وصلت الحرب الضروس التي بات يشنها رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، مؤخرا ضد حماس إلى ذروة جديدة من المواجهة الداخلية الفلسطينية.
ازدادت مؤخرا الجهود الإعلامية من قبل السلطة الفلسطينية في المجتمَع الفلسطيني لإشعال المجتمَع مجددا ضد زعماء حماس في غزة.
بدأ منذ أمس (الأحد) نشطاء حركة فتح بنشر معلومات حول المعاناة التي يمر بها مواطنو غزة في ظل حكم حماس في القطاع في النت وشبكات التواصل الاجتماعي .
وتلخص رسومات مخططات المعلومات البيانية (Infographics) تحت عنوان “أوجه المعاناة في قطاع غزة” معاناة الفلسطينيين في ظل الحصار الكامل تحت حكم نظام حماس في غزة.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أبو مازن (Flash90/Hadas Parush)
وتعرض الرسومات المعاناة التي يمر بها الكثير من سكان غزة:
يتلقى مليون شخص مساعدات مالية
41% نسبة البطالة، أي 207 ألف عاطل عن العمل
65% نسبة الفقر
50% نسبة انعدام الأمن الغذائي
90% من المياه غير صالحة للشرب
3 ساعات من توفير الكهرباء يوميا
ولم يتأخر رد حماس ضد السلطة الفلسطينية، وضد فتح برئاسة أبو مازن.
وقال عبد الرحمان شديد المسؤول عن مركز إعلام الأسرى في حماس في غزة، إن عشرات أسرى حماس المحررين لم يتلقوا رواتب شهر حزيران. ليس واضحا إذا تم إيقاف نقل الأموال إليهم بشكل ثابت أو فوري. “وصل السجناء اليوم إلى البنك، وأدركوا أنهم لم تنقل رواتبهم إلى حساباتهم المصرفية” وفق أقوال الشديد، وأضاف: “ننتظر معرفة وضع الحساب من مسؤولي البنك غدا بشكل رسمي، لمعرفة إذا تم إيقاف الرواتب كليا”.
وفق أقوال شديد، لحق ضرر بالأسرى من هذه الخطوة بما في ذلك الأسرى المحررين في صفقة شاليط منذ عام 2011. رغم هذا، قال أيضا إن أسيرا واحدا فقط من هؤلاء الأسرى الذين لم يتلقوا رواتبهم هو من حركة فتح، والبقية من حماس.
يتعرض الرئيس إلى ضغط كبير من جهة إسرائيل والولايات المتّحدة لإيقاف نقل الرواتب الشهرية لآلاف “الأسرى الأمنيين”، في الحاضر والماضي. تدعي إسرائيل أن الحديث يدور عن خطوة تشجع الإرهاب، في حين أن الفلسطينيين يحاولون رسم هذه الرواتب كدفعات رفاه.
كتاب جديد لباحثة إسرائيلية عن ياسر عرفات، يحاول تتبع التغيير الكبير الذي طرأ على خطاب الزعيم الفلسطيني الأشهر في تاريخ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وأدى إلى تحويل النضال التحريضي إلى نضال سياسي
يُفكر كل إسرائيلي تقريبا، كان قد عرف عرفات عن قريب أو بعيد بالتأكيد في الأسئلة التالية: هل وقّع ياسر عرفات على اتفاقية أوسلو ولكن كان ينوي خرقها؟ هل كان يهدف خطابه الديني إلى تحريض أبناء شعبه على الكفاح المسلّح المستمر ضدّ إسرائيل؟ هل ووجه اندلاع الانتفاضة الثانية؟ وهل عرفات، الذي مثّل أكثر من أي شخص الشعب الفلسطيني ونضاله ضدّ إسرائيل بدءًا من الستينات وحتى وفاته، هو فعلا الزعيم الذي قاد التغييرات الكبيرة في موقف العالم وإسرائيل من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني؟
ستكون الإجابات شبه المؤكدة عن هذه الأسئلة الصعبة، سلبية غالبا. في الوعي الإسرائيلي، تجذّر عرفات كشخص كان غير موثوق، مُحرّضا، ومُستخدما كبيرا لكلمة “شهيد” التي كانت تهزّ أركان المجتمع الإسرائيلي.
عرفات لم ينجح في إقامة دولة مستقلة لكنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا يستحق دولة (AFP)
إلى جانب كل ذلك، كُتبت آلاف المقالات وبعض الكتب كمحاولة لفكّ رموز شخصية “سيد فلسطين”. حتى أنه يبدو أنّ جزءا كبيرا من الكتابات الأكاديمية الموجودة حول نشاط “زعيم الشعب الفلسطيني”، قد كُتب باللغة العبرية. كان المتخصصون الإسرائيليون متحمسين لفهم “الرجل غريب الأطوار” الذي كان يضع الكوفية وحريصا على الحديث أحيانا بلغة رفيعة المستوى وفي أحيان أخرى تحدث بلغة الشعب، من جهة كان يضع على خاصرته مسدّسا مُلقما ومن جهة أخرى كان يلوّح باليد الأخرى رافعا غصن زيتون.
ويحاول كتاب جديد، واسمه “ياسر عرفات – خطاب زعيم وحيد” (إصدار راسلينغ)، للباحثة الإسرائيلية، الدكتورة رونيت مرزان (جامعة حيفا)، عرض وجهة نظر جديدة حول خطابات وأحاديث عرفات من أجل فهم نضاله وخطابه الإشكالي، الذي استخدمه بشكل أفضل وربّما لاستخلاص استنتاجات جديدة حول الصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
تحدثنا مع الدكتورة مرزان وحاولنا أن نفهم ماذا تجدّد دراستها في الواقع حول عرفات، من خلال التطرق إلى خطاباته، محادثاته الشخصية مع الزعماء، ومقابلاته مع الإعلام الفلسطيني والعالمي. وتطرقنا في المحادثة أيضًا إلى المجتمع الفلسطيني، وسألناها مَن قد يكون وريثا لأبو مازن، كرئيس للسلطة الفلسطينية.
