائه كلمة خلال احتفال في منطقته في اقليم كرمان.

وقد ظهر سلمياني قائد القوة المكلفة العمليات الخارجية، مرارا خلال الاشهر في العراق وسوريا على خط الجبهة بمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.

واشاد في كلمته بالنفوذ الايراني المتصاعد في الشرق الاوسط قائلا “نلاحظ اليوم تصدير الثورة الاسلامية الى المنطقة من البحرين الى العراق ومن سوريا الى اليمن وشمال افريقيا”.

واضاف ان “المستكبرين والصهاينة يقرون اليوم اكثر من السابق بضعفهم وبقوة الجمهورية الاسلامية بسبب هزائمهم المتتالية”.

ويستخدم المسؤولون الايرانيون تعبير “الاستكبار” في اشارة الى الولايات المتحدة والقوى الغربية.

وقد افادت تقارير اعلامية ان سليماني وصل الى بغداد بعد ساعات من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على الموصل ومناطق شاسعة في حزيران/يونيو الماضي، وتولى قيادة هجوم مضاد.

ونشرت وسائل اعلام ايرانية صورا لسليماني على الجبهة وسط مقاتلين من قوات البشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي، اي المسلحين الشيعة.

اقرأوا المزيد: 188 كلمة
عرض أقل
مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)
مراسم الحزن والعزاء يوم عاشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (ATTA KENARE / AFP)

الدولة الشيعية

إنّ الشك والشعور الشيعي بالاضطهاد محفوظ عبر الأجيال في أعقاب الظلم التاريخي الذي جرى لعليّ، وقتل الإمام الحسين. 36 عاما على الثورة الإيرانية، لا يزال هذا الشعور يُملي طبيعة السياسة الإيرانية، ولكنه ليس قويا كالماضي

بعد مرور 36 عاما على ثورة آية الله سيد روح الله الخميني، لا يزال من غير الممكن ذكر شخص آخر غيره قد أثر على طابع إيران السياسي. ولكن في حين أن تأثير الخميني يعتبر حدثا تاريخيا غيّر وجه إيران، يعتبر آية الله علي خامنئي مكمّل مسيرته الحصري، فلا تزال قلوب الإيرانيين مكرّسة بكل قوة لثنائي تاريخي آخر: علي بن أبي طالب والحسين بن علي.

توصل الباحثون الذين تتبعوا طبيعة السياسة الإيرانية، والشكل الذي يتم فيه اتخاذ القرارات، والأسئلة عن كيفية التنبؤ بالتحرّكات المستقبلية للجمهورية الإسلامية، توصلوا إلى استنتاج يقول إنه لا تزال الصدمة النفسية الدموية لخيانة علي والحسين قائمة في قلب البلاد، اللذين قُتلا وحُرما من حقّهما الطبيعي في خلافة النبيّ محمد.

مراسم العزاء يوم عشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (AFP)
مراسم العزاء يوم عشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (AFP)

فوق كل اعتبار عملي وبراغماتي اليوم في إيران، فإنّ الاعتبار الأهم بالنسبة للسياسيين الإيرانيين هو تسريع مجيء الإمام الثاني عشر

فضلًا عن ذلك، يلاحظ الباحثون أنه في السنوات الماضية، كلما أصبح وضع إيران مقابل العالم الإسلامي السنّي والعالم الغربي أكثر توتّرا؛ تتعزّز المعتقدات القديمة القائلة باقتراب يوم القيامة. وفوق كل اعتبار عملي وبراغماتي اليوم في إيران، فإنّ الاعتبار الأهم بالنسبة للسياسيين الإيرانيين هو تسريع مجيء الإمام الثاني عشر.

وقد حُدّدت سابقا مكانة الشيعة الاثني عشر في الدستور الإيراني الذي تمّت الموافقة عليه عام 1979، كدين حصري للبلاد. يضمن الدستور أن كل محاولة للفصل بين الدين والدولة ستكون بمثابة ثورة ثانية. ويقوم النظام الإيراني الأصولي بذلك، وهو الذي بذل جهودا لضمان قوته وسيطرته، من خلال تعزيز المبادئ الرئيسية، التي يجب على كل إيراني أن يؤمن بها:

بداية، يعزّز النظام بين مواطنيه الاعتقاد بأنّه هو الذي يقدّم الإسلام النقيّ والحقيقي، بخلاف الأنظمة السنية الملوّثة في الشرق الأوسط. يعتبر حكم ولاية الفقيه أمرًا ملزما من النبيّ، والطريق الأنقى لإقامة إرادة الله. وفقا لهذا التفسير الشيعي، فإنّ حكومة نقية كهذه فقط هي التي ستعيد الإمام الغائب وتخلّص الشيعة.

