لم تفكر سمية ساهلة (Soumaya Sahla)، شابة مسلمة هولاندية عمرها 34 عاما، أن حياتها ستبدو هكذا اليوم. وصلت هذه الشابة، التي قضت عقوبة السجن بعد اتهامها بالانتماء إلى منظمة إرهابية، مؤخرا إلى إسرائيل للمشاركة في ورشة عمل حول الهولوكوست واجتثاث معاداة السامية في متحف “ياد فاشيم”.
بدأت قصة ساهلة المثيرة للاهتمام في عام 1983، عندما وُلدت في هولاندا لوالدين من أصل مغربي. رغم أنها درست في مدرسة مختلطة في لاهاي، فقد ترعرعت في مجتمع إسلامي تقليدي ومغلق. في مقابلة معها لصحيفة “معاريف”، قالت ساهلة إن والدها أقام في التسعينيات مسجدا في هولندا وأصبحت تعمل على إدارته. في أعقاب مقتل المخرج الهولندي الشهير الذي كان يُعرف باسم الناقد القوي للإسلام في أمستردام في تشرين الثاني 2004، أقرت الحكومة الهولندية قوانين لمكافحة الإرهاب أثرت أيضا على المسلمين في لاهاي.
أدت القيود التي فرضتها الحكومة الهولندية بأن تتقرب ساهلة من الشبان المسلمين، الذين كان بعضهم أعضاء في المنظمة الإرهابية “شبكة هوبستاد”. في حزيران 2005، اعتُقلت ساهلة بتهمة حيازة سلاح بشكل غير قانوني. لهذا سُجنت لمدة نصف سنة، ولكن في عام 2006 اعتُقلت ثانية، بعد العثور على أسلحة في منزلها، وعندها اتُهمت بالانتماء إلى تنظيم إرهابي.
في مقابلة معها، أوضحت ساهلة أنها لم تكن عضوة في التنظيم، ورغم هذا سُجنت لمدة ثلاث سنوات في أحد السجون الأكثر حراسة في هولاند، إذ قضت عقوبتها في سجن مع الرجال. مرت ساهلة بتغييرات كثيرة في السجن، إذ التقت فيه بشخص أثر فيها كثيرا وهو الحاخام أرييه هاينتس، من أتباع حركة “حباد”. “كان يصل الحاخام إلى السجن ليصغي إلى اليهود المسجونين”، قالت ساهلة. “لقد لاحظ أنني أحب قراءة مواضيع الفلسفة المختلفة، فدار حديث بيننا عن الفلسفة والدين”.
أصبحت تلك المحادثات بينها وبين الحاخام تدور في أحيان قريبة، ولوقت أطول، إذ تحدثا معا عن مواضيع دينية، فاقترح الحاخام على ساهلة بأن تقرأ كتبا تظهر فيها العلاقة بين الإسلام واليهودية. في وقت لاحق، ساعد الحاخام ساهلة على الالتحاق بالدراسة في جامعة خارج السجن، وهكذا بدأت بتعلم العلوم السياسية.
في نهاية عام 2008، أطلِق سراحها من السجن، وفي ظل التغييرات التي مرت بها فيه، قررت أن تتعرف إلى العالم الآخر، غير الإسلامي، وحتى أن تتحدث عنه أمام المسلمين. منذ ذلك الحين، أصبحت تنظر ساهلة إلى الجامع كموقع لجعل الشبان متطرفين.
إن تقارب ساهلة من اليهودية ومعرفتها لإسرائيل، جعلاها داعمة متحمسة لإسرائيل، وهي معنية اليوم بتمرير محاضرات حول إسرائيل في المجتمع الإسلامي في أوروبا، الذي يستقي معلوماته وفق رأيها من الحملات التسويقية ضد إسرائيل. ساهلة مسؤولة عن منظمة تعمل على التسوية والتقارب بين المسلمين واليهود، وفي إطار عملها انضمت مؤخرا إلى ورشة حول الهولوكوست ومعادة السامية التي تُجرى في إسرائيل.
لم يكن دخول ساهلة إلى إسرائيل مفهوما ضمنا، وسُمح به بناء على دعم سفير إسرائيل في هولاندا، آفيف شيرؤون. ترسل ساهلة من إسرائيل رسالة تسوية وأمل: “ليس من السهل أن تصل شابة مثلي، ذات ماض شبيه بالماضي الخاص بي، إلى إسرائيل وتلقى ترحابا جيدا. يشهد هذا بشكل أساسيّ على قدرة هذه الدولة على احتواء الأشخاص. أشعر أن وصولي إلى إسرائيل حدث بسبب أعجوبة.”