هل كان عرفات زعيما مُحرّفا أم مُحرّضا؟
“لقد كان عرفات، على الأقل بالنسبة لبعض الإسرائيليين، زعيما فلسطينيا لم يحترم اتفاقية أوسلو وألحق الخراب بشعبه عند اندلاع الانتفاضة الثانية بدءًا من تشرين الأول 2000. يُعتبر عرفات، على أقل تقدير، في نظر الكثيرين من السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين، محرّضاً مسلماً، اهتم بأن يُحرّض الفلسطينيين ويقودهم نحو التصادم العنيف مع إسرائيل في كل مرة قال فيها “على القدس رايحين.. شهداء بالملايين” أو عندما صرخ متحمّسا “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”.
https://www.youtube.com/watch?v=14t0PdaPNhQ
ولكن تُفسر الدكتورة مرزان أقوال عرفات الذي حرص على ذكرها من فوق كل منصة، بشكل آخر.
لماذا يتم الانشغال مجددا بالشخصية الفلسطينية المثيرة للجدل جدا في أوساط الإسرائيليين والعرب؟
“لا شك أن عرفات يعتبر زعيما للثورة الفلسطينية. فيعتبره الفلسطينيون زعيما حصريا، شرعيا، وحيدا من زعماء الشعب الفلسطيني. ورغم أنه لم ينجح في إقامة دولة مستقلة من أجل الشعب الفلسطيني، إلا أنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا معرّفا يستحق دولة.
واليوم عندما أنظر في مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية، ألاحظ الشوق الكبير إليه. يتوق الكثير من الشباب الفلسطينيين إلى التوحيد الذي حرص على رعايته بين الفلسطينيين في رام الله وفي غزة ونابلس، بين الذين يعيشون في القرى والمخيّمات وبين الذين يعيشون في المدن الكبرى. إنّ المجتمَع الفلسطيني مقسّم جدا وما زال يُعتبر عرفات أسطورة رغم أنّه يمكننا أن نسمع بين الفينة والأخرى أيضا أصواتا تعبّر عن اليأس، والتي لا يُطلقها، بالمناسبة، أبناء الجيل الشاب. وإذا أردنا أن نفهم بشكل أفضل المجتمع الفلسطيني والأزمات التي مر بها فلا يمكن تجاهل هذه الشخصية”.
انتفاضة الأقصى عام 2000 (AFP)
وتضيف مرزان قائلة “يتتبع كتابي التغيير الذي طرأ على توجه ياسر عرفات عندما استخدم الرموز الدينية للتحريض وحتى أصبح يستخدم الرموز الإسلامية الواضحة مثل الجهاد، الاستشهاد، صلح الحديبية، وحراسة الأماكن المقدسة في الأقصى، لأغراض تحويل النضال الفلسطيني من الخطاب العنيف والمسلّح إلى الخطاب الذي يعمل على التسوية التاريخية والنضال السياسي تجاه الإسرائيليين”.
أثّرت خمسة أحداث مؤسِّسة، في أنماط الخطاب الوطني – السياسي لدى عرفات: انتفاضة 1987، مؤتمَر مدريد، اتفاقية أوسلو، فشل مؤتمر كامب ديفيد عام 2000، وانتفاضة الأقصى. والسؤال هو ماذا يمكن أن يكون ملائما أكثر للمجتمع الفلسطيني التقليدي – المتديّن، سوى الخطاب الديني، الذي استخدمه عرفات كأداة للتجنيد. سعى أحيانا إلى استخدام خطاب الجهاد والاستشهاد، بهدف تجنيد الفلسطينيين للكفاح المسلّح وفي أحيان أخرى استخدمه من أجل النضال السياسي. “فعلى سبيل المثال عندما تحدث عرفات عن الجهاد، عندما كان في الستينات، السبعينات، الثمانينات في الدول العربيّة، كان يقصد الجهاد العسكري. وبعد اتفاقية أوسلو أوضح لأبناء شعبه، في معسكر الدهيشة للاجئين، أنّ هناك حاجة إلى الانتقال من “الجهاد الأصغر”، والذي هو كما ذكرنا الجهاد المسلّح إلى “الجهاد الأكبر”، أي النضال السياسي وفقا للحديث النبوي. ارتعدت أركان المجتمع الإسرائيلي عندما سمعت كلام عرفات عن الجهاد وأشار إليه الإسرائيليون على أنه لا يمكن الوثوق به واعتبروه شخصا يرغب في طرد جميع الإسرائيليين من أرض الآباء” فحسب، كما تقول مرزان.
مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في البيت الأبيض (AFP)
يدعي الكثير من الإسرائيليين أنّ تطرق عرفات إلى صلح الحديبية في خطاباته، بعد نحو نصف عام من توقيع اتفاقية أوسلو، هو دليل على أنه أراد متابعة الجهاد ولم يقصد حقا تنفيذ الجزء المتعلق به في الاتفاقية. ما رأيك في استخدام مثل هذا الرمز الإسلامي الواضح، هل قصد حقا انتهاك اتفاقه مع الإسرائيليين؟
“يدعي معظم الباحثين الإسرائيليين أنّ عرفات قد غمز الشعب الفلسطيني وسط هذا الخطاب وأنّه أراد أن يقول لشعبه “أوقع على اتفاقية أوسلو ولكني لا أنوي حقا تنفيذها. وأنا أدعي أن عرفات لم يقصد انتهاك اتفاقية أوسلو وإنما أن يضع نفسه كخليفة للنبي محمد، ممّا يعني أنه، مثل النبي محمد، قد أظهر حكمة سياسية ورغم معارضة عمر بن الخطاب لصلح الحديبية، فقد وقع عليه. هكذا ادعى عرفات أنه هو أيضًا، رغم المعارضة الإسلامية، وخصوصا من حماس، والمعارضة الداخلية، في أوساط قيادات صفوف حركة فتح، لاتفاقية أوسلو، فهو كخليفة للنبي محمد، أظهر حكمة سياسية، وقع على اتفاقية أوسلو، وخاطر بنفسه سياسياً. ولكن في الوقت ذاته أوضح أنّه إذا انتهك الإسرائيليون الاتفاق، فلن يلتزم به أيضًا”.