إعدام تجار المخدرات في إيران (AFP)
إعدام تجار المخدرات في إيران (AFP)

أصبحت نظريات المؤامرة واسعة الانتشار بطريقة لا يمكن إيقافها في أوساط الشيعة بشكل عام، وفي أوساط الإيرانيين بشكل خاصّ

ثانيا، غرس النظام الاعتقاد بأنّ هذا النظام يقع في خطر دائم، وأنه يجب اعتماد جميع وسائل القوة من أجل إبقائه في مكانه. منذ أيام علي والحسين، أصبحت نظريات المؤامرة واسعة الانتشار بطريقة لا يمكن إيقافها في أوساط الشيعة بشكل عام، وفي أوساط الإيرانيين بشكل خاصّ. الاعتقاد بأنّ عملاء سريّين يخطّطون لقلب نظام الحكم وتغيير نظام العالم الإلهي، والخوف من هذه المخطّطات (حقيقة كانت أم خيالية)، كل ذلك يهدف إلى تعزيز الثقة بالنظام. إنّ مجيء المهدي سيجلب معه المعركة الأخيرة بالتأكيد، والتي سيحبط فيها النظام الشيعي المتآمرين.

الدولة الشيعية (BEHROUZ MEHRI / AFP)
الدولة الشيعية (BEHROUZ MEHRI / AFP)

ثالثا، الشعور الدائم بالاضطهاد متجذّر في الاعتقاد الشيعي؛ الحكم الذي سُلِبَ من عليّ، بالإضافة إلى الذاكرة التاريخية للصراع الاستعماري على السيطرة على فارس، يجعل ذلك الإيرانيين يؤمنون بالحاجة إلى الحرب الدائمة للإيرانيين ضدّ الإمبراطوريات الأجنبية، الشريرة والفاسدة. وهذا هو أصل العداء المتصلّب الذي توجّهه إيران تجاه إسرائيل والولايات المتّحدة، والذي يتمثّل في السعي شبه العلني لإيران من أجل امتلاك الأسلحة النووية.

منذ موجة الاحتجاجات التي بدأت بعد انتخابات عام 2009، يبدو أن الشعب لم يعُد يؤمن بأنّ نظام ولاية الفقيه هو بمثابة حتمية إلهية

قام النظام الإيراني بعمل جيّد عندما غرس “مبادئ الاعتقاد” الثلاثة هذه في قلب الشعب الإيراني في العقود الأولى من حكمه. ولكن منذ موجة الاحتجاجات التي بدأت بعد انتخابات عام 2009، يبدو أن الشعب لم يعُد يؤمن بأنّ نظام ولاية الفقيه هو بمثابة حتمية إلهية.

حتى لو لم ينجح الاحتجاج في إحداث تغيير كبير في الحكم، فقد صدّع شرعية الحكم. كانت ردّة فعل النظام الإيراني تلقائية تقريبا: اتهام المحتجّين بالانتماء إلى منظّمة سرّية انقلابية، تُقاد من خلال المصالح الخارجية للولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن ما كان في الماضي كافيا من أجل قمع أي انتفاضة شعبية، لم ينجح عام 2009.

الاحتجاجات بعد انتخابات عام 2009 (AFP/ADEM ALTAN)
الاحتجاجات بعد انتخابات عام 2009 (AFP/ADEM ALTAN)

الذي اتضح هو أنّ هناك جزء كبير ومستقرّ في المجتمع الإيراني يدرك بأنّه يمكن تحرير الجمهورية من الظلال التاريخية الثقيلة للإمام علي، والتوقف عن تأسيس الحياة العامة بناء على انتظار مجيء المهدي.

من جهة أخرى، من علّق على حسن روحاني أملا بتغيير حقيقي في النظام الإيراني، خاب أمله بسرعة بعد أن أدرك بأنّ روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف هما من لحم ودم النخبة الدينية التي تُقاد من قبل الخامنئي. حتى لو لم يكن قادرا أو غير راغب في إحداث إصلاحات حقيقية، فقد يعمل روحاني على إرضاء أولئك الذي خرجوا للتظاهر عام 2009 من خلال وعود بتحسّن اقتصادي. إنّ تطوّر نظام أكثر ليبرالية في إيران لا يزال بمثابة حلم بالنسبة لأولئك الذين ينشدون الحرية.

ولا يزال السؤال حول إمكانية تطوير خيار علماني وليبرالي في إيران في نهاية المطاف مسألة غير عملية. ولكن من الواضح أنّه كلّما استمرّت أسعار النفط بالانخفاض، واستمرّت العقوبات الغربية بشلّ الاقتصاد الإيراني، فإنّ إمكانية اندلاع احتجاج علماني بطبيعته مرة أخرى ستظلّ تهدّد الحكم الديني. في المقابل، إذا تخلّصت إيران من العقوبات ووصلت إلى عتبة تطوير الأسلحة النووية، فإنّ قوة الدولة الشيعية ستزيد فحسب.

اقرأوا المزيد: 733 كلمة
عرض أقل
المرشد الأعلى، روح الله الموسوي الخميني (AFP)
المرشد الأعلى، روح الله الموسوي الخميني (AFP)

الرجل والصورة التاريخية اللذان غيّرا إيران ووجه الشرق الأوسط

لم تستطع الثورة الإسلامية في إيران أن تقوم لولا هذا الرجل ولولا هذه الصورة التاريخية اللذان غيّرا وجه الشرق الأوسط من النقيض إلى النقيض

في مثل هذا اليوم قبل 36 عاما بالضبط، الأول من شباط عام 1979، حطّ رجل دين شيعي، كان مجهولا حتى وقت قريب، في مطار طهران وغيّر مع هبوطه وجه العالم الإسلامي ووجه الشرق الأوسط.

الخميني ينزل من طائرة إير فرانس، وعندما سُئل كيف يشعر مع عودته إلى الوطن، أجاب قائلا: "لا أشعر بشيء" (Wikipedia)
الخميني ينزل من طائرة إير فرانس، وعندما سُئل كيف يشعر مع عودته إلى الوطن، أجاب قائلا: “لا أشعر بشيء” (Wikipedia)

يُدعى رجل الدين هذا السيّد روح الله موسوي الخميني، وهو الزعيم السياسي للثورة الإسلامية في إيران عام 1979. تولّى الخميني منصب المرشد الأعلى، وهو المنصب الأهم على الإطلاق في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية الجديدة، حتى يوم وفاته (3 حزيران عام 1989).

حوّلت الثورة الإيرانية إيران من دولة مستبدّة، موالية للغرب، ملكية، في ظلّ حكم الشاه محمد رضا بهلوي، إلى جمهورية إسلامية دينية في ظلّ حكم آية الله الخميني.

الخميني طالبا، الثاني من اليمين (Wikipedia)
الخميني طالبا، الثاني من اليمين (Wikipedia)

كانت للثورة مرحلتان: في المرحلة الأولى، تمّ طرد بهلوي من البلاد من قبل ائتلاف لرجال دين مسلمين، ناشطين ليبراليين ويساريّين. وفي المرحلة الثانية، والتي تُسمّى الثورة الإسلامية، تم تنصيب آية الله الخميني في الحكم.

كان الشاه في الحكم من العام 1941، ولكنه أصبح المسؤول الرئيسي عام 1953 فقط، بواسطة ثورة تمّ التخطيط لها بشكل كبير من قبل مسؤولين غربيين (أمريكيين وبريطانيين). عانى حكمه خلال الستينيات والسبعينيات من معارضة مستمرّة من قبل رجال الدين، وكذلك من قبل مدنيين من أبناء الطبقة الوسطى، والذين لم يتمتّعوا بثمار تبذير الشاه، ونادوا بالديمقراطية.

الخميني في المدينة المقدسة للشيعة، النجف في العراق (Wikipedia)
الخميني في المدينة المقدسة للشيعة، النجف في العراق (Wikipedia)

كان نظام الشاه وحشيّا، وكان يعتمد على إحدى أكبر أجهزة الشرطة وأكثرها شرّسة في العالم؛ السافاك.‎ ‎ومن بين أمور أخرى، فقد تمّ اعتقال المئات من النشطاء السياسيين وتم سنّ قوانين رقابية صارمة. بالإضافة إلى ذلك، فمن المعروف عن عهد الشاه بأنّه عهد علماني صارم بهدف فرض الخصائص الغربية على إيران.

بدأت عام 1978 سلسلة من الاحتجاجات العنيفة، والتي اندلعت، على ما يبدو، في أعقاب مقال نُشر في الصحافة الرسمية والذي هاجم الخميني. أدّت انتقادات الرئيس الأمريكي جيمي كارتر اللاذعة بخصوص انتهاك حقوق الإنسان من قبل النظام، إلى امتناع الشاه عن الأمر باستخدام الوسائل العنيفة في تفريق المظاهرات. ولّدت الاحتجاجات موجة شديدة من العنف القاسي، حتى ملأ أكثر من مليوني شخص شوارع العاصمة طهران في 12 كانون الأول.