كان الخطاب البطولي الذكوري الذي اعتمده عرفات في مخيّمات اللاجئين، في الدول العربية، في أراضي الضفة الغربية، وقطاع غزة حتى توقيع اتفاقية أوسلو، وهو “سلام الشجعان” كما وصفه، إلى حد كبير أيضًا ردّ فعل على الخطاب البطولي الصهيوني والإسرائيلي. بكلمات أخرى، جاءت أسلمة الصراع كردّ فعل ضدّ تهويده.
وأكثر من ذلك، تدعي الدكتورة مرزان أنّه “عندما قرر ياسر عرفات أنه من المفضّل له التوصل إلى تسوية سياسية، بعد أن أدرك أنّ بقاءه السياسي في خطر، وجد نفسه في الواقع يقف أمام إسحاق رابين. فبينما كان رابين أسطورة إسرائيلية، “سيد الأمن”، هزم الجيوش العربية، وجد ياسر عرفات نفسه، وهو لاجئ قد طُرد من كل دولة عربية قدِم إليها، يقف أمام رابين ويوقع على اتفاقية سلام، تحديدا مع الشخص الذي هزم الجيوش العربية”.
ماذا تعتقدين أنه يحدث اليوم في المجتمع الفلسطيني؟
“إنّ الوصف الأهم، في نظري، اليوم الذي يصف المجتمع الفلسطيني هو “الانهيار”. المجتمع الفلسطيني متصدّع وممزّق ليس فقط بين فتح وحماس وإنما أيضا هناك تصدّعات عميقة أكثر بين أولئك الذين في رام الله وأولئك الذين في نابلس، تصدعات واسعة بين أبناء مخيّمات اللاجئين وبين الذين يسكنون في المدن الكبرى، وهلمّ جرا. تجري عملية مثيرة للاهتمام في المجتمع الفلسطيني: كانت توفر العائلة في المجتمع الفلسطيني الحماية الاقتصادية، الاجتماعية، الأخلاقية، المعنوية، والمادية لأفرادها. رويدا رويدا كلما مرت العائلات بعملية التحضّر، تفكّكت العشائر الكبرى. مع إقامة أجهزة السلطة الفلسطينية تولت السلطة جزءا من هذه الأدوار الرئيسة: الأمن الاقتصادي والمادي. كان يفترض بالدولة الفلسطينية عند إقامتها أن تبني بنى تحتية اقتصادية، توفر للمواطنين أمانا، مسكنا، عملا، وما إلى ذلك… ولكن عندما توقفت الدولة عن توفير الخدمات الأساسية وبدأ يرى الجيل الشاب كيف أن قادة السلطة الفلسطينية والقادة في غزة يسرقون خزينة الدولة، بدأت هذه الأدوار تعود إلى العشائر الفلسطينية. نتيجة لذلك نرى التسليح الهائل في أوساط العائلات الكبرى التي تشتري كميات هائلة من السلاح وتخزّنها من أجل الدفاع عن أفرادها ومصالحهم الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، هناك أيضا انعدام الأفق السياسي وعدم استقرار الأمن الاقتصادي مما سيؤدي إلى احتمال انفجار كبير الأبعاد والذي سيصل، في نهاية المطاف، إلى عتبة إسرائيل”.
إذا لم ينجح أبو مازن، في أن يكون منقذا للوضع، زعيما للفلسطينيين وكابحا للتفكك الشامل في المجتمع الفلسطيني، فمن بحسب رأيكِ يمكن أن يقوم بذلك؟
صورة مروان البرغوثي و ياسر عرفات على لافتة في رام الله (Abed Rahim Khatib Flash 90)
“لا أعلم إذا كان العالم يفهم ماذا يحدث داخل المجتمع الفلسطيني. يدور الحديث عن مجتمع لا ينجح في تنظيم انتخابات للسلطات المحلية. يعيش الفلسطينيون في الواقع، بدءًا من انتهاء الانتفاضة الثانية وبعد ثلاثة جولات من الحرب في غزة، في حالة يأس تام، فمن جهة لا يُرى أفق سياسي ومن جهة أخرى لا ينجح الكفاح المسلّح في إيجاد أي تغيير سياسي أو التعرّف على معاناة الفلسطينيين. أعتقدُ أنّه كان هناك احتمال للتوصل إلى تسوية سياسية مع أبو مازن أكثر من ياسر عرفات ولكن خسر القادة الإسرائيليون هذه الفرصة. تقزّم القيادة الإسرائيلية اليوم أبو مازن، فهو أيضًا في رأيي زعيم غير ذي صلة بالنسبة لقطاعات واسعة من أبناء شعبه. أصبح أبو مازن ضعيف جدا في المجتمع الفلسطيني وفي المجتمع الدولي على حد سواء، لذلك أعتقد أنّ مروان البرغوثي هو الوحيد الذي بإمكانه اليوم توحيد الفلسطينيين وإنقاذ المجتمع الفلسطيني من الفوضى”.
وتدعي الدكتورة مرزان أنّ إسرائيل ستُبدي حكمة إذا أطلقت سراحه من السجن. “مروان البرغوثي هو زعيم أصيل، ورغم أنه ليس مرغوبا به في أوساط الجمهور الإسرائيلي ويده ملطخة بالدماء، ولكنه مقبول تقريبا على جميع الفصائل الفلسطينية، على حماس وعلى الجهاد الإسلامي وهو قادر أيضا على أن يجمع حوله أشلاء المجتمع الفلسطيني. بل إنّه مقبول على زعيمين بارزين جدا في المجتمع الفلسطيني، وهما سلام فياض ومحمد دحلان، ويعتبر أيضًا ليبراليا جدا، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال قراءة كتاباته عن مكانة المرأة الفلسطينية وطريق تمكينها. أعتقد أن مروان يدرك أيضًا أنّه إذا أطلقت إسرائيل سراحه، فإنّ نافذة فرصه ستكون صغيرة ولن يستطيع قيادة الفلسطينيين إلى انتفاضة أخرى. إذا أدركت إسرائيل مكانة البرغوثي، يمكنها أن تمنع جولة العنف القادمة التي ستصل إلى عتبتها”.