الخميني يُلقي خطابا مقابل منزله في فرنسا أمام إيرانيين (Wikipedia)
الخميني يُلقي خطابا مقابل منزله في فرنسا أمام إيرانيين (Wikipedia)

تركّز جزءٌ كبير من الاحتجاجات في ميدان آزادي في المدينة. بدأ الجيش بالانهيار عندما رفض الجنود إطلاق النار على المتظاهرين وبدأوا بتأييدهم. ويبدو أنّ الشاه لم يكن على بيّنة من خطورة الوضع، بسبب وجوده في المراحل الأخيرة من مرض السرطان، ولحقيقة أنّه كان محاطا بمن “يقولون نعم”، والذين لم يجرؤوا على تحطيم أوهامه. وافق الشاه على تقديم دستور أكثر اعتدلا، ولكن كان الوقت حينذاك متأخّرا جدّا لتقديم تنازلات. كان معظم السكان موالين للخميني، وأدى ذلك إلى النهاية المطلقة للحكم الملكي. اختار الشاه مغادرة إيران إلى المنفى في 16 كانون الثاني عام 1979 وترك البلاد بيد حكومة مؤقّتة.

خميني على متن طائرة إير فرنس في طريقه الى طهران (AFP)
خميني على متن طائرة إير فرنس في طريقه الى طهران (AFP)

عاد الخميني إلى إيران من فرنسا في 1 شباط. لقد عاد بواسطة مجموعة من معارضي الشاه في الوقت المناسب، وأسّس الجمهورية الإسلامية والتي يتزعّمها باعتباره الزعيم الروحي. إنّ الشهادات التاريخية من تلك الفترة، أي إقامة الخميني لأربعة أشهر فقط في باريس، جعلت الخميني الرجل الذي سيقود – كما يبدو – الثورة وسيُسقط نظام الشاه. جاء في تلك الشهادات أنّ شخصية الخميني كانت قوية جدّا: لقد عمل يوميّا ما بين 12-14 ساعة، وأجرى مقابلات مع الإعلام في 132 مرّة، نشر 50 تصريحا وألقى خطابات أمام 100000 إيراني جاءوا إلى منزله بمعدّل أكثر من 1000 شخص لليوم.

اقرأوا المزيد: 492 كلمة
عرض أقل
مسيرة يوم القدس في إيران ، عام 2012 نصرة للشعب الفلسطيني (Facebook)
مسيرة يوم القدس في إيران ، عام 2012 نصرة للشعب الفلسطيني (Facebook)

الثمن الذي تدفعه إيران بسبب الفلسطينيين

العداء تجاه إسرائيل يبقى إحدى القضايا التي ظلت عليها الحكومة الثورية في إيران مصرة بلا هوادة. مع ذلك، يعكس الحوار العام الإيراني فيما يخص الفلسطينيين شعورا متزايدا بالاستنكار، خيبة الأمل والغضب من الثمن الذي تدفعه إيران بسبب تدخلها بالنزاع الإسرائيلي العربي

في 24 من كانون الأول 2014، أعلن اتحاد الكرة الفلسطيني عن إلغاء مباراة ودية كان يُفترض أن تُقام بعد أربعة أيام من ذلك بين المنتخب الإيراني والفلسطيني في إستاد “أزادي” في طهران. أعرب أمين الاتحاد الفلسطيني في رسالة إلى اتحاد الكرة الإيراني عن أسفه على إلغاء المباراة “لأسباب تقنية”، بسبب تعب اللاعبين الفلسطينيين الذين عادوا من المعسكر التدريبي في الصين مع اقتراب مباريات كأس آسيا في كرة القدم التي ستُقام في شهر كانون الثاني في أستراليا.

سَرعان ما أثار قرار الاتحاد الفلسطيني بإلغاء مباراة كرة القدم ردود فعل غاضبة من متصفحي الشبكات الاجتماعية الإيرانية، الذين اتهموا الفلسطينيين بإنكار الجميل من إيران التي تدعمهم منذ سنوات كثيرة. ادعى بعض المتصفِّحين أن الصداقة بين إيران والفلسطينيين من جانب واحد وأن الفلسطينيين لم يُبدوا ذات مرة علاقات ودية مع إيران. “يحب الإخوان الفلسطينيون المال الإيراني فقط”، كتب أحد المتصفِّحين. ذكر آخرون تأييد الفلسطينيين للعراق في حربها ضد إيران في الثمانينيات. لقد تضمنت هذه الردود تعابيرًا ساخرة من الفلسطينيين ومن قدراتهم في لعب الكرة مع ألفاظ ذم شائعة لدى الإيرانيين للإشارة للعرب، مثل: “آكلي السحالي”.

نشر لاعب كرة القدم الإيراني السابق، مهدي رستم- فور، الذي يعيش اليوم في الدنمارك، منشورا على صفحته الفيس بوك والذي حظي بمئات المشاركات والردود على الشبكة. كتب رستم- فور أن القرار بإلغاء المباراة الودية قبل أيام معدودة من موعدها المقرر ليس قانونيا أو مهنيا، بل مفاجئ للغاية ولم يُتخذ من مدرب أجنبي بل من مدرب يعيش في غزة. لقد ذكر أن القرار يؤسف بشكل خاص على ضوء أن الرياضيين الإيرانيين يضطرون للانسحاب بعد ما يربو على 30 سنة من المنافسة العالمية ضد لاعبين إسرائيليين، لأسباب أيديولوجية، وإن كان الثمن خسارة تقنية وعزلة.

لقد أثار إلغاء المباراة على جدول الأعمال الإيراني العام مجددا سياسة المقاطعة الإيرانية لرياضيين إسرائيليين. في أيلول 2010، أثيرت في إيران عاصفة عامة بعد أن اضطر المصارع طالب نعمت-فور الانسحاب من بطولة العالم في المصارعة في موسكو بعد أن رست عليه القرعة لمنافسة مصارع إسرائيلي. بعد انسحابه، أعلن رئيس اتحاد المصارعة الإيراني أنه منذ الثورة الإسلامية دفعت إيران ثمنا باهظا من أجل حماية حقوق الشعب الفلسطيني، ودعا لإعادة النظر في هذه السياسة على الرغم من تأييده لنضال الشعب الفلسطيني ومعارضته الشديدة لإسرائيل. لقد أثارت القضية جدلا بين مسؤولين رفيعين في الهيئات الرياضية. ادعى رئيس اللجنة الأولمبية الإيرانية، محمد علي أبادي، أن الهيئات الرياضية ملزمة بالعمل بما يتوافق مع سياسة الحكومة تجاه “الحكم الصهيوني” ومقاطعة كل منافسة مع أي رياضي من إسرائيل. ذكر أمين الاتحاد الأولمبي، بهرام أفشار زادة، مقابل ذلك، أنه على الرغم من أن عدم اعتراف إيران بإسرائيل يشكل مبدأ محوريا للحكومة، إلا أنه ينبغي أن نجد حلا للمشكلة القائمة أمام إيران على الساحة الرياضية العالمية بسبب رفضها لإجراء قسم من المنافسات مقابل رياضيين إسرائيليين.

يمكن من خلال ردود المتصفِّحين الإيرانيين على إلغاء المباراة الودية مع فلسطين رؤية تعبير إضافي عن تعامل الإيرانيين المضطرب مع العرب عامة والفلسطينيين خاصة. ما يميز هذا التعامل هو الازدواج الذي يستخدمه الإيرانيون ممزوجا بترسبات الماضي بين إيران والعرب، المنافع الأيديولوجية والمصالح القومية. يبرز ذلك، مثلا، في الحوار العام الذي نشأ في الشبكات الاجتماعية الإيرانية عشية “يوم القدس العالمي”، الذي يُقام كل سنة يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وغايته التعبير عن تأييد إيران والعالم الإسلامي للفلسطينيين في صراعهم “لتحرير القدس”. لقد أقيم يوم القدس الأخير في 25 تموز خلال حملة “الجرف الصامد”، على ضوء مناشدة القواد الإيرانيين وكبار المعارضين الإصلاحيين للمواطنين للانضمام للمسيرات. لكن الحديث حول يوم الذكرى قد أثار مما أثار، ردودا متحفظة فيما يخص دعم إيران للفلسطينيين. لقد حوت توجهات كثيرة الشعار: “لا غزة، لا لبنان، أضحي بحياتي من أجل إيران”، التي تبناها في السابق العديد من معارضي الحكومة. لقد أعرب الكثير من المتصفحين عن رأيهم في أنه ليس على إيران أن تساعد الفلسطينيين ما دام سكانها يعانون بأنفسهم من قمع سياسي وضائقات اقتصادية. زد على ذلك، في حالات عديدة احتوت الردود على العداء لحماس، الفلسطينيين والعرب عامة.

بقي العداء لإسرائيل إحدى القضايا التي بقيت فيها الحكومة الثورية الإيرانية مصرة عليها لا تهادن فيها. مع ذلك، يعكس الحوار العام في إيران فيما يخص الفلسطينيين في السنوات الأخيرة بوادر تغيِّر فيما يخص الفلسطينيين من جانب قسم من الإيرانيين. يتميز ما ذُكر بنوع ما من الاستنكار وخيبة الأمل من نكران الفلسطينيين للجميل، ويترجمُ عن نظرة للإيرانيين تقول إن لديهم شؤونا أكثر أهمية وضرورة من الشأن الفلسطيني.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 679 كلمة
عرض أقل
نساء متنقبات في إيران (AFP)
نساء متنقبات في إيران (AFP)

إرهاب مادة حمضية ضد النساء في إيران

سلطات القانون ترفض الحديث عن ظاهرة يتحدث عنها الناس في شوارع أصفهان عن كيف تقوم مجموعة من الأشخاص الذين يركبون الدراجات النارية بمهاجمة النساء اللواتي لا يواظبن على ارتداء الحجاب

19 أكتوبر 2014 | 19:06

ذكر موقع “ديلي بيست” خبرًا عن الخوف الذي يجتاح نساء كثيرات من الخروج إلى الشوارع في إيران، أصفهان تحديدا، وذلك بسبب انتشار الخبر عن وجود مجموعة من راكبي الدراجات النارية الذين يقومون بمهاجمة النساء الإيرانيات اللاتي لا يرتدين الحجاب بواسطة إلقاء مادة حمضية باتجاههن. والسؤال الذي يحيّر مواطني هذه المدينة هل هذه المجموعة تحافظ بالفعل على نظام التواضع والستر أم هي مجموعة من الخارجين عن القانون ويجب إيقافها.