تقرير خطير يستطلع المساس الفلسطيني بحرية الصحافة يكشف عن حالات مروّعة من الاعتقالات الباطلة والتعذيبات من قبل السلطات الفلسطينية وحماس ضدّ معارضين غير عنيفين
في تقرير جديد لمنظمة حقوق الإنسان HRW والذي نُشر أمس (الإثنين) تم توثيق قصص ناشطين وصحفيين اعتقلتهم السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة بسبب توجيههم انتقادات ومعارضة غير عنيفة. وفقًا للتقرير، فقد ضربتهم القوى الأمنية، ومنعتهم من النوم والطعام، رشّت عليهم الماء البارد والحارّ بالتناوب، وفرضت عليهم البقاء بوضعيات صعبة على مدى ساعات طويلة. وقد نُشر التقرير على خلفية الإضراب عن الطعام الذي بدأه ستّة شبان، كانت تحتجزوهم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة منذ خمسة أشهر.
تتعلق إحدى الحالات في التقرير بأعضاء فرقة الراب “من الألف إلى الياء”. معتز أبو لحية (21 عاما) طالب في جامعة القدس في الضفة الغربية وعضو سابق في الفرقة، قال إن قوات الأمن الفلسطينية أخذته من منزله إلى مقر جهاز الاستخبارات. اعتُقل أبو لحية ثلاث مرات، وقد ضُرب عُذّب في كل واحدة من هذه المرات. وقال إنّه عندما اعتُقل في المرة الثالثة، على مدى 24 ساعة، أجبره ضباط على خلع ملابسه، ثم فتحوا النوافذ أمام هواء الشتاء، وانهالوا عليه بالضرب بأيديهم وأنبوبة إخماد الحريق. كسروا أسنانه، وصبوا عليه الماء البارد ثم الماء الساخن، وضربوه بين الفخذين. في نفس اليوم كان حاضرا معه عز الدين أبو رحمة، صديقه في الفرقة والذي كان معتقلا هو أيضا من قبل القوى الأمنية الفلسطينية، وقد وصف في مقابلة منفصلة نفس الأحداث وأكّد رواية أبو لحية.
في قطاع غزة، اعتُقل أيمن العالول في كانون الثاني 2016، وهو صحفي لمحطات تلفزيون عراقية وخليجية، وكذلك في الخدمة المدنية حيث يستلم راتبه من السلطة الفلسطينية التابعة لفتح. قال العالول قد اعتقله أشخاص من منزله في مدينة غزة عرّفوا بأنفسهم كمسؤولين أمنيين، صادروا هاتفه الخلوي وحاسوبَين محمولَين، واقتادوه إلى سجن أنصار في غزة. وبالإشارة إلى منشوراته، فاتهموه بتشويه صورة حماس. وقال العالول إن المحققين عصبوا عينيه، وأجلسوه لساعات على كرسي أطفال في غرفة باردة دون ملابس مناسبة أو طعام، ثم صفعوه مرارا على رقبته واتهموه بأنه عميل أجنبي فاحتجزوه 8 أيام. وحتى بعد إطلاق سراحه استمرت القوى الأمنية بإرسال تحذيرات إليه بحسبها يجب عليه الكفّ عن عمله كصحفي.
مثل هذه الأعمال ليست جديدة. فهناك تقرير منذ العام 2011، يوثّق كيف نفّذت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة اعتقالات تعسّفية لصحفيّين، منعتهما من الوصول إلى محاميهم وأبناء أسرهم في الوقت الذي كانوا معتقلين فيه، صادرتا معدّاتهم أو أتلفتاها، وفي بعض الحالات تم تعذيبهم. لم يتم توثيق تعليمات واضحة من قبل قيادة السلطة للتصرّف بهذا الشكل، ولكن وفقا للتقرير، يظهر من خلال امتناع قيادة السلطة التامّ من علاج مثل هذه الانتهاكات، أنّ تلك الأعمال تعكس سياسة حكومية.
وقال المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى): “ما يزال الانقسام الفلسطيني الداخلي واحدا من الأسباب الرئيسية وراء الانتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الإعلامية… وخصوصا عندما يتعلق الأمر بحرية وسائل الإعلام التابعة لطرف معين”.
وفي تقرير يعود إلى عام 2011 ذُكرت حادثة واحدة فقط حوكمت فيها عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بسبب ارتكاب انتهاكات ضد معتقلين، وأصبح اليوم ذلك التقرير أكثر صلة من أيّ وقت مضى. كان ذلك تعذيبا لمواطن فلسطيني حتى الموت بتاريخ حزيران 2009، من قبل عناصر الأجهزة الأمنية، بشكل مماثل للموت العنيف لأحمد حلاوة، “أبو العز”. انتهت حادثة 2009 بالتبرئة التامّة للمتّهمين من قبل المحكمة العسكرية التابعة للسلطة الفلسطينية.
ومع ذلك، فمنذ ذلك الحين توقفت السلطة الفلسطينية عن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وفي عام 2014 وقّعت على عهد دولي خاص بالحقوق المدنية والسياسية وعلى اتفاقية مناهضة للتعذيب. في المقابل، فإنّ حرية الصحافة والتعبير لم تتحسن، حيث إن السلطة الفلسطينية قد انتقلت لمحاكمة الصحفيين في المحاكم المدنية، استنادا إلى مخالفات مثل “إهانة مسؤول”، والمنصوص عليها في القانون القديم منذ عام 1967.
وفقا للتقرير الأخير لمركز مدى من العام الماضي، فقد ارتفع عدد الانتهاكات التي نفّذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضدّ صحفيين عام 2015 بنحو 30% مقارنة بالسنوات الماضية، وبلغ 116. في قطاع غزة، قفزت الأرقام بنسبة 217% في عام 2015 مقارنة بعام 2014.
نشرت منظمة حقوق الإنسان “مسلك” التي تابعت إعادة إعمار غزة في السنتين الماضيتين بشكل شامل، هذا الأسبوع، تقريرا شاملا ومحتلنا عن إعادة إعمار القطاع وسكانه منذ انتهاء الحرب في صيف 2014، التي استمرّت خمسين يومًا. يشير التقرير إلى عدة معايير في عملية إعادة إعمار القطاع: البناء، حركة نقل البضائع، وتنقّل الأشخاص.
يتطرق التقرير إلى حقيقتين بشكل خاص، وهما أنّه رغم دخول مواد البناءإلى القطاع خلال العامين الماضيين بهدف بناء المباني التي تم هدمها، فإنّ حقيقة تعافي سكان غزة تأخر عن المجيء، وهو ما ينعكس في معدّلات البطالة، حالة البنى التحتيّة، القدرة على التنقل، وعدد المشرّدين.
بيت دُمِّر خلال العملية العسكرية “الجرف الصامد”. تصوير جمعية “ﭼيشاه-مسلك”
لغرض البناء في القطاع، دخل عن طريق معبر كرم أبو سالم 915 ألف طنّ من الأسمنت و 126 ألف طنّ من الحديد للبناء منذ نهاية الحرب في أيلول عام 2014 وحتى نهاية حزيران عام 2016، ولكن ذلك لا يكفي لكل احتياجات إعادة الإعمار. في المقابل، فإنّ قسمًا كبيرا من الأموال التي وعدت بها دول مختلفة لإعادة إعمار غزة، لم يصل بعد، والانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني يؤثر في تأخير وصول الأموال أكثر. وهناك مشكلة أخرى وهي أنّ الآلية التي تشرف على تدفّق موادّ البناء تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة السلطة الفلسطينية، تجد صعوبة في منع تسلل الموادّ إلى السوق السوداء.
إن حركة نقل البضائع، شهدت في السنتَين الماضيتَين مغادرة نحو 127 شاحنة محمّلة بالبضائع شهريّا بالمعدّل، من غزة مقارنة بـ 1,064 شاحنة محمّلة بالبضائع خرجت منها شهريا قبل الحصار. في الأشهر الأخيرة كان معبر كرم أبو سالم المعبر الوحيد الذي كان مفتوحا لمرور البضائع، ولكن في شهر أيار الأخير وافق وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، يعلون، على فتح معبر إيرز أيضًا لنقل البضائع. وهذا التخفيف الكبير، جاء في أعقاب ممارسة سكان المنطقة الإسرائيليين ضغطا على وزير الدفاع.
حال الفطاع صعب بعد عامين من الحرب الأخيرة (Flash90/Abed Rahim Khatib)
ومن حيث تنقّل الأشخاص، فإنّ الوضع قاتم أكثر. هناك معبران فقط يمكن التنقل فيهما بين غزة ودولتين آخرتين – المعبر الأول بين إسرائيل وغزة وأما الآخر بين غزة ومصر. إنّ الخروج عن طريق المعبر الحدودي إيرز إلى إسرائيل يتطلّب تصريحا خاصّا، والذي يُعطى لشريحة محدودة من التجار، وكبار السنّ المسموح لهم بالخروج عدة ساعات في أيام الجمعة بسفريات منظّمة من أجل تأدية الصلاة في المسجد الأقصى، وللمرضى الذين يحتاجون إلى تلقّي العلاج الطبي في إسرائيل أو في الأردن.
إلى جانب ذلك، تم في أحيان كثيرة إغلاق معبر رفح بين غزة ومصر، والذي كان في الماضي معبرا يعجّ بالحركة، وذلك منذ تغيير السلطة في مصر. في النصف عام الذي سبق تغيير السلطة في مصر، في صيف 2013، غادر معبر رفح أكثر من 20 ألف شخص ودخل عبره إلى غزة 20 ألف شخص شهريا. في النصف الأول من عام 2016 سُجّلت في معبر رفح بالمجمل 11,376 حالة خروج ودخول، في كلا الاتجاهين. في أعقاب ذلك، لا يزال عشرات الآلاف الذين يفترض أن يخرجوا من غزة من أجل العمل، التعليم، الحصول على علاج طبي أو الالتقاء بأقارب العائلة خارج البلاد، عالقين في القطاع.
قال مصدر في حركة فتح لموقع “المصدر” أن بعض القيادات الفتحاوية بدأت تفكر بضرورة تأجيل الانتخابات البلدية وذلك في ظل حالة البلبلة والانقسام التي تعيشها الحركة، والتي من شأنها أن تضرب حظوظ الحركة بهذه الانتخابات وتخدم خصومها وتحديدا حركة حماس والقوائم التي ستعمل الحركة الاسلامية على تشكيلها في مختلف المناطق.
وأشار المصدر أن هناك قناعة عند جزء كبير من قيادات الحركة أنه لو جرت الانتخابات اليوم لخسرتها فتح “وستفوز بها حماس ليس لأن حماس محبوبة الجماهير بل لأن ظاهرة معاقبة فتح، التي اخسرتها الانتخابات التشريعية عام 2006، ستتكرر”.
وقال المصدر أن لا حديث رسمي في هذه المرحلة داخل أروقة فتح عن تأجيل الانتخابات ولكن إذا ما استمر الوضع على هذا الحال فلن يكون هناك مفر من البحث في تأجيل الانتخابات. “التفكير عن ادراج شخصيات غريبة على فتح في قوائمها حتى تلك المحسوبة على حماس أو خاضت الانتخابات معها، كرئيس بلدية نابلس السابق عن حماس عدلي يعيش هو أكبر دليل على حالة التخبط عند قيادة فتح وعلى التخوف الكبير من النتائج المحتملة لهذه الانتخابات التي قد تعود بالكارثة على فتخ وحتى على الشعب الإسرائيلي لأن فوز حماس سيُستغل من قبل إسرائيل للتلويح مجدداً بأنه لا يوجد شريك في الطرف الفلسطيني وأن الفلسطينيون اختاروا مجدداً حركة سياسية لا تعترف بإسرائيل”.