مع أن وسائل الإعلام في إيران تتجنب الحديث عن هذه الحوادث والتهجمات بمادة الحمض، إلا أنه في السادس عشر من الشهر الحالي قامت وكالة الأخبار الإيرانية “إسنا” بالإبلاغ عن حادثة تعرّضت فيها امرأة للهجوم خلال قيادتها للسيارة وذلك بسبب لبسها حجابا يكشف عن شعرها ووجهها زيادة عن اللزوم. وقد أكدت قوات الأمن في أصفهان هذه الحادثة، وادعت وجود حالتين أخريين، إلا أنه غير معروف ما هو الدافع لهذه التهجمات، هكذا قال نائب قائد قوات الأمن في المدينة.

وقد تطرق رئيس البلدة إلى هذه الحادثة وقال إن الأمر يتعلق بامرأة متزوجة ومن المحتمل أن خلفية الحادثة هي خلفية شخصية عائلية، وإنه من المبكر جدا أن نحدد ما هي ملابسات الحادثة. وعلى الرغم من محاولة السلطات تجاهل هذه الظاهرة، إلا أنه هناك تقارير مختلفة في إيران تتحدث عن وجود ست نساء على الأقل تمت مهاجمتهن بواسطة مادة حمضية وتم نقلهن إلى مستشفى المدينة بسبب ذلك.

نساء إيرانيات (AFP)
نساء إيرانيات (AFP)

فتاة إيرانية تُدعى سارة، تسكن في حي جولفا، وهي منطقة نصرانية في المدينة، قالت لموقع IranWire إن التهجمات ضد النساء حصلت في الغالب في الحي الذي تقطن به. تقول سارة إنها شهدت حادثة من هذه الحوادث في حيّها، حيث رأت ثلّة من الأشخاص متجمعين فاعتقدت أنه وقع حادث سير، ولكن بعد سؤالها واستفسارها للناس المتجمعة في المنطقة تبيّن لها أنه تمت مهاجمة امرأتين بمادة حمضية من قِبَل شخص استخدم الحقنة للقيام بفعلته.

على خلفية هذه الظاهرة، تم تمرير قانون جديد في البرلمان الإيراني يعطي مزيدا من الصلاحيات لشرطة الآداب في البلدة. بالإضافة إلى اللوائح الرسمية التي تفرض التأدب واللبس المتواضع في إيران، أخبر بعض الأشخاص موقع IranWire أنه تم مطالبة النساء في الخُطب الدينية أيام الجمعة أن تواظبن على اللبس الصحيح للحجاب حتى لا يكنّ هدفا للجماعات الأصولية التي ترغب بإلحاق الأذية بهن.

واحدة من هذه الجماعات هي “أنصار حزب الله” والتي أعلنت أنها ستواصل مضايقاتها للنساء اللواتي يلبسن لباسا لا يناسب مبادئ الأمة.

بالتأكيد، أعرب جزء كبير من المواطنين الإيرانيين، وأيضا جزء كبير ممن يُعتبرون محافظين، صدمتهم الكبيرة جراء هذه الحوادث المؤذية للنساء في أصفهان. أحد هؤلاء شخص باسم أكبر فاكزاد، قائد معروف في قوات الثورة الإيرانية في محافظة أصفهان، قال لموقع IranWire إنّ “هذه الأفعال تخالف الدين وهي أفعال محرّمة. والأشخاص الذين يقومون بهذه الأفعال يجب أن يُعاقبوا بشدة ولا يهم السبب من ورائها”.

رئيس “أنصار حزب الله” في أصفهان، ويُدعى حجة الإسلام كامل خافي، قال في ردّه إنه لم يسمع الأخبار عن مهاجمة هؤلاء النساء، وادّعى أن تنظيمه يمر بمرحلة غير جيدة.

اقرأوا المزيد: 449 كلمة
عرض أقل
الجيش الإيراني (AFP)
الجيش الإيراني (AFP)

هكذا تعمل الاستخبارات الإيرانية

في ذكرى مرور 30 عامًا على إقامة وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية، سنكشف عن هيكل مؤسسات الاستخبارات الإيرانية

أزالت إيران حجاب الغموض الذي يحيط أجهزة استخباراتها: لأول مرة منذ العام 1979، وفّرت إيران أمس (الأربعاء) معلومات عن هيكل مؤسسات استخباراتها في مجلة تابعة لوزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية والتي نُشرت على شرف مرور 30 عامًا على إقامة الوزارة، في الوقت الذي اجتمع فيه ممثّلو الدولة مع ممثّلي القوى العظمى في فيينا لإجراء المزيد من المحادثات بشأن برنامجها النووي.

وفقًا للمجلة، التي تحمل عنوان “30 عامًا من التفاني بهدوء”، يقف وزير الاستخبارات، محمود علاوي، على رأس مجلس يُشرف على 16 وكالة مختلفة. يشغّل الحرس الثوري، وهو القوة العسكرية الأقوى في إيران، لوحده وكالتي استخبارات أخريين.

وقد زعمت وكالة الأنباء الفرنسية، AP، في أحد التقارير عن الكشف عن أنّ عمليات مكافحة للتجسّس وصدّ الهجمات الإلكترونية تقع في صلب عمل أجهزة الاستخبارات الإيرانية.

اتهمت إيران في الماضي إسرائيل والولايات المتحدة بسلسلة من أنشطة التجسّس الخطيرة ضدّ البلاد، بما في ذلك اختطاف علماء، بيع معدّات تالفة وزرع فيروس حاسوبي مدمّر اسمه Stuxnet أدّى لفترة قصيرة إلى تعطيل تخصيب اليورانيوم في إيران عام 2010.

وقد ردّت إيران على تلك الهجمات الإلكترونية ضدّ منشآتها النووية بواسطة تعزيز قدرات الفضاء الإلكتروني الخاصة بها. من حين لآخر تعلن إيران عن اعتقال أشخاص يُشتبه بهم أو اتُّهموا بالتجسّس أو بمحاولات تخريب المنشآت النووية التابعة للجمهورية الإسلامية.

وفي عملية غير متوقعة، أنشأت وزارة الاستخبارات موقعًا في الإنترنت عام 2012، وقد تمّ تفسير الخطوة بأنها محاولة لتلطيف صورة الوزارة وإغواء الإيرانيين للمساعدة وتوفير المعلومات لعناصر وكالات الاستخبارات. وقد أنشأت الوزارة الحكومية بالإضافة إلى ذلك رقمًا هاتفيًّا من ثلاثة أرقام يمكن للمواطنين الاتصال إليه وتوفير المعلومات و”النصائح”. بل وقد نشرت الوزارة في السنوات الأخيرة إعلانات ولوائح إعلانية في تقاطعات رئيسية في العديد من المدن والتي تشجّع المواطنين على مساعدة مؤسسات الاستخبارات.

اقرأوا المزيد: 266 كلمة
عرض أقل
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)

الدولة الإسلامية واللغز الإيراني

تشير الأحداث الماضية ومؤشرات الوقت الراهن إلى أن الجيش الإيراني سيمتنع عن شن حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبالتالي فإن الضحايا الشيعية ستزداد ارتفاعا في الشرق الأوسط

لقد قام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بذبح آلاف الشيعة في العراق وسوريا، حتى الآن، وسيطر على إقليم مماثل بمساحته لبريطانيا. أما بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي اغتنمها، فتحوّله إلى التنظيم الإرهابي الأغنى في العالم. إن إعجاب عشرات آلاف الشباب من دول الشرق الأوسط وخارجه بهذا التنظيم، الانخراط في القبائل السنية في العراق وسوريا والفكر السني المتطرف- لذلك، كان من المفترض لكل هذه الأمور حث الجيش الإيراني على شن حملة عسكرية شاملة على الفور. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تحفز إيران، القوة الشيعية العظمى في العالم، بعض كتائبها لاجتثاث تنظيم الدولة الإسلامية من جذوره؟

هددت قيادات سياسية وعسكرية إيرانية، مرارا، أن تستخدم قوتها أمام تنظيم الدولة الإسلامية بسبب “أعمال الذبح بحق الشيعة وتدمير المساجد”. لم يكن لهذه التصريحات أي صدى على أرض الواقع: لكن قامت إيران بإرسال وحدات من الحرس الثوري للدّفاع عن مواقع مقدسة للشيعة، وقد مدّت الجيوش العراقية والسورية بالأسلحة، لكنها تستبعد استخدامها “لكافة قوتها”. إضافة إلى ذلك، فإن عمليات الذبح بحق المسلمين الشيعة، والأقليات الأخرى، ما زالت مستمرة ولم تتوقف بعد، وهذا الخطر يتهدد المناطق الحدودية الإيرانية مع العراق.