وأشار المصدر أن حالة الانقسام لا زالت تسيطر على الاستعدادات الانتخابية للحركة وأن قيادة الحركة لا تعول على ما قاله محمد دحلان من أنه سيدعم قوائم فتح في حال تشكلت من كفاءات مناسبة. “مسألة الكفاءات هي مسألة نسبية وهي ستفتح الباب لابتزاز الحركة من قبل دحلان وغيره وبالتالي قد تكون حدة للمقاطعة أو للتصويت الاحتجاجي عند الكثيرين من كوادر ومؤيدي فتح، وهذا ما يخشى منه أولئك الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات. اعتقد أن هذا الموضوع الذي لا زال في بدايته سيأخذ ذخما أكبر خلال الأيام القادمة ومع أول فرصة سياسية أو ظرف أمني مناسب سيتم طرحه بقوة والإعلان رسميا عن تأجيل الانتخابات حتى تتعافى الحرمة من انقساماتها”.
وعن الإمكانية الحقيقية لأن تتعافى الحركة أجاب المصدر “الاحتمالات ضئيلة ولكن السياسة الفلسطينية منذ سنوات تعيش مع مجلس تشريعي انتهت مدته ومع رئاسة انتهت مدتها، لذلك لن يكون غريب أن تستمر بالعمل بلديات انتهت مدتها القانونية أو بلديات تم تعيينها بعد الانقلاب حتى تنجح فتح أن تلملم نفسها أو على الأقل أن تصل لحلول وسط تمكنها من خوض هذا الانتخابات بشكل مشرف”.
رغم الاتصال الذي أجراه الرئيس التركي، رجيب طيب أردوغان، مع نظيره الفلسطيني محمود عباس والذي أطلعه خلاله على بنود اتفاق المصالحة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل إلا أن مسؤول فلسطيني، وفي حديث لـ “المصدر”، قال أن هذا الاتفاق لن يجلب أي شيء إلى غزة وسيرسخ الانقسام وأن المستفيد الوحيد منه هو الجانب الإسرائيلي وربما أيضا حزب أردوغان الإسلامي وليس تركيا.
وأشار المسؤول الفلسطيني أن أردوغان وطاقمه المفاوض تجاهلوا كافة الأعراف الدبلوماسية والأعراف المتبعة بين الأصدقاء وتجاهلوا الطرف الفلسطيني بشكل شبه كلي ووضعوا معادلة جديدة هي إعادة بناء القطاع مقابل استمرار الانقسام وسيطرة سلطة الانقلاب على جزء كبير من الوطن وبالتالي ضرب كافة جهود المصالحة الفلسطينية. “حتى قضية اعادة البناء يجب الانتظار لنرى الذريعة التي ستستعملها إسرائيل للتملص منها وبالتالي يمكن لنا أن نتنبأ بالقول أن نتيجة الاتفاق ستكون صفر”.
ورجح المسؤول الفلسطيني أن تكون “الظروف السياسية إقليميا وداخليا هي التي دفعت بالقيادة التركية للتوصل إلى هذا الاتفاق، بعيدا عن شعاراتها الرنانة بأنها ستلاحق إسرائيل في أروقة القضاء الدولي على ارتكابها جريمة المرمرة وأنها لن تقبل مقابل هذه الجريمة بأقل من رفع الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وها هي النتائج لا شيء في قضية رفع الحصار، وحفنة من الدولارات تعويض لشهداء المرمرة. الرئيس التركي أراد إخراج تركيا من العزلة الدولية التي وصلت اليها تركيا بسبب سياساته وكان محزن رؤية الجانب التركي يلهث وراء إسرائيل من أجل التوصل الى هذا الاتفاق الهزيل”.
وأعرب المسؤول الفلسطيني عن اعتقاده بأنه لن يطرأ أي جديد على ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس في ظل الاتفاق، “لأن حماس لن تجرؤ على منح تركيا هذا الملف والذي تحتفظ فيه بهدف تحسين علاقتها مع مصر”. وأشار المسؤول إلى أن “تاريخ العلاقات الحمساوية – الإسرائيلية يشهد بعدم احترام إسرائيل للاتفاقيات المبرمة مع حماس وآخرها إعادة اعتقال جزء كبير من الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة شاليط”.
وقال المسؤول الفلسطيني إنه من المتوقع أن تحاول حماس أن تتغنى بهذا الاتفاق “وأن تحاول تضخيم انجازات الاتفاق لكن المواطن في غزة سيكون هو الشاهد على أن هذا الاتفاق ما هو الى خدعة سياسية استعمل فيه أردوغان قطاع غزة وأبناء القطاع لتمرير هذه المهزلة أو المزلة”.
القيادي الفتحاوي عزام الأحمد ورئيس حكومة حماس في القطاع إسماعيل هنية (Flash90/Abed Rahim Khatib)
مخاوف فتحاوية من تأثير انتخابات حماس على اتفاق جديد للمصالحة
الانتخابات المقبلة لحماس، سيكون على رأس اهتماماتها تغيير مشعل والعلاقة مع إيران وظهور وجوه شابة جديدة ستنافس على قيادة الحركة وقد تعرقل مساعي المصالحة الفلسطينية
تتخوف حركة فتح من أن تؤثر الانتخابات الداخلية المرتقبة لحركة حماس نهاية العام الجاري على أي اتفاق قد يعقد من جديد في الدوحة بين الحركتين في حال سارت الأمور بشكل إيجابي في الوقت الحالي.
وبالرغم من التقارير عن خلافات كبيرة وفشل الحوارات التي جرت في الأيام الماضية، إلا أن جهودا تبذل من عدة أطراف لإنقاذ الحوارات من جديد ومحاولة التوصل لاتفاق ينهي الخلافات. كما كشفت عن ذلك مصادر فلسطينية خاصة.