إيران، التي تهدف إلى أن تصبح زعيمة العالم الإسلامي، وعلى الأقل العالم الإسلامي الشيعي، لا تستغل فرصة استعداد تنظيم الدولة الإسلامية لاجتياحها، من أجل إنقاذ حلفائها الأكثر أهمية في الشرق الأوسط- سوريا والعراق. ولو فعلت ذلك، لأسعدت القوى الغربية، التي تبغي منع أية تعقيدات عسكرية إضافية في مستنقع الشرق الأوسط. التفت الطوائف الشيعية، من لبنان حتى الخليج الفارسي، حول إيران تحت ما يسمى المواجهة السنية- الشيعية الأكثر احتداما في عصرنا الحاضر، وكان يمكن للنظام، الذي يعاني من انخفاض شعبيته، أن يحارب هذا التنظيم حتى يجعل الجمهور يلتف حوله من جديد. وإضافة إلى ذلك، إنَّ الدخول في معركة مفتوحة وشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنه أن يمنح إيران فرصة ذهبية من أجل استقرار موقف حلفائها في العراق وسوريا، ولمساعدتهم لسحق التمرد المستمر ضدهم، حيث دفعت إيران، إثر ذلك، ثمنا باهضا بعد مقتل الكثير من الجنود والمتطوعين، وكذلك الأمر بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي يصعب على النظام الاقتصادي الإيراني أن يتحمل كلفتها.

ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية  ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)
ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)

يمكن فهم الأزمة الإيرانية من خلال عاملين اثنين. الأول، منذ انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979، تصادمت كل المصالح الثورية والوطنية مع بعضها البعض، وتغلبت المصالح الوطنية. فهذا ما حصل في الصراع بين أرمينيا المسيحية وأذريبجان الشيعية (1988-1994) في معركة بسبب منطقة “نغورينو-كارباغ”، التابعة للمنطقة التي تسيطر عليها أذريبجان، المسكونة من قبل الأرمن، في حين قامت إيران بدعم الأرمن بصرف النظر عن موت آلاف الشيعة في الصراع (المستمر لغاية اليوم). خشيت إيران من أن يقوم الأذربيجانيون الإيرانيون، والذين يمثلون 20% من عدد أفرادها، بالاتحاد مع أصدقائهم الموجودين خلف الحدود. أضف إلى ذلك العصيان الشيعي ضد صدام حسين في بداية سنوات الـ 90 من القرن الماضي. بالرغم من ذبح ما يقارب ربع مليون شيعي عراقي وتدمير أكثر المواقع قدسية للشيعة، فإن إيران لم تحرك ساكنا من أجل مساعدة الشيعة، من منطلق أن الاهتمام الذي تصبو إليه هو اهتمام قومي في الدرجة الأولى وهو إقامة الدولة بعد الحرب الطويلة التي خاضتها ضد العراق (1980-1988) وقد كان ذلك بالنسبة لها أهم من الاهتمام الديني. ومن هنا، يمكن أن نستنتج أن إيران لن تقبل أن تضع اهتمامها الديني في الأولوية على حساب اهتمامها الوطني.

كما ويمكن تفسير معضلة إيران في عدم تدخلها عسكريا ضد الدولة الإسلامية من خلال الصراع المستمر بين إيران والمملكة السعودية. التدخل العسكري الإيراني من خلال حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنها أن تخلق صراعا على التنافس من أجل السيطرة في مناطق الشرق الأوسط بين الدولتين، ويمكن أن تؤدي إلى نشر قوات إيرانية- عراقية مشتركة على الحدود الغربية للمملكة السعودية، من أجل منع تسلل آلاف الجهاديين السعوديين وكذلك منع تهريب السلاح إلى العراق، ومن هناك إلى سوريا. هذه القوات العسكرية، من شأنها أن تهدد السعوديين، ويمكنها أن تضطر إلى تدهور الحرب بين الدولتين إلى مواجهة عسكرية مباشرة.أثبتت إيران، في الماضي، أنها استطاعت أن تتجنب، قدر المستطاع، مما يمكن أن يجرها إلى الدخول في حرب كهذه، إلّا أنها تبارك العمل عبر وكلاء لها مثل حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن وحماس في المنطقة.

في الختام، ليس منطقيا أن تشن إيران حملة عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، انطلاقا من الأحداث الماضية والاعتبارات الحالية في الوقت الراهن، وكذلك فإن الضحايا الشيعية، في الشرق الأوسط، سترتفع حصيلتها. ومن المفارقات أن تتلاقى المواقف المختلفة في الشرق الأوسط، حيث أن القوة الشيعية المعادية للغرب، تفضل، ولو لم يكن قرارها علانية، أن تقوم القوى الغربية الكافرة بإنقاذ حلفائها والشيعة. ومن هنا نلحظ أن الفكر والواقع السياسي سيصطدمان مع بعضهما البعض حتى ينتصر الأخير في النهاية.

نُشر هذا المقال، لأول مرة، في موقع “Can Think”

اقرأوا المزيد: 714 كلمة
عرض أقل