وتقول المصادر يبدو أن المخاوف هذه المرة كبيرة لدى حركة فتح من أن تؤثر الانتخابات الداخلية لحماس مستقبلا على أي اتفاق يتم التوصل إليه، وسط الحديث عن أن رئيس المكتب السياسي الحالي خالد مشعل لن يبقى في منصبه وأنه لا يعرف من سيخلفه خاصةً فيما إذا كان من قيادات الحركة بغزة، والذين غالبيتهم يرفضون المصالحة ويقبلون بها في الوقت الحالي نتيجةً لضغوط من قيادات بالخارج.
وتشير المصادر إلى أن المخاوف لدى حركة فتح جدية جدا بشأن إمكانية تملص حماس في أعقاب الانتخابات من أي اتفاق سيتم التوصل إليه بالرغم من أنه سيكون برعاية من عدة أطراف عربية.
وترجح حركة فتح أن يتولى قيادات من غزة القيادة العليا لحماس في رئاسة المكتب السياسي ما يؤثر على قرار الحركة داخليا في المضي بملف المصالحة بالبحث عن مخارج أخرى بعيدا عن الاتفاق مع الحركة (أي فتح) من خلال فتح علاقات مع إيران وغيرها لتجديد الدعم والخروج من المأزق المالي الذي تعاني منه الحركة ما يبعدها عن المصالحة مجددا بعد أن كانت الأزمة سببا يقربها إليها (أي المصالحة).
وكان المصدر نشر بأن الانتخابات المقبلة لحماس سيكون على رأس اهتماماتها تغيير مشعل والعلاقة مع إيران وظهور وجوه شابة جديدة ستنافس على قيادة الحركة.
خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية (AFP)
مشعل: “القضية الفلسطينية أكبر من حماس وفتح”
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يدعوإلى "الوحدة الوطنية" كما وتأجيل اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعقد لأول مرة منذ 20 عاما إلى حين التوصل إلى اتفاق
دعا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية الإثنين إلى “الوحدة الوطنية” كما دعا إلى تأجيل اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعقد لأول مرة منذ 20 عاما إلى حين التوصل إلى اتفاق.
ودعا مشعل من مدينة الدوحة حيث يعيش في المنفى، إلى موقف موحد بين قادة حركتي حماس وفتح.
وصرح في مؤتمر صحافي “جسمنا الفلسطيني مثقل بالانقسام والخلاف وغياب البوصلة والمؤسسات الجامعة ولا بد من مبادرة للأمام للخروج من الانقسام وليس تعميقه”.
وأضاف متسائلا “هل يعقل أن تغيب حماس والجهاد الفصيلان الكبيران اللذان يمثلان الجزء الأكبر من برنامج المقاومة؟”. وأكد أن القضية الفلسطينية “أكبر من حماس وفتح”.
ومن المقرر أن ينعقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني يومي 14 و15 أيلول/سبتمبر الجاري.
ودعا مشعل إلى تأجيل الاجتماع وقال “حملنا (صائب) عريقات رسالة إلى (محمود عباس) ابو مازن بتأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لأنه يعمق الانقسام ويخالف ما اتفقنا عليه، والبديل رؤية وطنية نشترك فيها جميعا.”
وكان مشعل التقى في الدوحة الخميس المفاوض الفلسطيني صائب عريقات وبحث معه الاجتماع المقرر للمجلس الوطني.
ودعا مشعل في المؤتمر الصحافي الإثنين المجلس التشريعي “للانعقاد ومزاولة أعماله حسب ما تم الاتفاق عليه وتشكيل حكومة وحدة وطنية تدير شؤون الوطن وذلك بروح من التوافق والشراكة إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة في كل مؤسساتنا السياسية في أقرب فرصة يتم التوافق عليها”.
وأعرب مشعل عن استعداد حماس للقاء مسؤولي حركة فتح “في أي بلد عربي”.
وفي وقت سابق من الإثنين أعلن مسؤولون في منظمة التحرير الفلسطينية الاثنين أن هناك توجها لدى المنظمة بتأجيل اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة، والمقرر في 14 من ايلول/سبتمبر الجاري.
وطلبت اللجنة التنفيذية للمنظمة عقب اجتماع عقدته الإثنين من رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون درس امكانية تأجيل الجلسة باعتباره صاحب الصلاحية في دعوة المجلس للانعقاد.
وكان عباس قدم الشهر الماضي استقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مع أكثر من نصف أعضاء اللجنة التنفيذية.
وتعتبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، السقف الأعلى للنظام السياسي الفلسطيني، والتي يتم انتخابها من قبل المجلس الوطني الذي يمثل الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم.
ولم يجتمع المجلس الوطني الفلسطيني رسميا منذ العام 1996، غير أنه عقد جلسة ترحيبية بالرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون حين زار قطاع غزة في العام 1998.
وفقًا للمعطيات التي نشرها البنك الدولي، في نهاية الأسبوع، يتضح أن نسبة البطالة في قطاع غزة هي الأعلى في العالم وتصل إلى ما لا يقلّ عن 43%. كما وتصل نسبة البطالة في أوساط الشبّان إلى ما لا يقلّ عن 60%.
يُظهر التقرير الرسمي الذي سيتم تقديمه بأكمله، هذا الأسبوع، في بروكسل في منتدى المتطوعين للسلطة الفلسطينية، أنه “كان هناك تأثير مُدمّر للحرب في غزة على الاقتصاد الفلسطيني”، والذي يقف على شفا انهيار. “لقد حدث ضرر هائل إثر الصراعات العسكريّة، الحصار على غزة، والانقسام الداخلي بين السكان”، ورد في التقرير.
كما ويتضح من التقرير أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وبين حماس في صيف عام 2014، أدت إلى تقليل الناتج المحلي في غزة بما يعادل بالمجمل نحو 460 مليون دولار. لقد لحق ضرر كبير في فرع البناء، الزراعة، إنتاج الكهرباء: لقد طرأ انخفاض في نتاج قسم البناء بنسبة نحو 83% في منتصف عام 2014، وحدث انخفاض بنحو 50% في بقية الفروع التي لحق بها ضرر.
المؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة (AFP)
كما وهناك ادعاء أنه لولا النزاعات والتقييدات التي فُرضت على سكان غزة، كان من المفترض أن يكون النتاج المحلي في قطاع غزة أعلى بأربعة أضعاف من الوضع الراهن.
وفق البيان الذي نشره البنك الدولي، فإن السكان في غزة يعانون من مشاكل من عدم المتاحية وجودة خدمات عامة وأساسية سيئة مثل الكهرباء، المياه، والصرف الصحي. كما وورد أن نحو 80% من السكان في غزة يحصلون على خدمات اجتماعية مختلفة، ورغم ذلك فإن نحو 40% منهم يعيشون تحت خطّ الفقر.
وفق التقرير “بهدف تقليل الصعوبات لدى السكان وزيادة احتمال صنع السلام، يجب إعادة إعمار غزة مُجددًا”. من بين أمور أخرى، ورد أنه يجب التخفيف من عملية الحصار في القطاع بهدف إعادة إعماره.
في المرة الأخيرة التي حاول فيها قادة فتح وحماس التوصل إلى مصالحة برعاية ملك السعودية، كانت النتيجة سفك الدماء في غزة وهزيمة ساحقة للسلطة الفلسطينية. ربما لهذا السبب تسعى حماس للتوصل إلى اتفاقية أخرى
تعمل حماس جاهدة، في الأيام الأخيرة، من أجل دفع مؤتمَر المصالحة بينها وبين فتح برعاية المملكة السعودية قدما، وذلك بعد التقارب الملحوظ بين الرياض وبين حماس في الأشهر الأخيرة. فقد دعا قادة بارزون في حماس، من بينهم إسماعيل هنية، محمود الزهار، وإسماعيل الأشقر، إلى عقد مؤتمر سعيًا للتوصل إلى اتفاقية “مكة 2″، تماما كالاتفاقية التي تم التوصل إليها بين فتح وحماس عام 2007.
وفي حماس يعلقون آمالا كبيرة على السعودية التي تمر بتغييرات واسعة منذ وفاة الملك عبد الله، كالعمل على توحيد جبهة سنية موحدة في جميع الشرق الأوسط، تلك الآمال التي تعمل السعودية بمقتضاها على فرض اتفاقية على السلطة الفلسطينية تشمل شروطًا لصالح حماس.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل (SUHAIB SALEM / POOL / AFP)
ومن ضمن ذلك، برزت آمال حركة حماس في مقال كبير نُشر أمس في موقع “الرسالة” التابع لحماس تحت عنوان “بوصلة السعودية تقترب من المصالحة الفلسطينية”، حيث يتضمن المقال مدائح للقدرة الهائلة التي تمتلكها المملكة السعودية في إحداث المعجزات بما يتعلق بالمصالحة.
جميل مزهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية: “لا مكة 2 ولا مكة 10، نحن بحاجة إلى إرادة سياسية وتطبيق ما تم الاتفاق عليه بالقاهرة”
إلا أنه من جانب حركة فتح وسائر الأحزاب الفلسطينية، لم تُلاحظ اللهفة والفرح اللذان نشهدهما عند حماس. كما ونشرت الوكالة الفلسطينية “معا” تصريحات بعض القادة الفلسطينيين الذين شككوا بلهفة حماس في قضية المصالحة، وأكدوا على أن مصر، وليس السعودية، هي التي اختارتها الجامعة العربية لتتولى قضية المصالحة الفلسطينية. وقد برزت بشكل خاصّ تصريحات جميل مزهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، حيث قال: “لا مكة 2 ولا مكة 10، نحن بحاجة إلى إرادة سياسية وتطبيق ما تم الاتفاق عليه بالقاهرة”.
وفي هذه الأثناء، لا تزال حركة فتح تواصل اتهامها لحماس بالمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي بهدف إقامة حكم ذاتي في قطاع غزة. واتهم المتحدث باسم حركة فتح في قطاع غزة بالأمس، فايز أبو عيطة، الجهات الإقليمية والدولية التي تعمل “على إنشاء كيانات منفصلة تُعزز الانقسام وتضر بالقضية الفلسطينية”.
يدرك القادة الفلسطينيون تماما أن المشاكل التي تقف أمام المصالحة الفلسطينية لا تنبع من غياب الاتفاقيات، ولكن من عدم تطبيق الاتفاقيات على أرض الواقع. ولذلك، ليس من المتوقع أن تؤدي اتفاقية إضافية في مكة إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين.
من المرجح ألا يكون محمود عباس متلهفا للقاء مشعل، هنية، وسائر قادة حماس الذين لا يثق بهم في مكة
إنّ اتفاقية مكة في شهر شباط عام 2007 التي كان من المفترض أن تنهي سفك الدماء في قطاع غزة بين مسلحي حماس وجنود الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لم تضع حدا لهذه الحرب الأهلية في غزة في تلك الأيام، حيث استمر سفك الدماء في قطاع غزة حتى بعد التوقيع على الاتفاقية، إلى أن سيطر مسلحو عز الدين القسام على مؤسسات الحكومة للسلطة الفلسطينية التي كانت تحت سيطرة جنود الأجهزة الأمنية في غزة.
من المرجح، ألا يكون محمود عباس، الذي يحترم السعودية طبعا، متلهفا للقاء مشعل، هنية، وسائر قادة حماس الذين لا يثق بهم في مكة. في المرة الأخيرة التي حاول بها عباس أن يصل إلى اتفاقية مع حماس في مكة، تم طرده بشكل محرج جدا من قطاع غزة، فلم يعد إليها حتى يومنا هذا. من المحتمل أن عباس تعتريه بعض المخاوف أنه إذا اجتمع مع القادة مرة أخرى، سيجد نفسه مطرودا أيضا من المقاطعة في رام الله.